المادة كاملة    

ظهرت الحملة العالمية لمقاومة العدوان في ظروف صعبة تواجه الأمة المسلمة وفي ظل تآمر الآخر عليها، واستهداف عقيدتها وثقافتها واقتصادها وأنظمتها. وقد بدأ هذا اللقاء -معا الأمين العام للحملة- بكلام عن التوبة والأوبة، وأهميتها في حياة الفرد والمجتمع. ثم سلطت الأضواء على تعامل المسلم مع الأزمات، ودوره في المواجهة والتوعية، وأهداف الحملة، ومنهجيتها في التواصل والتحاور.

  1. المنهج الصحيح للعودة إلى الله

     المرفق    
    بسم الله الرحمن الرحيم
    أيها المشاهدون الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أمة كسيرة بئيسة تشتكي من عدوان غاشم ظل يطاردها قروناً طويلة، وشعوب محبة لأمتها تبحث عن دورها الغائب، في أزمة لا يعرف المطلع موقعها من هذه الأزمات المتتابعة.
    هل اختلفت أشكال العدوان باختلاف أساليب المعتدي؟
    ما دور العلماء في التصدي لهذا العدوان؟
    هل يمكن لنا في ظل هذه الهجمة أن نتجاوز خليط الفرق والنحل والتوجهات الفكرية في الأمة، من أجل التصدي لعدو مشترك؟
    ما دور المسلم العادي حيال هذا العدوان، وكيف يؤثر؟
    يا رب أول شيء قاله خـلدي            أني دعوتك بالآصال والسحر
    فوالذي قد هدى قلبي لـطاعته            لحب دينك في قلبي وفي بصري
    كيف يمكن للعلماء أن يوجهوا الأمة في مثل هذه الأزمات إلى أن يعودوا إلى الله جل وعلا؟
    قضايا عديدة نطرحها من خلال (ساعة حوار) على ضيفنا فضيلة الشيخ الدكتور/ سفر بن عبد الرحمن الحوالي، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بكم فضيلة الشيخ.
    الشيخ: حياكم الله وأحسن الله إليكم.
    المذيع: أولاً أشكر لك قبول دعوتنا، وأسأل الله تعالى أن يسددك، وأن يعينك، وأن يجري الحق على ألسنتنا جميعاً.
    فضيلة الدكتور! البداية التي أراها مهمة جداً والأمة تعيش أزمة بعد أزمة، ونحن ندعو في كل أزمة إلى ضرورة أن يعود الناس إلى الله جل وعلا: ((فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ))[الأنعام:43] هذا الموضوع مهم جداً، فكيف يمكن لنا أن نرسم للناس المنهج الصحيح للعودة إلى الله جل وعلا في كل أزمة؟
    الشيخ: الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
    أما بعد:
    لا شك أن العودة إلى الله تبارك وتعالى، والضراعة إليه، والالتجاء والتوكل عليه؛ هي من أعظم الأسباب التي جعلها الله تبارك وتعالى لتعيد بني آدم جميعاً (الأمم والأفراد) إلى الجادة والحق، فالله تبارك وتعالى غني عن خلقه أجمعين، والله تبارك وتعالى لا يريد أن يعذبنا، بل يريد أن نهتدي ونستقيم، فإن أبينا ونفرنا فذلك لخروجنا نحن عن هُدى الله تبارك وتعالى، وعما فتح الله من جوده وفضله وكرمه لنا من أبواب الأوبة والعودة والتوبة إليه.
    والموضوع جدير بأن تتأمله الأمم والشعوب والأفراد، هو في الحقيقة قضية كل مخلوق خلقه الله تبارك وتعالى في هذا الوجود، ومن ناحية أخرى هو ما يفضل به المؤمن على الكافر، وما يتميز به من يعرف الله ويؤمن بالدار الآخرة عن غيره، هذه العلاقة العظيمة بين الخالق والمخلوق علاقة جديرة بأن يتفكر ويتأمل فيها كل مخلوق.
    إن الله تبارك وتعالى وهو الحكيم العليم، الغني الحميد، العظيم الجليل، هو تعالى يدعونا إلى أن نتوب، وهو تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، هو الذي ينادينا عز وجل ويطمئننا بأنه يغفر الذنوب جميعاً إذا تبنا وعدنا إليه، هو الذي يرسل الرسل لإقامة الحجة ودعوة الخلق، ليعذر إليهم، ولا أحد أحب إليه العذر من الله تبارك وتعالى كما جاء في الحديث، هو الذي يهدينا دائماً وأبداً ويوفقنا، ولو وكلنا إلى أنفسنا طرفة عين لهلكنا في أي وادٍ من أودية الهلاك.
    1. حالتان يغلق فيهما باب التوبة

      فهو تبارك وتعالى الذي وسعت رحمته كل شيء، وهو الذي يحيطنا ويكلؤنا بالليل والنهار، وهو الذي يدعونا إلى أن ندخل من الباب المفتوح الذي لا يغلق أبداً إلا في حالتين:
      حالة كونية وهي: إذا طلعت الشمس من مغربها، فيومئذ: ((لا يَنفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ))[الأنعام:158].
      والحالة الفردية هي: حالة أن يغرغر العبد، وما دون ذلك فله من الله تبارك وتعالى قبول، وبابه مفتوح يريدنا أن نرجع ونتضرع إليه.
    2. التضرع سلاح لدفع الابتلاء

      والتضرع إلى الله تبارك وتعالى -كما جاء في كتاب الله- هو باب من أبواب دفع العدو والعذاب الماحق، والله تبارك وتعالى ذكر لنا أمة عظيمة من الأمم خرجت عن القاعدة المعلومة بترك التضرع الذي ذكره الله تبارك وتعالى في أكثر من سورة من القرآن، خرجت عن ذلك إلى أن عادت وتابت في آخر لحظة: ((فَلَوْلا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ))[يونس:98] فلما خرجوا يتضرعون إلى الله تبارك وتعالى وجأروا إليه، وعفروا خدودهم وثيابهم، وأصبحوا في حالة من الذل والانكسار والضعف بين يديه؛ رفع الله تبارك وتعالى عنهم العذاب، بخلاف ما لو قارنا مثلاً بقوم عاد: ((فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضاً مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا))[الأحقاف:24].
      فرق كبير جداً بين أمة استشعرت قوة الله وشدة بأسه وعظمته وجبروته، وبين أمة عتت واستكبرت وقالت: من أشد منا قوة، حتى عندما ترى العذاب، وعندما يحيق بها.
      هذه الحالة في الحقيقة هي حالة مشتركة، وهي من أعجب الحالات أنها مشتركة بين الأفراد والأمم، فالأمة تحتاجها والفرد يحتاجها، فلو أن أمة أهملتها وفيها أفراد تضرعوا ولجئوا وأنابوا واستغفروا، فهم بين حالين:
      الحالة الأولى إما أن ينجيهم الله تبارك وتعالى، كما كان الشأن في الأمم التي قبل هذه الأمة وهي أمم كثيرة، كان ينجي الله تبارك وتعالى الذين آمنوا، ينجي الذين ينهون عن السوء ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر.
      والحالة الثانية هي: حالة أن يعاقبوا جميعاً ولكن يبعثون على نياتهم، كما لو حدث زلزال أو طوفان أو حرب عامة، تحيط بالجميع، لكن يبعثون على نياتهم، ومن هنا تأتي ضرورة استحضار نية التوبة والاستغفار واللجوء إلى الله تبارك وتعالى.
    3. التوبة الفردية والتوبة الجماعية

      المذيع: لكن نحن أيضاً عندما ندعو إلى التوبة الفردية؛ فإننا لا نغفل جانب التوبة الجماعية بالنسبة للأمم، يعني: الأمم الإسلامية التي سقطت في مستنقعات الآثام، الأمة التي أذنت بحرب الله جل وعلا ورسوله في كل مجالات الحياة، في تحكيم شرع غير شرع الله، في قيام اقتصاد على غير ما أمر الله، أيضاً نقول: إننا عندما ندعو الفرد ندعو الجماعات والمجتمعات والحكومات إلى العودة إلى الله عز وجل من خلال هذا النداء.
      الشيخ: نعم. كل مخلوق مطلوب منه ذلك، وقلنا: إن هذه حالة تشترك فيها الأمة مع الفرد، ولذلك خذ مثلاً: لو أن زعيماً من زعماء الكفر، في أقوى دولة كافرة في العالم؛ تجد أن هذه الحالة تأتيه كفرد ويلجأ إلى الدعاء، وإلى الأسباب التي فوق الأسباب المادية لكي ينال -فيما يظن وكما يزعم أيضاً- هذه المنحة الربانية والنعمة الربانية، ولن ينالها مع كفره إلا استدراجاً من الله تعالى.
      فالمقصود: لا شك أن الأمة وبالذات هذه الأمة العظيمة، التي كتابها واحد، ورسولها واحد، وقبلتها واحدة، وهدفها ينبغي أن يكون واحداً، وعدوها واحد، يجب أن توحد كل شيء، فهي أمة التوحيد، كما وحدت هذه الأمور توحد الله تبارك وتعالى ولا تتلقى من شرع غير شرع الله، ولا تحكم بشراً غير رسول الله صلى الله عليه وسلم، منه تتلقى وعنه تأخذ، وتجتهد فيما أباح الله تبارك وتعالى لها الاجتهاد فيه، بقدر إيمانها؛ لأن هذا الدين هو الحق، وأن الله تبارك وتعالى حق، وأن الجنة حق، وأن النار حق، وأن رسالة محمد صلى الله عليه وسلم حق، فبقدر إيمانها بذلك لا تحتاج أبداً إلى أن تقع في هذه المهاوي، ولا أن تضل ذات اليمين ولا ذات الشمال.
      كيف تحتاج أن تحكم شرعاً غير شرع الحكيم العليم الذي قال: ((أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنْ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ))[المائدة:50] هذا حكم لا نتكلم عنه ظاهرياً فقط، بل هو حكم جربته البشرية، لم تعرف البشرية في تاريخها الطويل، وهو مكشوف من قبل الميلاد بثلاثة آلاف سنة أو أكثر إلى الآن، لم تعرف أبداً حضارة كهذه الحضارة، في عظمتها وقيمها وسموها، الحضارة التي كانت تحتكم إلى كتاب الله، الحضارة التي لم يكن يظلم فيها أحد إلا من عصى، إن كان مؤمناً أو غير مؤمن، فأي ظلم لأي بشر فهو مخالفة، الحضارة التي قامت على العدل والحق، والحضارة التي أعطت الفرد حقه دون أن تهضم الجماعة حقها، وأعطت الجماعة حقها دون أن تهضم الفرد حقه، وأعطت الحاكم حقه دون أن تهضم المحكوم حقه، وأعطت المحكوم حقه دون أن تهضم الحاكم حقه، التوازنات الدقيقة التي لا يمكن على الإطلاق أن يضعها أو يرسمها أو يشرعها بهذه الدقة إلا الحكيم العليم.
      ما عدا ذلك فلا بد أن تميل طبقة على طبقة، أو حكومة على شعب، أو شعب على حكومة، أو الأغنياء على الفقراء، أو أي نوع من الأشكال كما نرى في القارة أو الأمة التي تمثل آخر حضارة، وتريد أن تحكم العالم كله، وهي الحضارة الغربية.
      إذا نظرنا إلى الجزء الشرقي من الحضارة الغربية أين هو من الجزء الغربي، ثم تنظر أين الأغنياء من الفقراء، ثم أين الرجل من المرأة، ثم أين العامل ومرد العمل، لا يمكن أبداً أن يحكم هذا الكون إلا الله، وأنا أتذكر كلمة عجيبة جداً لمن يسمونه العميد دوجي وهو قانوني شهير، من أشهر القانونيين في القانون الفرنسي، ويعتبر هو أبو القوانين الوضعية في العالم، يقول هذا القانوني بعد جهد وتجربة طويلة: {{ إن لدي اليقين بأنه لا يمكن أن يُشرع للبشر إلا قوة فوق البشر }} وهذه الحقيقة عاشها وعاناها؛ لأنه وجد أنه عندما يُشرَّع أي قانون فإنه يوضع من وجهة نظر معينة، من خلفية ثقافية وتاريخية وبيئة محدودة، فإذا نزل في الساحة العامة لا يصلح، وكل الدول وكل العالم يضطر لتغيير اللوائح والقوانين ويغير ويعدل، ولكن الشرع المحكم والكتاب الحكيم، وما شرعه النبي صلى الله عليه وسلم آية باهرة عجيبة.
      رجل أمي في هذه البلاد القاحلة المقفرة، لا صلة له بحضارات على الإطلاق، ولم يتعلم على يد معلم على الإطلاق، ثم يأتي بالشرع المحكم الذي تعجز أمامه أكابر العقول، وليس فقط في جانب الشرع والدين، بل جاء -كما يقول الطبيب الفرنسي المشهور داكاي -: {{ من العجب أن مثل هذا الرجل الأمي يأتي بهذا الدين، ويتقدم العلم ويتطور قروناً وأجيالاً ولا يجد كلمة واحدة من كلامه تخالف الحقيقة }} شيء لا يمكن أن يتخيله بشر!
      ولذلك آمن كثير من الناس بناء على هذا، آمن علماء بني إسرائيل لما رأوا الآيات والدلالات البينات الباهرات، آمنت كثير من الأمم لما قرءوا عن هذا الدين، بل الفلاسفة الملاحدة الذين هم أبعد ما يكونون عن الدين؛ اضطروا إلى أن يقولوا: إنه لم يطرق العالم شريعة مثل هذه الشريعة.
      المقصود: أن أمة هذا شرعها وهذا دينها وهذا كتابها، يجمع الله لها بين خيري الدنيا والآخرة، يجمع الله لها بين سعادة الدارين، بينما نجد أنه كما قال تبارك وتعالى: ((وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى))[طه:124] نجد أن الكافرين في العذاب والضلال البعيد، عذاب في الدنيا وضلال عن منهج الله تبارك وتعالى، نجد أن الله تبارك وتعالى يحذرنا من أن نعجب بهم: ((فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ))[التوبة:55].
      أمة عندها هذا الدين، كيف تغفل عن الله تبارك وتعالى؟ ومن هنا تأتي قضية -ما تفضلت به وأشرت إليه- تأتي مشكلة العدو، إن هذا العدو هو تأديب، هو عقوبة، هو تنفيس أيضاً، هو أن يتخذ الله منها شهداء، هي أمة كريمة على الله، أمة محمد صلى الله عليه وسلم، ويعز عليها أن تعصيه وتخرج عن منهجه، وإذا سلط عليها فهو ليؤدبها وليردها إلى الجادة، ولتنال عذابها وعقوبتها في هذه الدنيا، وهذه نعمة لها، فمهما يكن العذاب في هذه الدنيا فهو بلا شك أخف من أي نوع من أنواع العذاب في الآخرة، عافانا الله وإياكم.
      إذاً.. الرحمة شاملة، والتكريم في محله، والوعد الصادق في محله، وبشارة النبي صلى الله عليه وسلم لها بالسمو والرفعة والتمكين في محلها، لكن هذه العوارض التي تعرض لها كما تعرض للفرد إذا فرط أو قصر فإنه يعاقب، ويعرض البلاء أيضاً في حالة الاستقامة، فقد ابتلي الأنبياء والصالحون على قدر دينهم، فهذه قواعد وسنن ربانية جاءت مبسوطة منثورة في كتاب الله تبارك وتعالى بأكثر من الآيات التي تدعو مثلاً إلى أداء أعظم شعيرة في كتاب الله وهي الصلاة، الشعيرة اليومية، فالسنن الكونية في هلاك وبقاء الأمم وفي تعامل الأمة والفرد هذه أكثر وأعمق.
      يجب على الأمة الإسلامية أن تعيد النظر في توازنها أولاً قبل كل شيء، أن تعيد النظر في تعاملها مع القرآن، أن تعيد النظر في قراءتها لسيرة النبي صلى الله عليه وسلم، أن تعيد النظر في موقفها مع الله قبل أي موقف آخر؛ لأنها لو نظرت إلى هذه الحال واستقامت وصلح أمرها فسيظهرها الله تبارك وتعالى على العالمين، لا تغلبها قوة على ظهر الأرض أبداً، وهي في الحقيقة تحقق الشيء، أو الأعجوبة التي تجعل كل من يراها أو كل من يرى الواحد منها يقول كما قال النصارى في دمشق لما دخلوا وفتح المسجد، ووضع هكذا شطرين، من جانب دُخل عنوة ومن جانب دُخل سلماً، فكانت الكنيسة الكبرى هكذا، فالشطر الذي كان يصلي فيه الصحابة هنا، والشطر الآخر كان بقية رهبان وعباد أهل الكتاب هنا، فلما رأوا عبادتهم من غير كلام -والنصارى بقوا على دينهم وصالحوهم- والله ما نرى للحواريين فضل على هؤلاء، هكذا بالرؤية!
      كما قال عبد الله بن سلام من قبل وغيره، كان يرى النبي صلى الله عليه وسلم فيقول: والله ما هذا بوجه كذاب، فهناك أمور غيبية قلبية تظهر على الجوارح وفي الأعمال والكلمات، وربما تقرأها القلوب ولا تترجم بأي لغة، لكن لغة القلوب لغة مشتركة بين العالم كله، وجعلها الله تبارك وتعالى كذلك إذا نظرت إلى موكب جنازة أو قبر، فالوجوه والملامح واحدة، هناك لغة مشتركة، هذه الملامح أو هذه اللغة المشتركة هي التي يخاطبها القرآن مباشرة، فمن كتب الله له الحياة أحيا الله قلبه بهذا القرآن، وبهذا النور، وبهذا الإيمان، فترجع الهزيمة نصراً، والضعف قوة، ويرجع الشك يقيناً.
      هناك مقدرة هائلة جداً تكسبها الأمة، ونأخذ مثالاً بالفرد عندما يؤمن بالله تبارك وتعالى حق الإيمان، ويتجرد عن الذنوب والخطايا، ويتعلق قلبه بالله تبارك وتعالى، هذه المقدرة هي مقدرة تحمل الشدائد مهما كانت، هي التي يُعبر عنها في القرآن بالصبر، وإذا اجتمع الصبر واليقين نيلت الإمامة في الدين.
      الصبر لا يمكن أن يهدى أو يقدم، لا يأتي إلا بالتمحيص، وهو ناتج من نتائج الإيمان؛ لأن هناك أمل، الله تبارك وتعالى جعل لنا أملاً، فكلما ضاقت عليك الدنيا تعلم أن لك في الآخرة سعة والحمد لله، كلما وقع بك شيء تقول: الحمد لله، كلما حلت بالأمة كارثة أو بالفرد كارثة نستطيع أن نقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، فتنال الطمأنينة في الدنيا، وتنتظر الأجر في الآخرة.
      أما الأمم الأخرى فكما لاحظنا: إن قويت طغت وبغت واستكبرت وتجبرت، وإن ضعفت أو غُلِبت ينتحرون، أو يضيعون أو يدمرون، أو يحاولون أن ينتقموا فيما بعد بما يتجاوز حدود العدل والمنطق، بشكل يدل على أنهم لم يفقهوا سنة عظيمة من سنن الله تبارك وتعالى في هذا الكون.
  2. مكانة الأزمة المعاصرة من الأزمات التاريخية

