المادة    
نحن في هذا البلد نعاني من شيء آخر، رغم ما عندنا من بقايا الخير ومن استجابة في الناس وهي: أننا بلد مستهدف، وما أظن أن أمة في العالم مستهدفة محاربة بشكل واضح من العالم مثلنا رغم أننا لم نؤذ أحداً، وتسمعون ما يثار وما يقال، حتى لو كان عندنا خبر واضح مثل الشمس فلا يمكن أن يروه إلا مزوراً، أو يزيدوا فيه أو ينقصوا، أو يربطوه بشيءٍ لا حقيقة له، حتى من أكرمناهم وأعطيناهم لا يمكن أن يقولوا: جزاهم الله خيراً، أو يسكتوا عن اللوم، وهذا يجعلنا نفكر: لماذا نحن مستهدفون؟
هذا السؤال مهم يصرح به المسئولون والمثقفون والدعاة والذين يقرءون الصحف العالمية ويسمعون الإذاعات العالمية، من الناس من يقول: إن ذلك بسبب الثروة، مع أن هناك من دول العالم من هي أثرى منا، قد يكون عندنا خير كثير، لكن ذلك لا يعد شيئاً وبالنسبة لغيرنا، فإذا قارنت بثروة أمريكا أو اليابان أو ألمانيا الغربية فلا تكاد تصدق مما عندهم من ثروة! وكوننا فتح الله علينا من المال فإنه لا تزال مناطق كثيرة جداً في بلادنا بحاجة إلى بعض الأمور الأساسية من طرق ومستشفيات ومدارس...إلخ. فالقضية ليست قضية المال.
ورغم أننا أتينا بهم إلى بلادنا وهذا لا يجوز شرعاً، لأن جزيرة العرب لا يجوز أن يجتمع فيها دينان كما أخبر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأفتى بذلك العلماء والحمد لله لكن أقول: مع ذلك أخذوا من الثروة وما سكتوا.
وإن قيل: بسبب الأمن، والأمن نعمة عظيمة نحسد عليها، لكن الأمن ما جاءنا من أجهزة الإنذار الإلكترونية المعلقة في كل بيت، ولا يوجد عندما في البيوت مثل هذا، بل عندما ملكنا الكمبيوتر أصبح واقعنا الأمني أقل منه قبل أربعين سنة.
إذاً: الأمن له سر وهو نتيجة لشيء آخر تميزنا به هو: هذا الدين، وهذا الإسلام، ((وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ))[البقرة:120] يريدون منا أن نبني كنائس في بلادنا، يريدون أن يدخلوا اليهودية والنصرانية، بل يريدون يجعلوا منا شيوعيين ماركسيين، أو أي ملة من الملل، المهم: لا يريدوننا أن نبقى مسلمين, فكـل الحروب مهما اختلفت ومها تنوعت المعارك فهي كلها من أجل هذه العقيدة، من أجل هذا الإيمان، وبالذات أنها -ولله الحمد- عقيدة نقية سلفية صحيحة، هذا هو السبب، ولذلك فالمحافظة على هذه العقيدة، وذب المنكرات التي تحيط بها من البدع والضلالات هو أوجب الواجبات، أي: أن حماية بيضة الدين وأصل الدين هو المحافظة على هذه العقيدة، والإيمان هو أوجب واجب على كل أحد في هذه البلاد، لأن هذا هو السبب، ولذلك نحن مستهدفون، وهناك أخبار كثيرة مفزعة نقرءوها، فلو ربينا الشباب هنا تربية سليمة ما حدثت مثل هذه الأمور.
