المادة كاملة    
إن موضوع التكفير موضوع مهم وخطير، وهو مثل أي عمل أو اعتقاد أو قول لابد له من ضوابط وموازين .. هذا هو ما سُلِّط عليه الضوء في هذا اللقاء، فقد دار الحديث أولاً عن خطورة التكفير، مع بيان أنه لابد منه لكل دين من الأديان، وتوضيح مدى ظهور ظاهرة التكفير، والعلاقة بين أعمال العنف وبين التكفير، مع ذكر الأسباب التي أدت إلى وجود هذه الظاهرة، وكيفية التعامل مع الخلافات بعيداً عن التكفير، وقد أعقب ذلك بيان العواصم من الوقوع في هذه المسألة الخطيرة، مع ذكر أصول وضوابط قتال أهل القبلة.
  1. حفظ اللسان ومراقبة الله عز وجل

     المرفق    
    بسم الله الرحمن الرحيم.
    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
    أيها الإخوة الكرام: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسأل الله العظيم أن يوفقنا وإياكم لما يحب ويرضى.
    أيها الإخوة: مرحباً بكم في لقاء متجدد في ملفات خاصة، والذي فتحنا فيه الملف الأول حول التكفير وأحكامه في شريعة الله رب العالمين.
    معنا في هذا اللقاء فضيلة الشيخ الدكتور: سفر بن عبد الرحمن الحوالي؛ لنتحدث معه حول هذا الموضوع، فمع مطلع هذا اللقاء نرحب بكم فضيلة الدكتور.
    الشيخ: حياكم الله.
    المذيع: قبل أن نلج إلى صلب الموضوع لعلكم تقدمون بمقدمة حول حفظ اللسان، وأيضاً مراقبة الإنسان لربه عز وجل.
    الشيخ: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
    أولاً: أشكر الله تبارك وتعالى على ما يمن به علينا من النعم والفضل، ثم أشكر الإخوة الكرام في هذه القناة المباركة على حرصهم وإنتاجهم لمثل هذه الملفات، والتعرض لمثل هذه القضايا المهمة في وقت نجد الأمة أحوج ما تكون فيه إليها.
    ولا شك أن هذا الموضوع -أعني موضوع التكفير- موضوع مهم وخطير، وككل عمل أو اعتقاد أو قول لا بد له من ضوابط، ولا بد له من موازين، والقاعدة الأساسية التي تبنى عليها هذه الضوابط والموازين جميعاً هي: أن المرء المسلم يجب عليه أن يتقي الله تبارك وتعالى فيما يقول كما يتقيه فيما يفعل.
    إن الحكم على أي أمر من الأمور المتعلقة بالدين هو حكم من حق الله تبارك وتعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، ويجتهد العلماء ما شاء الله أن يجتهدوا في ذلك، لكن الأمر لا يجوز بحال من الأحوال أن يتعدى إلى أن يكون الهوى، أو الرغبات الشخصية، أو الدوافع النفسية هي التي تحدد هذا الأمر، فمما يجب على المؤمن أن يهتم به في أقل من هذا الموضوع خطورة، حتى فيما يتعلق بمعاملته مع إخوانه المسلمين - أن يحفظ لسانه.
    ويكفينا وعيداً وزجراً أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في حديث معاذ المشهور: {ثكلتك أمك يا معاذ! وهل يكب الناس على مناخرهم -أو قال: على وجوههم- في النار إلا حصائد ألسنتهم} فيجب أن نعلم أن العبد قد يقول الكلمة من الشر ولا يلقي لها بالاً ولكنها تهوي به في النار سبعين خريفاً.
    وإذا كان الله تبارك وتعالى قد حرم الغيبة والنميمة وشهادة الزور والنفاق بالكلام؛ فمسألة التكفير أعظم وأشد؛ لأنها قول على الله تبارك وتعالى، أو توقيع عن الله عز وجل.
    فمن قال: إن هذا كفر ولم يكن كذلك، فقد افتأت على الله تبارك وتعالى، ومثله من قال أيضاً: إن هذا إيمان أو هذا دين أو هذا حلال أو حرام، إلا أن الأمر إذا تعلق بالحلال والحرام -كما هو معلوم- أخف من أن يتعلق بمسألة الكفر والإيمان، وهذه لا بد أن تضبط بميزان العدل، فتتجرد النفوس من حظوظها، فلا يكون للقائل أو المتكلم أي حظ فيها، وإنما يحكم بما حكم الله ورسوله، مع من يحب ومع من يكره.
    إن القاعدة العظيمة في هذا بينها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمة الله تبارك وتعالى عليه حين قال: إن الكلام في الناس لا يكون بظلم ولا بجهل، وإنما يكون بعدل وبعلم .. ثم قال: إن العدل واجب على كل أحد لكل أحد في كل حال، حتى مع اليهود والنصارى، مع من يحاربنا ومع أنفسنا، ومع أصدق الناس وأحبهم إلينا، لا بد أن نتكلم بعدل وأن نتقي الله تبارك وتعالى، فإنه عز وجل قد قال: ((مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ))[ق:18].
    والحقيقة التي أنا أعيشها وأعانيها، واطلعت على أشياء في هذه القضية قديماً وحديثاً، أستطيع أن أقول: إن جانب الهوى له أثرٌ كبير جداً في ضلال الناس في هذه القضية، فإما أن يضلوا ذات اليمين أو ذات الشمال، فهناك هوى ورغبات وشهوات، والهوى يعمي عن الحق والعياذ بالله! وإذا تجردت النفس من حظوظها وأخلصت لله عز وجل؛ فإنها لا تبالي بعد ذلك، ولا يهمها أبداً، بل إنها تجتهد في تحقيق العبودية لله تبارك وتعالى، وتحقيق حكم الله عز وجل، وإن لم تعرف ذلك تتوقف ولا حرج.
    لكن الملاحظ الآن -في إثارة هذا الموضوع إما سلباً وإما إيجاباً- أن هناك دوافع ونوازع ورغبات، سواء عند من يغلو فيه أو من يجفو عنه، سواء عند من يتجه الاتجاه الإرجائي، أو عند الذين يتجهون الاتجاه الخارجي أو الغالي.
    فالذي يجب في هذه المسألة -وأنا أنصح نفسي وإخواني بهذا- أن نخلص أعمالنا لله تبارك وتعالى جميعاً، وأن يكون كل ما نعمله ونقوله لله، ونبتغي به وجه الله، فإن أخطأنا أو تجاوزنا -وكلنا عرضة للخطأ- فيجب أن نبادر بالتراجع والإقرار بالخطأ، وأن نطلب العفو أو الصفح ممن تجاوزنا أمره وأخطأنا في حقه في هذه الدنيا، حتى لا يقاضينا يوم القيامة، فيأتي أحدنا ولديه من الحسنات مثل جبال تهامة، لكن يأتي وقد ظلم هذا، وقذف هذا، وأخذ مال هذا؛ فتذهب تلك الحسنات، نسأل الله أن يرحمنا ويعفو عنا.
  2. مدى ظهور وانتشار ظاهرة التكفير

     المرفق    
    المذيع: عندما نعالج -يا شيخ- قضية من القضايا فإن البعض يقول: لا نتحدث عنها بتوسع حتى لا يظن البعض أنها ظاهرة، فلو أردنا أن نتحدث في بلادنا عن هذا الموضوع -موضوع التكفير- فهل أصبح ظاهرة مخيفة، أم أنه محدود لدى فئة معينة؟
    الشيخ: على أية حال؛ قضية الغلو في تكفير المسلمين، وكذلك قضية الإرجاء والإهمال والتفريط - هما ظاهرتان قديمتان وليستا حديثتين، فأول فرقة ظهرت في الإسلام فرقة الخوارج التي تكفر المسلمين بالذنوب، وهذه الفرقة قد حذر النبي صلى الله عليه وسلم منها وبيّن شأنها وأحكامها قبل أن توجد، منذ أن جاءه الرجل الذي قيل إنه ذو الخويصرة فقال صلى الله عليه وسلم: {يخرج من ضئضئ هذا ... } أي على منواله ومنهجه، وهكذا كان، الذي قال تلك الكلمة الفظيعة الشنيعة للنبي صلى الله عليه وسلم: { اعدل يا محمد! -أو قال: إنها لقسمة ما أريد بها وجه الله-! } فكانت حالة شاذة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ثم نبه أصحابه إلى أنها ستكون ظاهرة وسوف تخرج.
    ويقول الإمام أحمد : إن الحديث في الخوارج قد صح من عشرة أوجه، فهو مروي عن عشرة من الصحابة، والإمام مسلم رحمه الله جمعها في كتابه، وروى البخاري كثيراً منها، وغيرهم من الأئمة، وفي هذا تنبيه من النبي صلى الله عليه وسلم على أن هذه المسألة الخطيرة سوف تقع وسوف تظهر.
    وعلي رضي الله تعالى عنه وهو من أفضل من روى الحديث في الخوارج عندما قال: [[والله ما كذبت ولا كُذبت، ابحثوا عن ذي الثدية]] فاستخرجوه من ساقية كان بين القتلى -كان على يقين من ذلك.
