المادة    
  1. الحضارة التي تسعد الإنسان

     المرفق    
    السؤال: لقد اهتممت بموضوع الحضارة وأثرها في المجتمع، فهل سوف ترجع الدنيا كما كانت؟ وما هي الحضارة التي تسعد الإنسان وترقى به إلى كمال الإنسانية؟
    الجواب: قوله: هل سترجع الدنيا كما كانت، بمعنى أن الإنسان سوف يفقد الحضارة الموجودة اليوم.
    أقول: إن الحياة الإنسانية مد وجزر؛ حتى إن بعض الباحثين من الأوروبيين يرون أنه لا يستبعد أن تكون قد وجدت حضارات من قبلنا أرقى منا مادياً ثم تدمرت لأي سبب من الأسباب، إما انفجارات نووية أو غيرها.
    وأما الجانب الشكلي من الحياة: -جانب الرقي المادي التكنولوجي أو عدمه- فإنه يرتفع وينخفض على مستوى الإنسانية جميعاً، وعلى مستوى الشعوب أيضاً، فيمكن أن يكون شعب من الشعوب هو قائد العالم في الحضارة المادية، وقد يسلم القيادة إلى شعب آخر وهكذا.
    ولهذا فـالولايات المتحدة -مثلاً- كانت تخشى من اليابان؛ والآن اليابان وأمريكا تخشيان من كوريا وهذه لا علاقة لها بالدين ولا بالهداية، فمن الممكن لأي شعب أن يُمكَّن له مادياً... ولكن هل يدوم؟ إن هذا لا يدوم.
    إلا إذا كان على الإيمان والتقوى.
    فإذا كانت الحضارات التي تقوم على الإيمان والتقوى واتباع أمر الله تسقط إذا انحرفت وارتكبت المعاصي والترف والفجور؛ فما بالك بالحضارات التي قامت من أصلها على المادية والإلحاد، فإنها تذهب وتعود إلى أن يرث الله تعالى الأرض ومن عليها.
    وقد تقوم الساعة والناس في قمة من الحضارة المادية، وقد تقوم وهم دون ذلك بكثير، وقد تقوم وهم أنواع أو أخلاط، وإن كانت الأحاديث الصحيحة الواردة -مثلاً- في قتال المسلمين للروم في آخر الزمان حين يقرب خروج الدجال، ومن ثم انتهاء هذا العالم، يقول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {إني لأعرف أسماء خيولهم -لأنهم سوف يقاتلون على الخيول- ويربطون خيولهم على الزيتون} وهذا يدل على أن وسائل القتال سوف تكون بالوسائل المادية المعروفة سابقاً، وليست الوسائل الحديثة، والله تعالى أعلم، فهذا من علم الغيب الذي لا يعلمه إلا الله.
    فالمهم هو أن الحضارة التي تُسعد الإنسان وترقى به إلى كمال الإنسانية، هي الحضارة التي تقوم على الإسلام، قال الله تعالى: ((إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ))[آل عمران:19] وأما على أي دين آخر فلا يمكن أن توجد أبداً؛ لكنها تقوم على الإسلام، على كتاب الله وسنة رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعلى عقيدة أهل السنة والجماعة وليس أي إسلام، بل على الاعتقاد الصحيح.
    فهذه هي التي يسعد الإنسان فيها في الدنيا والآخرة، كما قال تعالى: ((فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً * وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى))[طه:122-124] فالإسلام هو سبب النجاح والسعادة في الدنيا والآخرة، والإعراض عنه سبب الهلاك في الدنيا والآخرة أيضاً.
  2. الإقرار النظري بحكمة الوجود لا يكفي

     المرفق    
    السؤال: الإنسان مخلوق للعبادة، وهي عبادة الخالق عز وجل، ما حكم من يقر بهذا الأمر ويفعل خلافه؟ الجواب: إذا كان كل مسلم لو سألته لماذا خلقت؟ وما الحكمة من وجودك؟ يقول: خلقت لعبادة الله، لكن هل يكفي هذا؟! وانظر إلى واقع كثير من المسلمين. فإذا كان هذا نظرياً فهو يعيش حياة الذين لا يؤمنون؛ ولذلك لا يكفي الإقرار النظري، وإنما يجب أن يتحول إيماننا بهذا الإقرار إلى عقيدة صادقة، تغير حياتنا وتحرك أعمالنا، وفق ما أمر الله تبارك وتعالى به من الإيمان الصحيح، والالتزام بدين الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى كما شرع. هذا هو الإيمان الصحيح، وهذا الذي تحتاجه الأمة الإسلامية اليوم؛ أما مجرد الإقرار أن للوجود حكمة، ولي حكمة وهي العبادة، دون أي عمل؛ فإن هذا يحول الإيمان إلى مسألة ذهنية فلسفية، يمكن حتى للإنسان الأوروبي أن يؤمن بها، ولكن لا أثر لها في حياته.
