المادة    
  1. إرضاء الناس من أجل دعوتهم إلى الله

     المرفق    
    السؤال: يقول حديث من طلب رضى الله بسخط الناس رضي الله عنه، ومن طلب رضى الناس بسخط الله سخط الله عليه أو كما قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
    وإننا في تعاملنا مع الناس ودعوتهم، قد نضطر أحياناً إلى إرضائهم، حتى نكسب قلوبهم، فهل هذا داخل تحت الحديث؟
    الجواب: ما دام غرضك من استرضائهم أن يؤمنوا بالله، وأن ينالوا رضى الله، فلا ينطبق عليك هذا الحديث -إن شاء الله- لأنك تريد أن تكسبهم لله لا لنفسك، ففي الحقيقة من كان هذا حاله فهو لا يبتغي رضى الناس بسخط الله، وإنما غايته هي رضى الله، لكي يؤمن هؤلاء، فيرضى الله عنهم بإيمانهم، ويرضى عنه بدعوته هؤلاء، ومما يرضاه الله لنا أن نستميل قلوبهم، وأن نخاطبهم بالحكمة واللين؛ لكي نكسب قلوبهم، ويؤمنوا بالله، فهذا مما ما يرضاه الله وهو مما شرعه.
  2. حكم الدول والشعوب التي تحكم وتتحاكم إلى القوانين الوضعية

     المرفق    
    السؤال: ما حكم الدول التي تحكم بالقوانين الوضعية، والشعوب التي ترضى بهذه القوانين، وما هو الحل الأمثل لتجنب ذلك؟
    الجواب: قد بين الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى حكم من أراد التحاكم إلى غير شريعته فقال: (( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ))[النساء:60] فجعله الله زعماً، وأشار إليه على طريق التعجب، وجعله زعماً لا حقيقة له: ((أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً))[النساء:60] فاختاروا حكم الطاغوت على حكم الله.
    فمن اختار ذلك فهو كافر، سواء أكان حكومةً أم شعباً، وإن قال بلسانه: إننا نريد الدين، أو نريد الإسلام، أو إن حكم الإسلام أفضل، فما دام اختار غير ذلك من القوانين الوضعية وأراده وحكم به فهو كافر، فرداً كان أو حكومةً، أما من يحكم بالقوانين الوضعية وهو مكره فهذا حالة استثنائية ونحن نتكلم على القضايا العامة الأصلية.
    فنتأكد أولاً هل الإكراه متحقق فعلاً، أم هو كما قال الإمام أحمد عندما قيل له: إنهم يكرهوننا، وذكروه بحديث بلال فقال: ''إن بلالاً وعماراً وأمثالهم ضربوا، وأنتم قيل سنضربكم فقلتم القرآن مخلوق'' أي: أنتم ما ضربتم، بل قيل: سنضربكم، فهنا لم يتحقق الإكراه، ففرق بين هذا وهذا، وليس كل من قال: أنا مكره فقد تحقق فيه الإكراه، أو يقول: هذه وظيفتي، ماذا أفعل؟! فنقول: ليس هذا عذراً، وما هو بإكراه، بل لا بد أن تجتهد، وأن تبحث عن بديل، وأن يرى عليك أثر الإكراه، أما أن تعيش عمرك كله في هذه الوظائف، وتقول: مكره فلا، وهذا غير صحيح، وعليه فإنه يجب أن تدرس كل حالة فإذا تبين أنه مكره، وتنطبق عليه حقيقة الإكراه، فهذه حالة عارضة مستثناة، ولا تؤثر على الأصل.
  3. شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله لابد من شروطها حتى تتحقق