    فكان النبي صلى الله عليه وسلم قد بيّن وأوضح لهم أن هذه الفرقة ستكون ظاهرة، وأن هذا الأمر وهذا الذنب الخطير العظيم، وهو استحلال دماء المسلمين وتكفيرهم وقتالهم- سيكون ظاهرة.
    لكن لا يعني ذلك أنه على حالة واحدة، بل قد يختلف في بعض البلدان أو الأزمان، فيزيد في زمان ويقل في آخر، ونحن حقيقة في هذه البلاد بحكم الانفتاح والتواصل الإعلامي المتعدد الجوانب والمنافذ أصابنا من هذه المشكلة، أو جاءت إلينا، وأستطيع أن أجزم أنها بالنسبة إلينا هنا وافدة أو شبه وافدة، ثم وجدت ما يرفدها من بعض الفهوم الخاطئة أو ما كُتب من أئمة الدعوة أو غيرهم، أو بعض الأخطاء التي وقعت في بعض الكتب، وجُعلت تلك الأخطاء هي الأصل والمنهج والأساس، وبني عليها ما بني.
    لكن هذا لا يعني أيضاً أننا نتساهل، بل بالعكس، أنا أقول: من فضل الله تبارك وتعالى وجود المادة العلمية في مناهجنا الدراسية ومواعظنا وإعلامنا وفي كلام علمائنا، التي تبين الحل العدل الحق الوسط بين الإرجاء والخروج، أنا أرى أن هؤلاء -ولله الحمد- أقوى وأكثر وأظهر، وهذا يجعلني أتفاءل بأن ذلك سيتلاشى بحول الله تبارك وتعالى.
  3. العلاقة بين أعمال العنف وبين التكفير

     المرفق    
    المذيع: يا شيخ! عندما نتحدث عن التكفير ففي الغالب أن هذا التكفير يؤدي إلى أعمال عنف في جميع البلاد الإسلامية، لكن لو أردنا أن نتحدث عن الأحداث التي وقعت في المملكة العربية السعودية بالتحديد، فهل ترى أن فكر التكفير هو السبب الوحيد الذي أدى إلى هذا العنف الذي حصل؟
    الشيخ: أنا أستطيع أن أجزم -لمعرفتي واطلاعي على الساحة الدعوية- أن التكفير وما يحدث من أعمال كالتفجير أو القتل أو غير ذلك لا ارتباط بينها، لا من حيث العقيدة والاعتقاد ولا من حيث الواقع.
    أما من حيث الاعتقاد أو الربط المنطقي فنحن نعلم أنه يوجد تكفير بدون تفجير أو بدون أعمال عنف، وهذا موجود، وكثير من الطوائف وهي موجودة بين أظهرنا تكفر أهل السنة والجماعة، وتكفر الصحابة والخلفاء الراشدين، ولم يلزم من ذلك أن يخرجوا أو يفجروا.
    وهناك طوائف أيضاً من غلاة الصوفية ومن أشباههم تكفر لكن لا تعمل، وكذلك حتى من منتسبي أهل السنة يوجد من يعتقد أو من يغلو في التكفير ومع ذلك لا يعمل شيئاً لأسباب، وأنا لا أقول: إن هذا بالضرورة ورع من هؤلاء جميعاً، لكن المهم أنه ليس هناك ارتباط.
    ثم إنه من حيث الواقع ممن قوبل أو نوقش أو عرف عن كثير من الذين تبنوا هذا المنهج الذي أسميه أنا: منهج العنف، أنهم يؤكدون ويجزمون أنهم لا يكفرون مسلماً ولا يستحلون دم أي مسلم باعتقاد أنه كافر، وإنما يؤصلونها بتأصيلات أخرى.
    ينبغي أن نعلم -وهذا مع الأسف من الأشياء التي لا يلقى لها بال أحياناً عند بعض المتحدثين ولا سيما في وسائل الإعلام- أن القضية لها أبعاد وأعماق؛ لأن الشريعة أوسع من أن تحصر في قضية أو قضيتين .. الأحكام المتعلقة بالقتال وأنواع القتال الذي يقع بين أهل الإسلام واستحلال دماء المسلمين لها أسباب كثيرة متعددة، وربما عندما تظهر حركة واحدة، ويكون أعضاؤها كل منهم له نظرته أو له اتجاهه أو هدفه، وإذا قارنت بينهم تجد أنهم غير متفقين، ولا سيما لو كانت القضية قضية ثورة اجتماعية، أو ارتجال، لها أسباب مختلفة، وليست تربية عقدية، بمعنى: فرقة عقدية تربت على منهج معين وتوارثته.
  4. إمكانية وقوع أعمال العنف ممن ينتهجون منهج التكفير

     المرفق    
    المذيع: هذا في جانب أنهم قد يكونون لا يحملون هذا الفكر، لكن من الممكن أن يحمل هذا الفكر من يقوم بهذه الأعمال؟
    الشيخ: نعم ممكن. المهم هو أنه لا يوجد ترابط منطقي بين هذا وهذا، نحن نقول: نعم يقع ممن يكفر أنه ينتهج العنف، كما يقع ممن لا يكفر أنه ينتهج العنف، وأيضاً يقع أن الإنسان قد يُكفّر ولا يرى ذلك، ولذلك إذا أردنا أن نتناول أي جزئية فينبغي أن ننظر وننزل إلى أرض الواقع نفسه فنرى لماذا حدث هذا القتال؟ هل هو من باب تكفير المقاتل أو المقتول؟ أم هل هو من باب دفع صائل مثلاً؟ أم أنه يرى أنه باغٍ أو خارجي؟ أم أنه من باب الحرابة؟ أو كذا.. هذه أنواع كثيرة مفصلة في الشريعة، وهي التي من خلالها نستطيع أن نحكم وأن نحدد الأنواع التي بناءً عليها نرى هذه القضية الواقعة.
    ولنأخذ مثالاً على ذلك: البلاد التي سبقتنا إلى ذلك مثل مصر وغيرها، أوضح منا، وقد سبقت إلى هذه القضايا، والقضايا العقدية واضحة فيها، فإنه يوجد من يُكفّر ويقاتل، ويوجد من يقاتل ولا يُكفّر.
  5. خطر مجاملة الشباب أو الحكام في مثل هذه الأعمال

     المرفق    
    المذيع: يا شيخ! في هذا الإطار البعض يقول: عندما يأتي الدكتور سفر وينتقد هذا العمل ويقول: إنه لا يمت إلى الإسلام بصلة، أي: التفجير ونحو ذلك، أو حينما يتحدث عن قضايا التكفير أو قضايا دفع الشبه التي يستدل بها من يُكفّر الحكام أو العلماء، يقول: أنتم بهذه الطريقة تحاربون المجاهدين في سبيل الله، فكيف الجواب عن هذا يا شيخ؟
    الشيخ: أولاً: يجب أن نقول العدل، وأن نحكم بالعدل مع هؤلاء وهؤلاء، لا ينبغي لمن يُفتي أو يتكلم عن رب العالمين، ويعزو نفسه إلى أنه يحكم بأحكام الشريعة وما أنزل الله لا يجوز له أن ينظر إلى أي من الطرفين فيجامله أو يداهنه.
    المشكلة الآن -كما تلاحظون- ولا سيما في النقاشات الفردية في الإنترنت، دائماً تأتي التهمة بأنكم تجاملون الحكام لأن السلطة بيدهم وغير ذلك.. وأنا أعتقد أن هناك جانباً آخر يجب أن يعالج.
    المذيع: أيضاً من يتعاطف مع الشباب ويجاملهم لأجل أي أمر...
    الشيخ: هذا الداعية أو الفقيه أو العالم قد يجامل المدعوين والأتباع وهو لا يدري، بل قد لا يجامل الحكومة؛ لأنه يتحرز منها حتى لا يُتهم بأنه من عملاء السلطان، أو التهم التي تقال، مع الأسف الشديد..
    إذاً الميزان دقيق ويجب أن ننتبه لهذا، فلا هذا ولا ذاك، فنحن عندما نتكلم عن الأسباب التي قد تدفع بعض الشباب إلى الغلو والتكفير يجب أن نعالجها بوضوح؛ لأن هناك انحرافات وقضايا كثيرة يمكن لكل واحد من هؤلاء أن يستند إليها في هذه الأحكام، مع أن هناك ضوابط، وقد لا يراعي بعض الضوابط.
    مثلاً: مسألة أن الكفر موجود وأن هذه القضية كفر، لكن المعيّن أو الفاعل هل يكون كافراً؟ كذلك قضية اللوازم.. مثلاً: لو كفر الحكام هل يلزم كفر الشعب، أو كفر العلماء الذين لم يكفروهم؟ هذه مشكلات كبيرة يجب أن تناقش بدقة وبتفصيل ووضوح.
