المادة    
  1. ضرورة بث روح التفاؤل

     المرفق    
    السؤال: هل أنت متفائل يا شيخ؟
    الجواب: أنا أقول لكم: والله إني متفائل -حقيقة- وانتظروا والأيام إن شاء الله سوف تثبت ذلك، إذا كنت تعلم أو تتوقع أن المحنة تحمل في طياتها منحة، وتؤمن بأن الله عز وجل إنما اصطفى هذه الأمة واختارها ليكرّمها، وأنه لن يسلط عليها عدواً من سوى أنفسها فيستبيح بيضتها، إنما يؤدبها ويطهرها، ويصطفي منها شهداء، ويردها إليه رداً حميداً، والحمد لله كلنا نؤمن بذلك، إذا كنا نؤمن بأن العاقبة للمتقين، إذا كنا نؤمن بأن الله تبارك وتعالى قال: ((وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمْ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ))[آل عمران:139] ثم أخذنا هذا الحدث في سياق تاريخ الإسلام الطويل العريض، وكيف تأتي المحن والجيوش والفتن ثم تنتهي بالنصر بحول الله تبارك وتعالى ولو بعد عقود -يجب أن نتفاءل.
    وعلامات التفاؤل قد أشرت إلى شيء منها فيما قبل، أما إذا أخذنا الأمر على أنه معركة وانتهت، أو قضية وحسمت فهذه مشكلة، وهذا الذي يريد الأعداء -حقيقة- أن يشعرونا به، لكن المعركة لم تنته بعد، ولن تنتهي، ولن يقر لهؤلاء قرار أبداً، لا في هذه الأرض ولا في غيرها، هناك حقائق تاريخية واجتماعية ونفسيه وقبلها حقائق أجملها الله تبارك وتعالى وسماها السنن، من هذه السنن الكونية التي جعلها، أنه لم تستقر لظالم ولا معتد قدم أبداً في أي مكان بقي أهله يدافعون عن حقهم حتى ولو كانوا كفاراً، فكيف بالأمة المصطفاة المجتباة المنصورة؟ وقد قرأنا بعض الآيات والأحاديث عليكم في هذا.
    يجب أن نتفاءل ونحمد الله تبارك وتعالى على أي حال، ويجب أن نرضى بقضاء الله وقدره، ونعلم أن له حكمة في كل شيء، لو سألت طبيباً أو عالماً لأخبرك بأنه ما من خلية صغيرة جداً في جسمك لا ترى إلا بالمجهر إلا ولها حكمة، كل شيء له حكمة، ولا يوجد ذرة في هذا الوجود إلا ولها حكمة، فالله تبارك وتعالى يدبرها ويسيرها لحكمة علمناها أم لم نعلمها، لكن لا يوجد في هذا الكون شيء إلا وله حكمة.
    فإذا وثقنا بوعد الله، ورضينا بقدر الله، وآمنا بحكمة الله، فكيف لا نتفاءل؟ كيف نقول: كيف حدث هذا؟ لو جاء رجل إلى أيام النبي صلى الله عليه وسلم وقال: ماذا فعل ذلك الرجل الذي ادعى النبوة؟ -رجل من الأعراب- فقالوا: قد حصره قومه في الشعب! سيقول: انتهى أمره إذاً، لكن بعد سنوات ما الذي حدث؟!
    لو جاء رجل إلى قريش وقال لهم: أين ذلك الرجل الذي كان يدعي النبوة عندكم؟
    قالوا: اجتمعنا وأردنا أن نقتله ولكنه فر، قال: إذاً كفيتم أمره، وانتهى شأنه، هكذا إذا حكمت على حدثٍ في حالة ضعف أو في حالة ابتلاء ونسيت العاقبة.
    لو جاء رجل والأحزاب قد أحاطوا بـالمدينة، وبلغت القلوب الحناجر، وظن المؤمنون بالله الظنونا، قال: من هؤلاء؟ فقيل: هؤلاء عشرة آلاف من قريش وغطفان ومعهم في الداخل اليهود والمنافقون، كلهم يحيطون بمحمدٍ صلى الله عليه وسلم وأصحابه، سيقول: إذاً قضي الأمر! وانتهى، ولن تقوم له قائمة.
    وهكذا في كل مرة إذا نظرت إلى حادث معين لحكمت حكماً عجلاً، لكن لو انتظرت لوجدت العاقبة فيما بعد كما أخبر الله تبارك وتعالى للمتقين.
    فلا يمكن أن نقر بالهزيمة وهذه إرادة أودعها الله فينا، وهذه الإرادة فوجئ ودهش لها الأمريكيون، لماذا الشعوب العربية والإسلامية لا تعترف بالهزيمة؟ كيف؟
    يقول لك: نحن في ألمانيا دكتنا الطائرات الأمريكية وقتلت آباءنا وأجدادنا وسحقت مدننا وقضت علينا، والآن نحن وهم أحباب، يمكن أن نختلف نحن وهم في مجلس الأمن، ولكن في الأخير نحن أحباب، لكن أنتم لا، أنتم لا زلتم تذكرون الأندلس، لا تنسون الهزيمة، وتذكرون فلسطين، وهي من خمسين سنة -هم يقولون: هكذا- أنتم لا تنسون. وهذا وحده يكفي؛ لكي نعلم أنها أمة لا تعترف بالهزيمة ولا تقر، فإرادتها إرادياً لا تريد إلا أن تنتصر، ولذلك سوف تنتصر.
    كانت الخطة الأمريكية الخائبة التي وضعها الصهاينة أنها تطلق أربعين صاروخاً والشعب كله يخرج من العراق ويتفرق ويثور على النظام البعثي وينتهي كل شيء، وتدخل الدبابات الأمريكية والجنود يرقصون، والعراقيون بالورود يستقبلونهم، هذه كانت الخطة، أي: لا إرادة لنا، لكن في النهاية مدينة صغيرة الناصرية يقاوم فيه بضع مئات مقاومة عجيبة جداً، قبل أن تقع الخيانة في بغداد.
    أما موضوع الخيانة -كما قلت لكم- فتاريخنا الحديث كله خيانات؛ لأنه لا يوجد لنا قيادة إسلامية، كلها قيادات خائنة ستخونها أيضاً قياداتها، إن لم تكن هي الخائنة بنفسها.
    لكن انظر إلى أم قصر إحدى عشرة مرة يقال: إنها سقطت.. لم تسقط، وكم فيها جنود؟ فيها أربعة وعشرون، اثنا عشر هنا، واثنا عشر هنا، سبحان الله! إذاً أهذه أمة تتفاءل أم لا؟ المعركة بالأمس أين كانت؟ بجوار فندق فلسطين، عند الصحفيين، حتى ينقلوا الخبر، والمظاهرات أين حدثت؟ بجوار فندق فلسطين، حتى يقال: النظام البعثي ذهب وما كنا نستطيع أن نتظاهر بينما الآن نستطيع، أشياء كثيرة، وكما قلنا: عندما يكون المسجد هو المجتمع، ويأوي إليه الناس ومنه ينطلقون.
    إذاً هناك دلائل قوية على أنه يجب أن نتفاءل، وأسباب التفاؤل كثيرة، فالشعب العراقي ذو إرادة عجيبة، وكل المسلمين كذلك، وكما رأينا العبقرية والإبداع في المقاومة والانتفاضة الفلسطينية فأرجو أن تروا مثل ذلك أو أشد في إخوانكم المسلمين في العراق بإذن الله تبارك وتعالى.
    حقيقة وهذا الذي يوجد لديهم -وهذه نقطة مهمة- الطبيعة القبلية العشائرية.. النخوة.. الشيمة والنشامة، هذه المعاني وإن كانت أحياناً مخلوطة: جاهلية بإسلام، هذه المعاني هي التي عليها تقوم إن شاء الله تبارك وتعالى العقيدة والجهاد، تهذب وتصاغ من جديد وتصحح، ولكن هذا أصل عظيم.
    عندما نجد حقيقة أنه لو كانت الحرب هذه موجهة من أمريكا وبريطانيا إلى أي دولة أوروبية مهما كانت قوية والله يفر الحكام والحزب من أول يوم، ولا تكون أي مقاومة بهذا الشكل، فقد رأيتم صربيا وهي مثال ضعيف وروسيا معها، ومع ذلك حصل ما حصل.
    فالأمة هذه لها إرادة، حتى الفاجر منها والظالم، وحتى من انخرط في منظومة علمانية أو أي شيء، تظل عنده إرادة وتحدي ومقاومة، يظل عنده ما يشده إلى أن يقاوم ولو كان ذلك من أجل القبيلة أو العشيرة أو العيب أو أي شيء، فنحن أمة لديها من الكنوز مادة ضخمة جداً لتكون أداة ووسيلة للمقاومة، إذاً لماذا نيئس؟ بل نتفاءل، ولكن نعمل؛ لأن التفاءل من غير عمل لا ينفع.
    لذلك أقول: يا إخواني الكرام! من الآن نهيئ أنفسنا، لا أقول: من الآن أي شخص منا يذهب ويقاتل، هذا يمكن ولكن ليست القضية كما قد نصورها ونحجمها، فلا يذهب منا إلا قليل ولا يعمل الباقون شيئاً، لا.
