المادة    
  1. توقير أهل البدع

     المرفق    
    السؤال: هل من مذهب أهل السنة والجماعة أن يكنوا لصوفي أو معتزلي أو أشعري شيئاً من الاحترام أم ينبغي علينا ألا نحترمهم؟
    الجواب: روى اللالكائي وغيره بأسانيد صحيحة عن أيوب وغيره من السلف ومن التابعين أنه قال: [[من وقرَّ صاحب بدعة فقد أعان على هدم الإسلام]]؛ لأن توقير أهل البدع هو رفع لشأن البدعة، وهدم لسنة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وتقديم بين يدي الله ورسوله، ورفع لصوت أحد من الناس فوق صوت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهذا لا يكون أبداً.
  2. منهج أهل السنة في الحكم على الرجال

     المرفق    
    السؤال: من وقع في بعض البدع مع سعيهم لنشر السنة؛ فهل يعد من أهل السنة أم لا؟ مثل الإمام النووي وابن حجر العسقلاني وغيرهما؟
    الجواب:
    أولاً: نحن مع أننا لا نوقر صاحب البدعة ولا نقدره إلا أننا ننهج معهم منهج السلف الصالح كذلك، فإن أهل السنة والجماعة لا يظلمون أحداً، لا مبتدعاً ولا غير مبتدع، فلو وجد في أهل البدع -كما أشرنا- صاحب جهاد أو أمر بمعروف أو نهي عن منكر فإن ذلك رغم ما فيه يذكر.
    والسلف الصالح يقولون عن عمرو بن عبيد: إنه كان زاهداً، ولم يقولوا عنه: أنه كان مترفاً، وأثبتوا حتى لـمعبد الجهني أنه كان من العباد رغم أنه ابتدع القول بالقدر، فهم لا يظلمون أحداً، ويقولون عن الخوارج: إنهم أصدق الناس -الأولون منهم بالذات- وإنهم لا يكذبون؛ فلم يظلموهم، وعندما قالوا: إن الرافضة أكذب الناس فلم يظلموهم، فنحن لدينا منهج لا يظلم، لأنه من الوصايا العشر التي أوصى الله تبارك وتعالى بها في سورة الأنعام قوله: ((وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى))[الأنعام:152] ويقول الله تعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ ))[المائدة:8] ويقول في الآية الأخرى: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ ))[النساء:135] فهذه الشهادة لله عز وجل، والقوامة بالقسط أولى الناس بها وبالعدل هم أهل السنة والجماعة.
    ثانياً: هل الإمام النووي وابن حجر من أهل البدع حتى نقول: بماذا نحكم عليهما؟ الواقع أننا قد أشرنا إلى شيء من ذلك حين قلنا: إنه يوجد من أهل السنة والجماعة من له ذنوب وأخطاء، فالإمام النووي والإمام ابن حجر رحمهما الله تعالى هما من أهل السنة، ولكن لهما أخطاء، ومن الذي قال: إن الرجل إذا كان سنياً فإنه معصوم لا يقع في خطأ من الأخطاء في الاعتقادات أو في الأحكام أو في الأعمال؟ لا يقول بذلك أحد من أهل السنة والجماعة.
    ولكن نقول: قد يكون الرجل من أهل السنة والجماعة ويوافق بعض المبتدعة في أمر من الأمور دون أن يعلم، أو يعلم ولكن يظن أن ذلك هو الحق وأن ذلك لا ينافي كونه من أهل السنة والجماعة فمن لم يضاد السنة ويحادّها بل كان متبعاً لها، ومحكماً لها، ومؤمناً بها، ويسعى جاهداً في ذلك ولكنه أخطأ؛ فإننا نرجو أن يغفر الله له خطأه وتأويله واجتهاده، ولكن لا نأخذ ذلك الخطأ علمياً وإنما نلتمس له العذر.
    فالإمام النووي وابن حجر هما من أكبر الأعلام المشهورين الذين خدموا سنة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وماكان منهما من أخطاء فنرجو أن يغفرها الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لهما، فهي كالقطرة في بحر ذلك العلم والخدمة لسنة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وليسوا من أهل البدع بل ورد عنهم الذم لأهل البدع، في كتبهم المشهورة المتداولة.
    فإذاً: الإنصاف والحق أن نقرأ كتبهم ونعلق على ما فيها من أخطاء، كما فعل سماحة الشيخ علامة العصر عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى في فتح الباري حيث علق عليه؛ وهذا ينبغي أن يكمل وتكمل فوائد باقي الكتب، وهي كتب عظيمة لا يستغنى عنها، فما فيها من خطأ يعلق عليه ويبين، فلا إجحاف ولا غلو، ولا إفراط ولا تفريط.
  3. سبب توبة المتكلمين

