المادة كاملة    
في هذا اللقاء المبارك -بإذن الله- مجموعة أسئلة تهم المرأة المسلمة في قضية عملها في الدعوة إلى الله، وما يواجهها من مشاكل وأعباء تعترضها كالفتور، وفتنة دعاة الحرية والتغريب وغير ذلك، وما القواعد والثوابت التي ينبغي على المرأة الداعية أن تسير عليها حتى تحقق نجاحها في مواجهة الفساد والكفر والانحلال.
  1. كيفية معالجة الفتور الوارد على العبادات

     المرفق    
    بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
    تتشرف الشبكة النسائية العالمية باستضافة الشيخ الفاضل: سفر بن عبد الرحمن الحوالي حفظه الله تعالى ورعاه، وذلك في باكورة سلسلة محاضراتها عبر غرفتها المتواضعة (البالتوك) نفع الله بها الإسلام والمسلمين، وأثاب شيخنا الفاضل بالفردوس الأعلى مع الأنبياء والصديقين على حسن تعاونه وتلبيته دعوتنا لإلقاء هذه المحاضرة التي عنوانها: أهمية عمل المرأة في الدعوة إلى الله وضروريته في زمننا الحاضر، فليتفضل شيخنا الكريم مشكوراً مأجوراً.
    إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه أجمعين.
    أما بعد:
    فاللهم لك الحمد أولاً وآخراً، وظاهراً وباطناً على ما أنعمت به علينا من نعمة الإيمان والإسلام، ونشكرك كما يليق بجلال وجهك وعظيم سلطانك.
    ثم نشكر بعد ذلك الإخوة الكرام والأخوات الكريمات الفاضلات، الذين حرصوا جميعاً على هذا اللقاء، ونسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن ينفعنا جميعاً بما نقول ونسمع، وأن يجعل ما نعلم وما نتعلم حجة لنا لا علينا إنه على كل شيء قدير.
    الواقع -أيتها الأخوات الكريمات- أن الأسئلة الكثيرة التي وصلت إلينا كافية لأن نتحدث، وليتنا نفي بالحديث عنها، فكنت أريد أن أقدم بعض القواعد العامة، ثم رأيت أن كثيراً من هذه الأسئلة يشتمل على هذه القواعد، ولذلك رأيت أن أبدأ مباشرة بالإجابة عنها، وما يفتح الله تبارك وتعالى به من مناسبة لأصل إلى قضية كبرى من قضايا المجتمع الإسلامي .. قضايا المرأة المسلمة .. قضايا دعوتها وقيامها بواجبها في عبادة الله تبارك وتعالى، وتحقيق ما أمر به وغير ذلك، فكل ما يمكن أن يفتح الله تبارك وتعالى به عليّ سيأتي بإذنه تعالى في ثنايا هذه الإجوبة، نسأل الله تعالى أن ينفعنا وإياكم بها إنه على كل شيء قدير.
    السؤال: أخت تتحدث عن المرأة الداعية الصابرة المحتسبة التي تقوم بأعمال الخير وتنجزها، وتضيق أوقاتها في ذلك، لكن المشكلة الفتور الذي يعتريها في بعض الأوقات، فهل من كلمة -يا رعاكم الله- لها؛ لتكون دافعاً لعلو همتها، وبلسماً لآمالها ومشاقها التي تعيقها في طريق الدعوة؟
    الجواب: أقول لنفسي ولإخواني وأخواتي الفاضلات جميعاً: إن الفتور مشكلة شكا منها الصالحون والزهاد وأولياء الله سبحانه وتعالى، العباد الذين عرفوا حقارة هذه الدنيا، وأنها مزرعة للآخرة، ووقت يغتنم للعمل للآخرة، فاجتهدوا في ذلك وعرفوا عظيم رضوان الله تبارك وتعالى عمن جاهد في سبيله، واجتهد في طاعته ورضاه، ومن صابر في ذلك وصبر، فلما عرفوا هذا وهذا، وجدوا أن النفوس البشرية لا تحتمل، بل تعاني من الضعف والفتور، وتعاني من أن الحالة التي يرضاها ويرغبها المؤمن لنفسه حالة الخشوع والرغبة والرهبة.. حالة الإنابة إلى الله تبارك وتعالى.. حالة اليقين.. حالة الدمعة التي تُذرف لذكر الله عز وجل، أو للتفكر في شيء من آلائه، هذه الحالة لا تدوم، بل تعقبها حالات من الفترات.. وحالات من أشغال الدنيا ومشكلاتها.. وحالات من معافسة الأهل والأزواج -كما قال حنظلة رضي الله تعالى عنه- وحالات وحالات.. تنتاب القلب البشري الذي ما سمي قلباً إلا لتقلبه.
    نقول: إن هذا هو الذي أرَّق العبَّاد والزهاد من قبل، وهو الذي يؤرقنا جميعاً في هذه الأيام، وهو مشكلة كبرى لا بد أن نشكو منها، ولكن لا بد أن نعترف بأنها حقيقة بشرية إنسانية، فالله تبارك وتعالى اختص الملائكة الكرام بأنهم يسبحون الليل والنهار لا يفترون، أما نحن فلا بد أن نفتر؛ لما رُكب فينا من الضعف البشري: ((وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفاً))[النساء:28] ولما رُكب فينا من مؤهلات ومكونات تقتضي حقوقاً وواجبات للزوج أو للزوجة أو للأبناء، وللكدح في هذه الحياة الدنيا، وما إلى غير ذلك من الأسباب.
    لكن الذي يعزي المؤمن والمؤمنة أن كلاً مبتلى في كل الأحوال، وأنه يؤجر على كل ما يصيبه من همّ وغم ونصب، وأنه يؤجر على كدحه لعياله، وأنها تؤجر على حسن تبعلها لزوجها، وغير ذلك من الأعمال التي جاءت الشريعة الربانية المحكمة بها، فرفعت قدر العابد من هذه الأمة حتى جعلته يحتسب نومته كما يحتسب قومته، وجعلته لا يزرع زرعاً فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة -كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم- إلا كان له به أجر.
    فبهذا نستطيع أن نجعل المسألة ليست مسألة فتور عن الطاعة أو العبادة أو الدعوة، بل نجعلها تقلباً لحالات معينة، تمر بها النفس البشرية، ونجعل في كل حالة من الحالات حقاً وواجباً لا بد أن تؤديه، فالرجل عندما يؤدي حق زوجته وأبنائه، أو والديه حتى بالكدح في الدنيا عليهم فإنه يؤدي عبادة شرعية.
    فإن كان الفتور إنما هو في انشغال الإنسان عن قراءة القرآن أو الدعوة أو العبادة لمثل هذه الواجبات، فالحقيقة إنما هو نقلة من عبادة إلى عبادة، ومن حالة يتقرب بها إلى الله إلى حالة أخرى.
    الأمر الآخر: إن طبيعة كون الإيمان يزيد وينقص تتمثل فيها حالة البلاء والابتلاء الحقيقية التي ابتلينا بها: ((لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً))[هود:7] فالبلاء إنما يتحقق بذلك، فلو أن المؤمن آمن بالله تبارك وتعالى، وبلغ درجة من اليقين لا ينزل عنها أبداً لما كان البلاء بمثل هذه الدرجة وبمثل هذه الخطورة.
