المادة    
قال الدكتور عدنان غلام:
أثبتت الدراسات أن السبب الرئيسي في نقل الأمراض التناسلية من الأماكن الموبوءة إلى غيرها، هو السفر ومقارفة الحرام -الزنا- وأن الحالات المكتشفة كانت في أولئك الذين ذهبوا إلى بانكوك عاصمة تايلاند أو غيرها من البلدان الموبوءة.
بل إن هناك مرضاً جديداً ظهر في الرياض يعرف بمرض بانكوك، غير الأمراض الأخرى كالإيدز والزهري والسيلان -عافنا الله وإياكم منها- وأنها تنتقل إلى الأسرة عبر الزوج، فتحطم الأسرة والمجتمعات!! وللتأكد من ذلك تزار عيادة للأمراض الجلدية والتناسلية لينظر كم عدد الحالات في اليوم الواحد! لا أقول في الشهر ولا في السنة.
قال الشيخ سفر :
والاستقدام -غالباً- يكون لثلاثة وظائف، وهي: الخادم -ويشمل الرجل والمرأة- والسائق والمربية. هؤلاء الذين نستقدمهم لهم أكبر الأثر في هدم الأسرة المؤمنة، وقبل أن أستعرض الآثار الحديثة لا بد أن أرجع بكم إلى التاريخ قليلاً، وأذكر حديث حذيفة بن اليمان الذي رواه مسلم في صحيحه أنه سأله أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن الفتن وأخبره بقول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {تعرض الفتن على القلوب كعرض الحصير عوداً عوداً، فأيما قلب أشربها نكت فيه نكتة سوداء، وأيما قلب رفضها نكتت فيه نكتة بيضاء، حتى تصبح القلوب على قلبين: أبيض خالصاً، وأسود مرباداً كالكوز مجخياً، لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً} ولكن هذا لم يكن هو السؤال الذي سأل عنه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: {ليس عن هذا سألتك! فقال: تسألني عن الفتن التي تموج كموج البحر؟
قال: نعم.
فقال حذيفة: مالك ولها إنَّ بينك وبينها باباً مغلقاً.
فقال عمر بن الخطاب: أيفتح الباب أو يكسر؟
قال: لا، بل يكسر.
فقال عمر: وددت لو أنه يفتح
} أراد أنه قد يغلق في المستقبل، أما أن يكسر فلا أمل في إغلاقه.
ثم قام رضي الله عنه، وخاض الناس في هذا الباب الذي يقف في وجه الفتن، وتكاثرت الأقوال، فلم يجدوا بداً من أن يسألوا صاحب الحديث أمين السر حذيفة بن اليمان رضي الله عنه فقالوا: {من الباب يا حذيفة؟ فقال: عمر.
فقلنا لـحذيفة: هل كان عمر يعلم من الباب؟
قال: نعم, كما يعلم أن دون غد الليلة، إني حدثته حديثاً ليس بالأغاليط
}.
فإذا نظرنا من الذي قتل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب؟
ومن الذي فتح هذا الباب للفتن؟
أليس هو أبا لؤلؤة المجوسي، ألم يكن خادماً مستقدماً؟
إن خطر الاستقدام كان من بداية الإسلام، من بداية تحرك هذه الأمة ووجودها، كان مع أطول خليفة راشد، فلم يكسر هذا الباب إلا عمالة أجنبية مستقدمة.
  1. ظهور الفواحش

    وإذا نظرنا في عصرنا الحاضر فسنجد أن من أخطار استقدام غير المسلمين الفاحشة -الزنا- والتي قد يقع فيها الزوج أو الزوجة أو الأبناء؛ لأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حذرنا من الخلوة بقوله: {ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما} ولأن الرجل بطبيعته وبفطرته التي فطره الله عليها يميل إلى المرأة، والمرأة تميل إلى الرجل، فالخلوة حرام سواء في السيارة أو غيرها، وهذه فتوى الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز في ذلك، لأنه يمكن أن يذهبا إلى أي مكان، ويمكن أن يتكلما في أي موضوع، سواء حديث حب وعشق، أم غيرها من المحرمات.
    وقد وقعت قصة عجيبة في هذا الشأن، حصلت في مركز شرطة جدة، وهي أنه قدم إليهم رجل فلبيني وامرأة إندونيسية، وأتت بهم العائلة التي استقدمتهما، أحدهما سائق، والأخرى خادمة، فرب العائلة يتهم هذه المرأة بأنها زنت مع هذا السائق، وأنها حامل من الزنا، وبعد التحقيق اعترف الرجل بأنه زنى، ولكنه لم يعترف أنه زنى بالخادمة، وإنما اعترف بحصول الزنا مع ربة الأسرة، واعترفت الخادمة بأنها حملت من رب الأسرة، فهذا مثال واقعي وصريح في الجانبين.
