المادة كاملة    
إن التآمر على هذا الدين قديم قدم الصراع بين الحق والباطل، ولقد سعى أعداء الإسلام إلى إفساد المسلمين بشتى الطرق، باذلين في ذلك جهودهم وأموالهم، ومركزين في ذلك على ركن من أهم أركان المجتمع المسلم.. ألا وهو المرأة.. التي بصلاحها يصلح المجتمع وبفسادها ينهار. وفي هذه المادة عرض تاريخي لدعوى تحرير المرأة، وكشف للأصابع الخفية وراء هذه المؤامرة؛ حتى تعلم المرأة أن هؤلاء الناعقين لا يريدون لها الخير بدعواتهم المشبوهة؛ بل يريدون من خلال ما يزخرفونه من تحررها وخروجها للعمل، تحطيم المجتمع وتهيئته لتقبل أفكار الغربيين الصليبيين وممارساتهم.
  1. أهمية الحديث عن المرأة في عصرنا الحاضر

    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد: فلا شك أن ما شرعه الله تبارك وتعالى بشأن المرأة وحجابها وعفتها وطهارتها لا يخفى على أحد من المسلمين إما على سبيل الإجمال أو التفصيل، وإنما نريد أن نتحدث عن قضية قد تخفى على كثير من الناس؛ لأننا في زمن كثرت فيه الضلالات، وكثر فيه الدعاة إلى أبواب جهنم، الذين حذرنا منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وظهرت فيه الفتن، وكاد أعداء الله تبارك وتعالى لهذه الأمة أضعاف ما كانوا يكيدون لها، ووجهوا إليها من الدس والخيانة والتآمر عليها وعلى دينها ما لم يوجهون من قبل. ولهذا وجب على هذه الأمة أن تعلم حقيقة الأمر، وأن تعرف أن ما يتعلق بمسألة المرأة، وما يحدث في المجتمعات الإسلامية اليوم من تحولات وتغيرات ليس أمراً عفوياً ولا اتفاقياً، وإنما هو نتيجة تخطيط مدروس، وتنظيم عُمل له طويلاً، فهي مؤامرة تدبر من قديم، وهي الآن في طور الاكتمال، ولكن الله غالب على أمره مهما فعل أعداؤه وكادوا. وموضوع المرأة كان إلى زمن قريب موضوع آداب وأخلاق وأحكام، يدعو إليها الخطباء والوعاظ والأدباء، ولكنه في هذه الأيام وفي هذا العصر أصبح موضوع عقيدة، فلم تعد المرأة تخطئ أو تعصي ربها عز وجل، فتتبرج أو تتكشف أو ترتكب بعض ما نهى الله عنه، ثم سرعان ما تعود إلى حظيرة الحق، وينظر إلى ذلك على أنه شذوذ.. بل إن الأمر قد تعدى ذلك، وأصبحت هناك دعوات صريحة إلى أن تتحلل المرأة من أوامر ربها عز وجل، وترفض كل ما شرعه الله تبارك وتعالى، وتنطلق -كما يزعمون- وتتحرر، لتقلد المرأة الأوروبية الكافرة في كل شيء، وهذا الأمر أمر عقيدة؛ لأنه لا تفعله إلا المرأة التي لا تؤمن بالله ولا باليوم الآخر، ولا بهذا الدين ديناً. ومن هنا وجب التنبه، ووجب على كل ذي شأن وعلم أن يبين لهذه الأمة طريقها.
  2. سبب تأثر المرأة المسلمة بالحضارة الغربية

    إن المؤامرة على هذا الدين قديمة قدم الصراع بين الحق والباطل.. قدم وجود الحق والباطل، ولكنها في هذا الزمن أصبحت أكثر كيداً؛ حيث إن الاحتكاك بين الغرب الكافر الصليبي وبين الأمة المسلمة قديم، وقد سبق أن جاء الصليبيون إلى العالم الإسلامي كما تعلمون، واحتلوا كثيراً من بلاد المسلمين في الأطراف، ولكن المرأة المسلمة، والأمة المسلمة ظلت تنظر إليهم على أنهم همجيون.. كفار.. صليبيون.. حاقدون؛ فلم تأبه بهم ولم تقلدهم في أي شأن من شئون الحياة.
    وقد كتب المؤرخون والأدباء وأصحاب السير عن أوضاع المرأة الصليبية عندما جاءت الحملات الصليبية إلى العالم الإسلامي؛ وتحدثوا عن الدياثة التي كان يتصف بها الفرنجة.. ما هي هذه الدياثة؟ قالوا: إن نساءهم يمشين كاشفات الوجوه، ويراهن الرجال، ولا يبالي بعضهم بأن تذهب زوجه مع الآخر، فكل ذلك عده المسلمون -حتى الذين لم يكونوا في منزلة من العلم والدعوة- دياثةً وانحطاطاً وسفولاً تبرأ منه المرأة المسلمة.
    ولكن مرت بالأمة الإسلامية عصور تخلت فيها عن كتاب ربها وسنة نبيها صلى الله عليه وسلم، وعن العقيدة الصحيحة عقيدة السلف الصالح، ودخلتها الضلالات والبدع من كل جهة حتى جاءت الحملة الصليبية الكبرى التي تسمى حملة نابليون، وعندما قدم نابليون قدمت معه عاهرات الفرنجة مرةً أخرى، ولكن الأمة اختلفت نظرتها هذه المرة عنها في المرة السابقة، فأخذوا يكتبون -وإن كان ذلك بعد نابليون - ويقولون: إن المرأة الفرنسية متحضرة متطورة ناهضة، وإن على المرأة المسلمة أن تقلدها وأن تحذو حذوها.
    كان هذا التحول في عقيدة الأمة لا في واقع الفرنجة، فهم هم في دياثتهم التي كانت فيما مضى، ولكن ما حملوه معهم هذه المرة من وسائل التطور الحديثة التي جاء بها نابليون : كالمطبعة، والتنقيب عن الآثار، والمدافع، وغيرها من الوسائل التي لم يكن يعرفها المسلمون، جعلتهم ينبهرون بهذه الحضارة الجديدة، ومع ذلك فقد كان هذا التأثر محدوداً ومحصوراً.
    والجبرتي رحمه الله -وقد كان الجبرتي رحمه الله حنبلي المذهب، ومن هنا تأثر بدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمة الله عليه، وتعاطف معها في كتابه وأيدها- قد ذكر أن النساء اللواتي تأثرن بالحملة الفرنسية كن إما من الطبقة الدنيئة من اللاتي كن يمارسن البغاء والدعارة والرذيلة قبل مجيء الفرنسيين، وهذه الطبقة من أصلها هذا شأنها، والفريق الآخر هو أولئك النساء اللاتي أسرن، وأرغمن في الأسر على أن يخالطن الفرنجة ويلبسن كملابس نساء الفرنجة.. هكذا يقول رحمه الله.
    ولكن الذي حدث بعد ذلك في نهاية القرن الثالث عشر هو قدوم الإنجليز واحتلالهم لـمصر، ثم بداية الحملة الصليبية الأخيرة، وهي ما نسميه (الاستعمار) وما هو في الحقيقة إلا حملة صليبية، ولكنها جاءت هذه المرة مدعومةً بالعلم، والاختراعات، والتطور المادي، والتخطيط البعيد المدى لإفساد هذا الدين وتدميره.
  3. توجه الصليبيين نحو إفساد المرأة المسلمة

    لقد كاد أعداء الله تبارك وتعالى لهذا الدين ولهذه الأمة بحملاتهم الصليبية، ولكن النهاية الواحدة المتكررة لجميع حملاتهم الصليبية كانت هي الهزيمة العسكرية، فخططوا لهزيمة من نوع آخر يلحقونها بالمسلمين، فكانت تلك المؤامرة على هذا الدين، وكانت تركز على أربعة مجالات -نتناولها بإيجاز-:
    المجال الأول: هدم العقيدة الإسلامية.
    وقد عملوا على ذلك بنشر الإلحاد والانحلال، وإحياء الفرق ذات العقائد المخالفة لعقيدة أهل السنة والجماعة وبث الحضارات القديمة، وإثارة النعرات والجاهليات؛ بغرض إبعاد هذه الأمة عن عقيدتها.
    المجال الثاني: إقصاء الشريعة الإسلامية وإبعادها عن مجال الحكم؛ لتحل محلها القوانين الوضعية والأوروبية الكافرة؛ ليطمئنوا على أن الحدود لن تقام، وأن أحكام الله لن يعمل بها، وإذا وصلت الأمة إلى هذا الحد فقد فقدت كل مميزاتها.
    المجال الثالث: المجال الاجتماعي؛ حيث خططوا لإفساد المرأة المسلمة، وحملها على ترك وظيفتها الأساسية المتمثلة في رعاية أسرتها، وممارسة أمومتها، لتتجر بعد ذلك إلى تقليد المرأة الغربية في كل شيء، وهذا ما سعوا من أجله، وهو ما سنفيض في الحديث عنه إن شاء الله.
    المجال الرابع: تحطيم وهدم اللغة العربية والأدب العربي وما يتعلق به، وبذلك يتوصلون إلى قطع صلة المسلمين بالقرآن وبفهم كتب السلف الصالح وما في تراثهم من خير وهدىً وبركة.
    هذه الأربعة المجالات التي خطط لأجلها أعداء الله تبارك وتعالى.
    وأهم ما يهمنا الآن هو المجال الاجتماعي المتعلق بالمرأة، فإن هذا المجال هو المقياس الظاهر والواضح لتمسك أي بلد من البلدان بالإسلام، فأنت إذا زرت أي بلد من البلدان تستطيع أن تحكم على دين أهله من خلال وضع المرأة فيه، فإن كانت متسترةً متحجبة حكمت على المجتمع بالطهر والفضيلة، وإن كانت متهتكةً متخلعة علمت وأيقنت أن هذا مجتمع فاسد منحط -يعني في الأغلب والظاهر- لأن هذا هو المعيار الذي توزن به الأمم قديماً، وتوزن به الحضارات، حتى إن أوزوالد اشبنجلر الذي كتب كتاب: تدهور الحضارة الغربية ؛ يقول: هذا هو المعيار الذي يقاس به سقوط الحضارات، فالحضارات جميعاً تسقط وتنهار عندما تترك المرأة عملها ووظيفتها كأم وزوجة، وتخرج إلى العمل متبرجة متبذلة، وقد استعرض حضارات كثيرة جداً في كتابه هذا وفي غيره.
    إذاً: أعداء الله يعلمون أهمية هذه القضية؛ ولهذا حرصوا عليها كل الحرص. وقد ابتدأت المؤامرة -كالعادة- ساذجةً، أو بتخطيط غير عميق، ولكن الأمر تطور وازداد؛ فقد وجد أولئك القوم كاتباً نصرانياً -بعد الاستعمار الإنجليزي ببضع سنين- يدعى مرقص فهمي؛ فقالوا له: نريد أن تكتب عن المرأة كتاباً، فكتب كتاباً عنوانه: المرأة في الشرق، تحدث فيه عن ظلم الإسلام للمرأة، مع أن دين هذا الصليبي وكنيسته وباباوات ورجال دينه يعتبرون المرأة شيطاناً رجيماً، وظلوا قروناً عديدة لا يعتبرون المرأة كائناً إنسانياً، واختلفوا في أوروبا هل المرأة لها روح أم ليس لها روح؟!! هكذا كانت أوروبا الصليبية، ومع ذلك يقول المحامي مرقص فهمي في كتابه المرأة في الشرق : إن المرأة في الشرق مظلومة؛ وسبب ذلك هو التشريعات الإسلامية، وطالب بإلغاء الحجاب، وبخروج المرأة من البيت.. حتى طالب بأن يسمح للأقباط -لأنه قبطي- أن يتزوجوا النساء المسلمات.. هكذا يريد هذا الهدام! ولكنه لم يتمكن من تحقيق ما يريد.
  4. دعوى تحرير المرأة.. النشأة والتطورات

    إن اللورد كرومر الذي هو أساس التخطيط للإفساد العلمي والاجتماعي في العالم الإسلامي هو يهودي الأصل، وقد جاء إلى مصر لأهداف مبيتة، وأغراض خفية ظهرت فيما بعد، والذي ذكر يهوديته هو كاتب ومؤرخ بريطاني معروف، فهذا الرجل اليهودي الخبيث جاء ومعه دنلوب -أيضاً- وهو قسيس خبيث آخر، ولا يبعد أن يكون من أصل يهودي أيضاً، وكانا يخططان لهدم هذا الدين.
    وجد هذان الرجلان امرأة من أسرة محمد علي -وهذه المرأة لا تزال هي الصنم الذي تقدتي به المجرمات في كل زمان وفي كل بلد من أنحاء العالم الإسلامي، وبالذات العالم الناطق باللغة العربية -وهي الأميرة نازلي، هذه الأميرة نازلي هي حفيدة إبراهيم بن محمد علي باشا، وكلنا يعرف ما صنعه الرجل بأرض الجزيرة، وما الذي فعله ببلاد التوحيد؛ إذ كان هو الذي دمر دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمة الله عليه عندما قاد الحملات التركية على جزيرة العرب، وحفيدته الأميرة نازلي أصبحت فيما بعد زوجةً للملك فؤاد وأماً للملك فاروق، فهذه المرأة في آخر أيامها -نسأل الله العفو والعافية- ارتدت عن الإسلام، ودخلت في دين النصرانية هي ومن كان معها.. عياذاً بالله!
    هذه المرأة الخبيثة كان اللورد كرومر يجلس في صالونها، وكان يجلس معه بعض المخططين لتنفيذ المخطط والمؤامرة على الإسلام وعلى المرأة المسلمة، وممن كان يرتاد هذا الصالون -كما هو ثابت في جميع المصادر التاريخية- الشيخ محمد عبده، وجمال الدين الأفغاني، وكثير من النصارى الذين كانوا يرأسون مجلة المقتطف وغيرها، وكذلك مرقص فهمي، كل هؤلاء كانوا يجلسون في ذلك الصالون -صالون الأميرة نازلي- ويخططون للقضاء على الحجاب، وإخراج المرأة المسلمة من عفافها إلى التحلل وإلى الإباحية.
    ويشاء الله سبحانه وتعالى أن مستشرقاً فرنسياً اسمه داركور ألف كتاباً يتهجم فيه على الإسلام والحجاب، فانبرى له كاتب يدعى قاسم أمين، وكان شاباً نزقاً لا يفقه من الدين شيئاً، فأخذ يرد ويهاجم المستشرق داركور، وشاء الله سبحانه وتعالى أن يتنبه أولئك المتآمرون لخطر هذا الشاب، فقاموا باستدعائه،وبعد ذلك إذا به يعلن تراجعه عما قاله في ذلك المستشرق، وإذا به هو يكتب كتاباً بعنوان: تحرير المرأة، وهو الكتاب الذي يعتبر إنجيل أو نبراس دعاة الاختلاط في كل زمان ومكان.
    والعجيب أن كثيراً من فصول هذا الكتاب لو قرأتموها لوجدتم أنه لا يمكن أن يكتبها إلا شخص متضلع في الأحكام الشرعية والفقه والأصول، ولهذا جاء في أكثر من مصدر أن الشيخ محمد عبده هو الذي كتب الكتاب أو كتب بعضه؛ لأن قاسم أمين كان يعمل مترجماً للشيخ في فترة من الفترات في مجلة العروة الوثقى .
    والحاصل أن هذا الكتاب قد ظهر من صالون كرومر ونازلي، ماذا كانت دعواه هل كان يدعو إلى الاختلاط؟ هل كان يدعو إلى الرذيلة.. إلى البغاء.. إلى الزنا.. إلى الأفلام الخليعة كلا! بل كان يقول: إن المرأة لا يجب عليها أن تغطي وجهها وكفيها؛ هذا الذي دعا إليه فقط؛ لأن المرأة المسلمة إلى ذلك الوقت كانت متحجبةً الحجاب الكامل، أي: إلى ما قبل ثمانين سنة؛ ففي مصر -وهي أول بلد عربي ترك نساؤه الحجاب، وبدأت فيه هذه الحركة- في ذلك الوقت لم تكن هنالك امرأة مسلمة إلا وهي متحجبة الحجاب الكامل، تغطي وجهها وكفيها وكل جسمها.
    والعجيب أن قاسم أمين نفسه كانت زوجته محجبةً الحجاب الكامل، ولم يكن يسمح لأحد أن يراها أو أن يخلو بها؛ لأن المجتمع كان في تلك الفترة لا يزال متمسكاً بالمبادئ الإسلامية.
    وهنا يجب أن نقف وقفة! ففي كل المجتمعات المسلمة تبدأ هذه الدعوة بالحديث عن الوجه والكفين فقط، وبالقول بأنه لا حرج على المرأة أن تكشف وجهها وكفيها، ولكنها تنتهي بنوادي العراة، وبالأفلام الجنسية القذرة... وإلى نهايات لا يعلم مداها إلا الله عز وجل، لكن البداية دائماً تكون على هذا النحو، والمؤامرة واحدة في كل مكان وفي كل بلد، وهذا يجب أن يعلم.
    وقد كشر قاسم أمين عن أنيابه، وكشف عن حقيقة هدفه بعد ذلك بأعوام، حين ألف كتاب: المرأة الجديدة، ودعا فيه بصراحة ووضوح إلى أنه يجب على المرأة المسلمة أن تقتفي نهج المرأة الأوروبية -أو قال: أختها الغربية- في كل شيء.
    وهكذا كشف القناع عن حقيقة المؤامرة، وبعد ذلك -وبتحريض من الإنجليز وبرعاية منهم- ظهرت الحركة النسائية وارتبطت بالحركة التي تسمى الحركة الوطنية.
    1. الحركة الوطنية ودعوى تحرير المرأة

