المادة    
  1. أنواع الظلم وعقاب كل منها

     المرفق    
    السؤال: ما الظلم؟ وما أنواعه؟ وما عقابه؟
    الجواب: الظلم ثلاثة أنواع:-
    النوع الأول: ظلم العبد مع ربه، بأن يشرك مع الله إلهاً آخر، فأعظم الظلم أن يجعل العبد لله نداً وهو خلقه، كما قال تعالى: ((إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)) [لقمان:13]، ولهذا قال: ((الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ)) [الأنعام:82].
    النوع الثاني: ظلم العبد لأخيه، فظلم العباد مما حرمه الله؛ وكما في قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الحديث الصحيح: { الظلم ظلمات يوم القيامة }، فنهى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن ظلم الإنسان في نفسه أو في ماله، فلا يظلم مسلم مسلماً أبداً.
    النوع الثالث: هو أن يظلم العبد نفسه بالمعاصي التي يرتكبها، وهي دون الظلم الأكبر الذي هو الشرك بالله تعالى.
    أما عقابه فيختلف: فعقاب الشرك الخلود في النار -عافانا الله وإياكم منها- قال تعالى: ((إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ)) [المائدة:72].
    وأما ظلم العبد للعبد، فعقوبته هي النار، إلا أن يعفو ذلك المظلوم، ويتفاوت ذلك فإن كان الظلم قتلاً فهو أشد مما لو كان ضرباً مثلاً، وإن نهبه ماله، فهو أشد وأعظم مما لو نهبه بعضه.. وهكذا.
    وأما ظلم العبد نفسه: فهو بحسب ما يذنب من الذنوب، فإن كانت من الكبائر دون الشرك فعقوبتها بمثل قدرها، وإن كانت أقل فعقوبتها كذلك ودواؤها الاستغفار؛ وليست العقوبة هي النار فقط، بل للذنوب عقوبات كثيرة جداً، كما ذكر الحافظ الإمام ابن القيم -رحمه الله تبارك وتعالى- في الجواب الكافي كثيراً من أضرار الذنوب وعقوباتها، عافانا الله وإياكم منها!
  2. معاقبة الله للعصاة على ما قدر عليهم لا يتعارض مع عدله

     المرفق    
    السؤال يقول: لقد ألقيت محاضرة هنا بعنوان: القضاء والقدر، ثم أتيت بالحديث الذي دار بين أبي الأسود الدؤلي وأحد الصحابة، وفي هذا الحديث أن هذا الصحابي قال: {أليس كل ما نعمل مكتوباً قبل أن نخلق}، فما توضيحكم لهذا الحديث؟
    وما تتمته؟
    الجواب: الصحابي هو عمران بن حصين -رضي الله تبارك وتعالى عنه- ونص هذا الحديث: {أن عمران بن حصين رضي الله تعالى عنه قال لـأبي الأسود الدؤلي أليس كل ما نعمل مكتوباً قبل أن نخلق؟ قال: بلى! قد كتب، قال: أيعذبهم على ما كتب؟ قال: نعم، قال: ألا يكون ذلك ظلماً؟} الصحابي رضي الله عنه يقول للتابعي: ألا يكون ذلك ظلماً من الله أن يكتب عليهم الذنوب ثم يحاسبهم عليها {قال أبو الأسود الدؤلي: ففزعت فزعاً شديداً وقلت: ((لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ)) [الأنبياء:23]، له الخلق كله، وله الأمر كله، فرضي وسر عمران رضي الله عنه، وقال: إنما سألتك لأحزر عقلك} أي: لأختبر عقلك، ثم حدَّث أنه: { كان جالساً عند النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأنه أتاه رجلٌ فسأله: فقال: يا رسول الله؛ أرأيت ما نعمل؟ أهو فيما نستقبل من أمرنا أم في أمرٍ قد قضي وكتب؟ قال: في أمر قد قضي وكتب}، وقال في رواية: {أندعُ العمل ونتكل على ما كتب؟ فقال له صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اعملوا فكلٌ ميسرٌ لما خلق له، فمن كان من أهل السعادة فهو ميسرٌ لعملِ أهل السعادة، ومن كان من أهل الشقاوة، فهو ميسرٌ لعمل أهل الشقاوة}، والحساب يكون على ما اختار العبد وعمل، إن كان خيراً فخير، وإن كان شراً فشر.
  3. السبل هي طرق مؤدية إلى السبيل الأوحد