  3. الدين والحضارة

     المرفق    
    السؤال: كيف نرد على من يقول: إن الدين عقبة في التقدم الحضاري والتكنولوجي بالذات، لأن هذا هو الذي نراه من كثير من المسلمين قديماً وحديثاً؟
    الجواب: هذا السؤال الإجابة عليه تحتاج إلى أن نستفصل ما هو الدين؟
    فإذا قال الإنسان الأوروبي: الدين عقبة في سبيل الحضارة، وإذا قال كذلك الإنسان الهندي: الدين عقبة في سبيل الحضارة، وإذا قال الإنسان البوذي في الصين أو غيره: الدين عقبة في سبيل الحضارة؛ فنقول: نعم. دينكم عقبة؛ لأنه دين أنتم وضعتموه، قال تعالى: ((اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ))[التوبة:31] وليس هو الدين الذي أنزله الله تبارك وتعالى.
    أما الإسلام فلماذا أنزله الله؟
    قال سبحانه: ((طه * مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى))[طه:1-2] أي ما أُنزل هذا الدين ليشقى أبداً، بل: ((فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى))[طه:123].
    إذاً: هذا الدين أنزله الله تبارك وتعالى لسعادتنا، فإذا كان من سعادتنا أننا نتقدم بالتكنولوجيا، فبدلاً من أن نركب الجمال؛ نركب الطائرات فهل يُحرِّم الدين ذلك؟
    إن دين الله تعالى الغني غنىً مطلق عنا، الكريم كرماً لا حدود له على الإطلاق، الذي خلق لنا ما في الأرض وأمرنا أن نمشي في مناكبها كما قال: ((هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ))[الملك:15] وأحل لنا الطيبات جميعاً، وأمرنا بالتفكر في الكون، وأمرنا أن نتخذ كل وسيلة فيها خيرٌ لنا كما قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {احرص على ما ينفعك} وندعو ربنا تبارك وتعالى كما كان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { أكثر ما يدعو ربه يقول: اللهم آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ }.
    فالدين يحثنا على العمل الدنيوي، وعلى حسنة الدنيا وخير الدنيا؛ ويريدنا أن نكون قادة للعالم نتحكم فيه بالحق والعدل والهدى الرباني؛ فكيف يكون عقبة في طريق الحضارة والتقدم؟ هذا إذا كانت حضارة حقيقية.
    وأما إن كانت الحضارة شيئاً آخر أو كانت حضارة التعري؛ فالإسلام عقبة كبرى في سبيل التعري، وإن كانت الحضارة إدمان المخدرات والتكبر على عباد الله بهذه القوة التكنولوجية؛ فالإسلام يقف ضدها؛ لأنها تؤدي إلى شقاء الإنسان ولا تؤدي إلى سعادته.
    أما الله تبارك وتعالى الغني الحميد، فإنه قد شرع لنا ما هو خير لنا في دنيانا وأخرانا، وهو أكرم وأجل وأفضل من أن يشرع لنا ما يضرنا وما يضيق به علينا، وليس للمسلم فقط؛ بل وللكفار الذين يرضون بالطاعة، ويدخلون في طاعة المسلمين، ويدفعون الجزية، يمتعهم الإسلام المتاع الحسن ويقبل منهم الجزية، ويعيشون مطمئنين، ويتعبدون كما يريدون.
    فإذا كان ديننا يحقق الحياة الكريمة، لمن لا يؤمن به؛ لأنه خضع ظاهراً للدين؛ فكيف بالمسلم الذي يطبق هذا الدين؟
    فهذا يجب أن يكون قائداً للإنسانية، ويجب أن يكون موجهاً للأمم جميعاً، وهذا لا يكون إلا بالتمسك بهدى الله وشرعه.