    أول عمل يجب أن نهتم به أن نذهب إلى إخواننا هناك ومعنا الدواء والغذاء وكذا، ومعنا الكتاب والشريط والنشرة الدعوية التي تعرفهم بالله، وبدين الإسلام الحقيقي، ونزيل عنهم الغشاوات والتراكمات التي أفرزها حزب البعث في قلوبهم سنوات طويلة، ونقول لهم: نحن إخوانكم جئنا من بلاد الحرمين، ونحن لا علاقة لنا إطلاقاً بهذا العدوان، نحن رفضنا العدوان الأول والآخر، ونحن لا نقر ببعثية كافرة ظالمة مرتدة، ولا بولاء لـأمريكا حصل من كائن من كان، نحن إخوانكم في الإيمان والدين والعقيدة، وما أصابكم فهو مصاب لنا، وما يصيبنا فهو مصاب لكم، وعلينا من الآن أن نسير سوياً ونعمل من أجل ردع هؤلاء المجرمين والقضاء عليهم، وتأكدوا أن هذا نصر عظيم وفتح مبين.
    والله لا تستطيع أمريكا أن تمنعنا منه؛ لأنها تقول: حكم ديمقراطي، وتقول: تحب الأصدقاء، فنحن أعداء أم أصدقاء؟ -على الأقل ظاهراً-.
    إذاً لا بد أن ندخل ونعاون، وأمريكا تريد من دول الخليج التمويل، وانظر إلى العبارات، تقول دول الغرب وخاصة أمريكا وبريطانيا : الشركات البريطانية والأمريكية هي التي سوف تتولى عقود العراق، أو التوقيع على العقود لإعادة إعمار العراق، يعني: استثمار إعادة الإعمار، أما دول الخليج فسوف تشارك في ذلك بالتمويل، لتدفع لتلك الشركات ما تعمر به العراق، هذه هي المشاركة التي يريدونها منا، فيجب علينا أن ندخل من باب الدعوة والإيمان، وحتى من باب الاستثمار، من يذهب إلى هناك يمكن أن يستغل هذا الباب لفتح أبواب من الخير كثيرة:
    أولاً: أن ننقذ إخواننا من الحاجة والفقر، وأن نستثمر؛ فنحن أولى من غيرنا، ثم نجعل ذلك مجالاً للدعوة، ولا يمكن أن الدبابة الأمريكية والجبان المنعزل داخلها يستطيع أن يمنعني ويمنعكم من الدعوة والاتصال بالإخوة، اللغة واحدة والحمد لله، والدين واحد، والتفاهم مشترك، وعادات متقاربة، وكل شيء..
    لا أريد أن أطيل في هذا ولكن أقول: كيف نيئس؟!! كيف نحبط؟!! والله إذا يئسنا وأحبطنا فإننا نخدم عدونا بالدرجة الأولى ولا نضر إلا أنفسنا، لكن لو أردنا أن نكون إيجابيين وفاعلين فعلينا أن نسلك هذه الأسباب، وراية الجهاد سوف تقوم في العراق بإذن الله، وعلينا أن ننصرهم بقدر ما نستطيع، ولعل ذلك يكون قريباً إن شاء الله.
  2. حديث السفياني في ميزان الشرع

     المرفق    
    السؤال: مجموعة من الأسئلة تسأل عن حديث السفياني، وما علاقته بـصدام حسين ؟
    الجواب: خذ هذه القاعدة: عندما يكون الناس في أمر مهم تجد شخصاً مشغولاً ينعس في وادٍ آخر، وهذه مشكلتنا، ومشكلة كل الشعوب، نحن الآن في حرب وحزن وألم وفرح، بين التفاؤل واليأس، في واقعية شديدة جداً إلى حد أن تغوص في أعماق الأحداث، وتبحث عن أي شيء، فيأتيك شخص سرحان ويقول لك: هل هذا السفياني أم ليس هو؟ فإذا قلنا: مات أو اختفى قالوا: يمكن أن يعود.
    علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه عندما دخل عليه عبد الرحمن بن ملجم ضربه بالسيف فقتله قال عبد الله بن سبأ الذي أنشأ وأسس دين الرافضة الدين الخبيث الموجود: والله لو جئتم بدماغه في صُرَّة ما صدقناكم! بل رفعه الله إليه، وهو في السحاب، وهذا الذي نسمع هو صوته، وسوف ينزل في آخر الزمان.
    هذه عقيدة عبد الله بن سبأ في علي رضي الله تعالى عنه، ثم مع الزمن غيروا قليلاً قليلاً إلى أن قالوا: إن علياً مات، لكن محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق لم يمت ولكنه ارتفع، حتى إن أباه أتى بشهود وأشهدهم على موته، وكتب في ذلك محضراً وأراهم القبر، واقتنع الخليفة بذلك، لكنّ الدجالين لا يقتنعون، فنشأت الفرقة الإسماعيلية وهي أخبث من الرافضة والشيعة، وهكذا، حتى جاء عام (261) فقالوا: هذا الإمام الحادي عشر سيولد له الإمام الثاني عشر، فما ولد، أو قالوا: ولد صغيراً ومات، فقالوا: لا. هذا عند الملائكة تربيه وتحتضنه ثم دخل السرداب وسوف يخرج، والخرافة ليس لها حد، العقل يمكن أن تضع له حداً لكن الخرافة لا تنتهي.
    فكثير منهم يقول: هذا هو السفياني ثم اختفى.. ثم ذهب.. ومع الأسف بعض من كتب هذه الكتب أنا قابلته شخصياً وقلت له: يا أخانا الحبيب! -وكان زميلاً أو أستاذاً لنا- عندما تبني كتبك ومؤلفاتك على أن هذا الرجل صدام سوف يقضي على إسرائيل ويفتح القدس، وسوف يفعل.. فما رأيك إذا فتحنا الإذاعة يوماً من الأيام فقيل: إنه اغتيل أو مات، فكل كتبك وجهدك في هذه السنوات يذهب سدى، قال: لا. أنا واثق! فكررنا: يا شيخ.. يا دكتور!! لكن مع الأسف يا إخوان.
    فهذا كتاب -مثلاً- من اسمه تنفر النفوس، عمر أمة الإسلام، من يعلم عمر أمة الإسلام إلا الله؟ ومن يقدر أن يحددها؟ فقال: (1419هـ) ثم قال: (1420هـ) وجاءوه وكذا.. فقلت لهم: هذا قريب، فقالوا: لا، لا، هو أصلاً خلال شهر سيقع خسف هنا وخسف هنا، ويموتوت، ثم شيء يضرب أمريكا فيخرج المهدي، يعني في أربعة أشهر يضغطون كل الأشياء، كل هذا كلام لا أساس له.
    أقول: النبي صلى الله عليه وسلم وهو أصدق القائلين، والذي لا ينطق عن الهوى، أخبرنا في الأحاديث الصحيحة أن المهدي مقترن بعيسى عليه السلام، ويصلي عيسى عليه السلام خلف المهدي -ولن أطيل عليكم ولكن خذوها بشكل مختصر- فعيسى عليه السلام يصلي خلف المهدي تكرمة من الله لهذه الأمة، وعيسى عليه السلام لا ينزل إلا بعد أن يخرج الدجال الأكبر الذي في آخر الزمان، فيقتل الدجال، وبعد أن يقتله يخرج يأجوج ومأجوج، ويحصرون عيسى ومن معه إلى الطور، فيسلط الله تبارك وتعالى عليهم الموت، ثم يأتي طير البحر فيأخذ جثثهم ويرميها في البحر، وهذه الأحداث كلها مترابطة، فما الذي يعقبها؟ يعقبها: ((يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً))[الأنعام:158] وهو طلوع الشمس من مغربها، ولا يقبل توبة أحد بعدها، يغلق باب التوبة، وتخرج الدابة تختم، وانتهى كل شيء.
    متى يقع هذا؟
    عندكم أقرب مثال: صحيح مسلم، أو اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان مثلاً أو بعض كتب الفتن المنضبطة الصحيحة الموجودة، في هذه كلها لا تقع هذه الأمور إلا بعد أن تفتح القسطنطينية وبعد أن تفتح روما، وبعد أن يعم الإسلام الأرض، والصريخ المنادي ينادي لكي يثبط عزائم المسلمين وهم يحاصرون القسطنطينية أو روما ويقول: إن الدجال قد ظهر، وهو كاذب أول الأمر، ثم يكون صادقاً فيما بعد، فهذه الأحداث كلها لم تقع، وليس هذا وقتها الآن، وربما -والله أعلم- نحتاج إلى أجيال حتى تسلم أوروبا، وحتى يأتي طائفة من بني إسحاق فيقاتلون معنا ويحاصرون معنا روما، وحتى يبلغ الإسلام ما بلغ الخف والحافر، وما بلغ الليل والنهار، ثم تلك الأحداث تأتي متلاحقة في آخر عمر الأمة حقيقة.