     المرفق    
    السؤال: أنا أطلب الحق والهداية، ولكن ما هو الطريق الذي أسلكه؟ طريق كذا أو كذا أو أعيش وحدي، أرجو منك إيضاح هذه الطريق؟
    الجواب: هذا الطريق واضح ولله الحمد، فطريق الهداية واضح، كما في الآية التي ذكرناها، وهي قول الله تبارك وتعالى: ((وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا)) [العنكبوت:69].
    قد يقول قائل منكم: كيف تكون سبلاً؟ والله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يقول: ((وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ)) [الأنعام:153]، فالله تعالى جعل سبيله واحداً وجعل الطرق المخالفة لدينه سبلاً، وهنا يقول: ((لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا)) [العنكبوت:69]؟! ومن جوابنا لهذا الإشكال ننفذ -إن شاء الله- إلى جواب هذا السؤال.
    فالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يسَّر هذا الإنسان لما خُلِقَ له، وسبل الخير كثيرة، فإن كنت ميسراً لطلب العلم، فاسلك طلب العلم سبيلاً، وإن كنت ميسراً للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فاجعل همك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فجاهد في الله وأمر بالمعروف وانه عن المنكر، أو جاهد في الله واطلب العلم، أو جاهد في الله بالصيام إن لم تستطع أن تفعل شيئاً، أو جاهد في الله بذكره سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، إن لم تستطع أن تنال قسطاً من العلم أو تتعبد بعبادة المجاهدين، أو الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، فأنت ميسر لأمر ما، فانظر إلى الأمر الذي أنت ميسرٌ له، فإن يسر لك بر والديك فبر والديك حتى تنال بذلك رضى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وإن يسر لك أيتام أو جيران ضعفاء فابتغ طريق الهداية وطريق الجنة بالإحسان إلى هؤلاء الجيران الفقراء.
    وهكذا فكل إنسان منا لابد أن أمامه سبلاً معينة، وأن هذه السبل هي طرق من طرق الخير الكثيرة، التي يسَّرها الله تبارك وتعالى لك، فاسلك أياً منها مبتغياً بذلك وجه الله، لينقذك الله تعالى ويهديك.
    وكل ذلك مبناه على التمسك بما في الكتاب وما في سنة الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهديه في حياته.
    فإزالة الإشكال هو أن سبيل الله واحد، أي طريقه المستقيم واحد، أما السبل التي يهدي الله تبارك إليها، فهي طرق الخير، فالخير واحد ولكن له طرقاً متعددة توصل إليه، فهذا يدخل الجنة من طريق الجهاد، وهذا من طريق العلم، وهذا من طريق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهذا من طريق الصدقة، وهذا من طريق الذكر، مع أن الكل على الصراط المستقيم الذي هو سبيل واحد.
  4. ليكن جليسك عوناً لك على الطاعة

     المرفق    
    السؤال: إنني شاب أدرس وأخاف الله -ولله الحمد- ولكن رفقاء السوء دائماً معي، فأخرج من البيت من الساعة التاسعة إلى الساعة الواحدة تقريباً، فإذا عدت إلى البيت، توضأت وصليت ركعتين واستغفرت الله من ذلك، وأدعو الله، ولكن إذا أتى اليوم الثاني ذهبت معهم، نلعب البلّوت، وهم شباب لا يصلون إلا على حسب أمزجتهم، فأرجو إفادتي في أن أقلع عن مجالستهم، أرجو نصيحتي؟ الجواب: هذا الأخ مبتلى ومصاب، ويعلم طريق العلاج، وهو يعلم أن الرفقاء رفقاء سوء، ولكن يريد أن يبصر بشيء يعينه على اجتياز هذه العقبة، ومن كان هذا حاله فهو قريب من الخير والهداية ولله الحمد، فما عليك إلا أن تجزم بقوة على أن تترك هؤلاء الرفقاء، وأن تستبدل وتستعيض بهم الرفقاء الصالحين من الشباب الطيب المتدين، واعزم وتوكل على الله، فديننا دين العزيمة ودين الهمة، والذي لا يريد سلعة الله الغالية، وهي الجنة، فهو الذي تكون همته فاشلة، أما من أراد هذه السلعة الغالية، فلا بد أن تكون همته عالية، والهمة العالية يجب أن تدفعك إلى أن تقاطع هؤلاء الناس، وإلى أن تنخرط في صفوف أهل الخير، وتجالسهم، وتحضر لهم ومعهم، فإذا فعلت ذلك، فقد استعنت على نفسك بأعوان الخير، بدلاً من أن يستعين الشيطان عليك بأعوان السوء. فيجب أن تقلع عن مجالسة هؤلاء أولاً، ثم تقبل على الله تبارك وتعالى، وتتذكر وتتفكر في الموت وفي الآخرة، وما أعد الله تعالى لمن أطاعه واستقام من النعيم، وما أعد لمن عصاه من الجحيم، فلعل ذلك أن يكون زاجراً لك، ونسأل الله أن يثبتنا وإياك على الحق، وأن يصرف عنا طرق الشر إنه سميع مجيب.
  5. الهمة العالية تذلل الصعاب

