السلاح الذي تواجه به المرأة المسلمة أعداءها
السؤال: المعركة بين الإسلام وأعدائه قائمة ومستمرة، وكل يوم تتجدد هذه الأسلحة ضد المرأة بالذات والأسرة، فما هو سلاح الأخت المسلمة في هذه المعركة الذي تصول به وتجول لإعلاء كلمة الله، والارتقاء بالدين، ودحر أعداء الإسلام واجتثاثهم؟
الجواب: سلاح المقاومة ذكره الله تبارك وتعالى في آيات كثيرة، إن كانت مقاومة قتالية في حال قتالهم لنا، وإن كان في حال هجومهم وتخطيطهم لإخراجنا من ديننا، فمن ذلك: الصبر فقد ذكره الله تبارك وتعالى في كتابه كما قال الإمام أحمد لما عرضت عليه المحنة: تأملت في كتاب الله فوجدت الصبر في أكثر من تسعين موضعاً: ((إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ))[الزمر:10] الصبر على هذا الدين .. الصبر لله .. والصبر بالله .. والصبر على أقدار الله .. والصبر على الطاعة وأدائها على أفضل وجه .. والصبر عن المعصية واجتنابها على أفضل وجوه الاجتناب والترك، والصبر عن الاقتراب أو الوقوع في الشبهات، مع الصبر على أقدار الله تبارك وتعالى، ومنها: تسليط الأعداء علينا، وإظهارهم لحكم يعلمها عز وجل، كل ذلك مطلوب.
وكل ذلك من الوسائل أو السلاح الذي تقاوم به المرأة المسلمة أعداءها.
كذلك التقوى، والتقوى والصبر متلازمان، فالمصطلحات أو الكلمات القرآنية تتداخل في معانيها، فالصبر واليقين والإحسان والبر والتقوى كلها تتداخل، لكن كل منها له معنى يخصه ولا يشركه الآخر فيه ولو في جزئياته، لكن عموماً التقوى والصبر لا بد منهما، وتقوى الله عز وجل أساس كل خير وفلاح، ولو لم يكن من ثمرات وفوائد تقوى الله عز وجل إلا أن من يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب، وأنه من يتق الله عز وجل يجعل له فرقاناً يفرق به بين الحق والباطل، ويعرف به الخير من الشر، فلو لم يكن إلا ذلك فهذا خير كبير وعظيم عند الله عز وجل.
ثم هناك الدعاء وهو سلاح المؤمن كما جاء في الحديث، وكما قال صلى الله عليه وسلم: {إنما تنصرون وترزقون بضعفائكم، بدعائهم وإخلاصهم} فلا بد أن نجتهد في الدعاء لهذه الأمة بالنصر والتمكين والرفعة، والدعاء على أعداء الإسلام المحاربين لدين الله تبارك وتعالى، والدعاء بالهداية لمن نحاول أن نجتهد في دعوته ليهديه الله تبارك وتعالى كما ذكرنا من قبل.
والدعاء أيضاً من التقوى والصبر، ولكن أيضاً خصوصيته بأنه ذكره الله تبارك وتعالى، ورأيناه في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، والأنبياء دعوا، فقد دعا نوح عليه السلام، ودعا موسى عليه السلام، ودعا إبراهيم عليه السلام، سواء كان الدعاء لقومه أو عليهم، وكذلك دعا محمد صلى الله عليه وسلم، بل إننا في الحقيقة في كل ركعة من صلاتنا ندعو فنقول: ((اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ))[الفاتحة:6-7] وهذا كله من الدعاء وهو من أعظم الأسلحة التي نقاوم بها أعداء الله تبارك وتعالى.
ومما يعيننا على المقاومة -وهو من الأسلحة العجيبة في هذا- الثقة واليقين بنصر الله عز وجل، وإذا أردتِ -أيتها الأخت الفاضلة- أن تعرفي حقيقة وأثر ذلك، فلتنظري كيف قص الله تبارك وتعالى علينا في كتابه الكريم قصص الأمم الغابرة، وكيف أرانا أيام الله في الذين خلوا من قبل وذكرنا بها، وكيف حدثنا عن مصارع القوم وعما آلوا إليه، وعما تركوا من جنات وعيون، وزروع ومقام كريم، وعن خذلان الله تبارك وتعالى لهم، كيف خانتهم قواهم وهم أحوج ما يكونون إليها، كيف يفرون من مساكنهم التي طالما عمروها، كيف تخونهم وتنهار أمامهم جيوشهم التي طالما جمعوها وألبوها، كيف تنهار وتخسر أموالهم وتكون حسرة عليهم وهم طالما جمعوها وكنزوها وأنفقوها لحرب هذا الدين الجديد.
وهكذا نجد عبراً كثيرة، ونحن نجد آيات يقرؤها الطفل المسلم -وهو لا يزال في المرحلة الابتدائية- تتحدث عن هلاك عاد وثمود وفرعون وأمثالهم، وهذا مما يعيننا أن نعلم أن عدونا الحاضر الآن إن كان الصهيونية العالمية وإن كان القوى الطغيانية الأخرى، وإن تألب علينا الشرق والغرب والمنافقون معهم من الداخل، فكل ذلك في الحقيقة إنما هو تكرار لما كان من قبل، والنتيجة واحدة، والمهمة التي علينا نحن هي: الصبر والاستمرار واليقين في أن مصير هذا الدين هو العلو والظهور والانتصار، ومصير أولئك هو الخزي والعار في الدنيا والآخرة، فالله تبارك وتعالى يقول: ((ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لانتَصَرَ مِنْهُمْ))[محمد:4] يعني: بجنده الذين لا يعلمهم إلا هو: ((وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ))[محمد:4] أي: أن هذا حكمة من الله عز وجل ليتميز المؤمنون عن أولئك، وليكون للنصر حلاوته وبهجته ورونقه، لماذا؟ لأنه يأتي بعد بذل الجهد البشري، بخلاف ما لو جاءنا مجاناً بمجرد أن نقول أننا آمنا: ((أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ))[العنكبوت:2] لا يمكن! ((وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ))[العنكبوت:3] لا بد لكي تظهر الحقيقة الساطعة والتي هي في علم الله ثابتة لكن تظهر في الواقع البشري حقيقة الصادق من الكاذب، ولكي يميز الله الخبيث من الطيب.
فاليقين في نصر الله عز وجل، واليقين في أن كل قوى الطغيان في الأرض ستنهار وتدمر بسبب واحد هو الأساس -وتأتي الأسباب المادية الأخرى تبعاً- وهو كفرها بالله وجحودها وبغيها وعدوانها، وكل ذلك من مظاهر الكفر وصوره، هذا يجب أن يكون حاضراً في قلب كل مؤمن، لكن: ((لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ * مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ))[آل عمران:196-197] مهما يكن فهو قليل، فأكبر طواغيت العالم الآن يحكم بلده أربع أو ثمان سنوات، قليل، ماذا يعني ذلك؟ نحن في عمرنا المحدود -أيها الإخوة والأخوات- أدركنا إمبراطوريات انهارت، أدركنا انهيار فرنسا وبريطانيا اللتين كانتا الدولتين العظميين، ثم انهيار الاتحاد السوفييتي وهذا أدركه أبناؤنا، وسوف نرى بقوة الله عز وجل انهيار القوى الطاغية الآن التي تتآمر علينا وعلى أمتنا، نسأل الله تبارك وتعالى أن يرينا فيهم عجائب قدرته إنه على كل شيء قدير.