  4. الهندوسية والبوذية وغيرها ديانات باطلة

     المرفق    
    السؤال: هناك عدة ديانات مثل: الهندوسية والبوذية، يقال: إن هذه الديانات كان أصلها ديانات سماوية ولكنها حرفت وبادت، مع العلم أنها تتفق مع ديننا في الإيمان بعالم الأرواح، فنرجو منكم التوضيح.
    الجواب: يقول الله تبارك وتعالى: ((وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيهَا نَذِيرٌ))[فاطر:24] فلا يوجد أمة من الأمم إلا وقد بعث الله تبارك وتعالى إليها: ((رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ)) [النساء:165].
    ولكن بعض هذه الأمم حرفت وغيرت وبدلت... والموجود الآن من الأديان في الأرض لا ندري هل هو تحريف لذلك الدين، الذي هو التوحيد والشرائع التي أنزلها الله تبارك وتعالى أم أنها تحريفات متوالية، أي أن القرون توالت والتحريف موجود لكن هناك تحريفات توالت، وهناك بدع أحدثت، وأديان أحدثها البشر ونسبوها إلى الأديان الأولى التي حرفت.
    فتراكمت الانحرافات والضلالات حتى وصلت إلى الحالة التي هي موجودة عليها اليوم؛ فلذلك لا ندري! هل بوذا نفسه كان نبياً، ونسب إليه هذا، أم أنه كان من أتباع بعض الأنبياء، وكان محرفاً للدين وابتدع البوذية؟
    فهذا الله تعالى أعلم به، وهذا تاريخ سحيق ولا نملك فيه إلا أن نقول: ((تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلا تُسْأَلونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ))[البقرة:134] وأن نعتقد أن الدين الحق عند الله هو الإسلام، وما عداه فهي أديان باطلة لا يقبلها الله تبارك وتعالى ولا يدخل من دان بها الجنة أبداً، بل هم من أصحاب النار.
  5. الرد على نظرية دارون

     المرفق    
    السؤال: كيف يمكن الرد على نظرية دارون؟
    الجواب: الرد على هذه النظرية وعلى غيرها له جانبان:
    الجانب الأول: نحن المسلمين إيماناً منا بديننا وبصحة ما نحن عليه من الكتاب والسنة -والحمد لله- الأصل أننا لا نتأثر بها على الإطلاق؛ لأنها لا تجد في بلاد المسلمين موضع قدم، ولأننا نعلم جميعاً أن الله تبارك وتعالى خلق آدم عليه السلام، ومن ثم تناسلت السلالة الإنسانية أو الجنس البشري من ذرية آدم وحواء -وهذا لا شك فيه عند أي مسلم عالم أو جاهل- أما ما يتعلق بالأحياء الأخرى، فهذا لا يهمنا كثيراً.
    فإذا أثبتوا أن الله تعالى هو الذي خلقها لكنه جعل بعضها ينتج من بعض، فلا مانع.
    وأما إذا قالوا: هذه نتجت من ذاتها عن طريق التولد الذاتي أو عن طريق الخرافات التي يقولونها؛ فهنا نرد عليهم.
    فالجانب الأول هو الرد الديني بالكتاب والسنة، وهذا معروف لدى كل مسلم، ومن شك في ذلك فهو كافر؛ لأنه يكذب صريح القرآن.
    الجانب الثاني: وأما من الناحية العلمية المجردة فقد رد عليها كبار علماء الغرب، ومن الردود العلمية عليها: أن نظرية التطور تقوم أساساً على أن الأنواع تتطور عضوياً بحيث تنتج أنواعاً جديدة، وكل نوع ينتج نوعاً آخر... فعن طريق الوراثة المتسلسلة المتتابعة تنتج أنواعاً جديدة، وهذا ملخص النظرية الذي يرد بها العلماء المعاصرون على هذه النظرية.
    يقولون: إن دارون لما كتب هذه النظرية؛ لم يكن يعلم هو ولا علماء عصره شيئاً عن ناقلات الوراثة -الجينات- فهذه لم تكتشف إلا بعد دارون بزمان، وهذه الخلايا كل خلية تحمل كل خصائص الجنس، أي: أن الخلية الإنسانية كأنها مصغر للإنسان ككل، ولهذا يقولون -مثلاً-: التوائم تتشابه لأنها لخليتين حيتين متقاربتين انتجت التوائم، لكن لا يوجد شخصان متشابهان في كل شيء أبداً، فلا بد من فروق عضوية.
