المادة    
يقع الخلل والخطأ، وتكثر أسئلة الناس اليوم، ويقعون في الحرج العظيم من جراء مساهمتهم في هذه الشركات، وذلك بسبب ما في هذا النظام من المخالفات الشرعية الواضحة، ومنها ما يلي:
  1. أولاً: عدم الشمولية

    إن نظام الشركات غير شامل لجميع أنواع الشركات، فالشركات المعروفة في الفقه تشمل نوعين: شركات الأبدان، وشركات الأموال، ونظام الشركات هذا لم يتعرض لشركة الأبدان؛ لأن القانونيين لا يتعرضون لها، مع أنها جزء ونوع من أنواع الشركات، فلم يتعرض لها إلا إشارة إلى أن ما عدا هذا يجوز لكن لم يتعرض لأحكامها ولم يفصل فيها شيئاً، فمن هنا نلحظ أنه سار على المنهج القانوني لا على المنهج الشرعي في تقسيم أنواع الشركات.
  2. ثانياً: إجبار المتعاقدين على نمط معين

    إن هذا النظام يحكم عقود الشركات، بحيث تصبح وكأنها ليست عقوداً اتفاقية بين الشركاء؛ فالأصل بين الشركات شرعاً؛ أنها عقود بين الشركاء؛ أما في الواقع الحالي، فإن النظام هو الذي يحكم وليس العقد، أي أن الشركاء يدخلون تحت نظام، وهم مرغمون ومجبورون على اتباعه، وإلا عوقبوا، وليس بإرادتهم هم وبتعاقدهم هم.
  3. ثالثاً: إلزامية عقد الشركة

    إن الشركة المساهمة -حسب لوائح النظام- عقدٌ لازم وليس اختيارياً جائزاً، ولهذا تجدون كل واحد من الناس ساهم في أي شركة -سواء كان مكاناً ربوياً بحتاً مثل بنك الرياض، أم غير ربوي كصافولا وغيرها- لا يستطيع أن يسترد رأس ماله؛ فيقولون: بع سهمك، وهي في بعض الأحيان لم تفعل شيئا بعد، والأصل في الشرع أن الشركة عقد جائز، متى رأى الشريك أن يخرج أو يحل الشركة فإنها تحل.. وهذا لو كان على مستوى أفراد لهان الأمر، لكنه على مستوى أمة؛ فإذا وجد مليون مساهم وعرفوا أن هذا حرام، فأرادوا أن يتخلصوا من الحرام -والحمد لله مع وجود الصحوة الكبرى، والأوبة والتوبة والرجوع إلى الله، تجعل الناس يرون ضرورة التخلص من هذا الحرام- إذا اقتنع مليون أو ألف من الناس أن يتركوا هذا الحرام؛ فلا بد أن يضعوا مكانهم مليوناً أو ألفاً آخر، فلا يمكن التخلص منه، وهذا بسبب أن النظام يجعل الشركة عقداً لازماً لا يمكن أن ينفضَّ إلا بحكم النظام، وهذا أمرٌ مهم جداً.
  4. رابعاً: المخالفات الشرعية في الصكوك