    ثم أيضاً على الجانب الآخر، الأمر ليس بالدعاوى، فليست القضية أن أصف نفسي بأنني مجاهد، أو آمر بالمعروف أو ناهٍ عن المنكر، ونقول: يا أخي الكريم! أنت قد ترى أنك متأول، قد ترى أن لك تأويلاً وحينئذ يجب عليك أن تسأل، وأن تستبين وتستشير؛ لأن الإقدام على مثل هذه الأعمال خطر على دينك وإيمانك، وله من المضار والمفاسد ما لا يعلمه إلا الله تبارك وتعالى، والمؤمن يستشير في أدنى من ذلك بكثير ويتأكد ويتأنى، فما لديك من تأويلات وشبهات لو ذهبت إلى عالم لكشفها لك وانتهت، وحقيقة أنا أقول: من فضل الله سبحانه وتعالى أن كثيراً من هؤلاء كشفت لديهم شبهات والحمد لله، ولم يتبنوا شيئاً من هذه الأعمال، مع أنه قد يقال: إنهم كانوا من المتشددين في هذا الأمر.
    أما الجهاد الحقيقي الذي نعرفه وندعو إليه ونؤيده؛ فهو الجهاد على ثغور الإسلام في مواجهة أهل الكفر، والعامي بفطرته، حتى العجوز في عقر دارها تحب هذا الجهاد وتدعو له وتتبرع .. من الفلبين إلى كشمير إلى أفغانستان إلى فلسطين إلى العراق إلى الشيشان، لا نجد أحداً يجادل في هذا الجهاد، أن نواجه أمة الكفر المحتلة المعتدية ونقاتلها هذا أمر إن لم يكن واجباً فهو من أفضل أنواع التطوعات، ولا نزاع فيه أبداً، لكن عندما تعمل عملاً في عقر دارك وبين أهل الإسلام وتقتل مسلمين أو بعض المسلمين أو تقتل حتى الـمُعَاهدين، أو حتى من له شبهة عهد؛ فإن شبهة العهد -كما نص شيخ الإسلام ابن تيمية في الصارم المسلول - كالعهد، وكذلك عمر رضي الله تعالى عنه اعتبر شبهة العهد عهداً، فقد روى عنه اللالكائي وغيره أنه قال: [[لو أن رجلاً من الكفار -من الروم- أخرج رأسه من الحصن وأشار بيده إلى السماء ثم قتله رجل من المسلمين لقتلته]] لماذا؟ لأن هذه كأنها إشارة إلى أنه أسلم أو آمن، أو أنه أُمّن، فالشبهة يعمل بها درءاً لمشكلات كثيرة قد تقع، حتى لو كان مع أهل الذمة الذين ليسوا بمسلمين وإنما يعيشون في دار الإسلام بعقد ذمة، فما بالك بالمسلم؟ وحرمة دم المسلم أعظم عند الله تبارك وتعالى من أن تستحل الكعبة كما ثبت في الحديث.
    فنحن في الحقيقة لا ندافع عن هؤلاء ولا عن هؤلاء، وأنا أعتقد أن من الطبيعي جداً ويجب على كل من يتكلم في الموضوع أن يتقبل برحابة صدر أنك لن تسلم من الطرفين، لكن لا يهمك الناس، عليك أن تقول كلمة الحق وأن تنصح، تنصح هؤلاء -أي: الحكومات- بألا تدع مجالاً للحكم عليها بالكفر، وذلك بأن تحكم كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم في كل صغيرة وكبيرة، فلا قوانين وضعية، ولا موالاة للكفار، ولا مداهنة لهم، ولا مظاهرة لهم على المسلمين، فتجتنب تماماً؛ حتى لا تقع أي شبهة، وتقول لهؤلاء: إن لم يحدث من هؤلاء ما نريد منهم وما نطلبهم به فعليكم بالصبر والأناة، واتركوا الاستعجال، والجهاد له شروطه وأحكامه وضوابطه .. إلى آخر ما يقوله الفقيه..
  6. الأسباب التي أدت إلى وجود ظاهرة التكفير

     المرفق    
    المذيع: في هذا الإطار لو أردنا أن نتحدث عن الأسباب التي أدت إلى هذه الظاهرة، فأنت الآن تحدثت عن قضية أن هناك بعض المصطلحات: الذمي .. المعاهد .. وبعض الأحكام الشرعية، فيبدو أن قلة العلم بها أدت إلى هذه الظاهرة، لكن لو أذنت لي قبل أن تجيب على هذا السؤال أن نتوقف مع فاصل قصير..
    المذيع: فضيلة الشيخ! كنا قد تحدثنا قبل الفاصل عن الأسباب التي أدت إلى ظهور ونشوب ظاهرة التكفير في المجتمعات الإسلامية، وتحدثت أنت فقلت: إن من الأسباب: قلة العلم الشرعي، ولعل أيضاً من الأسباب: قلة معرفتنا بالمصطلحات التي يترتب عليها أحكام شرعية، فماذا عن هذا الأمر فضيلة الشيخ؟
    الشيخ: الحقيقة أن قلة العلم الشرعي وقلة ضبط الأحكام والألفاظ والأسماء بالضوابط الشرعية كما جاءت في الكتاب والسنة، وأنها قد تأتي مطلقة وقد تأتي مقيدة، وقد تأتي بأحوال دون أحوال، كما نقول في الكفر والنفاق والإحسان والبر والتقوى، وغير ذلك، كل هذه الألفاظ والمعاني الإيمانية إن كانت تتعلق بالإيمان أو بالكفر فإن لها في كل سياق أو كل مقام مقالاً يجب أن تفهم به، وهذه -والحمد لله- ضبطت وأتقنت من قبل علماء العقيدة وأهل السنة والجماعة.
    والجهل هنا في الحقيقة يقع من الطرفين، ومن الأطراف كلها، فلنقل: هناك -مثلاً- ما يمكن أن نسميه الجوكة الإعلامية التي دائماً تتكلم، والذين يجزم الكثير منهم بأنه لا تكفير، بل لا يقع مطلقاً في التكفير، وهذا خطأ؛ فإنه لا يوجد دين إلا وفيه تكفير، وإذا لم يكن هناك تكفير فلا دين أصلاً، ما معنى أن هذا دين؟ حتى الشيوعية لها مبادئ من كفر بها كفر بـالشيوعية، والرأسمالية لها أصول من كفر بها كفر بـالرأسمالية، فليس هناك دين ولا منهج ولا أي أمر من الأمور إلا وهناك ما ينقضه، والكفر ينقض الإيمان.
    فإذا كانت من هذا الجانب من باب النفي، أو جئنا من الجانب الآخر جانب العدوان، وجانب العدوان يقع بأن يحتكر طرف لنفسه الحق أن يُكفّر، ولا يرضى أن الآخر يُكفّر، فإذا نظرت إلى ما يقال في الكتب التي يؤلفها هؤلاء الغلاة -بعض الغلاة- وقد اطلعنا عليها في بعض البلدان، وكذلك فيما يقال في الجانب الإعلامي المضاد لهم، فهؤلاء يقولون: إن هؤلاء كفار خارجون عن الإسلام مارقون من الدين، ودائماً في الإذاعة والتلفاز والصحافة يكرر هذا، ثم يأتي بعد ذلك الطرف الآخر ويقول: هؤلاء كفار ومرتدون.
    الحقيقة إذا لم يُوقف الطرفان أو على الأقل يقف أحدهما من باب العدل والالتزام بالحق، فإن الآخر لن يقف، فلماذا نُلزم طرفاً دون طرف؟ لكن يجب علينا جميعاً: الحكومات، والعلماء، والجهات الرسمية للإفتاء، والعلماء المستقلون، كل من يتكلم في هذه المسألة يجب عليه أن يرجع إلى القواعد وإلى الأحكام، وإلى الضوابط الشرعية.
    نعم، هي في الحقيقة ليست بالوضوح بمكان يفهمه كل أحد، ولكن هي أيضاً ليست من الغموض بحيث يجهلها هؤلاء، إذا استثنينا الصحفيين الذين يتكلمون بما لا يدرون، أو يهرفون بما لا يعرفون، لكن أنا أعتقد أن أي عالم بإمكانه أن يتأكد بأن هناك ضوابط وبضعة أحكام يجب أن تقال، عندما يتكلم كعالم شرعي، كذلك من يفتي، والملاحظ -تصديقاً لكلامكم- أن قلة العلم الشرعي له أثر في ذلك، فإنك إذا نظرت إلى بعض الردود تتعجب، وقد اطلعت عليها فكنت أتعجب! فإن الذي يرد من جهة الدفاع عن الحكومات، أو الدفاع عن الإرجاء أو كذا، أو الذي يرد من الطرف الآخر، كل منهما وقع في أخطاء، وقد يكون أصاب في أشياء، لكنه أخطأ وقصر في أشياء لا أعزوها حقيقة لقلة العلم والاطلاع، ولكن أعود إلى ما قلت في أول كلامي: أنا أرى أن قدراً من الهوى وعدم التجرد لله تبارك وتعالى والإخلاص في هذه القضية يدفع هذا الطرف أن يغمط شيئاً من الحق، وأن يتجاوز ويعتدي على الطرف الآخر، وهذه مشكلة خطيرة وخاصة بين المسلمين، فنحن أمة العدل، وأمة الإيمان، وإن لم نعدل فمن يعدل؟ وإن لم نعدل فيما بيننا فلن نعدل مع من يخالفنا.