    فناقلات الوراثة هي علم جديد اكتشف، وفيه من العجائب ما يبهر الألباب.
    ولم يكن دارون ومن معه يعرفون هذا العلم؛ وإنما نظروا نظرة ظاهرية فقط، وهي أن هناك تشابه بين بعض الحيوانات وبين بعض.
    فقالوا: يمكن أن هذا أصله من هذا، فحكموا من الشكل الخارجي فقط، ولكننا عندما ننظر إلى الحقائق الدقيقة العلمية، والخلايا وما يتعلق بها، فإننا نجد الفروق المختلفة المتباينة جداً، بحيث لا يمكن ولا يصح بأي حال من الأحوال أن يقال إن هذا الجنس هو أصل لذلك الجنس أبداً. وهذا رد من ردود كثيرة جداً يقولها علماء الأحياء الكفرة الغربيون على نظرية دارون.
  6. التمسك بالدين سلاح المواجهة في وجه الأعداء

     المرفق    
    السؤال: كيف يمكن مواجهة الإعلام الغربي وحملاته على الإسلام هنا وفي بلاد الغرب؟
    الجواب: هذا السؤال يجرنا إلى قضية كبيرة جداً أكبر من هذا السؤال وأكبر من هذا الموضوع، وهي: أننا دائماً نسأل كيف نقاوم الشيوعية، ونقاوم الإلحاد، وكيف نقاوم النظريات الوافدة، ونقاوم التشويه الذي يقوم به الإعلام الغربي، كيف وكيف وكيف...إلخ.
    وأنا أقول: إنه لا يمكن أبداً أن نقطع ألسنة الناس عنا أبداً، ولا يمكن أبداً أن نصل إلى مرحلة نأمن فيها من شر الشرق أو الغرب أبداً، فقد قال تعالى: ((وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ))[البقرة:120] وقال أيضاً: ((وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِياً وَنَصِيراً))[الفرقان:31] فلا يمكن ذلك.
    ونحن اليوم -كما يقول بعض العلماء- ندفع ضريبة الانتماء للإسلام، كيف؟! ليس فينا من الإسلام إلا -ما يعلمه الله- شيءٌ قليل جداً، لكن الغرب ينظر إلينا على أننا مسلمون.
    فبعض المسلمين صاروا شيوعيين ماركسيين تماماً؛ لكن الشيوعي الروسي يعاملهم على أنهم ذيل؛ فالشيوعي الأوروبي درجة أولى، والشيوعي الأسيوي أو الأفريقي درجة ثانية، أما الشيوعي الذي هو من بلد مسلم فهو آخر الشيوعيين وأحطهم.
    وكذلك في الغرب، فإذا وجد إنسان وقد صار أمريكياً تماماً في فكره وحياته وكل شيء؛ فإنه لا يعتبر أمريكياً ولا ينظرون إليه على أنه مثل الأمريكي الآخر؛ وإنما هو من درجة بعيدة؛ بل إن أحط درجة من درجات الحياة الأمريكية هي التي يعيشها هذا الإنسان.
    ولذلك نقول: كيف نقاوم: الإعلام والزنا والنوادي الإباحية والاختلاط، وهل هذا ممنوع في أمريكا؟ لا.
    هل سمعتم أن أمريكياً يُعيَّر أنه عضو في نادٍ مختلط مثلاً؟ لكن لماذا إذا ذهب مسلم إلى هذه الدعارات شوهتموه؟ نقول: الحمد لله! هذه نعمة! لأن هذا المسلم يحمل ضريبة الانتماء للإسلام، فضريبة ذلك أن تنسب إليه جميع التهم، وإن كانت في نظرهم ليست بعيب ولاتهمه أو عار، فنحن ندفع هذه الضريبة.
    ولا يمكن -أبداً- أن يسكت عنا الأعداء؛ لا بالإعلام أو بغير الإعلام، ولا يجوز لنا أن نلوم أعداءنا، وكما قال تعالى: ((قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ)) [آل عمران:165].
