المادة    
  1. حكم استشعار الأمن في الدنيا

     المرفق    
    السؤال: الذي يستشعر أنه آمن في الدنيا، هل هذا هو الأمن المقصود في قوله تعالى: ((الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ))[الأنعام:82] وهل يكون مخطئاًَ أو مصيباً بهذا الشعور؟
    الجواب: الأخ يتعرض لموضوع الأمن في هذه الدنيا، فهو يقول: ((أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ))[الأنعام:82] هل هذا الأمن يكون في الدنيا، والذي يستشعر هذا الأمن في الدنيا هل يكون مخطئاً أم مصيباً؟
    فنقول: هناك تفصيل لا بد أن يكون في هذه المسألة:
    أولاً: هذا الأمن وهذا الاهتداء: (( أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ))[الأنعام:82] هو للمؤمن الموحد في الدنيا والآخرة ولا ريب في ذلك، وأعظم أمن يأمنه الإنسان في الدنيا، هو أن يطمئن قلبه بذكر الله: ((أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ))[الرعد:28] فيأمن بذلك ويسكن إليه، والاهتداء بأن يكون مستقيماً، كما ندعو ربنا تبارك وتعالى في كل ركعة: ((اهدنا الصراط المستقيم) ولكن هذا الأمن والاهتداء لا يكون لمن أعرض عن ذكر الله: ((وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى))[طه:124] فمن أعرض عن ذكر الله ليس له أمن حتى في هذه الدنيا، فلا يطمئن أو يأمن ولا يستقر له قرار أبداً، ولو أوتي من كنوز الدنيا جميعاً.
    وهذه الدول التي يسمونها متطورة ومتقدمة، وكل الرفاهية الدنيوية موجودة، مع ذلك يوجد الشقاء فيها، حيث الانتحار والقلق والجرائم والفساد والتفكك العائلي، شيء رهيب جداً، هذا من ناحية.
    ومن ناحية أخرى هل يعني ذلك الأمن أن الإنسان يأمن أنه ليس منافقاً، وليس مشركاً؟
    ليس هذا هو المقصود، بل الواجب في هذا أن نخاف منه، يقول الحسن البصري رحمه الله عن النفاق: [[ما خافه إلا مؤمن وما أمنه إلا منافق]] فالمؤمن يخاف من النفاق، ويقول ابن أبي مليكة وهو من التابعين: [[أدركت ثلاثين -وفي بعض الروايات قال: ثمانين- من أصحاب محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كلهم يخشى على نفسه النفاق]].
    ولهذا لما قال الله تبارك وتعالى: ((وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ)) [المؤمنون:60] فسرها النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -والحديث له طرق يشد بعضها بعضاً- لما سألت عائشة رضي الله عنها: هل هم الذين يزنون ويسكرون ويتبرجون في الأسواق، ويتعاطون المحرمات -والعياذ بالله- فهؤلاء يفعلونها ويخافون من الله، فهل هؤلاء هم المقصودون في الآية؟
    لا، هؤلاء ليسوا مقصودين في الآية، بل هم الذين يصلون ويصومون ويحجون ويزكون، ويفعلون الطاعات، ولكن يخافون ألا تقبل منهم.
    فإذاً المؤمن مهما اجتهد واستقام فإنه يضل خائفاً، حتى قال بعض الصحابة: [[لو وضعت قدمي اليمنى في الجنة، ما أمنت حتى أضع الأخرى]] وهذا من شدة خوفهم رضي الله عنهم، فالمؤمن يخاف من هذه الناحية، لكن هو مطمئن -والحمد لله- من ناحية أخرى أنه عرف الله، واطمأن بذكر الله، فهو مرتاح من هذا الجانب.
    ولذلك ما أصابه من مصيبة أو هم أو غم أو أذى؛ فإنه دائماً يسكن ويشعر بهذا الاطمئنان الذي لا يجده أحد أبداً إلا من كان مؤمناً بالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
    ففرق بين هذا وبين هذا.
  2. مرتكب الكبيرة والمبتدع هل يكون مع أصحاب اليمين أو أصحاب الشمال

     المرفق    
    السؤال: الزاني والقاتل وآكل مال اليتيم إذا لم يتوبوا هل يأخذون صحائفهم باليمين أم بالشمال؟ وصاحب البدعة إذا لم يتب هل يأخذ الصحيفة باليمين أو بالشمال؟ وما صحة الحديث: {إن الله حجب التوبة عن كل صاحب بدعة حتى يدعها} أو كما قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟
    الجواب: هذه قضية فيها إشكال، وهي أننا قلنا: أن أصحاب الكبائر هم من أهل الوعيد.
    وداخلون في الوعيد فيأتي الإشكال عند بعض الناس، يقول: عندما يموت الإنسان تأتيه الملائكة، إما أن تأتيه ملائكة الرحمة، وهذا ليس فيه إشكال،إن جاءته باعتبار أنه من المقربين أو من أصحاب اليمين. وهذا واضح.
    فالقسم الرابع في سورة فاطر، الذين هم الكفار -أصحاب الشمال- مصيرهم معروف.
    لكن الإشكال في الثالث الذي في سورة فاطر أي: الظالم لنفسه.
    فمثلاً: مرتكب الكبيرة عند الموت هل يموت ويُتوفى على أنه من أصحاب اليمين أم على أنه من أصحاب الشمال؟ فالزاني وشارب الخمر والمهمل في صلاة الجماعة ومن يعق والديه ومن يتعامل بالربا، هذا نحن متفقون قطعاً أنه ليس من المقربين أو السابقين.
    فإما أنه في أصحاب اليمين، وهذا فيه إشكال، إذ كيف يوضع معهم، وهو متوعد أنه من أهل النار.
    وإن قلنا: أنه مع الكفار، فهؤلاء كفار وهو ليس بكافر.
    فنقول: حل هذا الإشكال من جهتين:
    الجهة الأولى: أن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى في القرآن يعبر ويبين لنا أعظم الأمور، وغاياتها، أي: عندما يتكلم عن المؤمنين يعطينا غاية وكمال الإيمان, وعندما يتكلم عن الشرك والكفر فإنه يعطينا غاية وكمال الكفر وحقيقتة الكاملة، ولا يبين الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ما كان دون ذلك من درجات، مثل البيان الشافي الكامل الكافي لهؤلاء.
    فهذا القرآن فرقان يفرق بين الكفار المؤمنين، فهما خطان واضحان متمايزان، لكن كون أهل الوجوه أو الصحائف المبيضة بعضها أكثر بياضاً من بعض، وكون هذه القلوب بعضها أكثر إيماناً من بعض، فهذا شيء آخر غير مسألة بيان هذا من ذاك.
    فالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يبين لنا المؤمنين أصحاب الدرجة العليا في الإيمان، وعندما يتكلم عن الكافرين يبين لنا الصورة المطلقة من الكفر، وهم الجاحدون المكذبون الذين لا يعرفون الله أبداً.
    وأما ما دون ذلك فالتفصيل متروكٌ فيه، وليس هو السائد والأغلب في القرآن، ولكن جاءت السنة ففصلت فيه أكثر.
    الجهة الثانية: أن هذه مراحل وعقبات طويلة، فلا ننظر لها من زاوية أخذ الصحائف، أو ملائكة العذاب عندما تأتيه فقط، بل نقول: الإنسان خاتمته بمجموع أعماله -بمجموع العمل الصالح أو مجموع العمل السيئ- فهذا المذنب لو فرضنا أنه آكل مال يتيم،أو زانٍ هذا إن كان مجموع عمله -والله تعالى عليم بما يفعلون: ((لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ)) [الحاقة:18]، وقال تعالى: ((وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ)) [الأنبياء:47] وقال تعالى: ((إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً)) [يونس:44] وقال تعالى: ((إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ)) [النساء:40] ولا يضيع الله تعالى عملاً من عملك-.
    فإن كان هذا الإنسان مجموع أعماله تغطي على تلك الكبيرة ولا تؤثر فيها، فهذا يكون حشره وموته؛ مع أصحاب اليمين ويأتونه ملائكة الرحمة ليحشر ويصنف مع أصحاب اليمين، وهذا مع وجود الكبيرة، لأن حسناته كثيرة غطت على سيئاته، فهذا احتمال.
    والاحتمال الآخر: أنه ينال في الدنيا من العذاب، والابتلاء الذي يعاقب به الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أصحاب الذنوب، ثم يعذب في سكرات الموت، وقد لا يكفي هذا لتكفير هذه الخطيئة، بل زيادة على ذلك أنه يعذب ويمحص في قبره -نسأل الله العفو والعافية- لأن القبر إما روضة من رياض الجنة، أو حفرة من حفر النيران.
    وبعض أهل الكبائر لا يكفي فيه عذاب الدنيا والنصب والهم والغم، وما يبتلى به عند الموت، ولا ما يبتلى به في قبره من العذاب، بل يعذب في عرصات القيامة، فيكون المؤمنون في ظل العرش، يوم لا ظل إلا ظل الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى -وهو ظل العرش- وفي ذلك الأمن: ((لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ)) [الانبياء:103] فرحين آمنين مطمئنين، وأما هو فهو خائف وجل يعاني من العذاب: من عذاب الموقف وأهواله، ومن كربات يوم القيامة، وما أعظمها من أهوال.
    ولكن إذا جاءت الصحف ونصبت الموازين وتجلى الرحمن سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لفصل القضاء، قد يُكتفى بما عذب به في الموقف والقبر، وعند الموت، وفي الدنيا ويُعفى عنه. فهذا أيضاً درجة.
    ودرجة أخرى، أنه قد لا يكتفى بذلك، بل يُزاد على ذلك بأن يحاسبه الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ويناقشه، فيعذب ويقرر بذنوبه، وتشهد على بعضهم جوارحهم، وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يكسبون، ثم يأتي يأخذ الصحيفة بشماله، ويأتي لجواز الصراط أو الجسر: ((وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيّاً))[مريم:71] فهو يريد أن يتجاوز فتختطفه الكلاليب -نسأل الله العفو والعافية- زيادة على ذلك لوجود الذنوب والكبائر، ولأنها تطغى على الحسنات فاستحق أن يدخل النار -نسأل الله العفو والعافية-.
    ثم الذين يُخرجون من النار -وقد اتفقنا أن الموحد لا يخلد في النار، ولا يبقى فيها أبد الآبدين كالكفار، وإنما يبقى فيها أهلها الذين هم أهلها، وهم الكفار والمشركون ومنهم تاركو الصلاة كما بينا- هؤلاء أيضاً درجات، فالعذاب في النار دركات، وليسوا سواءً، وكذلك الخروج ليس سواءً، فالذي في قلبه أدنى مثقال ذرة أسرع خروجاً من الذي في قلبه أدنى أدنـى مثقال ذرة، وهذا يخرج قبل من في قلبه أدنى أدنـى أدنى مثقال ذرة كما سمعنا في الحديث الصحيح عن أنس رضي الله عنه.
    إذاً المسألة تتفاوت وتتدرج في مقامات وعقبات، وكلها عقبات أمام العاصي -نسأل الله العفو والعافية-.
    فيجب على كل إنسان يعصي الله تعالى بهذه الكبائر، أن يتصور هذه العقبات، وهذه الأهوال أمامه، وأن يبادر ويمحو هذا كله بالتوبة النصوح كما تقدم، فالتوبة تجبُّ ما قبلها، والإسلام يجبُّ ما قبله , والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، فإذا لقي الله تعالى تائباً، ولو لم يتب إلا قبل أن يغرغر -ولننظر إلى الله، وسعة فضله، كيف نخطئ نحن على أنفسنا بأن لا نتوب ولا نستغفر- فمن تاب قبل أن يغرغر وقبل أن تصل الروح إلى الحلقوم، غفر الله تعالى له وقبل توبته، وهو يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل.
    فإذاً الواجب المبادرة إلى التوبة والاستغفار من هذه الكبائر.
    وأما صاحب البدعة فهو كصاحب الكبيرة كما ذكرنا، وهذا إذا كانت البدعة لا تخرج من الملة كما ذكرنا، وإذا كانت بدعة مكفرة فهو من الكفار ومن الصنف الثالث في سورة الواقعة، والرابع في سورة فاطر.
    وأما حديث: {إن الله حجب التوبة عن كل صاحب بدعة حتى يدعها} فالحديث صحيح، وممن رواه بطرقه الإمام ابن أبي عاصم رحمه الله تعالى في كتابه: السنة، وجاء في بعض الروايات حجب، وفي بعضها حجز، وهذا دليل على خطر البدعة وأنها أخطر من الذنوب الأخرى.
  3. حكم التوبة من الذنب ثم العودة إليه

