كيفية استغلال هزيمة أمريكا في تبيين حقيقة الإسلام والكفر
السؤال: إن بعد الأحداث التي ظهرت في العالم الآن، لم تعد لـأمريكا تلك المكانة كما كانت في سابق عهدها -لا نقصد المكانة والقدرة العسكرية- وقد انتقد إدارتها وأعمالها التعسفية المجتمع الأمريكي والشعب الأمريكي نفسه، فكيف يمكن للدعاة والداعيات استغلال هذه النقطة للدعوة إلى الإسلام، سواء دعوة الشعب الأمريكي، أو كل من كان يقدس أمريكا ثم تراجع عن ذلك؟
الجواب: أمريكا تمثل الآن القوة الطاغية في العالم، بل قبل أشهر في الحقيقة قبل أن تقع في المستنقع العراقي -كما يسمونه- كان الذين يكتبون عن أمريكا ومنهم بعض المفكرين، على سبيل المثال هيكل الكاتب المصري المعروف، يقول: لم يعد وصف الدولة العظمى يكفي لـأمريكا، إنما لا بد من استحداث وصف أكبر من ذلك بكثير؛ لأن المسافة بين أمريكا كدولة في مقدمة الدول العظمى وبين ثاني دولة بعدها كبير جداً -أمريكا تفوق الدولة الثانية بعدها بعشرين ضعفاً- فمعنى ذلك أنه لم يكن في السابق قوة متفوقة على قوة، أو كتلة متفوقة على كتلة، بل دولة من النوع الإمبراطوري البالغ العظمة ودول أخرى عظمى، أو ما أشبه هذا من العبارات.
المقصود أن هذا كله أصبح الآن موضع شك لدى كثير من الناس بعدما حدث في العراق، فالعراق البلد الذي حوصر السنوات الطويلة، البلد الذي عانى من صواريخ تأتيه من مسافة مئات الأميال أو آلافها ولا يستطيع أن يفعل شيئاً، البلد الذي عودي وضرب حتى تفشى فيه من أخبث أنواع الأمراض ما أدى إلى قتل عشرات الألوف بل ربما ما يقارب المليونين من الأطفال ما بين قتيل ومصاب بالسرطان وغيره، هذا البلد نفسه يضرب أروع الأمثلة في تمزيق الشعارات الكاذبة التي نسجتها أمريكا ونسجها الإعلام حول قوتها في الأرض.
في التقرير الذي نشرته وكالة اليونايتد برس مع بعض الصحف الأمريكية، وقد هز أمريكا هزة قوية وكثيراً من مفكري العالم، يقول: إن ثلاثة أشهر في العراق تعادل بخسائرها وهزيمتها ثلاث سنوات في فيتنام، وفيتنام كانت الكتلة الشيوعية معها، كانت الصين والاتحاد السوفييتي معها، وقوى أخرى، ووضع آخر، وطبيعة الغابات وكذا وكذا.. تختلف، ومع ذلك الشهر العراقي بسنة فيتنامية، معنى هذا أن هذه الأمة أمة مباركة وموفقة، ولا بد أن تنتصر في النهاية، ولتكن المرحلة الآن ليست مرحلة انتصار، ولا مرحلة التمكين، ولكنها حققت شيئاً عظيماً جداً وهو إمكانية المقاومة، يعني: إمكانية المقاومة هي أول قاعدة يبنى عليها البناء القوي بإذن الله تبارك وتعالى.
إمكانية المقاومة غير عادية على الإطلاق ولا تنبثق من مجرد القوة المادية، إنما انطلقت وانبثقت وقامت على أساس القوة الإيمانية والقناعة بالحق، عدالة القضية كما يحاول الغرب دائماً أن يعبر عنها، لا يشعر الجندي الأمريكي بأي عدالة في قضيته؛ لأن لا أسلحة دمار شامل موجود ولا غير ذلك من الكذب المروج له، وإنما احتلال من أجل المصالح لفئة معينة وشركات محددة بذاتها لتعمل في العراق، ينقلب ذلك إلى جحيم يصلى ويعاني منه كل فرد أمريكي في العراق ولا أحد يجعل نفسه في مأمن منه، بل إن الهجوم أكثر ما يستهدف مقر القيادة ذاته، في مقابل ذلك نجد أن الإنسان العراقي يتحلى بالإيمان؛ لأن المقاومين أكثرهم والحمد لله من أهل السنة وأهل الإيمان، ويحتاجون إلى دعوة لا شك، لكن هم على خير إذا ما قارنتهم بغيرهم في ذلك المجتمع، وهناك قدر غير منكر عالمياً وهو الإيمان بعدالة القضية وبالحق، وهنا تظهر حقيقة أن هذه القوة زائفة.
المقصود كيف ندعو وكيف نخلخل المجتمع الأمريكي من داخله، الواقع أن المفكرين في أمريكا عموماً ونحن نتكلم عن واقع قرأناه وتتبعناه عملياً: المفكرون وأساتذة الجامعات، الباحثون في المراكز وما إلى ذلك، ثم الكنائس أيضاً ما عدا الكنيسة الضئيلة التي ينتمي إليها بوش ومن معه، الكنائس أيضاً بما فيها الكنائس الكاثوليكية وأكثر الكنائس الأخرى كالكنيسة المشيخية والكنيسة المتحدة وغيرها كلها ترفض ما حدث، وحقيقة أن هناك فرصة لكي نخاطب الشعب الأمريكي الممثل في هيئاته الثقافية والدينية الرافضة للعدوان، لنقول له: إن ديننا هو كذا وكذا.. وإن الحق والعدل هو كذا وكذا.. ولكي ندعوهم إلى الله نكسب بذلك عدة أمور: منها: هدايتهم وهي أعظم مطلب لنا، ومنها كف شرهم وعدوانهم عنا، ومنها أن نثير أهل الحق منهم والعدل على أهل الباطل والظلم في هذه القضايا، فالفرصة مهيأة، وأنا أشكر الأخت التي نبهت إلى ذلك، ونحن ولله الحمد إذا قمنا بالقليل فإن الله تبارك وتعالى سوف يباركه بإذنه عز وجل.