المبشرات في هذا المجال -ولله الحمد- كثيرة جداً، وربما يرد بعضها في ثنايا الحديث، وإنما نشير الآن إلى ما يتعلق بواقعنا الذي نشهده الآن، نشير إلى نصرٍ منّ الله تبارك وتعالى به على هذه الأمة وهي لا تزال في أول طريق الصحوة والتوبة، فكيف إذا رجعنا إلى الله أكثر وأكثر؟!
  1. الرأي العام العالمي يقف مع المسلمين ضد أمريكا

    انظروا! كيف جمع الله تبارك وتعالى قلوب أهل الخير والحق والعدل في العالم كله ليقفوا معنا ونحن لم نطلب منهم ذلك، ولا دعوناهم، بل إن أكثرنا ممن يملك الرأي والكلام والتأثير تجده مع العدو والعياذ بالله، لكن يريد الله سبحانه وتعالى أن يرينا أنه يريد بنا خيراً، وأن هذه الأمة إلى خير، فيجتمع الرأي العام العالمي من شرق الدنيا وغربها، ومن داخل أمريكا وبريطانيا نفسها ليرفض هذا العدوان وهذه الحرب، ويقولون: ما ذنب المسلمين؟ ماذا فعل بنا المسلمون؟ لماذا الإقدام على هذا العدوان؟ ولماذا الكيل بمكاييل ومعايير مزدوجة؟ ولماذا الانتقاء في الأعداء؟ تتركون أعداء مكشوفين يتحدوننا ويخرقون القوانين الدولية وتبحثون عن أي شيء لدى أي مسلم وعن أي علة وتجعلونها قضية كبرى؟!
    هكذا يقول الآن أهل الحق وأهل العدل، وأنا أعتبر هذا -وإن شاء الله أذكركم به فيما بعد- من الممهدات والمبشرات لينتشر الإسلام في الأرض، وليعي الناس الحقيقة، ويقولون: لم هذا الحقد؟ لم هذا الحسد؟ لم هذا الطغيان والغطرسة والكبر على أمة لم تؤذهم بشيء؟ وإنما هي المظلومة والمهاجمة والمعتدى عليها في التاريخ الحاضر بالذات وفي التاريخ القديم كله.
    فهذه مبشرات ولله الحمد ما كنا نتوقعها، حتى قال بعض الإخوة: تأملت فوجدت أن الانهيار السياسي والمعنوي في المواقف الصليبية الصهيونية بدأ يتضح جداً ابتداءً من يوم عرفة، من ليلة عرفة وهم في انحدار ونزول وتمزق وتشتت، وأعداؤهم يتكاثرون عليهم حتى من داخل بلادهم، وهذا من فضل الله ومن فضل الدعاء.. دعاء الصالحين في هذا المقام العظيم، تلك الدموع لا تذهب هدراً، تلك المناجاة والضراعات إلى الله تبارك وتعالى لا يضيعها الله تبارك وتعالى.
    فما علينا إلا أن نفرح بنصر الله، ونثق بوعد الله، ونبث هذا في الأمة دائماً.
    لا يجوز أن يتطرق اليأس إلى قلوبنا، ولا أن يهيمن أو يسيطر علينا أعداؤنا نفسياً؛ فننهزم قبل أن يأتوا إلينا وقبل أن يغلبونا في أي ميدان من الميادين.