     المرفق    
    السؤال: ما حكم من يفعل الذنب ثم يتوب، ثم يعود إلى الذنب ثم يتوب وهكذا يستمر حاله؟
    الجواب: فرق بين من يذنب ويتوب ثم يعود، ثم يذنب ويتوب ويعود وهكذا باستمرار، وهو يفعل ذلك استمراءً واستهزاءً ولا مبالاة، ثم يقول: استغفر الله وتبت إليه، ثم يرجع إلى الذنب.
    وبين إنسان تاب توبة نصوحة صادقة ثم غلبه شيطانه وهواه فوقع في الذنب، فهذا كلما جُدد له الذنب، يجب عليه أن يجدد التوبة، فهذا مسكين لأنه في معركة، لا هو انتصر فيها وقام، ولا هو غُلب فيها. فهو يَغلب مرة، ويُغلب مرة، لكن الواجب في هذه الحالة أن يتقوى؛ لأن العدو -الشيطان، والنفس، والشهوة- مجتمعون عليه، فعليه أن يستعين بالله، ويقوي إيمانه، إذ ما يدريه أن يدركه الأجل، وهو في حالة الهزيمة أو الضعف وهو مغلوب مرتكب لهذه الفاحشة -نسأل الله العافية-.
    ولذلك سوء الخاتمة مما ينبغي أن نتنبه له، وكان السلف الصالح يتنبهون له، فقد قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها} وليس معنى ذلك كما قد يفهم، أنه كان يعمل بعمل أهل الجنة في الظاهر فقط وهو في الحقيقة مشرك ومستهتر وتارك لما أمر الله ولا يبالي به، فإذا جاء الموت عمل بعمل أهل النار، أي: أظهر عمل أهل النار فيدخلها، فليس هذا هو المعنى الصحيح للحديث.
    ولكن المعنى الصحيح للحديث: إن الإيمان يزيد وينقص، والإنسان مجتهد يعمل بعمل أهل الجنة، ولكن يضعف دائماً، والنفس البشرية تضعف، فمن كُتبت له سوء الخاتمة -وهذا الذي يجب أن نخاف منه جميعاً- هو من يأتيه الأجل وهو في حالة السقوط، وفي حالة الضعف.
    والواحد منا يصلي الفجر في خشوع وإيمان وطمأنينة، فيأتي الظهر وكأنه مجبور على دخول المسجد، وهذا ملاحظ ونشعر به، فانتبه أن تلقى الله وأنت في حالة الضعف، وحاول دائماً أن تجتهد وأن تكون في حالة قوة الإيمان وزيادة الإيمان والنشاط للطاعة، وكل النفوس تضعف؛ لكن المهم أن تظل نفسك دائماً متحفزة لأن تكون من أهل السبق والمسابقة والمسارعة في الخيرات والطاعات.
    فإذا جاء الأجل ولم تكن على الطاعة الكاملة، فلتكن على سبيل الإدراك لها والسعي لها لحصولها ولا تكن في حالة السقوط -نسأل الله العفو والعافية- كالإنسان الذي ختم له ومات، ولم يصل الفريضة، مع أنه يصلي، لكن تلك الفريضة تركها تكاسلاً عنها؛ فمات ولم يصل، فهذا هو سوء الخاتمة -نسأل الله العفو والعافية-.
    وأيضاً رجل -مثلاً- لم يكن مستمراًَ في الفاحشة ولم يكن يزني، فزنى مرة ثم مات -نسأل الله العفو والعافية- أو شرب الخمر ثم مات وهو سكران وهو لم يكن فيما قبل -فعلاً- يشرب الخمر أو يزني.
    فهذا مما ينبغي أن ننبه إليه في مسألة التوبة وسوء الخاتمة، فكلما أذنبنا نجدد التوبة والاستغفار، ولنعلم أن هذا العدو لن يدعنا، ولنستعين عليه بالله، ولنقل إياك نعبد وإياك نستعين، فلا بد من الاستعانة وهي أعظم أعمال القلوب.
  4. حكم بعض الكلمات التي يطلقها العامة

     المرفق    
    السؤال: هل من الشرك بالله أن يقول الإنسان لأخيه: ادخل بالرحمن، وأن يقول أحدهم: الله بالوجود، وغيرها من الألفاظ المنتشرة بكثرة هاهنا؟
    الجواب: إذا قال: ادخل بالرحمن، أو قال: معك الرحمن، فبعض الإخوة ينكر هذا، وهذا ليس فيه شيء، فالرحمن معنا بنصره وحفظه وتوفيقه وتأييده، ومن هذه المعاني: ((إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى)) [طه:46].
    والمعية معيتان: معية عامة للناس جميعاً: ((وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ))[الحديد:4] أي: بعلمه.
    فالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بعلمه واطلاعه هو مع الناس جميعاً ودائماً أين ما كانوا، كما بين الله تعالى: (( مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ ))[المجادلة:7] وهو بذاته تبارك وتعالى فوق العرش: ((الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى))[طه:5] وقد ذكر الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى استواءه على العرش في سبع آيات من القرآن، وذكر علوه في آيات من القرآن وأحاديث لا تحصى ولا تعد.
    فهو تعالى بذاته فوق العرش، لكن بعلمه معنا ومع الناس جميعاً، ولكن هو بحفظه ونصره وتأييده مع المتقين: ((أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ))[البقرة:194] ومعنى ذلك أنه معهم بحفظه وتأييده، فإذا قلت: كان الله معك، فهو دعاء لك بأن يكون الله معك، أو معك الرحمن بهذا المعنى، فهذه حق وصحيح، ويجب أن نحمل الألفاظ المحمل الحسن -إن شاء الله تعالى-.
    والله في الوجود ليس فيها شيء أيضاً، بأن يقول: الله في الوجود، أو الله بالوجود، كما قال تعالى: ((إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ))[الأنعام:165] ((إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ))[الفجر:14] فالكلام الذي تقوله العامة بمعنى: أنه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ليس بغائب عنا، وليس أصم ولا غائباً، كما بيَّن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأصحابه، وإنما هو معنا ومطلع علينا.
    هم إذاً أرادوا الخير، فقالوا: الله في الوجود، أي: يمكن أن يرحمنا، وإذا أرادوا الشر، قالوا: الله في الوجود، أي يمكن أن يعذبنا، وينتقم من العاصي، فالكلام -إن شاء الله- صحيح، ولا أرى أن ندقق على العامة خاصة في بعض الألفاظ التي نحن طلبة العلم نستخدم ما هو أفضل منها، إنما الذي ينبغي أن نرفق بهم، وأن نعلمهم العبارة الصحيحة، إما صحيحة لغة وشرعاً، أو على الأقل صحيحة شرعاً، وإن كانت بلغتهم أو بلهجتهم العامية.
  5. السبب في غضب الله يوم القيامة

     المرفق    
    السؤال: ذكرتم أن الله يغضب يوم القيامة غضباً لم يغضب قبله ولا بعده مثله، فما سبب غضبه عز وجل؟
    الجواب: هو كما جاء في الحديث نفسه -في حديث الشفاعة-: فإن الله قد غضب غضباً لم يغضب قبله ولم يغضب بعده مثله} وسبب ذلك أن هذا اليوم هو يوم الفصل, ويوم الحساب, وكل الظلمة والطواغيت والمجرمين، وكل من أمهلهم الله سبحانه ومن أنظرهم الله سبحانه مجتمعون، وهذه هي ساعة الانتقام من الجميع -نسأل الله العفو والعافية- وليس هناك غضب أشد منه.
    ويغضب عز وجل في هذه الدنيا, كأن يغضب على أمم, كما غضب على قوم نوح فأغرقهم, وعلى عاد فأرسل عليهم الريح العقيم، وعلى ثمود فأخذتهم الصيحة، ولكن الغضب يوم القيامة على كل من كفر وعصى وكذب وجحد وأنكر, فذلك الموقف هو أعظم المواقف، ليس قبله ولا بعده مثله.
  6. حكم الاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم

     المرفق    
    السؤال: بعض الناس إذا أصابتهم مصيبة يقول: يا محمد! أو يا نبي الله! فما حكم ذلك؟
    الجواب: هذا دعاء لغير الله, فيجب عليه أن يشهد أن لا إله إلا الله, وأن يستغفر الله ويتوب، وألا يدعو إلا الله, وكما قال صلىالله عليه وسلم { الدعاء هو العبادة } فهذا قد عبد غير الله بدعائه, وعليه أن يقول: يا رب! يا الله! يا رحمان! يا رحيم! يا غفور! يا عزيز! فيدعو الله سبحانه بأسمائه الحسنى: (( لِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ))[الأعراف:180] فهكذا أمر الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، أما دعاء غير الله فشرك.
  7. حكم طلب الشفاعة من النبي صلى الله عليه وسلم

     المرفق    
    السؤال: بعض الناس يقول: الشفاعة يا محمد, أو يا علي! وهذا يشيع في العوام، فما حكم ذلك؟
    الجواب: الشفاعة لا تطلب إلا من الله تبارك وتعالى: ((مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ)) [البقرة:255] وأما الشافعين فقال فيهم: ((وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى)) [الأنبياء:28] فلا بد من إذن الله سبحانه للشافع ورضى الله تبارك وتعالى عن المشفوع له، ولا نطلبها من المخلوق.
    ولهذا في حديث الشفاعة أن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بنفسه يسجد تحت العرش, ويحمد الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ويثني عليه بمحامد يلهمه الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى إياها، حتى يقال له: {ارفع رأسك, وسل تعط, واشفع تشفع}.
    إذاً فالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يطلب حتى يؤذن له، فكيف يدعى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وكيف يطلب منه هذا؟! فهذا من الشرك.
  8. حكم الاستهزاء بآيات الله ورسله

     المرفق    
    السؤال: يقول الأخ من يستهزئ بآيات الله ورسله، هل يعطى أحكام الإسلام الظاهرة؟
    الجواب: في غزوة تبوك استهزأ المنافقون بالقراء من الصحابة، وقالوا: ''ما رأينا مثل هؤلاء القوم أوسع بطوناً, وأجبن عند اللقاء'' فسخروا واستهزءوا بحملة الدين وليس بالدين، ومع ذلك فإن الله تبارك وتعالى يقول: ((قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ))[التوبة:65] إذاً الاستهزاء بمن يحملون هذه الرسالة هو استهزاء بها، لأن المقصود الطعن فيها هي.
    أما إن كان الإنسان يقصد مجرد شخص الداعية فقط، فهذه كبيرة من الكبائر، لكن إن كان المقصود ما يدعو إليه من الحق والخير والهدى، فهذا استهزاء بالله تبارك وتعالى وآياته ورسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وإن كان لم يذكر الله وآيات الله ورسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وإنما ذكر الداعية أو العالم أو القارئ أو الشيخ.
    والنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أقرهم على ظاهرهم -لكن من يستهزأ بالدين ويعلن بذلك لا يقر على ظاهره ولا يعطى أحكام الإسلام الظاهرة- لأنهم جاءوا ليعتذرون ويقولون: والله ما كنا إلا نخوض ونلعب, ولذلك يقول الله: ((لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ))[التوبة:66] فالذي يبدر منه شيء, ويحلف أنه لا يقصد الاستهزاء ويعتذر, فهذا نَكِل قلبه إلى الله.
    ولكن من أظهر شيئاً ولم يرجع عنه ويقول: هذه هي الحرية, فهذا هو الذي يحكم بردته, ويجب قتله ردة، فلذلك يعطون الأحكام الظاهرة إذا حلفوا وادعوا الرجعة وأنهم لم يقصدوا، فإذا جاءوا بعذر مقبول شرعاً, يرفع عنهم السيف, ويوكل أمرهم إلى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
  9. حقيقة شعار الثورة الفرنسية

     المرفق    
    السؤال: هل من الممكن ذكر شعار الثورة الفرنسية عندما قامت؛ حتى يعرف كذب الصحافة وجهلها, حينما تصفها بأنها أعطت الإنسان الحرية؟
    الجواب: الثورة الفرنسية قامت تدعو إلى ثلاث شعارات: الحرية, والإخاء, والمساواة.
    وحقيقة نحن لا نظلم الثورة الفرنسية, فنحن المسلمين لا نظلم أحداً, لا أمة, ولا طائفة!
    فالثورة الفرنسية بالنسبة لـأوروبا أعطتها حرية, وإخاء, ومساواة؛ لأنهم ما كانوا يعيشون إلا في حكم الإقطاع، فكان الإقطاعي يملك الأرض ومن فيها, ويتحكم في خلق الله كما يشاء، ورجال الدين -الأحبار والرهبان- الذين ذكرهم الله في القرآن: ((إِنَّ كَثِيراً مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ))[التوبة:34] كانوا يملكون الأراضي ويتحكمون بعباد الله، فكان هناك ظلم شديد جداً.
    أما الملوك الذين ثارت عليهم الثورة، فكانوا يدعون أن الله تعالى أعطاهم من عنده هذا الحكم, وفوضهم ليتحكموا بالعباد كما يشاءون، ويسمون هذا الحق الإلهي للملوك.
    فأمام هذا خرجت الثورة الفرنسية تقول: لا. المواطنون كلهم سواء في الحقوق والواجبات، ففرحت أوروبا، وهذا صحيح وشيء جيد.
    فأول من دعا الإنسان الأوروبي إلى الحرية, والإخاء, والمساواة من الأوروبيين هو الثورة الفرنسية، وقد أعطاهم إياها رسول الهدى محمد صلى الله عليهم ولكنهم ما قبلوها، فقد كتب إلى ملكهم هرقل عظيم الروم: { من محمد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى هرقل عظيم الروم, السلام على من اتبع الهدى, أما بعد: فأسلم تسلم، وإن لم تسلم فإنما عليك إثم الآريسيين } قيل: هم الفلاحون، وقيل هم فرقة آريوس.
    فالشاهد أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كتب إلى هذا الملك, الذي كان رجال الدين, والإقطاعيون كلهم تحت حكمه, فإذا لم يسلم فعليه إثم هؤلاء, لأنهم مقهورون -كما يقال طبقة مضطهدة- فهذه الطبقة لا تملك شيئاً, ولا تملك حرية الاعتقاد, ولا تعرف الحق إلا عن طريق ملوكها وأحبارها ورهبانها.
    وعرض عليهم الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ذلك في القرآن، فالإسلام دخل إلى الأندلس, وجنوب إيطاليا, وجنوب فرنسا، ولكنهم رفضوا دين الله, ورفضوا الإخاء الحقيقي, والحرية والمساواة الحقيقية, وقد أوضحها الله تعالى في كتابه, ورفع الظلم ونهى عنه, فرفضوا ذلك كله, وما عرفوه إلا عندما جاء عن طريق ثورتهم الفرنسية.
    والحقيقة أنها جاءت بظلم آخر, فالثورة الفرنسية رفعت ظلم الإقطاعيين, وجاءت بظلم الرأسماليين، فدفعت ظلم الملوك, وجاءت بظلم نابليون وأمثاله، وهكذا لا يمكن للناس أن يتحقق لهم العدل إلا بدين الله وبشرعه.
  10. حكم الحلف بالنبي صلى الله عليه وسلم

     المرفق    
    السؤال: ما حكم من يحلف بالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أو يقول: وحياتك؟ الجواب: هذا من الشرك، إن حلف به معتقداً أن له ما لله تعالى من التعظيم, فهذا شرك أكبر، وإن كان مما يغلب على اللسان ويسبق عليه، يقول: والنبي, أو وحياتك, أو وكذا، فهذا من شرك الألفاظ, وهو أكبر من الكبائر لأنه شرك، وإن كان لا يخرج من الملة، ولكن يجب على الإنسان أن يتوب منه.
  11. كيف يكون الإيمان بعذاب القبر

     المرفق    
    السؤال: كيف يتحقق عذاب القبر أو نعيمه لمن مات حرقاً مثلما يفعله كفار الهند عندما يحرقون موتاهم حتى يصبحوا رماداً، ويقومون بنثره في البحر، أو عندما يموت أحد كأن يأكله حوت -مثلاً- أفيدونا؟
    الجواب: أولاً: هذا من أمر الغيب, وكل شيء أخبر به النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نؤمن ونصدق به, شاهدناه أم لم نشاهده، ولا نقول: كيف! ففي أمر الغيب لا نقول كيف، ولكن نسلم.
    ثانياً: إن القبر كلمة تطلق على الدار التي بين الدنيا والآخرة، وبعض الناس يفهم فقط أن القبر هو هذه الحفرة، فالقبر معناه البرزخ: ((وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ))[المؤمنون:100] فمعناه الدار التي بين الدارين, والبرزخ بين الدارين -بين الدنيا والآخرة- فإن كان حرقاً, أو في البحر, أو في أي مكان, فيقال في قبره، أي: في داره التي هي بين الدارين، لكن لأن الأغلب أن الناس يدفنون في الحالات الطبيعية في القبور، فيطلق القبر عليها على سبيل التغليب.
    ثالثاً: أن الله تبارك وتعالى ضرب لنا أمثلة, وهي كثيرة جداً, ولكن نأخذ مثلاً واحداً منها: ((اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ))[الزمر:42].
    فالموت موتان: موت كامل كلي, وهو الذي نسميه نحن الموت, والموت الآخر موت جزئي ناقص وهو: النوم، وفي الآية دليل على هذا.
    فقد تجد إنساناً نائماً, فتقول: اتركوه يرتاح, فإذا أيقظته, قال لك: يا ليتك أيقظتني قبل قليل, فتقول له: لماذا؟ يقول: كنت في مصيبة, وفي كرب, فمثلاً رأى أنه غرق في البحر, وأنت كنت تراه أمامك جثة هادئة، وهو يعاني من هذه الرؤيا, ويقوم متعباً, يجد الإرهاق والإجهاد, كأنه فعلاً كان يصارع البحر، سبحان الله العظيم! وتقول له: كان قصدي أن ترتاح.
    فهذا مثل وعبرة من الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
    وكذلك في القبر, تمر على القبور, فتقول: السلام عليكم دار قوم مؤمنين، ولكن ما أدراك ماذا ينال هذا الميت من العذاب أو النعيم، نسأل الله العفو والعافية ونسأل الله لنا ولكم النعيم, ونعوذ بالله من عذاب القبر وجحيمه.
    فهذه الوفاة التي تحدث لنا جميعاً كل يوم -وهي النوم- نعتبر منها بالوفاة الأخرى، فنحن نرى المقابر, أو نرى جنازة, لكن هذا في غاية النعيم, وذاك في غاية العذاب -والعياذ بالله- كما أن بعض الناس يرى في منامه رؤيا حسنة، ويقول: ليتك تركتني، فقد كنت في سعادة ونعيم, ويقول الآخر: ليتك أيقظتني, فقد كنت في شقاء وعذاب, وهكذا، مع أن الحال أمامك واحد، والأمثلة كثيرة جداً ولكن نكتفي بهذا.
    ونكرر القول الأول: أن المسألة إيمان، وأول ما وصف الله تعالى المؤمنين، قال: ((الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ))[البقرة:3] فنؤمن بالغيب, حتى ولو كانت أفهامنا وعقولنا تقصر عن إدراك حقائقه، فالرجل الذي {قال لأولاده إذا مت فأحرقوني ثم اطحنوني ثم ذروا نصفي في البحر, ونصفي في البر، فوالله لو قدر الله عليَّ ليعذبني عذاباً لا يعذبه أحداً من العالمين، فجمعه الله تعالى بقوله: ((إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ))[يس:82]، فقال الله تبارك وتعالى له: يا عبدي! لما فعلت ذلك، قال: خوفك يا رب، فغفر الله له}.
    الشاهد أنه مهما نقول: هذا في البحر, وهذا في البر، هي مسألة كن وانتهى الأمر, والله تبارك وتعالى قادر على كل شيء سبحانه.
  12. سبب اجتماع اليهود والنصارى على المسلمين

     المرفق    
    السؤال: إن اليهود يتهمون عيسى بأنه ابن زنا، ومع ذلك نرى توافقاً بين الكنائس اليهودية والنصرانية. فكيف هذا؟
    الجواب: يقول الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ))[المائدة:51] فاليهود والنصارى في حقيقتهم أعداء ويتحاربون, ويكذب بعضهم بعضاً, ويكفر بعضهم بعضاً, ولكنهم متعاونون يداً واحدة ومتناصرون على المسلمين, فهذا حالهم.
    فإسرائيل تفعل المصيبة، وأمريكا تتخذ الفيتو هناك، وبينهم في الحقيقة خلاف شديد.
    فالرئيس الأمريكي كارتر أكبر داعية للتنصير في العالم, وقد جاء إلى أفغانستان وباكستان والسودان والحبشة وكثير من الدول ينشر فيها النصرانية، ومع ذلك هو مع اليهود، واليهود يكفرونه ويكذبون بكتابه, ولا يصدقون بعيسى, ويكذبون بالإنجيل، ولكن مع هذه العداوة فاليهود والنصارى يد واحدة علينا، وهذا من هواننا على الله؛ لأنه إذا عصاه من يعرفه، سلط عليه من لا يعرفه، فتكالبت علينا الأمم كما أخبر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وتداعت كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها، فعندما تركنا الإيمان الصحيح والعقيدة الصحيحة, والعمل بكتاب الله وسنة رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ اجتمعوا علينا.
    فهم كما ذكر الله: ((تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى))[الحشر:14] واليهود أنفسهم مختلفون, وهم طوائف، والنصارى مختلفون, وهم طوائف، لكن يتوحدون بل توحدت معهم اليابان والصين والهند كلهم ضدنا, ففي أي يوم تفتح الإذاعات العالمية تسمع: المسلمون في سريلانكا أو الهند أو الصين أو إقريقيا يذبحون، ولو أن أحداً حلف -أظنه لا يحنث- أنه لا يمر يوم إلا وللمسلمين مذبحة أو مصيبة أو فتنة في أي مكان، على يد الهنود أو الصينيين أو في أمريكا أو أوروبا أو في أي مكان.
    لقد هانوا علـى الله, لما تركوا كتـاب الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فسلط الله عليهم أعداءهم.
    نسأل الله عز وجل أن يغفر لنا ذنوبنا, وأن يعيد هذه الأمة إلى رشدها وصوابها، وأن يلهمها الخير في الاعتقاد والقول والعمل إنه سميع مجيب.
    والحمد لله رب العالمين.
  13. كيفية دعوة الشباب المسلم إلى الالتزام

     المرفق    
    السؤال: كيف ندعو الشباب المسلم غير الملتزم إلى الالتزام، وما هو أول شيء ندعوهم إليه؟ الجواب: يجب عليك أن تتعرف عليه قبل أن تدعوه، أي: هل هو من أهل اللهو والغناء، فإذاً ندعوه إلى معرفة الله، وتعظيمه، وتعظيم أمره، ونخوفه بالله واليوم الآخر، ثم ندخل في النصيحة إلى أن يترك هذه المعصية، وليس من الضرورة أن نبدأ بها أول مرة، ولكن المهم أن يكون في أذهاننا أن يترك ما هو عليه. وإن كان آكل ربا، ومحافظ على الصلاة في نفس الوقت فإذا جئته وذكرته بالصلاة، ووجوب الصلاة، وأهميتها وضرورتها، وما أعد الله للمحافظين عليها، قال: الحمد لله هذه كلها نفعلها، وإن شاء الله لا نقصر فيها، والمصيبة الكبرى عنده في الربا، فنحتاج أولاً أن نعرف واقعه ثم ندعوه. ولو كان من أهل البدع -وبعض البدع مكفرة ومخرجة من الملة- فلا ينفعه صلاة أو جهاد، ولا أمر بالمعروف أو نهي عن المنكر إن كانت البدعة مما يخرج من الملة -نسأل الله العفو والعافية-. فإذاً نحن نتعرف على الشاب ثم ندعوه إن شاء الله.
  14. توضيح للثلاثة المقصودين في قول النصارى: ثالث ثلاثة

     المرفق    
    السؤال: نرجو توضيح من هم الثلاثة المقصودون في قول النصارى: ثالث ثلاثة؟
    الجواب: النصارى من شركهم يستفتحون صلاتهم ومواعظهم في كنائسهم بقولهم: باسم الأب والابن وروح القدس، وهذه هي الثلاثة: الأب، والابن، وروح القدس، لكن كما قال ابن القيم رحمه الله قال: '' لو اجتمع من النصارى عشرة نفر لتفرقوا في عقيدتهم على أحد عشر قولاً '' فإذا فتح أحدكم -ولا نعني أي أحد لكن من يعرف هذه الأديان وضلالها وباطلها- ليسمع ساعة الإفساد التي يسمونها ساعة الإصلاح في مونتكارلو وغيرها، فيجد أن المذيع لا يستطيع أن يحدد بالضبط العقيدة، حيث لو حدد لاختلفوا فيه، فهو يقول: إنه المسيح والمخلص والمنقذ وكذا، والثلاثة واحد والواحد ثلاثة، لكن العلاقة بين هذه الثلاثة يقولون: هذا سر، علينا أن نؤمن ولا نفكر، كيف تؤمن بهذا الضلال ولا تفكر فيه؟!
    فالحمد لله الذي ميزنا بالتوحيد، ففي أوروبا وأمريكا تجد الإنسان من عباقرة العلم الدنيوي، في علم الفلك أو علم الفضاء أو علم الذرة، وفي العلوم الطبيعية والتجريبية، فإذا سألته عن دينه يستحي -والله أكثرهم يستحي- وبعضهم يقول: اترك جانب الدين، لا أريد أن أتكلم فيه،وإذا رأى أن المسألة فيها إلزام يقول عن نفسه: أنه غير متدين أصلاً، لأن ليس عنده شيء يدافع عنه.
    وإذا تكلمت مع أستاذ رياضيات مثلاً -وكل واحد يعرف مبادئ الرياضيات- تقول له: كيف هذا واحد وهذا واحد وهذا واحد، وأنتم تقولون: الأب، والابن، وروح القدس، إله واحد، فكيف الثلاثة واحد؟! فيقول لك: لا أعرف.
    وأكثر الغربيين المفكرين يريح نفسه، ويقول لك: هذا موضوع الدين لا أفتحه ولا يهمني، لكن إذا كان شخص منهم متعصب، ممن يريدون أن ينصّروا -وهؤلاء خطرهم عظيم- فإنه يقول: لا. هذه عقيدة عظيمة، وهذا سر، وإذا سمعت كلامه وفلسفته، وذهبت إلى غيره فإنك تلاحظ كلاماً آخر، وغيره كلام ثالثاً... وهكذا.
    وكل كنيسة لها مذهب، فـالبروتستانت لهم رأي، والكاثوليك لهم رأي، وكل واحد له رأي، وكل شخص يفسر ويترجم على حسب هواه، والقصص الواقعية في هذا الشأن كثيرة.
    وقد قال لي أخ قابلته وكان نصرانياً ثم هداه الله للإسلام، وهو رجل آتاه الله ذكاءً وفهماً، فسألته فقال: أنا ألخص لك الموضوع في كلمة واحدة، الإسلام دين بلا رجال، والنصرانية رجال بلا دين.
    فالإسلام دين حق وقوة لكن من يدعو إليه وينشره ويطبقه، ومن يقيمه حتى يراه الناس؟
    نحن إن دعونا الناس إلى الإسلام بأقوالنا، فأعمالنا تقول لهم لا تفعلوا، وهذه حقيقة، وإن لم نعترف بالحق فلا خير فينا أصلاً، فيجب أن نعترف بقاعدة العيب والخطأ.
    وهذا الغرب على ما فيه من ضلال وكفر وظلمات، هم مثل ناس في الظلام، لكن وضعوا علامات وأعمدة، فيمكن للواحد أن يمسك بهذه أو بهذه، فهم لم يروا شيئاً، وهم في ظلام،ولم يدخلوا الجنة،ولم يروا النور؛ لكن بناءً على هذه العلامات وتمسكهم بها،قاموا في الدنيا،واستعمروا العالم، وفرضوا فكرهم وثقافتهم ورأيهم وهم أصغر قارة في العالم، وكانوا أمنع الناس من ظلم الملوك،وأرأفهم بالضعيف والمسكين،كما قال عمرو بن العاص رضي الله عنه عنهم، وهذا موجود في أوروبا، وأمريكا، فالإنسان هنالك له دينه، ويستطيع أن يتكلم ويطالب، والنظام هو المهيمن على حياتهم، ولا يوجد وساطات.
    لكن نحن في النور، والحمد لله مثل الشمس في رابعة النهار، لكن نمشي وبعضنا يصدم بعضاً، وبعضنا يضرب في بعض، فلا نستطيع أن نمشي في خط مستقيم، مع أننا في النور، وهذا الفارق بيننا وبينهم، فمع أنهم في الظلام إلا أنهم تمسكوا بالنظام والعدل وبأشياء غطت ما عندهم، فتكلمهم في أي موضوع إلا الدين فهم يستحون ويخجلون منه، أما المسلمون -والله المستعان- فدين ولكن بلا رجال.
  15. حكم بعض الجماعات التي تدعو إلى الله وأصلها يحتوي على الشرك

     المرفق    
    السؤال: يقول: بعض الجماعات تدعو إلى الله، ولكن أصلها يحتوي على الشرك، سواءً كان في المؤسسين،أو في بعض الأفراد وهي خارج هذه البلاد، وبعض الجماعات أول ما تدعو إلى أن يكون الإنسان بنفسه داعية؟
    الجواب: من يدعو إلى الله وهو متلبس بالشرك، هذا في الحقيقة لم يدع إلى الله.
    وإذا كان أول ما ندعو إليه هو التوحيد وترك الشرك، وهو متلبس في الشرك،فلا فائدة ولا خير في ذلك كما أشرنا.
    وكون الإنسان أول ما يلتزم يُجعل داعية،هذا من الغلط الذي لا تقره العقول السليمة فضلاً عن أحكام الشرع، كيف تأتي بإنسان جاهل، ثم تجعله يدعو ويتكلم؟!
    وهذه مشكلة، فإذا الأعمى قاد الأعمى سقطا معاً في الحفرة، لكن يجب أن تكون الأمة المدعوة يقودها الدعاة والعلماء الربانيون، كما قال الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ((وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ))[آل عمران:79].
  16. منزلة الولاء والبراء من التوحيد

     المرفق    
    السؤال: هل صحيح أن التوحيد له هذه الأقسام الثلاثة فقط: الربوبية والألوهية والأسماء والصفات، أم أن هناك أقساماً أخرى، وهل الولاء والبراء -مثلاً- من التوحيد، فهو يدخل في الأنواع الثلاثة؟
    الجواب: موالاة المؤمنين ومعاداة الكافرين، هذا أعظم شيء أمر الله تبارك وتعالى رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ به، وحث عليه الإسلام؛ بعد الشهادتين، فهو من جملة الاعتقادات، ومن الأحكام العملية المتعلقة بالاعتقادات، وهي جزء من الشهادتين.
    والركن الثاني هو الصلاة، لكن من حيث أن حقوق لا إله إلا الله الاعتقادية القلبية كثيرة، فمن أعظمها ولازمها المعاداة للكفار.
    وعندما يقول إنسان: لا إله إلا الله، فإن لها ركنين: النفي والإثبات.
    فالنفي: لا إله، وهي نفي الألوهية عما سوى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، ويدخل في ذلك النفي، البراءة من الشرك والمشركين، فلا يعقل أن شخصاً يقول: أنا أتبرأ من الشرك؛ لكن تجده يحب المشركين: ((لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ))[المجادلة:22] (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ )) [الممتحنة:1] (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ))[المائدة:51] ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ))[آل عمران:100] ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ))[آل عمران:149] إلى آخر الآيات.
    فهذه قضية مهمة جداً، وهي داخلة ضمن تحقيق توحيد الألوهية، وإن لم نجعلها قسماً من أقسام التوحيد.
  17. سبب حالة الذل والهوان في الأمة

     المرفق    
    السؤال: موضوع الموالاة والمعاداة، وأن الإسلام حكمه في التعامل مع الكفار، لا بد من الإسلام أو السيف أو الجزية، وأن واقعنا الآن هو غير ذلك، فهل هو عبارة عن صلح دائم إلى قيام الساعة؟
    الجواب: ليس هذا صلحاً، والصلح لا يدوم إلى قيام الساعة، بل المسألة مسألة ذل، لقد ضربت علينا الذلة والمسكنة -والعياذ بالله-.
    لأننا حل بنا ما حل ببني إسرائيل، أعرضوا وأعرضنا، وأنكروا وأنكرنا-والحمد لله الطائفة المنصورة موجودة، ولكن نتكلم الآن عن عموم الأمة- وعطلوا حدود الله وعطلناها، وأكلوا الربا وأكلناه، ما فعله بنو إسرائيل واستحقوا به الذله والمسكنة فعلناه -والعياذ بالله- فلا بد إذاً أن نأخذ نصيباً من ذلك.
    وإن كنا -ولله الحمد- نحن أمة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومنا طائفة منصورة، لأن بني إسرائيل كلهم قد ضلوا وانحرفوا إلا بقايا قليلة منهم، ولم يكن فيهم ربانيون وأحبار ينهونهم.
    فالمقصود أنا لما أخذنا نصيباً وافراً من اتباع اليهود والنصارى، أصابنا حظ كبير مما توعد الله به اليهود والنصارى، ولا يُعقل أو يُتخيل أن الله يعذب اليهود لأنهم أكلة ربا، ونحن أكلة ربا يبارك لنا ويعزنا وينصرنا، فإنه ليس بين الله سبحانه تعالى وبين أحد من خلقه نسب أبداً، فإبراهيم عليه السلام يقول الله تعالى عنه: ((وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ))[البقرة:124] قال: ((وَمِنْ ذُرِّيَّتِي))[البقرة:124] وحق لإنسان أن يريد الخير له ولذريته، فقال له ربه: ((لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ))[البقرة:124] فلا مجاملة، من ظلم من أبنائك يعامل معاملة الظالمين، معاملة النمرود، أو فرعون، فنحن الآن أمة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نعمل أعمال اليهود وأخلاق اليهود، ونقول: أين النصر الذي وعد الله به المسلمين؟
    فحالنا اليوم هو سبب لهذا الذل، وأكبر علامة على هذا الذل، أن الدويلة اليهودية -لم نكن نسميها في السابق إلا دويله وعصابات، والآن لم نعد نسميها عصابات، لأنها أصحبت أمة- الصهيونية تضرب مقراً في تونس على بعد خمسة أو ستة آلاف كيلو متر عنها، وتضرب في العراق على مسافة ألف كيلو متر، وتهدد بضرب المفاعل الذي في باكستان، وتفرض رهبة على المنطقة كلها، وهم عددهم يقال: ثلاثة ملايين أو أربعة، وماذا يصنعوا لو وصلوا إلى عشرة مليون أمام ألف مليون؟!
    فالقضية ليست قضية عدد، حتى نعرف أنه ما كان هذا الذل والهوان؛ إلا لأنا عصينا الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
    فأصبح المجرمون هؤلاء يصولون ويجولون؛ ولو قمنا لله قومة حق لنصرنا الله على أعدائه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، ولهذا أصبحت القضية عندنا كما ذكر السائل كأنه صلح دائم مع الكفار -والله المستعان- نسترضيهم وغاية ما نفعل أننا نشجب العدوان.
  18. حكم السحر وعلاجه

     المرفق    
    السؤال: انتشر السحر في هذه الأيام بشكل كبير، فما هو تعليق فضيلتكم على هذا؟ وما هو علاج السحر؟
    الجواب: أقول: -ومع الأسف- إن السحر انتشر في هذه الأيام بشكل مذهل، وربما انتشر في بعض البيوت، وأقول هذا تنبيهاً للإخوة الكرام الذين لا يدرون بانتشاره عن طريق النساء والزبانية الأخفياء، والمداخل الخفية دائماً،ولو فتشتم البيوت لوجدتم شيئاً عجيباً من هذا، لأنه مما يبلغنا ومما يكتب إلينا ونكلف به شيء عجيب، وبالذات في بعض المناطق. فبعض النساء لا تريد أن يتزوج زوجها عليها، فما الحل؟
    فكرت وسألت فقيل لها: هاتِ مائة ريال وأعطيك ورقة تضعينها في المطبخ أو في غرفة النوم, ثم لا يعود زوجك يفكر في غيرك أبداً، ولا يسمع ولا يبصر غيرك، وقد تؤثر هذه الورقة، والله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ذكر التأثير، فقال: ((فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ))[البقرة:102].
    فالسحر منتشر، وإن لم يكن هنا بكثرة فهو منتشر في تهامة، وهذا السحر كفر باعتراف معلمي السحر، فالذين علموا الناس السحر -هاروت وماروت- اعترفوا بذلك، وهذا ليس كلام أحد من الناس، بل كلام رب العالمين، يقول تبارك وتعالى: ((وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ))[البقرة:102] فهم يقولون: تعال نعلمك، وإنما نحن فتنة فلا تكفر، فلا يشك أحد بعد هذا أن السحر كفر، وكيف يكون هذا السحر إلا بالذبح للجن، وإهانة القرآن -والعياذ بالله تبارك وتعالى-.
    وأعطيكم علامة، والعلامات كثيرة، والسحر كثير:
    أي شخص يسمونه طبيباً، إذا ذهب إليه شخص، أول خطوة يبدؤها يقول له: ما اسمك؟ واسم أمك؟ فاعرف أن هذا مشعوذ ساحر كاهن دجال، فهذا أول شيء يبدأ به معك، ثم يريد يعرف نجمك، وقد يأتي زوجان مع كل واحد منهما برج، وزوجان آخران معهما البرجان نفسهما، فنجد أن الزوجين الأوليين متفقان تماماً، وأن الآخرين مختلفان تماماً. وهذا واقع في حياة الناس، ولكنهم يضحكون بهذه الأبراج على البسطاء.
    ولهذا لو كان هؤلاء الذين يقولون: نحن نفك السحر لوجه الله، ولا نتعامل إلا مع الجن المؤمنين الطيبين، ونحن نفعل الخير، لو كانوا كذلك فليظهروا أنفسهم وأعمالهم، وليبينوها للناس، ويناقشهم في ذلك من يناقشهم، ويقبل ذلك من يقبل، لكن هذا التستر وهذا التخفي، لو كان عنده حق لماذا يخاف؟
    ولو رأى هذا الساحر سيارة حكومية، أو رجل أمن، فإنه يقول: ما دام رجل أمن أو سيارة حكومية، فقد جاءوا يقبضون عليَّ؛ لأنه يعرف أنه مذنب -يكاد المجرم أن يقول خذوني-.
    ولا أنقل هذا من فراغ، فبعض من تاب الله عليه وهداه، أقر بهذا، يقول: جلسنا نضحك عليهم عشرين سنة، والذي يقول: عشر سنين، والآن نريد أن نتوب إلى الله.
    وأما علاج السحر المشروع فيمكن -والحمد لله- وإن كان صعباً والوقاية أفضل؛ لأن الوقاية أفضل من العلاج، والوقاية بالأذكار اليومية المعروفة، ومنها آية الكرسي والمعوذتين، فهذه هي الوقاية وغيرها، لكن إن وقع فعلاجه صعب، ولا بد من الصبر فيه، ومن علاجه هذه الآيات، وهذه الأذكار، مع ما ذكره بعض العلماء أيضاً من الأدوية المادية، مثل أن يؤخذ سبع ورقات من سدر وتدق وتستخدم، وهذه بعض العلماء يذكرها، ولا أرى أن يلتزم بها، ولكن أقول: أي علاج مادي يمكن أن ينفع فليسلكه الإنسان، ولكن يُجتنب هؤلاء الدجالون المشعوذون.
  19. حكم استثمار الأموال بطريقة مشروعة في البنوك الربوية

     المرفق    
    السؤال: هل استثمار الأموال على أساس الربح والخسارة في البنوك حلال أو حرام؟
    الجواب: إذا كان الإنسان يريد أن يعمل عملاً على أساس الربح والخسارة مع أي إنسان،فهذا هو الأصل في المعاملات.
    فالأصل أنَّا إذا أردنا أن نعمل شركة أن تكون كذلك، لكن لو فرضنا أن هذه المعاملة أو غيرها من المعاملات الجائزة نريد أن نتعامل بها مع البنك، فإنا نكون قد أعنا هؤلاء، فهو يأتي ويقول لك: أنتم تخافون منا من أجل أننا نعطيكم فائدة مضمونة، فالآن لم نعد نضمن لك الفائدة، اعطنا الفلوس وإن خسرنا أنت شريكنا، وإن ربحنا أنت شريكنا، ثم يأتيك مرة ويقول: ربحت (10%) فيعطيك، ومرة يقول: خسرنا (10%) وترد له العشرة، وهو لم يتغير شيء في عمله.
    فنحن -بإذن الله- لا أحد يضحك علينا، وخاصة في الدنيا، فعندما نقول لهم: غيروا، نريد أن يغيروا الربا الذي توعد الله عليه بالحرب، وقد قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {درهم ربا أشد من ست وثلاثين زنية} فشخص عنده بيتين، أو بيت واحد فيه غرفتين: غرفة يعقد فيها بالحلال، والأخرى للحرام، تريد الحلال هنا، والذي يريد الحرام في الغرفة الثانية، فلا نقول: هذا عنده حلال.
    فهذا مثل البنوك، يقول: نتعامل بالربا مع طوائف من الناس، لكن هؤلاء المتدينين كيف نأتي بأموالهم؟ فيفتح فرعاً في نفس البنك للمعاملات الإسلامية، والغرفة والمكتب والمدير واحد، والإدارة العامة واحدة، فهؤلاء يضحكون علينا، وهذا هو حالهم.
  20. من بدع الجنائز

     المرفق    
    السؤال: هناك بدع تتعلق بالجنائز، مثل أن يجتمع الناس في مكان ويقرءون رياض الصالحين بشكل جماعي، ويصفون صفوفاً، فما رأيكم في هذا؟
    الجواب: بدع الجنائز كثيرة، ومن العجيب أنه ظهر عندنا بدع لم نكن نظن أن الأمر يصل إليها.
    فمثلاً: كنا نعرف بعض البدع ثم الحمد لله ظهر العلم والخير والنور ووزعت فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز حفظه الله، فكان لها أثر طيب، ولكن بقي بعض الناس أدخلوا بعض التحسينات في البدع، فمثلاً: وُجد أن بعض الناس يقرأ من كتاب رياض الصالحين أثناء العزاء على الميت على شكل صفوف وعلى نمط معين من الكلام.
    فإذا جاء شخص يقول: هذه بدعة، فإنهم يقولون: ماذا تقول؟! قراءة كتاب رياض الصالحين بدعة! والعلماء كلهم يقولون: إنه كتاب طيب.
    فيقولون: ما رأيك في الكتاب؟ فيقول: كتاب طيب، لكن البدعة ليست طيبة، فهذا شيء ما شرعه الله، فقراءة رياض الصالحين في العزاء وكذلك الوقوف بشكل معين ورص الصفوف وقراءة كلام معين والتكلف في العزاء هذه كلها مخالفات، وديننا كله قائم على اليسر والبساطة والفطرة، والصحابة رضي الله عنهم كانوا يعزون أهل الميت في الطريق أو في المسجد أو عند المقبرة بكلمة: أحسن الله عزاءكم، وعظم الله أجركم، لله ما أخذ ولله ما أعطى، رحم الله ميتكم، ومثل هذه الأمور، فيكتب له أو يكلمه، وانتهى الأمر بعد ذلك.
    فالعادات السيئة التي -للأسف- بدأت تنتشر عندنا من صف الناس صفوفاً ثم الجلوس ثم قراءة رياض الصالحين أو غير ه،هذه كلها من البدع، كما قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد} حتى لو كان قراءة قرآن أو حديث لكنه على وجه بدعي فهو مردود على صاحبه، ويجب على الإنسان ألا يذهب أو يجلس مع هؤلاء، فإذا كنت أنت تعرف الميت وتريد أن تعزي أهله فعزه بالوجه الذي ذكرنا سابقاً، وإن كنت لا تعرفه وإنما مجاملة للناس فهذا ذنب، ولا يصبح هذا عزاء في الحقيقة، ولكن مجاملة للجماعة، ولكن الإنسان يدعو للمسلمين بالمغفرة والرحمة والله أعلم.
  21. حكم الذبائح والولائم في العزاء

     المرفق    
    السؤال: ما حكم الذبائح والولائم في بيت الميت، حيث أن أهل الميت هم الذين يقدمون هذا؟
    الجواب: هذه تصبح بدعة مركبة، حيث تكثر الولائم والذبائح، وكأن الأمر انقلب إلى عيد ومهرجان، فإن كانت الولائم من نفقة الورثة، أي: من مال الميت، فهذه مصيبة على مصيبة، وهذا سحت وحرام، فلا يجوز أن يؤخذ مال أحد إلا بطيب نفس منه، وخاصة إن كانوا عجائز وأرامل -مثلاً- أو أطفال صغار، من قال لنا: أن نأتي على مال هؤلاء الأطفال، ونذبح منه ما نشاء ونتغدى، فهل هذه أجرة الدفن؟ هذا لا يجوز، وإن كان من مال متبرع فالمتبرع يقتفي أثر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وصحابته: {اصنعوا لآل جعفر طعاماً} فيصنع طعاماً ويقدمه لأهل الميت. لكن من أين جاءت البدعة؟ من التزام الذبح والاجتماع، وكما كان الصحابة رضي الله عنهم يعدون الاجتماع على العزاء من النياحة, والنياحة قد غلّظ فيها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
  22. حكم استقدام الكفار للعمل في جزيرة العرب

     المرفق    
    السؤال: يقول: لدينا عمال هندوس يعبدون الأبقار من دون الله، وقد عرضنا على بعضهم الإسلام فرفضوا بحجة أن أهلهم سيقتلونهم إذا أسلموا، فماذا يجب علينا تجاههم؟
    الجواب:
    أولاً: يجب أن نعلم جميعاً أنه لا يجوز أن يجتمع في جزيرة العرب دينان، وجزيرة العرب تشمل من أطراف العراق والشام شمالاً، إلى البحر العربي وخليج عدن جنوباً، والخليج شرقاً والبحر الأحمر غرباً، حتى يدخل فيها جميع دول الخليج، وقال بعض العلماء: يدخل فيها البصرة أيضاً، أي: جنوب العراق وبادية الشام، فكل هذا جزيرة العرب، ولا يجتمع في جزيرة العرب دينان.
    فقد أوصى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو في موته بإخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب، وأخرجهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه مع أنهم كانوا في خيبر، وكانوا كالرقيق يعملون في الأرض، ويزرعونها للمسلمين، فهم كالعبيد، ومع ذلك أخرجهم عمر رضي الله عنه وأجلاهم إلى بلاد الشام.
    فلا يجوز استقدام العمال من غير المسلمين إلى جزيرة العرب بأكملها، بما فيها دول الخليج واليمن، فضلاً عن هذه البلاد التي فيها الحرمان الشريفان، وقد أفتى العلماء بذلك، ومنها فتوى طويلة لسماحة شيخنا ووالدنا الشيخ عبد العزيز بن باز حفظة الله في كتابه مجموع الفتاوى المطبوع، بيَّن فيها هذه الأدلة وأكثر منها.
    فلا يجوز لأي إنسان منا أن يستقدم عمالاً كفاراً، ثم ألا تدرون أن الكفار يتقوون بما نعطيهم على المسلمين، وأن هذا فيه موالاة ومحبة لهم، وفيه تعظيم وتقدير لهم، وهذا كله نحن منهيون عنه.
    فلا يجوز أن نستقدم العمال الكفار، ولا يقل شخص: لم أعلم، فالذي يقول: لم أعلم العجب منه أكثر من الذي يقول: لم أجد؛ لأن الذي لا يعلم معنى ذلك أن الإنسان لم يجعل موضوع الدين وارداً على ذهنه أصلاً، فذهب إلى هناك وأخذ، مثل الذي يروح إلى سوق الغنم، ويشتري كم رأس غنم وينصرف ولا يسأل، فهذا يذهب إلى بلاد فيها مسلمون وكفار، وفيها أبرار وفجار، ثم لا يسأل، وتقول: لم أعرف، وعندما رجعت إلى هنا علمت أنهم هندوس، فهذا الكلام لا يجوز ولا ينبغي.
    وفي دول معروف أن الأغلبية فيها كفار، مثل كوريا والفلبين والصين وتايوان، ففي هذه البلدان أكثرهم أو كلهم كفار إلا النادر، وهذا كما في كوريا.
    أما الذين معهم عمال هنا في البلاد فيجب عليه أن يسفره، ويخرجه من جزيرة العرب، وليس لأحد عذر في هذا، لأن البديل موجود، وإلا يكون الأمر كما كتب عمر إلى أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، وكان والياً على الكوفة، فاستخدم كاتباً نصرانياً، فكتب إليه عمر رضي الله عنه: [[بلغني أن لديك كاتباً نصرانياً فأبعده]].
    وهذا لم يكن في جزيرة العرب، لكن لأنه كاتب تمر عليه بعض معاملات وأمور من أمور المسلمين فلا يجوز، فقال: [[إنه يحسن الحساب]] وذكر أن عنده خبرة في الأمور، ونحن من أجل خبرته أتينا به، فكتب إليه رضي الله عنه: [[إذا جاءك كتابي هذا فهب أن النصراني مات، والسلام]] إذا مات النصراني ماذا تفعل؟ فـعمر رضي الله عنه جعلك أمام أمر واقع.
    ثم إن هؤلاء -والله- لا يضمرون لنا إلا الغش في الدنيا والآخرة.
    أما الذين لا ينهانا الله عنهم، فهم الذين لم يقاتلونا في الدين، ولم يخرجونا من ديارنا، فهؤلاء لا ينهانا أن نبرهم ونحسن إليهم، كما بين الله تعالى في سورة الممتحنة.
    فهذه حالة المسلمين لما كانوا في المدينة ولهم أقرباء كانوا في مكة، فكان الصحابة رضي الله عنهم يتحرجون من معاملتهم بعد أن أنزل الله أول السورة: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ))[الممتحنة:1] فبين الله تعالى أنه من كان من الأقارب، أو في حالة كون الإسلام والدعوة في أول أمرها، أو إذا ابتعثت إلى أمريكا مثلاً، واضطررت إلى ذلك، وأنت بين قوم كفار، فلا ينهانا ديننا عن الصلة لأهل الصلة والبر كالوالدين وإن كانا كافرين، قال تعالى: ((فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً))[لقمان:15] أو الإحسان والعدل، فنحن لا نظلمهم التعامل وإن كانوا كفاراً.
    فانتشار الكفار في هذه البلد الطاهرة شيء عجيب.
    ثم عذره في عدم الإسلام هو ليس بعذر، يقول: أخاف أن يقتلوني، فنقول: يجب على الإنسان أن يعلم أن هذا الدين نجاة من عذاب الدنيا والآخرة، وخروج من جور الأديان إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة، ومن كل عبادة العباد أو الأبقار أو الأحجار أو الأشخاص أو البشر أو الزعماء؛ إلى عبادة الله وحده.
    فهذه قضية يهون أمامها أي شيء، ثم نحن الدعاة علينا أن ندعوه حتى يتمكن الإيمان من قلبه -بإذن الله تعالى- وسوف يهون بعد ذلك كل شيء عليه، ويضحي بكل شيء.
    ومما نقوله له: أنه يوجد في الهند مسلمون وفي غيرها فلم يقتلوا، وإن قتلوا فلا بد من الصبر، ويوجد من أسلم وكان هداية قريته على يده -والحمد لله- وهذا موجود في الهند وغيرها، فلا عذر لأحد في أن يضل على شركه وكفره ولكن: ((إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْأِيمَانِ))[النحل:106] إذا آمن ورأى أنهم يكرهونه على الكفر،فهذا قد أعذره الله تبارك وتعالى.
  23. حكم اختلاط المرأة وتبرجها في الأسواق

     المرفق    
    السؤال: ما حكم اختلاط المرأة وتبرجها في الأسواق؟
    الجواب: مسألة الكشف والاختلاط والتبرج في الأسواق، ابتلينا بها كما ابتليت المناطق الأخرى بالممرضات، وبالمدرسات الأجنبيات كما يقال، ثم العادات القديمة التي عندنا من السابق، وهي الكشف على ابن العم وابن الخال والقريب والجماعة أحياناً، وإذا بها حزمة مركبة من الأخطاء نرتكبها يومياً.
    وأمر مهم جداً وهو أمر الفصل بين الذكور والإناث والحجاب والمحافظة على العرض والغيرة، وهذه من الأمور التي ذكرها الله تعالى في كتابه، وهذه من الأمور التي يفرق بها بين المجتمع المسلم الحقيقي وبين الادعاء، فإذا ذهبت إلى أي بلد في العالم ووجدت النساء يتحجبن، قلت: هذا بلد طيب، وتثني عليه، وإذا وجدتهن متبرجات تعرف أن هذا بلد سوء وفجور وفساد، وهذا من الأمور التي فطر عليها الناس، حتى الذي لا يصلي يحكم على الناس من خلال نظرته في حرصهم على الأعراض، ويحكم على المجتمعات من خلال أعراضها أيضاً.
    والنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: {الحمو الموت} وهذا لما سئل عن الحمو، والحمو هو قريب الزوج، والموت: هذه العبارة نحن نعرف معناها، فإذا قيل لك ما رأيك في فلان، قال: الموت، فهذه العبارة لا تحتاج إلى شرح، بمعنى أن الضرر الحاصل منه في الحقيقة أنه أكبر من جهة أن دخوله وخروجه غير مستنكر.
    فالإنسان الغريب في القرية، من المستغرب أن يدخل في بيت فلان والرجل في العمل أو غيره، لكن أخوه أو قريبه يدخل بغطاء الشيطان: {ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما} فالتقاء الشرارة مع البارود أو البترول، هذا إذا حدث دون انتباه من الناس؛ فهو أخطر من حدوثه بمكان والدفاع المدني موجود، لكن هذه المشكلة الآن تقع في البيوت.
    مثلاً: هذا بيتي وهذا بيته قريب، والزنا -والعياذ بالله- أنواع، ودرجات في التحريم، ومن أعظم أنواع الزنا كما بين النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حديث عبد الله بن مسعود -: {أن تزاني حليلة جارك} فالزنا بزوجة الجار أكبر من غيره -والعياذ بالله- وكله كبيرة وشر وفاحشة.
    وهذا لأن هذا الجار قرب الدار، وليس غريباً أن هذا يذهب عند هذا، أو أن هذه تذهب عند الجيران، وهكذا كلما كان الاقتراب من الشر أكثر،كلما كانت الحدود الشرعية أقوى، مثل سد المياه، كلما كان عند التيار كان السد منيعاً وأقوى، وهكذا حكمة الله، وهي أعظم حكمة، وهو أحكم الحاكمين.
    ولذلك جعل الحمو الموت، حيث إن المرأة تكشف على أهل الزوج أو أقاربه ممن ليسوا من محارمها أو تختلط بهم، أو تضحك معهم، وتحصل زيارات وعلاقات، ثم تكون -والعياذ بالله- الفاحشة.
    وعندما نقول تكون الفاحشة، لا يُفهم أن الدين أو الشرع ما حرمها إلا من أجل أن الزنا سيقع،ويقول -إن شاء الله- أهلي ما يفعلون، وهذا الظن بجميع المسلمين، لكن الزنا درجات: {العين تزني وزناها النظر، واليد تزني، والفم يزني، والقلب يزني، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه} فالنظر من أنواع الزنا، وسماه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زنا، ولهذا حتى لو كانت ليست جارة أو قريبة ولا أي شيء، لو نظر إليها الإنسان في مجلة من هذه المجلات السخيفة، التي كل واحدة لها اسم كبير مثل مجلة النهضة، ومجلة اليقظة، ومجلة التضامن، وفيها صور، فهذا زنا، والنظر إلى صورة المرأة زنا، والذي سماه زنا هو الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا بد أن يؤدي إلى شيء، وأقل ما يؤدي إليه هو اشغال القلب، وتحريكه بالشهوات -نسأل الله العفو والعافية- وإن لم يفعلها فقد شغل قلبه بها.
    وهذه قضية مهمة جداً، فالعمر -والله- محدود، وكل شخص يجب أن يعلم أن العمر محدود، والساعات محدودة، وليس عند الإنسان طاقة أعظم من طاقة هذا القلب والفكر، فإذا أشغلت هذه الطاقة الفكرية في ذكر الله، والتفكر في الآخرة، والتفكر في ملكوت السماوات والأرض، وفيما ينفعك في دنياك، فقد أشغلتها بالخير، وإلا فستصبح الشهوات والمحرمات تدور في ذهنك، وتفكر فيها، وتهوى هذه، وتتمنى هذه، وتعشق هذه، وتريد أن تتعرف على هذه، وضاع العمر في معصية، فشغل القلب بغير ذكر الله سبحانه، صرف لأعظم طاقة، وأفضل مجهود، وأهم قضية في حياتك وعمرك، فيما يريده أعداء الله من الإنس والجن.
    حيث أنهم يريدون أن يشغلوا أوقات الشباب ويضيعوها بهذا الشيء، فتدور حول الشهوات، والمتاع الفارغ، واللذات المحرمة فتخسر جهدك العقلي والقلبي، وهي أعظم خسارة، وكثير من الناس إذا ضاعت مائة ريال يتأسف ويندم، لكن إذا ضيع يوماً، فلا يأسف عليه وهذا خطأ، فإذا ضيعت يوماً أو ساعة لم تذكر الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فيها، كانت حسرة يوم القيامة، فما بالك إذا كان الذهن مشغولاً بهذه الصور، والنظر إليها، وإذا كان الفكر يدور حولها،والهم فيها، فهذا إضاعة للعمر، ومدخل للشيطان أن يدعو الإنسان إلى أي فاحشة.
    وهذا يورث ظلمة في القلب، وانقطاعاً عن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، ويورث أن الإنسان إذا جاء إلى المسجد يأتي وهذه الشهوة مسيطرة عليه، تشوش عليه باله، وإن لم يأت إلى الصلاة فهذا أدهى وأمر -نسأل الله العفو والعافية- فاتقوا الدنيا واتقوا النساء، ففتنة النساء هي أعظم فتنة كما ذكر ذلك النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
  24. حكم إضاعة الوقت فيما حرم الله

     المرفق    
    السؤال: أكثر شباب المنطقة يسهرون ليلهم إلى ما قبل صلاة الصبح، وينام إلى صلاة العصر، ونعرف منهم أناساً لا يصلون، فما رأيكم؟
    الجواب: هؤلاء هم الرفقة السيئة، وكما قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {يحشر المرء مع من أحب} حيث يحشر هؤلاء يوم القيامة في زمرة أصحاب الدخان والشيشة والأفلام والمخدرات واللغو والباطل، والحلف بغير الله.
    ولو لم يكن إلا إضاعة الوقت، فإضاعة الوقت في شيء لا فائدة فيه خسارة كبيرة، فما بالك إذا أضاعه فيما هو محرم، وأعظم من ذلك إذا أدى إلى ضياع صلاة الفجر والظهر.
    فهذا الرجل السهران إلى الفجر، الذي ينام مع الأذان إذا جاءته سكتة قلبية في نومه، كما يحصل لبعض الناس فمات، فعلى أي ملة يموت، أيموت على ملة الإسلام -نسأل الله العفو والعافية-؟!
    فأي خزي أعظم من هذا الخزي؟!
    وأي مصيبة يمكن أن تحيق بأي إنسان أو تحيط به أعظم من هذه؟!
    هذا لو فقد أهله أو ماله، أو جاء عدو واجتاح بيته، وأخذ أهله وقتلهم، لكان ذلك أهون أو مساوياً لمن فاتته الصلاة، وهذا مثال ضربه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأهل الدنيا،لمن ضيع أوقات الصلاة، أو فريضة من الفرائض، فكيف من يختار ذلك، ويسهر عمداً،ثم ينام عن هذه الفريضة - نسأل الله العافية- ويعلم أنه لن يصليها؟!
  25. بعض وسائل إدخال السحر إلى البيوت

     المرفق    
    السؤال: وجدت في بيتنا ورقة مكتوب فيها بسم الله الرحمن الرحيم، واسم الوالدة بلون أصفر، والورقة ملفوفة بخيط تحت فراش أبي، فأخذتها الوالدة وأنا معها فأحرقناها، هل هذه ورقة سحر؟ الجواب: الظاهر والغالب أن هذه ورقة سحر -نعوذ بالله من ذلك- ولا بد أنه وضعها شخص ممن يدخلون البيت. وفي هذه المناسبة كثير من الناس -وهذه وقائع مشهودة- سحروا عن طريق الخادمات، ولا تقل هذه خادمة مغفلة لا تفهم شيئاً، بل إن هذا أمر عادي جداً عندها، فربما تصنعه بنفسها، أو تكتب لمن يصنعه وتضعه، وقد حدثت عدة حالات. ودائماً الذنب والمعصية تستتبع مصائب ومعاصي، ومنها معصية استقدام النساء بلا محارم، وإسكانهن في البيوت مع الرجال والأولاد -نسأل الله العافية- وما ينتج عن ذلك من مصائب.
  26. الوقاية من السحر

     المرفق    
    السؤال: هل المداومة على أذكار الصباح تقينا من السحر؟ الجواب: نعم. المداومة على هذه الأذكار -إن شاء الله- تمنع وقوع السحر، وإذا ابتلى الله عبداً وأراد أن يبتليه فإنه يبتليه وإن أخذ بالأسباب، لكن يجب علينا أن نأخذ بالأسباب، والله أعلم.
  27. حكم الألعاب البهلوانية

     المرفق    
    السؤال: حدث يوم الأربعاء الموافق 26/12 حفل ختامي للتنشيط السياحي الذي أقيم في ملعب الفرح على الطريق العام، وبدأ الحفل بالقرآن، وبعض الكلمات وأغاني، ومن ضمن الفقرات خرج رجل يسمى البهلوان إلى وسط المتفرجين، وأحضر معه سيخاً حديدياً، ووضع طرفه في الأرض والطرف الآخر في عينه، ورأى المتفرجون بأنه ثنى السيخ بعينه، وأُحضر له لوح خشبي ممتلئ بالمسامير الحادة، ووضعه على ظهره، وجاءوا بصخرة يحملها أربعة أشخاص، ووضعوها على صدره، وجاءوا بمطرقة ضخمة وفجروا تلك الصخرة على ظهره، وقام وليس به شيء ونزع قميصه، وأراه الجمهور وهو مخرق من جهة ظهره، وقد أصبح حديث الألسن.
    نأمل توضيح ذلك هل هذا من السحر أم أن من قدرته أن يفعل ذلك، وجزاكم الله خيراً؟
    الجواب: نقول ما فائدة عرض هذه العروض؟ إن كانت تعرض على سبيل أن هذا من الأولياء أو الصالحين، أو العباد الذين لهم كرامات؛ فهذا له جواب.
    وعباد الهنود -الآن- يدعون الأمريكيين والأوروبيين إلى دينهم، وليس عندهم دين يدعون إليه، وليس عندهم حقائق يدعون إليها، فيذهبون إلى المدن الكبرى هناك، في نيويورك، وكاليفورنيا، وواشنطن، ولندن، ويلعبون مثل هذه الألعاب، فيأتي رجل ويدق السيخ في رأسه، ويفعل بالحديد مثلما فعل هؤلاء، ويأخذ حديدة محماة على النار حتى تكون حمراء، ويضعها على الثاني إلى غير ذلك. وهذا قطعاً من السحر ومن استخدام الشياطين -نسأل الله العفو والعافية-.
    ولهذا شَيْخ الإِسْلامِ ابن تيمية، لما ناظر البطائحية من الصوفية المشركين بالله -والبطائحية الرفاعية هم جماعة وأتباع ما يسمونه الشيخ أحمد الرفاعي- قالوا: علامة أنه على الحق أو أنك أنت على الحق: أن نوقد ناراً وندخلها نحن أو أنت.
    وشَيْخ الإِسْلامِ رحمه الله كان فطناً ولم يكن مثلنا يُضحك عليه، قال للحاكم: نعم. بشرط أن نغسل جلودنا بالنشادر، ثم ندخل أيدينا، فقالوا: هاتوا الحطب، قال: لا نحتاج حطباً كثيراً، يكفي الواحد أن يدخل يديه، لكن المهم أن ندهن أيدينا بالنشادر، فلما رأوا الجد نكلوا ونكثوا.
    إذاً فيها حيل شيطانية.
    وهذه القصة ذكرها شَيْخ الإِسْلامِ رحمه الله بنفسه، وذكرها ابن كثير وغيرهم من المؤرخين في حياته رحمهم الله.
    فهؤلاء سحرة يجب أن يقتلوا، وبعض الناس لا يقول: أنه ولي، ولا يريد بذلك أن يعظمه الناس تعظيم عبادة، ولكن يعظمونه تعظيم بطولة، فهو نجم وبطل، كلاعبي السيرك -مثلاً- أو غير ذلك، وهذا أيضاً فيه نوع من الاستعانة بالجن والشياطين، أو نوع من التحايل، كأن يضع حديداً مخفياً ولكن لا يراه الناس، ويضربون الحديد، ويظن الناس أنهم يضربونه، لأن كل فن أهله أعرف به، حتى الحيل، وكل شيء أهله أعرف بطريقته وأساليبه.
    فإما أن تكون حيلاً وهذه ليس فيها إشكال إلا من جهة أنها توهم الناس فيظنون أن هذا خارق للأسباب.
    فالصحابة رضي الله عنهم عندما كانوا يُضربون بالسيوف فإنهم يموتون، مثلما حصل لحمزة رضي الله تعالى عنه، فهل هذا الذي لم يتأثر بالضرب أفضل من حمزة أو أنه أقوى منه؟!
    فهذا العمل -لا شك- يُحدث ارتباكاً للناس؛ لأن من حكمة الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أنه ربط الأسباب بالمسببات، فجعل لكل شيء سبباً، فلو تحركت كأس من مكانها بدون أي سبب فإن كل الناس تندهش! فالله فطر الناس جميعاً على هذا، حتى الصغار والكبار، حتى الجهلة لا بد عندهم من الأسباب.
    فمن الأسباب المعروفة أن شخصاً نضع على بطنه صخرة، أنه يموت، فكيف يأتي واحد وتوضع الصخرة على بطنه ومع ذلك لا يضره؟!
    فنكون بهذا هدمنا قاعدة متعارف عليها قطعاً، وهي قاعدة الأسباب والمسببات، فهذا يؤدي إلى إرباك في العقل، وهذا الارتباك منه يدخل الفساد والشر والشرك والإلحاد؛ لأن الله تعالى لم يفضلنا إلا بهذه العقول، ولم يأمرنا أن نسير في الأرض ونضرب في مناكبها إلا بناءً على أن هناك أسباباً معينة، إذا أخذنا بها نلنا ما يريد الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فإذا ضاعت هذه الارتباطات العادية -وهي الأسباب والمسببات- فإننا نتيه بعد ذلك، ويصير الواحد منا يصدّق ما لا يُصدَّق، وينكر ما لا يجوز إنكاره.
    فهي على أي حال من المنكر الذي يجب أن يحارب، وفيما أعلم أن هذا ممنوع، فقبل حوالي عشرين سنة من الآن، ونحن ما زلنا طلاباً في المدرسة، جاءت فرقة هندية، وأرادت ان تعمل سيركاً في الباحة، فمُنعوا وجاء أمر بمنعهم من إقامته، بسبب أنه كان يشتمل على هذه الألعاب البهلوانية كما يسمونها.
  28. حكم التعامل مع البنوك

     المرفق    
    السؤال: أنه سُئل بعض العلماء عن شركة الراجحي أنها تشتري سيارات ثم تبيعها للمواطنين بالتقسيط، فقالوا: لا بأس بذلك، فما رأي فضيلتكم؟ الجواب: ليس هذا كل ما في الأمر، لكن بعض الناس قالوا: إذا كانت الشركة تتعامل بالربا، وكانت هذه المضاربة إسلامية فلا بأس بذلك؛ لأن المعاملات الربوية في البنوك لا تمنع أو تحرم المعاملات الإسلامية فيها. والصحيح أن هناك فرقاً بين العقد المنفصل وبين ما كان من ضمن العملية الربوية، أي: أن الأصل في البنوك والتمويل هو: الائتمان والإقراظ والإيداع، هذا هو عمل البنوك، لكن كون الواحد مرابياً لكنه -مثلاً- يبيع الأسمنت، أو مواد بناء، أو أخشاباً وعمل فيها مضاربة، فإن هذا العمل يعتبر صحيحاً وخارجاً عن الربا. فهذا العمل غير العمل الذي هو عمل البنك الأساسي، الذي يكون فيه البنك مكاناً للتسجيل والقيد، حيث أن الإنسان يودع المال في البنك، ويقول له البنك: ماذا تريد، هل مضاربة إسلامية أو على عادتنا -أي بطريقة الربا-؟ قال: لا. أنالا أريد رباً. فهذا الأمر يعتبر استهزاء بدين الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، واستهزاء بأهل الدين الذين يذهبون إليهم ويقولون لهم هذا الكلام. والمقصود أن المرابي لوعمل أي عمل آخر خارج الربا فإن هذا العمل يعتبر حلالاً، ولا نقول: إن كل معاملات المرابي حرام، لكن إذا كانت مما يدخل من ضمن عملية الربا من التمويل والإئتمان والإيداع...إلى آخره -كما تتعامل به البنوك- فهذا هو الحرام. فهذا المال الذي تتعامل به البنوك حرام، وهذا يقع كل يوم، وليس في كل شهر -مثلاً- أو سنة، حيث يقفّل الرصيد كل يوم على مبلغ معين، وتتم المقاصّة في مؤسسة النقد بين البنوك، ماذا أخذ، وماذا أعطى؟ فهم لا يقولون: هذا احسبوه مع حق الإسلام وهذا احسبوه مع الربا، بل كله مختلط ليس فيه فرق، ولا نضحك على أنفسنا.
  29. حكم طلب الدعاء من أهل الخير والصلاح

     المرفق    
    السؤال: ما حكم طلب الدعاء ممن يظن به الخير والصلاح كالعلماء؟ وهل طلبه منهم من التواصي المشروع أم لا؟
    الجواب: شَيْخ الإِسْلامِ ابن تيمية رحمه الله يقول: ليس به بأس، ويستدل بقول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لـعمر: { لا تنسنا يا أخي من دعائك}.
    فطلب الدعاء من الصالحين لا بأس به -إن شاء الله- وجائز، ولكن هناك فرق بين الجائز وبين المندوب إليه أو المطلوب والمستحب والمشروع.
    فالواجب أو المطلوب أو المشروع في الدعاء هو أن يُدعى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مباشرة، ودعاء العبد لربه بنفسه قد يكون واجباً، وقد يكون مستحباً، لكن أن يطلب من غيره أن يدعوَ له -أي: أخ في الله صالح أو من العلماء- فهذا جائز، وأيهما أفضل الجائز أم المشروع والمندوب؟
    المشروع أفضل، فلا يجعل ذلك على سبيل الاتكال فلا يدعو الله، وإنما يظل يذهب ويزور الصالحين وأهل الخير ويقول: ادع لي، ولا يدعو الله هو، بل الصحيح أن تدعو الله، وهذا هو القاعدة والأصل، ولا بأس أن تقول لأحد إخوانك: ادع لي.
  30. حكم قول القائل: لو لا الله وفلان، ولولا العالم الفلاني

     المرفق    
    السؤال: قول الناس: لولا الله وفلان، ولولا العالم الفلاني، هل هذا من التوسل المحرم؟
    الجواب: هذا من الألفاظ الشركية، وهو من شرك الألفاظ، كقول: ما شاء الله وشئت، فعندما قالها الرجل، قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {أجعلتني لله ندّاً؟! قل ما شاء الله وحده} والحلف بغير الله بغير نيّة تعظيم المحلوف به كتعظيم الله، أو أن يقول لولا الله وفلان، هذا من شرك الألفاظ، وهو شرك أصغر، ولكنه ذريعة ووسيلة إلى الشرك الأكبر.
    وإذا اقترن به اعتقاد صاحبه أن هذا المحلوف به أو هذا الذي قيل فيه لولا فلان أنه هو فعلاً الذي يؤثر تأثيراً مستقلاً بذلك، وهو صاحب الأمر والتدبير والشأن، فإن ذلك يكون شركاً أكبر.
    وكثير من الروافض والصوفية -والعياذ بالله- يعتقدون أن الله تعالى فوّض الأمور إلى الأولياء، فأعطى عبد القادر الجيلاني مفاتيح الأقاليم السبعة، أو أعطى كل واحد من الأولياء مفتاح إقليم من الأقاليم، وأنه يدبّر ويرزق ويحيي ويميت -والعياذُ بالله- وهذا شرك أكبر.
    إذاً إذا قال: لولا عبد القادر الجيلاني لم يحصل شيء، بنية التفويض في التصرف، فهذا شرك أكبر، أما إن قال: لولا فلان ما جاء كذا، فهذا من الألفاظ الشركية التي يتحرز منها، لأنها قد توهم وقد تؤدي للشرك الكبر، فيقول الإنسان: لولا الله ثم فلان.
  31. حكم دفن أطفال الكفار في مقابر المسلمين

     المرفق    
    السؤال: يقول الأخ: إذا مات طفل من أبوين نصرانيين في بلد الإسلام، فهل يدفن في مقابر المسلمين نظراً لفطرته، أو ماذا يعمل به وهذه واقعة في إحدى المستشفيات.
    الجواب: هذا مما يبين لنا خطر ومخالفة وإجرام وذنب من يستقدم الكفار إلى جزيرة العرب، لأنه لا يجتمع فيها دينان، وهذه من الشواهد ومن الأدلة على صحة وتأكيد هذا الخطر.
    فإن المعصية إذا ارتكبت فإنها تستتبع وتستلزم معاصي، فلمّا أدخلناهم بلادنا، وعصينا الله ورسوله، وأتينا بهم إلى بلاد الإسلام الطاهرة، جاءت مشاكل إذا ماتوا، أو مات أطفالهم.
    وقد قال بعض الناس: أحسن شيء أن نفعل لهم مقبرة خاصة، وهذا يمكن أن يكون اجتهاداً أو غفلة أوجهلاً، وقالوا: لماذا لا نجعل في كل مدينة مقبرة للكفار؟ فهم يريدون أن يجعلوا لهم وقفاً في بلاد المسلمين، فيزورونهم ويأتي إليهم أهلوهم، ويوماً من الأيام يطالبون بالأرض.
    فهذا من غاية الغفلة والغباوة، فإنه لا يجوز دخولهم فكيف نجعل لهم مقبرة؟!
    وبالنسبة للطفل فإن الطفل تبعٌ لأبويه في الأحكام، فلذلك الطفل النصراني يعتبر من النصارى، والطفل اليهودي يعتبر من اليهود ما دام أبواه موجودين، ويخرج من هذا الحكم في حالة ما إذا وجدته في بلد فيها مسلمون وفيها كفار، أو في حي من أحياء اليهود والنصارى، وهو مولود، لا يعلم له أب -فهو لقيط- فأخذته أنت، فهذا يكون حكمه الإسلام؛ لأن الأبوين ليس لهما عليه ولاية، أو سلطة.
    فالطفل يعتبر تبعاً لأبويه، ولهذا لا يجوز أن يقبر في مقابر المسلمين.
  32. حكم الالتزام ببعض الأدعية عند العزاء والجنازة

     المرفق    
    السؤال: ما حكم الالتزام ببعض الأدعية عند العزاء والمشي بالجنازة؟ الجواب: كثير من الناس يردد عبارات غير مشروعة في العزاء والجنازة، مثلاً: ارحم ارحم، أو يقرءون الفاتحة وهم يحملون الجنازة، أو أي شيء غير مشروع، وهذا كله بدعة، وإنما السنّة في مثل هذا هو الدعاء، فكل إنسان يدعو للميت بالرحمة والاستغفار، ويتذكر الآخرة، ويمشي في الجنازة، وله في ذلك من الأجر قيراط -إن شاء الله تعالى-. وأمّا الدعاء بعد الدفن فهو الدعاء بالتثبيت، لأنه في تلك اللحظة يُسأل، ولا بأس أن يدعو الإنسان بأي أدعية، ويتضرع إلى الله بأنواع من التضرعات والتوسلات التي ذكرناها في أسماء الله وصفاته، بأن يثبته، وهذا لا بأس به ما دام لم يلتزم دعاءً معيناً، ويظن أن هذا الدعاء هو المشروع، مع أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يشرعه.
  33. كيفية الرد على من يؤول آيات المعية

     المرفق    
    السؤال: الله تبارك وتعالى يقول: ((أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)) [المجادلة:7] فإذا سألنا أحد أين الله؟ نقول له: ((الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى)) [طه:5] والنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: { سأل الجارية: أين الله؟ قالت: في السماء } فيقول: بل معنا في كل مكان، وهذه الآية دليل على ذلك، فكيف نوفق بين هذا وذاك؟
    الجواب: الله تعالى معنا في كل مكان بعلمه وهذه الآية: ((أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ))[المجادلة:7] وفي آخرها قال: ((إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ))[المجادلة:7] فإذاً هو معنا بعلمه، لكن بذاته عزّ وجل على العرش استوى.
    إذاً لا يوجد إشكال والحمد لله.
    وفي الآية الأخرى: ((وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ)) [الزخرف:84] قال بعض أهل البدع: إذاً هو في الأرض موجود وفي السماء موجود بذاته، فنقول لهم: هذا المعنى لا يصح، بل الصحيح أنه في الأرض إله معبود، وفي السماء إله معبود، وهو المستحق وحده للعبادة.
  34. حكم قول القائل: اللهم إني أتوسل إليك بحبي للصالحين

     المرفق    
    السؤال: هل يجوز أن يقول أحد: اللهم إنّي أتوسل إليك بحبّي للصالحين من العلماء والدعاة؟ الجواب: قوله: اللهم إني أتوسل إليك بأني أحبّ فلاناً، وما أحببته إلاّ فيك، ولوجهك الكريم -مثلاً- فهذا صحيح وجائز، لأن الحب في الله أوثق عرى الإيمان، فإذا دعوت الله بالحب في الله، فقد دعوته بأمرٍ وعمل صالحٍ مشروع فلا بأس بذلك -إن شاء الله-.
  35. حكم الواسطة في طلب غرض دنيوي

     المرفق    
    السؤال: ما رأيك في الواسطة التي يتوسط بها الناس للحصول على عمل، هل فيها شرك؟
    الجواب: إذا كان شخص يريد واسطة لوظيفة أو عمل فهذا لا يعتبر شركاً، بل هذه أسباب دنيوية.
    لكن: ((مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا )) [النساء:85] فهذا حسب النوع، إن رأيت شاباً محتاجاً وتوسطت في إدارة من الإدارات، ليعمل شاب جيد، وفي وظيفة طيبة، فهذا لا بأس به.
    وإمّا إن كان -والعياذ بالله- العمل شر أو فساد، كالخمر أو الزنا، أو فيه رشوة، أو الواسطة هذه حجبت حقاً لأحد، أو حرمت إنساناً من حقه، أو أعطت ظالماً وكبتت مظلوماً، فهذه تكون شفاعة محرمة.
  36. الدليل على وجود صحوة إسلامية في خارج المملكة

     المرفق    
    السؤال: هل هناك صحوة إسلامية خارج المملكة، وإذا كان ذلك صحيحاً، فما دليلكم على ذلك؟
    الجواب: نعم هناك صحوة موجودة -والحمد لله- في كل مكان، والأدلّة على ذلك أنهم يطالبوننا كل يوم، وكل حين بإرسال الكتب والدعاة، وهم يصبرون على ما يصبر عليه الشباب هنا، وهم في مصر والجزائر وغيرها من البلاد يتحملون ما لا نتحمل، فنحن هنا نجد معنا على الحق أنصاراً وأعواناً، ومجتمعنا يقبل الخير -والحمد لله- وعندنا بعض الأحكام المقامة، لكن هناك تجد القوانين الوضعية والمجتمعات تنكر عليهم، ومع ذلك يقاومون ويطبقون السنة.
    فالفتيات محجبات، والشباب على السنة -إن شاء الله- في إيمانهم، وكذلك في مظهرهم، ويدعون إلى الله، ويؤذون في سبيل الله، وكثير من الدول وخاصّة التقدمية، وكذلك البعثية، السجون فيها ممتلئة إلى الآن وإلى هذه اللحظة من الشباب المؤمن، حتى في أمريكا بلد الفساد والإلحاد تجدهم من جميع الدول -من المملكة وخارجها- يعيشون هناك عيشة الأطهار الأبرار في مجتمع الكفار الفجّار، فهذا موجود والحمد لله.
  37. هل قبر الحسين في القاهرة؟

     المرفق    
    السؤال: أخ يقول: سمعت من أحد المشايخ أن الذي في مكان قبر الحسين في القاهرة هو مكان لرجل نصراني، فما صحة هذا؟
    الجواب: أنا لا أعرف هذا ولا أجزم بذلك، لكن الحسين ليس موجوداً هناك لا كله ولا رأسه، وهذا مؤكد قطعاً.
  38. نصيحة حول كيفية الدعوة

     المرفق    
    السؤال: أنا مصري أعمل هنا، وإذا ذهبت إلى القاهرة أريد أن أوضح للناس فساد ما يعتقدونه في قبر الحسين ولا أستطيع، فما هي الطريقة التي تنصح بها لإنكار هذا المنكر العظيم؟
    الجواب: أولاً: نسأل الله أن يوفق هذا الأخ الكريم، وقد أحسن من انتهى إلى ما سمع، وجعلنا الله وإياكم جميعاً ممّن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وهذا من فضل الله عز وجلّ أن يكون فينا دائماً ممّن إذا سمع شيئاً من كتاب الله أو سنة رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ استجاب، فهذا الأخ نوّر الله قلبه، وعرف أن هناك واجباً عليه ما دام عرف التوحيد أنه إذا ذهب إلى بلاده أن يدعوهم إليه، وأن يحذّرهم من الشرك.
    أمّا الطريقة، فعليك بالوسيلة التي ذكرها الله تعالى: ((ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ)) [النحل:125] فخذ الناس بالإقناع رويداً رويداً، إبدأ بأقاربك، مثلاً: زوجتك أو أقاربك أو أعمامك أو زملاؤك بمن يثق بكلامك، ومن يحبه واطرح الموضوع كقضية عقلية هادئة، وبيّن له بالأدلة الشرعية المبسطة، وبين له الذي ينفع والذي يضر، فإذا جئتهم بالأسلوب الطيب -إن شاء الله- يُلين الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لك قلوبهم.
  39. كيفية إزالة مواطن الشرك

     المرفق    
    السؤال: في منطقتنا مكانٌ يسمى جبل لقمان ويدّعون: أن قبر لقمان فيه، ويقوم بعض الناس بدعائه فما العمل؟
    الجواب: هذه أول مرة أسمعها، وقد كانت عندنا شركيات، وكان الناس يذهبون للجبال والقبور، فإن كان بقي أحد يذهب إليه ولو نادراً، أو قد يعاد الذهاب إليه فيجب إزالته بالكلية، ومن فعل ذلك فليحتسب الأجر العظيم عند الله، لأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أرسل علياً رضي الله عنه على أن: {لا يدع قبراً مشرفاً إلا سواه، ولا صورة إلا طسمها} وكما أرسل خالداً رضي الله عنه فقطع رأس العزى.
    فهذا يحتسب الأجر العظيم عند الله، ففي بعض المناطق في جهة ينبع وما حولها كُتب عنها، فجاء الدفاع المدني وفجّر صخورها بأمر من رجال سماحة الشيخ عبدالعزيز رحمه الله، فهذه تفجّر وتزال وإن كانت نسيت بالمرّة -فالحمد لله- ونسأل الله أن تنسى نهائياً.
  40. حكم قول القائل اشفع لي يا محمد!

     المرفق    
    السؤال: ما حكم من يقول: اشفع لي يا محمد؟ الجواب: هذا دعاء لغير الله وهو من الشرك الأكبر، ولكن نسأل الله ونقول: اللهم شفّع فيَّ رسولك، فنسأل الشفاعة من الله، وندعو الله أن يجعله شفيعاً لنا يوم القيامة.
  41. معنى قوله تعالى: (وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ)

     المرفق    
    السؤال: ما معنى قول الله تعالى: ((وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ )) [هود:44]؟
    الجواب: المعنى: أن الله تعالى أمر السماء أن تقلع عن المطر، وأمر الأرض أن تتشربه فغاب في الأرض، ومعنى غاب أي: هبط ونزل في الأرض، واستوت على الجودي أي: استقرت السفينة على جبلٍ يسمى الجودي، ولو سأل سائل: أين يقع، وكم طوله، تقول: هذا لا يهمنا ولم يتعبدنا الله بذلك.
  42. حكم من توفي وبقي عليه يوم من شهر رمضان، وحكم الصيام عنه

     المرفق    
    السؤال: الأخ يقول: إن جدته توفيت وبقي عليها يوم من شهر رمضان، فإذا صامت ابنتها عنها، فما الحكم؟ الجواب: إذا صامت ابنتها عنها فهم مأجورون على ذلك، وإن لم يفعلوا فالصيام على أيّة حال قد سقط عنها لعجزها.
  43. حكم إرسال البنات للسكن في السكن الداخلي للجامعات

     المرفق    
    السؤال: مسألة أن بعض الآباء من منطقة يرسل بناته إلى منطقة أخرى، ويقول: لم يقبلوها في المدارس التي في الباحة، فنرسلها لجدة، وقال: تسكن في السكن الداخلي، فما حكم ذلك؟
    الجواب: عجيب جدّاً، والله لو تعلمون ما الذي يجري وماذا جرى في السكن الداخلي في جامعة جدة وغيرها! لكان الإنسان يحبس ابنته بالسلاسل، ولو تعيش صمّاء بكماء عمياء، وليس فقط ألا تتعلم وألا تأخذ الجامعة، فهناك تحدثت مصائب وفتن، فهم عندهم إذن بالرحلات الجماعية إلى البحر، ورحلات تسويقية، وحضور حفلات، وخروج مع الزميلات، فضلاً عمّا يحدث داخل السكن من أمور وهي ثابتة، والهيئات تتابعها، والدعاة يلاحقونها، وبعض المخلصين في الجامعة يتابعها.
    فحقيقة أنه شيء عجيب جدّاً أنك تجد الرجل فيه الدين والأصالة والعادات الطيبة، ثم يرسل ابنته هناك، يقولون له: أين ابنتك؟ قال: في السكن الجامعي، لماذا؟ قال: من أجل أن تأخذ شهادة، سبحان الله! يكتب في الجرائد تقريباً كل يوم أن أخذ البنت للشهادة العليا أصبح سبباً في حرمانها من الزواج، فماذا أفادت هذه الشهادة؟! حيث تصبح المتخرجة من الجامعة ترضى أن تكون زوجة لرجل طاعن في السن، والأمر ليس فيه شيء، لكن هي ترى أنها حُرمت، وترى أنها تصبح زوجة ثانية، وأيضاً أمر الزوجة الثانية ليس فيه شيء، لكن هي ترى أن أختها التي في المتوسطة أو في الثانوي، أخذت شاباً وارتاحت، وهي أخذت كبيراً أو زوج الثانية، ولا يوجد أمامها إلا ذلك، وإلا لن تتزوج، فأصبح تعليمها نكبةً عليها -نسأل الله العفو والعافية-.