     المرفق    
    السؤال: فضيلة الشيخ في قولك: إن شهادة أن لا إله إلا الله محتاجة إلى شروط حتى تقبل من قائلها، فكيف نجمع بينها وبين حديث الغلام اليهودي الذين قالها عند احتضاره بعد أن وافقه أبوه على النطق بها؟
    الجواب: هذا السائل يسأل ويستدل بحديث الغلام اليهودي، الذي قال له صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {قل لا إله إلا الله، فنظر إلى أبيه فقال أبوه: أطع أبا القاسم، فقال: لا إله إلا الله} كما يقول: إن هذا لم يأت بالشروط، وأنت قلت لابد أن تتحقق الشروط، وهذا قال لا إله إلا الله ونجى من النار فقط، فنقول أولاً: نعود للقاعدة نفسها فعندما نتحدث عن القاعدة العامة، أن المسلمين يقولون: لا إله إلا الله وهم أحياء، ويمشون، ويعملون، فهؤلاء نقول لهم: حققوا معناها وشروطها ومقتضاها، أما في حالة الاحتضار فهي حالة مستثناة.
    ثم نقول: يا أخي الكريم: كيف عرفت أن الغلام لم يقلها بيقين، وإخلاص، ومحبة ورضا؟! فإن قلت: قالها كذلك، قلنا هذه هي الشروط، وهذا الذي نقوله، وإن قلت لم يقل كذلك، قلنا: من أين لك ذلك؟! ولا يجوز هذا لأنك لم تطلع على قلبه، فالأصل أنه ما نظر إلى أبيه إلا خائفاً، ولذلك لم ينتظر بعد قول أبيه: أطع أبا القاسم، حتى انشرح لها صدره فقالها بانشراح صدر كما هو ظاهر الحال، واستجاب لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلا بد أنه ما قالها إلا بهذه الشروط.
  4. مسألة عدم الرضا بحكم القاضي

     المرفق    
    السؤال: عندما يحتكم شخص إلى قاض في المحكمة، ثم يحكم القاضي عليه، فيشعر أنه مظلوم، فهل هذا الشعور يعتبر من عدم الرضا بحكم الله؟ الجواب: فرق بين أنك تشعر أن القاضي ظلمك، ولم يحكم فيك بحكم الله، الذي هو العدل والحق ولو حكم فيك بحكم الله لقبلت ورضيت، فتعترض في هذه الحالة على عمل القاضي، الذي هو بشر، فقد يخطئ فعلاً، وقد يرتشي، وقد يظلم والعياذ بالله، وهذا قد يقع، فرق بين هذا وبين أن يكون الاعتراض على الحكم ذاته، كما لو حكم لامرأة أن لها نصف ميراث الرجل، فتقول: كيف ذلك، لابد أن آخذ مثل أخي بالمساواة، فهذا اعتراض على الحكم، وعلى الشرع ذاته، وليس على فعل القاضي، فهذا لا بد أن يُتنبه له. ثم الأولى والأفضل في حق المؤمن أن يصبر، وأن يرضا بحكم القاضي، ما لم يكن يعلم علم اليقين أنه ظالم له، وأن يحتسب ذلك، فربما كان يتوهم أنه محق؛ ولكن في الحقيقة أن الحق لخصمه، الذي حكم له ذلك القاضي.
  5. تحاكم القبائل عند رؤسائها، وعدم الرجوع إلى المحاكم الشرعية