     المرفق    
    المذيع: الحقيقة عندي موضوع كنت أنوي أن أطرحه وأنتم تتحدثون، لكن سأطرحه تساؤلاً وأدعو المشاهد أن يتابعني: هذه الأزمة أو الأزمات التي تمر بالأمة كيف يمكن لنا أن نعرف موقعها من التاريخ، مثال: الإنسان ربما يصاب بمصيبة، فإذا عاش هذه المصيبة يعتقد أنها أعظم مصيبة، لكن قبلها مرت عليه مصائب، لكن لأنه نسيها فلا يستطيع أن يقيمها، فهل نستطيع نحن أن نقيم مصائب الأمة؟
    فاصل.......
    دكتور! قبل التوقف كنا سألنا عن موقع هذه الأزمة من أزمات الأمة التي مرت بها، هل يمكن لنا أن نقول: إن هذه الأزمة الفلانية، أزمة سقوط بغداد مثلاً، أو التتار أو سقوط الأندلس، هذه الأزمة هي أعظم أزمة أم لا، يمكن هذا؟
    الشيخ: في الواقع نحن أعظم أمة على ظهر الأرض في الاطلاع على أبعاد التاريخ، منذ أن أهبط الله تبارك وتعالى أبوينا من الجنة إلى هذه الأرض وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، نحن لدينا صورة متكاملة ونظرة شاملة للتاريخ، لم يكن أبداً في واقع هذه الجماعة البشرية على ظهر الأرض إلا تبدل الحالات، لم تكن على وتيرة واحدة، بمعنى: أن الأمة المؤمنة تاريخها قديم جداً، لا يبدأ حتى ببعثة محمد صلى الله عليه وسلم، وفي كل المراحل وكل الأمم القديمة، مما ذكر الله تبارك وتعالى في كتابه، وأيضاً في التاريخ المستقبلي الذي نحن نستشهده من خلال ما جاء وثبت من هذا في ديننا، لا بد من حالات تنافس: ((وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ))[آل عمران:140] والقاعدة هي التي تحكم هذا.
    في عمر هذه الأمة الخاصة، أمة محمد صلى الله عليه وسلم مرت فتن، أنا في تقديري وفي نظرتي ومن خلال اطلاعي وبنوع من الدقة، أن أمتنا في القرن الرابع الهجري مثلاً وما بعده، قُبيل الحملات الصليبية كانت في وضع أسوأ بكثير مما نحن فيه وأشد، ولعل الوقت الآن لا يكفي.
    المذيع: فقط في ذلك القرن أم ما قبله؟
    الشيخ: في ذلك القرن على سبيل المثال القرن الرابع في أوله كان القرامطة قد أخذوا الحجر الأسود وانتهكوا حرمة الكعبة، وهذا والحمد لله لم يحصل ولن يحصل بإذن الله تبارك وتعالى في زماننا هذا، كانت هناك سيطرة للعقائد الباطلة الباطنية الزائغة في أكثر أنحاء العالم الإسلامي، وكان هناك ضعف حتى في الجوانب العلمية والدعوية، أعقب هذا كله أن جاءت الضربة القاصمة وهي أن يأتي الصليبيون، وأول حملة صليبية كانوا يعدون بالآلاف، قيل خمسة آلاف فقط، لكنت عندما أفاقت الأمة واستيقظت.. وللعلم هذه اليقظة وهذا الجهاد انطلق من العراق من الموصل ثم إلى حلب ثم إلى دمشق ثم إلى القاهرة ثم حررت الأرض المباركة وبيت المقدس، وفي آخر الحملات وفي أيام نور الدين بعض الحملات الأوروبية تعد بثلاثمائة ألف وغُلِبت، بينما الخمسة آلاف غَلَبُوا، ومن هنا نعرف الفرق، كان هناك دار للحديث أو ما نسميه الآن كلية، دار للحديث في دمشق قبل دخول نور الدين إليها، فعند وفاته رحمه الله كان هناك قرابة ثمانين دار حديث في دمشق، فالنهضة العلمية والدعوية واكبت أيضاً العلم الجهادي الذي قام به هذا الرجل وقائده صلاح الدين، ثم قبضه الله وأكمل صلاح الدين هذه المسيرة.
    الحقيقة أيضاً أن الهجمة الاستعمارية الأخيرة التي كانت قبل قرن أو أكثر، أنا أعتقد بالنظر إلى حال الأمة من الجهل هي كانت أشد من هذا، وهذه المرة أنا لدي تفاؤل ويقين، والحمد لله لا تأتي الأيام والأحداث إلا وتزيده يقيناً عندي، هو أننا نحن الآن أمة ناشئة قائمة، أمة ناهضة، ونحن يوماً بعد يوم نرقى ونرقى، وقد نرقى بهذه الفتن وبهذه الهزائم وبهذه الضربات، الحضارة الند المقابل والعدو لنا وهي الحضارة الغربية أمة هابطة.
    مثال: الحضارة الغربية الآن في غرب أوروبا الوفيات أكثر من المواليد، بينما العالم الإسلامي الحمد لله تتضاعف أعداده، العالم الإسلامي يسيطر والحمد لله على كل الممرات الحيوية المهمة في العالم أو معظمها، معظم ثروات العالم فيه.. الخبرات لديه.. التكنولوجيا الحديثة بدأت فواكبها العالم الإسلامي والحمد لله.. العقل المسلم بدأ يبدع ويخطط.. الشعور بأننا أمة واحدة بدأ يتجدد.. بدأت الفوارق تذوب.. وهكذا، هناك مؤشرات، إذا أيقنا بأن الله تبارك وتعالى من تقرب إليه شبراً تقرب إليه ذراعاً وأن أول الغيث قطر.
    وإذا الهلال رأيت نور ظهوره            أيقنت أن سيكون بدراً كاملاً
    هذه حقائق تاريخية، ولا بد أن نتفاءل...
  3. الفرق بين الحضارة الأوروبية والحضارة الأمريكية

     المرفق    
    المذيع: كأنك تشير إلى أن هناك فروقاً بين حضارة أوروبا الاستعمارية مثلاً، وبين الحضارة الأمريكية في هذا الزمان، ما دمت تقول: بأن تلك أشرس في الحقيقة من هذه الهجمة في تقديرك، فكأنك تشير إلى فروق بين تلك وتلك؟
    الشيخ: نعم. في الحقيقة الحضارة الغربية ككل حضارة وثنية، بنيت على الوثنية الإغريقية، الحضارة اليونانية الإغريقية إنما بنيت على مخلفات الوثنيات الشرقية القديمة، أو حتى الوثنية لم تأت بجديد في الواقع، المهم أن الحضارة الغربية وثنية وفيها عنصر أقره واعترف به المفكر الأمريكي المشهور تشومسكي الحضارة الغربية لا تخلو أبداً من الوحشية والعنف، وما الحكم على الحضارات الأخرى بالبربرية إلا نوع من الإسقاط، كما يعبر عنه العرب: رمتني بدائها وانسلت.
    الحضارة الأمريكية لها ميزة، يجب أن نفرق بينها وبين الحضارة الغربية، فينبغي أن نفرق بين نوعين: الحضارة الغربية، الحضارة الغربية الشرقية هي تقريباً عبارة عن حضارة أرثوذكسية، مذهبها الدين الأرثوذكسي، وهي أيضاً حضارة ثلاثية من حيث العرق، وهي التي تقريباً انتشرت فيها الشيوعية، أوروبا الغربية نفس العرق؛ لكن الحضارة هي حضارة كاثوليكية، ثم بين كاثوليكية وبروتستنتية، وهي التي تمثل نموذج الديمقراطية العلمانية في الغرب، والحضارة الأمريكية تختلف حتى عن هذين النوعين.
    باختصار شديد: الحضارة الأمريكية قامت على نوعين من البشر متباينين جداً، ولذلك نحن نرى الآن أمريكا متباينة جداً، وهذا من الحقائق التي يجب أن تعلن عن أمريكا، نوع كانوا الهاربين من الأحكام، المجرمين الفارين بدمائهم، الذين تطالبهم العدالة، وهؤلاء هم الذين ارتكبوا المجازر الوحشية هناك وهربوا، وهم أشرس الناس إجراماً، النوع الآخر: المهاجرون بدينهم من الاضطهاد، وبالذات منهم ومن أبرزهم: الجماعة الموحدة، التي كانت ترفض التثليث وعذبت في أنحاء أوروبا .. والرهبانيين .. إلى آخره.
    كلا المجموعتين تعايشتا في أمريكا وانصهرتا وأصبحتا تشكلان مجتمعاً أمريكياً ربطته المصلحة، لكن لا يزال تأثير الماضي في المؤامرة وحب التسلط، وأخذ حق الغير، ثم النظرة الاستعلائية، يذكرون أول مستعمرة أنشأت في أمريكا رآها أحدهم فقال: لن تشرق الشمس على بقعة في الدنيا أفضل وأجمل من هذه البقعة، يعني لا بالمعايير الدينية ولا.. فنشأ هذا العجب وأدى إلى نوع من الطغيان، وهذا الكبر والغرور هو ميزة كل الحضارات البعيدة عن الله تبارك وتعالى..
    المذيع: لدينا اتصالات، اتصال من الدكتور عمر العمودي من السعودية، أهلاً ومرحباً بك يا دكتور!
    المتصل: مرحباً! فضيلة الدكتور سفر نحبكم في الله يا طويل العمر! سمعنا عن الحملة المباركة التي انبثقت من رحاب هذا البلد الطاهر لمقاومة العدوان على الأمة الإسلامية والعربية، اطلعت حقيقة في الانترنت على كثير من المؤسسين المشاركين فيها من علماء الأمة ومثقفيها من تقنوقراط وأساتذة جامعات ورجال أعمال وغيرهم كثير، الحقيقة مثل هذا الجهد جهد مبارك، وإن كان يأتي -للأسف- في مرحلة متأخرة، لكنه حقيقة يمثل انعطافاً مهماً جداً في تاريخ الأمة، الكل يعلم مقدار وحجم الهجمة الصليبية الحاقدة على عقيدة الأمة، وتراثها الإسلامي الحضاري الثقافي، الوقوف ضد هذه الهجمة هو عمل مشروع للدفاع عن النفس، والمال، والعرض، والوطن، والجميع على كل المستويات -حقيقة- يتوق للمشاركة في رفع العدوان والظلم عن هذه الأمة.
    لذا حقيقة يا سماحة الشيخ! أريد منك كلمة توجيهية لجميع الغيورين من أبناء هذه الأمة، وعلى وجه الخصوص المثقفين والتقنوقراط، الذين تعلموا في الغرب وعرفوا القوم، نريد تحديداً ما هو المطلوب منهم في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ هذه الأمة. وجزاك الله عنا ألف خير.
    المذيع: اتصال آخر من الأخ أحمد فايز من السعودية، أستاذ أحمد أهلاً ومرحباً بك.
    المتصل: أهلاً وسهلاً، السلام عليكم، تحياتي للشيخ سفر، ألا ترون يا فضيلة الشيخ! أن التدخل السافر في الأيام المقبلة يتعدى التدخل العسكري إلى التدخل الداخلي، عبر التغييرات الثقافية من خلال الضغط على الحكومات، كقضايا المناهج التعليمية، وكقضايا المرأة وغيرها، فهل يمكن أن نسبق بطرح مشروع إصلاحي نتفق على أهدافه وإن اختلفنا في وسائله، عبر مرجعية تقنع العاملين في حقل الدعوة.
    وكثير من الناس يتساءل يا فضيلة الشيخ! عن دور المسلم العادي، والدور المناط به، وما يقوم به مع العلماء والمشايخ الأفاضل كأمثالكم، نسأل الله أن يبارك في هذه القناة وبرامجها...
    المذيع: شكراً أستاذ أحمد، الحقيقة أنت والدكتور عمر أشرتما إلى موضوع هو من ضمن ثنايا الحديث الذي سوف نتطرق إليه مع الدكتور سفر بإذن الله، فأستأذنكما أن تتابعا إلى وقت طرح هذا الموضوع بإذن الله بعد قليل، لأن عندنا محاور، وما ذكرتما من المحورين هما في ثنايا الحديث.
  4. تأثير المنظمات في إلغاء بعض المنظمات والمصطلحات