      نقف هنا وقفةً أخرى لنبين أن العملية واحدة، إنما تعاد وتكرر الأسطوانة في كل بلد، ولذلك خرج من يقول: إن المرأة المصرية لابد أن تشارك في طرد الإنجليز والمستعمر، ولابد أن تسهم في خدمة وطنها، وفي بناء بلدها، وفي الخدمة الاجتماعية، حتى لا يبقى نصف المجتمع معطلاً... إلى آخر ما قيل في ذلك الزمن.
      ومن هنا استغل قادة الحركة الوطنية -التي كان الإنجليز ينظمونها ويرعونها، وكان على رأسها حزب الوفد الذي كان يتزعمه سعد زغلول- استغلوا قضية المرأة، وتبنى أولئك ما يسمى بتحرير المرأة، فكانت زوجة سعد صفية قد نسبت نفسها إليه، فسمت نفسها صفية زغلول وتركت اسم أبيها، وتبنى امرأة هي التي تسمى رائدة الحركة النسائية -لأنهم وجدوا أن قاسم أمين رجل، ولابد أن تكون الرائدة امرأة- وهذه المرأة هي هدى شعراوي، فدخلت في حزب الوفد وتبناها سعد زغلول، وأفسح لها المجال، ومعها المدعوة الأخرى سيزا نبراوي، ومن هنا بدأت المؤامرة بأيادٍ نسائية.
      وعندما قامت الثورة المصرية عام (1919م) -الثورة على الإنجليز كما سميت- كانت ثورةً علمانية حيث كان شعارها: (الدين لله والوطن للجميع) إذ خرج الناس قائلين: يجب أن نخرج جميعاً؛ اليهود والنصارى والمسلمون -واليهود في ذلك الوقت خرجوا علناًَ في مصر، للتظاهر ضد الاستعمار- فكان ممن خرج وشارك في هذه المؤامرة هدى شعراوي ضمن لجنة الوفد المركزية للسيدات التابعة لحزب الوفد، فكان الظاهر أن هؤلاء السيدات خرجن في مظاهرة ضد الإنجليز، وكانت أغرب مظاهرة من نوعها في العالم الإسلامي، إذ لم يسبق أن خرجت النساء في مثل هذه المظاهرة، والتي كان الغرض منها -كما يزعمون- إعطاء فصرة للمساهمة في تحرير البلد والمشاركة في التنمية بعد ذلك، وبينما هن في المظاهرة أخذن حجابهن الذي كن يلبسنه ورمينه في الميدان وأحرقنه.
      وكان كثير ممن خرجن من النساء متحجبات، حتى إن بعضهن كن يلتزمن بغطاء الوجه أيضاً؛ لأن مسألة نزع الحجاب لم تكن قد أخذت بعداً واقعياً، بل كان الحجاب هو الأصل، وكانت المرأة التي تنزع عن وجهها الحجاب ينظر إليها على أنها فاجرة ودنيئة ودنسة، ومن أسرة لا أصل لها ولا قيمة لها... إلى آخر ما يقال.
      وحرص سعد زغلول على أن تقام سرادقات ضخمة لاستقباله عند رجوعه من المنفى -كما يسمى- وحين دخل المعسكر، كان النساء متحجبات، فقام بنزع الحجاب عن وجه هدى شعراوي وأمر بقية النساء أن ينزعن الحجاب، فنزعه بعضهن وأخذن يصفقن ويهتفن قائلات: عاش الوطن، وليسقط الإنجليز‍.
      فما علاقة خروج الإنجليز وما علاقة الوطن بهذا التهتك؟! وما علاقة ذلك بالحرية؟! وما علاقة الحركة الوطنية؟! وكيف يقال: إن خدمة الوطن لا تتم إلا بالتبرج والتهتك والتعري، فلو أن امرأة مسلمة قدمت لأمتها خدمة في التعليم -فأمضت العمر كله وهي تعلم- أو في الطب ولكنها محجبة لما ذكرها أحد، ولكن إذا تهتكت وتعرت واشتركت في أفلام، أو في مسابقات فنية، أو في أي شيء مما لا يرضاه الله تعالى، تحدث عنها القاصي والداني واعتبروها رائدة، ورفعت سمعة بلادها، وساهمت في تنمية وطنها... إلى غير ذلك.
      ثم بعد ذلك أذن سعد زغلول لأولئك النسوة أن يشكلن لأول مرة في تاريخ الأمة الإسلامية تنظيماً نسائياً، وتشكل هذا التنظيم النسائي، وستعجبون إذا عرفتم أن المكان الذي انطلق منه هذا التنظيم وخرجت منه المظاهرة هو الكنيسة المرقصية -كنيسة القديس مرقص صاحب الإنجيل- إذ اجتمع هؤلاء النسوة التابعات لحزب الوفد وهن مسلمات في الأغلب- في الكنيسة وخرجن يطالبن بترك الحجاب، وبالتحلل منه.
      وهذه الأحداث تبين في النهاية الغاية الحقيقية لهذه المؤامرة.
    2. إقامة المؤتمرات الدولية النسائية

      انطلق ذلك التنظيم النسائي، وشارك في مؤتمرات دولية، منها المؤتمر النسائي الأول في روما، والمؤتمر النسائي الثاني في أثينا .
      وهنا أيضاً نقف وقفة تعجب: ذلك أن المؤتمرات الدولية لم تصدق أن المرأة المسلمة ستترك الحجاب، ففي المؤتمر الذي عقد في روما جاءت النساء اللاتي يمثلن الوفد المصري وكن سافرات إلا واحدة منهن، جاءت وهي محجبة حجاباً كاملاً، حتى وجهها لا يرى.
      ويلاحظ من ذلك أن هذه المرأة رغم أنها تدعو إلى التحرر وعضوة في الوفد الداعي للتحرر لم تستطع من الحياء أن تنزع الحجاب عن وجهها أمام الأجانب الأوروبيين.
      فعند ذلك قال أعضاء المؤتمر لـهدى شعراوي وسيزا نبراوي: أنتن غير مصريات، ولعل مصر استعارتكن لتمثلنها، وأبوا أن يصدقوا أن امرأةً مسلمة تنزع الحجاب، ثم أشاروا إلى المرأة التي لم تنزع الحجاب وأعطوها الحق في أن تتكلم باسم المرأة المسلمة في مصر .. ولم يصدقوا أن النساء الثلاث كلهن مصريات إلا بعد جهد.
      ومن هنا بدأت اللعبة تدخل إطاراً عالمياً جديداً، وتقول هدى شعراوي : إنها تشرفت بمقابلة موسوليني -الزعيم الفاشي المعروف- ثم بعد ذلك أخذت الصحافة الإنجليزية تشيد إشادةً عظمى بحركة تحرير المرأة وبدورها وبنشأتها وتطورها، وأخذ الكتاب -من أمثال لطفي السيد وطه حسين، وكثير ممن شابههم- يكتبون عن هذه القضية.

    3. إقامة الأحزاب النسوية

      أثناء الحرب العالمية الثانية كانت أمريكا قد برزت وأخذت تتسلم قيادة العالم الغربي، ومن ثم ورثت الاستعمار الغربي بكل ضروبه وأنواعه، وكان رئيسها آنذاك هو روزفلت، ثم خلفه ترومان، وكان أول رئيس تمكن اليهود من السيطرة عليه بشكل واضح جداً هو ترومان.
      وكانت زوجة روزفلت من أعظم المهتمات بما يسمى تحرير المرأة، فقد تبنت هذه الحركة، وأخذت تنفق عليها، وأقامت علاقات مع درية شفيق وأمثالها، ومع حزب بنت النيل، وهو حزب نسائي، وتأسست أحزاب أخرى تسمى الأحزاب النسائية، وكان غرضها المطالبة بحقوق المرأة، حتى طالبوا بمساواتها بالرجل في الميراث، وطالبوا بخلع الحجاب، وطالبوا بالتحلل الكامل من كل أحكام الشريعة الإسلامية.
      وهنا يشاء الله سبحانه وتعالى وهو الذي تكفل وتعهد بنصر دينه ولو كره الكافرون، وبأن يخزي أعداءه في الدنيا والآخرة، وبأن ينصر الذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد، أقول: شاء الله أن تحصل خلافات سياسية بين تلك الأحزاب أدت إلى كشف الأوراق على حقيقتها، وإذا بحزب بنت النيل يكشف خيوط المؤامرة على رءوس الملأ وفي الصحف، مبيناً أن السفارتين الإنجليزية والأمريكية هما اللتان تمولان هذا الحزب والأحزاب الأخرى، وأن الذين بنوا لهم مقراً هم من الأثرياء الأمريكان، وبعضهم من اليهود، وأن اللاتي شاركن فيه كن متآمرات متواطئات مع الاستعمار ومع أهدافه وفي خدمته.
      وما أن انكشف ذلك حتى أيقظ الله تعالى من كتبت لها الهداية واليقظة، وأحس الناس بخطر الأمر وارتفعت الأقلام من جديد بالمطالبة بالقضاء على هذه الحركة الخبيثة اللئيمة قبل أن تستشري عدواها.. هذا على المستوى الفكري.
      أما على المستوى العملي: فأنشئت أول دار للسينما، وأنشئت مراكز للترفيه والرقص، وكانت النساء اللاتي يشاركن في هذه المراكز يهوديات وقبطيات، بالإضافة إلى بعض المسلمات اللاتي تعمد إدخالهن، وعد ذلك من تحرر المرأة ومن نهضتها وتقدمها كما يقال.
    4. دعوى تحرير المرأة في عهد عبد الناصر

      ثم بعد ذلك لما قامت الثورة المصرية وتحولت مصر إلى دولة اشتراكية -كما هو حال كثير من دول العالم الإسلامي أنذاك- أخذ الأمر بعداً أعظم من ذلك، وأصبحت المسألة مسألة حرب سافرة على الإسلام والمسلمين، حتى خلت الجامعة من كل محجبة، وفرض على المرأة المسلمة -شاءت أم أبت- أن تكون أوروبية غربيةً بمعنى الكلمة، وكبت صوت الحق وقد كان يقاوم هذه الصرخات والدعوات.
      ولا يخفى على المتتبع ما حصل بعد ذلك من هزيمة منكرة حلت بأولئك المجرمين في عام (1967م) وما نتج عنها من عودة إلى الدين في صفوف الشباب، وعودة الحجاب من جديد إلى الجامعة، حتى صارت -هذه المرة- الدعوة إلى الحجاب دعوةً إسلاميةً سلفية، تدعو إلى التمسك بالحجاب؛ لأنه من عند الله، لا لمجرد أنه من العادات.
      وهنا تعالى الصراخ وما يزال إلى اليوم يتعالى، وتحدث الدكتور زكي نجيب محمود قائلاً: ما هذه الردة -سماها ردة -‍التي وقعت فيها المرأة في مصر؟! بعد أن تحررت وانطلقت ترتد الآن للحجاب؟!
      وكتبت أمينة السعيد عدة كتابات بهذا الخصوص، وما تزال الصحف ووسائل الأعلام التي يملكها هؤلاء تكتب عن هذه الظاهرة إلى الآن.
      والعجيب أن يقع في فخاخ أولئك أيضاً دعاة وكتاب ومفكرون يقولون: كيف تتحجب المرأة؟! كيف تغطي وجهها؟! كيف ترجع إلى ما كانت عليه من عادات فارسية وتركية ليست من الدين في شيء؟!
      واتسع نطاق المؤامرة، ولا يهمنا من هذا العرض التاريخي إلا أن ندرك -من خلال تسلسل هذه المشاهد والفصول- المخطط العام لهذه القضية المهمة.
  5. واقع المرأة الغربية

    بعد هذا العرض التاريخي لنشأة دعاوى التحرر نقول: ماذا يريد هؤلاء؟ وماذا حققوا للمرأة؟ وماذا يجب علينا إزاء هذه الدعاوى الخطيرة؟
    ولعلنا إن ذكرنا جناية هذه الدعاوى على المرأة المسلمة أن يقال: إن هذا الأمر ناتج عن أسباب اقتصادية، أو عائلية، أو أوضاع دينية لا علاقة لها بمسألة التحرر أو التحرير، ولذلك فسوف أتحدث عن واقع المرأة الغربية التي يراد للمرأة المسلمة أن تكون مثلها، وعندها لن يتسطيع المدافعون عن هذه الدعاوى رد قولنا والاعتذار بواقع المرأة المسلمة، فما هو واقع المرأة في الغرب، وفي الدول التي تطبق ما يريد دعاة الاختلاط والانحلال أن تتمثل به المرأة المسلمة، تلك البلاد التي تمثل القدوة لهؤلاء، كيف بات حال المرأة فيها؟ وما هي تفاصيل قصتها؟
    كما أشرت سابقاً كان الغربيون ينظرون إلى المرأة على أنها شيطان ورجس، وأنه ليس لها روح، وكان كثير من القديسين -كما يسمون- يقول: إن الشيطان ظهر له في صورة امرأة، ودعاه إلى ترك الدين -أو ما أشبه ذلك- فكانت المرأة عندهم رمزاً للرجس ورمزاً للرذيلة، ولأن المرأة -كما تقول التوراة المحرفة التي كتبوها بأيديهم- هي التي أغرت الرجل -أي آدم- بارتكاب الخطيئة والأكل من الشجرة.
    وعندما قامت الثورة الفرنسية مطالبةً بما أسموه (حقوق الإنسان) و(حرية الإنسان) حصلت المرأة على ما يمكن أن نعتبره اعترافاً بأنها إنسان، وبأن لها روحاً، وبأنها بشر، وأخذ المفكرون والأدباء يدعون إلى ذلك، وإن كانت دعوتهم تتلبس بالرذيلة والكلام عن البغايا، والرأفة بهن والشفقة عليهن، وتتحدث عن الراهبات وأنهن منافقات وأنهن يزنين في السر... وما أشبه ذلك.
    لكنهم على أية حال بدءوا في أوروبا يعترفون أن للمرأة روحاً، وأنها إنسان وليست بشيطان.
    ثم جاءت الثورة الصناعية، وهي التحول الاجتماعي الكبير الذي حدث في أوروبا نتيجة الانتقال من الإقطاع إلى الصناعة، وعندها اضطهدت المرأة اضطهاداً شنيعاً -كما في التاريخ الأوروبي- فكانت المرأة الأوروبية تعمل في مناجم الفحم تحت الأرض لمدة ثماني عشرة ساعة في اليوم، وتجر العربات المحملة بالفحم كالحيوان لتصعد بها إلى أعلى المنجم، وكانت تمتهن أعمالاً شاقة جداً ولا سيما مع الحروب والفتن التي تؤدي بالمرأة إلى أن تحتاج ولا تجد من يعولها ولا من ينفق عليها.
    فحينئذ قامت حركات في الغرب تنادي بأن تتحرر المرأة، وأن تتعادل في الأجر مع الرجل، وأن تساوى به في الحقوق؛ لأنها كانت فعلاً مهضومة.
    واستمر الحال، وجاءت الحربان العالميتان فزاد الأمر سوءاً؛ لأن الملايين من الشباب والآباء قتلوا، وصار عدد النساء كبيراً مقارنة بعدد الرجال في تلك المجتمعات، واضطرت المرأة للعمل في شتى المجالات لتعول نفسها وأسرتها.
    والقوانين الأوروبية -كالفرنسية والإنجليزية وغيرها- لا تسمح للمرأة بالتملك إلى هذا اليوم، كما يخطر على المرأة في بعض دول الغرب أن تتقلد المناصب العليا في الدولة، وإلى هذا اليوم والمرأة لا تستطيع أن تملك رصيداً مالياً باسمها، ومن المفارقات العجيبة أن جريدة سعودية نشرت خبراً مفادة: أن امرأةً سعودية حصلت على ميراث بلغ الملايين فأنشأت مصنعاً، فقالت إحدى الكاتبات -وهي من دعاة التحرر- معلقة على هذا الخبر: هذه فرصة عظيمة للمرأة السعودية أنها بدأت تملك شيئاً، وأنه يجب عليها أن توظف النساء في هذا المصنع.
    سبحان الله! أغريب في الدين الإسلامي أن تملك المرأة مصنعاً!! لو أن رجلاً توفي وعنده ثلاثة مصانع، وله ولد وبنت فكيف نقسم التركة؟ البنت تأخذ مصنعاً والولد يأخذ مصنعين؛ لأنه منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ومنذ نزول آيات الميراث والتركة تقسم وفق قاعدة (للذكر مثل حظ الأنثيين)، فما هو العجيب؟! تقول الكاتبة: من العجيب أن امرأة سعودية تمتلك مصنعاً، فمن اللازم أن يكون العاملون فيه من النساء.. سبحان الله؟! من أين جاء هذا اللزوم؟!
    وهذا الفكر المنحرف ناتج عن نظرة هؤلاء بعين الغرب حتى إلى بلادهم التي تنعم فيها المرأة -ولله الحمد- بما لا تحلم به أي امرأة في الدنيا.
    المرأة الأوروبية تريد أن يعترف بها كإنسان -كما قلت- وأن تعطى حرية التملك، وأن يعترف لها ببعض الحقوق، إلا أنها لا تستطيع أن تحصل على ذلك.
    فالمرأة هنالك إذا بلغت الثامنة عشرة تطرد من البيت، ولا تعيش مع الأسرة، وتذهب لتنفق على نفسها بأي وسيلة من الوسائل، وهي في أي بلد من بلدان العالم إما أن تكدح وتحمي نفسها من الابتزاز، وتنفق على نفسها، أو تبذل شرفها وعرضها من أجل لقمة العيش؛ وهذا أمر عادي جداً في العالم الغربي؛ ولهذا رأى كثير من الناس المظالم التي تنزل بالمرأة فقالوا: لماذا تبقى المرأة هكذا؟! لماذا هذا التعصب والعنصرية من الرجال ضد النساء؟! وهو تعصب واضح... لماذا لا تساوى المرأة بالرجل في الأجور؟
    1. واقع الجمعيات النسائية في الغرب

