المادة    
يقول الشيخ عبد الله المحمدي:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله نبينا محمد عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم، أما بعد:
إن علاج هذا الموضوع بسيط جداً، ويتلخص في اتباع كلام الله، وسنة رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأول علاج هو عدم الشرك بالله، ثم عدم الابتداع في دين الله، ثم عدم الاختلاف بين المسلمين، وهذه سوف أترك الكلام فيها على الشيخ سفر، لكن أطرق علاج المشكلة من جوانب اجتماعية حذَّر منها الله ورسوله والإسلام.
  1. القضاء على الزنا

    فأول هذه المشاكل الاجتماعية التي تؤدي إلى انهيار الأمم وإلى الخسف والمسخ هو الزنا، يقول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيما يرويه عنه ابن عباس: {إذا ظهر الزنا والربا في قرية فقد أحلوا بأنفسهم عذاب الله} رواه الحاكم، وقال: صحيح على شرطهما، ولم يخرجاه.
    وكذلك يقول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيما يرويه ابن عباس: {ما ظهر الغلول في قوم قط إلا ألقي في قلوبهم الرعب، ولا فشا الزنا في قوم قط إلا كثر فيهم الموت}.
    وكذلك يقول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيما ترويه ميمونة رضي الله عنها: {لا تزال أمتي بخير ما لم يفشُ فيهم ولد الزنا، فإذا فشا فيهم ولد الزنا، فيوشك أن يعمهم الله عز وجل بعقاب من عنده } رواه الإمام أحمد.
    ويقول ابن القيم رحمه الله: ''إن الزنا من أسباب الموت العام، والطواعين المتصلة، ولما اختلطت البغايا بعسكر موسى عليه السلام وفشت فيهم الفاحشة، أرسل الله عليهم الطاعون، فمات في يوم واحد سبعون ألفاً'' فعوامل انهيار الأمم تكمن في موتهم بطاعون أو بغير ذلك.
    وإن أعظم نتائج الزنا اليومك انتشار الأمراض الجنسية وغيرها، من الزهري والسيلان والهربز والإيدز، هذه التي بدأت تفتك بالمجتمع الغربي اليوم حتى بدأت جذورها تنتقل إلينا.
    إننا في معالجة هذا الموضوع لا بد أن نضع نصب أعيننا أن نمنع الفاحشة بين المؤمنين، فإن الفاحشة ما انتشرت في قوم إلا عمهم الله بعقاب أو عمهم بمرض أو طاعون، كما قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ويكمن ذلك في تطبيق حدود الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بجلد الزاني إن كان غير محصن، أو برجمه إن كان محصناً، فوجود هذا الأمر هو أكبر علاج في القضايا الاجتماعية.
  2. القضاء على الربا

    لأن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قال: ((فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ))[البقرة:279] فأسباب الهلاك أن نعاند الله وأن نحاربه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فكم من ربا في ديار المسلمين، وكم من المسلمين ممن يتعامل بالربا، حتى أصبحت البنوك الربوية تتفاخر، وأصبح أحدهم يُعلن عن قيامه منذ خمسين عاماً، ويعلن الآخر عن قيامه منذ ستين عاماً، ويعلن له في جميع الصحف والمجلات، وأصبح الكثير منا يؤمن بالربا ويتعامل به، ويحث عليه، نسأل الله السلامة والعافية!! أليس هذا مرضاً خطيراً وداءً عظيماً، إن من أسباب العلاج إن أردناه أن ننبذ ما سوى شرع الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى كالربا والزنا وكل ما حرم الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
  3. القضاء على شرب الخمر

    الخمر أم الخبائث كما سماها النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وليس هناك مجال لأذكر لكم الآيات والأحاديث في تحريمها، ولكن أبين لكم الجانب الذي تهدم فيه الخمر الأمم والشعوب.
    أذكر لكم إحصائيات في دول أوروبا حيث انتشرت هناك الخمر، إحصائية تقول: إن (66%) من جنايات الاعتداء على الأشخاص مرتكبوها هم من مدمني الخمر؛ لأن الذي يشرب الخمر يعتدي ويقتل، فهذا سبب من أسباب انهيار الأمم، وإحصائية أخرى تقول: نسبة المدمنين من مجرمي العنف (82%) وفي جرائم القتل (53%) ممن قتلوا بسبب الخمر، وكذلك في التشريد، والمتشردين، والمتسولين (80%) من الخمر.
  4. الحد من عمل المرأة

