المادة    
المذيع: برأيك هذا الشباب الذي يندفع لقتال الصليبيين -كما يسمونهم- ومن بينهم أحياناً المسلمون وأحياناً أبرياء، هذه الثقافة ثقافة القتل والعنف نتيجة ماذا؟
الشيخ: يجب أن نأخذ الظاهرة معزولة في حدودها، أي: لا يوجد في مجتمعنا هذا بالذات من ينتهج العنف في الدعوة إلى الله إلا أفراداً قلائل جداً لا يكادون يعرفون، هذا أول شيء. فالدعوة في بلادنا ولله الحمد، والمناهج والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هذه كلها تربي في الإنسان حب الدعوة إلى الله تبارك وتعالى والبذل والتضحية من أجل أن يهتدي الناس، كما علمنا النبي صلى الله عليه وسلم: {لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم} كما نقرأ في كتاب الله عن الأنبياء والرسل: ((وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا))[إبراهيم:12].
أما الظاهرة أولاً، وهي ظاهرة عالمية قبل كل شيء، وظاهرة عالمية في كل مكان، فأول من يجب أن يدان بها هو السياسة الأمريكية الجائرة الظالمة في جميع أنحاء العالم، ولا يوجد الآن دولة -تقريباً- في أمريكا الوسطى ولا دولة في وسط وجنوب أوروبا، ولا دولة في العالم الإسلامي وكذلك جنوب شرق آسيا، إلا وهناك عمليات ضد الأمريكان، وهذا دليل على أن الأمريكان استهدفوا العالم بالعداوة، وهذا لم يكن حاصلاً لـأمريكا قبل سنوات، بل كان الأمريكان في بلادنا هنا يسرحون ويمرحون على الشواطئ وفي كل مكان لا يتعرض لهم أحد، وكذلك أكثر بلاد العالم.
فأول من ينبغي أن تشير إليه أصابع الاتهام هو سياسة الغطرسة والعنجهية التي ينتهجها اليمين الأصولي المتطرف في الولايات المتحدة الأمريكية والذي يقود الإدارة إلى كل ما يريد أن يحقق من المآرب والخطط.
وهذا شيء عجيب جداً! ولعلي أستشهد بكلمة قالها مستشار ألمانيا، حيث قال: بعد انقطاع قرون من دعاوى الحرب وإعلان الحروب على الأمم باسم الإله -أي: بانتهاء الباباوات الكاثوليك- يفاجئنا رئيس أكبر دولة في العالم ويدعي أن الله فوضه بأن يسحق شعباً بكامله، وكل ذلك باسم الله ومن أجل الله. فإذا كان هذا يقال على لسان رئيس يمثل الحرية والديمقراطية والتقدمية إلى آخر ما يزيف به الغرب علينا وما يروجه من شعارات، وفي دولة تملك آلاف الجامعات والباحثين والمفكرين الذين يرون أنهم تجاوزوا مرحلة العصبية الدينية وغير ذلك، فلماذا نستغرب أن يأتي شباب إن كانوا هم الفاعلين في أي بلد من بلدان العالم الإسلامي أو غيره.
على أية حال ...في كل مكان كما قلت، لماذا تستغرب أمريكا أن يعمل ضدها؛ لينتقم منها أمثال هؤلاء، وهي صاحبة الإرهاب الأكبر.
أمريكا كما صرح نعوم تشومسكي وهو مفكر أمريكي شهير جداً، ومثلك لا يخفى عليه أنه يعرفه، والعالم كله يعرفه تقريباً، حتى قيل: إنه أكثر من يقرأ له بعد البايبل. أي: بعد مجموع التوراة العهد القديم والعهد الجديد، يقول: الدولة الوحيدة التي حكمت عليها محكمة العدل الدولية بأنها إرهابية هي الولايات المتحدة الأمريكية، وهي التي تمارس ذلك الإرهاب بكل أنواعه وأشكاله إلى حد أنها قيدت حرية الصحافة بدرجة كبيرة داخل أمريكا، إلى حد منع الذين يعارضون الحرب من إبداء آرائهم، فهي على كل المستويات تمارس الإرهاب، ومع ذلك إذا وقع ضدها شيء معين أو لا تحسب أنه ضدها وقبل أن يثبت فالمتهم هو الإسلام، وهم شباب الإسلام، وكل دعاة الإسلام عندها متهمون بالتطرف، وهذه البلاد وهذا الكيان الكبير والقلعة العظيمة الإسلامية هذه المملكة متهمة عند أمريكا قيادة وعلماء ومناهج وآمرين بالمعروف وناهين عن المنكر ودعاة قبل هذا الحادث وبعده، هذا في الدرجة الأولى.
  1. الفرق بين المعتدي والمخالف في الدين

  2. العوامل التي أدت إلى تفجيرات الرياض

  3. حاجة الشباب إلى التدين الصحيح