إذاً: هناك عبر كثيرة يمكن أن نأخذها من هذا:
العبرة الأولى: أن الحكام المجرمين الظالمين الذين يسطون على شعوبهم، ويمتصون دماءهم، ويأكلونهم في وقت الرخاء، ويظلمونهم ويحتقرونهم - لا يجدون وقت الأزمة إلا هذه الشعوب، ولا يدافع ولا يقاوم إلا تلك الشعوب، فعلى كل الحكام عرباً وغير عرب أن يعتبروا بذلك، وأن يقدروا شعوبهم حق قدرها، وأن يكفوا عن ظلمها والعدوان عليها، ولا يمكن أن يتحقق ذلك إلا بأن يحكم كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم في كل صغيرة وكبيرة، وأن ترد المظالم إلى أهلها، وألا يُنازع الناس في حقوقهم ومصدر رزقهم ومعاشهم؛ بل عليهم أن يُؤثروا على أنفسهم كما كان الخلفاء الراشدون رضي الله تعالى عنهم.
تأتي الأحداث لتؤكد أن هذه الأمة لها إرادة لا تموت، ولها إيمان لا يقتله بعثي ولا صليبي أو يهودي، ولله الحمد.
تأتي هذه الأحداث لتذكرنا بأن هذه الأمة أمة واحدة، وأنها كالجسد الواحد، وأن ما يجري هنا أو هناك يتأثر له الكل، فرأيناها -ولله الحمد- تقف صفاً واحداً من شرق الدنيا إلى غربها وهي كلها ضد العدوان، ومع إخوانها في محنتهم في
فلسطين أو في
العراق، وعندما حدث ما حدث في
العراق كانوا في كل مكان حتى في
فلسطين في الأرض المباركة أرض الرباط والشهادة، كانوا مع إخوانهم هناك لحظة بلحظة، وساعة بساعة، وهذا والله مكسب عظيم جداً، ولو يعلم الأعداء كم قدموا لنا من خير عندما وحدونا بهذا الشكل والله لا يفعلون ما فعلوا، وإنما هذا دليل على فشل خططهم، وعلى حماقتهم، وقد ثبت -ولله الحمد- تناقضهم وكذبهم سياسة وإعلاماً، ونحن الآن نحذر وأكرر التحذير من التأثر بكل ما يقولون وما يصرحون.
عندما كان لدينا مصدران للأخبار كان العالم كله يعرف كذب أولئك فيما يقولون وما يخبرون، فعندما قضي على هذا المصدر الآخر، وأصبحت المصادر الأخرى خائفة أو مترددة، أخشى أن يصدق كثير من الناس ما يقوله أولئك وما يُرجفون به، وهم في الحقيقة بدون أي شك عند العاقل المتأمل قد تورطوا.
وسبب هذه الورطة يرجع إلى أمرٍ مهم جداً وهو سبب مجيئهم إلى
العراق وإلى غيرها، إذا عرفنا السبب نتيقن بإذن الله تعالى بالنتيجة، فلماذا جاءوا؟