     المرفق    
    السؤال يقول: أفيدكم يا شيخ، أنني واقع في ظلم نفسي، حيث إنني مستمر في معصية، وهي شرب الدخان، وكلما حاولت أن أدعه أجد فيه صعوبة، وأنا أخشى أن يبلغني الله تعالى رمضان ولم أترك هذه المعصية؟
    الجواب: هذه نفس المشكلة السابقة، والقضية قضية همة، فعلى المؤمن أن يكون ذا همة وألا تغلبه شهوته، وألا تغلبه نفسه وشيطانه، بل يكون هو الغالب لها، ورضي الله عن الصحابة والتابعين والسلف الذين كانوا يتنافسون في الخير.
    كان أبو مسلم الخولاني يقوم الليل، وكان يضرب على ركبته إذا تعب، ويقول: ''قومي! فليعلمن أصحاب محمدٍ أنهم تركوا بعدهم رجالاً'' همم! فكانوا يريدون أن يتنافسوا في الخير، مع أنهم يعلمون أنهم لن يبلغوا منزلة الصحابة الكرام، ولكن يجب أن تكون همة المؤمن عالية، فإذا كان الدخان يغلبك، والأصحاب يغلبونك، فما الذي تريد أن تغلب؟ وما الذي تريد أن تهزم أنت؟ ولماذا هزمت الأمة الإسلامية؟ ولماذا غلبنا أضعف وأحقر وأذل خلق الله وهم اليهود وأشباه اليهود؟! إلا حينما أصبحت هممنا بهذا المستوى.
    فمعذرةً إلى هذا الأخ وإليكم جميعاً! وكلنا نحتاج إلى تقوية الهمة، ويجب أن تكون الهمة عاليةً وقوية، ويجب أن يكون الإنسان منا حريصاً على اغتنام هذه الفرصة العظيمة، فإن الرحمن الرحيم يقول: {يا عبادي! إنكم تخطئون بالليل والنهار، فاستغفروني أغفر لكم}، فأين نحن من هذا النداء ومن إجابة هذا النداء؟! وأين نحن من باب التوبة المفتوح ليلاً ونهاراً؟! فيجب أن نستعين بالله ونتوكل على الله ولا نعجز، وأن تكون لنا همة لنزجر أنفسنا عما حرم الله تبارك وتعالى.
  6. لين القلب محتاج إلى المجاهدة المستمرة

     المرفق    
    السؤال: أنا شاب أحاول أن أتبع كل ما أمر الله، وأحاول أن أجتنب كل ما نهى عنه، ولكني أجد قسوةً في قلبي، فما هي طرق ترقيق القلب، وهل أؤاخذ على هذا؟
    الجواب: نحن كلنا ذلك الرجل، ونسأل الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- أن يرزقنا إيماناً نجد حلاوته في قلوبنا، وأن يبصرنا في ديننا، وأن يعيننا على أنفسنا.
    ونحمد الله أنه لا تكاد تأتي محاضرة، إلا وتأتي مثل هذه الأسئلة: الذي يسأل: كيف أتوب؟ والذي يسأل كيف ألين قلبي؟ والذي يسأل كيف أقلع عما حرم الله؟ فهذه -ولله الحمد- من بشائر وعلامات الخير، وأن الشباب في رجعة وأوبة إلى الله تبارك وتعالى.
    والذي أحب أن أقوله: إن الطريق شاق وطويل، فلو كان لهذا الأمر علاجٌ مؤقت، أو علاج معين، يأخذه العبد فيلين قلبه، لسبق إليه أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في يوم واحد وفي لحظة واحدة، ولانت قلوبهم، ولكنها جهاد مستمر، يلين قلبك اليوم ويقسو غداً، وترغب اليوم عن الدنيا وترغب في الآخرة، وإذا بك في غدٍ تكون عكس ذلك، فتطيع ربك عز وجل، وإذا بك في غدٍ مهزوم تقودك نفسك كما تشاء.
    فهكذا جعل الله العبد؛ لكي يظل العبد المؤمن في جهاد مستمر، قال بعض السلف: ''جاهدت نفسي أربعين سنة حتى استقامت، فبلغت بعضهم فقال: طوبى له! أوقد استقامت؟ ما زلت أجاهدها ولم تستقم '' بعد أربعين سنة! وهم في أفضل جيل وأفضل بيئة، فكيف بنا اليوم ونحن في عصر المغريات وفي عصر الشهوات؟!
    فمن أعظم أسباب قسوة القلب: طول الأمد عن ذكر الله، وعن تقوى الله، وعن مجالس وحلق الذكر والخير، وعدم التفكر في ملكوت السماوات والأرض وعدم التفكر في الموت.
    وهذا التفكر قد يتفكره الإنسان، ولكن أيضاً يتبلد إحساسه، ويصبح تفكيره كأنه أمرٌ عادي لا يثار له، ولهذا ينبغي للإنسان أن يجدد وأن ينوع من الذكرى، وأن يحرص كل الحرص على أن يتعاهد قلبه وإيمانه، فـ {إن الإيمان يخلق في جوف أحدكم كما يخلق الثوب}، كما أخبر بذلك النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فهو يبلى ويتلاشى ويضمحل، فلا بد أن نتعاهد إيماننا.
    وقراءة القرآن وتدبره والعمل به، هي من أعظم ما يزيد الإيمان؛ لأن الإنسان إذا قرأ كتاب رب العالمين سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فإنه يجد فيه الشفاء والحق والمواعظ والحث على التفكر وعلى التدبر، ومع ذلك أيضاً يدعو الإنسان ربه عز وجل، كما سمعنا في هذا الحديث: { كلكم ضال إلا من هديته، فاستهدوني أهدكم } فندعو الله أن يمنَّ علينا بالإيمان، وأن يمنَّ علينا بالهداية، وأن تلين قلوبنا لذكر الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، والله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لا يخيب من دعاه.
  7. تعليم الله للإنسان القرآن أعظم منة عليه