     المرفق    
    المذيع: نلاحظ يا شيخ مصطلح النظام العالمي الجديد مصطلح العولمة، ومنظمة التجارة العالمية، أصبحت الآن لا تذكر إلا نادراً، هل يمكن أن نقول: إن الأحداث السياسية طغت عليها، أم أن وراء إخفائها سياسة أخرى ظهر بها جورج بوش الابن مثلاً خلافاً لمن كان قبله، يعني يمكن ..... هذا يا شيخ؟
    الشيخ: الحقيقة عندما يتأمل الناظر والباحث في الواقع، وحال الطواغيت والطغيان وقوى الاستكبار والعدوان في التاريخ كله، نجد أنها تمر بها حالات لا بد فيها أن تغير من جلدها، أو تغير من نمطها في التفكير أو في الحياة، أمور كثيرة تتغير مظهرياً لكن الحقيقة تبقى واحدة، ولهذا الله تبارك وتعالى جمع هذا كله في آية من كتاب الله: ((مَا يُقَالُ لَكَ إِلاَّ مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ))[فصلت:43] الحقائق ثابتة ولكن تتغير، وحتى لا أطيل أذكر الإخوة بقصة فرعون، كيف أن فرعون كان مرة كذا ومرة كذا، ومع ذلك تأتي الآيات وراء الآيات: الضفادع، والدم، والقمل، وكل مرة هم لا يعتبرون، ويظنون أن هذا التغيير يخادعون به الله، يخادعون به الشعوب ويخادعون به العالم.
    الأمم المتحدة كانت نموذجاً رأوه وفصلوه بأيديهم يصلح لمرحلة ما بعد القضاء على هتلر، ومرحلة الحرب الباردة، والآن وجدوا أنفسهم في وضع آخر، هناك تهمة الآن صريحة بأن الولايات المتحدة تريد إلغاء هيئة الأمم أو تعديلها مطلقاً، والتعدي واضح، والمنظمات الأخرى هي من أكبر وسائل استغلال الشعوب، ومنظمة التجارة العالمية كمثال من عجب العجب، فالنفط له حالة، وبقية الأشياء الأخرى لها حالة أخرى، وصندوق النقد الدول الضعيفة هي التي ترزح تحت دينه وتعاني منه، بل كثير من الدول تقول: كنا على لأواء وعلى جهد وعايشنا الحياة، فلما سلمناها لهذه المنظمات أفلسنا وإلى الأبد، ولم يصلح حال تركيا ولا اليمن ولا السودان ولا دول كثيرة في العالم.
    إذاً هذا الرأسمالي البشع، المرابي الخطير، الذي لا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر، ولا يؤمن بأن للبشر حقاً في الحياة يتقنع بأقنعة مختلفة، وينفذ ما يريد، وطبعاً هذا لا ينطبق على كل أحد، ولا على كل العاملين فيها، بل هناك بعض المنظمات الدولية التي قد يكون لها دور طيب، مثل منظمة الصحة في بعض الأشياء، كمكافحة الأوباء أو غيرها، لكن نحن نتكلم عن المحرك والمسير التي يتخذ من هذه الأمور التي فيها نوع من البراءة والخير والمنفعة العامة ما يسخره لخدمته لا للإصلاح.
    المذيع: لكن يقال: إنها يمكن أن تلغى في وقت من الأوقات، إذا رأت بعض الشعوب المصلحة في إلغائها مثل أمريكا مثلاً؟
    الشيخ: نعم. أمريكا كقرار يمكن أن تلغي ذلك، ولديها إذا أرادت المبررات والمسوغات المختلفة، وأسوأ ما يكون في واقعنا الحالي، أن هذه على ما لاقت البشرية منها تبدأ تقول: يا ليتها بقيت! أو يا ليتها ترجع! وهذه أسوأ حالة يمكن أن يمر بها البائس المسكين، أن يطالب بحالة البؤس الذي كان عليه، والأمة الإسلامية والحمد لله الأمة قوية، إن قامت بحق وبإيمان وثبات فبإمكانها أن تستغني عن العالم كله بكل منظماته وهيئاته، وتبقى العلاقات الشرعية المعروفة: إما دار حرب أو دار هدنة، أو صلح، أمور أخرى، لكن كأمة يمكنها أن تعيش، وقد كانت وعاشت قروناً لا تحتاج أبداً إلى أية حضارة أخرى، ولا تحتاج بالذات إلى مؤسسات حاكمة أو مهيمنة.......
    1. أهمية التكامل في العمل للدين

      المذيع: أعود إلى النقطة التي أثارها الدكتور عمر العمودي، لكن قبل أن نتحدث في صلب ما ذكر.. يحصل للبعض الحقيقة الآن هذه الحملة الصراع المدافعة لهذه الحملة والمواجهة، فهناك فريق يحصره في الحرب، وفريق آخر يرفض أي عبارة توحي بالرصاص؟
      الشيخ: الحقيقة هذا واقع، وهذا أحد مشكلاتنا كأمة، يعني نحن الأمة لماذا نقول: العودة إلى كتاب الله، وبدأنا حديثنا بهذا، لماذا؟ نريد تجديد نظرتنا لديننا، مثلاً: أنا آتي إلى جزئية واحدة كل طلاب العقيدة يفقهونها، ولو لم يفقها طالب العقيدة لما نجح ولما اعتبر طالب عقيدة -في بلادنا مثلاً أو في بلاد أخرى- وهي أن الإيمان شعب، وأنه يزيد وينقص، هذه محسوبة، لكن كيف نطبقها عملياً، كيف نقتنع بها؟ كيف نجعل منهج الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر منهج الدعوة إلى الله، منهج الحرب والسلم، نجعلها تنطلق من هذه العقيدة، ومن الإيمان بها، فنحن نقول: إذا كان الإيمان شعباً، وعلمنا ذلك وآمنا بذلك، فمعنى ذلك: أنه لا يمكن أن نضيع الشعب كلها من أجل شعبة واحدة مهما بلغت عظمتها، مثلاً: التوحيد أعظم الشعب، هل أحد يترك الصلاة ويستحق التوحيد؟ وهذا ما فعله بعضهم وعُدوا كفرة، كما يدعي بعض الصوفية وأمثالهم، يعني لا بد أن تعبد الله وأن تصلي، ولا تترك الصلاة من أجل الزكاة، وهكذا.
      فكل الشعب يجب أن تقوم، ثم الله تبارك وتعالى جعل هذا الدين على طاقتنا، وجعل هذا جهاداً فيه سبحانه، فقال جل وعلا: ((وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا))[العنكبوت:69] فالسبل متعددة، والتعدد هذا لا يعني تعدد المنهج، أو تعدد الدين، وإنما يعني: تعدد ما نتقرب به إلى الله، تعدد طرق الخير ووسائلها، فلو أن عبداً من عباد الله أو جماعة أو قرية أخذت بأدنى شعب الإيمان الثابتة في الحديث وهي: إماطة الأذى عن الطريق، وأنشأنا جمعية إماطة الأذى عن الطريق، فتخيل كيف يكون مردودها العملي، وكم سيكون لها من ثمار، وكم ستوفر من مليارات، وكم وكم..
      فلو جاء شخص وقال: أنت أخذت بأدنى الشعب وتركت... فقل: يا أخي الكريم! عندي حديث من النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلاً دخل الجنة في غصن شجرة، شوك كان على الطريق فقطعه، ليس هناك على من دخل الجنة من حرج، ((فَمَنْ زُحْزِحَ عَنْ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ))[آل عمران:185] بأي شعبة، ما دام عنده الواجبات والأركان المهمة.
      إذاً نحن نقول: الأمة منها المجاهد والعالم، لا غنى لهذا عن هذا، ولا لهذا عن هذا، الأمة منها الداعية، يجب أن يكون منها الآمر بالمعروف الناهي عن المنكر، هذه ليست بدائل، هذا تكامل، ومن العجب أيضاً أن المعركة متكاملة وشاملة، فهم يريدون إفساد المجتمع، وإلغاء تحكيم الشريعة، وإشاعة الربا، والانحلال الخلقي، واحتلال الأرض وأخذ النفط، فعندما نفقه هذا لا تتضارب ولا تتعارض لدينا المصالح، ونقول: كل ميسر لما خلق له، ونحن كالبدن الواحد، العين لها وظيفة، والأذن لها وظيفة، واليد لها وظيفة، فلا نقول: أيتها العين لا بد أن نفقأك لأنك عطلت الأذن، وهذا أمر -حقيقة- من قلة الفقه في الدين، أن ينشأ تضارب وتعارض بين شعب الإيمان وأعمال الإيمان.
      ثم يا أخي الكريم! أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف عاشوا وكيف كانوا؟ كيف كان خالد بن الوليد رضي الله تعالى عنه؟ كان مقاتلاً مجاهداً، لكن مسند أبي هريرة خمسة آلاف حديث، وكذلك كان أبي بن كعب في القراءة، وكذلك معاذ بن جبل في العلم بالحلال والحرام وهكذا، لم يكلف الله تبارك وتعالى ولا رسوله صلى الله عليه وسلم أن الكل يتجشم القتال ويدع العلم، أو أن الكل يتجشم حب العلم ويدع ذلك، فكل ميسر لما خلق له، بشرط: أن يكون كلٌ منا يبني ويعلم أنه يضع لبنة في بناء.
      لاحظ لو أني أخذت لبنة ووضعتها في الصحراء لا قيمة لها، لكن لو وضعتها في بناء وعلمت أن غيري سيضع على يمينها لبنة وعلى شمالها وفوقها لبنة اكتمل البناء، حتى المذاهب الفقهية، حتى علم الحديث، حتى علم الرجال، حتى عمل التاريخ، وضع واضع كتاباً، الخليل بن أحمد وضع العروض وجاء بعده كذا، ثم المعاجم الكبرى.
  5. ضوابط في التعامل مع الأزمات والمصائب

     المرفق    
    المذيع: لدينا اتصال هاتفي من ألمانيا من الأستاذ حسن الزهراني، أهلاً ومرحباً بك أستاذ حسن.
    المتصل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله مساءكم، نشهد الله أولاً على حب الشيخ في الله، وحقيقة لدي مداخلة يسيرة وهي: أنه عندما يحل بالأمة أزمة من الأزمات نسمع ونرى الكثير من المسلمين يوجهون الانتقاد واللوم إلى الآخرين، سواء إلى الحكام أو المحكومين، مغفلين بذلك جانباً مهماً وهو: أنه قد يكون أحد هؤلاء المنتقدين سبباً من أسباب ما يحل بهذه الأمة، فلو كان رب أسرة -مثلاً- وبدأ بترميم منزله، والاهتمام بمن هو تحت إمرته، وكذلك لو كان معلماً وبدأ بمن تحت مسئوليته، فربما في أثناء هذه الترميمات تبدأ الخطوة الأهم وهي: إصلاح ومعالجة ما حل بالأمة، وكما يقال: رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة واحدة، وجزاكم الله خيراً.
    المذيع: شكراً لك يا أستاذ حسن، ومعنا من السعودية الأستاذ عبد الرحمن المقيت، أهلاً ومرحباً بك.
    المتصل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، مساكم الله بالخير يا شيخ! ونحبكم في الله يا شيخ! كما نعلم يا شيخ أن الله تبارك وتعالى قال في كتابه الكريم: ((وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ))[البقرة:120] وهذه نزلت على الرسول صلى الله عليه وسلم من فوق سبع سماوات، فهل هناك من الدعاة من أمثالكم -والمشايخ كثيرون والحمد لله في السعودية - هل هناك توعية على مسائل الولاء والبراء؛ لأنه كما تعلمون بأن أوثق عرى الإيمان: الحب في الله والبغض في الله، وأيضاً الولاء والبراء، فكما نعلم اليوم الولاء والبراء الذي ينبثق من العقيدة الإسلامية، الولاء والبراء من اليهود والنصارى، وشكراً.
    1. خطأ إلقاء اللوم على الآخرين