     المرفق    
    السؤال: إذا حدثت مشكلة بين القبائل ذهبوا إلى الآخرين، ثم وضعوا المعاديل واحتكموا لديهم، ويحكمون بالذبح وباليمين، فما حكم ذلك؟ وما هو البديل؟ وما دور الشباب والدعاة؟ الجواب: حقيقة هذه مشكلة كثيراً ما تقع، وكثيراً ما تأتي الأسئلة عنها، وأحوال القبائل والمناطق تختلف فبعضهم يغالي في هذا، وعندهم أحكام طويلة عريضة جداً، وبعضهم لا يتجاوز أن يجتمعوا مثلاً، أو أن يصلحوا، ولذلك أقول هذه الأمور يحتاج فيها إلى تأصيل قضايا معينة. فالأصل الأول: أن نذيع ونشيع بين الناس العلم الشرعي، حتى يعرفوا حكم الله، وحتى يعرفوا معنى الرضا بالله، ومعنى الرضا برسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وحتى يعرفوا أحكام الله، وحدود الله، فلا يتجاوزوها، ولا يتعدوها، وأن نبين لهم كفر التحاكم إلى القوانين الوضعية، والأعراف الجاهلية، وأنها من الشرائع الوضعية. أما الأصل الثاني: فهو التوعية والدعوة، وهو حل لكل المشكلات في العالم وفي الأمة. وأما الأصل الثالث: أن تقوم المحاكم الشرعية أو وزارة العدل بواجبها. أولاً: بنشر المحاكم الشرعية، فبعض الناس لا يريد أن يتكبد المسافة إلى أقرب محكمة شرعية، حيث إنها تبعد عنه مائتي كيلومتر وأحياناً ثلاثمائة كيلومتر، فلا يذهب إليها وقد تقول الوزارة: أين طلابكم في الجامعات الذين يرفضون القضاء؟! فيجب عليكم معشر الشباب، من كان منكم أهلاً للقضاء ألا يمتنع عن ذلك، وإن كان طلب القضاء في الأصل ليس مستحسناً بلا ريب، ولكن لا تترك الدنيا بلا قضاة، أو يؤتى بالقوانين الوضعية، فيجب عليكم كما يجب على الوزارة تأمين وتوفير المحاكم الشرعية. ثانياً: يجب على المحاكم الشرعية أن تفصل في القضايا، وأن تسرع في ذلك، لأن الناس يرون أنه إذا تخاصم اثنان فأولاً: تذهب القضية إلى الشرطة، والشرطة أكثر الناس لا يثق فيها، ثم تحال إلى الإمارة، ثم المراكز، والمراكز تحيل إلى الإمارة الفرعية، ثم إلى المنطقة، ثم تذهب إلى الداخلية فتستمر شهوراً، فيقع في أثناء ذلك بين الناس من الخصومة والقطيعة، وقد يقع القتل، وقد يقع غير ذلك، وهذا يسجن ظالماً أو محقاً، وهذا طليق ظالماً أو محقاً، فأمور كثيرة لا تتدارك، فيجب أن توضع إجراءات قضائية مرنة، بحيث إن المحاكم الشرعية رأساً تتولى القضية، وتحكم فيها ولو صلحاً، أو أن تعين هي من يقوم بالصلح من أهل الدين والخير، بحيث لا يكون هناك مخالفة للشرع، فهذه بعض الحلول العامة، أما الواقع فهو أكبر من ذلك، ولكن لا حيلة فيه والله المستعان.
  6. كيفية الرضا بالمعصية وهي من قدر الله