منذ فترة أربعة عشر نفراً من السعوديين قتلوا في شاطىء في بانكوك، في شواطىء الفساد، كم هم الذين أتت من مانيلا جنائزهم، لولا أنها في جرائدنا نحن لقلنا: إنها من هؤلاء الحاقدين المعتدين، وهذا يدلنا على الخواء الذي نعيشه، لما هذا التهافت على الخارج، ما الذي في الخارج؟
نحن الذين العالم كله يغبطنا -كما يقولون- من أجل المال، من أجل الأمن... فلماذا نحن نتهافت إليه، نسافر إليه؟
إن الشهوة الرخيصة الشهوة الدنسة تجعلنا نذهب إليه، ثم إذا ذهب الإنسان إلى هناك هل يرجع إلينا يقول: اتقوا الله، هل يرجع يقول: رأيت المنكرات رأيت الإجرام رأيت ورأيت...؟
أبداً. مهما رأى فإنما يتحدث، بل إن بعضهم قد لا يرجع أصلاً، وبعضهم يسرق ويذهب، ثم يرجع إلى هنا وهو يقول: إنها بلاد الحرية، أيُّ حرية هذه وقد سلبوك كل شيء؟
لأن الشهوة إذا قادت الإنسان أذهبت عقله ودينه -نسأل الله العفو والعافية- ولذلك فإن حرب مقاومة هذه الشهوة أول ما تبدأ فإنما تبدأ بتأسيس الإيمان والعقيدة الصحيحة ومحاربة البدع، ومحاربة الضلالات، وبناء التقوى وخوف الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى في قلوب الناس، والقبض على المجرمين وملاحقتهم وترصدهم في أماكن وجودهم هذا أمر وعمل لا بد منه، لا شك في ذلك، وبه قوام حياة المجتمع وأمنه.
  1. السبب الحقيقي للاستهداف

    إذاً: الأمن له سر، وهو نتيجة لشيء آخر تميزنا به هو هذا الدين (الإسلام) ((وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ))[البقرة:120] يريدون منا أن نبني كنائس في بلادنا، يريدون أن يدخلوا اليهودية والنصرانية يريدون أن يجعلونا شيوعيين ماركسسين أو أي ملة من الملل، المهم لا يريدون أن نبقى مسلمين, فكـل الحروب مهما اختلفت ومها تنوعت كلها من أجل هذه العقيدة، من أجل هذا الإيمان، وبالذات لأنها عقيدة نقية سلفية صحيحة، هذا هو السبب.
    ولذلك فالمحافظة على هذه العقيدة، وذب المنكرات التي تحيط بها من البدع والضلالات هو أوجب الواجبات، أي أن حماية بيضة الدين -وأصل الدين هو المحافظة على هذه العقيدة- هو أوجب واجب على كل أحد في هذه البلاد، لأن هذا هو السبب، ولذلك نحن مستهدفون.
    وهناك أخبار مفزعة نقرؤها، فلو ربينا الشباب تربية سليمة ما حدثت مثل هذه الأمور، فقد قرأنا أنه أربعة عشر نفراً من السعوديين قتلوا في شاطىء من شواطئ الفساد بانكوك.
    كم هم الذين أتت جوائزهم من مانلا؟
    ولولا أنها نشرت في جرائدنا لقلنا إنها إشاعات من الحاقدين المعتدين، وهذا يدل على الخواء الذي نعيشه، والتهافت على الخارج، من أجل الشهوة، إذا كان العالم يغبطنا -كما يقولون- من أجل المال.. من أجل الأمن.. فلماذا نحن نتهافت عليهم؟
    من أجل الشهوة الرخيصة الدنسة؟
    ثم إن بعضهم لا يرجع أصلاً، وبعضهم يسرق وينهب، لكن يرجع هنا ويقول: رجعت من بلاد الحرية؛ لأن الشهوة إذا قادت الإنسان أعمت بصيرته وأذهبت عقله ودينه -نسأل الله العفو والعافية- ولذلك حرب مقاومة الشهوة أول ما تبدأ بتأسيس الإيمان والعقيدة الصحيحة ومحاربة البدع، والضلالات، وبناء التقوى وخوف الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى في قلوب الناس، والقبض على المجرمين وملاحقتهم ورصدهم في مظان تواجدهم، وهذا أمر لا بد منه، وبه قوام حياة المجتمع وأمنه.