    لكن كيف يفتري شخص على الله ويقول: إن عمر أمة الإسلام قد انتهى! وأن هذا المهدي وهذا السفياني وهذا فلان.. ونظل حقيقة في ضياع أوقات وجهود، وانتهاء بما لا يتعبد به، فنحن تعبدنا بأن نعمل ونصمد، وكما جاء في الحديث: {إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فاستطاع أن يغرسها فليغرسها} إذا قامت القيامة ما فائدة أن يضع النخلة؟ إذا كان هذا في النخل فهل الجهاد أعظم أم لا؟
    إذا قامت الساعة وبين يديك كافر فاضربه ولا تقل: قامت الساعة، أولى من أن تغرس نخلة، لكن هذا دليل على أن الله عز وجل يريد منا أن نعمل، لا نتلهى ونقول: خرج هذا ولم يخرج هذا، ثم اقرءوا في كتب شيخ الإسلام رحمه الله تعالى في كتاب منهاج السنة النبوية يقول من قرون: -وهو في الوسط بيننا وبين الإسلام توفي في عام (728هـ) رحمة الله عليه- يقول: كل مرة يظهر في كل منطقة: من يدعي أنه المهدي أو يُرى أنه المهدي، وتتكرر المشكلة والأحداث، وتتكرر المأساة، ولكن لا نعتبر.
  3. سقوط بغداد.. وأثره على المجتمع

     المرفق    
    السؤال: فضيلة الشيخ! قبل أيام وبعد سقوط بغداد تقريباً بأربع وعشرين ساعة، ذكرت جريدة عكاظ عن الاتصالات السعودية، أن قرابة ثمانية عشر مليون رسالة كانت تتنقل عبر رسائل الجوال، ومحتوى هذه الرسائل تقريباً الأغلب فيها -كما رصدت الاتصالات السعودية- نكت وطرائف عن الحرب، فما تعليقكم على هذا؟
    الجواب: الحقيقة عندما تكون الأمة غائبة أو مغيبة عن الأحداث فإنها تكون أمة هازلة منحطة بعيدة عن الاهتمام الجدي الذي يؤهلها لأن تنتصر وتقاوم، ونحن لا نعني كل هذه الأمة، فالأمة الإسلامية فيها خير كثير، لكن أنا لا أنظر إلى رسائل الجوال ولا أستطيع أن أجزم بهذا الرقم، أنا أنظر إلى المباراة تقام وبغداد تسقط، فهذه والله شناعة وفضيحة وخزي، كأننا نلهو ونلعب، ماذا يضرنا لو أخرنا الدوري شهراً؟ فإذا كانت يا أخي على مستوى القيادة، وعلى مستوى الشخصيات الكبيرة، وعلى مستوى كثير من العقلاء مباراة ولهو ولعب وتشجيع والحالة كذلك، فأنت لا تؤاخذ السخفاء والبسطاء إذا وضعوا رسائل جوال أو تندروا بشيء من هذا، ويظنون المسألة نكتة.
    القضية ليست قضية نكتة، من قتل أخاك أو احتل بلداً جاراً لك اليوم فإنه آتيك غداً. وأذكر في أيام سابقة كان بعض الناس يفتخر ببعض الدول، وعندنا هنا كمثال: كان بعض الناس يقول إذا كان عنده مقاول أو مهندس أو عامل واختلف معه في شيء، لا يقول له: أنت البعيد ليس فيك خير، لا. بينما يقول له: أنتم أضعتم بلادكم! أنتم فعلتم كذا، فلما جاءت الحرب الأولى ودخلت العراق الكويت وجاءت أمريكا سمعنا وكثير منكم رأى ذلك أو سمعه من بنجاليين ومن هنود وغيرهم يقولون: أين أنت؟ أنت ماذا تفعل؟ ماذا جئت تفعل وتركت الأمريكان يحاربون في بلدك؟ وكلام لا نستطيع أن نقوله.
    أقول: فإذا كنا سنتعامل بهذه الطريقة من السخافة والنكت فنحن بعضنا يضحك على بعض والحقيقة أنك عندما تضحك على أخيك فأنت تضحك على نفسك؛ لأنه أخوك، هو شقيقك وأنت شقيقه، لكن نحن نقول: يجب أن نترفع عن هذا كله، فما دمنا نستطيع إرسال ثمانية عشر مليون رسالة، فيا ليت أنا جعلناها دعاء وقنوتاً وحثاً للهمم، وأرجو إن شاء الله أن منكم من يستخدمها لذلك، أن تكون فيها رفعاً للمعنويات، أو أن تكون فيها نصيحة أو موعظة، يا ليت مليون رسالة جاءت وقيل: أوقفوا اللعب، أوقفوا المباريات، أوقفوا اللهو، أوقفوا الخزي والعار هذا! ألا ترون ماذا يحدث هناك؟ ثم من قال أن بغداد سقطت؟
    أنا أقول لكم: إلى الآن لم تسقط بغداد، السقوط له معنى يجب أن ندركه ونتحقق من حقيقته، العدو يقول: لم تنته المعركة، وهؤلاء يقولون: انتهت وذهب كل شيء وخسرنا كل شيء، شيء عجيب جداً!
    يا أخي! أنت عندما تكون في مباراة للكرة وبقي للشوط الثاني نصف ساعة لا تقول: انتهت المباراة، بل تقول: بقي عشر دقائق .. بقيت دقيقة.. دقيقتان، لكن لماذا نحن هكذا.. استسلام وهزيمة؟!
    واسمحوا لي هنا أن أنتقل إلى نقطة أخرى لكن لها علاقة بهذا.
    المشكلة هي: المبالغة منا في الأحداث أو في الخطاب تجعلنا فيما بعد نتراجع، فلما وقف إخواننا هناك مدة معينة بالغنا وقلنا: حصل الفتح المبين، والانتصار العظيم، وهزمت أمريكا وغلبت الروم، وانتهى كل شيء، والموضوع لا يزال في أوله، فلما بالغنا في ذلك فمن أول ما قيل: سقطت بغداد طارت تلك الأحلام، وانقلبت المسألة إلى أن يجلب الإنسان نفسه وذاته، وأصبح الكلام والسخرية في الجوال وغيره علينا وعلى إخواننا، والحقيقة هذا خطأ، المبالغة الأولى خطأ، وأيضاً الهزيمة النفسية الثانية خطأ.
  4. رفض العدوان على العراق في الساحة العالمية

     المرفق    
    السؤال: خرج الملايين في دول غربية استنكاراً للحرب والطغيان الأمريكي قبل أن يحل الخراب والدمار وآثار الإشعاع التي ستكون نكبة على المنطقة كلها لعشرات السنين، كيف نزيد من تفاعل أهل الأرض معنا وفهمهم لنا ولحقوقنا وديننا؟
    الجواب: هذا في الحقيقة مما يقيم الحجة علينا، إذا كان إخواننا المسلمون في كل مكان وقفوا وحاولوا، وحتى تطوع من تطوع أو أراد، وقدم من تقدم وتظاهر ورفع صوته، إذا كان أيضاً الذين أنكروا العدوان أنكروه وهم في داخل أمريكا وفي أوروبا وفي بريطانيا حتى كانوا أكثر من المؤيدين، إذا كان حتى في أستراليا عملوا سلاسل بشرية ومنعت بعض السفن أن تبحر، والقضية قضيتنا والدفاع عنا، ونحن المتضررون أعظم الضرر ومع ذلك يدافع هؤلاء، إذاً أين نحن؟ ماذا قدمنا؟ ماذا فعلنا؟
    حقيقة هذا الذي حدث دفع بعض إخوانكم من أهل الغيرة إن شاء الله ومحبة للدين وانتصاراً له، من مشايخ ودعاة وكذا، أن يفكروا ويقولوا: لماذا لا نقدم عملاً نجتمع عليه وتجتمع الأمة عليه، ويكون إن شاء الله تبارك وتعالى فيه خير واستثمار لهذه الأحداث وهذا التعاطف والتفاعل مع قضايانا في جميع أنحاء العالم، ويكون مدخلاً للدعوة إلى الله، ولبيان حقائق الإسلام ومحاسنه والعدل في الإسلام، والقوة والشجاعة أيضاً في الإسلام؟!
    العالم بدأ يقرأ ويهتم كثيراً جداً بالإسلام، وبدأ يتعجب من الانتفاضة ثم الهجمات على أمريكا، ثم هذه الحرب، أصبح الإسلام حديث العالم كله، في الإعلام كله تقريباً في أي بلد في العالم.
    إذاً.. ماذا قدمنا؟
    ما هي الصورة التي يجب أن نوضحها عن الإسلام؟
    كيف نتعاطف مع هؤلاء؟
    مع الأسف الشديد! الذي يحصل أحياناً هو أن بعض الدول خاصة دول الخليج تستأجر شركة إعلام، وتقوم الشركة الأمريكية نفسها بإعلانات وأشياء، حتى كأنه لا يوجد شيء عندنا نقدمه، أو نفعله! شخص يقوم يدافع أو يتكلم عني أو يكتب ما يشاء، لا، نحن نقول: يجب علينا أن نعمل.
    ولذلك كما قلت: عندما تنادى إخوانكم هؤلاء طُرحت عدة مشاريع، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يوفقنا جميعاً وأن ترى النور قريباً، وأنا لا أريد أن أفتات على بعض الإخوة في هذا، لكن أبشركم بأنكم سوف تسمعون قريباً بعض هذه المشروعات، ونرجو أن تتعاطفوا معها، منها مثلاً: مقاطعة اقتصادية قد يوضع لها برامج -وهي موجودة والحمد لله- ومنها أيضاً: حملة إعلامية ودعوية وتوعوية عن هذا، ومنها نوع من التواصل مع هؤلاء والمراسلة لهم، وشرح حقائق الإسلام لهم، وتقدير موقفهم حتى يعلموا أننا أمة يمكن أن تعرف العدو من الصديق وتميز بين هذا وهذا.
