المادة    
قال الشيخ : محمد القحطاني حفظه الله :
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتدي، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، وصلى الله وسلم على من تركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، صلى الله عليه وعلى آله وصحابته ومن سار على نهجه واهتدى بهديه إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً.
أحمد الله كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه على ما منَّ به من هذه الفرصة الطيبة، وأحب أن أنبه وأشير إلى ضرورة الاعتناء بمجالس الذكر التي تغشاها رحمة الله، وتحف بها الملائكة، والتي قال الله عنها في الحديث القدسي: { من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم }، فهذه رياض الجنة، وإذا مررتم برياض الجنة فارتعوا، فالناس يتجمعون، فمنهم رابح وخاسر، وكذلك تختلف مقاصد الناس في التجمعات والمناسبات واللقاءات.
ولكن الله وهو أصدق القائلين قد بيَّن أن هذه التجمعات وهذه اللقاءات ستنقلب إلى عداوة إلا تجمعٌ واحد، ألا وهم أهل الله وخاصته، لمّا قال تباركت أسماؤه: (( الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ ))[الزخرف:67]، جعلنا الله وإياكم من المتقين!
هذه المجالس التي وصفها أحد الصحابة رضوان الله تعالى عليهم إذ قالوا: { يا رسول الله! نكون عندك تذكرنا بالنار والجنة كأنه رأي عين فإذا رجعنا عافسنا الأزواج والضيعة ونسينا كثيرا قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو كنتم كما أنتم عندي لصافحتكم الملائكة في الطرقات }.
يلمس الإنسان في نفسه غلظةً وقسوةً وتكاسلاً ونفوراً، فإذا ما رأى وجوه الطهر والتُّقَى، بدأت مشاعره وأحاسيسه تتحسن، وبدأت نفسه تتفتح للخير، ووالله لو لم يكن للإيمان من ثمرة إلا أن المتحابين في الله يُحشرون على منابر من نور، لوجب أن يشمر إلى ذلك بالليل قبل النهار، فالمتحابون في الله يحشرون على منابر من نور عن يمين الرحمن، وكلتا يديه يمين، فما اجتمعوا من أجل مال أو منصب أو صديق، إنما اجتمعوا لله وفي الله، لا يبتغون بذلك إلا رضوان الله والدار الآخرة.