    لكن البلاء أنه يعقب ذلك النشاط ضعف، ويعقب اليقين شك، ويعقب الاجتهاد ضعف أو فتور، ويعقب الإنابة والخشوع والرهبة والرغبة فيما عند الله غفلة أو إهمال، أو تناس لذكر الله سبحانه وتعالى، ويعقب الطاعة معصية، وهكذا.. {كل ابن آدم خطاء}.
    ومجمل القول: أننا هكذا خلقنا الله تبارك وتعالى، وهكذا ركبنا، وعلينا أن نجاهد ونقاوم، وأن نعتبر ذلك جزءاً من البلاء الذي ابتلينا به، والعون في ذلك لا يلتمس إلا من الله تبارك وتعالى، والتوكل عليه عز وجل في هذا هو أعظم التوكل، كما قال جل شأنه: ((وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ))[الفرقان:58].
    فالتوكل عليه عز وجل في الثبات أعظم مِن توكل مَن توكل من العباد والزهاد في تحصيل رغيف أو عمل أو معاش أو أمر من أمور الدنيا.
    التوكل عليه تبارك وتعالى في الثبات على الصراط المستقيم، وفي طلب الهداية، وفي ثبات اليقين، وحالة الخشوع والإنابة أعظم من ذلك بكثير، وهو الذي كان عليه الأنبياء والعباد منذ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليوم.
    نسأل الله تبارك وتعالى أن يجعلنا جميعاً منهم إنه على كل شيء قدير.
  2. حتمية الصراع والمواجهة بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان

     المرفق    
    السؤال: إن الإعلام الغربي يقوم بحملات وهجمات واسعة على ديننا وعقيدتنا، وتنشرها وسائل الإعلام المختلفة، فكيف نستطيع مواجهة هذا التحدي، والرجاء التنبيه على مدى خطورة هذه الحملات والهجمات؟
    الجواب: نقول: أيها الإخوة! هذا الدين منذ أن أهبط الله تبارك وتعالى أبوينا من الجنة إلى الأرض، وأهبط معهما عدوهما وعدونا جميعاً: الشيطان الرجيم، ونحن نعاني من الكيد والمكر الشيطاني، ثم كان للشيطان أولياؤه وأتباعه الذين تكاثروا، والذين ذكرهم الله تبارك وتعالى في كتابه، فمنهم اليهود، ومنهم النصارى، ومنهم المشركون والمنافقون وغير ذلك من أولياء الشيطان الذين يمكرون مكراً لا تطيقه الجبال، ويكيدون لهذا الدين ليلاً ونهاراً.
    ولا جديد في حقيقة هذا المكر، والله تبارك وتعالى يسلي نبيه صلى الله عليه وسلم فيقول: ((مَا يُقَالُ لَكَ إِلاَّ مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ))[فصلت:43] بأسلوب الحصر، ما يقال لك إلا ما قد قيل لأولئك الركب الطاهر المؤمن من قبل، فلا جديد في أصل الموضوع.
    لكن الذي استجد أيتها الأخوات الكريمات: هو أن التقنية الحديثة ووسائل الإعلام الحديثة والتواصل البشري الذي نتج عن ثورة المعلومات التي تعيشها البشرية الآن، والتي يبدو أنها لا تزال في أولها، هو الذي جعل المشكلة تتضخم، وتصبح الفكرة، أو الموضة، أو الموجة، أو النزوة، أو الانحراف، أو الانحلال؛ يمكن أن يصبح في أرض ويمسي في أرض أخرى، ويشرق ويغرب في أرض الله تبارك وتعالى في أيام، بل ربما في ساعات أو دقائق.
    هذا هو الذي استجدّ في هذا الموضوع، والذي ينبغي أن نتخذه في مواجهته هو مضاعفة وسائل الدفاع والهجوم معاً، والدفاع: بمعنى التحصين من الشهوات والشبهات، والقيام بواجب الدعوة إلى الله تبارك وتعالى، والجانب الآخر هو واجبنا أيضاً أن نقوم باستغلال هذه الوسائل الحديثة في الدعوة إلى الله عز وجل، والاستفادة من هذه التقنية والتقدم وهذا التطور في نشر دين الله الحق بفضائله وأخلاقه وسلوكياته؛ التي تعجز عن الإتيان بها كل الأنظمة البشرية الوضعية، فإن الله تبارك وتعالى هو الذي أنزل هذه الشريعة المحكمة، وجعل من عاداها أهل جاهلية، كما قال عز وجل: ((أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنْ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ))[المائدة:50] وكما قال تبارك وتعالى: ((ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنْ الأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ))[الجاثية:18] فنحن عندنا شريعة الجاهلية وهي شريعة الذين لا يعلمون، وهم الجاهليون الجاهلون بأمر الله ودينه الحق، وإن علموا ظاهراً من الحياة الدنيا فلا يضر ذلك كونهم جاهلين.
    أقول هذا من جانب، والجانب الآخر هو: أن أعداءهم هم المؤمنون، الشريعة الإيمانية في جانب، والشريعة الجاهلية في جانب، والوسائل المادية هي مما يتنازعه الطرفان، كما كانت صناعة الرماح والسيوف مثلاً في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فتصنع للمؤمنين والكافرين، وهذا يقاتل بها دفاعاً عن دين الله وجهاداً في سبيله، وذاك يقاتل بها رياءً وكبراً وخيلاء وإظهاراً للباطل على الحق، وهكذا..
    فالواجب علينا في هذه الحالة هو أن نعمّق الدعوة والإيمان من خلال الاستخدام الأمثل والأفضل لهذه الوسائل الحديثة التي تقوم بهذا السوء، ونحولها بإذن الله تبارك وتعالى إلى أداةٍ للخير، والبشائر في هذا والحمد لله مشجعة، وكل من جرب من الإخوة أن يستخدم هذه الوسائل رأى خير ذلك، والله عز وجل ينمي الخير ويباركه، ويحق الحق بكلماته ويمحق الباطل ويزهقه عز وجل ويدمغه، وهذا رجاؤنا وثقتنا فيه تبارك وتعالى.
  3. الوسائل المطلوبة في دعوة المسلمات الغافلات

     المرفق    
    السؤال: مجموعة من الفتيات متساهلات في أمر دينهن فلا يتحجبن الحجاب الكامل، ويتبعن الموضات والأزياء، وقد يقمن بصداقات محرمة.. فكيف نستطيع تغيير مجرى حياتهن، بحيث يكون همهن هو هذا الدين والدعوة إليه، والأمر صعب ويحتاج إلى جهد كبير معهن؟
    الجواب: لا شك في ذلك، ما يمكن أن نسميه الغافلات -وكلنا غافل إلا من رحم الله عز وجل- نسأل الله سبحانه وتعالى أن يصلح أحوالنا وأن يجنبنا ذلك، هؤلاء الأخوات الغافلات أخواتنا في الإسلام في أحوج ما يكون إلى النصح والهداية، لا شك أن العمل معهن يتطلب جهداً وعملاً دائماً، ويتطلب مصابرة ومثابرة وسعياً دءوباً وتجارب، بل منهجية تأخذ من التجارب وتفيد من هذه الأعمال، وترتبها وتنظمها لتقديم الخير في أفضل وأزكى وأقرب صورة ترق بها قلوب هؤلاء الأخوات والإخوة جميعاً.
