المادة    
المذيع: هذا يدعوني للعودة مرة أخرى لسؤال الدكتور عمر العمودي، عندما سأل عن هذه الحملة هي جزء من هذا الدور، حدثنا عن هذه الحملة فضيلة الدكتور! وما أهدافها وما ترجوه من الإخوة أن يساهموا فيها، وما هي الأبعاد لهذه الحملة؟
الشيخ: الحقيقة الحملة هي إحدى نتائج ما حدث، أي: هذا العدوان في الحقيقة -ولا أريد أن أطيل في الحديث عنه- لكن يكفي أن أقول وقد قيل من أهله أو ممن كان يؤيده أو من حلفائه: بأنه عدوان لم يلتزم لا بشرع من شرع الله، ولا بقيد من قيود الأخلاق، ولا بأي قيمة من القيم التي تعارف عليها البشر، عدوان صارخ منتهك لكل الحرمات، يدمر كل القيم، ويستهدف بالذات هذه الأمة مباشرة، وبعبارات أنكرها من زعماء الغرب، يعني عندما يقول: مستشار ألمانيا: ما كنا نظن أن في القرن الحادي والعشرين رجلاً يقول: إن الله فوضني لأدمر شعباً آخر باسم الحملة الصليبية، يعني يقوله هؤلاء الذين لا خلفية لهم بالدين أصلاً، وهم شركاء في الحضارة والتوجه في الجملة.
أقول: العدوان فاق كل الحدود! ومن هنا تأتي قضية أنها عندما تشتد تنفرج بإذن الله تبارك وتعالى، لما كان بهذه الضخامة وهذه الشراسة، بدأ العلماء يفكرون ويتداعون ما الذي يمكن أن نعمله؟ وصدرت فتاوى جماعية في عدة دول إسلامية، ونحن أمة إسلامية، نحن جسد واحد، فعلماء العراق مثلاً لهم بيانات، وعلماء فلسطين، وعلماء مصر وعلماء السودان، فقيل: لماذا لا تكون الأمة واحدة، ولم لا يكون لنا أمر واحد؟ ثم قيل: هل القضية قضية علماء؟ أين المفكرون والموجهون، أو بعبارة فقهية شرعية: أين أهل الحل والعقد في الأمة؟
عندما نبدأ بتفكير منطقي سليم كمثل هذا تواجهنا عقبة الواقع -التي أشار إليها بعض الإخوة- المسافة الكبيرة بين ما نؤمله عادة وبين ما نريد أن نحققه، وعندنا مشكلة، وأنا أعتقد أنها من أخطر مشكلاتنا التي تعيقنا دائماً، أن نعلق آمالاً كباراً ثم لا تُحقق فنحبط، ولكن لو بدأنا بخطوات واقعية معقولة محدودة، وكما تفضل الأخ: مسافة الألف ميل تبدأ بخطوة واحدة، لكان ذلك أفضل، وأرجو أن هذا يتحقق في هذه الحملة.
المذيع: ولدينا اتصال هاتفي من الأخ سعد الشيب من السعودية، تفضل يا أستاذ سعد!
المتصل: السلام عليكم، أولاً أشكر قناة المجد صاحبة الطرح المتميز على استضافة الشيخ سفر في هذا اليوم، وأشكر الشيخ على الطرح الواضح المتميز، وأنا اطلعت حقيقة على موقع الحملة في الأنترنت، وأشعر أن هذا المشروع متميز وقوي وجاد جاء في التوقيت المناسب، بل أعتبر أنه تأخر بعض الشيء، ووجدت في الحقيقة تفاؤلاً جيداً بين المثقفين وأساتذة الجامعة، وسؤالي الآن للشيخ بصفته الأمين العام للحملة: هل ستقوم الحملة بتبني مؤتمرات وحوارات ومؤلفات باللغتين العربية والإنجليزية للرد على الهجمة على الإسلام، خاصة وأن صورة الإسلام مشوهة في الغرب، وصوته مغيب، ونحن نملك حجة أقوى، ومشروعاً حضارياً لا يملكه الغرب؟
المذيع: نعود للسؤال الذي ورد من الأخ سعد الشيب قبل قليل عن الحملة، فهل ستقوم الحملة بتبني مؤتمرات وندوات، وهذا ربما يكون في سياق واقع حديثكم.. ولعلكم تتفضلون بالإكمال.