  2. أهمية العقيدة الصحيحة وإحياء رسالة المسجد

    لا بد من الوقاية بتربية الناس على العقيدة الصحيحة والتقوى وخوف الله، والرغبة في الآخرة، والزجر عن الشهوات من خلال وسائل الإعلام المسموعة والمرئية والمقروئة، ومن خلال خطب الجمعة، ومن إحياء المدارسة في المساجد، وأن يعود للمسجد قيمته حتى يرتبط الإنسان إذا تاب بالمسجد، وبعض الناس إذا تاب لا يدري إلى أين يذهب، إذا أتى إلى المسجد يجد أهله منشغلين بطلابهم، وإذا أتى إلى الهيئة وجدهم مشغولين أيضاً، فلا يدري أين يذهب، ولا يجد من يدله إلى الطريق الصحيح! لا بأس أن تعطيه شريطاً، لكن مع ذلك اربطه بالمسجد، وقل له: اذهب إلى المسجد وصل، واسمع ذكر الله، وتعلم كتاب الله، وإن كنت محتاجاً فأهل الخير سيعطونك من فضل الله تبارك وتعالى، المسجد كله خير، كله بركة، كله نور، فلما جعلناه للصلاة فقط انتهى أثره في حياة الناس، لقد كان المسجد في حياة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والصحابة هو مقر الشورى، هو مقر القضاء، هو مقر العلم، مقر الفتيا، وكذا كان في عهد أبي بكر وعمر، أما نحن الآن فمقرنا المقاهي والملاهي والملاعب التي نضيع فيها الساعات الطوال، والمسجد ليس له إلا تلك اللحظات؛ وهذا لمن يأتي إليه!

  3. أكثر المشاكل تحتاج إلى صبر وتعاون

    أقول أولاً وآخراً: اصبروا واحتسبوا، وأخلصوا العمل لله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، واعلموا أن كل من يدعو إلى الله عز وجل، وكل من يُعلم الناس كتاب الله، وكل من يدعوهم إلى الخير فهو معكم، وإنما خطؤنا وتقصيرنا هو من أنفسنا، فإننا لا نتزاور، ولا نتعارف، ولا نتعاون، ولا يشدُّ بعضنا من أزر بعض، واعلموا أن بعض الأمور قد تستعصي على عضو الهيئة بينما يستطيع أن يحلها إنسان آخر بطريقة أخرى لما له من معرفة في الشرطة، أو في الإمارة، أو في أي إدارة أخرى، فتحل القضية، ويكسب الأجر العظيم، وتكون الشفاعة الحسنة التي يؤجر عليها صاحبها.
    إننا قد لا نشعر بمشكلات بعضنا البعض، المحاكم لا ندري ما يدور فيها، فهم متخمون بالادعاءات والمشاكل، وهيئات التمييز تقول: لا نقدر أن نغطي أعمالنا لكثرة ما لدينا من مصائب، المدرس يقول: نحن جداولنا مزدحمة، تحضير في الليل وتدريس بالنهار؛ فهذه الأعمال جعلت كل واحد منا في وادٍ، بينما لو وجد شيء من التنسيق وبذل بعض المجهود لاستطعنا أن نحقق الشيء الكثير بإذن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، هذا يلقي كلمة، وهذا موعظة، وهذا يطرح مشكلته على إخوانه فيجد عندهم الحل.
    وأضرب لكم مثالاً من واقع المحكمة، باعتبارها محكمة شرعية وهي أقرب شيء للهيئة، وما تراه أنت منكراً لا شك أن القاضي يراه منكراً، أقول: أنا أعلم ما تعاني الهيئات من المحاكم المستعجلة لكن ذلك، لعدم وجود تنسيق ولقاءات خارج الدوام فيما بيننا، حتى نأتي على هذه المشاكل، ولكن كل واحد منا يعمل بدون أخذ مشورة من الآخر، وبعض القضاة يريد أن يطبق شروط الفقهاء -عشرة شروط أو أكثر- في القرن الثاني أو الثالث.
    فمثلاً: لا يعزره لعدم وجود الشروط، أو يقول: قد وبخت الجاني، وهذا غير لائق.
    أحد القضاة يأتيني وهو من خريجي الجامعة يقول: أتاني شخص قد شرب الخمر اثني عشر مرة، فلما قلت له: الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: {إذا شرب الرابعة فاقتلوه}، قال: القضاء الأعلى لم يفعل ذلك، إذاً: لا بد أن نضع عقوبة رادعة لشرب الخمر لأنه انتشر، ومثل الخمر الخلوة، التي لا يبقى بعدها إلا الفاحشة الكبرى -الزنا- التي يحذر منها حتى الغرب الإباحي، فهذه لا يكفي فيها التوبيخ والزجر كما فُعل مع من شرب الخمر.