      صدر قرار في الولايات المتحدة الأمريكية في فترة الستينات بأن الرجل والمرأة إذا كانا يعملان في مكان واحد وفي عمل واحد، فيجب أن يكون أجر المرأة مساوياً لأجرة الرجل.. ما شاء الله! الآن تذكرت أرقى دولة في العالم أن نفس العمل ونفس الوظيفة ونفس الشهادة، لابد أن يكون لها نفس الأجر.
      إذاً: هم يطالبون بالتحرر لأن واقعهم هكذا، ومع ذلك فمنذ ذلك الحين لم يطبق هذا القرار، فالشركة التي تريد أن تبتز المرأة تجعلها تكتب إقراراً على نفسها بأنها تقبض مثل الرجل وفي نفس الوقت نكتب إقراراً آخر بأنها لا تقبض إلا أقل من الرجل، وأنها تتعهد بألا تطالب الحكومة بأي حقوق، وأنها لن ترفع دعوى ضد الشركة، وهذا هو المعمول به.
      وليست هذه المظالم الكبيرة التي تنزل بالمرأة الغربية لأنها امرأة.. أنشئت الجمعيات النسائية، التي تطالب بحقوق المرأة بشكل جماعي؟
      والأحزاب السياسية في الغرب تستغل قضايا المرأة للفوز في الانتخابات، فإذا أراد حزب الأحرار أن يفوز في الانتخابات قال: إذا فزنا في الانتخابات فسنعطي المرأة كذا وكذا، فتصوت معه النساء، فإذا كسب الانتخابات تنكر لقضايا المرأة وأصبح مثل حزب المحافظين، وكذلكم في فرنسا، وفي كل الدول يستغلون قضايا المرأة ليكسبوا الأصوات النسائية، فإذا حكموا تخلوا عما وعدوا به المرأة.
      فهذه الجمعيات لم تؤد دورها، لكن كما يقال: بدلاً من أن تبكي وحدك اذهب إلى مأتم... فبدلاً من أن تبكي المرأة وحدها فإنها تدخل مع النساء في جمعية نسائية، فيبكين معاً ويتسلين بالمطالبة بتلك الحقوق، ولكنهن لم يجنين إلى الآن فائدة من المطالبة.
      فالمرأة في الغرب مظلومة فعلاً، وحقوقها مهدرة، ولا تجد من يحميها، ففي أحد المؤتمرات ذكر كثير من المستشرقين أن الإسلام يظلم المرأة ويضطهدها، فقام الدكتور أحمد الشرباصي رحمه الله -راوي القصة- رافعاً يده حتى يرد على هذا الافتراء، فقاطعته امرأة كانت تشغل منصباً كبيراً في وزارة الثقافة الألمانية، فظن أنها تقاطعه لتؤكد ما ذهب إليه المتكلمون قبلها، إلا أنها ردت عليهم بقولها: أيها السادة! لماذا تنتقدون وتتهمون الإسلام لأنه يبيح تعدد الزوجات؟! ولماذا تنكرون عليه أنه يجعل المرأة زوجة رابعة؟! أنا أقبل أن أكون الزوجة الرابعة والثلاثين؛ بشرط أن أجد رجلاً يحميني من اللصوص ويؤويني إذا كبرت وعجزت عن إعانة نفسي.
      فهذه هي المرأة الغربية التي يريدون للمرأة المسلمة أن تقتدي بها وأن تكون مثلها.
      لكن الحركة النسائية الغربية دخلها الهدامون أيضاً، وأخذوا يقولون: نطالب بالمساواة في الأجور.. ثم قالوا: نطالب بالمساواة في الحقوق.. حتى بلغ بهم الأمر إلى المطالبة بحرية الإجهاض، وبمنع الزواج.. سبحان الله! أيعدون هذا من حقوق المرأة؟! ولهذا ظهرت حركات مضادة للحركة النسائية، تدعو إلى سيطرة الرجل، وإلى دوام تسلطه على المرأة، وأن المرأة لا يصح أن تولى أي شيء، ولا يصح أن تملك أي شيء، واستمر الصراع بين الحركة النسائية والحركة النسائية المضادة، والكل لا شريعة لديه ولا وحي يهتدي به، وكثرة الصراعات والآراء، وخرجت مظاهرات تقوم لصالح المرأة، إلا أنها لا نتيجة لها، وخرجت مقابل ذلك مظاهرات تقوم ضد المرأة يعمل الهدامون من ورائها، حتى أصبحت النساء يطالبن بالعودة إلى البيت، ويطالبن بأن يرجع إليهن شيء من كرامتهن التي كن يتمتعن بها في عصور الإقطاع، وأصبحن يترحمن على عصور الإقطاع القديمة؛ لأنهن الآن يعشن إقطاعاً من نوع بغيض كريه في ظل الحضارة الرأسمالية الغربية.
      أما الدول الشيوعية فحدث ولا حرج عما تعانيه المرأة هناك من تسلط وظلم.
      إذاً: لا عدل ولا رحمة ولا إنسانية إلا في شرع الله سبحانه وتعالى دينه.
      وإن مما يجب أن نتحدث عنه هو: ماذا يريدون من إخراج المرأة المسلمة من بيتها ونزعها لحجابها؟ وما هي الأهداف التي يخطط لها دعاة ما يسمى بالتحرر؟
  6. تمرد المرأة على وظيفة الأمومة ونتائج ذلك

    1. انقراض الأمم... المجتمع الغربي نموذجاً

      إن الغرب -أوروبا وأمريكا - يجد نفسه يتحول يوماً بعد يوم إلى أقلية بالنسبة لدول العالم، وإن الشيء الوحيد الذي يملكه الغرب الآن ويتفوق فيه على جميع شعوب العالم -وبه يمتلك الدنيا أو معظمها- هو التقدم والتفوق التكنولوجي المادي، إلا أن هذا التفوق في التكنولوجيا بدأ ينافس الغربيين فيه كل من اليابان وكوريا وبعض الدول، وفي الإمكان أن تتفوق عليهم، لكن الشيء الأساس في التفوق هو التفوق الإنساني.
      ولقد أدرك الغرب أن التفوق الإنساني أهم من التفوق المادي، كما أدرك الغرب أنه إذا بقي الحال على ما هو عليه الآن فإن الإحصائيات التي نشرت مؤخراً تشير إلى أنه بحلول عام ألفين يصبح عدد سكان مصر أكثر من مائة مليوناً، وعدد سكان إندونيسيا أكثر من مائتين وعشرين مليون، وبمعنى آخر: يصبح عدد سكان مصر وإندونيسيا موازٍ لعدد سكان أوروبا أو الولايات المتحدة الأمريكية، وهذا شيء مفزع جداً بالنسبة لهم، وهذا عدد سكان دولتين مسلمتين فقط؛ فما بالك بالدول الأخرى؟!
      إذاً سيتحول الغرب إلى أقلية بالتدرج، فوجدوا بدراسات إحصائية مستفيضة أن عدد الوفيات في بريطانيا وإيطاليا وألمانيا وفرنسا وأكثر دول أوروبا أكثر من عدد المواليد، وبدراسة هذه الظاهرة وجدوا أن السبب في ذلك هو تأخر سن الزواج، والذي ينشأ عن خروج المرأة للعمل.
      إن خروج المرأة للعمل يترتب عليه أنها لا تتزوج، وبالتالي فإنها ستنفق راتبها في الزينة، وفي التهتك، وفي أماكن اللهو الرخيص، كما أنها لن تتحمل أعباء الحمل والوحم والولادة ومشاكل البيت، ولو تزوجت فنسبة الطلاق في ارتفاع مذهل في الدول الأوروبية وأصبح العزوف عن الزواج ظاهرة متفشية... ولماذا يتحملون تكاليف الزواج مع وجود ما يسمونه (الحرية الجنسية)؟!
      ونتيجة لذلك لم يعد هناك لدى الأمة مواليد بقدر الوفيات، ومع الزمن تشيخ الأمة وتهرم، وتموت بعد ذلك وتفنى.
      إذاً: نهاية الغرب في أحد جوانبها مرتبطة بعدد السكان، ولهذا حرصوا على هدم المجتمع المسلم، وانظروا إلى مصر بالذات لأنها تشكل ثقلاً بشرياً كبيراً بالنسبة للعالم الإسلامي، ولمجاورتها لإسرائيل، فهم يحرصون أشد الحرص على إقناع المسلمين في مصر بأن يقللوا من عدد المواليد، ويقللوا من عدد أفراد الأسرة، بينما يشجعون الأقباط على الإنجاب ليصبحوا أكثرية، وفي الهند كذلك، وفي سيرلانكا سمعنا عن قوانين لتعقيم المسلمين إجبارياً حتى لا ينجبوا، وحتى لا يكثروا!
      كما أجريت في الاتحاد السوفييتي دراسة إحصائية، وجدوا على إثرها أن ثلث السكان من المسلمين، وأن نسبة توالدهم في ازدياد، حيث يمكن أن يصبحوا بعد مائة سنة ثلثي سكان الاتحاد السوفييتي، مما سينتج عنه في حال سقوط الحكم الشيوعي نشوء دولة إسلامية وفق هذا التوزيع السكاني.
      هذه قضية مهمة يغفل عنها دعاة تحرير المرأة عندنا في بلاد الإسلام -مع الأسف- ولا يبالون بها لأنهم منساقون وراء أعداء الله..
      في ألمانيا خصصت الحكومة خمسين ماركاً للمولود الأول، كمنحة وإعانة شهرية، وللثاني سبعين، وللثالث مائة وعشرين، من أجل أن يكثر عدد الأطفال، إلا أنهم لاحظوا أن الذي استفاد من هذا القانون هم المسلمون الأتراك -إذ يبلغ تعدادهم مليوني نسمة تقريباً يعملون في ألمانيا- فأدى ذلك إلى أن زادت معدلات المواليد لدى الأتراك، بينما بقيت على حالها عند الألمان من أصل أوروبي، ومثل هذا مشكلة جديدة للحكومة الألمانية.
      وفي فرنسا كان الحال كذلك؛ إذ أن فرنسا تستقبل المهاجرين من شمال أفريقيا وهم من المسلمين أيضاً، والمسلم أينما حل يحرص على الزواج، وإن ارتكب الحرام، لكن يبقى عنده همّ الزواج والحرص على تكوين أسرة.
      وعليه فقد استفاد المسلمون القادمون من المغرب شمال أفريقيا من تلك الإعانات، ولم يستفد منها الفرنسيون الأصليون إلا في الحدود الدنيا؛ وهكذا أصبحت هذه الظاهرة قضية مهمة تتحدث عنها الصحافة الغربية يومياً تقريباً، وقالوا: لابد أن نصدر هذا الوباء -وهو العزوف عن الزواج- إلى العالم الإسلامي أيضاً، وبالذات الدول التي أنعم الله تبارك وتعالى عليها بالثروة كدول الخليج، وهي تعتمد على العمالة الأجنبية، وتعتمد على الأيدي العاملة المستقدمة، فهذه الدول -وهي أقرب المجتمعات إلى الفطرة- لو حرصت على زيادة الكثافة السكانية من أبنائها لاستغنت عن استقدام أولئك العمال -ومنهم الكفار- ولكان لها بذلك قوة.
      لقد أدركت الأمم أن الإنسان هو المهم وليس الآلة، وأن الإنسان هو الأساس، والأمة الإسلامية وإن قل عددها، لكنها إذا تمسكت بدينها فهي التي تقيم الحضارات وتكون أعظم من أي أمة كافرة؛ لأن الأمريكي الذي يكتشف، والذي يطلق الصواريخ في الفضاء أو ما أشبه ذلك هو إنسان منحط أخلاقياً، فكم يقضي من عمره في شرب الخمر! وكم يقضي من عمره في الزنا!
      ونحن نعلم جميعاً أن المعاصي تضعف البدن، وتنهك الأمة، إلا أنه مع ما في أمريكا من المفاسد والمخدرات التي أقلقت المسئولين، فهي تخترع وتصنع، فكيف لو أن الأمة الإسلامية التي تحتفظ بعقلها وبقواها البدنية لأنها لا تزني، ولا تسرق، ولا تشرب الخمر، ولا تمارس الدعارة والفساد والمخدرات كيف لو أن هذه الأمة أخذت بالتكنولوجيا ولديها المال ثم زاد عدد سكانها؟!
      لن تغلب هذه الأمة أبداً..!
      وما يشتكى منه في الصحف كل يوم من زيادة نسبة العنوسة ومشكلة تأخر الزواج وما إلى ذلك... فإن جزءاً منه على الأقل هو مما يخطط له أعداء الله، ومما يريدونه.
      لقد جعلوا مناهج الفتيات كمناهج الأولاد سواءً بسواء، وأصبحت الفتاة إن أخذت الشهادة الجامعية كالرجل لا تجد من يريد أن يتزوجها؛ لأسباب عديدة تتكلم عنها الصحف كثيراً بشكل يومي ومستمر، وإن أخذت شهادةً ذات مستوى أقل تشعر أنها قد لا تتمكن من الحصول على العمل بتلك الشهادة.
      وكل ذلك نتج عن توحيد المناهج للبنين والبنات، وتلك هي المشكلة الخطيرة التي خطط لها أعداء الله حقيقةً، ويجب على الأمة الإسلامية أن تعيد النظر فيها.
      فلو كان للمرأة تعليم مستقل تماماً عن تعليم الرجال، ولم يربط مطلقاً بمسألة الوظيفة، لكانت الأمة بخير عظيم، ولتجنبت كل هذه الشرور والمفاسد.
    2. الاضطراب الاجتماعي والخلل الاقتصادي من نتائج عمل المرأة

      إن المرأة إذا انخرطت في ميادين العمل فإنها ستنافس الرجال في الوظائف، فإذا ما وفرت الدولة عشرة آلاف وظيفة مثلاً، وتخرج عشرة آلاف خريج وعشرة آلاف خريجة، فإنها ستعطي خمسة آلاف وظيفة لخمسة آلاف خريجة؛ مما ينتج عنه معاناة خمسة آلاف شاب من البطالة، فيتحولون بالتالي إلى مجرمين، ولصوص، ومدمني مخدرات، كما يظهر ذلك جلياً في الإحصائيات العالمية.
      كما أن المشكلة لن تتوقف عند هذا الحد، إذ أن الخمسة آلاف اللاتي توظفن ستحتاج الواحدة منهن إلى إجازة أثناء الحمل والولادة، كما أن المرأة تمر خلال الشهر بفترة الدورة الشهرية وتكون متوترة وعصبية؛ مما يؤدي إلى أن يكون الإنتاج قليلاً.
      ثانياً: إن تزوجت هذه الموظفة فستحتاج إلى خادمة -قد تكون كافرة- حتى تربي الأولاد وقد تحتاج إلى سائق، ثم ما بقي من الراتب -بعد أن تعطي الخادم والسائق والمربية- سوف يذهب إلى مشاغل الخياطة، وإلى دور الأزياء التي ترجع في النهاية إلى الشركات اليهودية، وأباطرة المال اليهود في العالم؛ لأنها مفتونة بالتزين، مفطورة على ذلك.
      ثم بعد سنوات إما أن تقدم على الاستقالة، أو تضيع الأسرة، أو يطلقها الزوج، وهذه تعد مصيبة أخرى ولو قال الزوج: يا زوجتي! أنت تعملين، والأطفال ضائعون، وأنا لا أريد الخادمة، وأريد أن أتزوج زوجة ثانية بالحلال؛ فإن الدنيا تقود ولا تقعد! تثور ثائرة المرأة على الزوج بالثانية ويؤيدها في ذلك رجال الصحافة والعلمانيون وأصحاب الفكر الغربي، وكأن مبدأ النصارى المنحرف أصبح هو مبدأنا -عياذاً بالله- حتى أصبحت إحداهن -عياذاً بالله- تفضل أن يذهب زوجها إلى أماكن الفساد -بانكوك، ومانيلا - على أن يتزوج عليها!
      كيف وصل بنا الحال إلى هذا الوضع المؤلم؟!
      فلو تزوج لانهار بناء العائلة، وتفككت الأسرة ولم تنجب الأمة الأطفال، كما أنها لو استقالت لعطلنا هذه الوظيفة، وعطلنا العمل الذي كانت فيه، فالمفاسد متحققة في هذه الأمر من كل ناحية.
      لكن لو أعطيت الوظيفة للخريج، وتزوج فتاة سواء أكانت خريجة أو غير ذلك، وبنى أسرة، فكان هو يعمل ويكدح خارج البيت، وهي في البيت تربي الأجيال، لاستقام الأمر، إذ هو أقدر منها على التصرف في المال بحكمة، ففي الجملة يكون الرجل أحسن تصرفاً في المال ولا سيما فيما يتعلق بالزينة وما يشتهية الإنسان مما لا يعد من حاجياته الأساسية.
    3. أيهما أهدى سبيلاً؟!

      في الاتحاد السوفييتي، تلك الدولة الشيوعية الكافرة الفاجرة، تعطى المرأة التي تنجب عشرة أطفال، سواء أكان من حلال أو من حرام -المهم أن تثبت أنها أنجبت من رحمها عشرة أطفال- تعطى وساماً تعلقه على صدرها، وتقدم لها تسهيلات في التنقل واستعمال وسائل المواصلات العامة، وتعطى شيئاً من الحصانة؛ لأنها استطاعت أن تنجب عشرة أطفال -طبعاً هذا يتعلق بغير المسلمات- سيصيرون إذا كبروا اشتراكيين عماليين.
      إذا جئنا إلى واقع المرأة من هذه الزاوية وأخذنا نموذجين وقارنا بينهما، فسنجد أن المرأة التي تتزوج وهي في الثامنة عشرة -وفي مجتمعنا كانت الفتاة تتزوج وهي في الخامسة عشرة على الأقل- إذا وصلت إلى الأربعين كم نتوقع أن يكون عندها من الأطفال؟
      في العادة في مجتمعنا هذا قد يصلون إلى ستة، فلنفرض أنهم خمسة فقط مع أن هذا معدل قليل جداً، ولنفترض أن الطفل الأول ولد وهي في سن الثامنة عشرة أو العشرين، فكم سيكون عمر الطفل الأول حين تبلغ هي الأربعين من عمرها؟ سيكون عمره عشرين سنة، أي: سيكون شاباً قوياً، والذي بعده سيكون قد بلغ ثماني عشرة سنة، أي أنه شاب قوي أيضاً، والذي بعده سيبلغ خمس عشرة سنة، وكذلك الحال إن كان المولود فتاةً، فالأبناء بصورة عامة سيكونون عندئذٍ في سن الزواج.
      إذاً: هذه الأمة بعد جيلين أو ثلاثة سيتضاعف عدد سكانها، وستكون أمةً شابة.. الشباب فيها متجدد.
      لكن لو أن المرأة توظفت وعملت ولم تتزوج -كما يقال أحياناً في زوايا المجلات- وفضلت العمل على الزواج -بئس الاختيار والله!- فكيف يكون حالها حين تكبر؟
      هذه المرأة حين تبلغ الأربعين من عمرها سوف تصبح عجوزاً، مجهدة، منهكة، محطمة نفسياً؛ لأنها لم تتزوج، ولن تستطيع أن تستمر في العمل لكبر السن وللعوامل النفسية والطبيعية والصحية... إلخ، ثم إنها قد لا تتزوج إلى الأبد، وإن تزوجت وهي في الأربعين فإنها ستقبل بأول طارق يطرق بابها طالباً الزواج بها.
      كما أنها خلال العشرين سنة التي أمضتها في الوظيفة لم تعط العطاء الصحيح أثناء العمل، ومع ذلك فهي هرمة.
      والأخرى تلك نجد نفسيتها أفضل، وصحتها أحسن، تعيش مطمئنة في ظل بيت وأسرة، وفي هذا البيت يوجد هؤلاء الشباب الذين تتراوح أعمارهم ما بين العشرين سنة والعشر سنوات...
      ولو نظرنا إلى النتيجة بالحسابات المادية المجردة، فأيهما تكون قد قدمت خدمة أفضل لأمتها؟ أهذه التي أنجبت هذا العدد من الشباب، أم تلك الهرمة التي لا تملك شيئاً إلا نفسيةً محطمةً تفرزها على المجتمع نقمةً وسخطاً وكآبة ومطالبات لأمور لا يحق لها أن تطالب بها؟
      أقول: من هذا المثال يتبين لنا أن الأمة كلها لو سارت على نهج الإسلام، وتزوجت الفتيات في سن الزواج، وانصرفن إلى الوظيفة العظمى التي خلقن لها وهي الأمومة وما يتعلق بها، وكان العمل بالنسبة لهن محدوداً في الميادين الخاصة بالمرأة، ومحكوماً بالأسس والأحكام الشرعية الواضحة التفصيلية، وترك المجال للشباب، فإن حال هذه الأمة سيكون أفضل.
      وبالمقابل: لو أن الأمة انساقت وراء هؤلاء الهدامين، وفضلت نساؤها العمل على الزواج، وتركن إنجاب الأطفال، وبقيت العمالة الوافدة بمفاسدها وبما فيها من شرور، لأصبحت هذه الأمة أمةً هرمةً.. أمةً لا تملك الشباب الذين يمثلون القوة التي تحرص كل أمة عليها.
  7. تكريم الإسلام للمرأة

    موضوع المرأة -وبالذات إذا أردنا أن نستعرضه من الناحية الواقعية موضوع طويل ومتشعب، وأحب أن أشير إلى مسألة مهمة جداً، وهي: أنه لا يوجد في ديننا ولا في مجتمعنا أيضاً -ولله الحمد- أي مظهر التمييز العنصري بين الرجل والمرأة. أما ما تعمد إليه بعض مؤسسات الصحافة وبعض وسائل الإعلام والمسلسلات الفاسدة التي تصور العلاقة بين الرجل والمرأة على أنها علاقة عداء، وتمييز عنصري بين الرجل وبين المرأة فيجب أن تقف عند حدها، ويجب أن نتنبه لها وأن نكون لها بالمرصاد. فليس في مجتمعنا -فضلاً عن ديننا والحمد لله- رجل عدو للمرأة، ولا امرأة عدوة للرجل، وهذه القضية إنما هي مستوردة من الغرب، فالغرب -كما أشرنا- هو الذي يعيش في هذا التمييز الشنيع بين الطبقة الأرستقراطية الغنية وبين الكادحين العمال، ويعيش في التناقض الشديد بين المرأة كجنس مستضعف وبين الرجل كجنس مسيطر، وبين شعوب تريد أن تسيطر على الشعوب الأخرى... بين أصحاب مهن يتصارعون من أجل الحصول على ما يريدون. المجتمعات الغربية هي التي تتفكك إلى تجمعات... للطلاب ضد المدرسين وضد إدارة الجامعة، وتجمعات للمدرسين ضد الطلاب وأحياناً ضد إدارة الجامعة.. تجمعات للشعب ضد الحكومة، وأحزاب حكومية ضد الشعب.. تجمعات نسائية ضد الرجل، وتجمعات رجالية ضد المرأة..! وهذا لا وجود له في ديننا، ولا يجوز أن يوجد في مجتمعنا، وهي في الأعم الأغلب لا وجود لها ولله الحمد.. في واقعنا في هذا البلد بالذات. ولو فقهنا واقعنا لعرفنا ماذا يراد من إثارة مثل هذه القضية، فعندما يقوم رجل ويطالب بحق المرأة زاعماً أن الرجل يظلمها، نقول له: قف يا أخي! قف إن كنت مؤمناً بالله واليوم الآخر! ماذا تقصد بالرجل الذي ظلم المرأة؟ أهو أبوها، أم أخوها، أم زوجها؟ من؟.. المرأة لا تتعامل في مجتمعنا إلا مع هؤلاء.. فإن كان أحد هؤلاء هو المقصود فليكن في علم كل من يدعو إلى هذه الدعوة أنه لن يكون أحرص على المرأة من أبيها أو أخيها.. لا نقول: إن الأب لا يخطئ على ابنته؛ لأن هذا قد يقع، ولا نقول: إن الأخ لا يظلم أخته؛ لأن هذا قد يقع، ولا نقول: إن الزوج لا يظلم زوجته؛ لأن هذا قد يقع، لكن من المحال أن يكون ذاك الكاتب البعيد -الذي ربما لم يعرف الزواج أصلاً- أشفق وأرأف بالبنت من أبيها. ثم إن كان هناك شيء من هذه المظالم، فإن للظلم في ديننا ما يرفعه وجوباً، فالقاضي في شريعتنا يتولى أمر الفتاة إذا ظلمها أبوها، أو إذا لم يكن هناك من له عليها ولاية شرعية غيره، فلا حاجة إلى تكتلات، ولا تجمعات، ولا مطالبات صحفية، فالمرأة بنفسها تتقدم إلى القاضي، فيقوم بنزع الولاية عن أبيها يعطيها لأقرب ولي لها، وإن لم يكن فللقاضي أن يزوجها، ولا يرضى أن يقع الظلم عليها. ولا يمكن في المجتمع المسلم أن تخرج المرأة لتتكفف الناس وتسألهم من الحاجة، ولو أدى الأمر إلى أن يؤخذ نصيب من أموال الأغنياء لتعطى في حالات الضرورة، وعلى ما في مجتمعنا من أخطاء ومعاصٍ نحن نعيشها -نسأل الله أن يغفرها لنا- إلا أنه لا يقبل أن تهان المرأة، فلا يوجد تكريم للمرأة كما في هذا المجتمع، فالرجل البدوي جافي الطبع يحسن إلى زوجته ويكرمها ويصونها، وينزلها في مكان محترم يراه، وإذا ما عرضت حاجة لرجل وكان معه نساؤه فإنه يقدم على من سواه في قضاء حاجته، ورجل المرور إذا رأى صاحب العائلة يفسح له المجال ويراعيه، وهذه أمور لسنا مأمورين بها من جهة نظام أو قانون كما في الغرب، بل إنه -والحمد لله- تنبع منا عادات طيبة أصلها الدين، فالمرأة عندنا عرض محترم وغالٍ جداً. فنحن ننزل المرأة هذه المنزلة بأمر من شرعنا الحنيف، ومع ذلك يأتي هؤلاء ويزعمون أنهم بهذه المطالبات يريدون أن تكون المرأة المسلمة حرة كالمرأة الغربية.
  8. الإشادة برئاسة تعليم البنات وبهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

    أقول لإخواننا الصحفيين بالذات ولكل من تهمه الأمر واتقوا الله تعالى، فأنتم في صحفكم تدأبون على أن تتحدثوا وتتفاخروا بما حققته البلاد من إنجازات مادية وتقدم هائل، ولا شك أن هذا التقدم كبير وعظيم إذا ما قيس بما كنا فيه من قبل، فنحن في نعمة عظيمة من الله، فلدينا المصانع والمدارس والتطور المادي العظيم، ولكنكم حين تتحدثون عن تلك الإنجازات فإنكم تتجاهلون إدارتين هامتين: الأولى هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والثانية: رئاسة تعليم البنات.
    ولعل الحقيقة التي يجب أن يقر بها رجال الإعلام وغيرهم، أن مما يميزنا عن جميع دول العالم أن لدينا هيئة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ورئاسة لتعليم البنات، ورجال الهيئة هؤلاء هم الذين يمثلون صمام أمان -بإذن الله عز وجل- لمجتمعنا على قلة الإمكانيات والجهود، فبدلاً من أن تكون هذه الهيئة مفخرةً نفخر بها وبجهودها، ونطالب بدعمها وإتاحة الإمكانيات لها، والتعاون معها في القضاء على الرذيلة والجريمة والاختلال والفساد، بدلاً من ذلك كله لا نكاد نذكرها إلا على سبيل الذم اتهام رجالها بالقسوة والعنف، وإن ما يحصل من قسوة في مؤسسات أخرى بطبيعة البشر والاحتكاك البشري يكون أضعاف ما يحدث من قبل رجال هذه الهيئة، إلا أنه لا يوجد من يتناول تلك الموضوعات، ويصدر الاتهامات كما هو الحال مع الهيئة ورجالها.
    أما الإدارة الثانية فهي رئاسة تعليم البنات -وهذا موضوع الشاهد- فقد كان يرأسها سماحة الشيخ العلامة الإمام الداعية المجدد محمد بن إبراهيم رحمة الله عليه، والذي قرر أنه لا يمكن أن يتولاها أبداً إلا من كان عالماً وقاضياً، لكي تبقى حصينةً وأمينة بإذن الله، أي أن الحصانة القضائية والحصانة العلمية هي التي تتولى هذا الجهاز المهم الذي هو أعجوبة -ولا نقول معجزة- ولقد حققت هذه الهيئة شبه اكتفاء ذاتي في الكادر التعليمي، وأصبحت المرأة السعودية تتعلم وتعلم، وأصبحت أنوذجاً فريداً في العالم، ولا أقول: ليس خطأ، بل هناك أخطاء في المناهج، وذلك في مشابتها لمناهج الرجال، وفي غير ذلك، لكن الذي أريد أن أقوله: إننا نفتخر بما هو دون ذلك بدرجات، ولا يفتخر بهذا الجهاز الفريد الذي لا يوجد له نظير في العالم، والذي استطاع أن يثبت أننا بلد يستطيع أن يواكب العصر وأن يحافظ على الدين، وأن بإمكان أي أمة صادقة أن تجمع بين عقيدتها ودينها وبين أن تتنعم بما أنعم الله به عليها من الحضارة ومن الوسائل المادية وأسباب الرفاهية والتقدم في جميع المجالات، فأين الحديث عن هذه الناحية؟!
    لماذا نتكلم باستحياء عن هذه الظاهرة، بينما نجد من يتكلم عن إنشاء مسرح سعودي في المستقبل، وعن مشاركة المرأة السعودية في الفن التشكيلي وغير ذلك، وإن كان كل ذلك على سبيل التمني، إلا أن هناك من يتناول هذه الموضوعات مفتخراً بإمكانية تحقيقها في مجتمعنا، ولو فعلنا تلك الأمور لكان خزياً وعاراً لا فخاراً -ويترك في ذات الوقت الحديث عن المفخرة الحقيقة المتمثلة في وجود هذا الإطار النسائي المستقل عن تدخل الرجال فيه، فأين الذين يدّعون الوطنية ويفاخرون ببلادهم وبإنجازاتها؟! لماذا لا يذكرون هذه الظاهرة الفريدة؟! ولماذا لا يعرضونها في صورة مشرقة على دول العالم العربي والإسلامي والغربي ليقال للناس: لو التزمتم بأحكام الله لأمكن أن تعلموا المرأة وأن تنال كرامتها في إطار لا علاقة له بالاختلاط من قريب ولا بعيد؟!
    إن الأمة قد يتواجد فيها دعاة إلى الشر بالرغم من واقعها الخير، وعلى النقيض من ذلك يمكن أن تكون الأمة في واقعها في شر بالرغم من وجود من يدعو إلى الخير، وقضية المرأة من أكثر القضايا المليئة بالتناقضات في مجتمعنا، فعلى الرغم من الدعوات المنادية بأن تكون حياة المجتمع وفق الأحكام الإسلامية، إلا أن بعض هذه الدعوات يتخللها المطالبة بتحقيق الكرامة للمرأة ومساواتها بالمرأة الغربية، وهذه تناقضات عجيبة لابد أن نعيد النظر فيها، وأن نتقي الله سبحانه وتعالى في كل أمر من الأمور، وأن نقف عند حكم الله ورسوله، يقول الله عز وجل: ((فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً))[النساء:65] ويقول: ((وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ))[الأحزاب:36] فيجب أن يكون التحاكم إلى ما جاء في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
    نسأل الله تعالى أن يجعلنا من المؤمنين الصادقين، المتقين المطيعين، ذكوراً وإناثاً، إنه سميع مجيب.
  9. الأسئلة