    مثال آخر: رجل من أهل الخير في الرياض، يقيم مع ولدين شابين له في سن المراهقة، استقدم الرجل خادمة شابة إلى بيته، ولكنه بعد فترة من الزمن اكتشف أن هذه الخادمة لا تنام في غرفتها! فلما تتبع الأمر، وجد أنها تبيت ليلة عند هذا وليلة عند هذا! فأراد تسفيرها، فوقف في وجهه ولده، وقال: والله لا تسافر أبداً بل تبقى في بيتنا! فخرج الرجل وهو يبكي ويشتكي ويقول: إن ابني عصاني بعدما عصى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فلو أن الولد رُبيَّ التربية الإسلامية الصحيحة، ومُنِعَت عنه أسباب هذا الفساد لما حصل هذا، فلا نضع عود الثقاب المشتعل أمام البنزين، ثم نقول للنار: لا تشتعلي!
    بل حتى في تاريخ الأمم السابقة يقص الله علينا قصة يوسف عليه السلام وهو معصوم، فيقول تعالى عن الفتنة التي تعرض لها:((وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَنْ رَأى بُرْهَانَ رَبِّهِ))[يوسف:24] فقوله ((وَهَمَّ بِهَا)) قال العلماء: لو لم يقل الله: (وَهَمَّ بِهَا) لاتهم يوسف في رجولته عليه الصلاة والسلام؛ لأن الرجل الذي لا يميل للمرأة يسمى خنثى -لا رجل ولا امرأة- وهي منقصة، لكن يوسف - النبي المعصوم- عندما ابتعد عن المرأة -وهي صاحبة الشأن وصاحبة الدار والسلطان والجمال- إنما كان بشراً لديه فطرة ولديه ميل نحو المرأة -كأي بشر- ولكنه استعلى على هذه الشهوة وارتفع بإيمانه عنها.
    الشاهد من هذه القصة أن الفتنة لا بد حاصلة، ولا يعصم الإنسان منها شيء، فلا يقل: (أنا نفسي طيبة، وأنا أختلف عن غيري)؛ لأن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم.
    وقد يستدل بعض الناس على جواز وجود الخادم أو الخادمة أو المربية بقوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى في سورة النور: ((وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنّ))[النور:31] إلى أن قال: ((أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ))[النور:31] فيدخل السائق ونحوه وكأنه من التابعين غير أولي الإربة.
    وهذا غير صحيح لأن العلماء قالوا: إن المقصود من الآية هو المخنث الذي ليس له شهوة في النساء.
    وقال بعضهم: هو الأحمق الذي لا يعقل الفرق بين الرجل والمرأة.
    وقال بعضهم: هو المخصي -الذي ليس له خصية- فلا تثور له قائمة.
    وقال الإمام الشوكاني رحمه الله في تفسيره: ''المراد بالآية ظاهرها، أي من يتبع أهل البيت، ولا حاجة له في النساء، ولا يحصل منه ذلك في حال من الأحوال ''.
    وهذا كلام دقيق، لأنه قد يأتي -هذا التابع- في فترة من الفترات ولا يكون له إربة بداية؛ لأنه يكون محتاجاً إلى العمل أو يفكر في أسرته التي تركها في بلده، فلو رأى ربة البيت لا يميل ابتداءً، لكنه إذا استقر به الحال واستأمنه الرجل وبدأ يخلو، أتته الشهوة، كقصة الرجل التي رواها الإمام مسلم -رحمة الله عليه- عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: { أنه كان رجل في عهد النبي صلى الله عليه وسلم يدخل على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فكان يدخل عليهن ويعتبرونه من التابعين غير أولي الإربة حتى دخل النبي صلى الله عليه وسلم ذات مرة، والرجل مع بعض أزواجه، وكان الرجل يصف امرأة ويقول: إذا أقبلت أقبلت بأربع وإذا أدبرت أدبرت بثمان. فسمع النبي صلى الله عليه وسلم ذلك فنهى أزواجه من أن يظهرن على هذا الرجل}.
  2. تغيير العقائد

    يستقدم بعض الناس للوظائف المنزلية أشخاصاً لا يدينون بالإسلام، وإنما يدينون بـالهندوسية، أو النصرانية، أو البوذية، ولهذه الديانات أشد الأثر على الأسرة المسلمة، وبالأخص الأطفال، فلو تُرك طفل مع مربية -أقل ما فيها أنها لا تذكر اسم الله تعالى- لتربيه، فلن تربيه على ذكر الله إذا أراد أن يأكل -مثلاً- ولن تقرأ عليه آية الكرسي أو أذكار النوم إذا أراد أن ينام، وإنما ستقرأ عليه نصوصاً من الإنجيل أو قصصاً من خرافات دينها، سواء كان ذلك مع الأطفال في البيوت، أو مع المرضى في المستشفيات، وسيخرج الأطفال بتربية غير إسلامية في عقائدهم وتصوراتهم.