    الصكوك التي تصدرها الشركة المساهمة-ولنقرأها لكم كما هي في الفصل الرابع- وهي ثلاثة أنواع وهذه من أخطر الأمور التي يجب أن يتنبه لها المسلمون ويهتمون بمعرفة أحكامها:
    '' الفصل الرابع من نظام الشركات يبتدئ بالمادة 98يقول: الصكوك التي تصدرها شركة المساهمة:
    النوع الأول: الأسهم من المادة 98 إلى المادة 111.
    النوع الثاني: حصص التأسيس من المادة 112 إلى المادة 115.
    النوع الثالث: السندات من المادة 116 إلى المادة 122. ''
    وهذه الثلاثة الفروع لصكوك الشركة وأموالها، فهي إما أسهم، وإما حصص تأسيس، وإما سندات. إذا كنتم عرفتم ذلك، فلنأخذها واحداً واحداً، ونبدأ بالأخير:
    -السندات: والسندات رباً وحرام قطعاً، ولا يشك في ذلك أي إنسان يعرف كتاب الله وسنة رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وصرح بهذا حتى من القانونيين أنفسهم فيقول أحدهم: هذا مخالف للشريعة؛ لأنه سند بقرض وفائدته فيه معروفة ومعلومة، والسند هو عبارة عن قرض أو سندات بقرض يسمونها، وهذا حرام قطعاً ولا شك فيه إذن، هذا الفرع باطل كله ولا يحتاج أن نفصل فيه، لأننا لا نحتاج أن نبين أن الربا حرام.
    - حصص التأسيس: وهي حرام أيضاً، لماذا؟!
    وما معنى حصة التأسيس؟.
    نقرأ تعريفها من نفس النظام الذي يقول: '' هي براءة اختراع أو التزامٌ حصل عليه من شخص اعتباريّ عام، يكون مشاركاً بحصة تأسيس ''.
    فمثلاً: هذا رجل ليس عنده مال يقدمه، لكن عنده اختراع ينفع الشركة، أو خدمة معنوية للشركة يرى مجلس الإدارة أنها تصلح خدمة للشركة، فيعتبر صاحبها مؤسساً أو مشاركاً فيها.. وهذه تسمى حصة التأسيس، ويعطى بذلك صكاً من الشركة أنه يملك حصة تأسيس، وهذا لا يجوز شرعاً، لماذا؟
    لأن فيه جهالة، وفيه غرر، ويترتب عليه مفاسد كثيرة، وكل من بحث المسألة يرى أن هذا حرام.. والأسوأ أن هذه الخدمة المعينة يفسرها مجلس الإدارة، ولذلك يمكن أن تكون رشوة.
    فكيف تكون رشوة؟
    تقدم -مثلاً- الشركة (شركة استيراد) ولدينا موظف في الجمارك في وزارة التجارة، فنعطيه حكم التأسيس في الشركة مقابل خدمة تسهيل استيراد أشياء بدون أن تتأخر، أو بدون أن تجمرك، أو كذا، وهذا يفتح مجالاً كبيراً للتزوير والخداع بطريقة نظامية للشركة؛ وإذا قيل: ما حصة فلان؟ قالوا: هذا عنده حصة تأسيس.
    ويمكن أن يدخل فيها أنواع كثيرة من الخداع، والعالم الغربي اليوم يعيش هذا ويعلمه؛ فأكثر الشركات قائمة على الخداع، وعلى الغش، وعلى الرشاوى، وعلى التزوير، ويدخل ذلك من باب حصص التأسيس النظامي، والواقع في كل بلاد العالم شاهد بذلك.
    إذاً وهذا النوع الثاني نوعٌ باطل، فلا يجوز أن يشترك إنسان بشيء معنوي مجهول في شركة مالية، لأنه -أصلاً- باطل؛ فكيف إذا دخله حرام.
    - بقي النوع الأول وهو " الأسهم " ولا بد أن نفصل قليلاً- في موضوع الأسهم من حيث الموقف الشرعي من الشركات المساهمة.
    فالأسهم نوعان -كما في النظام في المادة (99)- إما أن يكون السهم اسمياً، وإما أن يكون لحامله؛ فاسمياً يعني سهم فلان بن فلان، وأما لحامله فيعني كل من يملك الورقة فهو مالك للسهم، فالنظام في المادة (102) يقول: " تتداول الأسهم لحاملها بمجرد المناولة " أي حتى لو ضاعت على أحدهم ووجدها شخص آخر وأخذ السهم؛ فالأمر طبيعي جداً ولا يسأل عن ذلك.
    فهذا النوع من الأسهم -وهو الأسهم لحامله- حرام، ولا يجوز إصداره شرعاً، لما فيه من إضاعة الحقوق، ولأن الجهالة هي جهالة الشريك ولا ندري من هو الشريك، وهذا يوقع في مفاسد ومحظورات شرعية؛ فإذاً هذا النوع باطل..
    بقي أمر آخر في موضوع الأسهم، وهي الأسهم التي تضعها الشركات المساهمة -كما في نفس النظام- وهي إما أسهم عادية، وإما أسهم ممتازة.
    ما معنى أسهم ممتازة؟
    أي أن الأسهم أصحابها لهم ميزة، فنحن نعرف جميعاً أن الأسهم كلها متساوية، فالسهم قيمته -مثلاً- مائة ريال لجميع المساهمين؛ لكن الأسهم الممتازة حتى لو أفلست الشركة أو صفيت، فإنك تأخذ حقوقك كاملة، ولا تشترك في الخسارة، ويمكن أن تسحب مالك من أي وقت ولا تُطالَب بأي شيء، وأمامك فرص كثيرة جداً لأنك شخص ممتاز، مع أنك ما دفعت إلا المائة، أو ما تملك إلا سهماً واحداً؛ وهذه توضع لأناس معينين.
    فهذه الأسهم الممتازة حرام بهذه الصفة؛ لأنها تعطي ميزات وتفاضلاً بغير حقٍ وبغير وجه شرعي، والأصل أن المساهمين جميعاً سواءٌ في الربح أو في الخسارة.
    ومنها أنواع يسمونها (أسهم التمتع) وتنص على أن بعض الناس بعد مضي فترة من الزمن يسترد رأس ماله، ومع ذلك يظل في الشركة ويأخذ أرباحاً عادية؛ لأن لديه أسهم رأس المال أو أسهم تمتع!! أي أنه يأخذ رأس ماله ومع ذلك لا يزال يُعطى مثل ما يُعطى بقية الشركاء!! وهذا لا شك أنه حرام، فبأي حق يأخذ هذا المال، وقد استرد رأس ماله فهذا أيضاً نوع من أنواع الأسهم، وهو حرام قطعاً.
    وأما ما عدا ذلك فهي الأسهم العادية وهذه لا تخلو من محظورات شرعية، بعضهم أوصلها إلى حد أنها تبطل الشركة، أي أن الشركات المساهمة من أصلها باطلة، وسبب ذلك هو أن الشريك يساهم ويشتري ويخرج دون علم الآخرين، فليس هناك شركة في الحقيقة.
    وأكثر من هذا أن البورصات العالمية وبائعي الأسهم والدلالين والسماسرة يتلاعبون بعقول الناس بسبب هذه الأسهم، ويتلاعبون -حتى- بالسياسة الدولية، فيتدخلون في أمورٍ ويتحكمون بأكثر من قطاع وأكثر من مجال من مجالات الحياة والناس لا يعلمون.
    مثلاً: حدثت حادثة: رئيس الوزراء في بريطانيا قدم استقالته قالوا: ارتفعت الأسهم، وإذا ذهب وزير خارجية أو اختطفت طائرة أو ارتفع البترول قليلاً... انخفضت أو ارتفعت الأسهم.. في الدقيقة أو في الثانية لا بد من ملاحقة شديدة لها.
    ويدخل في هذا النجش المحرم شرعاً كما قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {ولا تناجشوا} وهو الزيادة ممن لا يريد الشراء، وكم أفلست من دول ومن شركات ومن مؤسسات، بسبب هذه الأسهم، وفوق كل ذلك إفلاس هائل جداً للناس الذين انهالوا على شراء الأسهم، فاشتروا وارتفع سعرها، ثم اشتروا وباعوا وفي النهاية فوجئوا بالإفلاس؛ وسنوات طويلة والدولة ما تزال تحاول أن تحل هذه المشكلة.
    إذاً: عن هذه الأسهم نقول: على فرض أن الشركة المساهمة حلال، فإن من مشاكلها هذا البيع، وما يدخلها من غش وغرر ونجش ومعاملات محرمة، ولا يحصر أثرها في محاضرة ولا أكثر لأن أثرها وضررها عظيم، هذا بالنسبة لموضوع الأسهم.
  5. خامساً: اجتماع الأجرة مع نسبة من الأرباح