     المرفق    
    1. ارتداء الحجاب عبادة

       ارتداء الحجاب عبادة    
      السؤال: إن كثيراً من القادمين من البلدان الأخرى والذين تفشى الفساد في بلادهم يحاولون إقناع المرأة بأن الاختلاط ليس فيه ضرر، وأن التعود يذهب الشعور بالحساسية ما بين المرأة والرجل، وعلى هذا فإن التعود هو الأساس، فما رأيكم؟ الجواب: إن المرأة المسلمة لا تتحجب لأنها حساسة إذا قابلت الرجل، ولا لأن الرجل حساس إذا قابلها، ولا لأنها خجولة ولم تعتد محادثة الرجال، ولا لأي سبب من الأسباب التي يبرر بها هؤلاء هذه المقولة، ثم إذا بطل السبب بطل الحكم. فالمرأة المسلمة إنما تتحجب امتثالاً لأمر ربها عز وجل، وطاعةً له، واتباعاً لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أمر بذلك، فقد أمر الله تعالى به أمهات المؤمنين ومن بعدهن من باب أولى، فهي تفعل ذلك لأن الله أمر به، ولا وحي بعد وفاة محمد صلى الله عليه وسلم، فلم يأت عن الله خطاب للنساء بأن ما أمرتن به، وما فرض عليكن طيلة أربعة عشر قرناً أصبح اليوم حلالاً لأن الحساسية زالت..! ولا وجود في الكتاب ولا في السنة لذكر الحساسية ولا غيرها، وإنما هذا حكم أنزله الله، فمن كان يؤمن بالله واليوم الآخر ذكراً كان أو أنثى فعليه أن يكون ملتزماً بأمر الله متمسكاً به.
    2. حكم انشغال المرأة بالتدريس عن تربية أبنائها

       حكم انشغال المرأة بالتدريس عن تربية أبنائها    
      السؤال: ما حكم خروج المرأة للعمل في حقل التدريس، تاركةً أبناءها في تلك الفترة مع الخادمة، مع أن خروجها للعمل المقصد منه تعليم الفتيات أمور دينهن وتوعيتهن، فهي لا تجد طريقاً للدعوة إلى الله أهم من هذا؟
      الجواب: إن الوضع إذا لم يبن من أساسه على الحكم الصحيح فلابد أن تحدث مشكلات، وحينئذ قد تعالج جزئياً بحلول صحيحة، لكن لا يمكن أن تعالج كلياً إلا بأن يرجع الأمر من أصله إلى وضعه الشرعي الصحيح، فحين تخرج المرأة من بيتها ولو بغرض التعليم العام، ولتعلم بنات أو أولاد الآخرين -إن كان مثلاً في حضانة أو تمهيدي- وتترك أطفالها، فهذا ليس هو الوضع الشرعي الصحيح، هذه امرأة ذات مهنة وذات حرفة، لكن لو أن ذلك حدث في حالات فردية؛ كأن تكون امرأة لا عائل لأبنائها؛ فخرجت عند ذلك لتعلم صبايا وصبيان الآخرين لتعول أبناءها فلا بأس، لكن أن يصبح ذلك نظام الأمة فهذا ليس هو الأصل في ديننا.
      ثم بعد ذلك نبحث عن حلول قد تكون صحيحة وقد تكون خاطئة، لكن في ظل هذا الواقع فإننا ندعو هذه الأخت إلى أن تتقي الله ما استطاعت، وأن تبذل جهدها في الدعوة إلى الله، وأن يكون خروجها فعلاً للدعوة إلى الله، وأن تبذل النصح لهؤلاء البنات اللاتي يتعلمن منها.
      ثم في نفس الوقت {كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يعول} فهذه المرأة مسئولة في بيت زوجها كما صرح بذلك صلى الله عليه وسلم، وأطفالها هم المسئولية الأولى، ويجب أن تحرص عليهم فتعطيهم من وقتها -وإن كان في ذلك مشقة- ما تعلمهم به أمور دينهم، وتحرص على أن تكون المربية غير متبرجة ولا فاسقة، أما الكافرة فلا يجوز أصلاً أن تستقدم إلى بلاد المسلمين، فلابد أن تكون مربيةً مهذبة فاضلة، وإن كانت هذه المربية هي جدة الأطفال فذلك هو الأفضل والأولى، سواء أكانت جدتهم من جهة الأم أو الأب، المهم أن على المرأة أن تتقي الله وتضع الضوابط المناسبة لذلك، وكل إنسان أدرى بوضعه وببيته، حتى لا تضيع المرأة أبناءها في حين أنها تريد نفع أبناء الآخرين.
    3. حكم لبس البرقع

       حكم لبس البرقع    
      السؤال: ماذا ترون في التبرج الخفي، والمتمثل في لبس البرقع عند كثير من نساء المسلمين؟
      الجواب: المرأة الكاسية العارية التي جاء وصفها في الحديث {ونساء كاسيات عاريات} هي على عدة معان في الحديث، ولعل المعنى الأرجح: أن تكون المرأة كاسية متسترة متحجبة ولكنها ظاهرة العورة؛ إما لأن لباسها يشف، أو لأنه يصف، أو ما أشبه ذلك.
      فلبس هذا البرقع بعد أن كان عادةً -ولا سيما في البادية- صار هذه الأيام موضة؛ حيث تلبسه بعض النسوة بطريقة تلفت إليها الأنظار أكثر مما لو كانت سافرة، فتبدي شيئاً من شعر الرأس، وتبدي العينين كاملتين وما حولهما، وتبدي أيضاً أعالي الخدين بصورة فاتنة، فهذه تعد كاسية عارية، ولا يجوز أن يقر هذا الوضع من أولياء الأمور الذين يباشرون ذلك كالزوج أو الأب، ولا من أولياء الأمور عامةً الذين يجب عليهم أن يأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر، في المدارس، أو في الهيئات، أو في الشوارع، وما أشبه ذلك.
      هذا مما لا يجوز، وهو نوع من التبرج، وكل ما أدى إلى الفتنة فإنه لا يجوز.
      وعلى المرأة إذا خرجت لحاجة أو ضرورة ألا تخرج متطيبة، ولا تخرج إلا وهي في هيئة رثة لا تلفت النظر، ثم إذا قضت حاجتها فعليها أن تبادر بالرجوع إلى بيتها أما أن تلبس المرأة هذا الزي، وتخرج إلى الأسواق متعطرة خاضغة بالقول عند الرجال الأجانب، فإذا نصحت في ذلك قالت: أنا محجبة، أنا برقعي علي، لماذا لا تنظر إلى اللاتي لا يتحجبن؟! ليس هذا حجاباً، وليس هذا الدين بالهوى.
      فيجب على رجال الحسبة، وعلى الدعاة إلى الله، وعلى أولياء الأمور أن يتفطنوا إلى خطر هذا التبرج الخفي.
    4. حكم إظهار المرأة شعرها وذراعها لمحارمها وحكم تقبيل الأب لابنته

       حكم إظهار المرأة شعرها وذراعها لمحارمها وحكم تقبيل الأب لابنته    
      السؤال: هل يجوز للمرأة أن تكشف شعرها أو ذراعيها أو شيئاً من زينتها لأحد من أقاربها غير زوجها؟ وما حكم تقبيل المحرم للمرأة في خدها أو فمها، حيث أن كثيراً من الآباء والأجداد يصر على تقبيل البنت في فمها زاعماً أن هذا من حقه؟ الجواب: المرأة إذا كانت عند محارمها فلا بأس أن يظهر منها الوجه أو القدمان، ولكن المرأة المسلمة والأب والأخ أيضاً يجب أن يحافظوا على السياج الذي يحمي الأسرة عموماً، وإن لم يكن حراماً أن يرى الأب ذراعي ابنته أو ساقيها، ولكن أين الحياء من المرأة المسلمة ومن الأب المسلم ومن الأخ؟! وقد كانت مجتمعاتنا -في القريب- يستحي الرجل فيها أن يرى شعر أخته أو نحرها أو ساقها أو ذراعها. وهذا في الحقيقة مما تهاونا فيه، ولم يكن أصلاً من عادتنا.. فهو يؤدي في النهاية إلى أن يصبح الأمر عادياً بالنسبة لغير المحرم، بل وفي الشارع أيضاً. ونحن لا نقول: إنه يحرم على الرجل أن يرى ساق أخته أو ابنته، ولكن من باب الحياء والتعفف والأدب الذي يجب أن يكون سمة الأسرة عدم حصول ذلك. وأما التقبيل فلا بأس للرجل أن يقبل ابنته، ولكن لا ينبغي التقبيل في الفم خاصة -كما ذكرت السائلة- وإن كان بعض الناس قد يصر على ذلك سواء الرجال أو النساء، وهي من العادات التي لا تنبغي حقيقةً، وإنما لا بأس أن يقبل الرجل ابنته في خدها أو في جبهتها، أما الإخوة فالأولى ألا يفعلوا إلا في حدود ضيقة مثلاً إذا قدمت من سفر أو ما أشبه ذلك، وكلما ترفعت الأسرة وتسيجت بسياج الحياء والحشمة فهو أفضل، حتى من بعض ما قد يكون مباحاً كما أشرنا. أما أن يبتذل ذلك -كما هو الحاصل في بعض المناطق- فيصبح ابن العم وابن الخال و بعض الأقرباء يصافحون أو يقبلون، فهذه مصيبة كبرى ومنكر يجب التحذير منه، ويجب أن يقوم الجميع لمحاربته ولمنعه.
    5. خروج المرأة من بيتها بدون محرم

       خروج المرأة من بيتها بدون محرم    
      السؤال: أيهما أفضل: جلب سائقي سيارات لنقل المرأة إلى عملها، أم السماح لها بقيادة السيارة بنفسها والذهاب إلى عملها دون اختلاط؟
      الجواب: هذه القضية من جنس القضايا التي تنتج عن وضع غير شرعي نقع فيه ثم بعد ذلك نبحث له عن حل شرعي، فيقول بعضهم: الحل الشرعي هو أن يؤتى لها بسائق، ويقول الآخر: الحل الشرعي أن تقود السيارة بنفسها، والحقيقة لا هذا شرعي ولا هذا شرعي، بل الحل الشرعي أن تبقى في البيت، كيف نخرج عن دائرة الشرع، ثم نبحث عن حلول لمشاكل تنتج عن خروجنا هذا؟!
      إن خروج المرأة من البيت مع غير ذي محرم لا يجوز أصلاً، فلا داعي لأن نبحث مسألة المفاضلة بين قضية وجود السائق أو تعلم المرأة لقيادة السيارة، فكلاهما شر.
      أما إن كان السائق كافراً -ومع الأسف يقع ذلك كثيراً- فهناك عدة محاذير؛ أولها أن الكافر لا يجوز أن يستقدم إلى جزيرة العرب التي نص النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا يجتمع فيها دينان، فكيف نرضى أن نستقدم العمال الكفرة إلى بلادنا الطاهرة.. بلاد الإسلام والتوحيد؟!
      وأما ما يترتب على ذلك من الفتن والفساد فحدث ولا حرج، فبمجرد أن تركب المرأة مع السائق وتذهب معه تقع محاذير لا تحمد عقباها، ويجب ألا ينحصر تناولنا للمسألة في كونها مسألة خلوة أو ليست خلوة، فالواقع شيء وما قد نتحدث عنه أحياناً في الفتاوى المجردة شيء آخر، فإن من يغفل الواقع قد يقول: ليست خلوة؛ لأنهم في الشارع، وهناك زجاج في السيارة، فهي مكشوفة.
      ينبغي ألا نغفل الواقع ولا المغريات المصاحبة لخروج المرأة مع السائق.. واقع المسلسلات التي تثير الغرائز، والمجلات الهابطة، والأغاني الخليعة التي قد توجد في السيارة، والتلفزيون وأحياناً قد يكون في السيارة وما أشبه ذلك، مما يثير الشهوة، ويدفع إليها، ويحرض عليها، وما قد يصحب ذلك من كأن يذهبا إلى كفتيريا، أو يدخلا إلى مكان عام، وقد يتطور الأمر فيذهبا إلى بعض الأسواق، وفي أدوار علوية وما أشبه ذلك، أو يذهبا إلى بعض المنتزهات، وكل خطوة تؤدي إلى ما بعدها، حتى تقع المحاذير التي لم نحسب لها حساباً في أول الأمر، ولم تخطر لنا على بال.
      والسبب: هو أنها تركت أمر الله في بادئ الأمر، وخرجت مع هذا السائق الذي ليس لها بمحرم، من غير ضرورة ولا حاجة مؤقتة، بل أصبحت مسألة الخروج مع السائق عندها عادة لا تستطيع الانقطاع عنها.
      أما مسألة تعلم المرأة لقيادة السيارة فهذا قد أثاره بعض أعداء الله، وبعض المتآمرين على المرأة المسلمة في هذه البلاد، ولكن الله تعالى رد كيدهم في نحورهم، وهذا أمر يستحيل أن يطبق -والحمد لله- في هذه البلاد، ولن يرضى به أحد بإذن الله عز وجل، ولو دندنوا في الصحافة أو في غيرها ما دندنوا فلا يمكن أبداً أن يطبق هذا الأمر؛ لأننا بلد يجعل العرض فوق الوظيفة، وفوق الشهادة، وفوق المال، وفوق المنصب، ومهما ألهتنا الدنيا، ومهما استمتعنا في الدنيا بوسائل الترفه، فلن ننسى أبداً أن ديننا وعرضنا أغلى من كل متاع من متع هذه الحياة الدنيا ومن كل ما فيها من مناصب.
      وإن كان هناك أناس ليس لهم دين يردعهم، ولا أصل شريف يمنعهم عن هذا الأمر، فهؤلاء قلة شاذة، وبأي حال من الأحوال فلن يسمع كلام القلة ويترك ويضرب عرض الحائط برأي الأكثرية المؤمنة المتمسكة بالحق، فهذا الأمر لن يكون أبداً، والنقاش فيه نقاش بيزنطي لا معنى له ولا فائدة منه.
    6. ضابط التشبه بالكافرات

       ضابط التشبه بالكافرات    
      السؤال: نرى كثيراً من النساء المسلمات يتشبهن كثيراً بالنساء الكافرات في لباسهن وتسريح شعورهن، وإذا أنكر عليهن قلن: نحن لا نتشبه بالكافرات و إنما نقصد التجمل، وخاصة أننا لا نظهر بهذا التجمل إلا أمام النساء.. فما هو الضابط لهذه الأفعال؟ وما هو الحد الفاصل للتشبه من غيره؟ وجزاكم الله خيراً!
      الجواب: التشبه بالكفار رجالاً أو نساءً هو أن يُفعل ما هو من خصائصهم، وهذا يعني أن العادات البشرية العامة التي لا يختص بها قوم دون قوم، ولا دين دون دين، لا تدخل في باب التشبه.
      أما أن يعمد إلى ما هو من خصائص اليهود أو النصارى أو المجوس أو ما أشبههم فتفعله المرأة المسلمة فهذا تشبه، كما أن النية المصاحبة لهذا العمل يتوقف عليها ولو جزئياً الحكم على من قامت به، فمن نوت التشبه بكافرة رأتها في (فيلم) أو في مجلة فهي تأثم للتشبه، ومن تزينت لزوجها عفوياً بزينة أعجبتها لترضيه بها ولم تقصد التشبه فلا بأس، فالنية لها دور في ذلك.
      الأمر الآخر: أنه من العجيب فعلاً أن المرأة تكون في بيتها مع زوجها تفلة وفي ثياب المهنة، ثم إذا أرادت الخروج عند مثيلاتها من النساء تزينت وتجملت وتعطرت، ووقفت لساعة أو أكثر أمام المرآة، وقد تتحجب بعد ذلك، فإذا جلست مع النساء وكشفت عن زينتها، وإذا بها يرى عليها من المساحيق والأصباغ ما يعلم أنه نتيجة ساعة من الوقوف أمام المرآة وما أشبه ذلك.. لماذا؟!
      لماذا لا يتفق النساء جميعاً على أن يدعن هذا، ولا سيما أن الزينة إنما شرعت للزوج في البيت لا عند الخروج، وهذه أول مخالفة.
      والمخالفة الأخرى: أن المسلمات بمثل هذه الأعمال يهدرن الكثير من أوقاتهن وأموالهن.
      فهل الأمة المسلمة اليوم بحاجة إلى هذه الأصباغ حتى تهدر فيها الأموال والأوقات، أم أنها أمة في أمس الحاجة إلى دقيقة من العمر لاستغلالها في طاعة الله، والعمل لبناء هذه الأمة بناءً يغنيها عن الكفار؟
      إن الأمة بحاجة إلى هذا المال الذي يذهب إلى جيوب أباطرة اليهود والنصارى من أصحاب دور الأزياء، فعليك أيتها الأخت المسلمة أن تحافظي على هذا المال، لتجاهدي به.. ولتعيني به المجاهدين.. ولتبني به دوراً للمحتاجين والمعوزين.. ولتساعدي به الذين يريدون الزواج من الذكور أو الإناث.. لتنفقيه في الخير.
      كذلك فإن المفاخرة في اللباس، ومتابعة الأزياء يعد من تقليد الكافرات؛ لأن ظاهرة دور الأزياء هي في الأساس منقولة عن الدول الكافرة، ومتابعة هذه الدور يعد في الجملة تقليداً ومتابعة للكفار؛ والمرأة المسلمة عليها أن تضن بوقتها وبمالها عن أن تضيعه في مثل هذه الأمور.
    7. حكم اعتراض النساء على تعدد الزوجات