  3. الأخلاق والسلوك

    وإذا نظرت إلى جانب الأخلاق والسلوك، فستجد أن كثيراً من المسلمين والمسلمات -فضلاً عن غيرهم- لا يعرفون كيف يتوضئون، ولا كيف يصلون؟ فكيف سيكون حال الأطفال في الأسرة التي نطمح أن يخرج أبناؤها مجددين ومصلحين ويبنون هذا المجتمع، ويعيدون لهذه الأمة قيادتها ورئاستها في الدنيا، بل الذي يقع أن يتعلموا السرقات والجرائم التي تحدث في البيوت، بل أصبح بعضهم أشبه بالعصابات يقتحمون الشقق والفلل في غياب أهلها.
  4. إضعاف اللغة العربية

    قال حافظ إبراهيم في اللغة العربية:
    وسعت كتاب الله لفظاً وغايةً             وما ضقت عن آي به وعظات
    اللغة العربية هي اللغة التي نفهم بها ديننا، وهي التي نزل بها القرآن، وتكلم بها الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فاللغة العربية يجب علينا أن نصونها من الركاكة، فلا نتكلم مع الخادم أو الخادمة، فنجعل الرجل امرأة، والمرأة رجل، ولا نقول للرجل: أنتِ روحي.. أو أنتِ افعلِ كذا، وللمرأة العكس مقابل أن تفهم هذه الخادمة أو ذلك الخادم.
    بل يجب علينا أن نعلمهم بالطريقة الصحيحة، فلا يحاول المتكلم أن يركك في لغته مقابل أن يفهم هذا الذي أمامه، ولكن يحاول أن يرتفع به ليكون قريباً من اللغة العربية الفصحى.
  5. انتشار الأمراض

    قضية أخرى أخيرة، وهي الأمراض التي يحملونها، وينبغي أن يكون هناك كشف طبي لهؤلاء المستقدمين، لكن بعض الناس لا يقدر أهمية هذا الأمر، وأن المرأة التي تأتي وتطبخ في البيت، لو كانت حاملة لمرض معدٍ أو مرض من الأمراض الخبيثة، فإنها يمكن أن تنقله إلى الأسرة، وهذه الأسرة تنقله إلى غيرها، فيجتنب هذا بالكشف الطبي من المستشفيات الرسمية؛ لأن هؤلاء بيئتهم بيئة فقر، وبيئة هابطة، ولا شك أن كثيراً من هذا الأوبئة منهم، وأنتم ترون في الحج وما يأتي وينتشر في بلادنا عن طريق هؤلاء الحجاج القادمين من تلك البيئات، سواء من الهند، أو الباكستان، أو سيريلانكا، أو الفلبين، أو تايلاند، وكلها دول تحمل الأمراض المعدية، وأكثر ما يتأثر بها الأطفال؛ لأنهم أقل مناعة من الكبار.
  6. تصحيح مفهوم العمالة

    كان أبو لؤلؤة المجوسي عبداً رقيقاً للمسلمين، ولم يكن عاملاً مستقدماً، وتعلمون أن المسلمين إذا حاربوا أمة كافرة، فإنهم يغنمونهم ويأسرونهم، ومن أسر منهم يجوز أن يُسترق، فيصبح عبداً للمسلمين؛ لأنه رفض أن يكون عبداً لله عز وجل، فحكم الله تعالى أن يكون عبداً لعبيده الصالحين، ففرقٌ بين العبد وبين العامل المستقدم؛ لأن الأدلة في تحريم دخول اليهود والنصارى إلى جزيرة العرب كثيرة.
    ولهذا لما طُعن الفاروق عمر رضي الله تعالى عنه [[قال: من فعل بي ذلك؟
    قالوا: أبو لؤلؤة المجوسي، قال: الحمد لله الذي جعل ميتتي على يد رجل لم يسجد لله سجدة
    ]] ثم قال: [[وقد كنت نهيتكم أن تكثر العلوج بـالمدينة]] لأن عمر كان ينهى أن تكثر العلوج في المدينة أي: أن هؤلاء أرقاء وملك للمسلمين، فالمسلم إذا ملك عن طريق الجهاد رقبة من رقاب الكفار، فإنه يستخدمها كما يستخدم الدابة، ومن هنا يجوز له أن يأتي بها، ولو لـجزيرة العرب باستثناء مكة.
  7. جزيرة العرب للمسلمين

    أما إذا كان هذا الرجل حراً، وإنما جيء به من أجل عمل من أعمال الدنيا، فهذا هو الذي ينطبق عليه ما قاله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {لا يجتمع في جزيرة العرب دينان}، وقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب حتى لا أدع فيها إلا مسلماً} وهذا في آخر حياته، فهو حكم ناسخ لما قبله.
