حتمية الصراع والمواجهة بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان
السؤال: إن الإعلام الغربي يقوم بحملات وهجمات واسعة على ديننا وعقيدتنا، وتنشرها وسائل الإعلام المختلفة، فكيف نستطيع مواجهة هذا التحدي، والرجاء التنبيه على مدى خطورة هذه الحملات والهجمات؟
الجواب: نقول: أيها الإخوة! هذا الدين منذ أن أهبط الله تبارك وتعالى أبوينا من الجنة إلى الأرض، وأهبط معهما عدوهما وعدونا جميعاً: الشيطان الرجيم، ونحن نعاني من الكيد والمكر الشيطاني، ثم كان للشيطان أولياؤه وأتباعه الذين تكاثروا، والذين ذكرهم الله تبارك وتعالى في كتابه، فمنهم اليهود، ومنهم النصارى، ومنهم المشركون والمنافقون وغير ذلك من أولياء الشيطان الذين يمكرون مكراً لا تطيقه الجبال، ويكيدون لهذا الدين ليلاً ونهاراً.
ولا جديد في حقيقة هذا المكر، والله تبارك وتعالى يسلي نبيه صلى الله عليه وسلم فيقول: ((مَا يُقَالُ لَكَ إِلاَّ مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ))[فصلت:43] بأسلوب الحصر، ما يقال لك إلا ما قد قيل لأولئك الركب الطاهر المؤمن من قبل، فلا جديد في أصل الموضوع.
لكن الذي استجد أيتها الأخوات الكريمات: هو أن التقنية الحديثة ووسائل الإعلام الحديثة والتواصل البشري الذي نتج عن ثورة المعلومات التي تعيشها البشرية الآن، والتي يبدو أنها لا تزال في أولها، هو الذي جعل المشكلة تتضخم، وتصبح الفكرة، أو الموضة، أو الموجة، أو النزوة، أو الانحراف، أو الانحلال؛ يمكن أن يصبح في أرض ويمسي في أرض أخرى، ويشرق ويغرب في أرض الله تبارك وتعالى في أيام، بل ربما في ساعات أو دقائق.
هذا هو الذي استجدّ في هذا الموضوع، والذي ينبغي أن نتخذه في مواجهته هو مضاعفة وسائل الدفاع والهجوم معاً، والدفاع: بمعنى التحصين من الشهوات والشبهات، والقيام بواجب الدعوة إلى الله تبارك وتعالى، والجانب الآخر هو واجبنا أيضاً أن نقوم باستغلال هذه الوسائل الحديثة في الدعوة إلى الله عز وجل، والاستفادة من هذه التقنية والتقدم وهذا التطور في نشر دين الله الحق بفضائله وأخلاقه وسلوكياته؛ التي تعجز عن الإتيان بها كل الأنظمة البشرية الوضعية، فإن الله تبارك وتعالى هو الذي أنزل هذه الشريعة المحكمة، وجعل من عاداها أهل جاهلية، كما قال عز وجل: ((أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنْ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ))[المائدة:50] وكما قال تبارك وتعالى: ((ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنْ الأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ))[الجاثية:18] فنحن عندنا شريعة الجاهلية وهي شريعة الذين لا يعلمون، وهم الجاهليون الجاهلون بأمر الله ودينه الحق، وإن علموا ظاهراً من الحياة الدنيا فلا يضر ذلك كونهم جاهلين.
أقول هذا من جانب، والجانب الآخر هو: أن أعداءهم هم المؤمنون، الشريعة الإيمانية في جانب، والشريعة الجاهلية في جانب، والوسائل المادية هي مما يتنازعه الطرفان، كما كانت صناعة الرماح والسيوف مثلاً في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فتصنع للمؤمنين والكافرين، وهذا يقاتل بها دفاعاً عن دين الله وجهاداً في سبيله، وذاك يقاتل بها رياءً وكبراً وخيلاء وإظهاراً للباطل على الحق، وهكذا..
فالواجب علينا في هذه الحالة هو أن نعمّق الدعوة والإيمان من خلال الاستخدام الأمثل والأفضل لهذه الوسائل الحديثة التي تقوم بهذا السوء، ونحولها بإذن الله تبارك وتعالى إلى أداةٍ للخير، والبشائر في هذا والحمد لله مشجعة، وكل من جرب من الإخوة أن يستخدم هذه الوسائل رأى خير ذلك، والله عز وجل ينمي الخير ويباركه، ويحق الحق بكلماته ويمحق الباطل ويزهقه عز وجل ويدمغه، وهذا رجاؤنا وثقتنا فيه تبارك وتعالى.