المادة    
  1. معارضة أوقات العمل لأوقات العبادة

     المرفق    
    السؤال: لماذا لم يستغل الدارسون الواضعون لأنظمة العمال توقيت العبادات في توقيت أوقات العمل، -فمثلاً- لماذا لا تكون أوقات العمل والدراسة بين الفجر والظهر؟
    الجواب: هذا هو المفروض، وأذكر عندما كنا في الجامعة الإسلامية وكان الشيخ ابن باز رحمه الله رئيساً للجامعة في رمضان قالوا: هل يعقل أن تكون مثل الدوائر الأخرى، نداوم من الساعة العاشرة إلى الثالثة؟!
    فقالوا: نبدأ الدوام بعد الفجر بنصف ساعة وما يأتي الظهر إلا وقد انتهى الدوام، وسبحان الله شيء عجيب من الهدوء! ومحافظة على الوقت.
    إن المشهود والمعروف في الدواوين الإسلامية والعمال المسلمين والقضاة والولاة قديماً كانت أعمالهم تبدأ من بعد صلاة الفجر فيبدءون الحياة إلى صلاة الظهر، وهو وقت طويل ومبارك، ويكفي لإنجاز معظم الأمور، لكن هذه الأيام وفي أثناء العمل تذهب ساعة بحجة الصلاة، والله أعلم من يصلي ومن لا يصلي، والمهم هو ضياع الوقت،
    أما الصلاة فهي حياة، وبعد هذا نرجع قريب العصر وخاصة في الأوقات التي يقصر فيها النهار، فيضطر كثير من الناس أن يتغدى وقت صلاة العصر ولا يصلي جماعة، وهذا أمر مشهود كما تلاحظون في نقصان الناس في صلاة العصر وكثرتهم في صلاة المغرب، ثم ينام إلى المغرب وربما لا يصلي المغرب، وإذا سألته؟
    قال: الدوام! فهل أنت خلقت للعبادة أم للدوام؟!
    فمن المفروض أن يكون الدوام في أوقات مناسبة، لكن نحن يجب أن نعرف حق الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وطاعة الله ومراعاة الوقت في هذا، و-عموماً- أنظمة العمل والعمال في الوطن الإسلامي مشتقة أو منقولة من النظام الذي وضعه مكتب العمل الدولي في جنيف التابع للأمم المتحدة، والذين وضعوه كفار لا يعرفون الآخرة ولا يعرفون صلاة ولا شيئاً، فلذلك نجد أن من وفقه الله -كما في بعض الدول وبعض الإدارات- يضع وقتاً للصلاة من عنده هو، وإلا فالنظام العالمي ليس فيه وقت صلاة، وإنما وقت يسمونه وقت غداء، لهذا في بعض الشركات -سبحان الله!- لا تستطيع أن تصلي إلا في وقت الغداء، فالصلاة ليست محسوبة نسأل الله العافية.
    فهذا جزء من التفكير العلماني: أناس يخططون ولا يضعون في حسابهم الآخرة أو الإسلام، وإن كانوا غربيين فهل نتبعهم ونقلدهم ونقتبس منهم بغير وعي؟!
  2. ضبط الأوقات نابع من صدق القلب

     المرفق    
    السؤال: نرى الغرب الكافر يحرص على وقته ولا يفرط فيه، ونحن المسلمين نضيع أوقاتنا سدى، هل لليهود دور في ذلك؟
    الجواب: الدور للقلوب الضعيفة، واليهود ما غصبونا ولا ضيعوا أوقاتنا، لكن اليهود يستغلون الأحداث ولا يصنعونها، لأن اليهود وجدوا أمة لاهية تحب اللهو، أما لو كانت أمة لا تقبل اللهو فكيف يلهيها اليهود؟!
    ولنفرض أنهم عملوا أفلامًا ومجلات ولم يشتريها أحد، وأحياناً يوزعونها مجاناً -وهذا يحصل- لكن لم يهتم بها أحد فإنها تموت، لكن لما كانت الأمة تحب اللهو واللعب والمباريات حدث كل هذا، ولهذا كتبوا في البروتوكولات؛ أنه لابد من تشجيع المباريات والفنون إلى آخره لأنها تلهي الأميين وتشغلهم، ويخطط اليهود في غفلة هؤلاء الأميين عما يراد بهم، فالمشكلة أننا نحن نضيع أوقاتنا والغرب الكافر لا يضبط أوقاته، وبعض الناس يظن أن الإنسان الغربي يضبط وقته ليؤدي العمل، وهو يضبط وقته ليذهب إلى الملهى أو المرقص أو الخمارة، فلابد من أوقات معينة يعربد فيها وأوقات أخرى لكي ينام، فالعبرة ليست بضبط الوقت، ولكن ما الدافع وراء ضبط الوقت.
    ولهذا هم استفادوا من هذا الجانب في دنياهم لأن المحافظة على الوقت تفيد في الدنيا ولا ريب، وخسروا أوقاتهم وخسروا آخرتهم بلا ريب، لكن في الدنيا خسروا الأمن والراحة والطمأنينة لأن هذا الضبط لغير الله ولغير الخير، أما نحن المسلمين فنضيع الأوقات ولا نضبطها، لكن مهما كان فالمسلم -وعلى الأقل المصلي- هو أضبط من الغربيين إن شاء الله، وأحرص منهم على الوقت.
    وأذكر مرة أنه زارنا ضيف في الجامعة الإسلامية -لكن أنسى اسمه الآن- وهو شاعر أمريكي من شعراء الهيبيز فجاء وأسلم وقابلناه في الجامعة الإسلامية فقلنا له: ما هو سبب إسلامك؟ فقال: ذهبت مع شركة إلى اليمن، واخترت اليمن لما بلغني أنه ليس فيها أي أثر للحضارة الغربية خاصة ذاك اليوم، في أوائل (1390 أو 1392هـ) الله أعلم، فقلت أعيش بعيدًا عن الحضارة، لأنهم يكرهون الحضارة، قال: ذهبت إلى هناك وتعبت مع العمال، وجربت معهم كل وسيلة من صياح وشجار ولكن لا فائدة فهم فوضويون في كل شيء، في أكلهم وشربهم ونومهم، وفي إحدى المرات كنت أراقبهم فإذا أذن المؤذن قام واحد منهم وتقدم للصلاة وهم يصفون خلفه، فإذا ركع ركعوا، وإذا سجد سجدوا، وإذا سلم سلموا، وهكذا في اليوم الثاني والثالث، فقلت للمترجم: قل لهم أنتم أمة غريبة جدًا! عملكم فوضى إلا هذه الحالة فما هو السر في هذا؟
    فقال: إنها الصلاة وهذا هو دين الإسلام، فقلت: إن كان الإسلام يضبطكم وأنتم همج بهذا الشكل فأنا مسلم.
    فنحن أمة همج لم يضبطنا إلا الإسلام، حتى المعربدين منا تجده يعربد بهمجية مما يجعله محل انتقاد من المعربدين الآخرين، لأننا -فعلاً- قوم لم نتأدب إلا بالإسلام ولا ننضبط ولا نستقيم إلا به، ولا ننتصر إلا به، وما زلت أذكر أننا لو أقمنا الصلاة لحاربنا بها المخدرات وضياع الأوقات، ومن فضل الله علينا أننا كلنا متفقون عليها ولا يشك فيها أحد، فوالله لو أقمناها حق الإقامة لما احتجنا إلى ما نحارب به هذه الأمم ولما خسرنا هذه الخسارة، فلو أقمناها لضبطت أوقاتنا وأعمالنا وأعمارنا، فكل شيء يضبط بإذن الله لو أقمنا الصلاة حق الإقامة، لكن الله المستعان!
  3. محافظة الطالب لوقته

     المرفق    
    السؤال: كيف يستطيع طالب المدرسة المحافظة على وقته، وأنت تعلم ما يتخلل الفترة الدراسية من الوقت الذي قد يقول قائل: لا أستطيع أن أستفيد من وقتي لأعمال الآخرة؟ الجواب: على كل حال هناك أمور نحن لا نريدها، لكن إذا فرضت علينا مثل النظام المطور، ونحن في الجامعة نشتكي ونصيح ومع ذلك يدرس، وإذا به يعمم على الثانويات، وقالوا: إنه من الممكن أن يطبق في ثانويات البنات، الشاهد فرضاً أنه وقع، كما في الثانويات المطورة، فالمؤمن يحاول أن يكون مرناً مع أي حادث، ومع أي ظرف فيوظفه ويسخره لما ينفعه، فخذ كتابك معك، أو خذ أي شيء من وسائل الفائدة معك، واجلس أنت وزملاءك في ساعات الفراغ هذه إن كانت موجودة لتستفيد من الوقت، وحاول أن تكيف واقعك لتستفيد من الوقت بقدر ما تستطيع، ما دام أنه أمر واقع لا مفر منه. لو استطعنا أن نغير وأن نقضي على هذا بأن تتبنى المدرسة شيئاً مفيداً كأن يكون هناك حلقات تحفيظ قرآن أو نشاط في الدعوة الإسلامية لكان هذا شيئاً جيداً، وهذا الواجب وهذا هو المفروض، لكن إذا لم يوجد أي شيء فلا تعذر بل لا بد أن تجتهد، فتسبح الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وتذكره وحدك، وتقرأ القرآن وحدك، أو تخاطب أحد الطلاب وتدعوه إلى الخير في هذا الوقت فهذا أيضاً فرصة، حتى لو أن الإنسان ينشط جسمه ويمرنه بأي شكل ويستفيد من وقته، هذا أيضاً شيء مفيد، والمهم أن لا تضيِّع هذا الوقت في خسارة.
  4. تذكر الموت باعث للنشاط

     المرفق    
    السؤال: أنا شاب هداني الله بعد الضلال وأعاني من مشكلة وهي أنني أذكر الموت كثيراً، وعند ذكري له فإني أبقى في الفراش وأشعر بتكاسل وخوف شديد، ولا أستطيع عمل أي شيء وأخاف الانتكاس؟ الجواب: هذا عكس المفروض، فإن المفروض أن يعطيك ذلك قوة في الإثارة والطاقة، وهذا عجيب -يا أخي- هداني الله وإياك، هل من يذكر الموت يتكاسل؟! قد يكون الأخ عنده ظرف آخر، لكن أقول: الصحابة لما كانوا يتذكرون الموت كانوا يهبون ويعملون ويجتهدون لله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى. إذا تذكرت الموت، فتذكر أن الله سيسألك عن الصلاة فقم إليها ولا تتكاسل عنها، وتذكر أنه يجب قبل أن يدركني الموت أن أستفيد من هذا الوقت في طاعة الله، فاجتهد في طاعة الله وفي طلب علم أو دعوة أو أمر بالمعروف ونهي عن المنكر. إن تذكر الموت قوة إيجابية للمؤمن وهو كما أشرنا من أعظم ما يثير همة المؤمن ويجعل طاقته تزداد يوماً بعد يوم، فيتذكر أنه سيموت فيجتهد أن يلقى الله سبحانه بأوفر وأوفى نصيب من العمل الصالح.
  5. ضياع الأوقات

     المرفق    
    السؤال: تواجهنا صعوبات في استغلال وقتنا عند الاجتماع بالأهل والإخوان وفي الحفلات والعزائم، ويكثر في ذلك الكلام غير المفيد فما هو الحل؟ الجواب: أولاً: لا أرى الحل في أن الإنسان دائمًا يأخذ معه كتاباً، ويقول ما دمنا نذهب إلى الوليمة وعند الأهل والأقارب فنأخذ معنا كتاباً! وهذا واقع فإننا نرى بعض الإخوان يسلم على أمه وأبيه، ثم تذهب أمه لتأتي بالشاي وهو يفتح الكتاب ويبدأ يكتب ويحلل، يا ولدي لماذا هذا؟ يقول: لكي أحافظ على وقتي! نقول: نعم أن الإنسان لا يضيع وقته لكن ليس من إضاعة الوقت أن تجلس مع أمك أو أبيك وتؤنسهما في الحديث، وتشرح لهما بعض الأمور حتى لو كلموك، وأنت قد ترى أنه كلام عادي لكن لابد أن تطيل النفس معهم وكذلك الأهل والأبناء وكذلك الجيران، بل احتسب أنت هذا الوقت وحاول أن توظف هذا الكلام ولو كان عادياً جداً لتأليفهم على الخير ولتحبيبه إليهم ولإفادتهم ولتستفيد أنت -أيضاً- فهذا مكسب لك وأجر إن شاء الله، ولا يجوز أن نفهم أن الجد في طلب العلم وفي الدعوة والعبادة معناه أن كل الوقت خشوع وقراءة وبكاء، بل نكون كما كان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقد قام بأعظم فأعظم الواجبات وهو واجب الدعوة والنذارة للعالمين، ومع ذلك كيف كانت حياته وعشرته ومباسطته لأهله ولضيفه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وللوفود كان صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنموذجاً فريد جداً والحمد لله الذي حفظ لنا سيرته، وإلا كنا نتخبط ونجتهد، قد نقول: إنه ما كان ينام أو ما أشبه ذلك فلا داعي لهذه الافتراضات، فالسيرة الصحيحة موجودة نقرؤها ونعمل كما عمل صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ومن ذلك في حفلات الزواج أنا لا أرى أنه كلما تجمع الناس تكلمت مدة طويلة ثلاث ساعات حتى يأتي العشاء! هذا غير صحيح، لكن لا بأس بأن يتكلم شخص كلمة خفيفة وذاك يأتي بشيء آخر وهكذا حتى تكون الجلسة متنوعة، فلا نجعلها على شكل واحد معين فنتْعب ونتعِب، ونمَل ونُمِل.
  6. علاج النسيان وتفاوت القدرات

     المرفق    
    السؤال: أنا طالب في أحد المدارس الشرعية أشتكي من النسيان، فقد نسيت دروس الترم الأول مع بعض الأجزاء من القرآن، حيث إن ما أحفظه بالأمس أنساه اليوم، وجاءت الإجازة وعلي ست مواد شرعية أريد مراجعتها ولكني أؤجل إلى غد حتى هذا اليوم، وأنا لم أنته من كتاب، فما سبب النسيان للمواد الشرعية والقرآن، وبماذا تنصحني في استغلال وقتي؟
    الجواب: إما أن يكون النسيان هذا لأسباب تتعلق بتفريط من الأخ، أو أنه من الله عز وجل وكل شيء من الله.
    لكن هناك سبب مباشر منه، وهو أن بعض الناس لا يذاكر ولا يهتم ولا يقرأ ويضيع وقته ويلعب، وإذا حفظ السورة من القرآن فلا يراجعها، ثم يقول نسيت! حتى لو درست وفهمت، فكل شيء له طريقته، وفرق بين الحافظة وبين الذاكرة، فأنت قد تحفظ الدرس أول ما يشرحه المدرس، لكن إذا لم تراجعه فلا تذكره، فأناس عندهم حافظة وليس عندهم ذاكرة، وأناس عندهم ذاكرة وما عندهم حافظة، يعني يحفظ ببطء شديد لكنه إذا حفظ رسخ الحفظ، لأن الذاكرة قوية، وهناك من لديه ذاكرة وحافظة، وأناس لا يوجد عنده شيء، لكن نقول: إن الله سبحانه جعل الناس مواهب، فإن كان لديك موهبة لكنك لا تذاكر ثم تقول: أنا فهمته لكن نسيته، فمرِّن الذاكرة بدوام الاستذكار، وحياة العلم مراجعته ومذاكرته، أما من يقول: أنا أقرأ وأراجع ولكن إذا ذهبت إلى البيت لا أفهم شيئاً، فنقول لك كما قال الأصمعي: ''أتى رجل إلى الخليل بن أحمد الفراهيدي، وقال: أريد أن أتعلم العروض، فلم يفهمه، ومر عليه أول يوم وثاني يوم ثم قال له الخليل: قطع هذا البيت:
    إذا لم تستطع شيئًا فدعه             وجاوزه إلى ما تستطيع''
    فقطع الدرس ولم يعد، وعلم أنه لا يمكن أن يتعلم هذا العلم، فإذا لم يوفق الله العبد على طلب العلم فلا يتعب نفسه فيه ويذهب ليتعلم شيئاً آخر، فقد يكون عاملاً نشيطاً أو مهندساً أو ميكانيكياً أو أي شيء آخر من الأشياء التي لا يراد لها جهد وكدٌّ كبير، ولا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها، أما إرغام النفس على ما تأباه فهذا لا يكون ومما لا يؤدي إلى نتيجة.
  7. حكم تارك الصلاة

     المرفق    
    السؤال: عندي أختان متزوجتان برجلين لا يصليان، وأكثر أقاربي لا يصلون، فكيف يكون موقفي؟ مع العلم بأني نصحت أزواج أخواتي، وجزاكم الله خيراً؟ الجواب: لم يذكر الأخ هل نصح الأختين أم لا، وهل تصليان أم لا، لأنه إن كانت الزوجة لا تصلي والزوج كذلك لا يصلي فالله المستعان! لكن إذا كان الزوج يصلي والزوجة لا تصلي أو العكس فهنا تكون المشكلة، إذ كيف تبقى مسلمة في عصمة كافر، أو كيف يرضى مسلم ببقاء عصمة كافره، فهنا الخلل، ولذلك نقول: على أية حال لابد من بذل النصح والاجتهاد معهم في الدعوة إلى الله، وإلى إقامة الصلاة ولا تقطعهما، واجتهد في النصيحة. وهذا معلوم فإن كثير من الخلق يرفض الدعوة وقليل منهم من يقبل، وإن قبل أحد فلنفسه، وإن لم يقبل أحد فما خسرنا شيئاً والحمد لله، وهذا عملنا فلا نيأس ولا نقنط ولا نتخلى عن هذا الواجب، ولا نهجر الناس لمجرد أنا لا نستطيع أن ندعوهم إلى الله إلا بعد أن نرى أننا استنفذنا كل ما نستطيع، والله سبحانه يتولى أمرنا وأمرهم، وكثير من الناس قد لا يسمعك الآن لكن قد يهديه الله بعد أيام أو بعد سنين، ولو على كبر فلا تحتقر أن تلقي إليه الخير الآن لعله يتذكره يوماً ما، ولو قبل الموت يتذكر ويتوب ويشهد أن لا إله إلا الله، ويتمنى لو عوفيت لعبدت الله ولصليت، فقد يموت على خير مما لو مات وهو مستحل لترك الصلاة مثلاً، نسأل الله العفو والعافية.
  8. استغلال الوقت في الأمور المباحة

     المرفق    
    السؤال: هل تكون الألعاب المباحة مضيعة للوقت؟
    الجواب: النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: { كل لهو يلهو به المرء باطل إلا ثلاث ملاعبة الرجل أهله وفرسه وسلاحه فإنهن من الحق } هذه من الحق وما عداها فباطل، والباطل قد يكون حراماً وقد يكون مكروهاً لما يشتمل عليه من عدم التفرغ إلى الحق، والمهم أنه ليس في ميزان المكسب، بل في ميزان الخسارة، فإن لم يكن هو خسارة وتجارة خاسرة في ذاتها، فأقل ما فيه أنه أضاع الوقت عن المتاجرة الرابحة، ومن هنا وتطبيقاً لذلك وإيماناً بأهمية الوقت والحياة كانت حياة السلف الصالح النموذج الواضح في المحافظة على الوقت من اللهو واللعب، ولكن كيف كانوا يفعلون كانوا كما قال معاذ لـأبي موسى كما في الصحيح {أما أنا فأنام وأقوم فأصلي، وأحتسب في نومتي كما أحتسب في قومتي}، يعني أن المؤمن لا يضيع أي شيء من وقته، لكن ما كان من وقتك ليس في صميم الجد فهو للترويح عن النفس ولتقوى على هذا الجهد، ولهذا قال بعض السلف في مثل هذا الموضع: إن النفس كالدابة، فإن أجهدت الدابة فسرت بها ثلاثة أيام ولم تطعمها ولم ترحها، هلكت وماتت ولم توصلك إلى المراد، وإن رفقت بها وخففت وأطعمتها وصلت بإذن الله، فلابد من شيء مما يستجم به المؤمن ويستعين به على الطاعة، لكن لا يكون في حرام ولا في لهو أو لعب، بل بعض من وفقه الله للخير، وفي سير السلف الصالح نماذج لذلك يقول: إذا أظلمت علي الأمور وكثرت علي الهموم أذهب إلى المقابر، وكان يحدثني شخص قبل أيام فقال: إذا كثرت علي الهموم جداً والمشاكل أذهب إلى المقابر، وأرى أحوالهم وأعتبر بها فيذهب الهم كله، سبحان الله! هذا موفق للخير، وآخر يتفكر في المخلوقات فينظر في ملكوت السماوات والأرض ويتعجب، في الليل والنهار التي جعلها الله تعالى خلفة كيف تسير؟!
    وكيف تسير هذه الكواكب؟!
    ويتفكر في الأحياء والأموات والطيور والأعشاب وكل شيء يفكر فيه، فيكون ارتاح من عمله من جهة، ومن جهة أخرى وهي الأهم: أنه ذكر الله وعبده وقضى وقته بما يرضي الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وهكذا المؤمن بإمكانه أن لا يخسر أي شيء من وقته.
  9. ضياع الوقت أشد من الموت

     المرفق    
    السؤال: ما معنى قول ابن القيم رحمه الله في كتابه الفوائد: '' ضياع الوقت أشد من الموت ''?
    الجواب: لأن ضياع الوقت يقطع عن الله والدار الآخرة، والموت يقطعك عن الدنيا وأهلها، وإذا مات الإنسان وهو متقٍ مؤمن فإنه ينقطع عن الدنيا وأهلها، ويجاور الملأ الأعلى ويترك هذا الملأ، وهذا ليس بخسران بل هو فوز رابح، وكل الناس هالك وراحل، ولكنه هو رحل من هذا الملأ إلى الملأ الأعلى، ومن هذه الدار إلى دار القرار والنعيم والحمد لله، لكن المشكلة ضياع الوقت في غير طاعة، لأنه يقطعك عن الله وعن الدار الآخرة، ولهذا تجد الذين يضيعون أوقاتهم في اللهو واللعب ويضيعون الطاعات، تجد قلوبهم قاسية مختوم مطبوع عليها، وتجد أحدهم حماراً في النهار جيفة بالليل، ولربما أصبحت العكس الآن فهو حمار بالليل لأنه أكثر إقامته، فهو حمار في وقت إقامته، وجيفه في وقت نومه -والعياذ بالله- لأنه مقطوع عن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وإن ذكرته بالله، قلت له: اتق الله أو أي شيء مما يقربه من الله، لكنه مقطوع الصلة بينه وبين الله، ولهذا فهو ميت:
    ليس من مات فاستراح بميتٍ             إنما الميت ميت الأحياء
    وميت الأحياء: حي بالشعور والإحساس ولكنه ميت القلب والإيمان نسأل الله العفو والعافية.
  10. الانشغال بحل مشاكل الناس

     المرفق    
    السؤال: أنا أحد الشباب الذين لهم دور في نشاط الحي والحمد لله، ولكن هذا يأخذ علي أغلب وقتي في حل المشاكل والاجتماعات وفي أشياء أخرى، علماً بأن هذه المشاكل قديمة جداً وقد ضيعت أوقات الشباب الذين سبقوني في الحي وأنا لا أرى أي تقدم في هذه المشاكل، فهي تختفي فترة ثم تعود، فأنا في حيرة من أمري، هل أبقى على هذه الحال علماً بأني لو بقيت لكنت شبه الشمعة تضيء للناس وتحرق نفسها، وقد أستطيع أحياناً أن لا أحترق لكن يذهب علي وقت قد استغله لنفسي مثل الرحلات والخرجات والجلسات، وقد فكرت في الانقطاع الكلي والاستفادة من وقتي لنفسي، لكن أنكر علي الكثير من الإخوان بحجة كتمان العلم وعدم خدمة الغير، وأنا في حيرة من أمري ولا يمكن أن أكون وسطاً فهذه بالنسبة لي لا أستطيع لظروف هذه المشاكل علماً أنها مكررة، وحلها شبه مستحيل؟
    الجواب: هذا من قدر الله الذي ابتلانا به، ولابد أن نصبر، وأن نوفق ونسدد ونقارب فهذه مشكلتنا كلنا، فأحياناً نقول: نسحب التلفون حتى لا يدخل أحد علينا، فتأتيك أشياء أخر، فهذه مشكلة، وخاصة كما تفضل الأخ، فقد يكون في الحي إمام مسجد أو داعية، فماذا يفعل؟!
    هذا يريد أن يتوب، وهذا يريد أن يهتدي، وهذا عنده مشكلة يريد أن يحلها، فلابد أن نجتهد، فهذا الزمان تقارب الناس فيه، وتقاربت وسائل الاتصال فيه، وأصبح يمكن للشخص أن يشغلك من أمريكا وأنا بعض الليالي تأتني مكالمة حوالي نصف ساعة من أمريكا، فإن أغلقت الباب أتاك من يدق عليك من جهة أخرى، كان الناس يرحلون في السابق على الإبل وأما الآن فالتلفون قد قرّب الأماكن، وهذه ضرورة فماذا تفعل؟
    والوسطية شيء جميل وليست بمستحيلة وهذا شيء لابد منه، وهذا قدرنا وهكذا أراد الله، فلابد أن نجتهد في ذلك، فلو أقفلنا الأبواب والوسائل جميعاً وبقينا على أنفسنا فقط، فإن ذلك لا ينفع ولا يليق بنا ولا ينبغي لنا، ولو فتحنا الباب على مصراعيه، فلن نستفيد أبداً، والناس كل منهم يأتيك ويظن أنه الوحيد، ويقول لك: عشر دقائق، وما علم أن هذه الكلمة يقولها كل أحد قبله، وأن الأعشار ضيعت الأعمال، فلابد من التوفيق ولهذا نقول للإخوة: يجب أن نتقِ الله في أوقات بعضنا، ونحفظ أوقات إخواننا، والشباب لابد لهم من مربين ولابد لهم من موجهين وهذا لا شك فيه، وهذه ضرورة لابد منها.
    لكن أن الأخ كما قال: يربي ويربي ويحل مشكلة ثم تعود فهذا خلل فينا نحن، فالذي يربينا ربانا واجتهد وتعب، ثم ننتكس ونعود وكأنه لم يفعل شيئاً، فلابد أن يكون التعاون منا ومنه، ولا بد أن يصبر الأخ هذا على ما يلاقي من إخوانه وعلى الإخوان أن يتوجهوا، وأن يحافظوا على وقت أخيهم أو موجههم مثلاً.
    وأيضاً ما يتعلق بالعامة، وإن كنا أحياناً نتعب معهم ونضيع الوقت معهم، بكلمة كيف الحال، وكيف الأخبار، وكيف الأمطار، وكيف الدراسة؟!
    لكن ينبغي أن لا نجرح شعورهم، فلابد أن نصبر لأنه هكذا أراد الله، ولعل دعوة مثل هؤلاء الناس هي التي تبارك لك في ربع ساعة تقرأ فيها، ولعل بركة هذا العلم والدعوة هي في مثل دعاء هؤلاء الناس، أو في الإحسان إليهم أو شيء من هذا والرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهو أعظم الناس عبادة ودعوة ومحافظة على الوقت، استوقفته عجوز ووقف معها حتى قضى حاجتها صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلابد أن نصبر، ومع ذلك ينبغي من الناس الإلحاف.
    ولما سأل رجلٌ رجلاً آخر وطلبه ولم يعطه قال: أين الذين يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة؟!
    قال: ذهبوا مع الذين لا يسألون الناس إلحافاً، فلابد من الطرفين، ولابد أن تؤثر ولو كان بك تعب أو ظروف ونسأل الله أن يعيننا على هذه الأعذار.
  11. تأسيس قاعدة الدعوة إلى الله

     المرفق    
    سؤال: أنا أتجول أحياناً فأجد كثيراً من الشباب على معصية الله -والعياذ بالله- فأفكر وأهم أن أذهب إليهم وأدعوهم، ثم أفكر وأقول لو فتح الله على قلوبهم واهتدوا كيف أتابعهم فيما بعد وأنا مشغول جداً فأخاف أن يعودوا إلى ما كانوا عليه، فكأننا ننفخ في رماد إلا أن يكون هذا شبيهاً ببعض رجال الدعوة الذين يذهبون إلى الخارج فيسلم بعض الكفار على أيديهم ثم يتركونهم ويرجعون إلى بلادهم؟
    الجواب: قضية كيف نحافظ على طاقة الأمة، لا شك أن هذه الأمور مما يجب أن ننبه إليها، ونرجو أن يستوعبها الإخوة وخاصة هذا الجمع فكلنا طلاب علم، فأقول: يجب علينا أن ندرك أن المجاهدين والعاملين في الأمة قليل وأن أثمن الأوقات هي أوقاتهم، ومن هنا فعلينا أن لا نبدد هذه الطاقة فهو حرام، وإن كان أحدهم يقول: أنا لم أبذل شيئاً، فأقول لك: لا يا أخي بدلاً من الذهاب إلى تجمعات الشباب هؤلاء في الكورنيش لتنصحهم، أو في البر لتتكلم معهم، فهذا في الحقيقة ليس عملك الدائم في حياتك، بل اجتهد وركز على مسجدك وعلى الشباب الذين يدرسون معك، ومع من حولك، فأنا أرى أن يركز أحدنا ولو على مدى معين، فلا تنتظر أن يأتيك المشايخ، ولو أنك كل أسبوع تدعو إلى الله في بلد فإنك لا تؤدي شيئاً، أنا أعترف بهذا ولا نغالط أنفسنا، نعم إنه قد يوجد الخير، لكن لا توجد ثمرة أكيدة، مثل أن تتابع بذرة معينة.
    فالتركيز لابد منه، ولكن أيضاً إن ذهبت إلى المكان النائي على الشاطئ، ولقيت أناساً على الطريق في وقت الصلاة فكلمهم وأنصحهم أما أن تقول: أذهب إلى السوق وأنهى عن المنكر فإنك تضيع عمرك كله، فالسوق كله منكرات، ولن تستفيد منه علماً ولا أي شيء آخر، لكن إذا ذهبت إلى السوق ثم رأيت المنكر فأنكره، ففرق بين الصورتين لكن نحن كدعاة لابد أن يكون للسوق مكان، وللشاطئ مكان في حساب الدعاة ككل، لكن فردياً لا، ولهذا نقول: إن الأمة في حاجة إلى تجميع الجهود، واستخلاصها بأفضل أسلوب، كما كان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينمي الطاقات ويربيها، ويضع هذا للقضاء، وهذا للعلم، وهذا للجهاد، أهَّلَهم فلما قبض صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وإذا بهذا أقضى الناس، وهذا أعلم الناس، وهذا أشجع الناس، لما رُبيت الطاقات ورُكزت في أهداف محددة.
    بعض الإخوة ذهبوا إلى كوريا، ودخل عدد من الكوريين في الإسلام ولكن لم يتابعهم أحد، قالوا: المفروض أن نتابعهم، وجاءوا إلى هيئة الإغاثة وجاءوا إلى الرابطة وقالوا: تابعوهم، قالوا: نحن ضيعنا دولاً مسلمة، فكيف نتابع عشرين شخصاً أصلهم في كوريا فيجب أن نكون واقعيين وندرس الأمر بفعل الثمرة الحقيقية.
    إن البلد أو الأمة الإسلامية لابد لها من قاعدة تتأسس وتكون منطلقاً، ومن هنا كان حرص النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على الهجرة، ومن هنا كان الذين آمنوا ولم يهاجروا ليس على المسلمين من ولايتهم من شيء، لأنهم لم يهاجروا إلى بلد الإسلام وكان النبي صلى الله عليه وسلم يبايع على الهجرة حتى فتحت مكة حتى تكون قاعدة للإسلام وحتى تكون مرتكزًا للإسلام وهذا المرتكز يمد العالم، لكن إذا كان بلا قاعدة وبلا مرتكز فلا فائدة، وعندما نقول: بلدنا هذا، فهل يمكن أن يكون هناك مرتكزاً للإسلام بديلاً عنه، لا يوجد لسببين:
    أولاً: السبب التاريخي الموروث وهو: وجود الحرمين فيه وهو منبع الهداية والحمد لله.
    ثانياً: أنه الآن أكثر المجتمعات الإسلامية قرباً من المنبع وأكثرها محافظة، إذًا فهذا نجعله قاعدة، ولهذا أرى أن تركز أهم الجهود هنا ولا نترك الخارج، فإذا كنت مبتعثاً في مكان ما فلا يمنع أن أركز عليه، وهذا لا ينافي أن يكون اهتمامي الكلي منصب على القاعدة.
    وكما ترون الجهاد الأفغاني، والجهاد الفلبيني -مثلاً- هذه البلاد هي مصدر العلم والتصور الصحيح للجهاد عندهم، ولذلك فهم يأتون إلى هذه البلاد وكذلك هي مصدر المال.
    فلو أن هنا قاعدة مؤسسة تأسيساً كاملاً بحيث أن كل تجارنا يتبرعون، وكل شبابنا دعاة ومخلصون ومضحون، فكيف ستكون الأمة؟!
    كنا سنمدهم بأقوى المدد وينتصرون أعظم انتصار، والآن المضحون قليل، ومع ذلك فعلنا الأعاجيب ونفع الله بهم -والحمد لله- منفعة كبيرة، وهم قليل، ولو كان ما يصرف على اللهو واللعب يصرف على صميم الدعوة، وحفظ كتاب الله، وعلى حفظ أوقات الشباب، فكيف يكون الشباب؟!
    ونحن الآن على قلة الشباب فعلوا الأعاجيب، كما قلت لكم في أمريكا وغيرها، لو كان كل الشباب على مستوى هؤلاء الشباب لفتحنا العالم مرة ثانية، وما ذلك على الله بعزيز، ولا غرابة في ذلك أبداً، ولحققنا ما يسمى معجزات وهذا في وضع الضعف، فكيف لو كنا في حالة القوة وكانت الأمة كلها قاعدة للدعوة إلى الله.
    شباب في أمريكا يدفعون من راتبهم وهم يدرسون، من أجل أن يستأجروا قناة في التلفزيون يدعون إلى الله سبحانه، والأمة في مجموعها تستطيع أن تشتري في أمريكا خمسين قناة أو أكثر، لأن الأمة عندما تدفع فليست كفرد، فأنا الآن -مثلاً- لي قدرة أن أدفع عشرة ريال، لكن البلد يستطيع أن يدفع عشرة ملايين، فقد يهتدي العالم كله -بإذن الله- ولا يبقى إلا من حقت عليه الضلالة، ومن هنا كانت ضرورة التركيز وأن نهتم بهذا البلد أن لا تفتك به المخدرات والأفلام، ولا تفتك به المغريات والملهيات، ونؤسس قاعدة الإسلام الكبرى -إن شاء الله- ومنطلقه العظيم هذا البلد، وهذه قد بشر بها النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن معتصم المسلمين في آخر الزمان يكون في بلاد الشام -إن شاء الله- وقلعة الإسلام ستكون هناك لكن هذا دليل على أن جزيرة العرب مضمونة، عندما نكون في بلاد الشام ونحارب الروم وغيرهم في بلاد الشام ويكون فسطاط المسلمين كما أخبر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بـالغوطة من دمشق، وهو مخيم القيادة، ومعنى ذلك أن الجزيرة العربية مضمونة.
    ومن هنا حتى لا تبدد الطاقات أرى أنه لو ركزت الدعوة في شبابنا وفي مدارسنا وفي حاراتنا فبهذا نكسب الأمرين معاً، نكسب الدعوة هنا في القاعدة، ونكسب الخارج لأن هذا المرتكز هو الفئة التي هي فئة كل مؤمن كما قال عمر رضي الله عنه: أنا فئة كل مؤمن. كان المسلمون إذا وجدوا أن أعداءهم أكثر من ضعفيهم وما يستطيعون القتال يفروا ولا يقولون: قد فررنا؛ لأن الله قد قال: ((إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَة))[الأنفال:16] فهم يعتزون بهذه القاعدة، وبفضل الله أن هذه البلاد عجيبة، فقد أودع الله فيها من الطاقات العقلية والطاقات المادية ما لم يودعه في غيرها، وتتهافت وتسعى إليها قلوب ألف مليون مسلم، وفي بعض البلاد إذا مشيت وأنت بالغترة يكادون أن يقطعونها ويقبلونها والحمد لله.
    الأمر الآخر: هذه الصحراء كانت سياجاً لنا في الماضي، فالروم والفرس لم تكن لهم قدرة على دخولها، حتى الإنجليز قالوا: لن ندخل هذه البلاد خمسون ألف جندي تذوب رءوسهم من شدة الشمس، في الصحراء ومن يستطيع أن يقاتل في الصحراء! ولنغض الطرف عن جزيرة العرب، فالآن جاءت التكنولوجيا المتطورة ولم تصبح مشكلة -أيضًا- فقد أعطانا الله في جوف هذه الصحراء قوة ما كنا نحلم بها، وهي قوة البترول والذهب والكنوز والطاقة الشمسية التي يقول العلماء عنها: إن كان البديل عن البترول فهو الطاقة الشمسية، ووجدوا أن أمريكا وأوروبا يغطيها السحاب طوال العام، وأكثر مخزون للطاقة الشمسية في الربع الخالي، فلا مشكلة لدينا لأن الأمر في أيدينا وستظل هي التي -بإذن الله- يمكن أن تكون قاعدة لفتح الدنيا كلها، فلهذا يجب تركيز الجهود، ولهذا نحن نتألم عندما نرى كثيراً من الإخوان يتكلم عن مشكلة الاختلاط ويتضاعف عندنا الألم إذا علمنا أنه يجب علينا بذل عمل أكثر، وهؤلاء هم شباب الأمة الذين يجب أن يكونوا مرتكزاً وقاعدة للدعوة إلى الله، فـالشيوعية تأتي من كل جهة، والعلمانية، الإباحية، والرافضة، والقاديانية، كل منهم يطمع فينا، وتداعوا علينا كما تداعى الأكلة على قصعتها، ونحن الذين يجب أن نفتح الدنيا بالإيمان، وأنتم ترون الآن كيف تضيع الأوقات وكيف تبدد الطاقات؟!
    والله المستعان! ولهذا أقول: كل إنسان منا لابد أن يستشعر واجبه، ويضحي في سبيل هذا الواجب، ويستعين بالله على ذلك ونحاول أن نركز الجهود.
    والحمد لله رب العالمين.