    على أية حال: مسألة تغيير العاصي إلى أن يكون مطيعاً، أو المبتدع إلى أن يكون مستقيماً على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم هي من جنس تغيير الكافر ليكون مسلماً وإن كانت أخف عبئاً.
    وعلى أية حال هذا عمل الأنبياء، وهذه وظيفتهم، وهذا شأنهم، وهذا همّ من وفقه الله تبارك وتعالى لاقتفاء طريقهم: ((قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنْ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ))[يوسف:108].
    وأذكر الأخوات الكريمات بأمر قد يغيب عن الأذهان، وهو ألا نكتفي بمجرد إحكام المنهج الدعوي في كونه كلمة أو شريطاً أو فيلماً أو نشرة، بل نحتاج إلى عمل قبل ذلك ومعه وبعده، وهو الإخلاص لله سبحانه وتعالى، والاجتهاد في الدعاء والضراعة إليه بأن يهدي الله سبحانه وتعالى من ضل، وأن يذكر من غفل، وأن يجعلنا جميعاً هداة مهتدين.
    هذا الاهتمام والدعاء هو مما تتواصل به القلوب وقد لا تدركه الأبدان، وقد لا يدخل تحت اختبارات المعامل والتجارب، لكن القلوب عندما تتخاطب وتتجاوب الله عز وجل يفتح من الأساليب ما لا يدركه البشر، والكلمة الطيبة لا تضيع إذا خرجت من قلب صادق، فإنها مثل البذرة الصالحة إذا زرعت اليوم فإنها بإذن الله تبارك وتعالى لو وقع عليها المطر ولو بعد حين أنبتت، ربما في مكان أو في زمان لا يظن من ألقاها أول مرة أنه هو الذي ألقاها وبذرها، ولكن الحكيم العليم يعلم ذلك، فيكون له أجرها وأجر من عمل بها إلى قيام الساعة سواء علم هو أو لم يعلم.
    والمهمة شاقة لا شك في ذلك، والعلم صعب، لكن واجبنا جميعاً أن نجتهد فيه، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا فيه، وعلى قدر الاجتهاد والتركيز مع فئة مؤمنة منتخبة صالحة تكون عماداً لقيام الأمة تكون النهضة العامة للأمة، لا بد من قاعدة قوية، ومن فئة أو نخبة مصطفاة منتقاة من الإخوة والأخوات يتربون، بل يتزكون تزكية عالية منهجية؛ وبهؤلاء وعليهم تقوم الأمة.
    فالمراد هنا أمران: جانب البلاغ العام، والأمر الآخر والمهم جداً هو التركيز على صفوة مختارة تقيم الحجة على العباد بالفقه والعلم والدين والزهد، وبالضراعة والإنابة والرغبة والرجاء إلى الله تبارك وتعالى، فلا بد من السعي المتكامل في هذا الشأن، وهو -باختصار- شأن الدعاة جميعاً، فأي كلام يمكنك أيتها الأخت الفاضلة أن تقوليه في دعوتك إلى الله عز وجل فإنه يقال في هذا الموضع، وهو شأننا جميعاً، نسأل الله تبارك وتعالى أن يبارك جهودنا إنه على كل شيء قدير.
  4. الوسائل المطلوبة في دعوة غير المسلمات

     المرفق    
    السؤال: كيف ندعو النساء غير المسلمات إلى الإسلام؟ وكيف يمكن للمرأة المسلمة أن تقوم بهذه المهمة، والتي تستخدم الإنترنت أو لا تستخدمه، وأنه ليس كل الأخوات يملكن اللغة التي يمكن بها من مخاطبة غير الناطقات بالعربية؟
    الجواب: أولاً أشكر الأخت الفاضلة على أنها نبهتنا على جانب مهم وهو دعوة غير المسلمين والمسلمات للإسلام، فهذا الجانب ربما يظن بعض الإخوة والأخوات أنه لا علاقة للمرأة به، والحقيقة أن المرأة المسلمة مطلوب منها في دعوتها إلى الله أن تخاطب المشركات والكافرات كما تخاطب المسلمات.
    أما الإمكانات والوسائل، فهذه بما يقدره الله تبارك وتعالى: ((فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ))[التغابن:16] علينا نحن أن ننشر هذا الدين بلغتنا، باللغة العربية لمن يجيدها، ونستفيد من الإخوة الذين يتقنون لغات أخرى، فلا نعني لغة واحدة بل اللغات كثيرة، ونحتاج كل اللغات الإسلامية منها وغير الإسلامي في نشر هذا الدين وفي تبليغه.
    وأرجع إلى ما قلته في السؤال السابق: أن النخبة المصطفاة والقاعدة الصلبة القوية إذا أقيمت؛ فإن الترجمة تصبح عملاً عادياً، بمعنى: أننا بإمكاننا الآن -ونحن نرى هذا ولله الحمد- أن نترجم أي كتاب لشيخ الإسلام ابن تيمية، أو أي فتاوى للشيخ: عبد العزيز بن باز رحمة الله عليه، أو أي محاضرة لأي شيخ إما شفهياً أو كتابياً، فاستكمال ذلك ليس بالأمر العسير وإن كنا لا نزال في الواقع متخلفين فيه، لكن هو أمر ممكن مع نوع من الاجتهاد والمثابرة في هذا، فهذا يغطي ذلك الجانب، لكن المهم وجود قاعدة قوية في اللغة العربية من الإخوة والأخوات الذين يجيدون الدعوة إلى الله بهذه اللغة.
    ويبقى أنه لا يغني هذا عن الأخوات الداعيات اللائي يتكلمن لغات أخرى من حيث الأصل، أو من يتعلمن لغات أخرى من الناطقات باللغة العربية، فلا شك أن الواجب على الجميع بقدر الاستطاعة هو أداء هذا الفرض الكفائي الذي يريده الله تبارك وتعالى منا جميعاً.
  5. توجيه لامرأة تشكو من بُعد أهلها عن الدين وأنها بلا زوج ولا وظيفة

     المرفق    
    السؤال: أخت في مقتبل العمر -نسأل الله سبحانه وتعالى أن يثبتها على الاستقامة- تقول: إن الله قد منَّ بالاستقامة عليها منذ فترة، إلا أنها تشكو من بُعد الوالد والإخوة عن الدين، وبقائها في فراغ في البيت بلا زوج ولا وظيفة، فماذا تفعل في إصلاحهم، وتقول: إنها تشعر باليأس، وتردد: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيراً لي وتوفني ما كانت الوفاة خيراً لي.. إلخ؟
    الجواب: الدعاء هذا حق، لكنه لا يدعى به على الإطلاق، إنما يدعى به إذا اشتبهت الأمور، ونحن الذي نراه إن شاء الله في هذه المرحلة أنك لست في وضع غير طبيعي؛ لأن وجود أخ أو أخت مستقيمة في بيت ليس فيه تلك الاستقامة، أو وجود أخت ذات فراغ بلا زوج ولا عمل ولا... هذا أمر ليس بمستغرب، ومن بلايا عصرنا المعقد ومشاكله التي يعاني منها كثير من الإخوة والأخوات، فلذلك نحن نقول: ليس في الأمر ما يقتضي الاقتراب من مرحلة اليأس، وإنما نقول: أيتها الأخت الكريمة! إننا -مثلما سبق الحديث آنفاً- نحتاج إلى صبر ومصابرة ودعوة إلى الله تبارك وتعالى مستمرة، ونحتاج إلى إيمان وضراعة إلى الله عز وجل في تثبيتنا واستقامتنا وتثبيت الأخوات اللائي نريد أن ندعوهن، والأهل والوالدين على نحو ذلك.
