المادة    
  1. حدود الله عز وجل

     المرفق    
    السؤال: ما هي حدود الله التي أمر بحفظها؟ وما معنى " احفظ الله تجده تجاهك"؟
    الجواب: حدود الله: هي كل ما شرعه الله... وحفظ حدود الله يكون بامتثال أوامر الله، واجتناب نواهيه، والصبر على طاعته والصبر عن معصيته، والصبر على قضائه وقدره، فهذا كله من حفظ الله ومن حفظ حدوده.
    أما معنى " احفظ الله تجده تجاهك " فهي تعني المعية الخاصة.
    " احفظ الله تجده تجاهك " أي: معك معية خاصة؛ لأن من الصفات الثابتة لله المعية، وهي نوعان:
    المعية العامة: وهي معيته للخلق أجمعين، كما قال تعالى ((مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا))[المجادلة:7] فهذه لكل الناس فهو معهم كلهم.
    وقال: ((وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ * إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ))[ق:16-17].
    فهذه معية عامة لله تعالى، فهو مع كل الناس بعلمه، وهو تبارك وتعالى مُطِّلعٌ على أحوالهم، ولا تخفى عليه منهم خافية.
    والمعية الخاصة: وهي المقصودة في الحديث، وهي مثل قوله تعالى: ((إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ))[النحل:128] ((إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ))[البقرة:153].
    هذه المعية الخاصة كما قال الله تعالى لموسى وهارون: ((إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى))[طه:46] وكما قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {لا تحزن إن الله معنا} أي: يحفظنا وينصرنا ويرعانا ويوفقنا.
    وهنا نشير إشارة فاتتنا من قبل، فنقول: إن من أعظم نصر الله، وتوفيقه ومعيته، وحفظه لك أن يحفظك عن الذنوب والمعاصي، ولهذا قال الحسن البصري، وقال أبو سليمان الداراني وغيرهما من الأئمة الذين تكلموا في هذا الموضوع العظيم، موضوع الإيمانيات والرقائق: "إنما عصوه لهوانهم عليه -أي: أن أهل المعاصي هؤلاء، إنما عصوه لهوانهم عليه- ولو كرموا عليه لحجزهم" أي: لو كانوا كرماء على الله لمنعهم من الوقوع في المعاصي، لكن من هوانهم على الله تركهم يقعون في الذنوب والمعاصي، كما قال تعالى: ((وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ))[الحج:18].
    فكل من عصى الله فلهوانه على الله عز وجل، ولو كرم عليه لحجزه ولعرَّفه به تبارك وتعالى، وإذا عرف الله وعظَّم الله لم يعصِ الله عز وجل، فهذا من أعظم ما يجده العبد من أنواع المعية الخاصة.
  2. حكم الواسطة

     المرفق    
    السؤال: كثير من الناس إذا أراد عملاً أو وظيفة في مكان ما، يبحث عن واسطة، ويقول بعضهم: لا بد من واسطة، فهل هذا ينافي التوكل التام على الله تبارك وتعالى؟
    الجواب: الأسباب لا بد منها، وهي لا تنافي التوكل، وهذا موضوع آخر غير الموضوع الذي نحن فيه، لكن الآن الكلام جرَّنا إلى الحديث عن الواسطة، فلابد أن نشير إلى شيء مهم، وهو أن الناس كلما أحدثوا ذنوباً أحدث الله لهم عقوبات، يعلمونها أو لا يعلمونها، فالواسطة عقوبة من العقوبات، أن بعض من تولَّى لم يتق الله فيما تولاه من عمل، فمن تولى على شركة أو إدارة أو وزارة أو مصلحة معينة، لو اتقى الله ولو توكل على الله؛ فمن جاء إلى وظيفة، فلن يحتاج إلى الواسطة؛ لكن لأن المسؤول لا يتقي عقوبة الذنوب التي عليه وعلى من تولى؛ ولأن السائل ضعيف اليقين وضعيف التوكل، فإنه احتاج إلى هذه الواسطة.
    حتى إن بعض الناس يقولها لك بصراحة: عندك واسطة؟!
    أنت تأتي بالأوراق كاملة وهو يقول: عندك واسطة؟! وهو في نفس الإدارة التي تذهب إليها!
    ما الذي أحوجنا إلى أن نتوسط بالمخلوق إلى المخلوق الضعيف؟!
    نحن نشتكي من الضعيف إلى الضعيف، ونستشفع بالفقير إلى الفقير، ونستدل بالأعمى على الأعمى، ضعف إيمان مشترك من الطرفين، ولو صدق يقيننا في الله لرزقنا، كما قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصاً وتروح بطاناً} فليس لدى الطيور مستودعات ولا ثلاجات ولا خزانات ولا... إلخ لكنها كل يوم تروح في أرض الله خماصاً خاوية البطون، وترجع بطاناً قد أشبعها الله من فضله، لكننا نحن في طمع وشره، فالمسئول يريد الواسطات؛ لأنه لو جاء صاحب الطلب وأوراقه مكتملة، ومشى أمره، فلن يستفيد من ورائه مصلحة.. أما في حالة الواسطة فإنه يستفيد؛ إذ إن هذا الواسطة يبادله بمصلحة مماثلة عند الاحتياج، ويخضع له ويحترمه.
    وهكذا النفوس إذا خوت من مراعاة تقوى الله؛ وقد قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته} فلو أن كل إنسان اتقى الله وعرف هذا الحديث فلن نحتاج بعد ذلك إلى الواسطة.
    فأول ما بدأ قال: {فالإمام راعٍ وهو مسؤول عن رعيته} فذكر أكبر ولاية، ثم ضرب مثالاً لأصغر ولاية فقال: {والخادم راع في بيت سيده} وهي ولاية الخادم.
    فما بين الولايتين كلهم مسؤولون، فعليهم أن يتقوا الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؛ لأنه سائل كل راع عما استرعاه؛ فإذا اتقوا الله فلن نحتاج بعد ذلك لا إلى واسطة ولا إلى غيرها.
  3. علامات قبول التوبة