      المذيع: نأخذ ما ذكره الأستاذ حسن الزهراني من ألمانيا، عندما تحل بالأمة مصيبة نجد أننا نجيد فن إلقاء اللوم على الآخرين، لكننا لا نسهم أبداً في إصلاح وبناء أنفسنا.
      الشيخ: الحقيقة أنا أذكر تذكيراً عاماً: الآيات التي جاءت في سورة آل عمران وأوحاها الله تبارك وتعالى بعد أحداث أحد مباشرة، وبعد القرح واللأواء والشدة التي حلت بالأمة، وبينهم أفضل الخلق وأكرمهم على الله تبارك وتعالى؛ من أوجب ما يجب أن نتأمله دائماً في كل حدث وعند كل نكبة، ومن ذلك قول الله تبارك وتعالى: ((أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ))[آل عمران:165] ومعنى ذلك: أنه يجب أولاً أن نبدأ بالتفتيش عن الذنب، ولو نظرنا حقيقة لوجدنا الذنوب كثيرة، ولولا رحمة الله لحل الهلاك بنا الآن، الواقع أن العودة إلى الذات، أولاً: عندما أعود أنا إلى ذنوبي أكون فعلاً قد لجأت إلى الطريق القويم، وأكون قد بدأت بالخطوة الأولى التي يجب أن أخطوها، أكون قد حفظت أيضاً لساني عن أن أنتقد غيري، وربما أكون مخطئاً، وهكذا، وهذا لا يعني أن الأمة لا تتناصح ولا تتواصى، لكن إذا بدأنا بهذه الخطوة فإنها بلا شك تحقق ما بعدها من خطوات، وأشكر الأخ حسن على هذا..
    2. دور العلماء في التوعية

      المذيع: الأستاذ المقيت يقول: دور الدعاة في توعية الأمة ضد هذه الحملة تثبيت عرى الولاء والبراء في قلوب الناس، أيضاً الدكتور عمر العمودي سأل عن الحملة المباركة لمقاومة العدوان وطلب كلمة للمثقفين ودورهم في هذه المرحلة، وأنا أجمع هذه كلها يا شيخ: الأزمة الحقيقة أنه إذا جاءت أزمة يتهم كثير من الناس العلماء، كما ذُكر قبل قليل، يُتهم العلماء بأن دورهم غائب، ربما يكون هناك دور غائب في بعض الأماكن من العالم الإسلامي، في بعض الجهات من جهة العلماء، لكن نحن نسأل تجاه مثل هذه القضايا، وتقييمكم لدور العلماء، لعل هذا يسوقني للإجابة عن أسئلة الإخوة الثلاثة التي طُرِحت.
      الشيخ: هو الحقيقة -كما تفضل الأخ قبل قليل- أنه عندما نلقي اللوم والعبء على الآخرين هذا خطأ، الأمر الآخر هذا عذر لا يعفي العلماء، العلماء هم الموقعون عن رب العالمين، العلماء يفترض فيهم أن يكون همهم الله والدار الآخرة، وإقامة الحجة على العالم، لا دنيا ولا مناصب، ولا خوف إلا من الله، ((أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ))[التوبة:13].. ((الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلاَّ اللَّهَ))[الأحزاب:39].
      وفي الوقت نفسه أيضاً: العلماء وغير العلماء: ((لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا))[البقرة:286] و((لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ مَا آتَاهَا))[الطلاق:7] بمعنى لا يُحمَّل العلماء ما لا يحتملون، بمعنى: هل لي في ظل نظام دكتاتوري غاشم مستبد، لا يتيح للعالم أن يقول كلمة، ولا أن يلقي موعظة، أن أذهب وأقول: أين دور العلماء؟ أم الأحرى أن أدعو الله أن يفرج عنهم، وأن يعينهم، وهذا رأيناه في أنظمة عربية وهو موجود ومعاش، يعني: العالم هو أيضاً لا يستطيع أن يتحرك إلا في مجال معين، والأمة يمكن أيضاً أن يقال: أين الأمة التي تصحو للعالم، إذا شاهدنا أن علماء قد ينالهم ما ينالهم من الأذى والطرد وغير ذلك، ولم تتفاعل الأمة...
      إذاً.. هنا أيضاً مشكلة، فقد يقول العلماء، وقالها أحد علمائنا الأجلاء لما قيل له: انظر ماذا فعل الخميني ! فقال: لو كان لي أمة مثله! يعني: التغيير، فلا تنفع أمة بدون قائد، ولا قائد بدون أمة، أقول: فلم نتلاوم؟ ولم لا نقول: إن على العالم واجباً يجب أن يقوم به، وعلى الحاكم واجباً يجب أن يقوم به، وعلى الفرد واجباً.. وعلى المرأة واجباً، يعني بمعنى آخر: أن نقول ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم: {كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته}.
      فالإمام أو الخليفة راع وهو مسئول عن الأمة كلها..
      المذيع: لكن لو أذنت لي يا شيخ أن أطلع وإياك على ثلاث أو أربع بيانات بين يدي لعدد من العلماء في العالم في أربع دول مختلفة، نزلت بيانات حيال الأزمة من ضمنها ضرورة الالتفاف حول العلماء، عندما تصدر مثل هذه البيانات فإننا نسأل عن هؤلاء العلماء الذين أصدروا هذه البيانات، يعني: أمر واجب الالتفاف حول العلماء وقادة المسلمين ووحدة الصف ضد العدو، هذا أمر واجب، لكن عندما تدعو الشباب الثائر أن يلتف حول العلماء فهو يبحث عن العلماء الذين كانوا سنداً له في مثل هذه الأزمات، العلماء الذين كانوا يفتحون له الأبواب والقلوب ويمتصون هذا الحماس، ويعطونه -على الأقل- شمعة تضيء له الطريق، يمكن سؤال الإخوة هذا يدعو إلى أن يكون للعلماء دور، عندما يصدر بيان أن يكون لك دور قبل البيان وبعد البيان في امتصاص هذا الحماس في الشارع..
      الشيخ: نعم. حقيقية لا شك أن هذا يجب أن يكون، ولا تتحول القضايا إلى مجرد شعارات، ولكن نقول: النظرة الدقيقة أيضاً والمحكمة للموضوع ككل من دون التلاوم أو إيقاع اللوم أو العبء على الآخر، أما أن هناك علماء يقومون بهذا الواجب، وفي المقابل هناك من لا يريد أن يلتف؛ لأنه يريد من العالم أن يفتيه بما يريد، فالمشكلة موجودة بين الطرفين.
      الحقيقة يجب على العلماء أن يقودوا الأمة بكتاب الله تبارك وتعالى لا بهواهم، ولا برأيهم، ولا بهوى أي أحد كائناً من كان، لا الحكومات ولا غيرها، وفي الوقت نفسه -أيضاً- لا يقودوها برأي الشباب من طلابهم وإن كان فيهم خير، وعلى الطالب أن يعتقد أو يرى أنه إذا سألتُ العالم لأتلقى أو لآخذ منه العلم نفعني الله ببركة ذلك، أما إن سألته للامتحان والاختبار فإن أعجبني رأيه وإلا لم آخذ به، فيحرم بركة العلم والفتيا.
      في الواقع العام يجب أن تتضافر جهودنا جمعياً، وأنا متفائل بهذا، أنا أقول: الأمة بهذه الحالة من الوهن والضعف والتفرق أنها تفكر في أن توجد البديل وأن تنهض له، وأن نجد والحمد لله الصدى الهائل لما يقوله العلماء، بصراحة أنا لاحظت حتى العالم في الغرب هناك يهمهم ما يقول العلماء أكثر مما تردده القمة العربية مثلاً، هناك شعور بأن هناك تعبيراً عن حقيقة ما تعيشه الأمة..
      المذيع: يعني: ما علاقة رجل الشارع -كما يسمونه- بالعالم.
      الشيخ: نعم. فالحقيقة لا بد أن تزال جميع الفجوات، ولا بد أن تتوحد جميع الجبهات كما توحد الهدف ...
  6. دواعي تأسيس الحملة وأهدافها

     المرفق    
    المذيع: هذا يدعوني للعودة مرة أخرى لسؤال الدكتور عمر العمودي، عندما سأل عن هذه الحملة هي جزء من هذا الدور، حدثنا عن هذه الحملة فضيلة الدكتور! وما أهدافها وما ترجوه من الإخوة أن يساهموا فيها، وما هي الأبعاد لهذه الحملة؟
    الشيخ: الحقيقة الحملة هي إحدى نتائج ما حدث، أي: هذا العدوان في الحقيقة -ولا أريد أن أطيل في الحديث عنه- لكن يكفي أن أقول وقد قيل من أهله أو ممن كان يؤيده أو من حلفائه: بأنه عدوان لم يلتزم لا بشرع من شرع الله، ولا بقيد من قيود الأخلاق، ولا بأي قيمة من القيم التي تعارف عليها البشر، عدوان صارخ منتهك لكل الحرمات، يدمر كل القيم، ويستهدف بالذات هذه الأمة مباشرة، وبعبارات أنكرها من زعماء الغرب، يعني عندما يقول: مستشار ألمانيا: ما كنا نظن أن في القرن الحادي والعشرين رجلاً يقول: إن الله فوضني لأدمر شعباً آخر باسم الحملة الصليبية، يعني يقوله هؤلاء الذين لا خلفية لهم بالدين أصلاً، وهم شركاء في الحضارة والتوجه في الجملة.
    أقول: العدوان فاق كل الحدود! ومن هنا تأتي قضية أنها عندما تشتد تنفرج بإذن الله تبارك وتعالى، لما كان بهذه الضخامة وهذه الشراسة، بدأ العلماء يفكرون ويتداعون ما الذي يمكن أن نعمله؟ وصدرت فتاوى جماعية في عدة دول إسلامية، ونحن أمة إسلامية، نحن جسد واحد، فعلماء العراق مثلاً لهم بيانات، وعلماء فلسطين، وعلماء مصر وعلماء السودان، فقيل: لماذا لا تكون الأمة واحدة، ولم لا يكون لنا أمر واحد؟ ثم قيل: هل القضية قضية علماء؟ أين المفكرون والموجهون، أو بعبارة فقهية شرعية: أين أهل الحل والعقد في الأمة؟
    عندما نبدأ بتفكير منطقي سليم كمثل هذا تواجهنا عقبة الواقع -التي أشار إليها بعض الإخوة- المسافة الكبيرة بين ما نؤمله عادة وبين ما نريد أن نحققه، وعندنا مشكلة، وأنا أعتقد أنها من أخطر مشكلاتنا التي تعيقنا دائماً، أن نعلق آمالاً كباراً ثم لا تُحقق فنحبط، ولكن لو بدأنا بخطوات واقعية معقولة محدودة، وكما تفضل الأخ: مسافة الألف ميل تبدأ بخطوة واحدة، لكان ذلك أفضل، وأرجو أن هذا يتحقق في هذه الحملة.
    المذيع: ولدينا اتصال هاتفي من الأخ سعد الشيب من السعودية، تفضل يا أستاذ سعد!
    المتصل: السلام عليكم، أولاً أشكر قناة المجد صاحبة الطرح المتميز على استضافة الشيخ سفر في هذا اليوم، وأشكر الشيخ على الطرح الواضح المتميز، وأنا اطلعت حقيقة على موقع الحملة في الأنترنت، وأشعر أن هذا المشروع متميز وقوي وجاد جاء في التوقيت المناسب، بل أعتبر أنه تأخر بعض الشيء، ووجدت في الحقيقة تفاؤلاً جيداً بين المثقفين وأساتذة الجامعة، وسؤالي الآن للشيخ بصفته الأمين العام للحملة: هل ستقوم الحملة بتبني مؤتمرات وحوارات ومؤلفات باللغتين العربية والإنجليزية للرد على الهجمة على الإسلام، خاصة وأن صورة الإسلام مشوهة في الغرب، وصوته مغيب، ونحن نملك حجة أقوى، ومشروعاً حضارياً لا يملكه الغرب؟
    المذيع: نعود للسؤال الذي ورد من الأخ سعد الشيب قبل قليل عن الحملة، فهل ستقوم الحملة بتبني مؤتمرات وندوات، وهذا ربما يكون في سياق واقع حديثكم.. ولعلكم تتفضلون بالإكمال.
    الشيخ: الحملة الحقيقة انطلقت -كما قلت- من حجم هذا العدوان، وقوة وضخامة وشراسة هذا الاستهداف لهذه الأمة، وهي أمة لم تمت ولن تموت بإذن الله تبارك وتعالى، المشاعر الإيمانية تأججت، والعواطف اشتعلت، وكل بلد قدم أو عبّر عنها بالشكل الذي يراه وبحسب ظروفه وإمكاناته، وهكذا، والعلماء -كما أشرت- كلٌ قدم، فجاءت في الحقيقة الحاجة والضرورة الملحة إلى أن تجتمع هذه الأمة، لم لا تتحرك الأمة حركة واحدة؟ المنطلق الذي كان من أشد الأشياء وقعاً وإيلاماً على القلوب، الشعارات البراقة الخادعة والكاذبة التي صنعها المعتدي لكي يمرر عدوانه، بأنه يريد الحرية والديمقراطية، وهكذا.
    ثم تواكب هذا مع حملة شاملة، وهو ما يعبر عنه بمبادرة باول لتغيير الواقع الاجتماعي والتعليمي والتربوي والقيمي، وكل أنواع الثقافة في المنطقة، فهنا كانت نكبة وهزيمة كبيرة جداً؛ أن تهزم الأمة إيمانها وعقيدتها وقناعتها، وتسلب إرادتها بحيث تقدم نفسها طائعة ذليلة للعدوان، ليقدم لها القيم، ويعطيها الحرية.
    المذيع: هذا جواب على سؤال الأستاذ أحمد فايز الذي سأل عن التدخل العسكري وأنه تعدى إلى التدخل الداخلي.
    1. المواجهة بين الحضارة الإسلامية والحضارة الغربية