       حكم اعتراض النساء على تعدد الزوجات    
      السؤال: كثير من نسائنا هذه الأيام تأثرن بما يبث في وسائل الإعلام فيما يتعلق بمسألة تعدد الزوجات، حتى إن بعض النساء ينظرن إليها أنها جريمة يرتكبها الرجال، فما هي نصيحتكم إلى تلك الفئة من النساء؟ الجواب: يجب علينا نحن سواء أكنا أزواجاً أو آباءً أو إخوةً أن نوصي أخواتنا وزوجاتنا وأمهاتنا أيضاً ومن نستطيع من المسلمات أن يتقين الله عز وجل، وأن يحذرن من دعاة الضلالة.. الدعاة إلى أبواب جهنم.. في وسائل الإعلام أو غيرها، وأن يتجنبن سخط الله عز وجل بعدم الاعتراض على أحكامه، سواءً المتعلقة منها بالحجاب أو بتعدد الزوجات، أو بأي حكم شرعه الله؛ لأن الاعتراض على حكم من أحكام الله سبحانه وتعالى كفر -عافانا الله وإياكم- والواجب على المسلم أن يسلم لحكم الله سبحانه وتعالى، وتنقاد له نفسه، ويطيع أمر ربه عز وجل. وما كفر إبليس إلا بسبب الاعتراض على أمر الله عندما أمره بالسجود لآدم عليه السلام، فإذا أُمرت المرأة المسلمة بالتحجب فرفضت واعترضت، وقالت: لا يمكن. فهذا من الكفر -عياذاً بالله- إن كان رداً لأصل الحكم! أما التي تعترض على التعدد بدافع طبيعي، بدافع الغيرة.. أو لاعتقادها أن الزوج ليس بحاجة إلى زوجة أخرى، فهذه عليها أن تجاهد رغبتها ما أمكن. أما الاعتراض على أصل الحكم، وأن التعدد في ذاته غير جائر كما يكتب بعضهم في الصحف، وأنه لا يتناسب مع وضع المرأة في القرن العشرين، أو مع وضع المرأة العاملة أو المثقفة أو ما أشبه ذلك -يريدون أن يبطلوا حكماً شرعياً ثبت بنص القرآن الصريح، وبعمل النبي صلى الله عليه وسلم، وبتواتر الأمة أربعة عشر قرناً- فمن قال بذلك وهو عالم بثبوت الحكم الشرعي فإنه بذلك يكفر عياذاً بالله، فالأمر خطير ويجب أن نتنبه له جميعاً، وأن تكون الدعوة هي التي توجه المرأة المسلمة، وأعني بذلك الدعوة إلى الحق، فلا يكفي أن نتكلم عن الظلام، بل يجب أن يكون لنا دور إيجابي في نشر النور، وفي الدعوة إلى الحق بإذن الله.
    8. واجب الأم تجاه أبنائها الذين لا يصلون

       واجب الأم تجاه أبنائها الذين لا يصلون    
      السؤال: امرأة لها أولاد بالغون، والمشكلة أنهم لا يصلون الفريضة، غير أن والدهم يصلي، لكنه لا يصلي مع الجماعة، وقد نصحتهم كثيراً ولا تزال تنصح لهم ولن تيأس من رحمة الله، فهل يلحقها إثم في ذلك؟ وله لها أن تفارق زوجها بالرغم من أ نها قد أنجبت منه أكثر من عشرة أبناء، وما هي نصيحتك لها؟ الجواب: لا شك أن من ترك الصلاة عامداً متعمداً فقد كفر، سواء كان يقول: أنا أقر بوجوبها أو لا يقول ذلك؛ لأن الحكم الشرعي متعلق ومنوط بالترك كما هو معلوم من منطوق الحديث، فمن ترك الصلاة فقد كفر، والتربية مسئولية كبرى على الأم وعلى الأب وعلى المدرس وعلى المدير وعلى المجتمع بأكمله. وهذه الأخت تحتاج إلى أن يقوم زوجها بواجبه ليعينها حتى يصلي أبناؤها، كما يجب عليه هو أن يصلي جماعة، وأن يكون قدوةً لأبنائه، ويمكن لهذه المرأة أن تستعين بالأقارب الأخيار، فقد يكون لها أخ أو لزوجها إخوة أخيار صالحون يعينونها على نصيحة هذا الزوج وعلى نصيحة الأبناء. وعلى أية حال فليس عليها إلا أن تبذل وسعها ولا تيأس، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها. وأما ضياع هؤلاء الأبناء فلا شك أن المسئولية فيه تقع على عاتق الأب أولاً، ثم على المدرسين الذين يدرسونهم ثانياً، ثم الدعاة ثالثاً ثم المجتمع عموماً. وأنصح هذه المرأة ألا تفارق زوجها، بل تصبر عليه ما دام يصلي، وتحثه بكل وسيلة ممكنة على أن يصلي مع الجماعة، وهي حين تبقى ستنصح أبناءها ما أمكن، وستبعد عنهم الشر ما أمكن.. ونسأل الله تعالى أن يعينها ويعين كل ساعٍ إلى الخير.
    9. واجبنا نحو ما ينشر من فساد تجاه المرأة المسلمة

       واجبنا نحو ما ينشر من فساد تجاه المرأة المسلمة    
      السؤال: إن كثيراً من الصحف والمطبوعات التي تصل إلينا تدعو إلى تحرير المرأة في هذا البلد الطيب، هل من توضيح وتوعية للناس حول هذه القضية المهمة؟
      الجواب: إن المؤامرة على المرأة المسلمة أمر مخطط له، وقد حوصرت المرأة المسلمة في هذه البلاد؛ لأنها حيثما اتجهت لا تجد إلا ما يدعوها إلى الشر، فحين تغزونا الصحف الأجنبية، يقال: هذه صحف أجنبية، ولا نستطيع أن نمنع صور النساء فيها.
      هناك أمر ملكي بمنع صور النساء في الصحف السعودية، ومع ذلك قد ينتهك هذا الأمر أحياناً؛ لأن من لا يخاف الله عز وجل فلن يبالي بأوامر البشر.
      أيضاً هناك وسيلة خبيثة لجأ إليها أعداء الله, وهي: أنهم لما رأوا أن المرأة السعودية لا يمكن أن تدعى إلى ترك دينها وحجابها من داخل البلاد؛ لأن الأنظمة هنا تمنع مثل ذلك والحمد لله، أنشئوا صحافةً سعودية في الخارج، فهناك مجلات وصحف تصدر في الخارج، والمخاطب فيها هو المرأة السعودية، وعندما تقرؤها تشعر أن المقصود بهذه المجلة وبهذا الكلام والمخاطب هو المرأة السعودية، وإن كانت تصدر في باريس أو لندن أو قبرص أو أي بلد، وهذا من المكر والتخطيط؛ لأن هذا البلد يعد آخر معقل للإسلام، ولأنه المركز الذي منه تنطلق الصحوة الإسلامية بفضل الله عز وجل، وحول قيادته العلمية تلتف الصحوة الإسلامية في كل مكان بفضل الله عز وجل؛ ولهذا يريدون أن يهدموا هذه القلعة حتى لا تكون للإسلام قاعدة ينطلق منها.
      وإذا كانت الأفلام والمجلات والمفاسد كثيرة، فما الذي قدمناه نحن لمنع هذه المفاسد؟
      من منا زار رئيس تحرير إحدى الصحف التي فيها هذه الملاحق وكلمه بأسلوب علمي مقنع، وقال: هذا لا يجوز، وهذا مخالف لأمر الله أولاً، ثم لأمر ولي الأمر في هذه البلاد ثانياً، ووعظه وذكره بالله؟ ومن منا التقى بالمحرر الأدبي في هذه الملاحق، ونصحه وذكره بالله؟
      يجب أن نفعل ذلك، فلو أن هذا يتصل، وذاك يكتب، لوجدنا أثر ذلك على تلك الملاحق، ويجب أن يشارك الشباب من الذكور والإناث في الكتابة الهادفة الجيدة في هذه الصحف.
      قد يقول قائل: قد ترفض هذه الصحف نشر مقالاتي، فنقول: إذا رفضت فخذ المقالة واذهب إلى مدير التحرير وقل: لماذا رفضت مقالتي؟ ألأن ما فيها إسلامي؟! إن هذه الصحف تصدر من هذا البلد، وتعيش على أموال هذا البلد، فيجب أن يكون منهجها وطرحها موافقاً ومراعياً لخصوصية هذا البلد.
      ولكن بسبب إهمالنا نحن يأتي جاهل مهزوم فكرياً، وإنسان عاش في الغرب، فيطيش قلمه ويكتب ما يشاء فينعق معه الناعقون، ولو كان لأهل الحق وقفة، وهم -والحمد لله- الأقوى والأكثر، ومعهم -والحمد لله- النظام فضلاً عن أن دين الله عز وجل ونصره وتوفيقه معهم، لما انتشر هذا الشر الذي نراه قط.
      فيجب علينا نحن الدعاة وطلبة العلم أن يكون لنا دور إيجابي في إنكار هذه المنكرات، ونحرص أن نقدم لهم النصيحة، وأن نقدم لهم التوجيه، وأن نكتب محذرين من خطر هذه المؤامرة الشرسة، وهذا الحصار الذي يضرب على المرأة المسلمة في هذه البلاد الطاهرة، وهي والحمد لله أعف وأطهر المجتمعات في الدنيا، فلا يجوز لنا أن نترك هذا الكيان الكبير العظيم يتهدم أمام أعيننا، وأعداء الله ينخرون في بنائه ونحن لم نقدم البديل العملي.. فهل هذا ناتج عن عجزنا؟ لا والله. إن الأقلام المسلمة أكثر وأذكى من الأقلام غير المسلمة، ولكن هذا الأمر ناتج عن تهاونا.
      فلو أن كل واحد منا رصد ملحقاً من الملاحق، وبين ما فيه من الخطأ، ثم ذهب بنفسه إلى الجريدة وكلم المسئولين فيها وناقشهم، فسنرى نتيجة إيجابية بإذن الله، ولو استنكر عشرة أو خمسة منا -ولو بالهاتف- كل صورة خليعة، أو كل صورة فيها امرأة، لوجدنا أنها في اليوم الثاني لا تظهر؛ لأن النظام صارم، ويمنع نشر صورة امرأة في أي صحيفة ومجلة سعودية.
      أما المجلات غير السعودية فقد منع منها أكثر من عشرين مجلة خليعة والحمد لله، ولو كان هناك جهود وتعاون ونصيحة لمن يهمه الأمر في أجهزة الرقابة، فقد تمنع البقية إن شاء الله؛ وهذا ممكن، لكن بالأسلوب الحكيم، وبالدعوة إلى الله، وبالصبر على ما نلاقي في سبيل الدعوة إلى الله تبارك وتعالى.
    10. وجوب الصبر على تغيير العادات المخالفة لشرع الله

        وجوب الصبر على تغيير العادات المخالفة لشرع الله    
      السؤال: من العادات التي قد اعتدنا عليها في منطقتنا عادة الاختلاط بين الرجال والنساء، وعائلتنا مكونة من مائة وعشرين شخصاً يختلط فيها النساء مع الرجال، وقد اعتزلتهم لغرض هجرهم، مما جعلهم يقولون لي: إن هذا دين جديد! أرجو إرشادي في هذا الأمر ولكم جزيل الشكر.
      الجواب: لابد من الصبر، فهذا الدين ما قام إلا على الصبر، وحين بعث الله الأنبياء والرسل أمرهم بالصبر فتدرعوا به في سبيل تبليغ رسالتهم، فظفروا بما أرادوا، وقد قال الله تبارك وتعالى لعبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم: ((فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ))[القلم:48] لأنه لم يصبر عليه السلام، فلابد من الصبر؛ لأن هذا الدين لا يقوم إلا به.
      وعلى هذه الأخت أن تجتهد في أن تقيم دينها، وأن تتمسك بحجابها، وأن تصبر على الأذى، وأن تبذل النصيحة للآخرين، وكيف يتحول الناس من المنكر إلى المعروف إلا بهذه البداية، وبشخص يصبر ويتحمل المضايقات، ثم يتلوه آخر.. ثم ثان.. ثم ثالث.. ثم رابع.. حتى يعم الخير وينتشر؟! أما إذا تهاونا وتركنا هذا الأمر، فإنه لن تقوم للمعروف قائمة، وسيبقى المنكر هو السائد؛ فعليك أن تحتسبي عند الله ما تلاقين من الأذى، وأن تصبري وتجتهدي في الدعوة والنصح لهم.
      والصحوة الإسلامية أصبحت منتشرة في كل بيئة وفي كل مكان، وأرجو الله تعالى أن تصل إلى هذه الأسرة أو إلى هذه العائلة وإلى كل عائلة وبيت لترجع إلى ربها، وتثوب إلى رشدها، وتعلم مقدار وفداحة الخطأ الذي ارتكبته في أيام الغفلة عن الله سبحانه وتعالى، والتقليد لأعداء الله سبحانه وتعالى.
      ونسأل الله الهداية لهذه الأسرة ولجميع الأسر، إنه سميع مجيب.
    11. التحذير من الانشغال بكرة القدم

       التحذير من الانشغال بكرة القدم    
      السؤال: أنا شاب أشجع نادياً رياضياً، فإذا انهزم ذلك النادي لعنت النادي الذي هزمه، وهذا يصدر عني بدون قصد، فهل هذا حرام؟ أفيدوني جزاكم الله خيراً.
      الجواب: المشكلة هنا ليست هي اللعن فقط؛ بل المصيبة أنك جعلت ميلك القلبي -الذي هو أغلى ما عندك- مع الكرة، وهذا القلب الذي خلقه الله سبحانه وتعالى ليكون معموراً بمحبته، وبالتقرب إليه، وبمناجاته، وبصلته، وبمحبة الأنبياء والصالحين والمجاهدين والأخيار، والآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، ومتعبداً بمعاداة الكفار والمجرمين والعصاة والمفسدين، هذا القلب الذي خلق لكل ذلك، جئت أنت وجعلت محبته تدور مع اللهو واللعب، وجعلت عداوته تدور مع اللهو واللعب.
      فالخطأ الكبير الذي وقعت فيه -غفر الله لك- أنك جئت إلى أفضل عضو جعله الله لك، وفضلك به على كل المخلوقات -هذا القلب، وهذا العقل والفكر والذهن- فشغلته بغير ما خلق له، وإن من الظلم أن يوضع الشيء في غير موضعه.
      وأنت قد ظلمت نفسك ظلماً كبيراً حين جعلت محبتك وبغضك يدوران مع الكرة حيث دارت، ولا يدوران مع أمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، فأين محبة الله ورسوله؟ وأين الشاب المسلم من قوله صلى الله عليه وسلم: {لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن علمه ماذا عمل به}؟!
      فيا أخي إذا سئلت عن عمرك وعن شبابك وأجبت بأنك في التشجيع، فماذا تتوقع؟
      أتتوقع أن تفتح لك أبواب الجنة، وأن تستقبلك الملائكة؟!
      فكيف يكون هذا حال شبابنا، وكيف يقبل من أمة تحاصر وتحارب من كل جهة، ويكاد لها من كل جهة، وشيطانها من داخلها يؤزها، والموت ينتظرها وهو آتٍ وكل آتٍ قريب، وأمامها الصراط والقيامة، وأمامها هذه الأهوال، ثم تذهب لتشارك أمم الكفر والضياع -التي لا تعرف رباً ولا آخرةً ولا رسولاً ولا كتاباً ولا سنةً ولا قرآناً- ضياعها واستهتارها بأوقاتها.
      أين الاهتمام بالعمر؟!
      هل يدرك الشباب المسلم قيمة الزمن والعمر؟!
      وهل عرف أن هذه الدقائق المهدرة هي عمره الذي إذا مضى فإنه لا يعود إلى يوم القيامة.
      إن الذي يضيع الوقت في متابعة المباريات قد أضاع -والله- العمر الثمين في اللهو، بدل أن يعمره بذكر الله وطاعته أو ما ينفعه في دنياه، وهذا على خطر، فكيف بالذي يبلغ به الأمر إلى أن يلعن عياذاً بالله! مع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {ليس المؤمن باللعان} فهذا دليل على أن إيمان اللعان ضعيف.
      ونسأل الله الهداية لنا ولهذا الأخ ولكل مسلم، وأن نكون على بصيرة من أمرنا، وألا يشغلنا اللهو واللعب، ولهذا وصف الله تعالى الدنيا في آي من كتابه بأنها لهو ولعب، فالله المستعان!!
      إذا كان من المذموم في ديننا الاشتغال بالعمارات والقصور والشوارع والحدائق وما أشبه ذلك، وهي من المباحات، فكيف بالذي يشتغل باللهو الذي هو لهو في الحقيقة، كالكرة وسائر الألعاب التي تضيع العمر، وقد تشغل عن طاعة الله سبحانه وتعالى؟!
      فيجب على أمة القرآن وأمة الإسلام أن تترفع عن هذا العبث، وألا تنساق وراء المجرمين الذين يزينون لها ذلك ويجعلونه من باب الانتماء لفريق أو الانتماء للوطن، أو التقليد لأمم الكفر، فهذه الأمة جاءت لتقود الأمم، لا لتكون تابعة لها.
    12. الرد على من يجوز كشف الوجه والكفين للمرأة