    فقد بدأت تظهر في المجتمع علامات هذا الداء، ألا وهو خروج المرأة، وتبرجها، وسفورها، وخروجها إلى العمل؛ بل الأعظم من ذلك أننا جميعاً نعلن ذلك في صحفنا وإعلامنا وندعو نساءنا إلى التبرج، والسفور، وأن يتكلمن أمام الملأ، وندعوهن إلى كشف الوجه، وإلى الفن والأدب، ونطرق لهن أبواباً لم تطرق من قبل، حتى دعا بعضهم النساء والفتيات إلى الرياضة، والأندية الرياضية.
    إنه -والله- كما يقول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {ما تركت فتنة بعدي أضر على الرجال من النساء} إذا خرجت المرأة كما حدث في المجتمع الغربي، وشاركت الرجل في عمله، وخرجت ماجنة متعطرة فاجرة فاسقة، تضرب بالمثل والدين والقيم عرض الحائط، فعند ذلك لن يتربى جيلنا تربية إسلامية، ولا شبابنا أيضاً، ولن يجد الشارع المسلم الذي يمنعه من الرذيلة، فينبغي علينا جميعاً أن نتقي الله في نسائنا، وبناتنا وأخواتنا، وفي كل قريبة لنا، وأن نمنعهن من أن ينجرفن أمام الدعايات الفتاكة، والحياة الفتانة باسم الحرية والفن والتقدم وعدم الرجعية، كل ذلك يدعو شبابنا وشاباتنا؛ لأن ينجرفوا أمام الملهيات والمغريات، فلنتق الله، ولنعلم أننا مسئولون عن ذلك، فإن هذه الأمة تقدم على أمر خطير بيد قوم لا يرعوون عن مخالفة أمر الله فيها، ولا ينصاعون لأمر رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
    وفي الأخير أذكر لكم بعض النقولات، يقول باتلر وموريل، -وهما طبيبان أوروبيان- : ''يذهب الوالدان للعمل خارج البيت، ويتركان الأولاد المراهقين ليعتنوا بأنفسهم مما أدى إلى ضعف الصلات العائلية'' أي: أن ذلك يؤدي إلى تفكك الأسرة والمجتمع، وضياع الأمة، ويؤدي إلى ترك الزوجة لزوجها، واتخاذ خدين لها، وإلى أن تتعرف البنت على صديق وعشيق لها، وما إلى ذلك..!
    أترك المجال لنقاط أخرى في علاج هذه القضية، وأسال الله الكريم أن يوفقنا وإياكم لما فيه الخير والسداد.
  5. فضل التوبة والاستغفار

    يقول الشيخ/ سفر الحوالي :
    الحمد لله رب العالمين؛ فإن من رحمة الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى على العالمين أنه جل شأنه يقبل من أناب وتاب مهما عصى وفَجَرَ، ومهما عمل من السيئات، فاللحظات والأيام والليالي التي تسبق نذر العذاب هي أغلى ما تملكه أي أمة من الأمم أو فرد من الأفراد، فأغلى ما في حياة الإنسان هي تلك اللحظات التي تسبق نذر العقوبة بأن يتوب إلى الله ويستغفره.
    إن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى من كرمه وجوده فتح باب التوبة، لأعدى أعدائه الذين حرقوا أولياءه وشقوا لهم الأخاديد وألقوهم في النار ((إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ))[البروج:10] يفتح باب التوبة لمن يحرق أولياءه المؤمنين الموحدين أحياء في النار، فما بالكم بمن كان ذنبه دون ذلك كالزنا أو الربا أو ما أشبه ذلك من المعاصي؟
  6. القيام بتحمل المسؤولية