    ومن أعظم الفوائد التي تؤتي أكلها بإذن الله، أن الشعب الأمريكي خاصة المثقفين فيه سوف يعجبون جداً بالإسلام، من كتب الله له الهداية، ((إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ))[القصص:56] لكن ستجد أن الكل سيتفق على عظمة هذا الدين من آمن ومن لم يؤمن، لكني واثق أن كثيراً منهم سوف يؤمن.
    لكن الحقيقة التي تهمنا هنا أن نكون أعطينا الصورة الحسنة عن ديننا، وقدمنا إن شاء الله الموقف الذي يليق بأمتنا.
    أرجو ألا تمر إلا أيام وتسمعوا شيئاً من هذه المشروعات أو أفضل منها بإذن الله تبارك وتعالى.
  5. أهمية العمل الجماعي لبناء الأمة

     المرفق    
    السؤال: أرى التوجيه بأهمية العمل المؤسسي بدلاً من العمل الأحادي فلقد أثبتت التجارب أن العمل الأحادي يزول بزوال من قام عليه.
    الجواب: نعم. نحن في جميع أعمالنا لابد من عمل مؤسسي ولابد من عمل مخطط، لا نريد الإغراق في التخطيط أيضاً، أو في المداولات أو في اللجان والتشكيلات، لكن لا بد فعلاً من ذلك، وتبدأ الأمور بالفكرة، إذا كانت الفكرة صحيحة، ثم وضعت لها خطة محكمة بقدر الإمكان، ثم وضعت آلية لتنفيذها، فإن شاء الله تبارك وتعالى تمضي هذه الأمور.
    فلنجعل مثالاً واقعياً: نريد بالعمل أن ننصر ونعين إخواننا في العراق، ماذا نفعل؟ إذا كررنا مشكلتنا مع الاتحاد السوفييتي عندما سقط، وكل واحد منا ذهب وأخذ معه كيس دولارات ونزلنا من طائرة واحدة، وهذا يقول لهذا: خذ.. وهذا خذ.. ثم كما تعلمون فسد الموضوع كله، هذا خطأ لا يصلح، لا بد فعلاً من تخطيط وترتيب ومن إعداد مناسب لهذا:
    أولاً: من ناحية الجهاد، نحن لا ينبغي أن نفتات على إخواننا هناك بأن نصطنع هنا راية معينة، أو ندفع بشبابنا إلى مكان معين، الإخوة هناك هم الذين يقررون كيف يجاهدون وهم أعرف منا، ونحن علينا أن نمدهم بما نستطيع بالوسائل التي نستطيع إن شاء الله، وبالطرق التي يمكن أن تصل إليهم.
    ومن ناحية أيضاً العمل الإغاثي الطبي، نُكِّون عملاً مؤسسياً منظماً، وأبشركم أن هذا كان سيعلن اليوم، ولكن سيعلن قريباً إن شاء الله، وينبغي أن ننضوي جميعاً تحت هذه المؤسسات، وربما أن هذه المؤسسات قد بدأت، فقد حدثني بعض الشباب أن الندوة العالمية للشباب الإسلامي قد شرعت في هذا، وجزاهم الله خيراً وكل المؤسسات الخيرية إن شاء الله.
    المهم أن هناك شيئاً بدأ وسوف يبدأ بإذن الله تبارك وتعالى.
    إذاً.. نحن علينا أن نجتهد في أن نستخدم هذه القنوات ونوسع مجال عملها من خلال خطة وأسس حتى لا تتكرر، فنوزع المناطق والأعباء والأعمال، ثم الجانب الأهم في نظري وهو الجانب الدعوي، أنا أرى أن نجند أنفسنا، كل شخص منا يهيئ نفسه أنه في هذا الصيف مثلاً أو في فترة من الفترات مستعد أن تضاعف جهدك، لا أريد أن أحداً من الإخوة يترك عمله الدعوي الذي في الحي أو في الجامعة أو في غيره، لا. إما أن تنيب أو تضاعف جهدك؛ لأن الأحداث تخرج الرجال، علينا أن نضاعف جهدنا، فلا نضيع الدعوة في بلادنا أو في بلاد أخرى، ولكن نضاعف جهودنا.
    على سبيل المثال: إخواننا في فلسطين لا ننساهم؛ لأن العراق جاءت.
    وهذه مشكلة إذا بقينا كذلك، كلما جاءت أزمة أو جرح نسينا ما قبله، لكن نعالج الجرح الأول ونستمر في علاج الجرح الآخر، فيجب أن نهتم بالدعوة وبكفالة الأيتام، وبدعم وتقوية الانتفاضة في فلسطين مثلاً، ثم نضيف إلى ذلك أعباء جديدة وعملاً جديداً فيما يتعلق بـالعراق، وننسق شئوننا في ذلك.
    وبهذه المناسبة أذكر الإخوان بأن إخواننا في فلسطين وفقهم الله، هم الذين يصلون أشد أنواع العداوة من العدو، وهم الذين يقعون تحت الحصار الشديد، ولا يمكن أن تساوم أمريكا على وجود دولة إسرائيل، فلو رأت أمريكا أن تنسحب من العراق فإنها ستسحب وتقول: سلمناها إلى حكومة ديمقراطية وشعب العراق، وتبقى لها مصالح، وتذهب إلى أي مكان آخر، إلا فلسطين لا يمكن أن يخرج اليهود إلا بالقوة، ولا يمكن أن يتخلى اليهود والأمريكان عن عداوة هذا الشعب ومحاولة استئصاله.
    فإذا كان ولا بد فاعلم أن ما تعطيه لإخوانك في فلسطين هو الذي يقمع ويضرب رأس الأفعى بإذن الله تبارك وتعالى، لو قضي على هذه الدولة الإجرامية الخبيثة أو على الأقل قضي على الليكود والمتطرفين في داخل إسرائيل لماتت أذناب الأفاعي في البنتاجون وواشنطن هناك، الإجرام كله ينبع من هذه الدولة الملعونة المرذولة؛ لذلك لا بد أن نقوي إخواننا هناك في فلسطين، وأن نستفيد من خبراتهم، ولعلكم رأيتم الكتيب الذي نشر بعنوان الانتفاضة والتتار الجدد وكيف تبين لنا أن أسباب هذا العدوان على العراق هو القضاء على الانتفاضة والحفاظ على أمن إسرائيل.
    وفي نفس الوقت الشيء المهم جداً الذي يجعلنا أيضاً متفائلين: الجانب الإيجابي في موقف إخواننا المجاهدين في فلسطين، كيف استطاعوا ولله الحمد أن يغيروا مسار الأحداث بفضل الله تبارك وتعالى، وأن يقدموا أنواعاً من البطولات والتأثير والنكاية في العدو بحيث أصبحت هذه الدولة المجرمة إسرائيل بعد أن كانت أقوى دولة في المنطقة أصبحت الآن مهددة بأن تزول.
    ومجيء أمريكا إلى العراق لا يحل المشكلة، وقبل ليالٍ ولعل من يفتح منكم ويدخل على المواقع العربية للصحافة الإسرائيلية يجد أن هناك من ينادي في إسرائيل ويقول: إن الورطة قد زادت، نحن الآن تورطنا أكثر، وأن مصير ومستقبل إسرائيل في خطر من هذه الانتفاضة المباركة.
    فأقول: يا إخوان! لا ننس إخواننا هؤلاء، وقد طرحنا مشروعاً في المرة الماضية على بعضٍ منكم، ونطرحه الآن، وهو مشروع بسيط جداً في الكفالات، أول من نبدأ بكفالتهم هم طلاب حلقات التحفيظ من دون الثالثة والرابعة عشرة أكثرهم، كم كفالة الطالب الواحد لكي يحفظ القرآن ويعيش طول السنة في كرامة وعزة؟ (1500) ريال في السنة فقط! كم شخص منا يستطيع أن يقدم هذا ولله الحمد والشكر، هو وأهله وأقاربه والجماعة، لو هناك ألف طفل بـ400 ألف دولار أو أقل، هو مبلغ! ولكن تكفل به ألفاً بإذن الله تعالى، والله هؤلاء الألف الذين يحفظون كتاب الله ليغيرن وجه الدنيا إذا ربوا تربية مخلصة إن شاء الله، وإخوانكم كذلك بإذن الله تبارك وتعالى، ماذا يضر الشخص منا أو الاثنين أو الثلاثة أن يسهموا في هذا، فلنبدأ بهذا.
    ثم إخواننا في العراق أيضاً لهم حق، فنعمل عملاً مؤسسياً ومنتظماً ومستمراً بإذن الله، واعلموا أنه ما نقص مال من صدقة، وهذه من الثلاث التي حلف وأقسم عليها النبي صلى الله عليه وسلم، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: {والله ما نقص مال من صدقة} والله إنه خير وبركة ونماء، ولا نقول: جرّب وأنت شاك، بل جرب وأنت موقن .. ادفع، واكفل ثم زد الدفع والكفالات فتزيد والله البركة، ويخلف الله عليك خيراً منها في الدنيا، غير الراحة والطمأنينة والأجر عنده تبارك وتعالى بإذن الله.