    أهل السنة والجماعة بالذات يجب أن يكونوا الفئة التي يأوي إلى عدلها كل فئة وكل مخالف من أي فرقة، فلا يجد عندهم ظلماً لا ليهودي ولا نصراني ولا مبتدع ولا ذمي أياً كان، الحكم عليه بالعدل .. إن كان ما فعله كفراً يقال: كفر، وإن كان بدعة يقال: بدعة، وإن كان معصية يقال: معصية، وإن كان من باب الجواز يقال به، وإن كان مما فيه خلاف يقال به، بكل عدل، ولا ننظر إلى صفة هذا الفاعل أو دينه أياً كان، لا نقول إلا بالعدل الذي أنزله الله تبارك وتعالى، وإذا فُقد جانب العلم فإنها مشكلة، وإذا وجد العلم لكن معه ظلم، بمعنى أنه فقد العدل، فالمشكلة أيضاً لها حل، ولا حل لها إلا بأن يكون الكلام بالعلم وبالعدل، ولا يكون الكلام بالجهل والظلم والعدوان.
  7. كيفية التعامل مع الخلافات الفقهية

     المرفق    
    المذيع: هناك أيضاً الحديث عن الأسباب التي أدت إلى وجود هذه الظاهرة .. يبدو -يا شيخ!- أن عدم تعاملنا الصحيح مع الخلافات الفقهية أدى إلى هذا الأمر، وأصبحنا على قاعدة البيت الأبيض: إن لم تكن معي فأنت ضدي! مثلاً: أنا آتي وأقرر مسألة فقهية في جواز قضية معينة، فإن لم تقل بجوازها فأنت كافر، فكيف نتعامل في إطار الخلافات الفقهية حتى لا ننتقل إلى قضية التكفير أو نحو ذلك؟
    الشيخ: الحقيقة أن مشكلة ضيق النظر أو ضيق الأفق في الخلاف مشكلة عميقة وقديمة، وأول من سن ذلك هم الخوارج، وأنا تحديداً تتبعت تاريخ الخوارج بدقة بقدر ما استطعت أن أحصل عليه من مراجع فوجدت أن هذه الظاهرة لديهم، فمع تكفيرهم لبني أمية، ومع تكفيرهم للصحابة، انظر إلى خلافهم إذا اختلفوا فيما بينهم كفّر بعضهم بعضاً، ولذلك انشقت الأزارقة عن الخوارج، ثم انشقت الإباضية وهكذا، ثم تشعبت، والخلاف كله كان حول امرأة تزوجها رجل ودار الخلاف بينهما، فقالوا: حكم فيها فلان ومن لم يتبرأ مما حكم به فهو كافر مثله، ثم تتسلسل فمن لم يكفر ذلك فهو كافر إلى أن تنتهي ...
    فهي مشكلة منهجية خطيرة جداً لقلة التقوى، ولقلة الأفق الواسع الذي جعل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يتقبلون أن يختلفوا ويتناظروا ويتناقشوا، بل حتى أن يسألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن أمور من أمور الاعتقاد، نفس أمور الاعتقاد قابلة لأن يُسأل عنها، فهذا وفد اليمن يسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن أول هذا الأمر كيف كان، وأم المؤمنين تقول: { يا رسول الله! أكل ما نقول يعلم؟ } .. { يا رسول الله! كيف تقول: من نوقش الحساب عذب والله تعالى يقول...؟! } أمور عقدية، وفي القرآن، ومع ذلك تناقش وتأخذ بفهم وعقل وعدل، هذا ديننا.
    ولكن ضيق الأفق والنظرة ومن يعلم شيئاً واحداً، وهذه حقيقة مجربة ومعالجة، ونحن درسنا طلاب وناقشنا رسائل ونعرف هذا، فالذي لا يعرف إلا دليلاً واحداً ومسألة واحدة ويعرف أنه قد خولف فرأساً كأن الدنيا قامت ولم تقعد، ثم إذا كان من أصحاب الهوى أو الغلو يحول ذلك إلى تكفير.
    إن السعة العظيمة التي جعلها الله تبارك وتعالى لهذا الدين، والميزة العظيمة أنك إذا اجتهدت فأصبت فلك أجران، وإن أخطأت فلك أجر - هذه لا توجد في أي ملة ولله الحمد والشكر.
    فنحن إذا نظر بعضنا إلى بعض بسعة أفق، وبرحابة صدر، كما اختلف الصحابة رضي الله تعالى عنهم في أمور، وكما اختلف من بعدهم، بل أنا آتي بمسألة في صميم هذا الموضوع؛ لأن الموضوع متشعب .. هناك من المعتنقين للبدع ممن كفروا بأعيانهم، وهناك من حُكم عليه بالبدعة، ومن أصحاب البدع الغليظة كـالقدرية مثلاً، هؤلاء لهم رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم، فمن هنا نأتي فنجد أنهم يُدَونون في كتب الجرح والتعديل، وأئمة الجرح والتعديل في الإسلام هم أهل العدل والقسط، يتحرونه إلى أبعد ما يمكن من الطاقة البشرية، ما الذي نجده يا أخي الكريم؟ وما الذي يجده أي طالب علم مبتدئ؟ لكن مع الأسف نحن نغفل عن هذا.
    قد تجد أن الإمام أحمد قال في فلان: مبتدع، أو قدري، أو نحوه.. لكن وثقه مثلاً البخاري أو النسائي أو أبو داود، ثم إذا انتقلت بعد قليل تجد العكس، فإذا أبو داود أو البخاري وثقوا الرجل لكن الإمام أحمد يبدعه أو يفسقه أو ربما أكثر من ذلك، كل هذا موجود، لكن هل أحد منهم كفر الآخر؟ هل أحد منهم قال: لأنك لم تكفر فأنت كافر؟ هل جاء من بعد أحمد أو أبي داود أو البخاري أحد وقال: ما دام أنه لم يكفر هذا فهو ضال، أو بدّع أو ضلل لأن ذاك لم يضلّل أو لم يبدّع؟ لا نجد هذا أبداً، فإن الأمة الإسلامية -والحمد لله- بطبيعتها وعلمها وبأدق علومها، فيما يختص بالحديث عن الرجال وعن الناس لا نجد هذا المنهج أبداً؛ لأن كلاً منهم قال بما علم، واجتهد في أن يقول، واجتهد في أن يحكم، وربما كان علمه متقدماً وذاك كان علمه متأخراً، وربما قال هذا عن جانب والآخر قال عن جانب آخر، وربما هذا بلغه بلسان ضعيف وذاك بلغه بلسان صحيح، وربما.. وربما.. هناك علل كثيرة، لكن نحن نجزم -ولا نزكيهم على الله- أنه لا أحد من هؤلاء الأئمة إلا وهو مجتهد مأجور، إن أصاب أو إن أخطأ.
    لكن للأسف في هذه الأيام لو أنك سُئلت عن رجل فزكيته أو لم تكفره ينتقل التكفير إليك فوراً وإلى من بعدك أيضاً، وهذه ظاهرة غريبة جداً!
    المذيع: لأن عندهم قضية: من لم يكفر الكافر فهو كافر.
    الشيخ: وهذه ينبني عليها من هو الكافر؟ الكافر هو اليهودي أو النصراني أو الذي شك في كفره، لكن لو كنت أنا وأنت مختلفين في الحكم على هذا الرجل بالكفر، فهذا ليس بكافر عندي وإن كان كافراً عندك أو بالعكس، لكن لو اتفقنا على الكفر المتفق عليه المحدد المضبوط الواضح فنعم، فلو جاء أحد وقال: اليهود والنصارى ليسوا بكفار؛ فهذا الذي يكفر؛ لأنه لم يكفر الكافرين، وهذا هو مقصود العلماء في قولهم: أن من لم يكفر الكفار أو شك في ذلك فهو كافر؛ لأن هذا ينبني عليه أنه لا يعلم دين الإسلام.
    مثلما يأتي الآن بعض الناس ويشك في بعض البدع، البدع الظاهرة المعروفة جداً، كـالرافضة والخوارج وغيرها، ويقول: ليس عندهم بدع، وهم مسلمون.. فلو كان يعرف دينه وعقيدته هو ويعرف عقيدة هؤلاء لما تلفظ بهذه العبارات، ولا شك في ذلك.
    فالمسألة تحتاج إلى أن تضبط بالعلم الشرعي وأن تُؤصّل، وأن يجتنب فيها -بقدر الإمكان- جانب الهوى؛ لأن هذه مشكلة -كما أشرنا قبل قليل- وهناك من لا يستوعب أن يجد خلافاً في أمر من الأمور.
    القضية كما نعلم -وهذا أيضاً من الأصول التي أرجو الله عز وجل أن ينفع بها إخواني جميعاً- أن الأحكام العملية واضحة، وأنه يجب أو ينبغي أو المعتاد نظرياً وعقلاً أن يكون الخلاف فيها أقل من الأمور العلمية الاعتقادية الخبرية، وبعض الناس لا يدرك ذلك، لكن نحن نجد في واقع الأمر وواقع الحال أن الصحابة رضي الله تعالى عنهم اختلفوا في الأمور العملية التي لا تحتمل قولين .. مثلاً: صلى النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الكسوف مرة واحدة، ومعنى أنه صلى مرة واحدة فإنه لا يحتمل فيها شيئان، فإما أنه فعل كذا أو فعل كذا، لكن البعض يأتي إلى هذا الأمر ولا يطيق أن يتأمل فيه، فكيف إذا حدث الخلاف في الأمور العملية؟
    مثلاً: حديث: {إنما الماء من الماء}، وهو حديث صحيح، وكان بعض السلف من الصحابة على هذا الحديث، فلا يوجبون الغسل بمجرد التقاء الختانين كما في الحديث الآخر، مثلاً.