الشيخ: الحملة الحقيقة انطلقت -كما قلت- من حجم هذا العدوان، وقوة وضخامة وشراسة هذا الاستهداف لهذه الأمة، وهي أمة لم تمت ولن تموت بإذن الله تبارك وتعالى، المشاعر الإيمانية تأججت، والعواطف اشتعلت، وكل بلد قدم أو عبّر عنها بالشكل الذي يراه وبحسب ظروفه وإمكاناته، وهكذا، والعلماء -كما أشرت- كلٌ قدم، فجاءت في الحقيقة الحاجة والضرورة الملحة إلى أن تجتمع هذه الأمة، لم لا تتحرك الأمة حركة واحدة؟ المنطلق الذي كان من أشد الأشياء وقعاً وإيلاماً على القلوب، الشعارات البراقة الخادعة والكاذبة التي صنعها المعتدي لكي يمرر عدوانه، بأنه يريد الحرية والديمقراطية، وهكذا.
ثم تواكب هذا مع حملة شاملة، وهو ما يعبر عنه بمبادرة باول لتغيير الواقع الاجتماعي والتعليمي والتربوي والقيمي، وكل أنواع الثقافة في المنطقة، فهنا كانت نكبة وهزيمة كبيرة جداً؛ أن تهزم الأمة إيمانها وعقيدتها وقناعتها، وتسلب إرادتها بحيث تقدم نفسها طائعة ذليلة للعدوان، ليقدم لها القيم، ويعطيها الحرية.
المذيع: هذا جواب على سؤال الأستاذ أحمد فايز الذي سأل عن التدخل العسكري وأنه تعدى إلى التدخل الداخلي.
  1. المواجهة بين الحضارة الإسلامية والحضارة الغربية

    الشيخ: بلا شك، وبكل وضوح واستهداف، هو مشروع ضخم، هو مشروع حضارة تريد أن تسحق وتدمر حضارة أخرى، الحضارة الند، لا يوجد حضارة ند إلا الحضارة الإسلامية، الحضارة البوذية والهندوسية وغيرها لا يمكن أن تكون حضارة نداً، الحضارة الند والمقاومة لغة وتاريخاً وحرباً وثقافة وفي كل المجالات، حتى تاريخاً وتقويماً ...
    المذيع: يعني يوقن بهذا الغرب ويصرح به.
    الشيخ: ومُصرح به، وكثير من المفكرين يعلمه، وقد يخفونه، لكنه معلوم وقاعدة متبعة، يعني هي أمة لا يمكن ترهيبها بأي حال من الأحوال، لكن الله تبارك وتعالى يُمَكِن لهم ليستدرجهم ويبتلينا بهم ((ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ))[محمد:4] هذا بلاء منه تبارك وتعالى، ولكن نحن نؤمن بقضاء الله وبقدره، ونتوكل عليه في دفع القدر بالقدر، وهذه عقيدتنا.
    لذلك ندعو العلماء والمفكرين والمتبوعين وأهل الحل والعقد في بلادهم، فرحوا جداً بأن تنشأ هذه الحملة، واستبشروا بها خيراً، مع العلم أن عملنا مؤقت، يعني: أنا مثلاً عملي مؤقت، ونحن الآن في الحقيقة عبارة عن لجان تحضيرية، والموقع لا يزال يستقبل الآراء من المؤسسين وغيرهم.
    التخطيط لنجاح الحملة وقيام هذه الحملة، وقيام هذه الأمة ليس بالأمر الهين، لكن هي مفتوحة للكل، كل أخ يمكن أن يدخل ويقدم، يعني هناك أسئلة بعضها: ماذا يمكن أن نقدم؟ الحوارات والندوات وكل أنواع الاحتجاج هي نوع أو ألوان وأشكال من الحملة، كل بحسب موقعه وظرفه، مثلاً نحن مهمتنا كلجان تحضيرية مؤقتة أن ننسق لهذه الجهود.
  2. دور الحملة في إبراز الصورة الحقيقة للإسلام

    المذيع: يعني ما رسمتم دوركم فيها، مثلاً: لم تقولوا: دور الأطباء كذا، والخطباء كذا، ووزارة التربية والتعليم كذا..؟
    الشيخ: هو في الواقع نحن الآن نجمع الجهود المبذولة بالذات من المؤسسين، ثم نحاول أن ننشر البقية ونربط هذا بهذا، وإن شاء الله سيكون هناك نوع من المكاتب التمثيلية الإقليمية للحملة، وسيكون هناك مثلاً شيء يخص قطاع الإعلام، باعتبار أنه لا بد أن يقوم بدوره، من ذلك الندوات والحوارات، فبيان حقائق هذا الدين نصر عظيم، ولنا أن نبين محاسن الإسلام، وأن نعرضه عرضاً حقيقاً لإزالة الصورة المشوهة التي منذ القرون المظلمة في أوروبا وحتى الآن وهم دائماً يشوهون هذا الدين، حتى أصبح هناك حجب كثيفة تمنع من رؤية حقيقته، إلا في شخص همجي أو متعطش للدماء..