     المرفق    
    السؤال:كيف يعرف العبد إذا ارتكب معصية أن الله تاب عليه؟
    الجواب: هذا سؤال عظيم، فكثير من الإخوان من يقول: أنا تبت، فكيف أعرف أن الله تاب عليَّ؟ فاعلم يا أخي الكريم أن من علامات قبول الحسنة أن تفعل الحسنة بعدها، فإذا أديت الحج، فإن علامة قبوله أن تكون في محرم وفي صغر في طاعة الله، فتكون قد انتفعت بذلك الحج فاستقمت، وإذا صمت رمضان فإنك تكون في شوال مستقيماً على الطاعة ومحافظاً عليها.. وهكذا.
    فعلامة قبول التوبة الاستقامة على أمر الله، فإذا استقمت فاعلم أنك قد كرمت عليه، فلما كرمت عليه بالتوبة حجزك ومنعك عن العودة إلى المعصية، لكن لو رجعت إلى المعصية فأنت عليه هين، فلم يحجزك ولم يمنعك، فارجع إليه، ولا تمل بابه؛ فهو الكريم الذي لا يجوز أن نمل سؤاله أبداً، ولا ملجأ لنا ولا منجى إلا إليه.
    وقد ذكر بعض العلماء قصة الصبي، وهي تدعو إلى التفكر والتدبر، وهناك من ينظر ويأخذ العبر، وهناك من لا يأخذ العبرة.
    رأى بعض العلماء صبياً خرج من بيت أمه وقد أغضبها، فتوعدته، فخرج من البيت ثم لما جاع وذاق حر الشمس، إذا به يرجع ويدق الباب وينادي أمه: " يا أماه افتحي"، ففتحت له أمه واحتضنته، وقالت: ألم أقل لك يا بني: لا تذهب ولا تبعد عني؟! وأنا رحيمة بك وأنا أعطيك، وأنا كذا، قال: فتذكرت على الفور رحمة الله عز وجل، وباب الله عز وجل..!
    أيها الإخوة: الواحد منا يشرد بالمعاصي والذنوب عن الله، وباب الله تبارك وتعالى مفتوح فقد قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {إن الله يبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، ويبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار} يبدل السيئات حسنات لمن تاب، لكنَّ الذي يهرب والذي يشرد إنما هو نحن، فإذا هربنا فإلى أين؟! وإلى متى؟! إننا سوف نرجع إليه وندق بابه مرة ثانية! فيجب علينا ألا نهرب ولا نبتعد عن الله عز وجل، ولا نتبغض إلى الله بالمعاصي، بل نتحبب إليه بالطاعات ليفيض علينا جزيل النعم، ومهما هربنا فلابد أن نرجع إليه، فلنعد إليه ولا نبتعد عن طريقه ولا عن بابه الكريم سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
  4. حقيقة النصر