    فما دام أن الخلاف وقع في القضايا العملية الواسعة والمشتهرة واليومية والمتكررة، فلماذا نستغرب وقوع الخلاف في الأمور العلمية الاعتقادية الخبرية؟ ومن هنا زل كثير من العباد والصالحين في مسألة القدر، أو زلوا في مسألة الإرجاء، لا عن قصد الضلال والانحراف، ولا يجوز تقليدهم في ذلك، نحن لا نتكلم أن هذا جائز أو أنه سائغ، لكن نتكلم أنه واقع وممكن ومتخيل ومتصور من غير أن نحكم على ذلك الفاعل أنه كفر أو حارب الدين، أو أراد بعمله هذا محادة الله ورسوله.
  8. مشكلة فهم الكلام بطريقة خاطئة

     المرفق    
    المذيع: نحن نختلف -يا شيخ!- في قضايا أساسية حتى في قضية نقد الرجال والحكم على الآخرين، ثم إذا اختلفنا لا نعرف كيف نتعامل مع خلافنا، وسأذكر لك عدة أمثلة، وهناك أشياء تخصكم أنتم يا فضيلة الشيخ: في قضية حرب الخليج صدر بيان من هيئة كبار العلماء وكانت في ذلك الوقت برئاسة الشيخ عبد العزيز بن باز بجواز الاستعانة بالأمريكان في حرب الخليج، وكان منكم أن قدمتم رسالة وأطروحة تبين عدم جواز الاستعانة بهؤلاء، ثم بينتم ذلك في وعد كيسنجر وغير ذلك .. الذي أريد أن أقوله: إن البعض قال: الشيخ عبد العزيز كافر؛ لأنه أفتى بجواز التعامل مع اليهود والنصارى. وبغض النظر عن حقيقة الخلاف في هذه المسألة .. كيف نتعامل مع هذه الأصوات؟
    الشيخ: ينبغي أن نعلم أن الشاذ لا حكم له، وهؤلاء القوم لديهم شذوذ وجهل، وأنا ما سمعت أن هذا حصل، أنت صادق، وأنا لا أستبعد أبداً أن يحصل، لكن: أقصد أن أحداً لم يواجهنا بهذا مباشرة، لكنه ممكن أن يقع في أي وقت، فعندنا من الجهل الذي يجعل أكثر من ذلك يقع، والقضية باختصار: مسألة الاستعانة بالكفار مسألة خلافية من قديم، وأحدهم يرجح هذا والآخر يرجح هذا، لا إشكال فيها على الإطلاق ولله الحمد.
    المذيع: خلاف ماذا يا شيخ! عقدي أم فقهي؟
    الشيخ: خلاف فقهي -وهي رسالة واحدة ليست رسالتين، هي رسالة واحدة وُضع لها عناوين لم أضعها أنا - لكن القضية التي أردت هي أن أعالج الواقع، فإذا كانت الاستعانة لا تجوز، أو كانت تجوز للضرورة كما قال العلماء، والخلاف بين من يقول: لا يجوز ومن يقول: يجوز للضرورة، في الحقيقة ليس خلافاً لو تأملت؛ لأن كل شيء حرام فيمكن أن يجوز للضرورة، لكن المشكلة ليست هنا، المشكلة معالجة هذا الواقع، أي: أن تقدّر الضرورة بقدرها، وأن يُعلم المناط، هذا الذي أردته في هذه الرسالة.
    على أية حال؛ أنا معك على أن هناك إشكالاً، وضيق أفق، وقد قابلت بعض الناس وهو من أهل العلم والفضل ومعروف، فقال: أشكرك على تكفير الأشاعرة في رسالتك، وأنا لم أكفر الأشاعرة، بل بالعكس أنا احتطت فقلت: إنهم أقرب الناس إلى أهل السنة في نفس الرسالة، فتعجب وقال: إنكار العلو؟ قلت: إنكار العلو كفر ولكن أنا لم أكفر الأشاعرة، ثم بعد قليل إذا بآخرين يسحبون هذا الذي ظنوه ووهموه على أنه تكفير على ابن حجر والنووي، وتأتيني رسائل واتصالات، والآن أكملنا عشرين سنة منذ أن صدرت هذه الرسالة وهم يقولون: إنك تقول إن هؤلاء أشاعرة وأنت تكفر الأشاعرة إذاً هؤلاء كفار، والكلام واضح وصريح في أنهم ليسوا أشاعرة.
    قلت: أهل السنة والجماعة، شرّاح السنة، المهتمون بالحديث والأثر ليسوا أشاعرة، وإن أخطئوا فيما أخطئوا فيه في بعض الصفات والأمور، والأشعري: هو المتكلم .. صفته كذا كذا، يقول بالكسب والإرجاء، وبتقديم الدليل العقلي على النقلي، أمور مضبوطة.. فالأشعري هو المتكلم وليس هو المحدث الذي أخطأ فوقع في مقالة وأول تأويلاً يوافق تأويل الأشاعرة أو غيرهم.
    وهذا حقيقة دليل على أن الناس قد يفهمون خطأ، ولما نقول: فهموا كلامي أو كلامك، كم فهموا من كتاب الله؟ أصل ضلال الخوارج كان فهمهم لكتاب الله؛ لأنه حمّال أوجه، ولأنهم لا يفقهون معانيه.
    إذاً: نرجع دائماً ونؤكد هذه القضية أنه لا بد من التجرد لله سبحانه وتعالى، ولا بد من معرفة الضوابط في كل علم، ولا بد ألا يتكلم في كل علم إلا أهله، وعلى الإنسان أن يتورع ويكف لسانه، وألا يدخل في أمور مثل هذه الأمور الشائكة المعقدة التي توقعه فيما لا تحمد عاقبته في الدنيا والآخرة.
  9. ضرورة الحفاظ على حقوق المسلم .. الخطاب الدعوي في مسألة التكفير

     المرفق    
    المذيع: أيضاً بعض المحبين للمشايخ والعلماء قد يفهمون كلام المشايخ والعلماء بطريقة خاطئة ويبنون عليه أحكاماً؟
    الشيخ: بالضبط، وهذا ما قاله علي رضي الله تعالى عنه: [[يهلك فيَّ اثنان: غالٍ فيَّ وجاهل عني]] الخوارج كفروه والشيعة عبدوه، وهذه مشكلتنا، وكذلك أنا وأنت وكل إنسان يستمع إلي وإليك كل من يغلو في قيمتي يقول كلاماً -والله- لا أستحقه، وتجد من يجعلني لا أساوي شيئاً، وأنا أرجو أن أبلغ قليلاً مما قال، والحياة هكذا.
    ولذلك نحن نوصي الأمة بالأصول والضوابط في حق المسلم ومراعاته، بل أنا دائماً أقول: الله سبحانه وتعالى علق دخول الجنة بالإيمان في القرآن وفي السنة، لكن التعامل بين المسلمين علّق بأدنى درجة وهو الإسلام، حتى لا نفرط في حق الله عز وجل، فحق العبد في الإسلام يقدم أو يراعى أو يدقق فيه لمجرد الإسلام، لم يقل الله تبارك وتعالى: إن كان مؤمناً وإلا تغتابه، لا، وإنما يقول النبي صلى الله عليه وسلم: {حق المسلم على المسلم ... } وفي حديث آخر: { كل المسلم على المسلم حرام } فلو قال: كل المؤمن، لقلنا يا أخي هذا مسلم اغتابه، أو اقتله، لا، بل قال: {كل المسلم على المسلم حرام: دمه وماله وعرضه} وقال: {المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده} فحق المسلم حق عظيم.
    لكن هناك شيء عظيم جداً يجب أن يتنبه إليه، وهو أنه لا يعني ذلك ألا يوضح الكفر، وألا تذكر حقيقة الكفر، وخطر الشرك والبدع، وألا يتكلم على أهل البدع في الجملة، بل أتكلم على الخوارج في الجملة وضلالهم وانحرافهم والوعيد الشديد فيهم، وأتكلم عن الرافضة والشيعة والمرجئة والقدرية في الجملة، وأبين ما جاء فيهم من وعيد ومخالفتهم للكتاب والسنة، وأتكلم عن الحاكمين بغير ما أنزل الله بكل وضوح، وكيف أنهم بدّلوا دين الله، وغيروا أحكام الله، وما يستحقون من الوعيد، وخطر ذلك على الأمة .. هذه يجب أن توضح.