    الحل بأيدينا فلا يقل أحدنا: الحل عند فلان، والمسئولية على فلان، فإن من أعظم الأدواء ومن أكثر أسباب انتشار واستشراء أسباب الدمار والهلاك أن نلقي بالتبعة وبالمسئولية على جهة معينة أو شخص معين، حتى مسئولياتنا في البيت قد يلقيها الرجل على الزوجة والأولاد، لا فالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: {كلكم راع وكلم مسئول عن رعيته} فابدأ بنفسك تجد الحل، وانظر إلى تقصيرك في طاعة الله -عز وجل- وزن نفسك بالميزان الصحيح، فستجد أن ما فيك من الذنوب جدير وحقيق بالعقوبة، وأنك إن تبت إلى الله عز وجل فسوف تجده غفوراً رحيما، وكلنا ذلك الرجل، فعلينا أن نبدأ بأنفسنا، وأن ننظر إلى ذنوبنا، وإلى حال غيرنا من الناس نظرة النصح والإشفاق، لا أن نحملهم كل المسؤوليات ونترك أنفسنا، فالحل هو الاستغفار والتوبة.
    قال تعالى: ((فَلَوْلا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ))[يونس:98] لما آمنوا كشف الله تعالى عنهم العذاب، وقد كان وشيك الوقوع.
    فنحن والله اليوم يوشك أن يعمنا الله بعذاب، فهذه الأرض، قد امتلأت بالخطايا والفجور والفحشاء بما لم يعهد في التاريخ المكتوب أبداً، فالحل أن نستغفر الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- وأن نتوب إلى الله:
    أولاً: من الذنوب الكبار، من الشرك بالله تعالى، فهو أعظم ذنب عُصِيَ الله به، ونخلص في عبادتنا ودعائنا وخوفنا ورجائنا، وإنابتنا وتوكلنا لله رب العالمين، لا شريك له، ثم نتوب من الابتداع في دين الله والقول على الله تعالى بغير علم، والزيادة والنقصان في شريعة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم نتوب من المعاصي التي زجرنا عنها الله ورسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم نتوب إلى ربنا توبة صادقة، ونتبع السيئة الحسنة، سنجد أن الخير والنعمة والرخاء يعود إلينا، ويعمنا الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بالنعيم بعد العذاب.
    عندما نقول: الفرد، والمسئولية الفردية، ونؤكد عليه، فإن السبب في ذلك أننا دائماً ننظر إلى أخطاء الآخرين ولا ننظر إلى أخطائنا، فكلٌ منا اليوم أصبح يشكو الوضع الاقتصادي، حتى أصبحت ظاهرة عامة في المجالس، فلماذا بدلت بعد ذلك بالترف والبطر؟ ((ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ))[الأنفال:53] لقد غيرنا، لاحظوا لماذا هذا النقص الاقتصادي الذي حصل؟ لقد قرأت إحصائية لوزارة المالية ووجدت فيها أن المملكة تستهلك من الدخان ما قيمته ألف ومائتي مليون ريالاً سنوياً!! لقد أحللنا بأنفسنا العقوبة، انظروا إلى الأفلام أو أشرطة الغناء، كم يصرف كل إنسان على هذه المعاصي؟ قبل سنوات ما كان هذا الباب يستهلك، والآن كم يشتري كل واحد بالإضافة إلى إيجار المحلات، ومزاحمتها في الأسواق ومنافسة الناس على ذلك صار سبباً من أسباب الغلاء، فهو بسيط لكن له أثر كبير أيضاً.
    المشاغل الرجالية التي يذهب إليها النساء أفواجاً وراء أفواج، كم ينفق فيها من الأموال، محلات الأزياء والعطورات، ومحلات التجميل ومشاغل الخياطة، كلها حول شيء واحد، فالمرأة المسلمة لا تتزين ولا تتجمل إلا في البيت لزوجها، فلما عصينا الله عز وجل، وأصبحت المرأة تتزين إذا أرادت الخروج، فكم من الملايين سوف نخسر نتيجة هذه المعصية التي لا يرى كثير من الناس كما أنها معصية، بل معصية خطيرة، ويترتب عليها أضعافاً مضاعفة من الخسارة في الدنيا والآخرة، وهؤلاء الخادمات كم يستهلكن من مال سنوياً؟ وأولئك السائقون كم ندفع لهم سنوياً من الملايين.
    ثم نقول: نحن في أزمة! لا والله. نحن اختلقنا هذه الأزمة، وأوجدناها وأحللنا عقوبة الله بأنفسنا وبأيدينا؛ لأننا لم نتب إلى الله ولم نستغفر الله، وارتكبنا ما حرم الله، لو ألغينا كل هذه الأشياء من حياتنا: لو ألغينا الدخان، ومشاغل الخياطة الرجالية، ومحلات بيع الأغاني، ومحلات الفيديو، والتعامل بالربا والفوائد الربوية، والخادمات الأجنبيات، والسائقين الأجانب وبالذات الكفرة، واقتصدنا في استيراد العمال الكفار من بلادهم، بالله كم من الملايين سنوفر؟ ((أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا)) [آل عمران:165] يريد أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ))[آل عمران:165] فنحن أولى بهذه الآية، فعلى الإنسان منا أن يكون حسيب نفسه قبل أن يحاسب، وما أكثر ما نحتاج أن نحاسب أنفسنا في هذا.
    نسأل الله أن يغفر لنا ولكم أجمعين، إنه سميع مجيب.