     المرفق    
    السؤال: إذا فعل الإنسان المعصية وهي من قدر الله، فكيف يكون الرضا بها، وكذلك الطاعة؟
    الجواب: هذه قضية مهمة، ولا نطيل فيها؛ لأن موضوع القضاء والقدر يحتاج إلى شرح وإفاضة، فنقول: إذا فعلت - أنت العبد الذي خلقك الله لتعبده وتتقيه - ذنباً من الذنوب، فكيف ترضا؟! أليس مطلوباً منك الرضا؟ لا ترضا عن نفسك أنها فعلت الذنب، فعليك أن تتوب وتبادر بالتوبة والندم والاستغفار، ومع التوبة والندم والاستغفار، والعزم على ألا تعود، ترضى أن الله تعالى كتب لك ذلك، فهي من جهة الله أمر نرضى به، لكن من جهة الشيطان، ومن جهة نفسي أنا لا أرضى به ولا أقبله.
    مثلاً: أبو الدرداء رضي الله عنه الذي ذكرنا كلامه آنفاً، وقد أسلم متأخراً، أليس الكفر أعظم الذنوب؟ فهو يرى أن التأخر في إسلامه قد فوت عليه شيئاً كثيراً؛ لكن ماذا كان حاله رضي الله عنه؟ كان كحال كثير من الصحابة حيث رضي بما أختاره الله له، فقال: إن الله تعالى ما اختار لي أن أسلم إلا عندما أسلمت: ((وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ))[يونس:100]، فقبل بذلك، ورضي بقدر الله، أنه لم يجعله من السابقين الأولين، هذا من الرضا؛ لكن من جهة نفسه، فعليه أن يلوم نفسه، فأي إنسان منا عليه أن يلوم نفسه، لماذا لم أتعجل؟! ولماذا لم أبادر؟! فهذا حق، وهذه حقيقة النفس اللوامة، وهي نفس المؤمن تلومه أنه فعل كذا من المعصية،ولم يفعل كذا من الطاعة.
    فهو من جهة أنه قدر الله نرضا به، ومن جهة أنه فعل العبد لا نرضا به، كما لو جاء أحد وقطع الإشارة، وصدم بسيارتك وكلَّفك، فترضى من جهة أنه قدر الله، ولكن من جهة الذي صدمك واعتدى وأخطأ عليك، فلك الحق أن تخاصمه، وأن تحاسبه، فالمسألة فيها جهتان كل منهما تنفك عن الأخرى، وكل عمل وكل فعل له جهتان.
  7. بغض الكفار دليل على الإيمان

     المرفق    
    السؤال: هل بغض أهل الكفر والنصارى في أمور الدنيا والدين دليل أكيد على محبة الله ورسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ أي: إذا كان يبغض الكفار ويعاديهم، هل هذا دليل على أنه يحب الله ورسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ الجواب: نعم. هو أحد الأدلة إن شاء الله، لأنه لا يجتمع في قلب العبد أن يحب أحداً ويحب أعداءه، فإذا أحب الله فلن يحب أعداء الله، فإذا أبغض أعداء الله، أي يكون حبه لله، وبغضه لله، فإنه يكون من أهل الإيمان، ويذوق طعم الإيمان بإذن الله.
  8. حكم الإعراض عن تعلم أمور الدين

     المرفق    
    السؤال: ما حكم الذين يعرضون عن تعلم أمور دينهم عن طريق المحاضرات، والندوات، والمواعظ، ويكرهونها مع أنهم يصلون مع المسلمين، لكن إذا دعوا إليها لا يقبلون ذلك؟ الجواب: نقول: إنهم لا يرضونها ويعترضون عليها؛ ولذلك لا يحبونها فلا يقبلونها فهناك تفصيل لذلك. نقول: الاعتراض أو الإعراض عن دين الله تعالى من أصله، لا يعلمه، ولا يتعلمه ولا يتفقه فيه فهذا أحد أنواع الكفر، لأن صاحبه لن يعرف ربه، ولا دينه، ولا رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فإذا أتيح لإنسان بمقدار ما قدر الله تعالى له أن يتعلم دينه أو أن يتفقه فيه، فلا يجوز له أن يعرض عن ذلك، وإلا كان -فعلاً- غير راضٍ عن هذا، معترضاً عليه بنوع من الاعتراض، جلياً كان أو خفياً، فالواجب على الإنسان أن يفرح برياض الجنة، وإذا مر بها أن يرتع فيها، وأن يحمد الله تبارك وتعالى على وجودها، وأن يشكره على ذلك، وأن يجتهد ما استطاع وكل بحسبه، لا نكلف العاملين أن يحضروا الحلقات العلمية؛ إذا لم يكن عن إعراض ونفور، وإنما لا يفقهها أو فوق طاقته ومستواه، فهذا معذور، ولكن عليه أن يحبها، وأن يحرص عليها، وأن يدعو إليها، وينبه إخوانه عليها.
  9. حكم اتخاذ مناهج دعوية مخالفة لمنهج الرسول صلى الله عليه وسلم