    والله تبارك وتعالى في القرآن ضرب لنا أمثلة من هذا، فإبراهيم عليه السلام إمام الموحدين الذي لا يمكن أن يقول أحد: إنه لم يقم بواجب الدعوة أو لا يستطيعها أو غير بليغ فيها، قد عانى ما عانى من أبيه، والنبي صلى الله عليه وسلم كذلك في قصته مع عمه أبي طالب ... وهكذا. فالقضية كما قال عز وجل: ((إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ))[القصص:56].
    وأوصي بالوالدين بالذات خيراً كما أمر الله تبارك وتعالى: ((وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ))[لقمان:15] المصاحبة بالمعروف حقٌ جعله الله تبارك وتعالى للوالدين المجاهدين لابنهما على الشرك، وليس فقط للمستقيمين الطيبين الطاهرين المخبتين المنيبين: ((وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا))[العنكبوت:8] فهناك نهي صريح، بل براءة مما يكون عليه الوالدان من الشرك، ومع ذلك فهناك أمر بالمصاحبة بالمعروف أي: المعاشرة والخدمة والقيام بالواجب، والبر والصلة والإحسان، وهذا من أعظم أسباب الدعوة، وليس المقصود فقط الدعوة، وإنما هو مقصود لذاته، حتى وإن لم يؤمن الأب ولم يهتد لا يسقط حقه من البر والوفاء معه.
    أما مسألة عدم الزوج والوظيفة فهذه أمور يشتكي منها المجتمع، ويجب أن تحل لا عن طريق الأخت وحدها، بل عن طريق الإخوة والأخوات والمجتمع ككل يتعاون في هذا الشأن ويجتهد في ذلك، وإذا جاء الزوج وهو موظف فالحمد لله نكون في غنى عن العمل والوظيفة إلا وظيفة الأمومة والحياة الزوجية والقيام بالدعوة أيضاً مع ذلك، ولكن المقصود أن هذا من واجب الجميع التعاون فيه، وعلى الأخت الفاضلة أن تجعل دعاءها هو: أن ييسر الله تبارك وتعالى لها الحياة الطيبة الكريمة، وأن يمن عليها بزوج يسعدها ويعينها على تقوى الله وطاعته، ونحن جميعاً ندعو ونقول: آمين لها ولأخواتها أجمعين.
  6. السلاح الذي تواجه به المرأة المسلمة أعداءها

     المرفق    
    السؤال: المعركة بين الإسلام وأعدائه قائمة ومستمرة، وكل يوم تتجدد هذه الأسلحة ضد المرأة بالذات والأسرة، فما هو سلاح الأخت المسلمة في هذه المعركة الذي تصول به وتجول لإعلاء كلمة الله، والارتقاء بالدين، ودحر أعداء الإسلام واجتثاثهم؟
    الجواب: سلاح المقاومة ذكره الله تبارك وتعالى في آيات كثيرة، إن كانت مقاومة قتالية في حال قتالهم لنا، وإن كان في حال هجومهم وتخطيطهم لإخراجنا من ديننا، فمن ذلك: الصبر فقد ذكره الله تبارك وتعالى في كتابه كما قال الإمام أحمد لما عرضت عليه المحنة: تأملت في كتاب الله فوجدت الصبر في أكثر من تسعين موضعاً: ((إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ))[الزمر:10] الصبر على هذا الدين .. الصبر لله .. والصبر بالله .. والصبر على أقدار الله .. والصبر على الطاعة وأدائها على أفضل وجه .. والصبر عن المعصية واجتنابها على أفضل وجوه الاجتناب والترك، والصبر عن الاقتراب أو الوقوع في الشبهات، مع الصبر على أقدار الله تبارك وتعالى، ومنها: تسليط الأعداء علينا، وإظهارهم لحكم يعلمها عز وجل، كل ذلك مطلوب.
    وكل ذلك من الوسائل أو السلاح الذي تقاوم به المرأة المسلمة أعداءها.
    كذلك التقوى، والتقوى والصبر متلازمان، فالمصطلحات أو الكلمات القرآنية تتداخل في معانيها، فالصبر واليقين والإحسان والبر والتقوى كلها تتداخل، لكن كل منها له معنى يخصه ولا يشركه الآخر فيه ولو في جزئياته، لكن عموماً التقوى والصبر لا بد منهما، وتقوى الله عز وجل أساس كل خير وفلاح، ولو لم يكن من ثمرات وفوائد تقوى الله عز وجل إلا أن من يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب، وأنه من يتق الله عز وجل يجعل له فرقاناً يفرق به بين الحق والباطل، ويعرف به الخير من الشر، فلو لم يكن إلا ذلك فهذا خير كبير وعظيم عند الله عز وجل.
    ثم هناك الدعاء وهو سلاح المؤمن كما جاء في الحديث، وكما قال صلى الله عليه وسلم: {إنما تنصرون وترزقون بضعفائكم، بدعائهم وإخلاصهم} فلا بد أن نجتهد في الدعاء لهذه الأمة بالنصر والتمكين والرفعة، والدعاء على أعداء الإسلام المحاربين لدين الله تبارك وتعالى، والدعاء بالهداية لمن نحاول أن نجتهد في دعوته ليهديه الله تبارك وتعالى كما ذكرنا من قبل.
    والدعاء أيضاً من التقوى والصبر، ولكن أيضاً خصوصيته بأنه ذكره الله تبارك وتعالى، ورأيناه في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، والأنبياء دعوا، فقد دعا نوح عليه السلام، ودعا موسى عليه السلام، ودعا إبراهيم عليه السلام، سواء كان الدعاء لقومه أو عليهم، وكذلك دعا محمد صلى الله عليه وسلم، بل إننا في الحقيقة في كل ركعة من صلاتنا ندعو فنقول: ((اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ))[الفاتحة:6-7] وهذا كله من الدعاء وهو من أعظم الأسلحة التي نقاوم بها أعداء الله تبارك وتعالى.
    ومما يعيننا على المقاومة -وهو من الأسلحة العجيبة في هذا- الثقة واليقين بنصر الله عز وجل، وإذا أردتِ -أيتها الأخت الفاضلة- أن تعرفي حقيقة وأثر ذلك، فلتنظري كيف قص الله تبارك وتعالى علينا في كتابه الكريم قصص الأمم الغابرة، وكيف أرانا أيام الله في الذين خلوا من قبل وذكرنا بها، وكيف حدثنا عن مصارع القوم وعما آلوا إليه، وعما تركوا من جنات وعيون، وزروع ومقام كريم، وعن خذلان الله تبارك وتعالى لهم، كيف خانتهم قواهم وهم أحوج ما يكونون إليها، كيف يفرون من مساكنهم التي طالما عمروها، كيف تخونهم وتنهار أمامهم جيوشهم التي طالما جمعوها وألبوها، كيف تنهار وتخسر أموالهم وتكون حسرة عليهم وهم طالما جمعوها وكنزوها وأنفقوها لحرب هذا الدين الجديد.