        الرد على من يجوز كشف الوجه والكفين للمرأة    
      السؤال: كيف نرد على القائلين بضرورة كشف الوجه والكفين، حيث يأتون بأحاديث ونصوص نحسبها صحيحة، فأفدنا؟ ثم ما رأيك في انتشار ظاهرة استعمال الدائرة التلفزيونية أو ما يسمى بالحجاب الإلكتروني في التعليم والمحاضرات والأمسيات الأدبية والشعرية وجزاكم الله خيراً؟
      الجواب: أما ما يتعلق بمسألة كشف الوجه، فلابد أن ننظر أولاً إلى من يقول ذلك، فإن كان الذي قاله عالم تقي تحرى وبحث في الأدلة من الكتاب ومن السنة وخرج برأي: أن المرأة لا يجب عليها أن تغطي وجهها إلا عند الفتنة؛ لأن جميع المسلمين يقولون: إذا حصلت فتنة وجب على المرأة أن تغطي وجهها، فإن كان كذلك فهذا له جواب، وإن كان ممن يدعو إلى السفور.. لا يلتزم بأوامر الله في ذات نفسه، وقد لا يصلي ولا يطبق السنة، ثم يأتي ليكتب في الجرائد: كشف الوجه ليس بحرام.. فهذا الذي نصّب نفسه عالماً مفتياً -وليس فيه من سنة النبي صلى الله عليه وسلم شيء- كلامه مردود من أصله، وهو جزء من المؤامرة الشيطانية على المرأة المسلمة.
      أما الأول فجوابه هين، ونرد عليه بأن النصوص التي يوردها إما غير صحيحة وإما غير صريحة، فإن كانت غير صحيحة بينا له أنه لا يُحتج إلا بالصحيح، وإن كانت صحيحة لكنها غير صريحة فيجب أن يعلم أن كل نص قد يدل على عدم تغطية الوجه فهو قبل نزول الحجاب، وسورة الأحزاب ما نزلت إلا بعد غزوة الأحزاب -الخندق- وقبل ذلك كان المجتمع المسلم يتدرج في تطبيق أحكام هذا الدين بحسب نزولها شيئاً فشيئاً؛ ففي أول الإسلام كانت المرأة لا تغطي وجهها، فأي حديث ورد في عدم وجوب تغطية الوجه وكان صريحاً صحيحاً فهو متعلق بتلك المرحلة، ولا يمكن أن ننسى أبداً أن التواتر العملي في هذه المسألة موجود، فمنذ أربعة عشر قرناً والأمة الإسلامية تطبق الحجاب عملياً، ولم تكن أحكام الحجاب مجرد نص، بل كانت عملاً توارثته الأجيال، وتلقاه التابعون عن الصحابة، ثم أخذه أتباع التابعين... إلى هذا اليوم.
      فكيف يقال: كل هؤلاء كانوا متمسكين بشيء خطأ مهما قيل من النصوص؟!
      إن أول امرأة خرجت في مصر - ونزعت حجابها كانت امرأة محجبة تغطي وجهها، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن التمسك بالحجاب من المسلمات في المجتمع المسلم.
      ومما يدل على ذلك أن أمان الله خان ملك أفغانستان لمّا جعل زوجته تتبرج لم يلبث إلا يسيراً حتى سقط، وجاء كمال أتاتورك اليهودي وألغى الحجاب وفرض العلمانية في تركيا حتى يعزل المجتمع التركي عن العالم الإسلامي، ورغم ذلك فقد رجعت المرأة التركية للحجاب والحمد لله.
      إن أهل الغزل إذا ذكروا المرأة فإنهم إنما يبدءون بالوجه، وإذا جاء الخاطب لينظر إلى المرأة فإنما ينظر إلى الوجه والكفين، فإذا كان الخاطب يرى وجهها وكفيها في كل مكان، فما الحاجة إلى الحض على هذا النظر عند الخطبة؟! وإذا كان الله تعالى قد أباح للمحَرم أن يرى الوجه والكفين، فما الذي يمنحه عن سائر الرجال الأجانب؟! ولماذا قال الله تعالى: ((لا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ وَلا أَبْنَائِهِنَّ))[الأحزاب:55]؟! لماذا يخصص الآباء والأبناء وأبناء الإخوة ما دام كل الناس يرون الوجه والكفين؟!
      كيف نتجاهل هذه الأمور جميعها؟!
      ولا أريد أن أطيل في هذه المسألة؛ لأن كثيراً من العلماء والدعاة -والحمد لله- كتبوا وتكلموا في هذا الأمر، وخصصت كتب ومحاضرات لدحض شبهات هؤلاء، لكن أكتفي بالإشارة، وأؤكد على أن بداية المؤامرة تبدأ بالدعوة إلى كشف الوجه، ولا تنتهي إلا بأفلام ومسارح التعري والرقص المشين الخليع، وهكذا.
      أما فيما يخص الدائرة التلفزيونية، فإن المسألة يقع فيها شيء من الخلط. إنه يجب أن يكون هنالك جامعة أو أكثر للبنات، بحيث ينفصلن تماماً عن الرجال، وهذا هو الحق الذي يجب أن يكون.
      أما بالنسبة لكلية التربية للبنات فإن لها نظامها المستقل تماماً، فإذا وجدت دائرة تلفزيونية بحيث يبنى لها مبنى مستقل ويأتي الشيخ فيلقي المحاضرة في ذلك المبنى، ومن ثم تنقل عبر الدائرة إلى الصالات، فهذا لا بأس به إن شاء الله، على أن تكون بصفة مؤقتة ريثما تتخرج الخريجات اللاتي يقمن بالدور المطلوب في تدريس من يأتي بعدهن.
      وبالرغم من كل ما سبق فيجب ألا نغفل أن القضية مرجعها إلى الأصل، والأصل أن المرأة لا تخرج من بيتها إلا لحاجة أو ضرورة، وأن تعليمها يجب أن يختلف عن تعليم الرجل أيضاً.
      إلا أن هذا الأمر لا يجوز أن يكون ذريعة لإقامة أمسيات أدبية يشترك فيها الرجال والنساء، ولا يفصل بين الفريقين إلا قطعة قماش تنصب بينهما، ثم تقوم المرأة وتلقي قصيدتها، يرد عليها الرجل بحجة النقد الأدبي المجرد، وإذا قيل لهم في ذلك، قالوا: هذا شبيه بما في الجامعات، فنقول: ليس هناك وجه للمقارنة، فما يحصل في الجامعة -بالرغم من عدم إقراري عما فيه- له ضوابط وقواعد، بعكس هذه المحافل التي لا تدعو إليها ضرورة تعليمية أو غير ذلك.
      فعلينا أن نحارب مثل هذه الحوارات الأدبية الدخيلة على مجتمعنا، وندعو ولاة الأمر إلى منعها وعدم السماح بإقامتها.
    13. حكم اللباس القصير والشفاف للفتيات الصغيرات

       حكم اللباس القصير والشفاف للفتيات الصغيرات    
      السؤال: إن مما ابتلي به كثير من الناس -وقد خفي ضرره مع الأسف على كثير من الناس حتى على بعض من يعدون أنفسهم من الصالحين- ظاهرة اللباس القصير للفتيات الصغيرات من عمر سنة إلى سن الرابعة عشرة أو الخامسة عشرة، ويقولون: إنه ليس به بأس، رغم أن هذا يؤدي إلى تعويد الفتاة منذ الصغر على كشف العورة، فنأمل النصح للآباء والأمهات والإخوان في ذلك. الجواب: هذه من القضايا الخطيرة التي يعيشها المجتمع ولا يأبه لها كثير من الآباء، في المسجد الحرام وفي رمضان تجد الأم متسترة كلها وبرفقتها بانتها البالغة من العمر خمس سنوات أو أكثر، وهي تلبس آخر التقليعات الأمريكية والفرنسية.. فكيف يستساغ مثل هذا التناقض في مجتمعنا المسلم؟ وكيف تخرج الفتاة مع أبناء عمها ومع أبناء خالها، ومع الناس بهذا اللباس، خاصة في الأعياد والمناسبات، ويقال: ليس هناك بأس فهي ما زالت صغيرة، وإذا كبرت تحجبت. فإذا بها تقترب من العاشرة وما فوق ذلك وهي ما زالت على تلك الحال سبحان الله! لابد أن تربى الفتاة وكذلك الفتى على الأخلاق، وعلى الحشمة، ولا ينبغي أن يعد الحجاب عادة اجتماعية تتخذها الفتاة عند سن معينة، بل هو أمر ديني شرعي، يجب أن نحتاط له من الصغر، وأن تعلم الفتاة المسلمة قيمة وأهمية الحجاب، حتى يكون دافعها إلى ارتدائه الشوق والامتثال لأمر الله، لا التقليد والعمل بالعادات الاجتماعية. فالحقيقة أن التربية الإيمانية المتكاملة يجب أن تبدأ من الصغر، وشكر الله لمن نبه إلى ذلك وأرشد إليه.
    14. خيركم خيركم لأهله

        خيركم خيركم لأهله    
      السؤال: هناك كثير من الأزواج لا يحسنون إلى زوجاتهم، ويبقونهن داخل البيوت على مدار السنة، كما وأنهم لا يؤدون ما هلن عليهم من الحقوق، فما نصيحتكم لهؤلاء الأزواج؟
      الجواب: هناك فرق بين الحقوق وبين القرار في البيت، فلعلي أركز كلامي على القرار في البيت.
      أولاً: يجب على الأخت المسلمة أن تعلم أن قرارها في بيتها ليس تسلطاً من أحد، بل هو نعمة من الله عز وجل، وفضل وتكريم منه عز وجل لها، فعليها أن تحمد الله أنها لم تضطر إلى الخروج للعمل ومخالطة الناس، فبقاؤها في البيت هو الأصل، وإن كان الزوج ممن يرضى بزوجها، فالأفضل لها أن لا تخرج إلا لما يستدعي الخروج، فهذا شيء يجب أن تعلمه الأخت المسلمة، ولا تعترض على من يأمرها به.
      لكن لا يجوز للزوج أن يتعسف أيضاً فلا يخرجها -مطلقاً- إلى قريب أو إلى ذي رحم تزوره، ولا يصحبها إلى مكان لا اختلاط فيه، فيستحب في حقه أن يخرج بهم إلى مكان آمنٍ وبعيد عن أنظار الأجانب.
      وقد يقع من الرجل تقصير في حق أهله، وهذا لا ينبغي أن يقع لا منا ولا من غيرنا، بل الواجب أن نحسن إليهن، وأن نحاول بقدر الإمكان أن نوسع عليهن بوسائل الترفيه الصحيحة والسليمة، لكن لا يصل الأمر إلى حد أن يسمح لها بالخروج كما تشاء.
      أما ما قالته الأخت فيما يتعلق بالحقوق الأخرى، فإن الله تعالى جعل للرجل على المرأة حقوقاً، وجعل لها حقوقاً عليه في العِشرة، وفي الإنفاق، وفي الرحمة، وفي الرأفة فيما بينهما، فلابد أن يعطي كل ذي حق ما عليه من الحق للمقابل، ولابد أن نعلم جميعاً أن الله سبحانه وتعالى كما قال في الحديث القدسي: {يا عبادي! إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا} فلا يجوز للزوج أن يظلم الزوجة وهي عانية -أي: أسيرة لديه- وإنما هذه نعمة أنعم الله تعالى بها عليه، وجعلها من آياته سبحانه وتعالى التي يجب على الإنسان أن يذكرها ويتذكرها فيحسن إليها، وخيركم خيركم لأهله، وفي سيرة النبي صلى الله عليه وسلم خير مثال في حسن معاملته للزوجة، وللخادم، وفي رفقه بمن يعاشره صلى الله عليه وسلم.
      فيجب أن تكون سيرته صلى الله عليه وسلم هي القدوة التي نقتدي بها جميعاً.
    15. عقيدة جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده

       عقيدة جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده    
      السؤال: ذكرت في معرض كلامك جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده، وقد كثر الكلام حول المذكورين، فما رأيك فيهما من ناحية عقيدتهما؟ وهل لهما جهود في خدمة الإسلام أم لا؟
      الجواب: على كل حال نحن لا يهمنا الأشخاص بأعيانهم، فقد قدموا على ربهم وأفضوا إلى ما قدموا، ولكن عندما نتعرض إلى أي أثر سيئ لأي شخص فلا يجوز أن نكتمه مراعاة لذلك الشخص؛ لأن الحق عندنا فوق الرجال، ومن هنا قد نتعرض لسيرة بعض الناس بل لابد أن نبينه.
      أما الأفغاني فهو رجل رافضي تلبس بلباس السنة، وسمى نفسه الأفغاني رغم أنه إيراني الأصل، وهو رجل باطني يقول بوحدة الأديان، كما أنه عميل للسياسة الإنجليزية، وتلقن علومه في بلاطات ملوك أوروبا، فهو رجل -نستطيع أن نقول- لا صلة له بالإسلام.
      وأما الشيخ محمد عبده فإن لديه مواقف يُعرف منها الغيرة على الدين، والحرص على أوضاع المسلمين، ولكن هناك جوانب صريحة وقطعية في سيرته تدل على خلل في عقيدته، منها أنه تعلم اللغة الفرنسية ليعرف القوانين الفرنسية، ثم جاء بهذه القوانين الفرنسية وأقامها وطبقها بنفسه في مصر يوم أن كان رئيساً لمحكمة النقض ومفتياً للبلاد، وكان من دعاة خروج المرأة وسفورها، هذا لا شك فيه، وكان أيضاً في عقيدته أقرب إلى منهج المعتزلة وفي بعض الأمور إلى منهج الفلاسفة، ومن ذلك أنه يرجح أن البعث لا يكون بعثاً جسدياً، وإنما بعث وحشر روحي، وهذا ما حققه المحققون في دراستهم لتعليقه على الحاشية العضدية، وغير ذلك من الضلالات التي نسأل الله العفو والعافية.
      وعلى أي حال: إذا تعرضنا لأي أمر من أمور الدين والعقيدة، فلا مجاملة لأحد كائناً من كان، ولا ننظر إلى البشر، وإنما نراقب الخالق سبحانه وتعالى.
    16. إحياء شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

       إحياء شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر    
      السؤال: نرجوا بيان أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ لأن من الشباب المتمسك بدينه من يلاحظ وجود تقصير لديه في هذا الجانب. الجواب: ما من أحد منا إلا وهو يعلم أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. إلا أننا نشكو من وجود انفصام بين ما نتعلمه، وبين دعوتنا إلى ما تعلمناه على أرض الواقع، فطالب العلم -مثلاً- يعلم من الآيات والأحاديث وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لكن في ذات الوقت منشغل ذهنه بطلب العلم؛ فيحرص على طلب العلم، وحضور حلقات الخير، وفي أثناء ذهابه وإيابه يرى مكاناً تباع فيه أشرطة الغناء فلا يأمر ولا ينهى، ويرى مكاناً تباع فيه أشرطة الفيديو فلا يأمر ولا ينهى، ويمر في أثناء ذهابه لأداء الصلاة في المسجد، بتاركي الصلاة فلا يكاد يكلمهم.. شيء عجيب! أيصبح علمنا كعلم أحبار اليهود عياذاً بالله؟! لا يمكن لمن يعتقد العقيدة الصحيحة إلا أن يكون آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر، مجاهداً في سبيل الله بيده وقلمه ولسانه في كل ميدان بما يستطيع، إذا كان هناك شاب متمسك بالسنة، يتعلم العلم الشرعي، ولا ينكر المنكر، فليراجع نفسه في عقيدته، ولا أقول في سلوكه -لأن من مقتضيات العقيدة الصحيحة اللازمة إنكار المنكر حسب المستطاع، ونحن بفضل الله في مجتمع نستطيع أن ننكر فيه المنكر بوسائل كثيرة ومتعددة ومتنوعة قد تتعدى أحياناً اللسان إلى اليد في مواضع، فمدير المدرسة ينكر المنكر باليد في مدرسته، والأب ينكر المنكر باليد في البيت، والمسئول ينكر المنكر باليد في الشارع، وغير ذلك. هكذا يجب أن نحيي هذه الشعيرة العظيمة التي من الله بها علينا، وبها كنا خير أمة أخرجت للناس. فلا ينكر أن في طلبة العلم تقصيراً في هذا الجانب، وترك لهذا الأمر وكأنه خاص بهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والهيئة على ضعفها وقلة إمكانياتها تواجه تحديات من كل جانب، فإذا تُركت أبواب الشر مفتوحة فإنك مهما ربيت نفسك، فإن التيار سيجتاحك، فيجب أن يكون هناك سدود لمنع الشر والفساد، ويجب أن يكون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سمة ومنهجاً عملياً لكل مسلم.. في الطائرة.. في السيارة.. في الشارع.. في كل مكان بحسب الإمكان وبحسب الوقت والأحوال.
    17. معنى نقصان عقل المرأة ودينها