     المرفق    
    السؤال: هل يكون اتخاذ مناهج دعوية غير منهاج الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الاعتراض على حكمه أم لا؟
    الجواب: لا شك في ذلك، ولذلك يقول: ((قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ)) [يوسف:108]، فمن قَدَّم على منهج رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومنهج السلف الصالح في الدعوة أي منهج آخر فقد اعترض عليه، وهو نوع من أنواع الاعتراض سواء أكان هذا المنهج ينتمي إلى طائفة، أم إلى جماعة، أم إلى حزب، أم إلى إمام كائناً من كان، فإذا خالف ما جاء عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فهذا نوع من التقليد المذموم، والتعصب المذهبي المذموم، الذي يجعل صاحبه يغلو في إمامه، فيقدم كلام إمامه أو مذهبه على ما جاء عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من أحكام، وحلال وحرام.
    ومثله من يغلو في شيخ، أو مؤسس لجماعة، أو حزب إسلامي، أو أي معنى من هذه المعاني، فيغلوا فيه، ويقدم كلامه، وكتبه، وآراءه، وطريقته، ومنهجه، على طريقة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعلى منهج السلف الصالح، فلا ريب أن هذا نوع من أنواع الاعتراض، وأن فاعله لم يحقق الرضا برسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأنه لم ينتف الحرج من قلبه، أو ربما لم يسلم تسليماً كاملاً، كالذين لا يبدءوا دعوتهم بالتوحيد، لا شك أن هذا مخالف لما جاء به النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لأن أعظم ما جاء به النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هو التوحيد ولا ريب في ذلك، وهو أول ما دعا إليه، فلما بعث معاذاً وغيره، كان يقول لهم: {فليكن أول ما تدعوهم إليه أن يوحدوا الله، أو شهادة أن لا إله إلا الله}، فهذا مثال ولا بد أن يعلمه الجميع.
    مثلاً: من يظن أن في الإمكان أن يجمع الناس مجرد جمع على أن ينتخبوه ليحكم، فإذا وصل إلى الحكم، فقد نال الهدف فيقيم الإسلام والدين، فهذا مخالف لمنهج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الدعوة؛ لأن منهجه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هو التزكية، والتربية، والاصطفاء، والاختيار لقوم يحملون هذا الدين عن حق، وعن يقين، ويجاهدون في سبيل الله حتى يقوم هذا الدين، فكذلك من يريد أن يقيم دين الله تبارك وتعالى من غير صبر ولا مصابرة، وإنما كل من عارضه قاتله، فهذا مخالف لمنهج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والأنبياء في الدعوة؛ لأن أنبياء الله ورسل الله يقولون: ((وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا))[إبراهيم:12]، فكان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يمسح الدم عن وجهه ويقول: {اللهم اغفر لقومي فإنهم لايعلمون}.
    فإذا جاءت دعوة، أو طائفة، أو حزب، أياً كان واستحلوا أن يقاتلوا من خالفهم، ولم يمروا بمرحلة الصبر والابتلاء، والتزكية، فإنهم قد خالفوا منهج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الدعوة، فهؤلاء هم نوع من أنواع المقلدين.
    والتقليد لا يكون فقط في الأحكام الشرعية؛ بل يكون كذلك في المناهج الدعوية، والواجب هو تجريد المتابعة لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأن لا يقدم بين يدي الله ورسوله، وأما ما يجب منا نحو هؤلاء أو نحو غيرهم فهذا له موضوع آخر، وليس هذا المقام مقام التفصيل فيه.
  10. حكم الاعتراض على حكمة الله