      الشيخ: بلا شك، وبكل وضوح واستهداف، هو مشروع ضخم، هو مشروع حضارة تريد أن تسحق وتدمر حضارة أخرى، الحضارة الند، لا يوجد حضارة ند إلا الحضارة الإسلامية، الحضارة البوذية والهندوسية وغيرها لا يمكن أن تكون حضارة نداً، الحضارة الند والمقاومة لغة وتاريخاً وحرباً وثقافة وفي كل المجالات، حتى تاريخاً وتقويماً ...
      المذيع: يعني يوقن بهذا الغرب ويصرح به.
      الشيخ: ومُصرح به، وكثير من المفكرين يعلمه، وقد يخفونه، لكنه معلوم وقاعدة متبعة، يعني هي أمة لا يمكن ترهيبها بأي حال من الأحوال، لكن الله تبارك وتعالى يُمَكِن لهم ليستدرجهم ويبتلينا بهم ((ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ))[محمد:4] هذا بلاء منه تبارك وتعالى، ولكن نحن نؤمن بقضاء الله وبقدره، ونتوكل عليه في دفع القدر بالقدر، وهذه عقيدتنا.
      لذلك ندعو العلماء والمفكرين والمتبوعين وأهل الحل والعقد في بلادهم، فرحوا جداً بأن تنشأ هذه الحملة، واستبشروا بها خيراً، مع العلم أن عملنا مؤقت، يعني: أنا مثلاً عملي مؤقت، ونحن الآن في الحقيقة عبارة عن لجان تحضيرية، والموقع لا يزال يستقبل الآراء من المؤسسين وغيرهم.
      التخطيط لنجاح الحملة وقيام هذه الحملة، وقيام هذه الأمة ليس بالأمر الهين، لكن هي مفتوحة للكل، كل أخ يمكن أن يدخل ويقدم، يعني هناك أسئلة بعضها: ماذا يمكن أن نقدم؟ الحوارات والندوات وكل أنواع الاحتجاج هي نوع أو ألوان وأشكال من الحملة، كل بحسب موقعه وظرفه، مثلاً نحن مهمتنا كلجان تحضيرية مؤقتة أن ننسق لهذه الجهود.
    2. دور الحملة في إبراز الصورة الحقيقة للإسلام

      المذيع: يعني ما رسمتم دوركم فيها، مثلاً: لم تقولوا: دور الأطباء كذا، والخطباء كذا، ووزارة التربية والتعليم كذا..؟
      الشيخ: هو في الواقع نحن الآن نجمع الجهود المبذولة بالذات من المؤسسين، ثم نحاول أن ننشر البقية ونربط هذا بهذا، وإن شاء الله سيكون هناك نوع من المكاتب التمثيلية الإقليمية للحملة، وسيكون هناك مثلاً شيء يخص قطاع الإعلام، باعتبار أنه لا بد أن يقوم بدوره، من ذلك الندوات والحوارات، فبيان حقائق هذا الدين نصر عظيم، ولنا أن نبين محاسن الإسلام، وأن نعرضه عرضاً حقيقاً لإزالة الصورة المشوهة التي منذ القرون المظلمة في أوروبا وحتى الآن وهم دائماً يشوهون هذا الدين، حتى أصبح هناك حجب كثيفة تمنع من رؤية حقيقته، إلا في شخص همجي أو متعطش للدماء..
      المذيع: وقد وصل التشويه إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
      الشيخ: بالضبط. هذه حملة مركزة وهادفة، في المقابل والحمد لله نحن نملك، وهذا أحد أسباب تفاؤلنا، خذ مثالاً على ذلك: عندما ترفض كنائس غربية وهي أكثر من تسعين بالمائة، ونحن رصدناها، ترفض العدوان، وترفض ما قيل عن النبي صلى الله عليه وسلم، بل وزير خارجية بريطانيا نفسه رفض ما قيل عن النبي صلى الله عليه وسلم.
      وأضرب مثالاً بقريش: قريش في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كتبت الصحيفة المشئومة وعلقتها، والذين مزقوها كانوا من قريش، يعني نحن بإمكاننا أيضاً أن ندعو إلى الله ونقيم حملة داخل المجتمع الغربي، أو المجتمع الأمريكي ذاته حتى يكون هناك من يقول: لا. هذا ظلم وهذا عدوان، وبشكل أقوى وبصوت يستمر، وجاءتني رسائل شخصية من بعضهم ... على سبيل المثال: زعيم الكتلة المعارضة في استراليا، يقول: كونوا معنا! نحن معكم ضد العدوان، هذا لا إنساني ولا أخلاقي.. وأشياء كثيرة، نحن لم نوظف هذا فقط لمجرد أنه حرب ضد الحرب، أو ضد ما وقع في العراق فقط أو فلسطين، نحن نريد أن نشرح لهم ونوضح لهم حقائق الإسلام وحرص هذا الدين على العدل؛ لأن هدايتهم أحب إلينا، يعني لو اهتدى شارون وهو أكبر مجرم على الأرض لما نظرنا لكل ما فعل، كما اهتدى خالد وعمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما، فنحن تهمنا الهداية بالدرجة الأولى.
      بمعنى آخر: أن هذا المشروع هو خطوة أولى أو حد أدنى يمكن أن نقول كذلك، لكنه يمكن أن يحقق بإذن الله تبارك وتعالى أهدافاً كثيرة، إذا فعلت كل الطاقات، ودخلنا كل المجالات.
    3. دور الحملة في تجميع جهود المسلمين

      المذيع: ائذن لي أيضاً أن أرسم بعض النقاط: هل يمكن أيضاً أن نقول -وهذا مما نطلبه من الإخوة المشاهدين- أن يرسلوا بأفكارهم في هذه الحملة، في طرح بعض الأفكار، وخصوصاً أن لكم موقعاً متميزاً يمكن أيضاً أن يُطرح مثل هذا، دعني أضرب أمثلة سريعة: الأطباء.. الخطباء.. المدرسين وأصحاب الثقافة والتعليم في المجتمعات الإسلامية بعامة.. كيف يمكن للطبيب المسلم أن يسهم في هذه الحملة؟ خصوصاً أنه يحضر مؤتمرات عالمية في كل مكان ولها تأثيرها في المجتمعات الغربية، الخطباء: هل يمكن للحملة مثلاً أن تعد خطب تنشرها عبر الإنترنت، وتكون هذه الخطب معدة إعداداً سليماً من قبل مجموعة من العاملين لديكم في الحملة، وتسهم في نشر الوعي وبيان حقيقة هذا العدوان، ورجال التربية والتعليم في العالم الإسلامي كذلك، ورجال الإعلام كما أشرنا، أي أنه يمكن أن يسهم في هذا كلٌ حسب دوره..
      الشيخ: في الحقيقة هذا هو واجب الحملة، وهذا عملها، ولكن لدي تنبيه مهم جداً: لا يعني أن هذا واجب الحملة، أنني أدخل وآخذ حصة، أو كوني طبيباً أن أدخل وآخذ توجيهاً، لكن بما أني طبيب فأنا أقترح، الحملة تجمع الطبيب الأندونيسي والطبيب المغربي والسوداني، ثم تجمع الآراء، ثم تُدرس، ثم تُرسل إليهم، ثم تُمحص، ثم يشكلون حملة، ثم هم ينطلقون، فتكون وظيفة الحملة الجمع والتنسيق والتوجيه، ثم عدم التصادم بين اللجان والأعمال.
      ومن هنا أؤكد أن دورنا تنسيقي، والأفكار تأتي من الإخوة، في بعض الدول عمل متقدم جداً، لكن الآخر لا يدركه لاختلاف اللغة أو لبعد الجغرافيا..
      المذيع: يعني: ممكن أن تكونوا رابطاً بين جمعيات الأطباء في العالم الإسلامي مثلاً، تجمعون الأفكار عن طريق الجمعية من أقصى الشرق مع أقصى الغرب، ويكون هناك سياسة عمل موحدة تنشر لهم..
      الشيخ: بالضبط........... يعني أنت كيف تدعو هذه التي يمكن أن نقدمها في الحملة، يعني: عرض محاسن الإسلام وحقائق هذا الدين وكيف يقدم، وهناك أمور نحن نقوم بها بحكم الاختصاص، وبحكم الإخوة الزعماء والعلماء والقادة في العالم الإسلامي بحقيقة يخجلوننا من كثرة نظرتهم إلينا في هذه البلاد، فالعلم الذي يأتي من هذه البلاد مقبول عند الجميع، والرأي مقبول كذلك، إلى حد أننا الحقيقة.. نحن نعلم ضعفنا وواقعنا ونرجو الله تبارك وتعالى أن يجعلنا محل الثقة وأهلاً لمحبتهم وثقتهم بنا، ونحن في الحقيقة نأخذ ونعطي.
      المذيع: لكن هل تنوون مثلاً من خلال هذه الحملة أن من أراد المساهمة معكم في الحملة، شخص مثلاً في أقصى المغرب العربي، كيف له أن يسهم معكم في الحملة؟ لا يمكن له إلا عن طريق هذا الموقع أن يدخل؟ هل يمكن أن يدلي بأفكار أخرى، هل يمكن أن ينضم عن طريق آخر؟
      الشيخ: الموقع هو فقط للتجميع، وهو رابط، والإخوة في المغرب ساهموا، ومثال على ذلك: الأخ الفاضل أحمد الريسوني ساهم وبين في قناة الجزيرة كمثال يعني، والإخوة في المغرب من الناحية الإعلامية نشروا في الصحف، والإخوة هناك بحكم خبرتهم واطلاعهم القريب على فرنسا، الخبرة القانونية الفرنسية لديهم ....في الترجمة، ترجمة الموقع إلى اللغة الفرنسية، وهذا كمثال، هذه بدايات.
      فأنا أقول: هي مفتوحة لكل مسلم، ونرجو -وهناك لجان موجودة الآن- أن يتبلور عنها أعمال أكبر، وتظل ولله الحمد محددة الهدف واضحة المعالم، وهي مقاومة هذا العدوان في كل موقع من المواقع التي يريد هذا العدو أن يسيطر عليها، ابتداءً من قلوبنا وأنفسنا ومجتمعاتنا، من المرأة من كذا.. لن يكون هدف أو وسيلة أو مجال يمكن أن يطرق إلا ويتخذ بإذن الله تبارك وتعالى.
    4. الدور المطلوب من المسلم العادي

      المذيع: هذا سؤال طرح قبل قليل، وهو ما كنت أنوي طرحه، طرحه أحد الإخوة المتصلين قبل قليل، حول دور المسلم العادي، الدور الشخصي حيال هذا العدوان، من لم يستطع مثلاً المساهمة معكم من خلال هذه الحملة، كيف يمكن أن يسهم في صد هذا العدوان، والقيام بواجبه تجاه هذا العدوان، والقيام بواجبه تجاه أمته أمة الإسلام.
      الشيخ: هو من فضل الله تبارك وتعالى على هذه الأمة المباركة الطيبة أن لديها وسائل للتعامل والتخاطب والتواصل لا يمكن لأي أمة من الأمم أن تعرفها، بل إن هناك نصاً عظيماً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: {إنما تنصرون وترزقون بضعفائكم} بدعائهم وإخلاصهم فانظر يا أخي! إلى أضعف من في الأمة، العجوز رجلاً كان أو امرأة لا يملك أي شيء، هذا الرجل رب دعوة منه سددت رمية صاروخ يطلقه إخواننا من كتائب عز الدين القسام فيقع في مستعمرة يهودية، أو على دبابة فيفجرها، أو على أي مكان آخر..
      حتى المجاهد نور الدين محمود زنكي الشهيد رحمة الله عليه، وأنا أضرب به المثل دائماً لأهميته في تاريخ التحول من حضارة مغلوبة إلى حضارة غالبة، قيل له: لو أخذت من أموال الأربطة والأوقاف وأنفقته في الجهاد؟ فقال: لا أدع السهام التي لا تخطئ من أجل السهام التي تخطئ وتصيب.
      إذاً: ممكن بالدعاء يا أخي وبالإخلاص وبالتزام طاعة الله، المرأة المسلمة المؤمنة التي تتحجب وترفض العدوان الذي يريدها أن تتبرج وتخرج من بيتها، هذه مع الحملة، وقامت بواجب كبير ونشكرها على ذلك، كل امرأة تتحجب فهي مع الحملة، يجب أن نفهم هذا تماماً، لأنها مع الله والدين والإيمان.
  7. إدارة الأزمات لصالح الأمة العام