    من المخالفات الشرعية: أن نظام الشركات السعودي أجاز أن يحصل الشريك بالعمل على نسبةٍ من الأرباح زائد أجرة ثابتة وهذا لا يجوز شرعاً؛ لأنه ربما استهلكت الأجرة الربح؛ كله فماذا يبقى؟! والثابت شرعاً أنه لا يعطى زيادة على نسبة الربح أجرة، ولعل فيما بعد يأتي الكلام عن مكافأة أعضاء مجلس الإدارة وما يتعلق بها، وهي قريب من هذا.
  6. سادساً: نسبة الخسارة ونسبة رأس المال

    ثم إن من المخالفات التي هي مخالفة صحيحة لأحكام الشريعة أنه لم يجعل الخسارة على قدر رأس المال، ففي الشرع -وهذا موضع اتفاق بين العلماء- أن الخسارة على قدر رأس المال؛ ونظام الشركات لأنه مأخوذ من القوانين الغربية، فهم يجعلون الخسارة بحسب الاتفاق. فيجوز أن تدفع مالاً أكثر، وتكون خسارتك أقل، وهذا أيضاً من الظلم ومن الإجحاف، ويولد الشحناء والبغضاء بين المساهمين. ومع ما سبق من تحريم السندات؛ أجاز نظام الشركات السعودي تحويل سندات القرض إلى أسهم، أي أنه كان مقرضاً بفائدة، فقالوا: يمكن أن تحول إلى أسهم وتصبح مساهماً!! فهذا يزيد الطين بلة مصيبة على مصيبة وكل ما ترتب على باطل فهو باطل، وما بني على الحرام فهو حرام.
  7. سابعاً: تقييد المعاملات وتسلط الإدارة