    المذيع: وقد وصل التشويه إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
    الشيخ: بالضبط. هذه حملة مركزة وهادفة، في المقابل والحمد لله نحن نملك، وهذا أحد أسباب تفاؤلنا، خذ مثالاً على ذلك: عندما ترفض كنائس غربية وهي أكثر من تسعين بالمائة، ونحن رصدناها، ترفض العدوان، وترفض ما قيل عن النبي صلى الله عليه وسلم، بل وزير خارجية بريطانيا نفسه رفض ما قيل عن النبي صلى الله عليه وسلم.
    وأضرب مثالاً بقريش: قريش في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كتبت الصحيفة المشئومة وعلقتها، والذين مزقوها كانوا من قريش، يعني نحن بإمكاننا أيضاً أن ندعو إلى الله ونقيم حملة داخل المجتمع الغربي، أو المجتمع الأمريكي ذاته حتى يكون هناك من يقول: لا. هذا ظلم وهذا عدوان، وبشكل أقوى وبصوت يستمر، وجاءتني رسائل شخصية من بعضهم ... على سبيل المثال: زعيم الكتلة المعارضة في استراليا، يقول: كونوا معنا! نحن معكم ضد العدوان، هذا لا إنساني ولا أخلاقي.. وأشياء كثيرة، نحن لم نوظف هذا فقط لمجرد أنه حرب ضد الحرب، أو ضد ما وقع في العراق فقط أو فلسطين، نحن نريد أن نشرح لهم ونوضح لهم حقائق الإسلام وحرص هذا الدين على العدل؛ لأن هدايتهم أحب إلينا، يعني لو اهتدى شارون وهو أكبر مجرم على الأرض لما نظرنا لكل ما فعل، كما اهتدى خالد وعمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما، فنحن تهمنا الهداية بالدرجة الأولى.
    بمعنى آخر: أن هذا المشروع هو خطوة أولى أو حد أدنى يمكن أن نقول كذلك، لكنه يمكن أن يحقق بإذن الله تبارك وتعالى أهدافاً كثيرة، إذا فعلت كل الطاقات، ودخلنا كل المجالات.
  3. دور الحملة في تجميع جهود المسلمين

    المذيع: ائذن لي أيضاً أن أرسم بعض النقاط: هل يمكن أيضاً أن نقول -وهذا مما نطلبه من الإخوة المشاهدين- أن يرسلوا بأفكارهم في هذه الحملة، في طرح بعض الأفكار، وخصوصاً أن لكم موقعاً متميزاً يمكن أيضاً أن يُطرح مثل هذا، دعني أضرب أمثلة سريعة: الأطباء.. الخطباء.. المدرسين وأصحاب الثقافة والتعليم في المجتمعات الإسلامية بعامة.. كيف يمكن للطبيب المسلم أن يسهم في هذه الحملة؟ خصوصاً أنه يحضر مؤتمرات عالمية في كل مكان ولها تأثيرها في المجتمعات الغربية، الخطباء: هل يمكن للحملة مثلاً أن تعد خطب تنشرها عبر الإنترنت، وتكون هذه الخطب معدة إعداداً سليماً من قبل مجموعة من العاملين لديكم في الحملة، وتسهم في نشر الوعي وبيان حقيقة هذا العدوان، ورجال التربية والتعليم في العالم الإسلامي كذلك، ورجال الإعلام كما أشرنا، أي أنه يمكن أن يسهم في هذا كلٌ حسب دوره..
    الشيخ: في الحقيقة هذا هو واجب الحملة، وهذا عملها، ولكن لدي تنبيه مهم جداً: لا يعني أن هذا واجب الحملة، أنني أدخل وآخذ حصة، أو كوني طبيباً أن أدخل وآخذ توجيهاً، لكن بما أني طبيب فأنا أقترح، الحملة تجمع الطبيب الأندونيسي والطبيب المغربي والسوداني، ثم تجمع الآراء، ثم تُدرس، ثم تُرسل إليهم، ثم تُمحص، ثم يشكلون حملة، ثم هم ينطلقون، فتكون وظيفة الحملة الجمع والتنسيق والتوجيه، ثم عدم التصادم بين اللجان والأعمال.
    ومن هنا أؤكد أن دورنا تنسيقي، والأفكار تأتي من الإخوة، في بعض الدول عمل متقدم جداً، لكن الآخر لا يدركه لاختلاف اللغة أو لبعد الجغرافيا..
    المذيع: يعني: ممكن أن تكونوا رابطاً بين جمعيات الأطباء في العالم الإسلامي مثلاً، تجمعون الأفكار عن طريق الجمعية من أقصى الشرق مع أقصى الغرب، ويكون هناك سياسة عمل موحدة تنشر لهم..