     المرفق    
    السؤال: النصر للداعية والدعوة قد يكون بانتقال الداعية إلى الله، فتبقى الدعوة ويأتي النصر لمبادئ الداعية، أليس كذلك؟ الجواب: بلى! فهذا ممكن، كما فعل الملك الظالم بأصحاب الأخدود.. حفر الأخاديد وأجج النيران وألقاهم فيها، وانتهت القصة كما في سورة البروج، وإذا قرأنا سورة البروج، فليس فيها ذكر لانتقام الله من الظالمين، ولا يوجد في القرآن في موضع آخر أن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى انتقم من صاحب الأخدود ونجَّى أولئك فتتعجب..! إنما قتل أتباع الغلام وأُحرقوا، والملك باقٍ ولكن في الحقيقة انتصر الغلام، وانتصر الذين أحرقوا وخدّت لهم الأخاديد، انتصاراً عظيماً وبقي التوحيد، ولو لم يظهر الله عز وجل نصرهم إلا بأن يبعث محمداً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد ذلك بمئات السنين، وينزل عليه هذه السورة العظيمة، ويظهر لنا انتصارهم، ونقرأ هذا القرآن إلى قيام الساعة، ثم نتحدث عن انتصارهم على الكفر وعلى الشرك وعلى نار الدنيا، وأن الله تعالى وعدهم بالفوز الكبير في الآخرة.
  5. بشائر النصر

     المرفق    
    السؤال يقول: هل الأحداث والكروب التي تحدث للمسلمين في زماننا هذا بشرى خير؟
    الجواب: نعم! فقد قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: { واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب } فهي بشرى خير، لكن يجب أن نكون أهلاً لنصر الله، انظروا البوسنة كمثال، ولا أريد أن أطيل عليكم بها، كان المسلمون في البوسنة والهرسك لا يعرفون الله، واسألوا أي إنسان من إخواننا هناك، لكن لمّا جاءت هذه المحن وهذه الكروب بدءوا يعرفون الله، ويعرفون الدين، ويعرفون الفرق بين المسلم والكافر! فالصليبيون من الصرب والكروات والغرب ومن وراء الغرب ومن مع الغرب ومن يعطي للغرب الأموال، كل هؤلاء حفروا جرحا عميقاً في الجسد الأوروبي لن يندمل أبداً.
    نحن موقنون أننا بإذن الله سنفتح روما، وهذه الأحداث مقدمة لفتحها، وهؤلاء حتى لو وقعوا الصلح واتفقوا كلهم، فالمجاهدون لن يضعوا السلاح -تأكدوا من هذا- وسيستمرون، وهذه المآسي والكرب والاغتصاب والانتهاك سيندم عليه الصليبيون ندماً عظيماً، لكنهم لا يدركون الآن ذلك، إذا كانوا نادمين؛ لأنهم تورطوا في الصومال، فما بالكم بـالبوسنة؟! لكن نظرتنا قاصرة، نولول ونقول: انتهى كل شيء انتصروا، دمروا، فعلوا!
    هذه عقوبة الذنوب أصلاً، لكن سيأتي الفرج بإذن الله تبارك وتعالى، وما يحدث في فلسطين وفي أي مكان، فلا يأتي هذا الكرب وهذا الأذى وهذا البلاء، ونصبر ونحتسب إلا وبعده النصر بإذن الله، فإن أبطأ النصر فنحن السبب، كما قال تعالى: ((قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ))[آل عمران:165].
    إن وعد الله لا يتخلف، كما قال تعالى: ((إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ))[غافر:51] في الحياة الدنيا، وليس فقط في يوم القيامة.
  6. حكم شكوى الهموم إلى المخلوقين

     المرفق    
    السؤال: قلتَ: إنه لا يجوز أن تشكو لأحد همك، ونلاحظ أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يشكو هم قومه إلى زوجه...؟ الجواب: الأصل أن لا تشكو إلا إذا اضطررت أن تسأل مخلوقاً أو تستعين بمخلوق كأن تشكو إلى طبيب ليعالجك فهذا بقدره، لكن الأصل ترك الشكوى إلا إلى الله تبارك وتعالى. ونختم بسؤال الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وهو الجواد، المنان، ذو الفضل العظيم، واسع العطاء، واسع الرحمة أن يغفر لي ولكم ما قدمنا وما أخرنا، وأن ينفعنا بما قلنا وما سمعنا , وأن يجعلنا من عباده المخلصين، وأوليائه المتقين، إنه سميع مجيب، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله.