المادة    
في عموم التأريخ الإسلامي يمكن أن نعدد الولايات إلى الولايات التالية: ولاية الوزارة، وولاية القضاء، وولاية المظالم، وولاية الحسبة، فكانت ولاية الحسبة هي الركن الرابع من أركان الدولة الإسلامية، لأن الشكل الإداري للدولة الإسلامية لم يكن كما هو الحال عليه في الدول المعاصرة، عشرون وزارة أو أكثر، وإنما كانت دواوين، والغالب أن الدول كلها لا تخرج عن هذه الدواوين الأربعة: ديوان الوزارة أو الحجابة، وديوان القضاء وما يتعلق به، وديوان المظالم، وديوان الحسبة أو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وسوف نرى أننا إذا وزعنا صلاحيات المؤسسات الحكومية والوزارات، أن هذا يمكن أن يطبق في جميع العصور وأن هذه الدواوين الأربعة تشمل كل الوزارات والمصالح والمؤسسات الحكومية في وضعنا المعاصر.
  1. الغرض من الدواوين

    قبل أن نفصل الكلام في هذه الولايات، ينبغي أن نربط الموضوع بأصله المهم جداً، كما فعل شَيْخ الإِسْلامِ -رحمه الله- وهو: أن نتحدث عن الغرض من هذه الولايات، ومن الحكومات، ومن الدول، ومن الإدارات قبل أن نتحدث في تفصيل هذه الولايات، لئلا يظن ظانٌ أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، محصور في هذه الولاية وفي هذا الديوان -ديوان الحسبة- وأن ما عداه فإنه خارج عن ذلك؛ فشَيْخ الإِسْلامِ ابن تيمية -رحمه الله تعالى- بدأ كتابه الذي سماه قاعدة في الحسبة بعد خطبة الحاجة والمقدمة بتأصيل وتقعيد هذا الأصل العظيم الذي يجب علينا أن نعيه، وأن لا ننساه أبداً.
    فقال رحمه الله تعالى: قاعدة في الحسبة: أصل ذلك أن تعلم أن جميع الولايات في الإسلام مقصودها أن يكون الدين كله لله، وأن تكون كلمة الله هي العليا، فإن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى إنما خلق الخلق لذلك، وبه أنزل الكتب، وبه أرسل الرسل، وعليه جاهد الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والمؤمنون، قال الله تعالى (( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ))[الذاريات:56]، وقال تعالى: ((وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ)) [الأنبياء:25]''.
    إلى آخر ما ذكر -رحمه الله- من الآيات والأدلة، ثم بعد أن بين أن الناس لا بد أن يجتمعوا، وأن الإنسان مدنيٌ بطبعه، وأن الشرائع التي أنزلها الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى إنما هي أمر ونهي، والناس في أي بيئة، وفي أي زمان وفي أي مكان يجتمعون لا بد لهم من أمر ولا بد لهم من نهي، وهذا من حكمة الله في خلقه.
    ثم قال بعد ذلك: ''وإذا كان جماع الدين وجميع الولايات هي أمر ونهي، فالأمر الذي بعث الله به رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هو الأمر بالمعروف، والنهي الذي بعث الله به رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هو النهي عن المنكر -إلى أن قال- وجميع الولايات الإسلامية إنما مقصودها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر''.
    جميع الولايات، والمناصب، والوظائف، والإدارات، والأعمال إنما المقصود منها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ فكما يتعين على كل فرد أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر بحسب حاله وبحسب استطاعته، كما قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بصيغة العموم لأي منكر: {من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان} فكذلك أيضاً -وهو على سبيل الإلزام- الولايات، والإدارات، والسلطة.
    قال -رحمه الله-: ''سواء في ذلك ولاية الحرب الكبرى مثل نيابة السلطنة'' يعني من أكبر الولايات والوظائف والمناصب في الدولة، فقد كانت أكبر الوظائف في أيامه: ولاية النيابة -نيابة السلطنة- والغالب أنه يكون بمثابة ما يسمى الآن رئيس الأركان، أو القائد العام للجيوش.
    وكان من أشهر أولئك الذين كانوا كذلك صلاح الدين الأيوبي رحمه الله تعالى، فقد كان قائداً لجيوش نور الدين السلطان العادل صاحب السيرة المحمودة رحمه الله تعالى، ثم بعد ذلك صار صلاح الدين هو السلطان وتولى بنفسه الجهاد، كما هو عادة السلاطين أن منهم من يتولى بنفسه الجهاد، ومنهم من يكون نائب السلطنة هو المتولي لذلك.
    فتلك الولاية هي أعظم ولاية بعد الخليفة، فالخليفة عمله هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والولايات التي دونه والتي تتفرع عنه، كما ذكر الماوردي، وأبو يعلى، وابن خلدون، والأزرقي، وغيرهم ممن كتب في السياسة الشرعية وفي الأحكام السلطانية كـابن حزم -له مؤلف في ذلك- فكلهم جعلوا هذه الولايات فروعاً من الولاية العظمى التي هي ولاية الخليفة أو الإمام، فيتفرع عن منصب الإمام هذه الدواوين أو المناصب؛ فجميعها كما قال شَيْخ الإِسْلامِ يقصد بها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، سواء في ذلك الولاية الكبرى مثل نيابة السلطنة أو غيره.
    ثم قال رحمه الله: '' والصغرى مثل: ولاية الشرطة، وولاية الحكم، وولاية المال -وهي ولاية الدواوين المالية- وولاية الحسبة''.
    إذن: فكل الولايات وكل الدواوين إنما غرضها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
    والغرض من السلطة في الإسلام يختلف عنه في القوانين الوضعية والمذاهب الأرضية، وهذه حقيقة مهمة يجب أن تعلم؛ لأن المذاهب والقوانين الوضعية عندما تكثر من العساكر، أو الشرطة، أو الحرس أو غير ذلك؛ إنما مقصودها حفظ النظام، وضبط الناس، وحفظ الأمن، ولا زيادة على ذلك.
    وهذا ما احترز عنه شَيْخ الإِسْلامِ -رحمه الله- فقال في موضع آخر غير ما ذكر في هذه القاعدة: '' ليس المراد من الشرائع مجرد ضبط العوام''.
    أي: حتى يعلم الوالي أياً كانت ولايته ووظيفته في الدولة الإسلامية، أنه ليس الغرض أنه مجرد أن يضبط العمل الإداري أو يضبط الأمن فقط.
    يقول رحمه الله: ''ليس المراد من الشرائع التي أنزلها الله مجرد ضبط العوام، بل المراد منها الصلاح باطناً وظاهراً''.
    والقوانين الوضعية لا تفكر في شيء اسمه الصلاح الباطن، فهذه يعتبرونها مبادئ أخلاقية، والمبادئ الأخلاقية عندهم من شغل الفلاسفة الأخلاقيين، فلا تعنيهم، إنما يعنيهم الانضباط الظاهري فقط، وهذا مفرق عظيم بين شريعة أحكم الحاكمين التي جاءت لإصلاح القلوب ومداواة أمراضها، وبين ما يضعه الجاهليون بأهوائهم وآرائهم وتخرصاتهم من الشرائع الوضعية.
    ثم قال: ''بل المراد منها الصلاح باطناً وظاهراً للخاصة والعامة -للحاكم وللمحكوم وللمدير وللمدار، وللرئيس وللمرءوس- في المعاش والمعاد''.
    أيضاً الشرائع الوضعية إن ضبطت شيئاً فتضبطه في المعاش-في الدنيا- لكن في المعاد -في الآخرة- لا تضبطه ولا تتدخل فيه؛ فهكذا تظهر وتتضح عظمة وسعة مفهوم الولاية في دين الله تبارك وتعالى.
    ثم احترز حتى لا يقول قائل: والعقوبات التي شرعها الله تعالى لضبط الناس وردع من يرتكب المحرمات، أليست لضبط العوام؟!
    فقال: ''لكن في بعض العقوبات المشروعة في الدنيا ضبط للعوام'' نعم. بعض العقوبات هي لضبط العوام كما قال عثمان بن عفان رضي الله عنه: [[إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن]] فلا بد من هذا كجانب من الجوانب التي تكون الولاية فيه تحت التشريع، وقد أنزل الله تعالى في هذا الشرع ما يكفي، ولا بد أن يندرج أيضاً تحت السلطة التنفيذية فيكون المقصود منه الضبط.
  2. أقسام الدواوين وعلاقة بعضها ببعض

    بعد هذا نذكر أقسام الدواوين وعلاقة بعضها ببعض.
    الديوان الأول: فأما "ديوان التنفيذ" أو "ديوان الحجابة" أو "ديوان السلطنة": هكذا كان يسمى سابقاً بينما يسمى في وقتنا الحاضر "رئاسة الحكومة" أو "الحكومة" أو "الوزارة" فرئيس الوزراء والوزراء معه هؤلاء يسمّون "الحكومة" أو "الوزارة"، أو "السلطة التنفيذية" بالمصطلح السياسي القانوني -وهذه ليست موضوع حديثنا- ويتبعها الجند والعسكر لأنهم ذراع تنفذ بهم السلطة ما تريد، فهم تبع لوزارة من وزاراتها وهي التي تسمى في وقتنا الحاضر "الوزارة الحربية" أو "وزارة الدفاع".
    الديوان الثاني: هو ديوان المظالم: والفرق بينه وبين القضاء وبين الحسبة هو: أن المظالم يكون فيها المدعى عليه أو صاحب المنكر المراد تغييره، إما السلطة أو من يمثل السلطة، فإذا كان المدعي يدعي على إدارة حكومية، أو على السلطة، أو على من يمثل السلطة في وظيفته وفي عمله، فهذه تعتبر من قضايا المظالم؛ لأن الذي يقوى على إعطاء المظلوم حقه من هذه الإدارة أو من صاحب المنصب الحكومي هو هذا الديوان الذي اختصاصه هذا، وعلى هذا درجت الدول والممالك الإسلامية منذ أن تصدى عمر بن عبد العزيز -رحمه الله- لهذا الموضوع الجلل بنفسه، وإن كان ذكر عن عبد الملك بن مروان أنه جعل أيضاً يوماً للمظالم -لكن كما ذكرنا- أن الخلفاء الراشدين كانوا يتولون ذلك كله بدون تفريق؛ لأن الذي كان يهمهم هو الحقائق، فكانت بغير الأسماء والأقسام الشكلية التي وضعها من جاء بعدهم.
    لكن فيما بعد درجت الدول الإسلامية على اعتبار ديوان المظالم هو الذي يبتُّ ويفصل في كل من يدعي مظلمة ضد الدولة، أو ضد السلطة، أو ضد من يمثلها من الموظفين.
    الديوان الثالث: ديوان القضاء أو ولاية القضاء: وهي معروفة للجميع، وموضوعها هو الفصل بين الخصومات، وبين المتداعين من الناس، وهذه لها جانب عظيم في حياة الأمة، ولها اختصاص معروف في القديم والحديث.
    الديوان الرابع: وهو الذي يهمنا الآن، وهو الحسبة أي: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
    إذا كانت الدولة لا تشمل إلا هذه الدواوين الأربعة في أغلبها، فلنا أن نتصور سعة الصلاحيات بالنسبة لعصرنا الحاضر عندما قسمت الصلاحيات إلى عشرين وزارة مثلاً أو ثلاثين أو عشرين مؤسسة وأكثر من ذلك مثلاً من الإدارات، فكل هذه الوزارات لا بد أن نقسمها، لتندرج تحت هذه الدواوين؛ لنعرف ماذا كانت عليه ولاية الحسبة، وماذا كانت قيمتها عند الأمة وكيف كان ذلك.
  3. الفرق بين الحسبة والقضاء

    فصَّل الإمام الماوردي الفرق بين الحسبة والقضاء تفصيلاً لا بأس أن نورده هنا، يقول: ''إن ولاية الحسبة تقصر عن ولاية القضاء من وجهين:
    الوجه الأول: قصورها عن سماع عموم الدعاوى الخارجة عن ظواهر المنكرات، من الدعاوى في العقود والمعاملات وسائر الحقوق والمطالبات، فليس من وظيفة الحسبة أن تسمع الدعاوى الخارجة عن ظواهر المنكرات'' أي: أن القضايا الحقوقية المتنازع عليها لا تدخل في هذه الشئون التي هي من شئون القضاء، لكن عملها في منكر ظاهر فتزيله، أو في حق ثابت فتؤديه، أما ما يحتاج إلى دعاوى وما هو موضع تجاحد وتناكر بين الأطراف فهذا يرجع فيه إلى القضاء لسماع البينات والحكم فيما بين الخصوم، لكن إذا كان حقاً ثابتاً فإنه يملكه المحتسب.
    ''الوجه الثاني من الفرق بين الحسبة والقضاء: أن موضوع الحسبة هي الحقوق المعترف بها، فلا يدخل فيها ما يتعلق بالتجاحد والتناكر ''.
    ثم قال: ''أما زيادتها عن القضاء فمن وجهين أيضاً:
    الوجه الأول: التعرض لتصفح ما يؤمر به من المعروف ويُنهى عنه من المنكر، وإن لم يحضره خصم يستدعي'' بمعنى: أن القاضي لا يبحث عن أية قضية إلا إذا جاءه من يقول: أنا أدعي عندك على فلان، فهذا عمل القاضي، أما المحتسب فهو الذي يبحث بنفسه ويتعرف ويتفحص، فإذا علم أن رجلاً ظلم بناته فلم يزوجهن -مثلاً- فإنه يحتسب وينكر عليه.
    وإذا علم أن رجلاً قصَّر في حق يتيم ولم يقم بحق الكفالة فإنه يذهب ويحتسب عليه، فضلاً عما هو من صلاحياته الأساسية، مثل: المعاملات في الأسواق وغير ذلك مما سنوضحه إن شاء الله.
    والمقصود هو: إيضاح الفرق، فالقاضي إذا لم يأته المدعي لا يتدخل، هذا بعد أن تقسم الدواوين، لكن المحتسب يتعرض ويسأل وينقب؛ يشم رائحة ويقول: ربما كان هذا مصنع خمر فيذهب ويستكشف ويغير المنكر.. يمشي في الليل فيسمع صوت طنبور أو مزمار، فيقول: هذا منكر ويغيره. يرى آلات ملاهي فلا بد أن يكسرها.. يرى تماثيل لا بد أن يحطمها، وهذا له أصل عظيم جداً، وهو أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما مر بالسوق فوضع يده في الطعام فوجد البلل، فقال: {ما هذا يا صاحب الطعام؟! من غش -وفي رواية من غشنا- فليس منا}، وكان عمر -رضي الله عنه- يفعل ذلك ويدور في الأسواق، ويتعرض، ويرى، فهذه وظيفة المحتسب لا وظيفة القاضي.
    ثم قال: ''الوجه الثاني: أن للمحتسب من السلطة ما ليس للقضاء؛ لأن الحسبة موضوعه على الرهبة، والقضاء موضوع للمناصفة'' هكذا تعبيره ونقلها ابن خلدون عنه حرفياً.
    فالحسبة موضوعه على الرهبة، فهي سلطة تنفيذية ترهب صاحب المنكر، أما القضاء فليس فيه إرهاب من القاضي، بل هناك مناصفة، وعنده ميزان، يسمع من هذا كما يسمع من هذا، ثم يحكم بالحق.
    أما الوالي أو المحتسب -عموماً- فإن موضوع عمله هو الرهبة، وكأنه في هذه الحالة قاضٍ وزيادة، فمجرد ما يسمع من أحد الأطراف أنه يشتكي أن منكراً وقع عليه، ينكر ويغير باليد في آنٍ واحد معاً، هذا من جهة التفريق بين ولاية الحسبة وبين ولاية القضاء من الناحية الفقهية.
  4. الفرق بين المحتسب والمتطوع

    فرق المؤلفون في الأحكام السلطانية الإسلامية بين المتطوع وبين المحتسب، فأوردوا تسعة فروق، لكن يمكن أن نوجزها فنقول: المتطوع: هو كل مسلم متطوع للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بمعنى أنه ينكره تطوعاً لا وظيفة، فليس المقصود أن الإنكار لا يكون واجباً عليه. لكن المتطوع هو من يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر من تلقاء نفسه من غير ولاية رسمية، يتعرض للواجب، ويتعرض للمكروه وغير ذلك، ويتحمل الأذى في سبيل هذا، فهذا لا يأخذ أجراً من بيت المال، ولا يمكنه أن يقيم الحدود، ولا أن يعاقب، ولا أن يعزر إلا في حالات معينة؛ كأن يرى رجلاً يعمل الفاحشة -والعياذ بالله- أو يغتصب مالاً حراماً أو ما أشبه ذلك من الأمور التي لا يمكن التباطؤ فيها، ولا يمكن تأجيلها. أما المحتسب فهو صاحب ولاية، وصاحب سلطة وتنفيذ، فله أن يفعل ذلك وزيادة.
  5. الفرق بين العقوبة المخولة للمحتسب والمخولة للقاضي

    ولاية الحسبة عموماً من أهم صلاحياتها ومن أوسع اختصاصاتها: العقوبة، فتمتاز عن القضاء بالعقوبة الفورية، ولا بد أن تؤديها، وعلى هذا نص شَيْخ الإِسْلامِ رحمه الله فقال: ''الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يتم إلا بالعقوبات الشرعية؛ فإن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن وإقامة الحدود واجبة على ولاة الأمور '' لكن من العقوبات ما تسمى بالعقوبات المقدرة، وهي الحدود التي قدَّر الله تعالى عقوباتها، فهذه يتولاها القضاء.
    أما المحتسب فكل أعماله داخلة في باب العقوبات الغير مقدرة؛ أي: التعزيرات من توبيخ، أو تسفيه، أو ضرب، أو حبس، أي: قد يتطور الأمر حتى كان للحسبة في بعض الدول سجون، ولها معاملات، ولها ضبوط، وشهود، وأمور عظيمة جداً، بحسب أحوال الدول وقربها من الاقتداء بالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وإحياء هذه الشعيرة العظيمة.