    وذلك أن هذا الكلام إذا قيل قد يفهم أنه يناصر الطرف الآخر، بل بالعكس هذا الذي يردعه، وهو الذي يمنعه ويزجره؛ لأنك عندما تنزل أحكاماً على الواقع لا تنزلها إلا بضوابط، فمن يستحق أي وصف من هذه الأوصاف فلا مجاملة فيه، ومن لا يستحق فلا يجب، مع تقديم حسن الظن، والتأويل إذا أمكن، أو التسويغ، أو العذر إذا أمكن الاعتذار لأي مسلم، والشريعة في جملتها ليست متشوفة إلى إقامة الأحكام، الأحكام العملية الظاهرة جداً لم يتشوف الشرع إلى إقامتها؛ فما بالك بهذه الأمور؟!
    يأتي رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ويقول: قد زنيت، وهو يعرض عنه، والمرأة تأتي وتقول: زنيت، فيعرض عنها، قصص ماعز والغامدية معروفة .. فليست الشريعة متشوفة ومتشوقة إلى أن تقيم الحدود والأحكام وتقول: هذا زانٍ، أو هذا ضال، أو هذا شارد، لكن إذا ثبت الحكم وتقرر فنعم.
    والذي يجب أن يكون في الشريعة هو التحذير من الزنا، والتحذير من الخمر، وبيان مخاطرها، ومنع ضررها، أما أن يقال: إن هذا زانٍ، فإن لم يأت بأربعة شهداء فله ثمانين جلدة في الظهر، فلاحظ هناك إيضاح كامل للعقيدة، سواء كان الحكم بغير ما أنزل الله، أو موالاة الكافرين، وكل هذه الأمور، وفي المقابل هناك زجر ووعيد شديد من إطلاق الكفر على المعين.
    فيجب أن نجمع بين هاتين، ولا إشكال في ذلك إن شاء الله تبارك وتعالى.
  10. حقيقة الخلاف في مسألة الحكم بغير ما أنزل الله

     المرفق    
    المذيع: هناك قضية أخرى يا شيخ! وهي قضية الحكم بغير ما أنزل الله، فالشيخ الألباني أصدر فتوى عقب عليها سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز وعقب عليها الشيخ محمد بن عثيمين، وأنتم أيضاً لكم شرح رسالة تحكيم القوانين للشيخ محمد بن إبراهيم .. هذه القضية الخلاف فيها لعله يكون واضحاً وجلياً، وهي موجودة حينما يقول الإنسان: من لم يكفر الكافر فهو كافر! فحينما نتكلم عن شخص يحكم بغير ما أنزل الله بناء على فتوى الشيخ ابن باز وفلان وفلان أنه لا يكون كافراً، وعلماء آخرون يقولون: إنه كافر، فكيف يتعامل الشباب مع مثل هذا الخلاف؟
    الشيخ: ما تفضلت به ما هو إلا مثال لنفس الحقائق المتقدمة، بمعنى أن الخلاف نوعان: خلاف سائغ وخلاف غير سائغ، حتى بين أهل السنة والجماعة، هناك فرق بين الخلاف وبين زلة العالم، وأنا أعتقد وقد أصبح ذلك لدي يقيناً وتأكدت أن من يشترط فيمن يحكم شرعاً غير شرع الله أن يكون هذا مستحلاً له - أن هذا زلة عالم وليس خلافاً، لا يعتبر خلافاً؛ لأنه تبديل للدين وتغيير للشرع، وإحلال حكم وضعي محل حكم الله تبارك وتعالى، والاستحلال لا يشترط في الكفر، الاستحلال يشترط فيما هو ذنب ليكون كفراً، فنقول: هو الزنا، وشرب الخمر ذنب، لكن لو استحلها كفر، أما الكفر نفسه فلا يقال فيه ذلك.
    وأضرب مثالاً واضحاً جداً يوضح هذا، وهو ما ذكره الله تبارك وتعالى عن هاروت وماروت: ((وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ))[البقرة:102] ماذا يقول الملكان؟ ((وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ))[البقرة:102].
    إذاً: المسألة أنهم لا يستحلون، فإن الذي يستحل لا يقول: هذا كفر .. وأنا فتنة، فهو بالعكس يعلم أنها فتنة وحرام وأنها كفر ومع ذلك كفرهم الله تبارك وتعالى، وهذا دليل واضح على أن الكفر بل أكبر كفر -كما هو معلوم- حتى كفر إبليس وفرعون ليس من باب الاستحلال، والله تعالى أخبرنا عن إبليس أن كفره كان حسداً وعناداً له، حينما قاس القياس الفاسد: (( خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ ))[الأعراف:12]، وكفر قوم فرعون كان بالجحود ((وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً))[النمل:14] استيقنتها أنفسهم أي: هم موقنون، ولذلك قال موسى عليه السلام: ((لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنزَلَ هَؤُلاء إِلاَّ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ بَصَائِرَ))[الإسراء:102] فهو يعلم ذلك. وقد ذكرت هذا كمثال.
    فهناك فرق بين زلة العالم وبين الخلاف، ومع ذلك الإمام العالم المجتهد إذا قال هذا وزل به ثم جاء له أتباع لا نكفرهم، بل لا نبدعهم، لكن نقول لهم: يا إخوان حكموا الدليل، وتأملوا، وأنا حقيقة لما تأملت وجمعت في هذه المسألة لم أر أبدع وأوجز مما كتب الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله تعالى، ولذلك تعمدت أن أشرح هذه الرسالة المباركة: تحكيم القوانين ؛ لأن فيها تفصيل ما الذي يكفر من الأنواع، وبشكل لم يسبق إليه.
    المذيع: لكن أنت يا شيخ كصاحب علم تستطيع أن تتعامل مع التماس العذر وكذا.. ولكن نحن نتحدث عن شعب كامل، نتحدث عن أناس بشكل كبير يتبعون دولة واحدة أو علماء أو هكذا.. كيف نتعامل مع هذه القضية؟
    الشيخ: هذه هي نفس الأولى، فعندما نقول: أيها الناس! هذا الشيخ محمد بن إبراهيم عليه رحمة الله ذكر أنواعاً مكفرة وأنواعاً غير مكفرة، فاعتدلوا، ومن كفر بالجميع أخطأ وخالف الحق، ومن لم يكفر بالجميع أخطأ وخالف الحق، فلابد من نشر العلم، ولا سيما الفتاوى المحررة المنقحة المبسطة، وكلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمة الله عليه وابن القيم، وكلام العلماء السابقين في هذه المسألة واضح ولله الحمد.
    بل أنا أقول يا أخي: حقيقة -وهذا مما نغبط عليه- مناهجنا الدراسية ممتازة ولله الحمد، وقد حدثني بعض الإخوة من مصر كانوا زملاء لي في الجامعة، قالوا: لو درسنا مناهجكم ما كان لدينا غلو، قلت: كيف هذا الكلام؟ وهم كانوا يدرسون معي في الجامعة، قالوا: نحن في مصر إذا سمعنا كلمة كفر، قلنا: كفر، فمثلاً: {سباب المسلم فسوق وقتاله كفر} قلنا: كفر، أو {من حلف بغير الله فقد كفر} قلنا: كفر، أي: خارج من الدين، لكننا وجدنا في مناهجكم -حتى في الابتدائي- أن الكفر أنواع. والنفاق أنواع، فالحمد لله أبناؤنا ضبطوا هذا الموضوع.
    وأنا لا أقول: العلم كثير، بل قد يقل، لكن أنا أقول وأؤكد أن هناك قدراً من الهوى يطغى على العلم، نسأل الله العفو والعافية.
  11. العواصم من الوقوع في ظاهرة التكفير

     المرفق    
    المذيع: فضيلة الشيخ! كيف نتلافى هذه الظاهرة حتى نعصم أنفسنا ومجتمعاتنا؟ ولكن لعلك قبل أن تجيبنا عن هذا السؤال نقف مع فاصل قصير...
    المذيع: أهلاً بكم مرة أخرى أيها الإخوة الكرام، ونستأنف حوارنا وحديثنا مع فضيلة الدكتور سفر بن عبد الرحمن الحوالي .
    فضيلة الشيخ! كنا قد توقفنا قبل الفاصل عن الحديث عن العواصم التي تعصمنا وتنجينا من الوقوع في ظاهرة التكفير وغيرها من ظواهر الغلو.
    الشيخ: العصمة أو طريق النجاة كي لا نقع في أي شيء تكون بتلافي أسباب الوقوع فيه، برغم أسبابه التي تؤدي إليه، ويجب على الأمة جميعاً الحكام والعلماء والمربين والآباء أن يتقوا الله تبارك وتعالى، وأن يجعلوا كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم نصب أعينهم في كل أمر من الأمور، فإذا لم يجد هذا الغالي أو المبتدع ثغرة لأن يكفر منها فلن يكفر إلا الحالات الشاذة، ولا شك أن الحالات الشاذة تقع، لكن هناك فرق كبير بين حالة شاذة وحالة ظاهرة تستند إلى وقائع موجودة، والملاحظ الآن في حال العالم الإسلامي أن هناك ظاهرة منتشرة، فأكثر حكومات العالم الإسلامي قد نحت كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم جانباً، وجاءت بقوانين وضعية وبشرائع أرضية منافية كل المنافاة لما أنزل الله تعالى في كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وعطلت الحدود، وتعاملت في المعاملات بغير ما أنزل الله، وأخمدت نور الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والمناهج التعليمية والإعلامية والاقتصادية تقوم على أسس وفلسفات ونظريات غريبة جداً عن الإسلام.