  6. استهداف ضرب السعودية.. والاستعدادات المطلوبة

     المرفق    
    السؤال: نحن مستهدفون من قبل أمريكا، حتى إننا سمعنا وقرأنا ما قاله شارون : إن السعودية تعتبر هي محور الشر؛ لأن أموال أهلها تدعم الانتفاضة، ما هي رؤيتكم يا شيخ في استهداف أهل هذا البلد من قبل أهل الصليب؟ وما هي الاستعدادت المطلوبة منا نحو ذلك؟
    الجواب: أما هم يا إخوان -كما قلت لكم- فما مرت ليلة منذ أن أظهر الله سبحانه وتعالى هذا الدين وخاصة عندما أخذ منهم الشام ثم عندما أخذوا منهم تركيا والقسطنطينية ثم عندما دخلوا أوروبا ما مرت ليلة إلا وهم يخططون أو يدبرون أو يتآمرون أو يجيشون الجيوش من أجل حرب هذا الدين، هذا شأن اليهود وكذلك النصارى، وشارون هو شارون لا يُعرّف أكثر من ذلك! لا تلم شارون إذا اشتكى من هذه البلاد أو اشتكى من أهلها، أو من الدعوة والقرآن، شارون بكى وانفعل وصرخ في وجه موفاز عندما عرضت بعض الفضائيات الطفل أو الشاب الذي عمره ثلاث أو أربع عشرة سنة، لكنه رجل يقفز فوق الدبابة ويريد أن يسيطر عليها، ويكسر الهوائي الخاص بها، فالشخص عندما ينقهر هذا القهر لا بد أن يسب أو يبطش أو يتكلم أو يفتك، ولذلك الحالة التي يعيشها شارون هي حالة المحبط اليائس، ولذلك نحن نتفاءل، وليس بعد شارون عند اليهود أحد، من يخلف شارون إذا سقط؟ وسيسقط في أي وقت مثل غيره.
    من الذي يخلف شارون ؟
    لا يوجد، هو أقوى رجل خبثاً، وقذارة وسفكاً للدماء، ليس بعد شارون كما يقول بعض المحللين إلا حرب أهلية في إسرائيل، لماذا؟
    لأن إسرائيل تعيش مشكلة، ومهما جاءت أحداث العراق أو غيرها فإنها لا تغطي مشكلة إسرائيل، فمشكلة إسرائيل أن هناك انقساماً شديداً جداً بين طائفتين، وشارون يمسك العصا من المنتصف، توجد طائفة تقول ومنهم باراك الذي كان قبله: انسحبوا من الضفة والقطاع والمستوطنات، ودعونا نعيش داخل منطقتنا والفلسطينيين خارجها، وائتوا بقوة دولية وقوة أمريكية تقف على الحدود تحرسنا واتركونا لنعيش.
    والفئة الأخرى تقول: لا يمكن أن نتخلى عن أرض إسرائيل، وهؤلاء هم اليمين المتطرف الليكودي يقولون: لا يمكن أن نفعل ذلك أبداً، نحن بالقوة نستطيع أن نقضي على هؤلاء.
    فهناك حلان متنافران ومتباعدان جداً، ليس هناك وسط يربط بينهما، إلا أن هناك أملاً في قوة وقدرة شارون، ووعود من شارون مستمرة، فإذا سقط شارون كما قال هؤلاء فسوف يقتتل الإسرائيليون مباشرة؛ لأنه لن يرض أحد منهم أن يرضخ لحكم الآخر، أو لرأي الآخر، وقد يكون أخف من هذا، ولكن المهم هي الحالة النفسية التي تعيشها هذه الدولة.
    الوزير الإسرائيلي يداوم في إسرائيل لكن عائلته في الخارج، لماذا تخرج عائلتك في الخارج؟
    قال: مجتمعنا غير آمن، الطائرة قد تخطف، أو تتفجر، المطعم.. الملهى.. الفندق.. الطريق.. المدرسة.. ليس هناك شيء آمن في إسرائيل! الطيار الغربي يأتي إلى إسرائيل فيقال له: انتظر في فندق المطار حتى تأتي الرحلة فيقول: لا. سأذهب إلى عمان أو قبرص وأرجع، لماذا؟ قال: أنام ساعتين وأطير وأرجع، ولا أبقى في دولة غير آمنة، فهم في وضع لا يمكن أن يطاق، وهذا بفضل الله ثم بفضل شباب الانتفاضة المباركة ولله الحمد.
    ولذلك جاءت أمريكا لنجدتهم، وقد خطط أمير الظلام اليهودي المجرم لذلك، وخطط الذين يريدون أن يجعلوه في بغداد اليهودي الآخر، وخطط اليهود الذين في أمريكا وأرادوا أن يأتوا لنصرة ونجدة إخوانهم الصهاينة فجاءوا إلى العراق، هذا كل ما في الأمر.
  7. حزب البعث وصدام حسين بعد سقوط بغداد

     المرفق    
    السؤال: ألا ترى أن البعثية في هذه المعركة لم تهزم بل انتصرت، لما جرته من بلاء وويلات على الإسلام والمسلمين، ولعلكم أعلم منا بمصائبهم على الإسلام والمسلمين؟ وهناك مجموعة كبيرة من الأسئلة تسأل الشيخ: أين صدام حسين ؟
    الجواب: أنا لم أفتش عن صدام حسين ! إذا أردت أن تسأل أين حزب البعث وأين صدام حسين فاسأل كتاب الله عن مصير أي ظالم: ((وَمَا هِيَ مِنْ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ))[هود:83] كل ظالم ومجرم ظلم شعبه واحتقره وأهانه وامتص خيراته ووالى أعداءه فهذا مصيره، دعك من الذين ذهبوا، يجب على الباقين أن يعتبروا، صدام حسين كان يفاوض بنفط العراق، فكان يقول لـروسيا: أعطيكم كل النفط وقفوا أمام مجلس الأمن! يا فرنسا نعطيكم العقود كلها وتوقفوا أمريكا، وفي السر يا أمريكا أعطيكم النفط كله وأوقفوا الحرب، كأنه هو البلد والبلد هو.
    لو كان النظام البعثي نظاماً دستورياً حتى على كفر أو ضلال أو إلحاد لكان سقوط الرجل يذهب بالرجل ويبقى النظام، وتبقى المؤسسات وتبقى المدنية، لماذا هذا النهب والسلب والمشكلات التي حصلت؛ لأنه مرتبط كله بالشخص، والشخص مندرج تحت حزب، فعندما سقط الحزب وسقط الزعيم هذا الذي يتمحور حوله كل شيء، انتهى البلد أو كأنه انتهى ويراد أن يعود من جديد.
    هذه مشكلة يجب أن يعتبر بها من لا يزالون يملكون زمام الأمور أن يتقوا الله في هذه الأمة، كثير جداً من حكام المسلمين ليس منهم ببعيد، ولهم عقوبات تنتظرهم، والأمة التي تسكت عن الظلم ولا تأمر بالمعروف ولا تنهى عن المنكر سوف ينالها ما نال العراق والعياذ بالله، وهم إخواننا لا نفرح فيهم؛ فنحن جسد واحد، إذا أصيبت عينك اليمنى هل تشمت بها عينك اليسرى؟!
    لكن يجب أن نأخذ العبرة ونخرج عن الصمت المطبق لا لأنفسنا ولكن من أجل الله، من أجل الأجيال التي هي أمانة في أعناقنا، نحن في هذا البلد مثلاً كنا قبل فترة لا يزال ينجب، تدري ما معنى أن يكون عندك خمسة أطفال أو ثمانية أو سبعة، ما معنى هذا؟
    أن يكون عندك في هذا البلد أربعون مليون نسمة، في عنق من وفي ذمة من، إذا لم نحتفظ بخيراتنا ومقدراتنا، ونصلح مشاكلنا الاجتماعية، ونتعامل بالعدل، إذا غرسنا والعياذ بالله الظلم والقهر، والعنف ودواعي الإجرام في ثلاثين مليون شاب، فلا يوجد شعب في العالم أكثر شباباً من هذا الشعب والحمد لله.
    ولكن يجب أن ندرك أن الوضع خطير جداً، وعلينا أن نأخذ العبر والدروس جميعاً، والله سبحانه وتعالى ما قص علينا قصة فرعون إلا لنعتبر بها، وجاء بعده من لم يعتبر فوقع، ثم تأتي العبر فيما بعد، ولكن نسأل الله عز وجل أن يرد هذه الأمة إليه رداً حميداً، والله لا يردها إليه إلا هو، لا تتعظ ولا تعتبر!