    وهكذا نجد عبراً كثيرة، ونحن نجد آيات يقرؤها الطفل المسلم -وهو لا يزال في المرحلة الابتدائية- تتحدث عن هلاك عاد وثمود وفرعون وأمثالهم، وهذا مما يعيننا أن نعلم أن عدونا الحاضر الآن إن كان الصهيونية العالمية وإن كان القوى الطغيانية الأخرى، وإن تألب علينا الشرق والغرب والمنافقون معهم من الداخل، فكل ذلك في الحقيقة إنما هو تكرار لما كان من قبل، والنتيجة واحدة، والمهمة التي علينا نحن هي: الصبر والاستمرار واليقين في أن مصير هذا الدين هو العلو والظهور والانتصار، ومصير أولئك هو الخزي والعار في الدنيا والآخرة، فالله تبارك وتعالى يقول: ((ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لانتَصَرَ مِنْهُمْ))[محمد:4] يعني: بجنده الذين لا يعلمهم إلا هو: ((وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ))[محمد:4] أي: أن هذا حكمة من الله عز وجل ليتميز المؤمنون عن أولئك، وليكون للنصر حلاوته وبهجته ورونقه، لماذا؟ لأنه يأتي بعد بذل الجهد البشري، بخلاف ما لو جاءنا مجاناً بمجرد أن نقول أننا آمنا: ((أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ))[العنكبوت:2] لا يمكن! ((وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ))[العنكبوت:3] لا بد لكي تظهر الحقيقة الساطعة والتي هي في علم الله ثابتة لكن تظهر في الواقع البشري حقيقة الصادق من الكاذب، ولكي يميز الله الخبيث من الطيب.
    فاليقين في نصر الله عز وجل، واليقين في أن كل قوى الطغيان في الأرض ستنهار وتدمر بسبب واحد هو الأساس -وتأتي الأسباب المادية الأخرى تبعاً- وهو كفرها بالله وجحودها وبغيها وعدوانها، وكل ذلك من مظاهر الكفر وصوره، هذا يجب أن يكون حاضراً في قلب كل مؤمن، لكن: ((لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ * مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ))[آل عمران:196-197] مهما يكن فهو قليل، فأكبر طواغيت العالم الآن يحكم بلده أربع أو ثمان سنوات، قليل، ماذا يعني ذلك؟ نحن في عمرنا المحدود -أيها الإخوة والأخوات- أدركنا إمبراطوريات انهارت، أدركنا انهيار فرنسا وبريطانيا اللتين كانتا الدولتين العظميين، ثم انهيار الاتحاد السوفييتي وهذا أدركه أبناؤنا، وسوف نرى بقوة الله عز وجل انهيار القوى الطاغية الآن التي تتآمر علينا وعلى أمتنا، نسأل الله تبارك وتعالى أن يرينا فيهم عجائب قدرته إنه على كل شيء قدير.
  7. كيفية خلاص المرأة من الأفكار والمناهج الهدامة

     المرفق    
    السؤال: بعض الفتيات هداهن الله يرددن ما ينادي به دعاة التحرر وهو الرق -حقيقة- والتغريب والعلمانية، ويطالبن بحريتهن، ويتضجرن من ضرورة وجود المحرم معهن، وتقيدهن بالحجاب الشرعي، فكيف نخلص بنات الإسلام من هذه الأفكار والثقافات التي يروج لها البعض؟
    الجواب: سبق في مجمل ومضمون الأسئلة الماضية ما قد يجيب عن شيء من هذا، ربما يكون الجديد في هذا أن هناك دعاة ما يسمون بدعاة التحرر والعصرية والتغريب -كما ذكرت الأخت- والعلمانية، وكلها ألقاب متقاربة ومترادفة، والمقصود أن المدلول واحد، وهو وجود من يقوم بالمهمة الشيطانية، والغاية الإبليسية، ليبدي لهما ما ووري عنهما من سوءاتهما لإظهار العورات، وهذه مهمة شيطانية حرص عليها إبليس عدو الله منذ أن خلق الله تبارك وتعالى آدم وحواء في الجنة، وذريته والمتواطئون معه لا يزالون حريصين عليها.
    وغاية ما يسعون إليه هو الإفساد والتعري؛ لكي تتمرد المرأة المسلمة والفتاة المؤمنة على ربها عز وجل، وعلى دينه وعلى شريعته، وعلى هدي نبيه صلى الله عليه وسلم، وتنسلخ من أخلاق أمهات المؤمنين المؤمنات الفاضلات التقيات.
    هذا الجهد الذي يقوم به البعض الآن في ديار الإسلام يجب أن يقاوم، وأقولها بكل صراحة: يجب يا أخواتي الكريمات أن يُقاوم منكن أنتن بالدرجة الأولى؛ لأننا مهما كتبنا نحن أو قلنا فسنظل نتكلم عن غيرنا، أما لو قامت الأخوات الفضليات وخاطبن ورددن وناقشن وبينَّ أن كل الحرية في تقوى الله عز وجل، والالتزام بأمر الله، وأن العبودية والرق والذل والمهانة والخزي والعار إنما هي في اتباع غير شرع الله تبارك وتعالى، والتحلل والانحراف والانحلال وإن سمي ذلك تقدماً وعصرية، وإن سمي ما سمي، فما من سم ولا شر ولا بلاء في الدنيا إلا ولأهله اسم يسمونه به من أسماء الزيف التي لو قدمها أصحابها إلى الناس على أنها السم الزعاف ما قبلها أحد، لكن تقدم في أثواب شتى من الزور والبهتان والشعارات الخادعة المضللة؛ لكي تذهل العقول، مثلما سحر سحرة فرعون أعين الناس واسترهبوهم، فيأتي هذا البهرج والتقدم والحضارة والرقي والعصرية والتغريب.. فيسلب عقول ضعيفات العقول من المسلمات، وبدلاً من أن تعبد الله وتطيعه تتعبد بقيود والتزامات يشرعها ويفرضها أصحاب الأزياء والأهواء والشهوات، فيفرضون على المرأة شروطاً باهضة وعلى الرجل كذلك.
    والحقيقة أن المرأة هربت من التكليف الشرعي الرباني -وهو طمأنينة وراحة وهداية واستقامة- إلى الالتزام بأهواء الذين لا يعلمون، وإلى تشريعات ووحي شياطين الإنس والجن إلى أوليائهم، وهي في الحقيقة تحمل من معاني الذل والخزي والمهانة ما سبقت الإشارة إليه.
    فأقول: أرجو من كل أخت أن تعد نفسها لتقوم بهذا الشأن، فكلما رفع أحد من هؤلاء عقيرته بنداء التغريب أو العلمنة أو التحرر يرفعن هن صوت الحق في وجهه، رافضات ذلك رفضاً قوياً بأدلة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، والعزيمة والإصرار على التمسك به، وإن ارتدت عنه الدنيا كلها، وإن نابذته الدنيا كلها العداء، نسأل الله تبارك وتعالى الثبات للجميع إنه على كل شيء قدير.
  8. كيفية حصول المرأة على القبول بين الناس وكيفية التوفيق بين الدعوة والواجبات الأخرى

     المرفق    
    السؤال: كيف تستطيع الداعية الحصول على القبول بين الناس؟ وكيف تتمكن مع كثرة الواجبات من متابعة مشكلات الأمة وهمومها والوقوف في وجه الغزو الثقافي..؟
    الجواب: الحقيقة أن للسؤال جانبين: الأول: القبول عند الناس والآخر التوفيق بين الواجبات أو التنسيق بينها.