    وهذا يبطل استدلال من يستدل أن أهل خيبر صالحهم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على أن يقيموا فيها ويزرعوها، فيكون لهم النصف وللمسلمين النصف، فإن أهل خيبر كانوا أرقاء لأنهم استسلموا في الحرب، فكانوا مما يسمى برقيق الأرض.
    ولما أوصى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في آخر حياته بإخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب نفذ ذلك الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، وظهرت له خيانة اليهود التي لا بد أن تقع، فأجلى يهود خيبر إلى أذرعات من بلاد الشام، وفرقهم في البلاد، وطهر جزيرة العرب من رجس هؤلاء الكفار، وبقي هذا أمراً مألوفاً لا يخرمه ولا يخرقه أي خارق أي أن جزيرة العرب بلد للمسلمين فقط لا يساكنهم ولا يعاشرهم فيها أحد.
    بقي هذا أربعة عشر قرناً إلى أن جاء الاستعمار الحديث، ودخل الإنجليز والبرتغال أطراف الجزيرة، أما قبل ذلك فلم يكن أي كافر يأتي إليها إلا متخفياً، بل إن بعض الرحالة الأوروبيين الذين جاءوا لاكتشاف جزيرة العرب قتلوا على أيدي الأهالي، لأنهم رأوا أن هذا كافر يهودي أو نصراني، ولا يجوز له أن يدخل إلى جزيرة العرب، وهذا موافق لما جاء به النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
    وسبق أن تعرضنا لقضية التجارة وحكمها، وقد نحتاج ذلك لأننا نتاجر مع الكفار وبما يأتون إلى ثغور المسلمين أو موانئهم وأطراف بلادهم، وقد يُحتاج أن يدخلوا ببعض تجاراتهم إلى بلاد المسلمين، فإذا احتاج المسلمون للتعامل مع الكافرين في بعض الأمور-كالتجارة- فعليهم أن يفعلوا مثلما أوصى الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه كما روى أبو عبيد في كتاب الأموال إذ جعل لأهل الروم ولمن تاجر من أهل الكتاب ثلاثة أيام، يأتون بتجارتهم مما يلزم المسلمين إلى ظاهر المدينة، ولا يدخلون إليها، فيأتي إليهم المسلمون، فيشترون منهم البضائع لمدة ثلاثة أيام ثم يعودون.
    أما أن يستخدموا ككتبة أو مستشارين أو خبراء، فهذا حرام، ولو كان في بلاد ما وراء النهر، أو في الأندلس، أو في أي مكان، وقد بلغ الفاروق عمر أن أبا موسى الأشعري استخدم كاتباً نصرانياً، فكتب إليه يعاتبه أشد العتاب ويقول: [[ كيف تأمنونهم وقد خونهم الله؟! وتكرمونهم وقد أهانهم الله؟!]].
    وله مع المغيرة بن شعبة قصة -وكان المغيرة في العراق ليس في داخل جزيرة العرب- إذ كتب المغيرة إلى عمر: إنني استخدمت هذا النصراني، وإنه رجل نبطي، ولا يجيد الحساب غيره، فكأنه يقول: وجود الرجل ضروري لنا، فكتب إليه الفاروق كلمتين، قال له: [[هب أن النصراني مات، والسلام]].
    فيقطع الجدال والنقاش في هذا الموضوع، فـجزيرة العرب لا يجوز أن يجتمع فيها دينان في أي حال من الأحوال، ومن هنا نعلم لماذا علماؤنا -جزاهم الله خيراً- الشيخ عبد العزيز بن باز والشيخ عبد الله بن حميد في فتواهم المسجلة والمقروءة يذكروننا دائماً بهذا الحكم، يقولون: ''لا يجوز للمسلم أن يستقدم الكفار إلى جزيرة العرب ''.
  8. حدود الجزيرة العربية

    وقبل ذلك قد تقولون: وما هي جزيرة العرب؟؟
    جزيرة العرب تشمل من أطراف العراق والشام شمالاً إلى بحر العرب جنوباً، ومن الخليج وبحر عمان شرقاً -خليج البصرة الذي اختلفوا فيه: هل هو فارسي أو عربي؟
    العرب المسلمون كانوا يسمونه خليج البصرة أو بحر البصرة- فمن الخليج شرقاً إلى البحر الأحمر غرباً، فيدخل في ذلك بطبيعة الحال الكويت والإمارات واليمن وعمان.
    فكل ذلك من جزيرة العرب التي لا يجوز أن يدخلها الكفار فضلاً عن الحجاز، فهو أمر متفق عليه ولم يخالف في ذلك أحد، وكل من تكلموا في حدود الجزيرة لم يختلفوا في أن الحجاز من جزيرة العرب وأنه أولى الأماكن بألا يدخلها يهودي ولا نصراني؛ حتى إن بعض العلماء جعلوها على نوعين محرم مغلظ ومحرم غير مغلظ، أي يحرم أن يدخلوا جزيرة العرب عامة، لكن دخولهم إلى أرض الحجاز محرم حرمة مغلظة، فحرمته مغلظة دائمة؛ لأنها كما قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {إن الإيمان ليأرز بين المسجدين}.