     المرفق    
    السؤال: إذا أصابت إنسان مصيبة ثم اعترض على حكمة الله، وأخذ يسب من سبب له هذه المصيبة، هل يعتبر معترضاً على حكم الله، أو يعتبر كافراً، وما سبيل التوبة سواء أكفر أم لم يكفر؟
    الجواب: إذا كان فعلاً اعترض على فعل الله، أو على قدر الله، فالواجب عليه أن يبادر إلى التوبة، كفر أولم يكفر، وهذه الحالة الأحوال فيها تختلف، لكن إذا تاب من ذلك فإن كان كفراً فقد تاب وعاد بالإيمان، وإن كانت كبيرة فقد تاب وعاد إلى الطاعة، المهم أن يتوب من ذلك، وأن يثوب إلى رشده، وأن يستغفر الله تعالى، وأن لا يعترض على الأمر من جهة أنه قدر الله، أما إذا اعترض من جهة أنه فعل العبد كما بينا؛ فهذا شأن المخلوقين جميعاً، إلا من كان من أصحاب النفوس العالية جداً، الذين يقابلون الإساءة بالإحسان، فهذا من الإحسان، وهو مطلوب ومشروع وليس واجباً، لأن العدل حقٌ، أما الإحسان فهو تكرم وتفضل، فالأليق والأولى بالدعاة وبطلبة العلم هو العفو والصفح والإحسان ومقابلة الإساءة بالإحسان، فهذا الذي يليق بالدعاة، لكن في حق عامة الخلق لا يمنع من حقه ((وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ))[النحل:126]،((وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا))[الشورى:40] لكن من عفى وأصلح فهذه درجة أخرى، نرجو أن نكون جميعاً من أولئك.
  11. الواجب تجاه إخواننا المجاهدين في أنحاء العالم

     المرفق    
    السؤال: ما هو واجبنا تجاه إخواننا المسلمين في البوسنة والهرسك وغيرها؟
    الجواب: واجبنا تجاه إخواننا المسلمين، في البوسنة والهرسك وغيرها، ما نستطيع ونحن نستطيع أمرين لا عذر لنا فيها:
    الأول منهما: الدعاء، والدعاء شأنه عظيم وجليل، ودائماً أذكر به إخواني ونفسي، فلا نحقر الدعاء لهم في القنوت، وغيره وأن ندعو على الكافرين أيضاً مطلقاً، وندعو للمؤمنين مطلقاً، وإن خصصنا بعض الكافرين، أو دول الكفر التي لا شك أنها تحارب هذا الدين فلا بأس، ونرجو أن يتقبل الله وأن يستجيب لهذه الدعوات.
    وأمر آخر إضافة إلى الدعاء، ألا وهو المال ونحن -والحمد لله- باستطاعتنا أن ندفع بقدر ما نستطيع، والقليل يجعله الله تبارك وتعالى كثيراً، ويبارك فيه، ولو جمع من كل أحد من المسلمين، وإن قل لكان كثيراً في النهاية، ولنفع الله به إخواننا هنالك، والحمد لله لا يكاد يمر أسبوع، إلا ويسافر من نعرفه معرفةً شخصية ونثق به ونعطيه المبلغ يداً بيد، فهذا فلا عذر لأحد أن يقول: لا ندري أين توضع هذه المبالغ، أو تصل أو لا تصل!
    فإنهم يأخذونها ويسلمونها يداً بيد إلى إخوانكم المجاهدين أو المنكوبين، كما في الصومال وغيرها، والحمد لله فهذا من فضل الله علينا وعلى الناس.
  12. حكم شراء المبيعات التي فيها علامة الصليب والنجمة السداسية

     المرفق    
    السؤال: كثير من المبيعات التي نشتريها الآن كالسيارات والملابس يكون عليها رموز كالصلبان، والنجمة السداسية فما الحل؟ الجواب: على كل حال الصلبان انتشرت هذه الأيام، والنجمة السداسية اليهودية انتشرت، بحيث أصبح الإنسان مهما تحرز لربما رآها في نفسه، أو في أولاده، أو في بيته، بل ربما أحياناً في المساجد، وهذا دليل على الغزو الخبيث المبطن، الذي يريد أن يجتاز هذه الأمة، وأن يمسخها ويحولها إلى تابع ذليل لأهل الكتاب من اليهود والنصارى، وما في السيارات وما في الملابس ما هو إلا أمثلة من هذا، والله المستعان. والحمد لله رب العالمين.