       معنى نقصان عقل المرأة ودينها    
      السؤال: كيف تكون المرأة ناقصة عقل ودين؟
      الجواب: الرسول صلى الله عليه وسلم الذي قال ذلك بينه في نفس الحديث، قال: {أما نقصان دينها فإنه يمر عليها الأيام لا تصوم ولا تصلي} فهي تقضي الصيام ولا تقضي الصلاة، وهذا هو المقصود من نقصان الدين عند المرأة.
      وأما نقصان العقل فإن شهادة المرأتين تعدل شهادة الرجل، وهذا ما بينه النبي صلى الله عليه وسلم.
      وما قد يقال عن التركيب العضوي للمرأة، وأنه يبين أن الجمجمة لدى المرأة أصغر منها لدى الرجل أو أن الجسد أصغر.. فهذه الحقيقة لا تهمنا في هذا الخصوص، ولا يهمنا أن يثبت أو لا يثبت، فليست هذه هي القضية، إنما القضية أن الله سبحانه وتعالى جعل هذا الكون يقوم على الزوجية، وهذه الزوجية بها ينتظم أمر هذا الكون؛ وقد قال تعالى: ((وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى * وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى))[الليل:1-2] ثم قال: ((وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى))[الليل:3] هذه إشارة إلى هذه الزوجية الموجودة؛ ليل نهار.. ظلام ونور.. عاطفة وعقل، فالمرأة ميزها الله سبحانه وتعالى عن الرجل بالعاطفة، وبهذه العاطفة تحيا الإنسانية، ولو أن الأمهات في قسوة قلوبهن كالآباء فلن تصلح الحياة، فمن نعمة الله عز وجل أن جعل المرأة تتحلى بالعاطفة مقابل عقل الرجل وحزمه.
      فهل نقول: إن العاطفة شر والعقل خير؟ لا. بل العاطفة خير، والعقل خير، وكل منهما زوج للآخر، تقوم بهما الحياة إذا كانت وفق ما شرعه الله سبحانه وتعالى.
      كما أن أحداً لا يقول: الليل أفضل من النهار، أو النهار أفضل من الليل، فلا مقارنة، فهذا فيه خير وذاك فيه خير.. هذا فيه مصلحة وذاك فيه مصلحة، وهكذا.
      إن ما في المرأة من نقص طبيعي جبلي خلقي، إنما جعل فيها لحكمة، وهو ميزة لها؛ فمن غير المعقول بل من الإجحاف والظلم أن تأتي وتختلق لها طبيعةً خلقية كالرجل.. ومن هنا كانت الإنسانية سعيدة بالمرأة وبالرجل، والله سبحانه وتعالى جعل هذا التمايز والتكامل أصل البشرية، فقال عز وجل: ((وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً))[النساء:1] فبقيت القاعدة الإنسانية تقوم على هذه الزوجية، فليس ذلك عيباً في ذاته أبداً، ولكن العيب يأتي من صاحب العاطفة أو صاحب العقل إذا استخدم عاطفته أو عقله في غير ما شرع الله، وبخلاف ما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
    18. واقع المرأة وما وصلت إليه من جهل هو تبعة الجميع

        واقع المرأة وما وصلت إليه من جهل هو تبعة الجميع    
      السؤال: ألا ترى أن لعلماء المسلمين الدور الأكبر فيما وصل إليه واقع المرأة اليوم، حيث إنهم لم ينشئوا المؤسسات الدعوية التي تتربى فيها المرأة، ولم يعدوا نساء لديهن القدر الكافي من العلم الشرعي، يلتقين بالنساء في بيوتهن أو في المسجد؟ ثم ألا تعد هذه الوسائل مما يعين على إصلاح النساء؟ وهل لنوادي الروتاري دور في إفساد المرأة؟
      الجواب: يجب أن نعلم أنه ليس من خُلق الأمة المسلمة ولا طلبة العلم الطعن في العلماء أو الحط من شأنهم، أو تحميل العلماء ما لا يطيقون.
      لكن إن قلت لي: إن هناك تقصيراً من الدعاة والعلماء وطلبة العلم في حق المرأة في الدعوة إلى الله في مجال المرأة، فنحن نسلم بذلك، فالتقصير حاصل في مجال المرأة وغير المرأة، لكن لا نقول: العلماء هم السبب. فالعلماء أوقاتهم محدودة، لكن من هم جنود العلماء إلا أنا وأنت، فإذا أنا وأنت قلنا: العلماء ما فعلوا شيئاً، فإننا نكون كمن يلقي التبعة على غيره وهو المسئول أيضاً عن ذلك، فالعلماء -وبالذات علماء هذه البلاد- لهم من الجهد والخير وإنكار المنكر الشيء الكثير.
      أما أن الأمة بجميعها مقصرة في جوانب فهذا حاصل، وعلى العلماء تبعة في ذلك، وأنا وأنت علينا التبعة الكبرى؛ لأننا نعيش الواقع أكثر من العلماء، ومشاغلنا أقل منهم، ويجب علينا أن يكون لنا دور في مجال الدعوة وغيرها، وأن توجد داعيات مخلصات صادقات في المنتديات النسائية الشرعية، مع مراعاة أوجه القصور والسعي في تقويمها، وهذا كله ضروري.
      أما نوادي الروتاري فهي نواد ماسونية، والماسونية تستغل المرأة وتدعو إلى هدم الأخلاق، ولا يخفى ذلك على أحد، ويكفي أن نقول: إن للماسونية الدور الأكبر والأخطر في هدم الفضيلة، ونشر الفساد، وإن صالون الأميرة نازلي -الذي أشرنا إليه- والذي انطلقت منه البذرة لما يسمى بتحرير المرأة كان من المنتديات الماسونية، وكان بعض أعضائه أعضاء في المنظمات الماسونية، ويشهدون المحافل الماسونية جهاراً، وأندية الروتاري وأمثالها هي مراكز لنشر الأفكار والعقائد الماسونية.
    19. الغربيون وحرصهم على إفساد المرأة المسلمة

       الغربيون وحرصهم على إفساد المرأة المسلمة    
      السؤال: نرى هذه الأيام اهتماماً كبيراً بأمور النساء وآرائهن، ومتابعة أخبارهن من قبل إعلاميين، واستيراد مجلات للمجتمع فيها إفساد للمرأة، فهل لا يوجد من يتصدى لهذا الأمر؟! أو ما هو الحل وفق الله الجميع؟
      الجواب: أخبركم عن تجربة أخبرني بها بعض الإخوة الفضلاء، هذا الأخ أراد أن يرصد هذه المؤامرة رصداً عملياً، فاشترى عدداً من الصحف الموجودة في البقالات والمكتبات، وعمد إلى صفحات التعارف والمراسلة في هذه المجلات، وأخذ يحصي عدد المراسلين، ثم أخرج نسبة السعوديين والسعوديات منهم.
      يقول: وصلت إلى نتيجة مذهلة! أكثر من ثمانين -وأحياناً تسعين في المائة- من المراسلين والمراسلات من السعودية، مجلات تأتي من كل البلاد، يقول: قلت: لا يمكن أن يكون هذا إلا غزواً مقصوداً ومتعمداً لهذه البلاد، ثم ألا يمكن لهذه الصحف أن تختلق أسماء وتنسبها إلى هذا البلد أو ذاك؟
      المهم أنه لا شك أنه يوجد استدراج وعمل دوري لكي تقع هذه البلاد الطاهرة الطيبة في حبائل الرذيلة، فنحن في بلد أنعم الله علينا بنعم عظيمة جداً تحسدنا عليها كل أمم الدنيا؛ منها الإيمان وهو أعظم نعمة، ومنها التوحيد في حين أن العالم يعج بالشركيات إلا من رحم ربك، ومنها الرخاء والعالم يعيش في فقر وتعاسة وشقاء إلا من كان مستدرجاً بنعمة مثلنا، ومنها الأمن والعالم يعيش في خوف وإجرام فظيع! وخاصة العالم الغربي الذي يعيش حالة من الفوضى والإجرام.
      الغربيون إذا جاءوا إلى مطاراتنا في الساعة الثانية أو الثالثة بعد منتصف الليل فإن أحدهم لا يصدق أن بإمكانه أن يركب سيارة أجرة ويذهب بها إلى أي مكان بمفرده، سواء أكان ذلك في الرياض، أو في جدة؛ لأنه في مدينة مثل نيويورك أو فرانكفورت لا يستطيع أن يذهب إلى أي فندق في تلك الساعة المتأخرة من الليل مثلاً.
      أشياء كثيرة جداً أنعم الله بها علينا، فلذلك نحن مستهدفون محسودون، وقد بينت تقارير نشرت في أكثر من صحيفة أن الموساد -المخابرات الإسرائيلية- قام بتجنيد مجموعة من البغايا اليهوديات في المخابرات، ليوضعن في أوكار الدعارة والزنا في بانكوك وأمثالها وهن يحملن وباء الهربس أو الإيدز لينقلنه إلى الشباب السعودي والخليجي الذي يذهب إلى تلك البلاد، ومثل هذا نشر في الجرائد السعودية، وما خفي كان أعظم.
      والسؤال الذي يجدر بنا أن نطرحه: أين التصدي والمقاومة لهذا الغزو؟ وهل نحن على مستوى المعركة؟ وهل لدينا من المقاومة ما يكافئ هذه الجهود العظيمة التي تبذل لغزونا؟ وهل نصدق أن التنصير يغزو بلادنا بطرق غير مباشرة، وبوسائل لا تخطر ببالنا؟
      إن الغزو جاءنا من كل جهة، وكم أتلقى رسائل من الإخوة الذين يقولون: إن الرسائل تصلهم من مصادر مختلفة، ومن هذه الرسائل ما يدعو للاشتراك في أندية القمار، وأندية التعارف في جميع أنحاء العالم، ومنها ما يدعو للدخول في دين النصرانية، وجهات معينة تبعث بالرسائل والأناجيل لشرائح مختلفة من المجتمع، وخاصة شريحة الشباب والفتيات.
      فمن العجب أن تكون الأمة مستهدفة ومحاربة إلى هذا الحد، بينما تضيع أوقات أبنائها في مواد إعلامية فارغة وتافهة! والله لسنا على مستوى المعركة؛ ولهذا فإنه إن لم نتدارك أنفسنا بإيمان صادق، وبأوبة وتوبة إلى الله، وبعمل جاد مستمر، فنخشى أن يدركنا العدو ونحن لم نعمل شيئاً؛ لأن التخطيط جاد ومستمر لإفسادنا والقضاء علينا، وكلنا على ثقة بالله عز وجل أنه سينصر هذا الدين، فلنكن إذن من المشاركين في العمل لهذا النصر، ومن السابقين الأولين إلى إقامة هذا الدين بإذن الله.
    20. حكم خروج النساء إلى المسجد متعطرات

        حكم خروج النساء إلى المسجد متعطرات    
      السؤال: هناك بعض الأخوات -هداهن الله- يأتين إلى المسجد وهن متزينات متعطرات، وقد غفلن عن حديث الرسول صلى الله عليه وسلم.. فما رأيك؟ الجواب: هذا لا يجوز، فالنبي صلى الله عليه وسلم أمرهن أن يخرجن تفلات، أي: غير متعطرات ولا متزينات، إنما تخرج إحداهن في هيئة مبتذلة لا تثير، وإذا تزينت المرأة عند خروجها للمسجد فقد خالفت وعصت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن كانت خرجت لخير، وهي بذلك تكون قد عصت النبي صلى الله عليه وسلم في الوسيلة وإن كانت محسنة في الغاية والمقصود.
    21. إذا تقدم لخطبة المرأة شاب يصلي ولكنه يسمع الأغاني

       إذا تقدم لخطبة المرأة شاب يصلي ولكنه يسمع الأغاني    
      السؤال: ما حكم رفض المرأة الزواج من غير الملتزم بحجة أنه يسمع أو غير ذلك؟ الجواب: على كل حال لا يجوز للمرأة أن تختار -ولا لوليها أن يختار لها- إلا من يرضى دينه وأمانته، ولا أن يرضى بمن لم يكن من أهل الديانة والأمانة؛ لأن الأصل هو اختيار صاحب الدين والخلق والأمانة الكفء. لكن في حالات معينة لو أن رجلاً يسمع الأغاني مثلاً، إلا أنه محافظ على صلاة الجماعة، فهذا فيه خير كثير لكن فيه هذا الفعل، فإن ظنت الأخت المسلمة أنها لو وافقت على الخطبة بشرط أن يترك هذه المعصية لتركها، أو أن ذلك وسيلة للدعوة، وأنها تستطيع أن تؤثر عليه فلا بأس. أقول هذا لأن واقعنا مرير، ولأن المعاصي قد انتشرت، ولأن الإقبال على الزواج أصبح ضعيفاً أيضاً؛ فننوه إلى هذا الجانب، وإن كان خلاف الأصل فإذا اطمأنت الأخت وأولياء أمرها إلى أن الزواج قد يصلح من شأن هذا الرجل فلا بأس، مع دوام النصيحة، ومع اشتراط المناسبة التي يظن أنها ستساعد في إصلاح هذا الشاب.
    22. حقيقة اعتزال أهل الفن

        حقيقة اعتزال أهل الفن    
      السؤال: ما مدى صحة الخبر القائل برجوع بعض الفنانات المصريات واعتزالهن الفن ورجوعهن إلى الحجاب؟ الجواب: الخبر صحيح، وليس هذا بعجيب، إنما العجيب أنه إذا تهتكت النساء، وخرجن على القيم وتحللن من الدين وهن مسلمات، كان هذا طبيعياً، فإذا رجعت منهن واحدة أو اثنتان أو ثلاث تعجبنا. إن الأصل في المسلم أنه يتوب، والأصل في الأمة المسلمة أن تتوب إلى الله وإن عصت ربها عز وجل. إذا كانت المرأة تبيع عرضها وشرفها لكل ساقط، ثم تركت ذلك.. فلا يستغرب ذلك، إنما المستغرب هو حال أولئك النسوة اللاتي ما زلن يعشن في العفونة والرذيلة ولم يتبن، وهذا ما يجب أن نتحدث عنه ونناقشه، فعندما قامت فلانة وفلانة بترك الغناء واعتزلن الفن في أوج الشهرة، جاءنا من يقول: إن ذلك كان بسبب أمراض نفسية، أو خشية المنافسة. أو: أن فلانة أرادت أن تعتزل وهي في أوج الشهرة حتى لا تضعف، وقال بعضهم إن ذلك كان بسبب عامل السن... وفوق كل ذلك يأتي من يعرض عليهن ملايين الجنيهات ليعدن إلى ما كنّ فيه. وقد تاب عندنا بعض المطربين، وعرضت عليه أيضاً مئات الألوف من الريالات ليعود.. سبحان الله! فأصبحنا نتعاون على الإثم والعدوان! فكيف يكون حال مجتمع يحتاج إلى القرش والجنيه ويعرض ملايين الجنيهات على امرأة كانت فاسقة لتعود إلى فسقها، ولتنشر الرذيلة..؟! ما تأخر نصر الله عنا إلا لهذه الحال التي نحن عليها. فالحمد لله التوبة والعودة إلى الله حاصلة في كل حين وفي كل مكان، وأنا أقول: لو أنه وضعت أساليب وبرامج جيدة للدعوة إلى الله بحكمة في النوادي الأدبية، وفي الأماكن التي قد يجتمع فيها الفساق لأثمرت تلك الجهود، ولأدت إلى أن يتوب كثير منهم بإذن الله سبحانه وتعالى؛ لأنهم يعانون من لهيب المعصية ويخوضون في مستنقعات الرذيلة التي يعيشون فيها، أما نحن فإننا نعيش والحمد لله في نعيم قد لا نحس به، ألا وهو نعيم الهداية، فالواجب علينا السعي لاستنقاذ هؤلاء العصاة؛ لأننا بإنقاذهم من هذه الرذائل، قد نكون سبباً لإنقاذهم من النار بإذن الله سبحانه وتعالى. أسأل الله جل وعلا أن يجزل لنا المثوبة، ويجعلنا من المستمعين للقول المتبعين لأحسنه، وأن يجعل ذلك في ميزان أعمالنا إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.