المادة    
أما في المنهج فإننا نجد أن الآية قد أوضحت أنواع الناس، أو حالات الدعوة بحسب أحوال الناس، فالناس الذين يخاطبهم الدعاة من الأنبياء فمن بعدهم، هم على ثلاث أصناف:
  1. محب للحق وموافق عليه

    الصنف الأول: محب للحق وموافق لك عليه، يريد أن يصل إلى مرضاة الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، ويريد أن يسير معك في الطريق القويم، لا بد أن تدعوه إلى الله ولا تقل: انتهيت، علمته الفاتحة، وعرفته بكيفية الصلاة. إذاً فليصبح هو داعية، لا بل هو مدعو، وكل إنسان مدعو، حتى أكبر العلماء علماً، فهو مدعو بالنسبة إلى من يعظه أو ينصحه أو يذكره.
  2. موافق للحق في غفلة عنه

    الصنف الثاني: الذي يوافقك في الحق، ويؤمن بما تؤمن به وتدين به، ولا يخالفك فيما تدعو إليه، ولكنه في حالة غفلة، وغلبة هوىً أو شهوة، أو إعراض عما تريد أن تدعوه إليه.
  3. معاند للحق مكابر ومعادٍ لك

    الصنف الثالث من الناس: هو الصنف المعاند المكابر المعادي لك، إذا دعوته إلى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
    ولن تجد من الناس غير هذه الأصناف الثلاثة، وهذا الآية العظيمة، قد بينت لنا كيف ندعو الناس بحسب هذه الأحوال، فيقول الله عز وجل: ((ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ))[النحل:125]، الحكمة مع من؟
    الحكمة مع الراغب في الحق، المتبع له، الساعي إليه، الذي جاءك يسعى وهو يخشى، هذا تدعوه إلى الله بالحكمة، وتعلمه بالحكمة.
    فمن جاءك يريد أن يطلب العلم على يديك ليدعو إلى الله، فإن الحكمة هنا أن تبدأ معه بصغار العلم قبل كباره، أن تبدأ معه بالأساسيات والضروريات قبل التفصيلات والتفريعات، أن تبين له أهم هذه العلوم ثم ما يليه ثم المهم... إلخ.
    مثلاً: في جانب العلم، وفي جانب الدعوة: تبين له المنكر الأكبر الذي يجتنبه، ثم المنكر الكبير ثم المكروهات، وفي جانب الواجبات تبين له أول ما يلتزم به ويحرص عليه، ثم ما يليه ثم الذي يليه... وهكذا، وهذا هو أحد جوانب الحكمة معه.