     المرفق    
    السؤال: ما سبب تألم بعض المتكلمين في آخر حياتهم، حتى إن بعضهم تمنى إيماناً كإيمان العجائز؟
    الجواب: سببها أن من لم يكن على هدي الله تبارك وتعالى، وعلى سنة الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلا بد أن يحار وأن يضطرب وأن يتخبط، ولهذا فإن من كانت لديه فطرة سليمة فإنه يعود في آخر عمره كما عاد أبو محمد الجويني، وكما عاد ابنه أبو المعالي الجويني، وكما عاد أبو حامد الغزالي، وكما عاد الفخر الرازي، وأمثالهم ممن رجع إلى الدين الصحيح وإلى العقيدة السليمة قبيل وفاتهم بزمن قد يطول أو يقصر، وإنما تمنوا دين العجائز لأنه الدين المتلقى بالفطرة، ودين العجائز بالنسبة لما كانوا عليه من علم الكلام نعمة ورحمة.
    لكن أهل السنة والجماعة لا يتمنون دين العجائز، وإنما يتمنون دين وإيمان الراسخين في العلم، لأن دين العجائز عند أهل السنة والجماعة أدنى مراتب الدين، إذ هو مجرد التسليم أو مجرد علم، لكن ليس هناك حقائق تفصيلية فيه.
  4. الإيمان عند أبي حنيفة

     المرفق    
    السؤال: ما حقيقة الخلاف بين أهل السنة والجماعة والإمام أبي حنيفة في مسألة الإيمان؟
    الجواب: أولاً: ورد عن الإمام أبي حنيفة رحمه الله أنه رجع عن قوله في الإيمان ذكر ذلك ابن عبد البر في التمهيد.
    ثانياً: الإمام أبو حنيفة ومن تبعه في مسألة الإيمان الخلاف بينهم وبين السلف لفظي من وجوه، وحقيقي من وجوه، فأما كونه حقيقياً فإن أبا حنيفة وأصحابه يسمون صاحب الكبيرة مؤمناً، ويطلقون عليه كمال الإيمان، وينكرون زيادة الإيمان ونقصانه، وغير ذلك.
    وأما كون الخلاف لفظياً فإنهم يتفقون مع أهل السنة في الحكم والمآل فيقولون: صاحب الكبيرة معرض للعقوبة ومع هذا فهو تحت المشيئة، وكذلك تارك الأعمال الواجبة مؤاخذ ومعرض للعقوبة، وهو تحت المشيئة.
    إذاً فالخلاف في المآل والآخرة خلاف لفظي أو صوري.
  5. سبب تكفير الرافضة للصحابة