    كنا نقول: العراق احتلت الكويت فما هو الواجب؟
    الواجب أن ندفع ميزانياتنا كلها ونستدين عشرات المليارات لنحرر الكويت، قلنا: يا جماعة ليس هذا هو الحل، قالوا: لا. الآن الكويت والعراق اجتمعوا تحت ولاية أمريكا، الاثنتان الآن أصبحت ولاية واحدة أمريكية، سوريا يهددونها تهديد الذئب الذي يقول للحمل: عكرت علي الماء، يقول: لا، فيقول: بالتأكيد أنت عكرت علي الماء؛ لأنه يريد أن يلتهمه، فيقولون: أين ذهب صدام حسين، فيقولون: في سوريا، يا سوريا! ائت به، فإذا قالت: ليس عندنا، قالوا: نرجع لحكاية الكيماوي المزدوج، ويحتلون دمشق ويقولون: موجود صدام، ويظلون يقولون: موجود وسنبحث عنه حتى في كل مكان في حلب واللاذقية، ولا بد أن نجد صدام حسين، والآن يبحثون: أين الكيماوي والمزدوج؟ وهذه كلها ألاعيب، وأنا قلت لكم يوم سقطت بغداد كيف كان الوضع، لعب ولهو ومباريات، ورجعت الفضائيات التي كانت مشغولة بالحرب للطرب واللهو واللعب، وكأنه لا رب يحاسبنا ولا آخرة تنتظرنا، ولا عدو يتهددنا، فهذا -والله- مأساة!
    هذه مأساتنا ولذلك علينا أن نرجع إلى الله سبحانه وتعالى ونتوب إليه، ونعتبر. لما ذكر الله مصير اليهود قال: ((فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ))[الحشر:2]، يخاطب الله تعالى المؤمنين في حال عقوبة اليهود، فكيف بنا نحن بالله في هذا الزمان؟ أي نظام ديكتاتوري تسلطي ظالم لا بد أن يسقط؛ لأن سنة الله سبحانه وتعالى أنه لا بد أن ينتقم ويزيل ويسقط الدولة الظالمة ولو كانت مسلمة، ماذا بقي من الإسلام عندنا؟
    وكتب الله في سننه أنه ينصر الدولة العادلة ويبقيها ولو كانت كافرة! لأنه بالعدل قام هذا الوجود، وبالعدل انتظم هذا الكون، أما أنه من أهل الجنة أو أهل النار فهذا في الآخرة، لكن نحن نتكلم عن نظام الدنيا، انتظام الكون والحياة في هذه الدنيا لا يكون إلا بالعدل.
    فعلينا أن نتقي الله ونقيم العدل فيما بيننا، العدل في المحاكم، والعدل في الإدارات الحكومية كلها.. العدل مع الزوجات والأبناء.. العدل مع أنفسنا: ((وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى))[الأنعام:152] العدل مع العمال، فلو اضطرب الأمن -لا قدر الله- وجاء العمال وأخذوا كل ما في بيوتنا ولو حتى أحرقونا لعلنا لا نلومهم من القهر، تجد شخصاً يأتي بعشرة آلاف عامل ويتركهم، وشخص عنده آلاف ومئات ثم يعطيه شيئاً بسيطاً جداً من راتبه ثم يجحده، قهر.. ظلم.. ثم نريد من الله أن ينصرنا ويعزنا ويكرمنا ...!! هذا لا يكون، هذه سنة الله.
    الشاهد أن مصير الظالمين واحد، فعلينا أن نتقي الله، الظالم لا بد أن ينتقم الله منه، سواء كان حاكماً أو حزباً أو حتى ولي أمر في بيت أو في مدرسة، أو في إدارة حكومية، الظالم هو الذي يورث الأحقاد، والظالم هو الذي يجعل الأمة تتفرق وتختلف قلوبها، فالظلم لا يمكن أن يجمع، وقلت لكم قبل قليل: على الأمة أن تعي، دعونا نتكلم بشيء من الوضوح في هذا الموضوع: العراقي الذي كان يريد أن ينتقم من صدام حسين بأي شكل، يقول: قتل أبي وقتل أخي وأخذ مالنا.. وفعل.. أنا أعتقد أنه لم يفرح بسقوط صدام حسين إلا ليلة واحدة أو ساعات فقط، ونعوذ بالله أن يأتي يوم يبكي فيه العراقيون على صدام حسين ؛ لأن الفتنة والفوضى ليست بديلاً عن الظلم، هذه حقيقة يجب أن يعرفها الناس من الدعاة وغير الدعاة، على الإسلاميين والدعاة المسلمين أن يسعوا إلى البديل الصالح النافع أياً كان، لكن لا يكن الهدف فقط كما ظهر في بعض البلاد من أنه نظام نقضي عليه، وإذا قضينا عليه ماذا بعدها؟ ليس عندنا شيء ولا نستطيع أن ندير البلد وتصير الفوضى، ويصير الدمار، لا. هذا من جانب.
    ومن جانب آخر: لا بد أن تعي الشعوب أو الحكام أن المسألة حقوق وواجبات، فلا هذا يأخذ حق هذا، ولا هذا يأخذ حق هذا، والله سبحانه وتعالى قال: ((فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ))[النور:54] قالها في حق رسوله صلى الله عليه وسلم، وقالها الرسول صلى الله عليه وسلم في حق الحكام في هذه الأمة، (عليه ما حمل وعليكم ما حملتم)، أنت تقوم بواجبك وهو يقوم بواجبه، ومن واجب حكام المسلمين على الشعوب أن تنصحهم وأن تكون صادقة في النصيحة، المدح الكاذب والزيف الباطل انتهت أيامه، فإذا كان بعد هذه المشاكل سنبقى في المدح والزيف والباطل فوالله العظيم ليس فينا خير.
    لابد أن يكون هناك صراحة ووضوح واقتراحات عملية، ومشروعات إصلاحية تقدم، وعليهم أن يسمعوا، ثم إذا وقعت علينا أثرة في الدنيا نصبر، إذا فصلوك اصبر .. ضربوك اصبر، ليس هناك مشكلة، هذه احتسبها عند الله، لكن لا بد أن يقوم، فالمبدأ يصحح والظلم الفردي يحتمل، لكن العكس لا، هذه العبرة التي يجب أن تؤخذ من أي نظام سقط في العالم، فإذا كان الأمر كذلك وهي سنة واضحة جلية، فعلينا أن نبدأ في الأخذ بالأسباب بقدر ما يعيننا الله تبارك وتعالى، لكي نحقق ذلك ونجتهد فيه بإذن الله.
  8. مقاطعة البضائع الأمريكية وأثرها في الواقع

     المرفق    
    السؤال: سمعنا في بعض وسائل الإعلام أن بعض المحلات والمطاعم الأوروبية قاطعت المنتجات الأمريكية تعبيراً منها لرفضها للحرب على دولة مسلمة، رغم أن تلك الدول الأوروبية كافرة، فهل تجار المسلمين يقومون بمثل هذا الدور، فيقومون بمقاطعة المنتجات الأمريكية؟
    الجواب: هذه حقيقة يا إخوة، ففي ألمانيا وفرنسا ودول أوروبية كثيرة، وفي أستراليا أيضاً وفي عدة دول: قوطعت البضائع الأمريكية؛ لأنهم علموا أن أمريكا دولة ظالمة، ورأوا الهيمنة والاستكبار والاستبداد والطغيان، والله تعالى فطر بني الإنسان كلهم على محبة العادل وبغض الظالم، وهذا كنز ثمين لنا نحن المسلمين؛ لأنه مادام الله حبب لنا قلوب هؤلاء في العدل فعلينا أن نريهم عدل الإسلام، وبغض إليهم الظلم فعلينا أن نريهم ظلم هؤلاء المجرمين، ونكشف لهم عن حقيقة أمريكا وإسرائيل، فنحن أولى بذلك.
    وأنا أقول شيئاً مهماً فيما يتعلق بالمقاطعة: لا بد أن نضع لها ضوابط، ولا بد أن توضع لها دراسة، والحمد لله ما هو موجود الآن لعله مبني على شيء من هذا، نرجو الله أن يوفق الإخوة القائمين فيه على ذلك، بمعنى آخر: المقاطعة ليست أن نترك المباح، تشرب مثلاً هذا العصير وهو من إنتاج دولة كذا مباح، أول ما يجب علينا أن نفعله ونضغط بقوة هو مقاطعة الحرام، الحرام الأمريكي يملأ البلد؛ لأنه حرام ولأنه مقاطعة، بنوك أمريكية وتعاملات ربوية أمريكية نلغيها، والدخان الأمريكي، وأي دخان ضار، لكن نبدأ بالسجائر الأمريكية، وهذه وحدها مليارات مع الأسف، لو تطلع على الإحصائيات لا تصدق كم نقدم للشركات في السيجارة فقط، ثم الأفلام الأمريكية، الفضائيات التي تعيد بث الإعلام الأمريكي والقنوات الأمريكية علينا أن نقاطعها جميعاً، نلغي كل الاشتراكات فيها، والصحافة والإعلام الأمريكي الرديء نقاطعه.
    ثم المكروهات مثلاً، ثم في النهاية أو في الأخير ننتقل إلى المباحات، حتى تكون خطواتنا شرعية، وحتى لا يلومنا لائم ويقول: أنا آتي ببضاعة أمريكية حلال وأبيعها حلال، أو شخص يقول: أنا لي النسبة .. أنا اشتريت الاسم من شركة أمريكية وليس لي إلا نسبة معينة، وإذا قاطعتموني أنا أتضرر، هذا ممكن يقع، حتى ممن يبذل للخير.