    فنحن مسئولون أمام الله وأمام أنفسنا عن كل هذه الأمور؛ فيجب أن نؤمن بالله وأن نتمسك بديننا، وهذا هو الذي يدفع عنا كل شر، ومع ذلك سيشهرون ويتكلمون، لكن لا نبالي بهم، المهم أنه لا طريق لنا إلا أن نعود إلى ديننا، ولو استأجرنا مئات الإذاعات في أوروبا ومئات الصحف في أمريكا لتثني علينا، لما تغيرت صورتنا عندهم أبداًَ! ولو أنفقنا لهم ملايين الدنيا ليسكتوا عنا لسكتوا إلى حين أو إلى مصلحة ثم شهروا بنا من باب آخر.
    فالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لما خلق الناس جعل منهم مؤمنين وكافرين، وجعل هذا عدواً لذاك، فنحن نخطئ خطأً كبيراً جداً إذا ظننا أننا نستطيع أن نسترضي الكافر أو نستعطفه أو نسترحمه بأي شكل من الأشكال؛ والصحيح أننا نطبق فيه حكم الله وشرع الله ونعامله كما أمر الله تعالى، فهذا الذي يقينا شره كما قال سبحانه: ((وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً))[آل عمران:120] أي: بالصبر والتقوى، وأما بوسائل الإعلام أو أشياء أخرى؛ فهذه لا يمكن أن تكفهم عنا أبداً.
  7. تربية الأبناء على العبادة الصحيحة

     المرفق    
    السؤال: كيف نربي أبناءنا على فهم العبادة بمفهومها الصحيح؟
    الجواب: من المهم في التربية أن نربي أنفسنا وأبناءنا على العبادة بمفهومها الصحيح، فبعض الناس لا يفهم من الإسلام إلا بأنه عدو للدنيا... يحارب الرفاهية والمال والزوجة، يُحارب كذا وكذا..إلخ.
    وهذه ليست العبادة الصحيحة، ومن هذا الباب يأتي الإنسان الضال فيقول: الأفضل أن أعيش متنعماً ومترفهاً، وأجمع المال وأعمل وأعمل...إلخ.
    فلا نكون مثل هذا الإنسان.
    وبعض الناس لا يفهم أيضاً من الدين إلا أن الدين يسر، وكلما كلمته في شيء، قال لك: الدين يسر. وإذا سألته: ما حكم هذا الشيء؟ يقول: ليس فيه شيء، فالدين يسر. الاختلاط؟ الدين يسر. الربا؟ الدين يسر. أكل مال اليتيم؟ الدين يسر لا تتشدد ولا تفعل..إلخ.
    فهذا يبيح كل شيء، وهذا يحرم ما أحل الله، فتكون حيرة المجتمع وحيرة الناس من هذا ومن ذاك، وهذا يرد على هذا، فهذا يقول له: إن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عاش عيشة الزهد والتقشف والتواضع وكذا وكذا.. وذاك يرد عليه إن الله تعالى يقول: ((قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ))[الأعراف:32] وأنه ما يشادّ الدين أحد إلا غلبه... فهذا عنده أدلة وهذا عنده أدلة، فهذا أخذ بجزء من الحق وهذا أخذ بجزء من الحق..
    وأما العبادة الصحيحة لله عز وجل، والتربية الصحيحة فهي أننا نأخذ الحق كله، كما قال سبحانه: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً))[البقرة:208] أي: ادخلوا في الإسلام كله، فهو يضمن لك الحياة الصحيحة في الدنيا، ويحثك على العمل، وينهاك عن الاغترار بالدنيا، فيبيح لك الطيبات؛ لكنه ينهاك عن الانغماس فيها ونسيان الآخرة، فهو توازن في جميع الأمور.
    فالعبودية لله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى تكون: بأن تكون كل أمورنا في الحياة على وفق الإسلام؛ فلا يغلو طرف على الطرف الآخر؛ وبذلك تكون حياتنا صحيحة، وعبادتنا لله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى صحيحة، وجميع حياتنا عبادة لله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؛ حتى اللقمة يرفعها الرجل إلى فيِّ امرأته له فيها أجر، حتى وهو يأتي أهله ففي بضع أحدكم صدقة، حتى وهو يفكر ويعمل في أمور تنفع المسلمين ولمصلحتهم فله في ذلك أجر.. وهكذا.
    فلا نحارب الدنيا لمجرد أنها دنيا، ولا نحارب أيضاً التزهد والترفع عن متاع الدنيا وزخارفها؛ لمجرد أن ديننا دين يسر وأنه يحل الطيبات ويحرم المحرمات.
    والحمد لله رب العالمين.