    فيجب أن تظل بلد إسلام وأن تحمى من هؤلاء الذين يسبون الله عز وجل أعظم السب، ولو أن أحداً سب أبا أحدنا كل يوم فلن يرضى أن يعاشره أو يخالطه، فكيف بالكافر الذي يسب الله عز وجل، فالنصارى يسبون الله عز وجل حين يقولون: إن له ابناً ((سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوّاً كَبِيراً)) [الإسراء:43] هذا سبٌ لله عز وجل، والبوذيون يقولون: إن بوذا هو إلههم، وبعضهم يقول: إن بوذا هو ابن الله، وفي هذا سبٌ لله عز وجل، وكلهم أعداء الله، وكلهم لا يجوز أن يوالوا، ولا أن يدخلوا إلى جزيرة العرب.
  9. نتائج دخولهم إلى بلاد المسلمين

    ولا بد أن إدخالهم إليها وإلى غيرها من بلاد المسلمين يؤدي إلى فساد عريض، ويجب أن نضع هذه القاعدة في أذهاننا ولا ننساها: (وكل أمر نعصي فيه الله عز وجل، فلا بد أن تصيبنا بسببه العقوبة) وذلك كما بين النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين ذكر الخمس التي أمرنا أن نستعيذ بالله منها، وأنها إذا وقعت وقعت نتيجتها، ومنها: {وما انتشرت الفاحشة في قوم حتى يعلنوا بها إلا أصابهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن من قبلهم}.
    فإذا عصينا الله عز وجل فلا بد أن ندفع ضريبة المعصية من أجسادنا ومن سعادتنا ومن أمننا في الدنيا، وكذلك عقوبة الآخرة: ((وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى))[طه:127] -عافنا الله وإياكم من ذلك- فما تفضل به الدكتور عدنان من هذه الأمراض والمشاكل، إنما هو نتيجة لمعصيتنا لنبينا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فكانت هذه عقوبة بالمعصية: ((وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى)) [طه:124] ولا بد من هذا.
  10. إفساد الدين والأخلاق

    هؤلاء الناس إذا دخلوا إلى بلاد المسلمين عامة فضلاً عن هذه الجزيرة، فإنهم يبنون الكنائس -وهذا أمر معروف- وقد بنوا الكنائس في أطراف جزيرة العرب، ولو سمح لهم أن يبنوها في أقرب بقعة إلى مكة لفعلوا، ولكنهم لا يسمح لهم ولن يسمح لهم بإذن الله عز وجل.
    لكن في تلك البلاد التي قد تهاونت في الموضوع قد بنوا الكنائس الضخمة، ومن ذهب منكم إلى تلك الديار لا بد وأنه قد رآها، يبنون المعابد البوذية وقد بنيت معابد بوذية في أطراف جزيرة العرب على دين البوذية ليتعبد فيها البوذيون، ينشرون أديانهم الباطلة، يحاولون أن يدعوا الناس إلى أديانهم: النصراني إلى نصرانيته، والبوذي إلى بوذيته، وما انتشار مذهب البهائية إلا من أوضح الأدلة على ذلك، وما من بلد يسمح أن يقيموا فيه ويأخذوا فيه حريتهم، إلا وينشئوا النوادي الماسونية: إما نوادي عالمية كالروتاري وما أشبهها، وإما نوادي سرية تحت ستار الحفلات، وستار نشر الثقافة وستار المسرح، بأي شكل من الأشكال. لا بد أن ينشروا هذه النوادي الماسونية وينشروا الفكر الماسوني في بلاد المسلمين، وهناك من أبناء المسلمين من ينخرط في صفوف هذه النوادي والأحزاب الكافرة الملحدة، وإنما انتشرت الشيوعية بتأثير هؤلاء المجرمين عندما دخلوا بلاد المسلمين، وكل النحل الباطلة والضالة فهذا حالها أيضاً.
    دخولهم أيضاً في بلاد المسلمين فيه أعظم الإفساد لأخلاق المسلمين، لأن المسلم الذي لم يكن يرى في بلاده إلا امرأة محجبة أصبح يرى امرأة كافرة متبرجة، فبعد حين يستهين المسلم بذلك، ثم يكثر ويتناقل الداء حتى تصبح المحجبة هي الشاذة -نسأل الله السلامة والعافية- بل إنه كما تلاحظون -وهو أمر واقع- أن هؤلاء النساء في بلادهن لا يأبهن بأي شيء، ممكن أن تقف على قارعة الطريق وتركب مع أي إنسان يمر ويذهب بها إلى حيث شاء وليس لديها أي تفكير في أن هذا فيه حرج أو عيب أو عار، وهذا أمر مشاهد لمن تفطن ولمن تأمل له؛ فما ذلك إلا لاستقدامهم ولإدخالهم في بلاد المسلمين، ولتعمدهم أحياناً أن يفسدوا عقائد المسلمين.