    ثم أنتقل إلى هؤلاء الذين يقولون هذا الكلام بعد أن نكون قضينا على المحرمات ثم المكروهات ونقول: المسألة ليست نصاً من كتاب الله، بل المسألة مصالح ومفاسد، فإذا كانت وكالتك لشركة أمريكية تجعلك إما أن نقاطعك فتخسر وإما أنه لا بد أن يكون هناك أناساً يشترون، فنحن نقول: أن نوقف مقابل شيء فهذا ممكن، فيمكن إذا كفل مشروعاً تعليمياً أو دعوياً في فلسطين أن يرفع اسمه من المقاطعة، وهذه ليس فيها شيء، فإذا قال شخص: لماذا فلان لم تقاطعوه؟ نقول: والله فلان تكفل لنا بمائة ألف طفل في فلسطين، فإذا كفلت مائة ألف طفل نستبعد اسمك أيضاً، فهذه يمكن تكون قابلة للتفاوض، حتى فرنسا وألمانيا نقول لهم هكذا، إذا أنتم فعلاً جادين فنحن يمكننا أن نقاطع البضائع الأمريكية ونضع بضائع ألمانية، لكن مقابل ماذا؟
    نريهم أننا نفهم ونعقل، ونعرف العدو والصديق ونقدر المواقف، لكن بعض الناس عندهم كلها سوداء فاشطبها، أو بيضاء فأحبها، وهذا غير صحيح، يجب أن نريهم أننا نعرف ونقدر، وهذا يجعله إذا كان ممن هم ضد الحرب وضد العدوان يثبت أكثر فأكثر ويكون معنا، وعلى كل حال لها آلياتها وليس هذا وقتها..
  9. أهمية تربية الأبناء

     المرفق    
    السؤال: الأسرة المسلمة هي محضن الأجيال، ونحن في ظل الظروف الحالية التي تستوجب تهيئة الأجيال لقيادة الأمة إلى النصر والتمكين المرتقب بإذن الله جل وعلا، فما هي توجيهاتكم -رعاكم الله- إلى المربين من الآباء والأمهات والدعاة في الأسلوب الأمثل للتربية والتوجيه لأبنائهم، وما يجب غرسه في نفوسهم وأفكارهم وأفئدتهم؟
    الجواب: الحقيقة أنا أشكر هذا الأخ لسبب مهم؛ لأن هذا السؤال عن التربية والأبناء، يدل على أن هذا الأخ وكذلك أنتم جميعاً يدرك أن المعركة طويلة بعيدة المدى تمتد لأجيال، وهذه الحقيقة من أهم ما يفهم، نحن لو تخيلنا أنها معركة مدينة سقطت، ومدينة بقيت، ونريد أن نلحق حتى تبقى بأيدينا أو يأخذها الأمريكان وانتهينا فهذه مشكلة، وهذا خطأ كبير في تفكيرنا، فالمعركة مستمرة إلى أجيال وأجيال وإلى أن تقوم الساعة، ومن أجل ذلك نقول: كيف نربي أبناءنا وبناتنا؟ الحقيقة يا إخوان الوقت يضيق عن التفصيل ولكن أضرب لكم مثالاً واحداً فقط:
    كل منا حريص بإذن الله على أن يأمن -كما يقولون- مستقبل أولاده، ويدع لهم شيئاً، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم: {لا تدع ورثتك عالة يتكففون الناس} هذا الجانب مادي بحت، نحن مخطئون ومفرطون فيه بشكل كبير، وبالذات في هذه البلاد وما أشبهها، هناك استهلاك وإنفاق لأمور ليس لها داع أبداً، وهناك تضييع وإهدار لثروة -لا قدر الله- قد نندم عليها إذا ضغطت علينا قوى الكفر أكثر فأكثر.
    لماذا لا تبدأ يا أخي الكريم من الآن بتربية أبنائك على شيء من الخشونة والتقشف، وأنا لا أقول: تقتر على عيالك وأهلك لكن نقول: تعودهم اللباس المعتدل، والأكل المعتدل، وتنظيم الوقت، وتنظيم المال، والتوفير، وما أشبه ذلك، تقول: إذا زاد عندك شيء فضعه لإخوانك في فلسطين، أو إذا وفرت من مصروفك كذا وكذا، أنا أعطيك كذا وكذا، ونجمع هذا وهذا ونشغله لك ونشتري لك شيئاً أفضل، حتى نعود أولادنا؛ لأن أولادنا ولدوا في وضع لا يعلمون فيه من أين يأتي المال، ويتخيل أن كل ما يفتح أبوه الجيب يخرج مالاً، لكن من أين يأتي، هو لا يدري. بعضهم بلغ العشرين وهو لا يهمه من أين جاء المال، إلا بعد أن يتعذب ويشتغل ويبحث ولا يجد أي شركة تقبله حتى بألف ريال، عندها يصحو.
    قد يقول البعض: كان ينبغي أن تقول: التربية على حفظ القرآن والتربية على الدعوة والجهاد.
    أقول لكم: هذا الجانب نحن مهملون فيه وهو من أمور الدنيا التي يجب أن يكون مما لا يحتاج إلى موعظة وتذكير، لكن تفريطنا فيه يؤدي إلى أن نفرط في الجوانب الأخرى.
    إذا عودنا أبناءنا هذا.. عودناهم على حفظ أوقاتهم، وعودناهم أن يتركوا السهر وما يوهن أبدانهم، وعلمناهم حب الجهاد والشهادة وحب إخوانهم المجاهدين في كل مكان، وعلمناهم قضايا الإسلام والمسلمين في كل مكان، وربيناهم عليها نرى الخير بإذن الله.
    أنا وأنتم أيضاً عندما نجلس مع أبنائنا نجد فيهم الخير الكثير والحمد لله، بينما في أيامنا هذه لم يكن عندنا إلا الكرة، لو وجد شخص طيب تجده منطوياً على نفسه أو هكذا.. الآن الحمد لله حديثهم عن الجهاد والتضحية وكيف نقتل ونستشهد، وهذه نعمة، علينا أن نستثمر هذه الفطرة الطيبة عندهم ونربيهم تربية محكمة، لا نريد الاندفاع الأهوج الذي يضر ويدمر، نريد تربية هادفة وبنّاءة وتخصصية، كل مجموعة من الشباب من الآن يأخذ شيئاً، ولا يضرنا ذلك أبداً.
    لا تتخيل أن الاشتغال بشعبة من شعب الإيمان تضر الشعبة الأخرى، إذا كان للأمة تنسيق وتخطيط لا يضرك، ما هي أدنى شعب الإيمان كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم؟
    إماطة الأذى عن الطريق، تخيل كم يُصرف في جدة مثلاً على إماطة الأذى عن الطريق، ولا نعني فقط البلدية وحمل القمامة، ولكن انظر إلى الحفريات والكتابة على الجدران وغيره كثير.. يمكن تصل إلى كذا مليار، تصور لو أن الشباب اهتم بهذه وهي أدنى شعب الإيمان فكم يُوفر من مليارات؟ وكيف يتعلم النظام، وكيف يتعلم النظافة، وبعد ذلك هذه تورثه نظافة القلب، وتورثه نظافة الشعور والسلوك، ثم بعد ذلك إذا تربى على درجة أو شعبة أعلى كحب المساكين -مثلاً- كأن يرى أباه يأتي إلى الضعيف والمسكين ويعطيه ويترفق به وكذلك أمه..
    نحن نعيش حالة من الكبر نعوذ بالله، ونحن مهزومون ومغلوبون ومدمرون، وليس هناك شيء نتكبر من أجله! فالمفروض أن نعطف على الفقير والمسكين في الداخل أو في الخارج.
    إذاً هذه شعبة أرقى، وشعبة أعلى، مثلاً: ما يتعلق بالوالدين وحق الجار شعبة أعلى، وأعلى منها الجهاد في سبيل الله، إذا رآك مهتماً بالجهاد والمجاهدين وتدعمهم وتؤيدهم وتنصرهم فقد ربيته، وهكذا هذه الأجيال أمانة في أعناقنا.
    وهنا نرجع إلى موضوع التفاءل الذي تحدثنا عنه، مما يجعلنا نتفاءل أننا أمة شابة، وقد قلت لبعض الإخوة: إننا نحتاج إلى محاضرة خاصة عن التفاؤل، ولماذا نحن متفائلين، وعن مبشرات خاصة في مثل هذه الظروف، مما يدعوننا إلى التفاؤل أننا أمة شابة والغرب أمة هرمة، الحضارة الغربية حضارة هرمة، وكثير من دول الحضارة الغربية من يموت فيها أكثر ممن يولد! وأمريكا لولا الهجرة لأصابتها هذه المعضلة وهذا الهرم أيضاً، لكن الأمة الإسلامية أمة شابة ولله الحمد، حتى الدول الفقيرة تجدها مباركة ولله الحمد.
    ذات مرة ذهبنا إلى أمريكا -وهي المرة الوحيدة- فوجدت عند بعض إخواننا الفلسطينيين ثمانية أطفال، فقال لي: أي مكان في أمريكا تجد فيه شخصاً عنده أولاد كثيرون فاعرف أنه فلسطيني! لماذا؟ قال: لأنه لا يوجد أمريكي عنده أكثر من ثلاثة أو أربعة. وأنا لم أجد في جميع الطائرات التي ذهبنا فيها عائلة أمريكية لديها أربعة أطفال، وإنما اثنان أو واحد، لكن الذي عنده عشرة أو كذا هم إخواننا الفلسطينيون، وهذه من نعم الله، أراد اليهود أن يقتلوهم ويقولوا: لا يوجد شعب، فأراد أن يجعل هذا الشعب المبارك والحمد لله كذلك..