     المرفق    
    السؤال: ما الذي أدى بغلاة الرافضة إلى تكفير الصحابة رضوان الله عليهم؟
    الجواب: الذي أدى بهم إلى ذلك الزندقة، فقد كانوا في زندقة ونفاق، وكانوا يبطنون الكفر ويظهرون الإسلام -كما كان أولهم عبد الله بن سبأ اليهودي -فهؤلاء كانوا حاقدين على الإسلام الذي هدم مملكة الفرس وقضى عليها، وقضى على اليهود والنصارى، فحقدوا على الإسلام وعجزوا عن أن يقاوموه بالقوة العسكرية فلجأوا إلى النفاق، لأنهم لو جاءوا إلى المسلمين وقالوا: إن القرآن كَذِب، لقاتلهم المسلمون وما قبله منهم أحد، فجاءوا بحيلة أخرى وقالوا: إن الصحابة كاذبون فاجرون، والقرآن جاء عن طريقهم، فإذا كانوا فاجرين أو كافرين أو كاذبين فإن شهادتهم مردودة، وما نقلوه باطل.
    وبهذه الحيلة يتوصلون إلى هدم الإسلام عن طريق تكفير الصحابة الكرام، ولهذا خرجوا عن سائر فرق الأمة، وتفردوا بما هو معلوم من النفاق والزندقة، والقول بتحريف القرآن، وأن الصحابة كفار، وعدم الاعتراف بالسنة التي نؤمن بها كالصحاح وغيرها من كتب السنة، فتميزوا بكل ذلك، وأصبح لهم منهجهم الخاص الذي خرجوا به عن الجادة، وفي كثير من الأمور عن الملة نسأل الله العفو والعافية.
  6. وجود الخوارج والمرجئة في هذا العصر

     المرفق    
    السؤال: هل يوجد في هذا الزمن خوارج ومرجئة؟
    الجواب: يوجد في هذا الزمان الذين حكموا العقول والأهواء، وهذا يشمل جميع أهل البدع.
    وأما الخوارج فإنهم متواجدون، وكذلك يوجد من ينادون بالإرجاء على المستوى العلمي والعملي بدون قصد أو فقه لحقيقة الإرجاء، ويوجد الذين يعالجون الدين بالمنامات والكشوفات وهؤلاء كثرة، والإلحاد والعصرية الحديثة التي جاءت في هذا الزمان والماديات والنتائج الوضعية المخالفة لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم تدخل تحت هذا أو ذاك، إما أنها مناهج ومذاهب عقلية كـالماركسية مثلاً والشيوعية والقومية فتدخل ضمن مخالفة ومعارضة الدين بالعقل المزعوم، وإما أنها مذاهب روحانية أٍو باطنية ذاتية داخلية كـالوجودية والمذاهب الأدبية الأخرى، فهذه تدخل ضمن معارضة الدين بالتجارب الروحية أو التجارب العاطفية أو الأدبية أو الوجدانية، فمهما تجددت الضلالات فإنها لا تخرج عن هذه المذاهب؛ لكن كان قصدنا بيان تميز أهل السنة عن غيرهم ممن ينتسبون إلى الإسلام وإلى القبلة.
  7. فرق الإسلام

     المرفق    
    السؤال: هل أهل هذه العقائد من معتزلة وأشاعرة كفار أم مسلمون؟
    الجواب: أقول: إنهم متوعدون بالعقوبة والهلاك، وإن هذا الحكم الذي ذكره النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عنهم هو الحكم المجمل، وأما عند التفصيل فمنهم صاحب الهلاك الكلي كغلاة الشيعة وغلاة الخوارج -مثلاً- فهؤلاء خرجوا من الملة -نسأل الله العفو والعافية- ومنهم من كان أقل من ذلك؛ كمن كان من الشيعة مقتصراً على تفضيل علي على الشيخين مثلاً فهذا لا يخرج من الملة.
    وكمن كان لديه شبهة المرتبة الرابعة من مراتب القدر -فقط- وهي مرتبة الخلق مع إثباته للعلم والكتابة والمشيئة، وأمثال ذلك مما قد يقع الإنسان فيه، ولا يكون بذلك خارجاً من الملة، فهذا صاحب كبيرة وهي أكبر من الكبائر العملية، أي أنها أكبر من كبيرة صاحب الزنا والسرقة أو شرب الخمر لأنها كبيرة اعتقادية.
    ونسأل الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لنا ولكم القبول والتوفيق، إنه سميع مجيب، والحمد لله رب العالمين.