    وفي دخولهم أيضاً إفساد الذوق العام عند المسلمين:
    إن المسلمين لهم دين ولهم حياء ولهم مروءة، وهناك أمور كثيرة حتى من الحلال مروءة المسلم تمنعه منها، هل رأيتم أحداً من آبائنا في أيام العادات الحسنة الطيبة مهما كانت قلة علمه بالدين يأكل هذا السندوتش على قارعة الطريق؟!
    والله ما يفعل هذا آباؤنا أبداً! يستحون من ذلك، وما كان أشد منه فإن حياءهم منه أشد، أما هؤلاء فإنهم يجاهرون بما يفسد الذوق العام، فيجعل مظهر البلد وذوقه العام مظهراً غربياً أوروبياً، حتى إنك تجد المسلم المتخلق بآداب الإسلام في لباسه وهيئته وزيه شاذاً ونادراً في بلد الإسلام، فإذا كان المسلم في بلد الإسلام يشعر بالغربة؛ فما بالكم بمن يدفع ويزيل تلك الغربة بالإتيان بهؤلاء الكفار واستقدامهم إلى بلاد المسلمين؟!
  11. نتائج أخرى

    هناك قضايا كثيرة قد نغفل عنها وهي في صميم الموضوع، كموضوع البناء: مثلاً، فعندما استقدمنا مهندسين كفرة، ومنظمين ومخططين للمدن من الكفار، أو من تلقى على أيديهم، أصبحت مدننا مدناً غربية بالفعل، وفقد الطابع الإسلامي لها، ولا نفرق بين البناء الإسلامي وغيره، الحياة الإسلامية والحياةُ عامةً أجزاء وعناصر عضوية متماسكة. أصبحت بيوت المسلمين تستر بالزجاج! وما كان آباؤنا يعرفون هذا الزجاج أبداً، فأصبح الزجاج والألمنيوم من جميع الجهات، فلم يكفنا أن تبرجت النساء حتى تبرجت العمارات أيضاً، فأصبح الإنسان يرى المرأة ويرى الناس وهم في أعماق البيت عن طريق هذا الزجاج! والأوروبيون إذا وضعوا الزجاج، فلأنهم يكادون لا يرون الشمس، فيفرحون ويحلمون أن يروا الشمس، والشعراء الأوروبيون لهم قصائد ودواوين في الشمس؛ لأن عندهم ضباباً طيلة السنة، فيفرح إذا رأى الشمس، فيجعل للبيت زجاجاً، فإذا أتت الشمس يتلذذ بها ويتنعم بها، ونحن في بلاد الحر الشديد نرى الشمس طوال العام، فنفرح ونتغنى إذا رأينا سحابة! هؤلاء القوم جاءوا وخططوا لنا فجعلوا العمائر متراصة عالية، والشقق متجاورة ضيقة، وضعفوا الزجاج في جميع الجهات ومن جميع الأطراف، وكذلك الشرفات التي تسمى البلكونات لم يعرفها آباؤنا أصلاً، فبيوت المسلمين في القديم كانت النوافذ عالية ومستترة، والباحات أو الساحات في داخل البيت، أما هؤلاء فهم في داخل البيت كالعلبة المعلبة، فأين تخرج المرأة؟ أين تنشر الملابس؟ وأين إذا أرادت أن تنادي أبناءها أو تعمل أي شيء، وكذلك الأولاد، فمن الشرفة، وما بين الشرفة والشرفة الأخرى إلا قليل من الهواء، فلو وضعت خشبة لأمكن أن يسير عليها الإنسان من هذه الشرفة، إلى تلك الشرفة، وينتقل إلى ذلك البيت، إما سارقاً أو زانياً أو لصاً أو ما شاء، والمصيبة أننا جعلنا عادات بلادنا وذوقنا العام وسكننا تحت تأثير هؤلاء الذين بأموالنا وبأنفسنا استقدمناهم ووليناهم ليخططوا لنا كيف نعيش، وكيف ننظم حياتنا، وكيف ننشئ بيوتنا. فالقضية خطيرة، وهي تمس كل بيت وكل إنسان.. وكل من يخاف الله عز وجل -وهو حريص على هذه البلاد الطاهرة المقدسة التي لم يبق للتوحيد قلعة إلا هي- فإنه والله يغار ويهتم لمثل هذه الأمور، ويجِدُّ في البحث عن الحل وعن المخرج، وهو بين أيدينا؛ وعندما نعرض هذه المآسي أو هذا الواقع، فإنما نذكر بأمر مشاهد محسوس؛ لنستثير همم أهل الإيمان والغيرة أن يغيروا وأن يبدءوا بأنفسهم وبمن حولهم. فأقول: إنهم أفسدوا حتى الذوق العام في مظاهرنا العامة، في سكننا، حتى في لغتنا وفي لهجتنا -كما ذكر الأخ الدكتور- بل إنكم لتشاهدون اللوحات، اذهبوا إلى بلد من بلادهم، وانظروا إلى اللوحات واللافتات في بلاد