    أقول: لا أريد أن أتكلم في هذه المشاكل لذاتها، لكن أقول: هذا من ضعف التعاون والتنسيق بين المسئولين في الهيئة -ولا تؤاخذوني في ذلك- وبين المسئولين في المحاكم المستعجلة، وبين المسئولين أيضاً والدعاة، وبين كل ما يهتم بهذا الدين، لو كان هناك شيء من التعاون لكان غيرك يستطيع أن يفعل ما لا تفعل أنت، يرفع إلى الجهات العليا ما لا تستطيع أن ترفع، فأنت قد تتهم أنك تتكلم عن شيء لأن لك غرضاً في نفسك، لكن عندما يأتي الأمر من غيرك ممن له قدرة فإنها تصلح الأمور؛ لكن أقول: ما زلنا نتهاون حتى أصبح رجل الهيئة كأنه خصم، وهذا خطأ، فرجل الهيئة محتسب، والمحتسب لا يؤاخذ؛ إن أخطأ فله أجر وإن أصاب فله أجران، هذا دين الله عز وجل وهذا شرع الله قديماً، وحتى سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم رحمة الله عليه هذه فتواه بذلك ومعممة على جميع المحاكم وجميع الهيئات، وما أشاعه الكذابون والمجرمون أن الحسبة أوقفوا حركة المرور، وطلبوا من كل واحد مع امرأة أن يخرج الصك أنها زوجته فهذا تشويه، وهذا الأمر لم يسبق أن حدث، لكن الإرجاف، والإشاعة والكذب تجعلهم يهولون هذه القضايا، ولنفترض أنه حصل واشتبهت الحسبة في أحدهم وسئل: هذه زوجتك أم لا؟
    فلا حرج في ذلك، فهم مترددون بين الأجر والأجرين، لكن إذا اتهم المحتسب وظهر أنه يقصد أمر آخر فهنا يفصل عن العمل، ويبحث عن أناس غيره من الطيبين، لكن المهم أن يعمل جهاز الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن الرجل الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر محتسب وليس خصماً، لا أمام المدعي العام، ولا أمام المحكمة، فلا يقال: ادعى رجل الهيئة وأجابه المدعى عليه فلان بن فلان، ويصل الأمر إلى أن يضرب رجل الهيئة والكل ينظر.
    ولا أقول هذا لإثارة هذه المشاكل، بل أقول: لتصبروا عليها، لأننا في زمن الصبر وإن لم نصبر فلن نفوز، بل هذا الصبر وهذا الابتلاء أساس الفوز، وأساس النصر، وهو أول طريق الخير، وأنا أقول هذا على سبيل التفاؤل لا على سبيل التيئيس، أقول: وهذا دليل على أن الفجر قريب -بإذن الله- والله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى سيسخر لدينه من يقوم به، وسوف يخرج من أصلاب المجرمين من يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر.
    والله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى جعل لنا عبر في الأمم الأخرى، نحن الآن نشكوا من التبرج في الأسواق، والعالم من حولنا بدأ يعطينا عبراً، المرأة في الدول الغربية بدأت تطالب بالعودة إلى البيت، في مصر أكثر دولة إسلامية ركز عليها الاستعمار لإفساد جيلها، الفتيات بدأن بالتحجب، ولا يوجد علماء ولا دعاة ولا هيئات تدعمهم، بدأن يتحجبن من ذات أنفسهن في الجامعة، في عدن الشيوعية يخرج البنات من طالبات الثانوية في مظاهرات للمطالبة بالفصل بين الطلاب والطالبات، في الجزائر مليون امرأة تخرج للمطالبة بمنع الرياضة في مدارس البنات، ومنع الاختلاط، وعودة الحجاب.
    بدأت تعود الأمة لدينها في كل بلد وهي لا تعرف الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لكن لما ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ممن يجب عليه أن يقوم به، استبدل الله بهم قوماً آخرين ثم لم يكونوا أمثالهم، فقاموا بهذا الدين، لكن ما علينا إلا الصبر، هذا الأمر قد يستمر مائة أو مائتين سنة، وذلك لا يهمنا، الذي يهمنا هو أن نجتهد ونصبر، وأن كل ما اشتدت الظلمة نرتقب الفجر.