    فمثل هذا الواقع المؤلم المظلم يجب أن يُتلافى، يجب أن ندعو جميعاً إلى تغييره، فالحكام بقدر ما يستطيعون، والعلماء بقدر ما يستطيعون، والدعاة بقدر ما يستطيعون، نرجع إلى الله تبارك وتعالى، وإلى تحكيم كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
    الشاب الذي ينشأ ويرى مظاهر الضلال والانحراف والانحلال، والمنكرات تتفشى في كل مكان - لا يطيق ولا يتحمل أن تقول له: ومع ذلك فلا نكفر إلا بضوابط، هو أقرب شيء لنفسيته وحماسه أن يجزم بالتكفير مطلقاً، ويرى أن ذلك من الانتصار لدين الله، ومن القيام بالحق، ومن الصدع به، وأنك مداهن إن لم تقل ذلك، وهو كما يريد. فلا شك أن هذه مشكلة خطيرة جداً.
    ثم نعمد إلى هذا الذي يقول ذلك ويكفر في غير موضع التكفير، ونقول: لا أحد ينتهج هذا المنهج إلا بشبهة، فيجب أن تكشف الشبهة وتزال وأن يناقش، بينما الاعتماد على منهج الحديد والنار والسجن والضرب والقتل هو الذي يولدها ويفجرها، والدول العربية التي سبقتنا إلى ذلك أول من أدخل السجون كانت ملاحظاتهم قد لا تصل إلى التكفير، إنما انحرافات وأخطاء ومطالبة بحقوق وكذا.. فخرجوا من السجون يكفرون، ثم حصل الغلو في التكفير، فحصل أن كفروا حتى الدعاة الذين معهم الذين لم يكفروا تلك الحكومات.
    إذاً: هناك أسباب نفسه واجتماعية، وأسباب كثيرة جداً تدفع إلى هذا علينا أن نتلافاها، فإن لم يبق إلا الظاهرة الشاذة وهو ما طُبعت عليه بعض النفوس وجبلت عليه من الانحراف والغلو كما جُبل الخوارج وغيرهم، فنقول: هذه المشكلة تحجّم ونجعلها في قدرها، ومع ذلك استمرارنا في تعليم الأمة وتربيتها على المنهج الوسط وعلى السنة والجماعة، والعدل، والتحذير من هذه الضلالات والفرق، ونشر العلم الشرعي - كل ذلك يؤدي إلى علاج هذه الظاهرة، وحتى الخوارج يُناظرون، فقد ناظرهم ابن عباس رضي الله تعالى عنه، وأيضاً علي رضي الله تعالى عنه ناظرهم وخطب في المسجد أمامهم، فإن لم ينتهوا رجع منهم عدد كبير، وهذا أيضاً مكسب.
    ولاحظ أن علياً رضي الله تعالى عنه سن منهجاً عظيماً، ولماذا أمرنا بالاقتداء بالخلفاء الراشدين؟ النبي صلى الله عليه وسلم أمرنا بذلك، فـأبو بكر تعلمنا منه قتال المرتدين، وعمر رضي الله تعالى عنه تعلمنا منه كيف تفتح فارس والروم وقتال الأعداء، وعثمان رضي الله تعالى عنه تعلمنا منه إذا ثارت ثورة أو فتنة كيف يصبر ويقدم دمه ولا تقتل الأمة من أجله، وإلا فقد جاءه الصحابة كي يقاتلوا الثوار فرفض، وعلي رضي الله تعالى عنه تعلمنا منه قتال أهل القبلة، قتال أهل البغي، وهذه أنواع وأحكام يجب أن تعرف وتفصل.
    المقصود أن علياً رضي الله تعالى عنه قال في الخطبة على المنبر للخوارج عندما قالوا: لا حكم إلا لله، قال: [[إن لكم علينا ثلاثاً: ألا نمنعكم مساجد الله، وألا نمنعكم حقكم من الفيء ...]] وهي الوظائف والرواتب.. إذا فصلتَ من عمله من كان عنده عقيدة كذا، أو بُلّغت أنه خطب جمعة فما أعجبتك الخطبة، أو ألف كتاباً وما أعجبك ففصلته، فهذا ظلم وحيف، وهذه مسألة أخرى، فكشف الشبهة مسألة وما يستحقه هو وأبناؤه وأسرته من بيت المال لا علاقة له بذلك.
    إذاً حقك من الفيء لا تحرمه، والثالثة: [[ألا نبدأكم بالقتال]] فلذلك ما بُدئوا بالقتال، ولكن نوظروا وكشفت الشبهة ثم قوتلوا، وهذا منهج عظيم سنه علي رضي الله تعالى عنه.
    وعموماً الأحكام بين أهل القبلة والقتال الذي يقع بينهم له تفصيل ينبغي أن يعلم حقيقة.
    المذيع: فضيلة الشيخ! حديثك الآن في قضية الخطيب إذا أُوقف أخشى أن تُفهمَ خطأ، فإن ولي الأمر والعالم ونحو ذلك ممن ولي هذا الموضوع يجب عليه أيضاً أن يتقي الله سبحانه وتعالى فيما يُطرح للمسلمين، وأن يراقب الكلمات التي تقال للناس حتى يكون الدين الذي يصل إلى الناس مبنياً على وقائع وحقائق، فهل تؤيدني في ذلك؟
    الشيخ: ليس هذا قصدي وفقك الله، أنا أقول: الخطيب الذي لا يستحق أن يكون خطيباً لا يوضع خطيباً، وإن وضع ووجد أنه لا يستحق أن يكون خطيباً، كأن قصر، فهذا يعزل ولا حرج في ذلك، ورزقه على الله، ولكن نحن نتكلم عليك أنت كمدرس في الجامعة وخطبت في المسجد، أو قلت كلمة، أو وعظت أو نصحت بما لا يوافق رغبة الحكومة ففصلت من عملك، هذا مخالف لسنة الخلفاء الراشدين.
    بمعنى آخر: أنت وأولادك من حقكم أن تعيشوا وتأخذوا من بيت المال، ولا علاقة له -لا قدر الله- بأن تسجن أو تقتل أو حتى تجلد، فالأحكام الشرعية تنفذ، لكن حق بيت المال باقي.
  12. أصول وضوابط قتال أهل القبلة

     المرفق    
    المذيع: في حديثك عن قضية الأخذ من علي بن أبي طالب مسألة كيف نتعامل في القتال الواقع بين أهل القبلة، أنا أعرف -فضيلة الشيخ- أن لكم بحثاً في هذا الإطار، فيا حبذا لو أطلعتمونا على نتائج هذا البحث في القتال الواقع بين أهل الإسلام.
    الشيخ: في الحقيقة الموضوع مهم جداً، وأنا ألخصه في أمور العلم بها ضروري حتى تعرف الفروق والفواصل؛ لأن حقيقة الفقه هو التمييز والتفصيل بين أمور وأمور قد تشتبه عند العامة أو عند كثير من الناس.
    من ميزات هذه الشريعة العظيمة التي أنزلها الله تبارك وتعالى أنها جاءت مفصلة بأحكام لا نظير لها، وأنا اطلعت على ما يسمى: القوانين الدستورية، ومخالفة القوانين في الدول الغربية والعربية وغيرها، والحقيقة أنك تجد الهزال والتفاهة عندما تُقارن هذه بهذه الأحكام العجيبة الحكيمة المفصلة، وأنا أوجز فقط أصول هذه القضية في شريعتنا فأقول: من ينتسب إلى الإسلام، أو من يقول: أنا مسلم، أي: من يكون من أهل القبلة، ما أنواع القتال الذي يكون بينهم؟
    عدة أنواع: هناك نوع يسمى: قتال الطائفة الممتنعة عن بعض أحكام الإسلام، كما امتنعت طائفة في صدر الإسلام عن الزكاة، ولم يكفروا، بل يقولون: نحن مسلمون، ولكن:
    أطعنا رسول الله ما دام بيننا            فيا ليت شعري ما لدين أبي بكر!
    نحن مسلمون لكن لا نؤدي الزكاة، واجتمعوا على ذلك، فهؤلاء يقاتلون قتال ردة؛ لأنهم أجمعوا واجتمعوا على أمر أو حكم من أحكام الشريعة لا يجوز إقرارهم على تركه. هذا النوع الأول باختصار، وهو قتال ردة.
    النوع الثاني: القتال الذي يكون على البدعة .. على التأويل الخاطئ، كما حدث في قتال الخوارج، فهم يرون أنفسهم من أهل القبلة، وهم من أشد الناس، بل أكثرهم عبادة واجتهاداً فيها، فما كفروا ولم يكفرهم علي رضي الله تعالى عنه ولا الصحابة الذين قاتلوهم في أول الأمر، لكن من أين استحلت دماؤهم؟ من التأويل الباطل، وتكفير المسلمين واستحلال دمائهم، وإصرارهم على هذا الذنب العظيم، فمن هنا قوتلوا على أنهم أهل بدعة، ونجد علياً رضي الله تعالى عنه فرق بينهم وبين من قالوا: أنت هو وهو أنت، فهؤلاء الذين حرقهم وأنكر عليه ابن عباس ذلك التحريف - هم من النوع المرتد قطعاً.