المسلمين، مع الأسف الشديد كأنها ثوب رقع من سبعين رقعة؛ هذه اللوحة من لغة كذا، هذه من لغة كذا، وهذه بلغة كذا، وأصبح الإنسان لو فتح محلاً صغيراً جداً لا يأتيه ولا يشتري منه إلا طبقة من العمال الذين لا يقرءون أية لغة، ومع ذلك لو وضع له عنواناً فسوف يكتبه بغير العربية، إما بالإنجليزي أو بلغة أخرى؛ لأن عبوديتهم ليست في المظهر والمخرج، لكنها في الباطن وفي المخبر، أصبحنا متأثرين بهم إلى هذا الحد. وأدهى من ذلك أننا نستعير أسماء فجارهم -وكلهم فجار- ونضعها عناوين ولافتات في بلاد الإسلام، من أعجتبه مطربة أو مغنية أو ممثلة عاهرة داعرة، جعل اسمها عنواناً لمحله أو لشركته أو لمطعمه أو لمخبزه أو لما أشبه ذلك، فنجعل من بلادنا معرضاً للدعاية لمشاهير الكفر ومشاهير الفجار من شتى الأصناف ومن جميع البلاد كالمطربين والممثلين ولاعبي الكرة والمصارعين والرياضيين عموماً بينما في تلك البلاد رغم أنها لا تؤمن بالله ولا باليوم الآخر ولا تخاف أن الله سيعذبها يوم القيامة ولا تعرف شيئاً اسمه موالاة الكفار، رغم ذلك لا يسمحون بأن يمجَّد اسم في بلدهم إلا ما كان على لغة البلد، ومن له بطولة وطنية -كما يسمونها- بخلاف ما نحن عليه للأسف الشديد. ونحن قد تكلمنا وأشرنا، وما هي إلا إشارات إلى ما يهدد الأسرة من هذا الغزو الفكري الرهيب، ومن هذا الخطر الزاحف الداهم، سواء كان خطر ذهاب المسلمين إلى بلد الكفار أم خطر استقدام الكفار إلى بلاد المسلمين، وعلى كلا الحالين يجب علينا أن نعيد النظر في أنفسنا وفي مجتمعاتنا مما يتعلق بهذا الشباب المسكين.
  12. الشباب والفساد

    لو صح أن أحداً يعصي الله عز وجل وهو مظلوم لقلنا: إن شبابنا مظلوم، نعم هذا الشباب مهما فجر ومهما فعل لو نظرنا بالمقياس الشرعي الصحيح لوجدنا أن حالنا معه كما قال الشاعر:
    ألقاه في اليم مكتوفاً وقال له            إياك إياك أن تبتل بالماء
    لا نجد مجلساً إلا ويشتكى من الشباب: الشباب فسد، الشباب أدمن المخدرات، الشباب فعل وفعل، الشباب هذا... كيف وكيف، شكوى! ولكن هل واقعنا وحياتنا العامة تدفع هذا الشباب إلى الخير أم تدفعه إلى ما هو أشد من ذلك، وإلى ما هو أوحش وأفحش من ذلك؟
    ليس هناك أحد يعذر في معصية إلا من عذره الله، ويجب على هذا الشباب أن يتمسك بدينه، لكن كيف نفتح له جميع منافذ الشر، ثم نقول له بعد ذلك: لا تعص!
    دعايات تنشر في مجلات كثيرة: تعال إلى حيث المتعة، تعال إلى الليالي الدافئة في بانكوك وكذا وكذا، تخفيض أربعين في المائة على قيمة التذاكر، الفنادق والحجز وكذا وكذا موجود، ترونها جميعاً ونراها جميعاً، تدفع بهذا الشاب المتلهف المتعطش في قوة الشهوة وفي قوة الشبق وقوة الشباب تدفعه وتجذبه، نضمن لك كذا وكذا من أساليب المتعة والرفاهية في العطلة، وقد تنظم مواعيد الرحلات على مواعيد العطل، فمن أراد ذلك فهو لا يحتاج أن يخرم عمله، الأمر منظم ومرتب على مواعيد العطل الأسبوعية أو السنوية، ثم تبدأ تلك الجموع تذهب إلى هناك، فإذا جلس الإنسان هنا، وبلغه خبر أن جثة زميله فلان قد جاءت من مانلا -كما حصل قبل فترات وكما تعلمون ذلك- قال: هذا فاسد، وهذا مجرم وقمنا نتشكى. نعم هو مجرم، لكن هل نحن مبرءون؟
    هل نحن غير مؤاخذين أمام الله عز وجل؟
    أم أننا قد دفعناه إلى الجريمة وهيأناها له وفتحنا له أبوابها؟
    وكذلك ما يقع داخل البيوت من الشجار ومن الخصام ومن عقوق الأبناء، قلما تجد أباً أو مدرساً أو مربياً إلا ويشكو من عقوق هذا الشباب، ويشكو أنه شاب متمرد، لا يهتم بشيء، لا يبالي بخير أو شر!
