المادة    
ثم إن من الحقوق الواجبة على المرأة حقَّ الزوج والأبناء، وهنا لا بد أن نقول قضية مهمة جداً، وهي: أن عمل المرأة هي أن تكون أماً وزوجة؛ كما قال تعالى: ((وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى))[الأحزاب:33]، فالعمل والوظيفة الأساسية للمرأة هي الزوجية والأمومة والقرار في البيت، هذه حقيقة نطق بها القرآن، وعمل بها الصحابة الكرام رضي الله تعالى عنهم، وعملت بها أجيال السلف الأولى، فانتشر هذا الدين، وانتشر الحق، وانتشرت الفضيلة.
  1. عمل المرأة خارج البيت

    أما عندما استوردت أنماط الحياة الغربية وسلوكيات الأمم الكافرة، وأصبحت المرأة تزاحم الرجال في الأعمال، أو تعمل كأعمالهم، وتدرس مناهجهم وتترقى في وظائفهم، وإن كانت مفصولة معزولة، فإن ذلك يعد نوعاً من المشابهة؛ لأن بعض المجتمعات شابهتهم مشابهةً كاملةً في التبرج، وهذا كثيرٌ في خارج هذه البلاد، ونحن هنا في هذا المجتمع ويقاربنا فيه بعض المجتمعات القريبة منا شابهناهم مشابهة جزئية ولكنها خطيرة، فالفتاة تُدرَّس نفسَ المناهج (ابتدائي- متوسط- ثانوي) وبنفس المراحل في الجامعة والوظيفة والمراتب الوظيفية والأعمال، كل شيء إدارياً أو علمياً متشابه إلا في بعض الأمور، وهذا نوع خطير من المشابهة.
    وأذكر أن فضيلة الشيخ عبد الله بن حميد رحمه الله في محاضرة له في جامعة أم القرى قال: ''إن الذي وضع مناهج البنات، وجعلها كمناهج الأولاد مجرم مجرم'' وكررها رحمه الله، وحقاً قال والله! إن كان ذلك الذي وضعها قاصداً فلا شك أن ذلك إجرام في حق المرأة.
  2. معاناة الحضارة الغربية من عمل المرأة

    أقول: هذه الحقيقة التي جاءت في الكتاب وفي السنة وواقع السلف -نطق بها أيضاً الغربيون الذين عانوا الويل والهلاك والمآسي والضياع من جراء خروج المرأة من البيت وعملها خارج البيت كأساس، وهذا رجل مشهور عند الغربيين عموماً، كتب وألف كتاباً لم يكتب كتاب آخر مثله في أوروبا كلها، وربما في العالم! عن سقوط الحضارات وأسباب انهيارها، وهو رجل ألماني يدعي اشبنجلر.
    وكتابه كتاب مشهور جداً يسمى تدهور الحضارة الغربية أو سقوط الغرب، يقول فيه -فيما معنى كلامه-: ''إن جميع الحضارات تسقط عندما تفقد المرأة فيها وظيفة الأمومة وتخرج وتتبرج وتتهتك'' وأخذ يضرب الأمثلة: حضارة اليونان، وحضارة الرومان، والحضارة الفارسية، والحضارة اليابانية، والصينية، والكورية التي لا نعلم عنها شيئاً، حضارات جنوب أمريكا، وهي أيضاً مما لم يكتشف إلا قريباً، وأنواع الحضارات المعروفة في التاريخ سقطت وتدهورت عند هذا المنعطف الكبيركما سماه، وهو خروج المرأة، ومشاركة المرأة للرجل، وتركها الوظيفة التي خلقها الله تبارك وتعالى وأهَّلها لها، وهي الأمومة.
    والمحللون الاجتماعيون الآن في العالم كله، المتجردون منهم يكتبون على اختلاف مللهم وكلامهم وآرائهم ويقولون: إن خروج المرأة من البيت هو سبب رئيسي من أسباب انتشار الجرائم وانتشار الفواحش وتعكير الأمن، وأيضاً كل الشرور التي يعانون منها؛ فلا أريد الإطالة على الأخوات الكريمات في هذا، وهناك أشرطة ومقالات ومحاضرات وكتيبات لعدد من الدعاة خاصة في هذا الموضوع.
  3. كيفية تعامل المرأة مع الواقع المعاصر

    وأقول: إن هذه الأمومة وهذه الزوجية أسهل في حياة المرأة المسلمة، ثم إن كان لا بد من الخروج ونحن الآن أمام واقع وقد خرجت فيه النساء، وقد فرضت علينا هذه المناهج، وقد وضعت مدارسنا وتعليمنا وحياتنا على هذا النمط الذي لا قبل لنا أن نتنكر له بالكلية، وأن نتغاضى عنه كلية؛ فماذا نعمل؟ فمن باب أن نسد الثغرة ما أمكن أن نجتهد في أن نسدد ونقارب، ونستغفر الله تعالى في التقصير وفيما يحدث من تجاوز أمام أمر واقع ضخم هائل، يجعل المرأة تخرج من بيتها لأي عمل من الأعمال فيجب عليها أن تعلم أمراً: أن هذا عمل ثانوي بالنسبة لعملها الأساسي: إن لم تكن قد تزوجت، فلتعلم أن الزواج هو الأصل لا أن تتم الدراسة وتواصلها، وأن تتوظف كما يفعل بعض الأخوات. وإن كانت متزوجة فلتعلم أن حق الزوج والأبناء هو الأساس، ثم بعد ذلك تحرص أن تربي البنات والطالبات، وتنشر أيضاً بين الزميلات والأخوات هذا الأصل وأن تذكرهن به، فإن خروجها عنه لو كان لضرورة أو حاجة، فلا يعني أن تنساه وأن تغفل عنه، وأن يصبح واقع حياتنا هو الأصل الذي نظن أنه هو الحق، بل يجب أن نهتم به، وبالمقابل يجب على الإخوة الكرام -أولياء الأمور أو الأزواج- أن يرفقوا ببناتهم وأخواتهم اللاتي يجمعن بين الوظيفتين، فإنه لا بد أن يحدث منهن خللٌ أو تقصيرٌ في حق الزوج أو البيت؛ لأنه يصعب على المرأة أن تقوم بأداء العملين كاملين، فلا بد أن يتغاضوا عن ذلك في مقابل مصلحة تعليم هؤلاء البنات ونشر الدعوة والقيام بهذا الواجب الذي نرغم عليه أحياناً إرغاماً، وليس من اختيارنا -والله المستعان- ولا بد من الصبر في هذا الشأن.