     المرفق    
    المذيع: ومعنا اتصال هاتفي من الأستاذ أسامة الأجيري من السودان، أستاذ أسامة أهلاً ومرحباً بك!
    المتصل: حياكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أشكر لكم أولاً يا أستاذ فهد هذه المداخلات والبرامج الطيبة وجعلها الله لكم في ميزان حسناتكم، وسعدنا كثيراً برؤية شيخنا سفر الحوالي، أسأل الله أن يسعد أيامه وأن يبارك في علمه وعمره، وفي الحقيقة مداخلتي تكمن في مسألة: كيف نستطيع أن نستخدم هذه الأزمات في صالح الأمة العام، لأن حقيقة البراعة تكمن في قيادة الأزمات بتصور إمكانية تحويل الأزمة، وما تحمل من مخاطر إلى فرصة لإطلاق القدرات الإبداعية، التي تستثمر الأزمة كفرصة لإعادة صياغة الجروح، وإيجاد الحلول السديدة، ولا شك أن هذا التوجه الإيجابي يهيئ لإدارة الأزمة، فبعد التحدي الكبير الذي يستهدف الأمة في هذه الأيام، إمكان تحويل الخطر إلى فرصة يمكن استثمارها، وتحويل إحباطات المحنة إلى مناخ يحتم فعاليات الجهود الإبداعية، وهو على سبيل المثال: كيف تدار الأزمة الحالية في الأمة الإسلامية حول عدة محاور، باستطاعتنا مثلاً أن نستغلها في دعوة الشباب والمجتمعات عبر التفاعل الجاد، والحماس اللامحدود، الذي يُلمس من جميع المسلمين في أنحاء العالم، فكم سمعنا أصلاً في الأزمات السابقة من شباب كانت الأزمات سبباً في التزامه وتوجهه إلى طلب العلم، والذب عن الأمة، والجهاد في سبيل الله جل وعلا، عبر هذه الأزمات.
    وأيضاً: مسألة الدفاع عن بعض القضايا الأساسية في دعوتنا ومنهجنا السلفي، ففي هذه الأزمة باستطاعتنا أن ندير الحوار الجاد لإظهار ميزة الدعوة السلفية، ولعل أكبر ما يدلل على قوة هذه الدعوة أن كثيراً من الأطياف الغربية والأمريكية -على وجه الخصوص- لا تستعدي العالم كله مثل استعدائها لهذه الدعوة، باعتبار أن هذه الدعوة هي العدو اللدود للغرب وأمريكا، وهذا محور مهم جداً للعالم، ليعلم أن الدعوة السلفية هي دعوة فاعلة، تنطلق من أساس الكتاب والسنة، والولاء والبراء، والتفاعل...
    المذيع: أستاذ أسامة جزاك الله خيراً، في الحقيقة وصلت الفكرة، وشكراً على اتصالك.
    ومعنا الأستاذ مساعد التمامي من السعودية .
    المتصل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، هناك كثير من الإخوة يا شيخ! أنزل هذه الأحداث على أحاديث الفتن والملاحم، إلى درجة أن بعضهم قال: قد بويع المهدي، وإلى درجة أنه أخرج صدام حسين هو السفياني، وكذلك..
    المذيع: أستاذ سعد هذا محور مهم سوف نتعرض له، وهو موجود معنا، وذكرناه في مقدمة الحديث وهي إنزال هذه الوقائع، وانشغال الأمة بالرؤى والأحلام والمنامات، إنزال أحاديث الفتن على الواقع، وهو محور مهم عندنا، فإذا كان لديك قضية أخرى..
    المتصل: لا شكراً.
    المذيع: ومعنا الأستاذ علي من السعودية .
    المتصل: السلام عليكم، كيف حالكم يا شيخ سفر ؟
    نسأل الله أن ينفع بك، شيخنا الفاضل: بالنسبة للإعلام المتنوع الآن يا شيخ سفر، وقد تكون سلبياته أكثر بكثير على المجتمع الإسلامي من إيجابياته، ترى فيه بصيصاً بحيث أن الناس يجتمعون على قضية واحدة، فتنهض الأمة من هذه الجهة.
    ثانياً: بالنسبة للعلماء: قد نتفق مع بعض العلماء أو المشايخ في قضية أو قضيتين أو ثلاث، لكن إيصالها للجمهور أو للمجتمع أو الشباب يحتاج لطرق مختلفة، مثلاً: قد نتفق على أنه لا يذهب الشباب مثلاً إلى العراق لأسباب كثيرة، لكن يحال هذه النقطة بحيث أنه يقنع الشباب بأنه يقدم المشروع الخاص كالزواج أو غيره، هذا يظهر أن إيصال الخطاب فيه ما فيه، لذلك بعض الشباب يرفضون حتى الاستماع إلى بعض الأفاضل والعلماء.
    ومشكلتي يا شيخ! أنه دائماً مع هزائم المسلمين تخرج لنا مشكلة، وهي مشكلة الشعوبية، مشكلة رفض التاريخ العربي، حتى أن بعض الشباب كنت أسأله في الشارع عن آرائه أو كذا، فيقول: هذا هو ديدننا وهذا هو تاريخنا، وهذه مصيبتنا، هذه الشعوبية التي نادى بها الجاحظ ولا زالت إلى الآن في جرائد النصارى وغيرها، فلا أدري ما هو رأيك فيها؟
    وأخيراً يا شيخ: لا أدري كيف استقبال الليبراليين للغزو الأمريكي، وهل هناك تغير بالنسبة للفكر العلماني والليبرالي يستفيد منه الإسلاميون.
    أيضاً الخطاب الغربي يا شيخ: دائماً نوجه خطابنا للغرب وننسى الداخل، فمثلاً الخطاب الذي تبنيتموه في الانترنت ضد حملة العدوان، قد يكون هناك مكتسبات من قريب أو بعيد، قد يكون مكتسبات في الغرب بعض الناس، لكن يظهر لي أن هناك خسارة كبيرة لشبابنا عندما نقدم الخطاب يمكنك أن تقول: ثقافي أو حضاري أو.. لكنه ليس شرعياً بحيث الخطاب الجهادي مغيب وغير مقنع، وربما عندكم أسباب كثيرة ....
    المذيع: ومعنا اتصال آخر من الأستاذ فضل من بريطانيا، تفضل أستاذ فضل.
    المتصل: جزاك الله خيراً، وجزاك الله خيراً يا شيخ سفر، بارك الله فيك وأعانك على خدمة الإسلام إن شاء الله، الحقيقة عندي بعض الأسئلة إذا أردت أن تجيب عليها بارك الله فيك، السؤال الأول: عنوان الحملة على الشبكة لو سمحت؟
    والسؤال الثاني: ما قراءتك يا شيخ سفر لانسحاب القوات الأمريكية من المملكة العربية السعودية، ما قراءتك في السبب والتوقيت؟ والسؤال الثالث: ما تفسيرك لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يقول فيه: {بينما هم في بيداء من البيت يخسف الله بأولهم وآخرهم} هل هم فعلاً القوات الأمريكية الموجودة في المنطقة؟
    المذيع: شكراً للأستاذ فضل من بريطانيا، وأعود إلى أسئلة الإخوة: من السودان كان الأخ أسامة قد طرح قضية مهمة جداً، كيف نستطيع أن نستخدم هذه الأزمات لصالح الأمة العام؟ بمعنى: كيف تدار الأزمة بعدة محاور، أن نستغل بعض الأحداث لصالحنا نحن؟
    الشيخ: الحقيقة أنا أشكر الأخ أسامة على هذه المداخلة الجميلة، وأقول هو أجاب، بل أطلب منه أن يكتب ذلك في مقال، وأن يحوله إلى الموقع لتستفيد الحملة كلها، وكذلك الإخوة الكرام الدكتور عمر والشيب وكل الإخوة كذلك، ونحن بحاجة إلى مثل هذه الأفكار النيرة، وإن كان بعضها يأتي بشكل سؤال، لكن هو في الحقيقة يعبر عن رأي وعن جواب.
    المذيع: الأستاذ علي سأل عن الإسلام المتنوع وأن سلبياته كثيرة، ألا يمكن أن يستفاد من بصيص النور الذي من خلال هذه الحملة؟
    الشيخ: هو في الحقيقة نحن كل ما يمكن الاستفادة منه فبإمكاننا ذلك، بمعنى: بما أنها حملة فهي متنوعة متعددة، وأينما كان موقع المسلم فنرجو منه أن يقدم ما استطاع، ولو لم يمكن إلا أن يخفف المنكر فهذا يعتبر جزءاً من العمل إن شاء الله.
    1. مكانة الخطاب الجهادي في الحملة

      المذيع: أيضاً كان يسأل عن العلماء، يقول: هناك قضايا يصعب إيصالها، قد نتفق مع بعض العلماء في بعض القضايا لكن إيصالها إلى الناس هو الذي تكمن فيه الصعوبة.
      الشيخ: الحقيقة أنا لا أوافق الأخ على أن الخطاب الجهادي مغيب أو.. أو أن قضية الإيصال، أن الواقع الذي -وسأتكلم عن نفسي على الأقل- أقول: الصلة موجودة ومباشرة ولله الحمد، لكن ليست أحياناً مما ينشر أو يقال، يعني غالب هذه القضايا، وربما حتى لو جاءني الأخ وعرض الحديث، أنا أقول: لا تعرضها، أنا أريد عندما يتحدث معي فرد أو جماعة أن يبوح بكل ما عنده، وهذا لا يُنشر ولا يُذاع، ولكن نحن في الجملة لا نغيب الخطاب أبداً، أرجو من الأخ وأشكره جداً أن يقرأ المقال الافتتاحي في الموقع، وهو: أول الغيث قطر، ليدرك أن الهدف واضح.
      المذيع: لكن أشار إلى موضوع آخر وهو: أنه مع الهزائم المتكررة تخرج لنا شعوبية في الشارع الإسلامي، وهذا يقول: نعاني من أن نستغل أحياناً بعض الثمار حتى أن أصولها تخرج من هذه الشعوبية التي تهزمنا؟
      الشيخ: هو المنهزم عادة حالته النفسية شاذة، يعني حالته العقلية مضطربة، ولذلك يأتي القرآن لرفع الهمم: ((وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمْ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ))[آل عمران:139] هذه أيضاً من آيات أحد -كما أشرت قبل قليل- آيات يجب أن نعيد قراءتها ونتأملها، المحنة لا تهز المؤمن، والذي يقول: هذا تاريخنا كله هزائم، تاريخ لا ديمقراطية فيه، تاريخنا.. هذا كما قد يعبر عنه نوع من الهزيمة، أنا أعتبره أخطر من سقوط مدينة عربية أو إسلامية أو عاصمة أو دولة في يد الكفار، فهذا قد يهون وقد تسترد، أما أن تسقط الأمة في هوة الإحباط، كما يريده العدو، وتجرف ذاتها ولا تعمل شيئاً، أعتقد أن هذه هزيمة منكرة، ويجب أن نتعاون على ...
    2. دور المنافقين في الهجمة على الإسلام

      المذيع: على مر التاريخ كيف كان دور المنافقين في الهجمة على الإسلام، هو سأل ولكن من جهة أخرى، وسؤاله جميل، هم كيف استقبلوا هذا الغزو؟ وربما يكون أكثر تساؤلاً منا في سؤاله.
      الشيخ: يكفينا أن الله تبارك وتعالى قال: ((هُمْ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ))[المنافقون:4] أي: كأنه لا عدو غيرهم، مع أن الأعداء والعداوات كثيرة، حتى هؤلاء أنا أعتقد بعد أن كشفت لا أقول: أمريكا كأمة أو كحضارة، بل أقول: اليمين المتطرف الذي كشف القناع عن حقيقة وزيف الشعارات التي تشدق بها زمناً طويلاً، وبعد أن أصبح يستهدف هذه الأمة مباشرة في دينها ووجودها وقيمها وأرضها وثرواتها وكل شيء، ما الذي يريد هذا الليبرالي الذي يقول أنا ليبرالي؟ بماذا يطالب؟
      فلتأت بمشروع من داخل تاريخ الأمة وواقعها واعرضه على الأمة، أما أن يفرض علينا أي مشروع من خارج هذه الأمة فهو مرفوض، نعم الحكمة ضالة المؤمن، هو يأخذها، لا تفرض عليه، أما عدو يريد أن يفرض علينا شعارات أو أفكاراً معينة وهدماً كاملاً لديننا، ومسخاً لحقيقة إيماننا ووجودنا وشرعيتنا وكل شيء، ثم يأتي من يقول: ولم لا ندعهم يقدمون لنا الديمقراطية؟ حقيقة أنا أعتقد أن هذا صوت شاذ يجب أن يسكت، لا أعني بالقوة فقط، وإن كان هذا أيضاً مما يؤدب به بعضهم، ولكن يجب أن الأمة كلها ترفضه بصوت واحد، وأنا أبشركم أيضاً أن هذا في الحقيقة ولله الحمد، لا يوجد شعب مسلم فضلاً عن هذه البلاد الطيبة والحمد لله يمكن أن يقبل هذا الصوت بعد اليوم، لكنهم لا يعقلون، ومع الأسف أن هناك من يفتح لهم المجال إما في قناة إعلامية أو في صحافة أو شيء، وهذا لا يجوز بأي حال من الأحوال، فالأمة تريد أن تفيق وأن تستيقظ وتنهض من سباتها، وتقاوم عدوها، ثم يأتي من يقول: إن هؤلاء يقدمون لنا ذلك، مثل شعار الليبرالية أو الديمقراطية أو أي شعار..
      المذيع: يمكن أن نقول يا شيخ: إن بعد هذه الأزمة انكشف كل شيء، فإما إسلام صريح واضح، أو غربي صريح واضح؟
      الشيخ: نعم. هذا ما يقوله كثير من المحللين، وليس بعد هزيمة الأفكار البعثية هزيمة، فماذا بقي من الشعارات؟ شعارات احترقت وبليت، وكان يجب ألا تدخل وألا نُخدع بها، أما وقد حدث ما حدث، وكشف هؤلاء عن عداوتهم وبغضهم، فتحقق فيهم قول الله تبارك وتعالى: ((قَدْ بَدَتْ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ))[آل عمران:118] هذا المتكلم، أما العامل منهم فها نحن قد رأينا أفعالهم، رأينا كل ما يناقض ما يدعونه من شعارات.
      يعني أنا أقول: إن هؤلاء لن يجدوا لهم إن شاء الله موضع قدم بعد اليوم، وأنا في الحقيقة أقول: من أهم القضايا التي يجب أن نتنبه لها أننا لو تأملنا العدوان كيف دخل إلى أي بلد لوجدنا لم يأت وحده منفرداً، بل دخل عن طريق هذا العدو، ليبرالياً كان أو فئة ضالة أو منحرفة، أو معارضة أو كذا أو كذا، ولذلك يجب أن نقضي على الأسباب التي تؤدي إلى أن يجد العدو موضع قدم، يجب أن نحول دونه ودون أن يجد له من بيننا من يستخدمه، وهذا يتحقق بالعدل والعلم، وبالحوار، وبقبول الآخر وتفهم ما لديه مهما يكن الخلاف معه، فما دام داخل إطار مجتمعنا وفي حدود أننا نعلم أن هذا العدو لا يفرط وهو خطر على الطرفين، لكن نحن فيما بيننا لو امتد حوارنا ما شاء الله فلا إشكال، ولدينا المرجع الذي لا شك فيه كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وما كان عليه الخلفاء الراشدون، ومنهج السلف الصالح واضح.
  8. أهمية استمرار الحملة وتقبلها لمختلف الآراء

     المرفق    
    المذيع: معي الدكتور وليد الرشودي من المملكة أهلاً ومرحباً بكم يا دكتور!
    المتصل: أهلاً وسهلاً، الحقيقة لدي بعض التعليق بين يدي شيخنا الكريم الشيخ سفر الحوالي، أولاً: الحقيقة هذه الحملة المباركة يجب أن نتذكر فضل الله علينا فيها، وأن نتذكر الشكر، كما قال الله تعالى: ((لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ))[إبراهيم:7] فلا بد أن نلهج بشكر الله تعالى على أن يسر مشروع هذه الحملة التي يجب أن نتكاتف معها، والتي من أبرز ما سوف يظهر إن شاء الله ثمارها على الساحة: إحياء روح الأمة الكاملة والشاملة، والتكاتف فيما بينها، وإحياء روح الفأل بين المسلمين مهما أصابهم من ويلات ونكبات -كما تفضل الشيخ- وإحياء روح العمل والجد، فكل إنسان يستطيع أن يعمل، كما قال الأوزاعي رحمه الله: كل منكم على ثغر من ثغور الإسلام فالله الله أن يؤتى الإسلام من قبله.
    لكن أحب أن أنبه أن يجب علينا أن نتذكر أهمية الاستمرار، وأن هذه الحياة حياة مجاهدة: ((وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا))[العنكبوت:69] وأحذر من العجلة في تسيير بعض المقالات أو العبارات، وأن نحمل لها على الخير محملاً، وألا نحملها على ما تفهمه عقولنا، أو ما تتوجه لنا بعض التوجهات.
    وأخيراً لي كلمة حول الليبرالية التي تكلم عنها الشيخ سفر قبل قليل، أنه يجب علينا أن نسعى لتجفيف منابعها كما تسعى هي لتجفيف منابع المسلمين، ولا سيما في الدول والشعوب الإسلامية، ولله الحمد والمنة القوة الإسلامية أقوى، والفكر الإسلامي أقوى، فلا بد أن نسعى لتجفيف منابع العلمانية، ولعل الشيخ يعلق على هذه النقطة الأخيرة، وشكراً.
    المذيع: أيضاً معي الأستاذ محمد أبو نادر من الكويت، أهلاً بك يا أخي الكريم!
    المتصل: السلام عليكم، كيف حالك يا شيخ سفر ؟
    نسأل الله عز وجل أن يأجرك فيما أصابك في الدنيا والآخرة، فضيلة الشيخ: هل من كلمة توجهونها للشعوب المسلمة لما حدث في العراق وقبله أفغانستان، الواقع مر جداً، ونوجه كلمة للشباب المسلمين ألا يتناحروا فيما بينهم عبر القنوات الفضائية، ولا أتكلم عن المجد، ولكن عن قنوات أخرى، ألا يتناحروا ويسب بعضهم بعضاً، مشكلة العراق حدثت ولا حول ولا قوة لنا بها، فندعو العلماء والشعوب أن ينفعوا الشعب العراقي بما فيه الخير لهم، بطاعة الله عز وجل من الدعوة هناك ومد الإعانة لهم، ومن الصحوة؛ لأن الشعب عاش تحت البعث قرابة ثلاثين سنة، فيحتاج إلى صحوة ومد العون لهم، والتناحر في هذه القنوات لا يفيد، ولا يقدم ولا يؤخر، ثم إن سب الكويت وغيره، أنا لا أبرر للكويت ولا أدافع عن حكومتها فهم جزء من مشكلة هذه الأمة...
    المذيع: أستاذ محمد ائذن لي الحقيقة: نحن في هذه الحملة أمة واحدة: الكويت المملكة العراق الأردن، بل كل شبر من أمتنا الإسلامية، نحن جسد واحد، وروح واحدة، وهذا ما ندعو إليه من خلال هذه الحملة، والكويت جزء لا يتجزأ منا، هي قلب منا وجزء مهم جداً من وطننا الإسلامي، نحن كلنا كتلة واحدة، وسوف تسمع بإذن الله تعليق فضيلة الدكتور.
    أيضاً معي الأستاذ خالد الغامدي من السعودية، أهلاً بك!
    المتصل: السلام عليكم، ومساكم الله بالخير، سعدنا برؤية الشيخ سفر، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن ينفع به.
    مشاركتي قصيرة جداً وهي: أريد من الشيخ أن يعلق على جزء من موضوع الحرب مع الغرب وهو الحرب الاقتصادية، وجدنا تحمساً من المسلمين في جميع أنحاء العالم الإسلامي في بداية المقاطعة، ولكن الآن بردت الهمم، وأصبح للأسف البعض من الأخيار يمتع نفسه بمتع من الدنيا، أو يعطي شهوة بطنه، أو يشتري المنتجات الأمريكية على علم منه بأن هؤلاء يقتلون إخوانه صباح مساء، فأريد من الشيخ جزاه الله خيراً أن يذكر بهذه وأن يبين أهميتها، وجزاكم الله خيراً.
    المذيع: شكراً للإخوة جميعاً الذين اتصلوا وأعود معكم، يا شيخ! دكتور وليد الرشودي أشار إلى مواضيع عديدة بعد شكر نعمة الله سبحانه وتعالى على قيام مثل هذه الحملة، وهو يؤكد على أهمية الاستمرار والعمل.
    الشيخ: نعم هذا واجب، وهذا الذي يؤكد ما قلت أننا نحتاج إلى هذا، ونحتاج إلى نُذكر به، ونرجو أن يكتبه الأخ وليد أيضاً في الموقع، وكلنا إخوة ويجب أن نتكامل، وأشكره على التحذير من العجلة، وعن التنبؤ أيضاً إلى العبارات، يعني الأصل فينا جميعاً أن نحسن الظن بعضنا ببعض، وأن نتعامل بوضوح وروح النصيحة والأخوة، بل أن يستر كل منا عيب أخيه، وكلنا ذو عيب.
    المذيع: يعني نفرض الآن أن بياناً صدر عن هذه الحملة حُمِّل تحميلات كثيرة، ما الطريقة المثلى فعلاً لرأب الصدع الذي يمكن أن يحصل، إذا حصل مثل هذا كيف يمكن لهؤلاء الذين لهم نظرة أن يتصلوا بكم، أو بالمسئولين القائمين على هذا؟
    الشيخ: نعم هذا عادي جداً، ومن حقهم أن ننشر رأيهم كما ينشر الرأي الآخر، ونحن أمة من فضل الله تبارك وتعالى عليها متعودة حتى في العبادات على الخلاف، فالصحابة لهم قولان في الحج وفي الصلاة والوضوء والطهارة، فلماذا تضيق صدورنا، ولنا أسوة برسول الله صلى الله عليه وسلم، وذو الجهاد قد ينتقد في شيء من أمر جهاده، حتى لو كان نقد من قائد فرضاً فإنه يجب أن يسمع، العالم لو انتقده عامي أو جاهل يجب أن يسمع، فقد يكون الصواب معه، لا ينبغي أن يكون بيننا حساسيات أبداً، فنحن إخوة، إما أن ننمي ما نصل إليه، وهذا إن شاء الله مما تطابقنا على العمل به، أن الناقد هو الذي يدقق ....... أكثر وأكثر، وأما ما يأتينا من ثناء ومن مدح، هذا عظيم جداً، ونشكر الإخوة على هذا.
    1. دور الحملة في الحرب الاقتصادية

      المذيع: الأستاذ خالد الغامدي يسأل عن موضوع الحرب الاقتصادية التي برزت في بداية الأزمة ثم فترت، خصوصاً ما يتعلق بالمقاطعة، فأرجو أن تكون مختصرة...
      الشيخ: أنا أشكرك خالد، هو ذكرنا بقضية كانت فاتتنا وكثيراً ما فاتنا الحقيقة عن أهداف الحملة، وأبشرك يا أخي بأن منها لجنة اقتصادية، ومن إخوة لهم كفاءة وخبرة وتجربة، وهذا الموضوع سيأخذ حقه بإذن الله، وأرجو أن تستمر أنت والإخوة في متابعتنا، وتوجيهنا، ونصحنا في هذا الشأن، لأن له حيويته وأهميته، على ما يقتضيه من دقة وإحكام ونظرات شرعية لا تخفى عليكم.
    2. حول سياسة تجفيف المنابع

      المذيع: أيضاً تحدث عن تجفيف منابع الليبرالية في الأمة الإسلامية، فنحن نملك المقومات التي لا يملكونها، هم يملكون منابع هدم، لكن نحن نملك منابع بناء يسيرة وسهلة جداً للدخول إلى القلوب، وإشارة الدكتور وليد الحقيقة جيدة في هذا المجال، فلعل لكم تعليقاً؟
      الشيخ: نعم. هم طرحوا شعار تجفيف المنابع كشعار في المنطقة، وكخطة، وأنا قرأت في حينها ما نشر من الخطة الأمريكية التي أقرها الكونجرس بهذا الشعار، وكيف أن بعض الأمم العربية وغيرها أخذت به حرفياً، الواجب أننا نحن الذين نعلن تجفيف منابع الشر والرذيلة، والإلحاد والانحراف والشرك والبدعة، نحن الذين نملك الحق بأيدينا ولله الحمد، ونحن الذين نتعامل مع كل قضية بعدل، وبما أمر الله، لا بهوانا ولا مصلحتنا، وعلى كل حال الإسلام أعظم وأجل من أن يحفف أحد منابعه.
      لما أراد الله تبارك وتعالى أن يضرب لنا مثلاً بهذا، وما أكثر ما جاءت، بين لنا كيف أن فرعون هو الذي رد موسى عليه السلام.
      عند أول مرة يحج فيها الحجاج بعد نهاية الاتحاد السوفييتي، أعددت أحد الإخوة مترجماً لي وجئت به، وجلست أترقب متى يدخل هذا الجمع، فلما دخلوا قالوا: يا شيخ! إن كلمتنا بالعربية الفصحى فنحن لا نحتاج إلى مترجم، فذهلت! يتكلمون العربية الفصحى، ومنهم شباب والله في الثالثة والعشرين، فقلت: كيف تعلمتم؟ قالوا: في حجرات ضيقة مظلمة تحت الأرض وبمشاق عجيبة -لو كان لدي وقت لشرحتها-.
      فالقوة الحديدية الهائلة لـلينين واستالين ومن بعده لم تفلح، كيف بعصر فيه الإنترنت والانفتاح؟ وهذا من تزيين الله، فهو يزين لهم عملهم فقط، ولكن لن يستطيعوا أبداً أن يطفئوا نور الله بأفواههم، هذا مجنون ينفخ لكي يطفئ نور الشمس في رابعة النهار، أو القمر في ليلة البدر.
      ومعنا الأخ فضل وقضية جلاء القوات الأمريكية: نحن كأمة ومن قبل الحملة، والحملة تؤكد هذا، نحن أمة واحدة، نحن لا نريد أن يبقى للعدو وجود في أي بلد، والمملكة لا شك هي قلب العالم الإسلامي، لكن قطر أيضاً من جزيرة العرب التي لا يجوز أن يجتمع فيها دينان، ونحن لا يجوز لنا بأي حال من الأحوال أن نقر ذلك عقيدة وإيماناً، بل نسعى لأن تخرج من كل بلاد العالم الإسلامي بإذن الله تبارك وتعالى، بالوسائل المشروعة المعروفة لدينا جميعاً.
      وأحب أن أقول: الأمة التي تقوم بالإعداد وتستعد لمقاومة العدو، للدفاع عن نفسها، بل يجب على الأمة الإسلامية أن تقوم أيضاً بجهاد الطلب إذا مكنها الله من ذلك، هذه لا تحتاج إلى وجود قوات أجنبية تحت أي ذريعة من الذرائع، وهؤلاء جاءوا بذريعة يقولون: نريد العراق، والآن انتفت الذريعة بانتفاء النظام، يلزم أن تكون هذه الحقيقة .......... ونحن لم نكن في يوم من الأيام راضين بهذا على جميع المستويات.
      المذيع: الأخ محمد أبو نادر من الكويت طلب كلمة للشعوب الإسلامية لما حدث في العراق وأفغانستان، ونحن في الحقيقة من بداية اللقاء نوجه هذه الكلمات.
      الشيخ: أنا أشكر الحقيقة هذه الكلمات الصادقة عندما تأتي من الكويت لها معنى، أشكر الأخ الكريم، يجب أن نطوي الماضي، لم يأت العدو من أجل حبه في الكويت ..
      المذيع: نقول: نحن الكويت ونحن العراق، ...
      الشيخ: نحن جسد واحد، كلنا جسد واحد وأمة واحدة، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يجمع قلوبنا كما جمع قبلتنا وكتابنا وربنا، وأن ننسى الماضي كله، بكل ما فيه من جراحات ومن آلام، وأن نبدأ صفحة جديدة على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وأن نحيي مقتضى وواجب الأخوة الإيمانية، وأشكره على اقتراحاته التي اقترحها.
    3. مشروع ترجمة كتاب الجواب الصحيح

      المذيع: الأستاذ عبدالله الجيول من السعودية، تفضل أستاذ عبد الله. 
      المتصل: سلام عليكم، حتى لا أطيل عليكم عندي سؤال: هل كان مشروع الشيخ سفر في ترجمة كتاب الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح بداية للحوار الفكري مع الآخر خصوصا النصارى؟ وأليس من المناسب إعادة المشروع في هذه الحملة لتلهف العالم لمعرفة الإسلام خصوصا بعد 11 سبتمبر وذلك استغلالا للشبكة العنكبوتية الهادفة مثل هذه القناة، وشكراً.
      المذيع: شكراً أستاذ عبدالله. أيضا معي الأستاذ سليمان الحرش من السعودية تفضل أستاذ سليمان! المتصل: سلام عليكم ورحمة الله، بارك الله فيكم –يا شيخ- وفي مساعيكم الطيبة، يا شيخ، مداخلة بسيطة: ذكرتم -الله يحفظكم- أن تغييب الأمة وصرف الأمة عن المنهج الرباني في الواقع، إن كثيراً من أبناء الأمة لا يتفاعلون مع النص القرآني، وكما هو معروف حسن الفهم يؤدي إلى حسن العمل، لذلك في قول الله تعالى: (وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره وإذا لتخذوك خليلا) حقيقة: إن هؤلاء يفتنون الأمة عن المنهج الذي ارتضاه الله سبحانه وتعالى له، لذلك الذين ينصاعون لهذا الافتتان يكونون مقربين لهؤلاء. 
      المذيع: شكراً أخي سليمان! والفكرة وضحت.
      أيضا معي من سوريا اتصال الأستاذ محمود أغاسي، تفضل أستاذ محمود. 
      المتصل: سلام عليكم ورحمة الله، حياكم الله، وأحيي شيخنا الفاضل الدكتور سفر الحوالي. أنا أقول: نحن نتكلم الآن عن هذه الحملة المباركة التي يقوم بالإشراف عليها فضلية الدكتور، لكن أنا أرى أننا بحاجة إلى حملة مشابهة ولكن تتوجه إلى أمتنا هذه الحملة لبناء أمتنا نحو أعدائنا تقاوم هجمة العدو عليها، نحتاج إلى حملة سريعة جداً تحت مسمى: إحقاق الحق فيما بيننا حتى نتعلم كيف نتكامل ولا نتآكل؟ حتى نتعلم كيف يعين بعضنا على الموجود ونوجد المفقود، حتى نتعلم كيف يعين بعضنا بعضا على المتفق ويعذر بعضنا بعضا في المختلف، إننا قد ننجح في مشاريع إبطال الباطل وهي سهلة لكن يؤسفنا أننا في دائرة مشاريع إحقاق الحق فيما بين أبناء الأمة بل فيما بين علمائها ودعاتها لم ننجح في قضية التكامل وتغيير الموقف، ونعرف شيخنا الفاضل الدكتور سفر بمنهجه التربوي التجميعي الذي يدعو لموقف موحد، أنا أطالب الآن باسم الشيخ سفر وأدعم موقفه في حملته، ولكنني أطالب علماء الأمة أن يستمعوا لما يقول، وأن يتوحدوا فيما يقول، وأن يتعلموا كيف يوحدوا جبهتهم، فالهجمة شرسة، هجمات من كل الجهات، فإن كان من أحد يريد النقد فليكن وجهاً لوجه، وإن كان أحد يريد النقاش فليكن وجهاً لوجه، حرب المنتديات والمواقع على الانترنت ليست من شيم وأخلاق الدعاة والمسلمين، أن نقاتل دعاتنا لأننا لم نقتنع بوجهة نظرهم ليست من أخلاقياتنا، دعاتنا في المجالس الخاصة عندما نسمع الآن مثل فضيلة الدكتور سفر يشرح ويبين ويسد ثغر كبير جداً من ثغورنا قد لا نقتنع بشيء مما يقال، قد لا نتفق على شيء مما يقال لكن.... 
      المذيع: الفكرة وضحت، ومعي أكثر من اتصال نشكر لك أستاذ محمود من سوريا، معي من قطر اتصال الأخت أم سارة، تفضلي أختي. 
      المتصلة: سلام عليكم. حبيت أسأل الشيخ ما دور المرأة في هذه الحملة؟ وسلام عليكم. 
      المذيع: شكراً لك أختي الكريمة من قطر، وليعذرني الأخوة أني مضطر لإيقاف الاتصالات.
      أعود إلى الأسئلة دكتور.. الشيخ عبد الله من السعودية يسأل عن مشروع الترجمة؟!
      الشيخ: أبشرك أنه انتهى ولله الحمد قبيل حوالي شهر أو أقل، ونحن الآن في صدد التعاقد مع دار نشر لطباعته.
       
    4. الفتن وتغييب الأمة عن المنهج الرباني

      المذيع: سليمان الحرش يسأل عن تغيب الأمة عن المنهج الرباني؟
      الشيخ: نعم وعن الفتنة، لا شك -يا أخي الكريم- أنه إذا كان هذا الوعيد الشديد للنبي صلى الله عليه وسلم فما بالك بغيره، هو أشبه بقوله تعالى: (ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين)، ومعنى ذلك  أنه يجب علينا جميعاً أن نحذر من هذا، وقد رأينا ما وقع في شراك هذه القوى الظالمة، ومن فتن مما جاءت به كيف أن الله تبارك وتعالى خذلهم ولو بعد حين على  أيديهم هم أنفسهم، ولكن من الذي يعتبر! والسعيد من اتعظ بغيره، فعلى الجميع أن يتعظوا: الحكام والشعوب والمفكرين والمثقفين، كل من توكل على غير الله ومن والى غير الله فإن هذه الفتنة تؤول في النهاية إلى محقه هو وعلى أيديهم هؤلاء أو من غيرهم.
       
    5. من إنجازات الحملة ومعوقاتها

      المذيع: الأستاذ محمود من سوريا يسأل عن الحملة..
      الشيخ: أنا أشكر الأخ وأبشره أن الحملة حققت الآن -ولعلنا في البداية- هدفاً عظيماً في لم الأمة!
      أقول ولا أفترض افتراضا بل أخبر خبراً: إن بعض الدعاة الكبار في أحد البلدان شكر وقال: والله لقد جمعتمونا، لأننا نريد عمل مكتب تمثيل إقليمي، فقال: نحن الدعاة لم نجتمع يوماً، والآن المكتب سوف يجمعنا، ولأول مرة نرى اسم بلادنا وتحته هذه التوقيعات من مختلف الاتجاهات. فهذا تحقيق لما نريد، بل في الحقيقة لا نزال نقول -كما تفضل- نحن بحاجة إلى هذا. 
      أريد أن أنبه إلى ما أشار إليهم من قضية الـ.... الله تعالى بيننا (خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين)، نحن لسنا الآن بصدد أن نلتفت.. أقول: يبنغي ألا يكون عندي دقيقة واحدة أن أقرأ ما يقوله اسم مجهول في منتدى في كذا! بل أدعو الله إن كان على الحق أن يوفقه، وأن يسدده، وإن كان غير ذلك أنا يتجاوز عنه.. نحن الآن لسنا في وارد ماذا قال فلان؟! نعم، هو -بلا شك- يؤلم أن تقرأ ذلك عن أخ تعرفه داعية فاضلاً مثلاً أو شيخ أو نحو ذلك، يؤلمك أنك لا تجد الحوار البناء، أين منهج الأنبياء في ذلك؟! لا شك هو يؤلمنا لكن أن يشغلنا فلا!
      كن على الحق ولا تبال، وثق بالله عز وجل والله تعالى مظهر دنيه، وما من نبي إلا وابتلي، وما من داعية إلا وقيل فيه ما قيل (أما ما ينفع الناس فيبقى) والحمد الله.
       
    6. دور المرأة المسلمة في الحملة

      المذيع: أم سارة من قطر سألت سؤالاً جميلاً عن دور المرأة المسلمة في هذه الحملة؟
      الشيخ: أشكر الأخت أم سارة، لأنها أيضا نبهت بأنه لدينا لجنة للمرأة كما نبه الأخ خالد للجنة الاقتصادية، ولأني لم أتابع الحديث..
      المرأة المسلمة لها دور عظيم، وبما أنها مستهدفة استهدافاً عظيماً فلها دور عظيم في المقاومة، المرأة المسلمة حقيقة تخضع لضغوط لا يخضع لها غيرها في هذا المعترك وهذا العدوان، العدوان يستهدف المرأة المسلمة استهدافاً خطيراً جداً، ومن هنا يجب على المرأة أن تكون مؤمنة بالله تبارك وتعالى، وأن تبدأ بنفسها فتدفع عنها كل الأسباب التي توجب غضب الله سبحانه وتعالى عليها، وأن تجاهد، وأن تساهم ولو في بيتها، ولو تربية أبنائها، فإذا كان لدى أي أخت أربعة أو خمسة أو أكثر فلتجعلهم كلهم مؤمنين، فتربيهم على الإيمان، فهي بذلك تعد أعظم جيل بإذن الله تبارك وتعالى.. جيل المواجهة! نحن الآن في أول خطوات المواجهة، الجيل هذا قد يشهد المواجهة الكبرى، قد يشهد الملاحم العظيمة الكبرى أو بدايتها فتكون قد أعدت له.
      فلا تحتقرن أختي المؤمنة دورها، ولا تقل: ماذا أفعل ؟ فكل ما يمكن أن يحقق رضى الله فهو يصب في اتجاه مقاومة هذا العدو، وهو مما يخذل الله تبارك وتعالى به الشيطان وأولياءه فكيد الشيطان كان ضعيفاً، والتربية الإيمانية هي من أهم دعائم تثبيت الوجود وقيام هذه الأمة، ولا يمكن أن تكون هذه التربية الإيمانية إلا في حضن أم مؤمنة تعرف ماذا ترضع ابنها مع اللبن الذي ترضعه.
       
    7. كيفية التعامل مع أحاديث الفتن والرؤى

      المذيع: نتائج الانهيار في الأمم التمسك بالخرافة والشعوذة كما يقال؟! وردت  أسئلة كثيرة حول هذا الموضوع، أمتنا لجأت مع الأسف إلى أحاديث الفتن وإسقاطها إسقاطاً خاطئاً أو الأحاديث التي ليست من الحديث أصلاً بأن كانت باطلة وموضوعة، توجه فئام من الناس إلى الرؤى والمنامات، فينام في الليل ثم يصبح فيقرر قضايا الأمة الكبيرة وماذا سيحصل؟! حدث ذلك في عدة أزمات لكنه توسع في هذه الأزمة؟
      الشيخ: إن كان هذا تعبيراً عن اليأس والاحباط فهذا لا ينبغي، عندنا دائرة الحق المطلق الكتاب والسنة (الوحي)، وعندنا دائرة الظن والمنامات والأحاديث الضعيفة.. وهي إما أنها باطل وإما أنها ظن وإما أنها مشوبة بشيء من الحق، وعلى كل حال هذه الدائرة إذا نحن غطينا واستوعبنا دائرة الحق ودائرة اليقين الذي في القرآن وما بقي إلا تلك فيمكن أن نتجه إليها ونأخذها بقدرها، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الرؤى الصالحة من المبشرات، والمبشرات لا تعني أن تجعلها هي كل شغلك وشأنك، ولكن تستعين بها وتتأكد من ذلك، والضوابط الشرعية في الرؤيا لا أستطيع أن آتي بها لضيق الوقت الآن، لكنها واضحة ومحددة، من أرادها فهي موجودة، ويكفي أن منها ما هو من تلاعب الشيطان كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، ومنها ما هو حديث نفس.. فالحقيقة التصدي وتعبير كل رؤيا وأن يكون أكثر وقته هذه المشكلة!!
       وأكبر من ذلك أن تربط الأحاديث أو الرؤى بالأحداث المباشرة، وأذكر مثالاً على ذلك: أستاذ فاضل وصديق وكان معنا في القسم، وهو رجل محترم جداً، تحول عن الكتابة الفكرية العقدية -مع أنه حائز على جائزة الملك فيصل في العقيدة عن كتاب في القضاء والقدر- إلى الكلام عن الملاحم وأهل الكتاب وهذه الأشياء بطريقة غريبة! وركب هذه كلها على رجل وهو: صدام حسين!!
      فكنت أنصح وأقول: ماذا لو مات أو اغتيل؟! كل هذه الكتب والبحوث أين تذهب؟!
      عندي عجائب ولعلها تمتع الأخوة، جاءني رجل وقال: أريدك في أمر مهم جداً جداً، جاء إلى المسجد وأخذني على جنب فقال: الدجال موجود!! وعينه والكاف والراء!! فضحكت. قال: لم ضحكت؟!
      قلت: تذكرت نكتة أخرى قبل أيام! وهذا من جملة ما يأتينا أحياناً يومياً ونعاني من هؤلاء، جاءني أخوان، وكل منهما ذو دين وخير وصلاح وفضل في وقت متقارب، قال أحدهما لي: إن الملا عمر هو المسيح الدجال! والله إنه أعور، وإن عليه الكاف والفاء والراء، وإنه عدو الله، وإنه.. وإنه..
      وجاء الآخر وقال لي: الملا عمر مثل عمر بن الخطاب في أخلاقه وعلمه وزهده، وإننا على يقين بأنه المهدي المنتظر!! انظر في كليهما!! بعد هائل، فهذا دليل أن لدينا مبالغة إما في المدح أو في الذم، وعندنا تصديق للخرافة.
      أيضا جاءني شخص وقال لي: ألا تعلم أن المهدي موجود؟ فقلت: أي مهدي؟!!
      فقال: لمه؟ المهدي واحد! فقلت له: جاءني هذا الأسبوع فقط مهدي من كذا، وآخر من كذا، وثالث من كذا.. قال: أستغفر الله، انتهينا ظننت أن هذا هو المهدي!. ومنذ ثلاثين سنة ويأتينا أمثال هؤلاء.
      يا أخواني الكرام: نحن لما نضيع أوقاتنا وأعمارنا في هذا، بدلاً من أن نقبل على القرآن كما أكد الأخوة المتصلون، القرآن وما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم. أحداث آخر الزمان ما صح يكفينا ومن قرأها يجد أنها لا تنطبق على واقعنا، وقد أشرت لذلك في مقابلة مع مجلة البيان، ولا وقت لإعادة الإشارات، لا ينطبق ما جاء في أحاديث الفتن على واقعنا الحالي، نحن في أزمة كأي مرحلة مرت بها الأمة! وتنجلي إنجلاء عادياً، قد يكون فيها خوارق.. كرامات.. آيات.. ممكن! لكن أنها هي التي جاءت فلا.
       
    8. ضرورة تنظيم العمل الدعوي

      المذيع: في أقل من دقيقة سأقرأ عبارة كتبها وسطرها يراع كاتب إسلامي رحمه الله، وأرجو تعليقك في دقيقة يقول: الجاهلية المنظمة لا يغلبها إلا إسلام منظم!
      الشيخ: نعم بلا شك، ولذلك التفاؤل الذي حصل لهذه الحملة هو من حيث أنها تريد أن تنتظم الجهود! الجاهلية المنظمة.. تنظيمها مدهش وخذ مثالاً على ذلك: هل يمكن أن نكافئ الجاهلية أو الكفر العالمي في مجال الإعلام أو في مجال الاقتصاد والسيطرة الربوية التي اجتاحت العالم أو في مجال التشريع ومحاولة فرض كل التشريعات الكافرة الملحدة الطاغوتية وإحلالها محل شرع الله؟! وأعمال كثيرة جداً. 
      لا يمكن أن تقاوم الأمة إلا بعمل منظم! والعمل المنظم لا يعني الحزبية الضيقة المقيتة، هي أحد الأدواء، هي ليست حلاً، هي داء! نحن نعني العمل كأمة، الله تبارك وتعالى جعلنا أمتين قال: (ولتكن منكم) يعني يا أمة الإسلام (أمة) أمة عامة وهي أمة الإسلام الفاعلة كل منا في موقعه، وأمة خاصة وهي التي تتفرغ وتتصدر الدعوة وواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومن مفهوم كلمة الأمة نفهم أنها شيء واحد! أن أمرها واحد، أن شأنها واحد، ويكفينا أن ربها واحد، وكتابها واحد، ونبيها واحد، وقبلتها واحدة، وينبغي أن يكون فهماً واحداً، وهو فهم السلف الصالح، وأن تكون أيضاً قدوتها العملية واحدة وهي الأئمة المتبعون، الأئمة على هذا المنهاج...
      المذيع: شكر الله لكم شيخنا، الحقيقة الرحلة معكم ماتعة، والأخوة في شوق للاستمرار، وأنا مضطر لإيقاف هذه الرحلة، ونسأل الله عز وجل أن يجزيكم عنا خير الجزاء، كما أسألة سبحانه وتعالى أن يسددنا وإياك، وأن يجعل قولنا وعملنا خالصا له.
      مشاهدي الكرام! أشكر لكم طيب المتابعة، كما أشكر للأخوة المشاركين معنا عبر الاتصال، واعتذر من الأخوة الذين لم نتمكن من استقبال اتصالاتهم الكثيرة من داخل وخارج المملكة، شكراً لكم وشكراً لضيفنا فضيلة الشيخ الدكتور سفر بن عبد الرحمن الحوالي.
      والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.