    أما القبول فهو أولاً من عند الله تبارك وتعالى: {إذا أحب الله تبارك وتعالى عبداً نادى جبريل.. ونادى في الملأ الأعلى: إني أحب فلاناً فأحبوه، فيحبونه؛ فيوضع له القبول في الأرض} وبالعكس -أعاذنا الله وإياكم- إذا أبغض عبداً من عباده.
    ومعنى أنه من عند الله: أننا بالإخلاص لله والتقرب إلى الله عز وجل يمكن أن نحظى بالقبول لا لذاته؛ لكن لأننا نريد للحق أن ينتشر، ولا نعني بالقبول مجرد التقرب بالطاعات، لكن من شروط القبول أو من صفاته أو مؤهلاته أن نتحلى بأخلاق القبول أو متطلبات القبول التي منها: حسن الخلق، والبشاشة، واللين: ((فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً))[طه:44] فالقول اللين أدعى للقبول بلا شك، بإجماع كل العقلاء، والكلمة الحسنة أدعى، وكذلك البر والصلة.
    تعجب كيف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مع شدة عداوة المشركين له وتتبعهم له، ولا سيما عند الهجرة وعند الاحتياطات التي عملوها لإعاقة الهجرة، فوقفوا عند بيته صلى الله عليه وسلم فنجاه الله!
    الثقة في أمانة المؤمن، في أمانة الداعية المسلمة، وفي حبها وحرصها على الخير وإخلاصها، هذه من أعظم ما يعطي الله سبحانه وتعالى القبول لها، فتكون عند الناس الصادقة الأمينة، وإن لم يستجيبوا لها في دعوتها كما كان صلى الله عليه وسلم كذلك.
    فللقبول مؤهلاته، وهو على أية حال يمكن الإفادة من جانب القبول بالذات، ومن غيره طبعاً من الفوائد والتجارب البشرية -الحديث منها والقديم- في التعامل مع الخلق، وهناك شيء منها جبلة وطبيعة، كما كان كثير من الناس في الجاهلية والإسلام محببين إلى الخلق، وهناك جانب مكتسب، فيكون الحلم بالتحلم: {إنما الحلم بالتحلم والعلم بالتعلم} فكل شيء يأتي بالاكتساب والتدريب على ذلك حتى يحقق الإنسان لنفسه القبول، ليس طبعاً لذاته، لكن لأننا نريد أن يقبل الناس الدعوة، والناس الآن خصوصاً في هذا الزمن ملّوا من شعارات تردد، ويريدون حقائق يرونها في العدل والإخلاص، والصبر والقيام بالواجب أو النظام، سواء كان ذلك على مستوى الدول أو المجتمعات والمؤسسات.
    أما التنسيق بين الواجبات، فينبغي أن نعلم أن تكاثر الأعباء وتداخل الواجبات هو المشكلة التي نشتكي منها جميعاً، وما لم يكن لدينا المقدرة على ترتيب الأولويات، وعلى وضع كل شيء في موضعه، وإعطاء كل ذي حق حقه؛ فإنا نكون مقصرين وإن أفلحنا في بعض الجوانب، وهذا لا ينبغي، وقد يكون أيضاً مما يوقع في الإثم، فالزوجة التي تترك حق زوجها وأبنائها وتقصر فيه تأثم وإن كانت داعية ناجحة، والعكس.
    إذاً يجب أن يكون هناك منهج في التنسيق بين هذه الأعباء والواجبات والمهمات، وهناك أكثر من توجيه أو حيلة أو وسيلة إلى هذا، وأنا أعتقد أن هذه من الأمور لا يمكن أن ينفرد بها الأخ أو الأخت بذاته، ولكن تكون بنظر من يعرف ذلك، وممن يستشار في ذلك الزوج أو الزوجة، ويستشار في ذلك أيضاً المربي أو الموجه، والأخوات المشاركات أيضاً في العمل الدعوي، الكل ممكن أن يعطي رأيه، فيما أصلح له، وماذا علي أن أقوم به، وكيف أوفق مع واجبات أخرى، لماذا؟
    لأن الحالات البشرية مختلفة، فكل أخت هي غير الأخرى بلا شك، وتتشابه أحياناً بعض الأعمال، لكن يظل أن لكل إنسان طبيعته، وأن لكل زوج أو زوجة طبيعته الخاصة، وعدد الأطفال يؤثر، ونوعية العمل تؤثر، بل بعد المسافة أحياناً بين البيت والعمل يؤثر، بل نوعية الأعمال في المنزل تؤثر، والتقاليد والعادات تؤثر في هذا، وطريقة استقبال الضيوف وكذا وكذا.. لأن العمر هو هذه الأيام، وهذه الساعات.
    فكثير من العادات تفرض على المرأة أحياناً ساعات طويلة في المطبخ .. بينما نجد في بعض المجتمعات أنها لا تحتاج منها إلى دقائق أو لا تحتاج منها شيئاً، فلا بد أن يكون هناك أيضاً مراعاة للفروق الفردية، واستشارة، ومن هنا قوله تعالى: ((وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ))[الشورى:38] يصلح في هذه المسئوليات وغيرها، نسأل الله تعالى أن يصلح أحوالنا جميعاً إنه على كل شيء قدير.
  9. خطر الرياء على الأعمال

     المرفق    
    السؤال: إن بعض الداعيات -هداهن الله- قد يخالط عملهن في مجال الدعوة رياء وسمعة، وقد يطرأ عليهن ذلك؛ نتيجة لمدح وثناء المجتمع والناس عليهن، كيف يمكن للداعية أن تتلافى ذلك، وأن يكون عملها خالصاً لله وحده المطلع على السرائر؟
    الجواب: هذا الموضوع -أيتها الأخوات- يختلط عند الناس لبعض الأمور، هناك عاجل بشرى المؤمن كما سماها النبي صلى الله عليه وسلم، وعاجل البشرى أنك تريدين إذا دعوت إلى الله عز وجل أن تري أثر الدعوة بأن يستجاب لك وتفرحين بذلك، وهذا حق من حقك، ولكن يختلط عند بعض الأخوات، فإذا فرحت بنجاح دعوتها وبقبولها ظنت ذلك رياء أو سمعة.
    نعم. إذا كان البعض لا يريد إلا ذلك، وهذا لا شك أنه خطر عظيم: ((فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً))[الكهف:110] ففي هذه الآية النهي عن الشرك بعد العمل الصالح يدل على أنه -كما فسرها كثير من العلماء- المقصود هو إخلاص العمل لله من الشرك والرياء: ((أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ))[الزمر:3] وكما جاء في الحديث القدسي: {من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري تركته وشركه} لأنه تبارك وتعالى أغنى الشركاء عن الشرك.