    لكن الشاهد أن هذا النوع أُخذ ووجد في القرن الأول، وكل الأمثلة سأجعلها من القرن الأول حتى تكون واضحة، وتوضح كيف كانت الأمة عالمة بالأحكام ثم اختلفت عليها الأمور مع الأسف الشديد.
    المذيع: علي بن أبي طالب قاتلهم حرصاً على جمع كلمة المسلمين أو لأنهم أهل بدعة؟
    الشيخ: قاتل الخوارج لأنهم أهل بدعة؛ لأنه لو تركنا لهم الأمر لبدلوا دين الإسلام وأصبحوا يدعون إلى هذه البدعة التي ابتدعوها، بخلاف من قاتلهم لجمع كلمة الأمة، فهؤلاء هم أهل الشام، وهذا هو النوع الثالث، وهو: قتال البغاة، وهو الذي يمكن أن نتوسع فيه فنقول بكلمة أعم: القتال الذي يكون فيه لكل من المتقاتلين وجهة نظر في مسألة الإمام نفسه أو الحكومة نفسها، أي: في شرعيتها وانطباق الشروط الشرعية في هذا الخليفة أو في هذا الإمام، في الحقوق أو ما أشبه ذلك، ويؤدي في بعض مجالاته إلى أن يكون قتالاً مجرداً على المُلك.
    مثلاً: ما حدث من عبد الله بن الزبير رضي الله تعالى عنه، أو الحسين بن علي رضي الله تعالى عنه، هؤلاء يرون أنه من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لكن لما خرج يزيد بن المهلّب على الدولة الأموية ولم يكن قرشياً، مع أنه كان جواداً كريماً، لكن كان خروجه من أجل أنه يرى أنه أحق بالملك من بني أمية، فهذا قتال فقط على مجرد الملك، بل لقد اقتتل بنو أمية فيما بينهم، وكذلك بنو العباس وغيرهم.
    إذاً: قتال الفتنة المجرد، الذي من أجل الملك والدنيا هذا لا يجوز المشاركة فيه أصلاً بأي حال من الأحوال.
    وعندنا النوع الآخر وهو قتال البغاة، وهؤلاء يجب أن يصلح ويحكم بينهما كما أمر الله سبحانه وتعالى..
    المذيع: البغاة الذين يخرجون على ولي الأمر؟
    الشيخ: يخرجون على إمام عادل، لكن عندهم شبهات، والعلاج أيضاً موجود شرعاً: أن تكشف الشبهة، فإن كانوا يشتكون أنه ظالم فترد المظالم لهم ويعطون حقوقهم، ولا يُبدءوا بالقتال حتى تنكشف الشبهة أو تنجلي المظلمة، وإذا كان ينقص الإمام شروط معينة يجب أن تحقق هذه الشروط بقدر الإمكان، ولاحظ أنهم لا يعترضون على النظام الاجتماعي في الإسلام ولا على الشريعة، وإنما يعترضون على أن هذا الحاكم أو الحكومة لا تنطبق عليها الصفات الشرعية.
    فمن هنا يختلفون عن النوع الأخير وهو قتال المعتدين المحاربين لله ورسوله، كما حدث في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وهم العرنيون، كما في حديث العرنيين، فهؤلاء نهبوا وسلبوا، فقطاع الطرق الذين يقطعون سبيل المسلمين، هؤلاء لا يريدون إلا السلب والنهب، وليس لهم شبهة، وليس لهم دين، لا مبتدع ولا غير مبتدع، وإنما غرضهم لذات المال، ولإفساد الأمن وإشاعة الرعب والنهب والسلب، فهؤلاء أيضاً يقاتلون، ولهم أحكامهم، فمن تاب قبل قدرتنا عليه تركنا سبيله، وهذا من سماحة الشريعة ويسرها، ثم بعد ذلك ما ذكر الله تبارك وتعالى من تخيير الإمام -والاختيار للمصلحة وليس للهوى- وهو بين القتل أو الصلب أو النفي من الأرض، أو تقطيع أيديهم وأرجلهم من خلاف.
  13. العلماء والدعاة هم حملة لواء توطيد الأمن والاستقرار

     المرفق    
    المذيع: يقول أحدهم: سواء الغلو أو التكفير أو التفجير أو نحو ذلك حينما تظهر نجد أن العلماء أهل الحل والعقد، وكذلك الدعاة الذين يجتمعوا الناس حولهم - تجد أنهم بعيدون عن قضية إذكاء مثل هذه الأشياء أو الحث عليها، لماذا دائماً لدينا وراء هذه الأمور أناس قد لا يكونون بمرتبة هؤلاء؟
    الشيخ: إذكاء الأحداث ...
    المذيع: إذكاؤها أي تأييدها.
    الشيخ: هذا شيء طيب، والحمد لله أن يكون العلماء والدعاة وأهل الفكر ومن يأخذ قوله في الأمة ممن لا يذكي هذه الأمور، بالعكس هم حملة لواء توطيد الأمن والاستقرار، نحن نقول هذا ولا فخر، ونقوله بكل صدق ووضوح، أنا أعتبر كل الدعاة إلى الله سبحانه وتعالى والآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، وكل من يبينون للناس أحكام الكفر والإيمان والإسلام والنفاق، لا على سبيل تكفير الناس، ولكن على سبيل التحذير من الوقوع فيها- هؤلاء هم الذين يحفظون الأمن، وهم الذين يحفظون أركانه، وهم أولى بأن يُسموا رجال الأمن من غيرهم، فالأمن حقيقة لا يقوم إلا بالإيمان، والله سبحانه وتعالى جعل الأمن في الدنيا والآخرة مرتبطاً بهذا الإيمان، بالخضوع لله تبارك وتعالى والعبودية له، والتزام أمره، ومعرفة الكفر فيجتنب، ومعرفة الإيمان والإسلام، فيعبد الله تبارك وتعالى على معرفة وبينة وبصيرة.
    فهؤلاء: ((الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمْ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ))[الأنعام:82] وبهذا الأمن والإيمان: ((وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ ))[الأعراف:96].. ((فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلْ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً))[نوح:10-12].
    إن كل الدعاة -وبالذات في هذه البلاد- هم من هذا النوع والحمد لله، والآخرون لا شك أن لديهم شبهات، فنحن لا نقول: إنهم ليسوا علماء، لا نطعن كما قد تطعن بعض وسائل الإعلام، نحن نقول: هذه أخطاء وشبهات وتأويلات، ونحن مسئولون جمعياً عن معالجتها وحلها، والوقوع في المفاسد والمنكرات، والتهجم أحياناً على الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، أو على مناهج التعليم في التوحيد وغيره هي مما يؤجج ذلك، ونحن نعلم ذلك عن يقين ومخالطة، فكلما قرءوا في جريدة مثل هذا الكلام أو سمعوه في الإعلام، أتوني وقالوا لي: انظر ماذا يقولون.
    فالحق دائماً يجب أن يؤخذ -كما كررنا مراراً- بالعدل وبالقصد، وينبغي لطالب العلم -وهذه نصيحة أوجهها لعامة المسلمين ولطلبة العلم- أن يكون مع هذه الكثرة الكاثرة التي تقدر الأمور وتحسب حسابها، والتي لا تحث ولا تحرض أبداً على الإخلال بأمن بلد هو أوجب ما يكون في أرض الله تعالى أن يكون آمناً، أمن الكعبة المشرفة، وأمن الحاج والمعتمر، والدعوة إلى الله سبحانه وتعالى.
    هذا البلد قارة أو شبه قارة، لو كانت لدينا مثل أمريكا أو أكثر من سلاح الحدود ومقاومة التهريب وغيره لا نستطيع أن نضبط الأمن فيه، فكيف ونحن في هذه الحالة، لا يمكن أن يقوم الأمن إلا على إيمان وتكاتف وتعاون وتناصر فيما بيننا .. لماذا يستنكف البعض عن سماع كلمة الحق؟ بل لماذا يسميك إذا قلت كلمة الحق أنك تحرض ضد الأمن؟ هذه مشكلة، يجب أن نكون صادقين وصرحاء مع أنفسنا، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو الذي يوطد أركان الأمن والرخاء والاستقرار، والذين يعبثون ويخرقون السفينة لو يعلمون قدر هذا الذي يرفع يده لكي لا يخرقها لقدروه حق قدره، إنه حين يضبطهم لئلا يخرقوا السفينة فهو ليس ليحرمهم من شهواتهم أو متاعهم، بل لكي يعيشوا في هذه السفينة ما أمكن لها أن تعيش، وقد بين ذلك النبي صلى الله عليه وسلم.
    المذيع: إذاً فضيلة الشيخ فتح باب الحوار مع الجميع وإزالة الشبه؛ حتى تتبين الحقائق ويعلم الناس كتاب الله وسنة رسوله.
    فضيلة الشيخ! في ختام هذا اللقاء نشكركم على إجابة الدعوة، ونسأل الله عز وجل أن يجزيكم عنا خير الجزاء.
    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.