    الشيخ: بالضبط........... يعني أنت كيف تدعو هذه التي يمكن أن نقدمها في الحملة، يعني: عرض محاسن الإسلام وحقائق هذا الدين وكيف يقدم، وهناك أمور نحن نقوم بها بحكم الاختصاص، وبحكم الإخوة الزعماء والعلماء والقادة في العالم الإسلامي بحقيقة يخجلوننا من كثرة نظرتهم إلينا في هذه البلاد، فالعلم الذي يأتي من هذه البلاد مقبول عند الجميع، والرأي مقبول كذلك، إلى حد أننا الحقيقة.. نحن نعلم ضعفنا وواقعنا ونرجو الله تبارك وتعالى أن يجعلنا محل الثقة وأهلاً لمحبتهم وثقتهم بنا، ونحن في الحقيقة نأخذ ونعطي.
    المذيع: لكن هل تنوون مثلاً من خلال هذه الحملة أن من أراد المساهمة معكم في الحملة، شخص مثلاً في أقصى المغرب العربي، كيف له أن يسهم معكم في الحملة؟ لا يمكن له إلا عن طريق هذا الموقع أن يدخل؟ هل يمكن أن يدلي بأفكار أخرى، هل يمكن أن ينضم عن طريق آخر؟
    الشيخ: الموقع هو فقط للتجميع، وهو رابط، والإخوة في المغرب ساهموا، ومثال على ذلك: الأخ الفاضل أحمد الريسوني ساهم وبين في قناة الجزيرة كمثال يعني، والإخوة في المغرب من الناحية الإعلامية نشروا في الصحف، والإخوة هناك بحكم خبرتهم واطلاعهم القريب على فرنسا، الخبرة القانونية الفرنسية لديهم ....في الترجمة، ترجمة الموقع إلى اللغة الفرنسية، وهذا كمثال، هذه بدايات.
    فأنا أقول: هي مفتوحة لكل مسلم، ونرجو -وهناك لجان موجودة الآن- أن يتبلور عنها أعمال أكبر، وتظل ولله الحمد محددة الهدف واضحة المعالم، وهي مقاومة هذا العدوان في كل موقع من المواقع التي يريد هذا العدو أن يسيطر عليها، ابتداءً من قلوبنا وأنفسنا ومجتمعاتنا، من المرأة من كذا.. لن يكون هدف أو وسيلة أو مجال يمكن أن يطرق إلا ويتخذ بإذن الله تبارك وتعالى.
  4. الدور المطلوب من المسلم العادي

    المذيع: هذا سؤال طرح قبل قليل، وهو ما كنت أنوي طرحه، طرحه أحد الإخوة المتصلين قبل قليل، حول دور المسلم العادي، الدور الشخصي حيال هذا العدوان، من لم يستطع مثلاً المساهمة معكم من خلال هذه الحملة، كيف يمكن أن يسهم في صد هذا العدوان، والقيام بواجبه تجاه هذا العدوان، والقيام بواجبه تجاه أمته أمة الإسلام.
    الشيخ: هو من فضل الله تبارك وتعالى على هذه الأمة المباركة الطيبة أن لديها وسائل للتعامل والتخاطب والتواصل لا يمكن لأي أمة من الأمم أن تعرفها، بل إن هناك نصاً عظيماً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: {إنما تنصرون وترزقون بضعفائكم} بدعائهم وإخلاصهم فانظر يا أخي! إلى أضعف من في الأمة، العجوز رجلاً كان أو امرأة لا يملك أي شيء، هذا الرجل رب دعوة منه سددت رمية صاروخ يطلقه إخواننا من كتائب عز الدين القسام فيقع في مستعمرة يهودية، أو على دبابة فيفجرها، أو على أي مكان آخر..
    حتى المجاهد نور الدين محمود زنكي الشهيد رحمة الله عليه، وأنا أضرب به المثل دائماً لأهميته في تاريخ التحول من حضارة مغلوبة إلى حضارة غالبة، قيل له: لو أخذت من أموال الأربطة والأوقاف وأنفقته في الجهاد؟ فقال: لا أدع السهام التي لا تخطئ من أجل السهام التي تخطئ وتصيب.
    إذاً: ممكن بالدعاء يا أخي وبالإخلاص وبالتزام طاعة الله، المرأة المسلمة المؤمنة التي تتحجب وترفض العدوان الذي يريدها أن تتبرج وتخرج من بيتها، هذه مع الحملة، وقامت بواجب كبير ونشكرها على ذلك، كل امرأة تتحجب فهي مع الحملة، يجب أن نفهم هذا تماماً، لأنها مع الله والدين والإيمان.