المادة    
أرجو ألا أعيد ما قد سبق قلناه أو كتبناه، ولكن أوجز: لم يأتوا من أجل النفط، هم أحرص الناس على الدنيا نعم وعلى النفط، ولكن ليست القضية قضية نفط، نفط العراق مثل غيره من النفط يأخذونه بلا تعب وبلا حرج، ولم يأتوا من أجل خرافة أسلحة الدمار الشامل، ولم ينتهوا منها وسيظلون يكذبون ويكذبون وإن لم يجدوا فسيقولون: سنجد، أو وجدنا برميلاً فيه مادة كذا، وأي طالب في أي بيت من طلاب الكيمياء يمكن أن يضع شيئاً من هذا، سيظلون يخدعون شعوبهم ويخدعون العالم.
فالقضية ليست قضية أسلحة كيماوية ولا قضية نفط، أو قضية سيطرة أو هيمنة على الممرات الاستراتيجية أو شيء من هذا، كل هذه قد تأتي، لكن القضية التي جاءت بهم: هي نجاح الانتفاضة المباركة في زعزعة أمن إسرائيل، ووضعوا في حسبانهم إمكانية أن تزول هذه الدولة، فهرع الصهاينة من كل مكان في العالم، وجندوا أنفسهم وجاءوا من خلال هذه الإدارة الصهيونية الأمريكية لكي يعوضوا ذلك، ويحفظوا أمن إسرائيل، ولكي يتم القضاء على الانتفاضة وعلى من يؤوون من يقود العمل الجهادي في الأرض المباركة، ولذلك بدءوا يهددون لبنان وسوريا لأنها تؤوي حزب البعث -كما يقولون- والحقيقة أنها تسمح وتأذن بفتح مكاتب للمجاهدين أو المقاومة الفلسطينية فيها.
هذا هو السبب الحقيقي، وكل الاتجاهات تدل عليه، لماذا يأتون ويعينون حاكماً للعراق يهودياً صهيونياً ليكودياً، فيصبح اليهود يحكمون بغداد كما يحكمون فلسطين، هذا أحد الأدلة على ذلك، والتستر بالعمل الإغاثي والإنسان وغير ذلك هذه كلها خداع، ويخدعوننا به دائماً ويخدعون غيرنا، لكن نرجو أن هذه الأمة إن شاء الله لا تنخدع؛ لأنها قد عرفت ورأت ماذا يريدون وماذا يعملون.
الشاهد أيها الإخوة الكرام: أنهم جاءوا من أجل هذا الغرض، فبالله ماذا تظنون برب العالمين وفقكم الله؟ وأنتم والحمد لله من عباده المؤمنين، أيظن ظان يعرف الله عز وجل أنه ينصر من جاء لمعاونة أبغض خلق الله وأحقدهم، وأكثرهم عداوة لله ولرسله وملائكته وللمؤمنين، أن ينصره الله على المسلمين.. على المؤمنين؟! لا والله. لكن حكمته تبارك وتعالى اقتضت أن يستدرجهم إليه، يستدرجهم إلى أرض لا يستطيعون أن يقاوموا فيها، أرض سوف تنسيهم بإذن الله تبارك وتعالى ما حدث في فلسطين لأشياعهم؛ لأنها تملك من إمكانيات المقاومة ما لا يملكه إخواننا المحاصرون في فلسطين.
ولذلك نجد أن أكثر ما يخيفهم من أول ما نزلوا العمليات الاستشهادية، انظروا كيف وصلت رسالة الطفل الفلسطيني الاستشهادي أو المقاوم مباشرة إلى الأمريكان، أصبحوا يطلقون النار على كل من اقترب منهم، وهذا يعني أنه لا يمكن أن يسيطروا على البلد.
الدبابة تبقى ويبقى فيها من يبقى، لكن لا يمكن أن يسيطر على البلد إلا من ينزل ويديره أو يتعامل مع أهله، وهذا أصعب شيء على هؤلاء القوم في هذه الظروف وفي هذه الأيام كما ترون.