إنَّ المنهج في الدعوة إلى الله والذي أمر الله به رسوله محمداً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأمرنا أن نقتدي به، هو كما قال عز وجل على لسان نبيه: ((
قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ))[يوسف:108].
وكذلك في قوله عز وجل لرسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((
ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ))[النحل:125]، وفي قوله عز وجل: ((
وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ))[فصلت:33].
إن هذه الآيات على وجازتها، تعطينا منهجاً متكاملاً للدعوة إلى الله تبارك وتعالى، تبين الغاية من الدعوة، وتبين كيفية الدعوة، وما هي الوسائل المتدرجة في الدعوة، وتبين أيضاً الانتماء في الدعوة، وتبين مالا نستطيع أن ندركه، وإنما يفقهه الراسخون في العلم، فلو تدبَّرنا كتاب ربنا عز وجل وأخذنا العبرة من قصص الأنبياء في الدعوة، لكان لدينا للدعوة فقه عظيم، لا يعادله ولا يوازيه أي اجتهادٍ من اجتهاداتنا نحن.
فالأساس الذي يتكرر في دعوات الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، يظهر في هذه الآيات التي تدل على المنهج بالذات، قال تعالى: ((
قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ))[يوسف:108]، وفي الآية الأخرى: ((
ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ))[النحل:125] وفي الآية الثالثة: ((
وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ))[فصلت:33] هذا الكلام أليس له قيمته؟ أليس له مدلوله؟ لو فكرنا إلى من ندعو؟
إننا ندعو إلى الله، وهل من داعية اليوم إسلامي يقول: إنه لا يدعو إلى الله؟ لا، ولكن في الحقيقة فيهم من لا يدعو إلى الله إما بإطلاق أو بشائبةٍ تشوب ذلك.
إذاً أول ما يجب أن نعرفه، هو غاية الدعوة، وهي أنها إلى الله، ولو أن الدعاة إلى الإسلام، كانت دعواتهم -جميعاً- إلى الله وملتزمين بطريق رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لما اختلفوا قط.
ولكن هل كل داعية يدعو إلى الله؟
هناك من يدعو إلى غير الله، ولكن يتخذ الدعوة إلى الله ستاراً أو وسيلة، ولا يجعلها غايةً، ولكنه يجعلها وسيلةً إلى مايدعو إليه، سواء فقه ذلك وعلمه، أم جهله وغفل عنه.
وهنالك من يدعو إلى طائفة معينه، ويظن أنه يدعو إلى الله، ولو سألته لقال: أنا أدعو إلى الله.
وهناك من يدعو إلى رأيه الخاص، أو إلى رأي غيره، أو شيخه، أو جماعته أو قدوته التي جعلها غير رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ويقول لك: أنا أدعو إلى الله.
هنالك من يدعو إلى اجتهاده، أو اجتهاد غيره، وإن كان فيه حق، وفيه نصوص، ولكنه من خلاله هو ومن خلال اجتهاده يجب أن تنظر إلى الحق وإلى الأدلة والنصوص، ومع ذلك يدَّعي أنه يدعو إلى الله.