    وذلك كمنع الشركات الكبيرة الخاصة وتحويلها إلى شركة مساهمة جبراً، وتسلط أعضاء مجلس الإدارة واستئثارهم وشراء الأصوات.
    وأذكر قصة حقيقية وقعت قبل أيام، وتضمنتها فتوى لسماحة الشيخ عبد العزيز -ولديّ صورة منها- جاء إلى منطقة الباحة رجل وزعم أنه يمثل شركة من الشركات وقال: كل شخص يحضر رقم الحفيظة أو رقم البطاقة، ونأخذ صورة منها، ونعطيه مائتي ريال -في منطقة من مناطق الباحة- وتعرفون الفقر الشديد هناك، وخاصة جهة البادية وجهة تهامة؛ فهناك فقر مدقع جداً.
    أحد المساكين يقول: وماذا في ذلك؟! أعطيه رقم الحفيظة وآخذ مائتي ريال!! وتجمع الناس بالمئات أو بالألوف، ووزع عدة ملايين، وذهب.. فتذكرت لما كتبوا لسماحة الشيخ عن هذا ووقتها كنت في المعهد لا أدري في أي مرحلة بالضبط - بأنه جاءنا أناس من هذا النوع يمرون ويأخذون توابع الناس، ويعطونهم مالاً!! وإذا سئلوا: ماذا تريدون؟
    قالوا: مساهمة، والناس لا يدرون أن رقم الحفيظة يسجل باعتبار أنك مساهم؛ لأن البنوك لها شروط، فنظام الشركات يفرض شروط المساهمة، فلو أتى إنسان وأخذ منك رقم الحفيظة فأنت بهذا تعتبر تابعاً، وبهذا يؤسس شركة مساهمة، ويرتب عمله بأسمائنا، ويكون مجلس إدارة بتصويت وهي انتخابات وهمية، ونحن لا ندري لماذا أخذ المبلغ ولا ماذا يريد!!
    هذه حقائق واقعة الآن؛ لأنه -كما قلنا- في مجلس الإدارة هناك من يقول: إنه وكيل، وهناك من يقول: إنه ينوب، واختلفوا كيف يكيفونه فقهياً، وهذا لا يحتاج تكييفاً.
    اجعل القضية كلها على الشرع، ولن تحتار في تكييف أي شيء!! أكثر المساهمين -ويمكن أن تسألوا إن لم تكونوا مساهمين- لا يعلم شيئاً، ولا يعلم متى ينعقد مجلس الإدارة، ولا يعلم بعد ذلك ماذا يصير وماذا يدور!! إذاً: هذا يفتح باباً للتحايل، فكأنها تمثل الأمة كلها وهي في الحقيقة لا تمثل إلا أفراداً معينين.
    فأي واحد منا وفقه الله وفتح منشأة تجارية، وكبرت حتى صار رأس ماله كذا مليار، بأي حق يحولها إلى شركة مساهمة وتعرض إلى الانتساب العام ويشترك فيها من هب ودب.
    مثلاً: أنا جالس في بيتي، والآخرون في بيوتهم قاعدون، فلا ساهمنا ولا عملنا ولا تاجرنا، وهناك تاجر عنده شركة ضخمة يجبر على أن يحولها إلى شركة مساهمة، فأقوم أنا أشتري وهذا يشتري، وهذا يشتري، بأي حق ولماذا؟
    قالوا: لأن هذا يمنع الثراء الفاحش!! ونحن نعلم من شرعنا أنه إن كان هذا الإثراء من طريق شرعي فلا حرج في ذلك ولو بلغ مليارات، وإن كان من طرق محرمة فنمنع الطرق المحرمة؛ فلا نعالج المشكلة بمشكلة أخرى.
    ولما أجبرت الشركات الكبيرة على أن تتحول إلى شركات مساهمة، فما الذي فعل أصحاب الشركات الأصليون؟!
    التاجر يقول: هذا حقي أنا؛ فيشتري بطريقة احتيالية -كما سبق- فيعود إليه رأس ماله، وما استفدنا شيئاً..ورطناه وورطنا الناس في معاملات كثيرة منها حرام، ورجع الأمر إلى صاحبه؛ لأن القضية من أصلها مبنية على غير أساس شرعي.
  8. ثامناً: الظلم والإجحاف