    أضرب مثالاً آخر ولا أطيل فالأمثلة كثيرة جداً: كنا نعتقد ويعتقد العالم أن هذه الدول الكبرى المتغطرسة لديها من الأجهزة الدقيقة والتصوير والاستخبارات شيء يفوق الخيال، حتى كان الناس يظنون أنه من الممكن أن يسجلوك أو يصوروك في أي مكان، حتى في الإعلام عندنا يكتب ويقال: إنهم يعرفون رقم سيارة أي شخص، ورقم فنيلة أي شخص!! والكثير يصدقون هذا الكلام، فعندما اشتدت الأزمة في مجلس الأمن وقال الأمريكان: لدينا أدلة مثل الجبال -وتذكرون هذه العبارة- قالوا: عندنا جبل من البراهين، وجبل من الأدلة، فماذا قدموا ولديهم المليارات والأجهزة وكل شيء؟ قدموا بحثاً صغيراً، ويكتشف أن هذا البحث كتبه طالب في العراق قبل أكثر من عشر سنوات، وتصبح مسخرة وأضحوكة أمام العالم كله، وهذا الطالب أتوا به في عدة مقابلات في عدة محطات عالمية يقول: حتى الأخطاء المطبعية أتوا بها، وهم أمريكان وبريطانيون، فأين الدراسات؟ وأين المراكز؟ أين الاستخبارات؟ أين البراهين والإثباتات؟
    يريد الله تعالى أن يرينا -وما أكثر ما يفتح الله بهذه الأمور- حتى نستيقظ ونعي، ونرى كيف أن هؤلاء أحقر وأذل على الله تبارك وتعالى من أمثالهم من حشرات الأرض، لو كنا أمة حقاً على الجهاد وعلى التقوى وعلى الإيمان والدعوة إلى الله تبارك وتعالى على منهاج النبوة، والله لرأينا العجب العجاب.
  2. كثرة الدخول في الإسلام من القساوسة والمتقين والعوام

    كيف يفتح الله تبارك وتعالى في مثل هذه الظروف الصعبة، ويدخل في الإسلام من لم يكن يتوقع أن يدخل فيه، والحقيقة أن الأخبار كثيرة جداً والحمد لله، ويومياً -أؤكد لكم- تأتينا أخبار عن دخول كثير في الإسلام ممن لم نكن نتوقع منه ذلك! ولعل عندكم خبر إسلام كبار القساوسة في مختلف الكنائس في السودان، من الكنيسة المعمدانية والكاثوليكية والمشيخية والإنجيلية، القساوسة الكبار يسلمون في هذا البلد الفقير الذي ما قدم لهم أي شيء، بل العكس ضغطوا على الحكومة السودانية حتى تفتح لهم الكنائس وحتى تفتح لهم المجال، ومع ذلك الله تبارك وتعالى يأتيهم من حيث لا يحتسبون، وينزعج البابا وينزعج كارتر، وينزعج كل من يمثله أحد من هؤلاء، كيف يسلمون؟ وكيف يتركون هذه الدنيا والمناصب، ويذهبون إلى الخرطوم ويعيشون مع الفقراء المساكين البسطاء الدعاة!
    وكذلك في جمهورية أفريقيا الوسطى، كبير القساوسة لديه إذاعة يومية يبثها على الدولة كلها وفي ذات يوم يفتح الإذاعة ويقول: لدي كلام هام هام جداً! وبدلاً من أن يدعوهم -كما يقول كل يوم- ادخلوا في دين المسيح يقول لهم: ادخلوا في الإسلام، أسلموا فإني قد أسلمت وشهدت أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، حتى كاد أن يجن رئيس الدولة، والناس يستمعون ويقولون: من هذا؟ هذا هو القسيس نفسه الذي كل يوم نسمعه ماذا حصل له؟ كيف أسلم بهذه الطريقة؟
    وهكذا إخوانكم في الحبشة والكاميرون وتشاد قبائل تسلم ولله الحمد، وفي نيجيريا أيضاً قبائل تسلم، وعندهم إقبال على تطبيق الشريعة لم يشهد له أي نظير في أي وقت من الأوقات، وفي الفلبين وأندونيسيا.
    وفي العالم الغربي آخر ما بلغنا من إحصاءات أن عدد الذين دخلوا في الإسلام في أمريكا بعد الأحداث هناك ثلاثون ألفاً ولله الحمد، كل شخص من الإخوة يأتينا من أمريكا يقول: ما بقي عندنا كتاب عن الإسلام أو محاضرة أو شريط إلا وأُخذ وطُلب، بل يطلب يومياً ليقرأ الأمريكان عن الإسلام، وفي بعض الحالات عندما حُوكم بعض المسلمين في أمريكا أو اتُهم اجتمع الأمريكان متظاهرين -ومن هؤلاء أيضاً قساوسة أحياناً- مطالبين بالعدل معه ويتهمون الحكومة بالظلم في تعاملها مع المسلمين.
  3. تقدم الإسلاميين في نتائج الانتخابات بعد الأحداث

    الله سبحانه وتعالى علم ضعفنا ويعطينا مثل هذه الآيات والبراهين حتى لا نيئس ولا نجزع ولا نقنط، ولا نظن أن هذا الكفر بيده أن يفعل ما يشاء، لا والله! بل هم أحقر وأذل من ذلك بإذن الله تبارك وتعالى.
    ومن هنا، فإنه يجب علينا أن نقدر هذه النعمة، وأن نزداد نشاطاً في مجال الدعوة إلى الله تبارك وتعالى، وفي نشر هذه الصحوة المباركة التي أبشركم بأنها تشهد نجاحاً كبيراً جداً في كل بلد من بلاد العالم، فبعدما حدث في أمريكا ثم أفغانستان وبعد أن بلغت الهيمنة الأمريكية ذروتها حدثت انتخابات في كثير من بلاد العالم الإسلامي وإذا بالمسلمين يتقدمون فيها تقدماً كبيراً جداً.
    حدث هذا في باكستان وتركيا والبحرين والمغرب وفي دول أخرى، وفي بعض الدول حدث من الصحوة ما لم يكن في الحسبان، مثل: أندونيسيا ما كان أحد يظن أن هذا البلد إلا كما قال البابا من قبل وأمثاله: إن في عام (2000م) تكون أندونيسيا دولة نصرانية والعياذ بالله، وإذا بها تستيقظ يقظة عظيمة جداً فينتشر فيها تعليم اللغة العربية، والدعوة إلى الجهاد، ومقاطعة البضائع الغربية، والشعور بالأخوة الإسلامية، كذلك في الفلبين، كذلك في دول أخرى مثل: دول جنوب شرق آسيا.
    وفي تايلاند وفي كوريا الجنوبية وفي كمبوديا وحتى في فيتنام ثم في أمريكا الوسطى وأمريكا اللاتينية لم يكن للإسلام فيها إلا ذكر ضئيل بسيط، وفي هذه الأيام أصبح هناك إقبال هائل جداً على الدخول في الإسلام وعلى تعلمه، والبحث عنه.
    وفي أستراليا -ولله الحمد- أصبح لإخوانكم هناك إذاعة وصحافة، ولهم نشاط ملموس جداً يراه كل إنسان.
    إن هذه الصحوة المباركة التي دخلت -ولله الحمد- كل القطاعات، وبدأت تنتشر في منافذ لم تكن تعرف من قبل، هذه كلها إحدى المبشرات العظمى بأن هذه الأمة يراد لها الخير، ولذلك يجب -وأقول: يجب؛ لأننا قد نغفل عن هذه القضية- يجب ألا نستعجل، فالصحوة قائمة وقادمة ومنتشرة بإذن الله، فلنحذر أن نعرض هذه الصحوة لأخطار لا تطيقها ولا تحتملها في هذه المرحلة، ولنحذر أن نعرض هذه الصحوة المباركة للاختلافات والفتن والتشتت، التي هي الحالقة كما قال صلى الله عليه وسلم، الحالقة التي تحلق الدين والتي تفرق الأمة عن هدفها العظيم الذي قامت وتقوم هذه الصحوة المباركة من أجله وهو تجديد الدين، وإعادة الناس إلى العبودية الحقة لرب العالمين، على منهاج خاتم الأنبياء والمرسلين وأصحابه صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين.