المادة    
  1. حكم إعادة الصلاة خلف الإمام الفاجر أو المبتدع

    يقول: ''حتى أن مصلي الجمعة خلف الفاجر اختلف الناس في إعادته الصلاة وكرهها أكثرهم، حتى قال أحمد بن حنبل في رواية عبدوس من أعادها فهو مبتدع وهذا أظهر القولين'' .
    ونقل عن الإمام أحمد في مسألة إعادة الصلاة قولان:
    القول الأول: الإعادة، ونقلوا أنه كان وهو في السجن يصلي خلفهم، ثم يعيد الصلاة سراً .
    والقول الثاني: عدم الإعادة، وقد رجح شَيْخ الإِسْلامِ رحمه الله في أكثر من موضع، أن الراجح عدم الإعادة.
    وعلى هذا فما تجدونه في كتاب الشيخ -مثلاً- سليمان بن سحمان -وهو كتاب كشف الشبهتين وبعضه مأخوذ من كتاب توحيد الخلاق وأمثاله من رسائل دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله- مِن تعرضٍ لهذه المسألة وترجيحهم إعادة الصلاة فهم أخذوا برواية، وشَيْخ الإِسْلامِ رجح رواية أخرى.
    ولا إنكار في ذلك؛ لأن الكلام الذي أورد على الروافض وعلى الجهمية الذين ينكرون علو الله، وينكرون الصفات، وشَيْخ الإِسْلامِ هنا في الحقيقة تكلم عن المبتدعة الذين هم دون ذلك، وعلى هذا فلا إشكال من حيث العمل والتطبيق.
    يقول: ''لأن الصحابة -أي هذا هو وجه الترجيح- لم يكونوا يعيدون الصلاة إذا صلوا خلف أهل الفجور والبدع، ولم يأمر الله تعالى قط أحداً إذا صلّى كما أمر بحسب استطاعته أن يعيد الصلاة'' .
  2. حكم إعادة الصلاة للمتيمم والمحبوس وأشباههم

    ويقول: ''ولهذا كان أصح قولي العلماء أن من صلّى بحسب استطاعته لا يعيد حتى المتيمم لخشية البرد، أو المصلي لعدم الماء والتراب إذا صلّى بحسب حاله، والمحبوس وذوو الأعذار النادرة والمعتادة والمتصلة والمنقطعة، لا يجب على أحد منهم أن يعيد الصلاة إذا صلّى الأولى بحسب استطاعته''
    ثم استدل على ذلك بالحديث، يقول: ''وقد ثبت في الصحيح أن الصحابة صلوا بغير ماءٍ ولا تيمم لما فقدت عائشة عقدها، ولم يأمرهم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالإعادة، بل أبلغ من ذلك أن من كان يترك الصلاة جهلاً بوجوبها لم يأمره بالقضاء، فـعمر وعمار لما أجنبا فـعمر لم يصل، وعمار تمرغ كما تتمرغ الدابة لم يأمرهما بالقضاء، وأبو ذر لما كان يجنب ولا يصلي لم يأمره بالقضاء، والمستحاضة لما استحاضت حيضة شديدة منكرة منعتها الصلاة والصوم لم يأمرها بالقضاء، والذين أكلوا في رمضان حتى يتبين لأحدهم الحبل الأبيض من الحبل الأسود لم يأمرهم بالقضاء، وقد كانوا غلطوا في معنى الآية، والمسيء في صلاته لم يأمره بإعادة ما تقدم من الصلوات، والذين صلوا إلى بيت المقدس بـمكة والحبشة وغيرهما بعد أن نسخت -أي: نسخ التوجه إلى بيت المقدس- لم يأمرهم بالإعادة، فالمتأول والجاهل المعذور ليس حكمه حكم المعاند والفاجر، بل قد جعل الله لكل شيء قدراً'' .
    وهذه الأدلة معروفة في كتب الفروع، والأحكام ثابتة أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يأمر أصحابها بالقضاء، لأنهم إما متأولون، وإما جهلة بالحكم، فالمتأول والجاهل المعذور ليس حكمه حكم المعاند والفاجر، وفي الجاهل متى يعذر، ومتى لا يعذر تفصيل آخر، نسأل الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أن ينفعنا جميعاً بما نسمع وما نقول، والحمد لله رب العالمين.