    إذاً الأمر خطير يجب أن يتنبه له، لكن هناك غلو يأتي به الشيطان في هذا المجال فيقول: ما دمت قد عملت هذا العمل وفرحت بثناء الناس عليك فهذا لغير الله، إذاً فلا تعملي، وهذا مشكلة وخطأ، فالعمل إن كان فعله من أجل الناس أو تركه من أجل الناس فكلاهما مذموم، وكلاهما منهي عنه، إنما يجب أن يكون العمل لله وبإخلاص، وإن رآه الناس أو أثنوا عليه، ويأتينا ذلك في الأعمال التي جعل الله تبارك وتعالى حالها مستوياً، أو قائماً في كلا الحالين في السراء والضراء، كما قال: ((الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرّاً وَعَلانِيَةً))[البقرة:274].
    يعني: في هذا يستوي الأمران، ولا ينبغي لنا أن تكون صدقاتنا وأعمالنا كلها سراً، بل نحقق كلا المعنيين اللذين ذكرهما الله تبارك وتعالى، لكن هذا له حكم ومصالح مع ترك الرياء وهو الجهر بالصدقة وإظهارها، وذلك له حكمه ومصالحه وهو ألا تعلم الشمال ما تنفق اليمين لكي يكون في ذلك إخلاص لله تبارك وتعالى، يجب علينا أن نجتهد في المواءمة والتوفيق بينهما.
    وعموماً: الفقه المتعلق بأعمال القلوب نفيس وعزيز، وأرجو من كل واحدة منكن وفقها الله أن تجتهد في هذا النوع من الفقه، وأن تبذل ما تستطيع بإذن الله تبارك وتعالى لكي تتفقه فيه، وأعظم مصدر له هو كتاب الله عز وجل، وعمل النبي صلى الله عليه وسلم.
  10. واجب المرأة المسلمة تجاه أخواتها المسلمات في البلاد المستضعفة

     المرفق    
    السؤال: إن وضع أختنا الفلسطينية المجاهدة الصابرة في ظل استبداد أصحاب الغدر والخيانة قاتلهم الله محزن بالفعل، بل هو مأساة بالغة، فقد هتكت الحرمات، وشردت الأسر، وعذبت الفتيات، وكشفت العورات، ومع ذلك كن ولا زلن يحملن على عاتقهن الوقوف على ثغر من ثغور الإسلام ضد العدو الصهيوني، بل أيضاً تحملن مسئولية تربية جيل بل أجيال من المجاهدين والمجاهدات، فما واجبنا مع هؤلاء المستضعفات؟ وكيف لنا أن نقف معهن على هذا الثغر، وأن ندعمهن بشتى الطرق، مع اعترافنا بتقصيرنا في ذلك بشكل كبير والله المستعان؟
    الجواب: الأمة المسلمة أمة مبتلاة وأمة مستضعفة في كل مكان في العالم، والعبء الكبير الذي يقع على رجالها يقع مثله وأكثر منه على النساء، بل إن الغالب أن عبء المرأة أكبر؛ لأنها بطبيعتها تعاني من الضعف الذاتي من جهة، وأعباء الأسرة والأبناء من جهة أخرى، فهي لم تؤهل لهذا الاستعباد، وهذا الأسر والاضطهاد، أو هذه المعاناة الطويلة كما أُهل الرجال، ومع ذلك فإن تؤجر على صبرها عند الله تبارك وتعالى.
    وواجبنا نحن عظيم بلا شك، فيجب علينا أن يشعر كل أخ هنا أن له أخوة هناك، وكل أخت هنا أن لها أخوات هناك، يجب علينا أن نستشعر حقيقة الأخوة الإيمانية، وأننا كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له بقيته بالحمى والسهر، فالمؤمنون إخوة كما ذكر الله تبارك وتعالى، وأن عدونا واحد، والذي أكل الثور الأبيض اليوم فإنه سوف يأكل الأحمر غداً والأسود بعد غد، بل ربما أكلها كلها جميعاً غداً.
    فلا يجوز أن نكون على الحالة التي يريدها منا الأعداء، وهي أن يشغلوا كل مجتمع بمشكلاته وهمومه، بل كل مجتمع بشهواته أو كدحه من أجل نيل القوت؛ لأن مجتمعاتنا على نوعين: نوع يكدح فقط لكي يحصل على القوت، ونوع آخر مشغول بالشهوات والتفنن في البذخ واللهو، وكلاهما خطر عظيم، ويشغلان عن الاهتمام بالقيام بواجب الأخوة الإيمانية.
    الأخوات المؤمنات تقع لهن أشياء يقشعر منها البدن في فلسطين المباركة الصابرة المجاهدة، وتقع في العراق وفي أفغانستان، وفي كشمير والفلبين وإريتريا والصومال والشيشان والبوسنة، وفي مناطق كثيرة جداً، بل اضطهاد حتى في الدول التي تزعم الحرية، ففي فرنسا التي يسميها البعض الفجر أو المكان الذي انبثق منه النور وأشع على العالم، وباريس عاصمة النور.. إلخ، ضاقت علمانيتها وحريتها وحقوق الإنسان فيها بتلك الشعارات الجوفاء، يعني: ضاقت عن قطعة من القماش تضعها الفتاة المسلمة على رأسها؛ وهذا يدل على أن هذه الأمة مبتلاة فعلاً ليمحصها الله عز وجل، وليرفع من شأنها، وليميز الخبيث منها من الطيب.
    إذاً: نحن في مواجهة البلاء يجب أن تكون لدينا حلول عملية، ولا نكتفي بمجرد البكاء أو الرثاء أو الحزن أو الألم، من ذلك على سبيل المثال -أيتها الأخوات- وأنا أنصح كل أخت عاملة موظفة، وإن كان كلا الزوجين يعمل أو لديهما دخل مناسب من وظيفة أو غيرها، فالواجب يتحتم أكثر أن كلاً منا يكفل أسرة فلسطينية.
    ثم نتجه إلى بلاد أخرى لنعلم كيف يمكن أن نوصل إليهم الإغاثة، وكيف يمكن أن نقوم بواجبنا في إيصال الكتاب النافع أو الشريط النافع أو العمل النافع، ومعه الإغاثة ومعه الحجاب، كثير من الفتيات في دول عربية قريبة منا لو كانت تستطيع أن تشتري ما تتحجب به لتحجبت، فلو أوجدنا نحن مشاغل، والمشاغل تقوم بأمرين: تشغيل الأخوات الفاضلات التي يعملن فيها، وإنتاج ما تلبسه هؤلاء الراغبات في الهداية والحجاب، لرأينا فوائد مركبة ومزدوجة في هذا الشأن.
    أقول كمثال على ذلك: إنه ينبغي لكل أسرة في هذه البلاد والتي أنعم الله عليها ولله الحمد بهذه النعم أن تكفل أسرة أو أن تكفل طفلاً، وكما ذكرت الأخت الكريمة: أخواتنا هناك ضربن أروع الأمثلة، لا يوجد أم في العالم الآن تتحلى بصفات المقاومة والصمود والصبر كالأم الفلسطينية، وأصبحت الأم العراقية على الطريق بحمد الله تبارك وتعالى وتوفيقه، هناك صمود عجيب، هناك إثبات حقيقي وبرهان عملي على أن دين محمد صلى الله عليه وسلم قاهر وظافر، وأن الله تعالى غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعملون، وأن العاقبة لهذه الأمة بحول الله تعالى وقوته، وصمود هؤلاء الأخوات.