    وكذلك هذه البلاد والجزائر وتركيا وباكستان والعالم الإسلامي أمة شابة، وإذا استطعنا أن نربي هذا الجيل الذي بعدنا ثم يأتي الجيل الذي بعده فسيكون المسلمون أقوى قوة في العالم بإذن الله، عددياً وعسكرياً واقتصادياً وكل شيء.
    إذاً.. لا نيئس بل نستبشر ونعمل، وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم: {أبشروا وأملوا خيراً}.
  10. أهمية توحيد الصف ضد العدو

     المرفق    
    السؤال: نحن في أمس الحاجة إلى التوحد والاجتماع والتآلف وتوحيد الصف وجمع الكلمة، كيف لا ونحن نرى الأعداء يتوحدون علينا بالرغم من اختلافهم فيما بينهم، فما السبل المناسبة التي نسلكها للم الشمل وتوحيد الصف؟
    الجواب: لا شك أن التوحد هو في ذاته انتصار، لو استطعنا أن نتوحد فنحن منتصرون، انظر إلى جماعة مسجد يكونون على قلب رجل واحد، هذا يكون متميزاً جداً عن بقية المساجد، أو جيران يلتقون وقلوبهم متوحدة، أو إدارة حكومية موجودة، أو مدرسه فيها إحدى عشر أو اثنا عشر مدرساً وقلوبهم واحدة، شيء متميز جداً جداً؛ لأن التوحد في ذاته انتصار على الهوى وحظ النفس.
    إذا أنا تنازلت عن رغبتي وشهوتي وإرادتي، وجعلت أخي هذا هو الذي يقودني وهذا الأخ يوجهني ولم أبال، في الحقيقة هذا انتصار، وهذا الانتصار يؤدي إلى انتصار على العدو، ولذلك يحب الله سبحانه وتعالى هؤلاء المؤمنين الذين يقاتلون في سبيله صفاً كأنهم بنيان مرصوص، ولأنهم انتصروا سينصرهم الله سبحانه وتعالى.
    والتوحد لا يكون إلا بإخلاص النية لله، كفانا تمزقاً، كفانا الأطر الضيقة، قد تكون في وقت من الأوقات مضطراً إلى عشيرتك، وإلى قبيلتك، وإلى حارتك، لكن الآن وقد جعلنا العدو في خندق واحدٍ؛ فلا بد أن نكون يداً واحدة، وأن نجعل أهدافنا واحدة، بإذن الله تبارك وتعالى.
    وهذا لا كما يظن البعض نصبح رأياً واحداً يعني: عمي، إذا قال منا شخص كلمه كلنا نقول: نعم من أجل ألا نختلف، لا، هذا ليس صحيح، نبحث عن الصواب ونعمل به، وإذا تعددت الاجتهادات فأحمل رأي أخي وموقفه على أحسن محمل، وأقول: لعله اجتهد ولعل الصواب معه، لكن أنا رأيي كذا وكذا، ثم إذا عملنا نعمل يداً واحدة، بدأنا نعمل على رأي أخي أترك رأيي وأنساه وأبدأ أعمل على رأي أخي وأتوكل على الله، وأقول: لعل هذا هو الخير ولا أتعصب له.. وهكذا، التوحد يحتاج إلى إرادة وعقيدة إيمانية، واحتساب وقربى إلى الله عز وجل، تقرب إلى الله بأن تجتمع صفوف هذه الأمة، وأي سبيل يمكنك من خلاله توحيد الصفوف فادخل منه، حتى لو تحايلت عليه، حتى نص العلماء على أن بعض الأعمال يُراعى في العمل به أو عدمه توحد أو اجتماع قلوب الناس، وهذا من أيام الصحابة رضي الله تعالى عنهم.
    لما كان عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه يرى وجوب القصر في الحج وعثمان أتم فصلى ابن مسعود وأتم، فقيل له: لماذا؟ قال: إن الخلاف شر، فنحن نوافق في هذا وإن كنا نعتقد أن هذا كذا..
    في بعض البلاد الإسلامية يصلون مسبلي اليد، هذا أمر الحمد لله لا يؤثر في الصلاة ولا يفسدها، صل هكذا حتى تتآلف قلوبهم على التوحيد والإيمان والجهاد والأمور العظيمة، لو جعلت المعركة معركة اليد ما انتهت، إذا كان من الدين أمر يؤخر أو يؤجل وهو من الدين يؤجل من أجل مصلحة التآلف والتقارب، إذا كان الهجر وزجر المبتدع... يعني إذا وجدنا أن قتل المبتدع أو الزنديق يؤثر في الاجتماع سنؤجله أو لا نفعله، فكيف بما دون ذلك، ولهذا لما قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: ألا تقتلهم، وهم رؤساء النفاق الذين أرادوا بالنبي صلى الله عليه وسلم أعظم شر، أن يغتالوه، قال: {لا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه} أي: نبقى يداً واحدة.
    صحيح أنه لما ذهب إلى حرب الروم كان عبد الله بن أبي وكان المنافقون وكانوا.. وكانوا.. كأنهم ضد الروم ومع الروم، لكن الحمد لله هذا جيد لأنه في نظر الروم يبقى معنا، وإن كان هم في الحقيقة الذين قال الله فيهم: ((هُمْ الْعَدُوُّ))[المنافقون:4] أي: أخطر من أولئك، لكن دعه معنا.
    هذه المسألة تحتاج إلى فقه دعوي، لا يكون اجتماعنا اجتماع مشاعر وعواطف فقط، ولا أيضاً نهمل الحق ولكن نبنيه على مصلحة ومفسدة، فتراعى المفاسد والمصالح الشرعية، التي لمصلحة الدين والإيمان لا لهوى النفس ولا لحظوظها.
  11. دور خطباء المساجد تجاه العدوان على العراق

     المرفق    
    السؤال: خطبة الجمعة لها أثر فاعل في توجيه الأمة ورفع المعنويات، وشحذ الهمم، فما هي الموضوعات المناسبة التي ترى من الخير أن يطرقها خطباء الجمعة خلال هذه المرحلة؟
    الجواب: الحقيقة نحن تكلمنا في لقاء سابق مع الإخوة الأئمة قبل الحرب، ولعل الآن نذّكر به، الخطاب الإسلامي يجب أن يكون جامعاً بين التحذير من المخاطر وبين التبشير بحسن العاقبة وبالنصر، أي: يكون توازن بينهما، فإذا غلونا في الكلام عن المخاطر قد نقنط أو نيئس، وإذا كان الكلام مبالغات أيضاً في الانتصارات وفيما يحدث فقد يعقبه الإحباط، فتنتبه إلى وزن هذا، ونتكلم عن تثبيت الإيمان في القلوب، وهذا أمر مهم جداً، نتكلم عن استعلاء هذه الأمة بالإيمان بالله تبارك وتعالى، نتكلم عن ميزات هذه الأمة، وعما ادخر الله تبارك وتعالى لها من الخير، عن المبشرات وهي كثيرة ولله الحمد حتى لا ييئس الناس.
    نحن الآن كأن هناك نوعاً من الشعور بالهزيمة الداخلية، وهذا كما قلت مما يتمناه العدو ويريده، فنعوض هذا بحقيقة الإيمان والتبشير والبشارة بالنصر بإذن الله، ونقول: المعركة لم تنته ولن تنتهي والعاقبة لا تنتهي في حدود هذه الدنيا، ألا نؤمن بالله واليوم الآخر؟ ألا نؤمن بالبعث؟ فلو أن الكفار سلطوا ومكنوا في كل شيء في الدنيا لكن عاقبتهم إلى النار ونحن ابتلينا وأوذينا وعذبنا ما دمنا أحياء ولكن عاقبتنا إلى الجنة، فالحمد لله نحن المنتصرون إذاً، ونحن إلى خير، وهذا إذا كان ما عندنا إلا هذه، فكيف -والحمد لله- والمبشرات الأخرى موجودة؟!
    إذاً.. الخطاب يكون بطريقة متوازنة وحكيمة؛ بحيث يربط الناس بالأصول الثابتة، ومن ذلك: سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، سيرته في بدر، ثم في أحد، وكيف فعل بعد النصر هنا، وكيف فعل بعد القرح والبلاء، فهو القدوة في هذا، حتى لا يجادل أحد ويقول: هذا رأيك أو كذا، فنقول: هذا هو القدوة.
    وختاماً نقول: من كان بين يديه كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فإنه والله لا يضل ولا يشقى، إلا من فرط في الاتباع وأهمل العمل بهما، وإلا فإن فيهما الخير العظيم والبيان لكل ما يقع، والعلاج لكل نازلة إلى قيام الساعة، والجواب على كل شبهة إلى يوم القيامة.
    نسأل الله سبحانه وتعالى أن يفقهنا وإياكم في الدين، وأن يجعلنا من عباده المؤمنين المخبتين المخلصين، وأن يقر أعيننا جميعاً بعلو هذا الدين وظهوره وتمكينه في الأرض، وأن يرزقنا وإياكم الشهادة في سبيله حتى من كتب له في القدر أن يموت على فراشه، فهو قادر على ذلك إنه على كل شيء قدير.