    يقول النظام: أعضاء مجلس الإدارة لا تزيد مكافأتهم على (10%)، لكن الشرع منصف حتى لأعضاء مجلس الإدارة، وإن كانوا يظلمون المساهمين ويتحكمون فمكافأتهم -حسب النظام- لا تزيد عن (10%) بعد خصم كل المصروفات، وبعد أن يوزع من صافي الأرباح ما لا يقل عن (5%) على كل مساهم..افترض أنه ما بقي لهم شيء، إذاً: هذا ظلم، أو افترض أنه بقيت مليارات، إذاً: هذه جهالة لا تصح؛ ولهذا فإن الشرع لا يريد أن نظلم لا مجلس الإدارة ولا المساهمين -وحاشا لله تبارك وتعالى- فهذه الشروط باطلة وهي منصوص عليها في نظام الشركات.
  9. تاسعاً: التقادم

    ومن المخالفات الشرعية في نظام الشركات أنه يسقط الدعوى بالتقادم كما في المادة (77)، ومعنى سقوط الدعوى بالتقادم: أنه إذا مرت مدة زمنية سقط حقك في الادعاء؛ فهم أعطوا للمساهمين أو لغيرهم سنداً وأعطوهم مدة سنة، فإذا سألتهم: وماذا يحدث إذا انقضت السنة؟ قالوا: لما عدا حالتي الغش والتزوير، تنقضي دعوى المسئولية المقررة للشركة بموافقة الجمعية العامة العادية على إبراء ذمة أعضاء مجلس الإدارة من مسئوليتهم، وفي جميع الأحوال لا تسمع الدعوى المذكورة بعد انقضاء سنة على تلك الموافقة، ولو اكتشفوا أن مجلس الإدارة أو واحداً منهم كان أكبر غشاش وأكبر مرابٍ وسرق ما سرق، ونهب ما نهب!! فالقانون يقول: انتهت المدة؛ وهذا مخالف لأحكام الشريعة الإسلامية، وإن كان بعض الفقهاء يقولون: إن التقادم يسقط الدعوى فإذا مرت سنوات طوال ثم أتيت أدعي على بيت يسكن فيه إنسان من ثلاثين سنة أو خمسين سنة، وقلت: هذا البيت لي! وأنا جاره، وساكت طوال هذه السنين، يقول بعض الفقهاء: هذا دليل على أن الدعوى باطلة وأنها تسقط، لكن هل هذا يسقط الحق فيما بينه وبين الله؟ لا طبعاً، لكنْ! هم يتكلمون عن النظام فقط، وفيما يخص إلزام المحاكم الوضعية أو البشرية بهذا؛ أما ما بينه وبين الله فلا يسألون عنه. إذاً: اشتمل على هذه المخالفة وهي سقوط الدعوى بالتقادم، وهو -أيضاً- حكم مخالفٌ للشريعة، وما عرفه المسلمون بهذا الشكل إلا عندما استوردوا القوانين الوضعية.
  10. عاشراً: مسألة البينة في إثبات الشركة

    النظام نص على أنه يجوز إثبات شركة المحاصة بالبينة، وهي نوع من أنواع الشركات، فالشركات تتنوع: فهناك شركة محاصة، وشركة مساهمة، وشركة توصية -توصية بسيطة، وتوصية بالأسهم- وشركة تضامن إلى آخر أنواع الشركات وكلها متداخلة ومتقاربة، وبعض أحكامها تتقارب. فيقول النظام: ''شركة المحاصة تثبت بجميع الطرق بما في ذلك البينة'' ولماذا نص على أن شركة المحاصة يجوز أن تثبت بالبينة؟ أولاً: لأن المحاصة شركة مستترة؛ رجل يعمل والناس يعرفون أنه هو صاحب المحل، وهناك شخص آخر لا يعرفونه ساهم معه بشيء من المال؛ فهذه شركة المحاصة، ومفهوم ذلك أن الأصل في الشركات ألا تكون البينة هي مصدر الإثبات -البينة المعروفة شرعاً- فالمعتمد عليه عند القانونيين في البينة (الوثائق المحررة الخطية) أي أنك لو أتيت بعشرة شهود على شراكتك في شركة وهم عدول ثقات فلا يقبل منك هذا، أما لو أتيت بورقة خطية موثقة فإنها وحدها هي التي تقبل!! فبعض القوانين تجعل هذا ركناً من أركان الشركة، أي أن الشركة التي لا تكتب فملكيتها باطلة؛ لكن النظام والقانون السعودي لم يعتبره ركناً وإنما اعتبره شرطاً للشركة، كما في المادة العاشرة.