    ولكن نسأل أنفسنا أولاً: على أي شيء ربيناهم نحن؟
    إذا كان الأب الذي تربى على الدين وعلى الأصالة وعلى الخلق يُرى فيه التهاون في أعظم أمر، وهو أمر الغيرة وأمر العرض، فيدع المرأة والبنت تذهب مع السائق، فكيف تلوم الابن لو ارتكب أكبر من ذلك؟!
    فأنت تعصي الله عز وجل فيه وفي الأسرة جميعاً بهذا الخادم وهذا السائق، وتريد ألا يعصى الله فيك بالعقوق؟!
    لا يمكن هذا أبداً.
    فهؤلاء الشباب لا ندافع عنهم، ولكن نقول: إننا مسئولون مثلهم أو أكثر، وإنهم قد يكونون مظلومين في كثير من الأحيان؛ لأنهم لم يعرفوا الحق ولم يعرفوا الخير، وإنما وجدوا أنهم يساقون سوقاً إلى الفاحشة وإلى الفساد وإلى الإجرام، فانساقوا في هذا التيار الجارف، ولذلك - وهذه والحمد لله من بشائر الخير - تجدون الشباب الذي يهتدي ويرجع إلى الإسلام، وهذا الذي يسمى شباب الصحوة الإسلامية الجديدة الذين نراهم في كل مسجد، وفي كل حي، وفي كل مدرسة، بعضهم لما اهتدى بدأ يصرح يقول: والله لأول مرة أسمع أن الغناء حرام، وأن مشاهدة المرأة في الفيديو أو التلفاز حرام، وإذا به اهتدى، وجاء إلى المسجد، وحضر ندوة وندوتين، ثم التحى وترك الفساد.
    إذاً لماذا نظلم الشباب؟!
    فلو أنهم ربوا تربية سليمة لكان فيهم خير عظيم، ولو كانوا يهتدون بأشياء عارضة قليلة، فكيف لو كان التوجيه العام كله على ما أمر الله وعلى ما أمر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ونزع هؤلاء الشباب من أيدي الذين يريدون أن يتبعوا الشهوات، ويريدون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا.
    فنسأل الله تعالى أن يردنا إليه رداً حميداً وأن يبصرنا في ديننا وأن يفقهنا فيه؛ حتى نعلم مقدار ما شرفنا الله تعالى به من التوحيد، ومقدار ما أذل الله تعالى به أعداءنا من الشرك، فلا نواليهم ولا نحبهم، ولا نسافر إلى بلادهم، ولا نستقدمهم إلى بلادنا، ولا نعاملهم بأية معاملة إلا على وفق ما شرع الله في حالة الاضطرار التي أباحها الله تبارك وتعالى، ونسأل الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لنا ولكم ذلك وما هو خير منه، والحمد لله رب العالمين.
  13. خاتمة

    قال مقدم الندوة:
    أذكركم بما بدأنا به الندوة بالحديث عن الغزو الفكري، وتأثير استخدام وسائل الإعلام هذا الاستخدام الجائر الذي نتج عنه ما سمعتم في هذه الندوة من أمور فاحشة تأثر بها هذا المجتمع، وسمعتم أيضاً ما ذكره الشيخ سفر من حال أجدادنا وكراهيتهم معايشة أهل الكفر والشرك والفجور والباطل، وكيف أنه كان كثير من الرحالة الكفرة يقتلون في هذه الجزيرة عند محاولة اكتشافها، أجدادنا ينظرون للكفرة وللمشركين هذه النظرة التي تحملهم على قتلهم، ونحن نعاشرهم ونصاحبهم ونصادقهم في مكاتبنا وفي بيوتنا!
    نستقدمهم إما عمالة على أنهم خبراء وعلماء، وإما عمالة رخيصة على أنهم خدم وسائقون!
    هذه الآثار التي تحدث عنها في هذه الندوة وفي الندوة السابقة ما كانت إلا نتيجة لأول ما بدأنا به الغزو الفكري الذي جاء نتيجة لاستخدام هذا الإعلام استخداماً لا يرضي الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، والذي لم يسخر لخدمة دينه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
    وفي الختام نسأل الله تعالى أن يعلمنا ما ينفعنا وأن ينفعنا بما علمنا، وأقول قولي هذا، وأستغفر الله العلي العظيم لي ولكم فاستغفروه.