     المرفق    
    السؤال يقول: قلتم بقول غريب غامض في تفسير قوله تعالى: ((الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الْأِنْسَانَ)) [الرحمن:1-3]، فقلتم: إن الله علم القرآن قبل خلق الإنسان، فنرجو من فضيلتكم الإيضاح؟
    الجواب: إما أني لم أَفَهم أو لم أُفهم.. على أية حال أنا لم أقل: إن الله علم القرآن الإنسان قبل أن يخلقه، ولكن امتنَّ الله تعالى بذكر تعليم القرآن قبل ذكر خلق الإنسان، فالمنَّة الأعظم هي أنه علمنا القرآن، بعد ذلك منته بأنه خلقنا، ونعم الله عظيمة لا تعد ولا تحصى، لكن أعظم نعمة من الله علينا هي الهداية، فالقرآن وتعليم القرآن -الذي هو مادة كل هداية وخير- هو أساس ذلك، وما بعده تبع له، والحياة من غير القرآن لاشيء، بل هي كحياة الحيوان، فهذا هو المراد، ولم أقصد أن أفسر الآية.
  8. انظر إلى من دونك ترزق القناعة

     المرفق    
    السؤال: يوجد من يتذمرون من الحياة بالفقر أو غير ذلك، فبماذا تنصحهم؟ الجواب: يجب علينا أن نؤمن بالقدر، وأن نشكر الله تبارك وتعالى، وألَّا نضجر أو نتذمر كحال الكافرين، الذين يبلغ بهم الحال إلى أن ينتحروا! -عياذاً بالله!- فالمؤمن يحمد الله على أعظم نعمةٍ أنعم بها وهي نعمة الإيمان، ثم ينظر في الدنيا إلى من هو دونه، فإن كنت مبتلىً بالفقر فثق أن في الدنيا من هو أفقر منك، وإن كنت تشكو المرض فثق أن في الدنيا من هو أشد منك مرضاً، ومهما كنت فيه من حال فاعلم أن هناك من هو دونك، ولا تزدرِ نعمة الله عليك، فالمؤمن إن أصيب بفقرٍ، أو مرض أو بلاء، فصبر واحتسب، كان له بذلك الأجر عند الله، حتى إن العبد الصالح يوم القيامة يتمَّنى أنه ما من داءٍ أو بليةٍ إلا ابتلي بها، لما يرى ما يتفضل الله تبارك وتعالى به من النعم على أصحاب البلاء الصابرين، جعلنا الله وإياكم منهم.
  9. الجمع بين أن الإنسان يولد على الفطرة وبين قوله: (كلكم ضال ..)

     المرفق    
    السؤال: كيف نوفق بين الحديثين: {كل مولود يولد على الفطرة} وقوله: { كلكم ضال إلا من هديته
    الجواب: كل مولود يولد على الفطرة، كما أخبر بذلك النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكما في الحديث القدسي الآخر: {إني خلقت عبادي حنفاء، فاجتالتهم الشياطين}، وأما { كلكم ضال }، فهو كما أشرت، أنه لو خلي بين الإنسان ونفسه لضل، وإنما الهداية توفيق من الله، فمن وفقه الله تعالى اهتدى، ولو خُلي بينه وبين نفسه، فإنه يضل؛ مع أنه ولد على الفطرة فإنه يخالفها، ومع أن الرسول قد أتاه فإنه يكذبه، ومع أن القرآن بين يده ولكنه لا ينتفع بما فيه ولا يهتدي.
    فمع وجود الهداية وأسبابها، ولكن مع عدم التوفيق، لا يكون الإنسان مهتدياً أبداً، فلا تعارض بين الحديثين، والحمد لله رب العالمين.