    الأخت التي تأتيها حالة الولادة وهي على معبر.. الأخت التي تقتل.. الأخت التي تضحي.. ومع ذلك الإصرار على أنه لابد أن نستمر وأن نربي المجاهدين والمجاهدات، وأن نثبت في أرضنا وعلى ديننا وبإيماننا، هذه حقائق ولله الحمد أصبحت واقعية ملموسة، وبقدر ما نثبت هذا الإيمان فإن العدو يهتز ويضعف، وهذا العدو أو رأس الأفعى لهذا العدوان تمثله هذه الدولة الصهيونية، نسأل الله تبارك وتعالى أن يدمر عليها وأن يهلكها، وأن يجعلنا ممن يعين على ذلك بإيجاد المجتمع المؤمن في هذه الأرض المباركة، ومن كتب الله تعالى له الهداية منهم والدخول في عدل الإسلام أو في دين الله، فالحمد لله شريعة الله تعالى وعدله يسعهم جميعاً.
    أقول: إن على كل واحد منا أن يجتهد في أن يكفل أسرة مسلمة أو طفلاً مسلماً، وكما تعلمن أن الطفل المسلم يمكن أن يكفل بمبلغ ليس والله صعباً على كثير منا، ولله الحمد والشكر، وهو ألف وخمسمائة ريال سنوياً فقط، أربعمائة دولار في السنة، لا نقول: إنها تقوم بالواجب، ولكنها تقارب من الكفاية على القدر الضئيل لديهم، فنستطيع بذلك أن نوفر العيش الكريم، والاستمرار في تحفيظ القرآن، لأن أكثر وأول المستفيدين من هذا هم طلاب حلقات التحفيظ، نسأل الله تبارك وتعالى أن ينفع بالجميع إنه على كل شيء قدير.
    وكما قلت: كيف يمكن لنا بناء الشخصية المسلمة كما جاء في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم لكي تواجه خطر العلمانية، وضربت مثالاً على ذلك في المسلمات اللاتي يردن الحجاب في فرنسا وفي غيرها؟
    الجواب: نعم. إذا نحن درسنا أوضاع وأحوال هذه المجتمعات، وتعاملنا كأمة لا كأفراد في علاج هذه المشكلات فبإمكاننا أن نحقق الشيء الكثير في هذا، أما بناء الشخصية في ذاتها فقد سبق ما يكفي عنه، لكن نحن نريد بناء خط دفاعي يحفظ للمرأة المسلمة نوعاً من الحرية بل أكثر؛ لأنها أفضل من المرأة اليهودية، والمرأة اليهودية لا يستطيع أن ينال أحد منها شيئاً؛ لأن لها منظمات، وهناك جهات ومؤسسات وحكومات وأفراد وإعلام يدافع عن قضاياها.
    فكذلك الواجب للمرأة المسلمة أن يكون لها كذلك، يعني: البلد الذي يعامل المحجبات بهذه المعاملة لو قاطعنا بضائعها، واحتججنا لدى سفارتها ولو كتابياً، لو نشرنا ذلك في الإعلام؛ لأثر ذلك فيها بلا شك، أما أننا نستسلم، فكأن القضية تخص تلك الفتاة أو ذلك الأب، فهذه حقيقة مشكلة تتنافى مع واجب الولاء والبراء والنصرة الإيمانية.
  11. كيفية استغلال هزيمة أمريكا في تبيين حقيقة الإسلام والكفر

     المرفق    
    السؤال: إن بعد الأحداث التي ظهرت في العالم الآن، لم تعد لـأمريكا تلك المكانة كما كانت في سابق عهدها -لا نقصد المكانة والقدرة العسكرية- وقد انتقد إدارتها وأعمالها التعسفية المجتمع الأمريكي والشعب الأمريكي نفسه، فكيف يمكن للدعاة والداعيات استغلال هذه النقطة للدعوة إلى الإسلام، سواء دعوة الشعب الأمريكي، أو كل من كان يقدس أمريكا ثم تراجع عن ذلك؟
    الجواب: أمريكا تمثل الآن القوة الطاغية في العالم، بل قبل أشهر في الحقيقة قبل أن تقع في المستنقع العراقي -كما يسمونه- كان الذين يكتبون عن أمريكا ومنهم بعض المفكرين، على سبيل المثال هيكل الكاتب المصري المعروف، يقول: لم يعد وصف الدولة العظمى يكفي لـأمريكا، إنما لا بد من استحداث وصف أكبر من ذلك بكثير؛ لأن المسافة بين أمريكا كدولة في مقدمة الدول العظمى وبين ثاني دولة بعدها كبير جداً -أمريكا تفوق الدولة الثانية بعدها بعشرين ضعفاً- فمعنى ذلك أنه لم يكن في السابق قوة متفوقة على قوة، أو كتلة متفوقة على كتلة، بل دولة من النوع الإمبراطوري البالغ العظمة ودول أخرى عظمى، أو ما أشبه هذا من العبارات.
    المقصود أن هذا كله أصبح الآن موضع شك لدى كثير من الناس بعدما حدث في العراق، فالعراق البلد الذي حوصر السنوات الطويلة، البلد الذي عانى من صواريخ تأتيه من مسافة مئات الأميال أو آلافها ولا يستطيع أن يفعل شيئاً، البلد الذي عودي وضرب حتى تفشى فيه من أخبث أنواع الأمراض ما أدى إلى قتل عشرات الألوف بل ربما ما يقارب المليونين من الأطفال ما بين قتيل ومصاب بالسرطان وغيره، هذا البلد نفسه يضرب أروع الأمثلة في تمزيق الشعارات الكاذبة التي نسجتها أمريكا ونسجها الإعلام حول قوتها في الأرض.
    في التقرير الذي نشرته وكالة اليونايتد برس مع بعض الصحف الأمريكية، وقد هز أمريكا هزة قوية وكثيراً من مفكري العالم، يقول: إن ثلاثة أشهر في العراق تعادل بخسائرها وهزيمتها ثلاث سنوات في فيتنام، وفيتنام كانت الكتلة الشيوعية معها، كانت الصين والاتحاد السوفييتي معها، وقوى أخرى، ووضع آخر، وطبيعة الغابات وكذا وكذا.. تختلف، ومع ذلك الشهر العراقي بسنة فيتنامية، معنى هذا أن هذه الأمة أمة مباركة وموفقة، ولا بد أن تنتصر في النهاية، ولتكن المرحلة الآن ليست مرحلة انتصار، ولا مرحلة التمكين، ولكنها حققت شيئاً عظيماً جداً وهو إمكانية المقاومة، يعني: إمكانية المقاومة هي أول قاعدة يبنى عليها البناء القوي بإذن الله تبارك وتعالى.
    إمكانية المقاومة غير عادية على الإطلاق ولا تنبثق من مجرد القوة المادية، إنما انطلقت وانبثقت وقامت على أساس القوة الإيمانية والقناعة بالحق، عدالة القضية كما يحاول الغرب دائماً أن يعبر عنها، لا يشعر الجندي الأمريكي بأي عدالة في قضيته؛ لأن لا أسلحة دمار شامل موجود ولا غير ذلك من الكذب المروج له، وإنما احتلال من أجل المصالح لفئة معينة وشركات محددة بذاتها لتعمل في العراق، ينقلب ذلك إلى جحيم يصلى ويعاني منه كل فرد أمريكي في العراق ولا أحد يجعل نفسه في مأمن منه، بل إن الهجوم أكثر ما يستهدف مقر القيادة ذاته، في مقابل ذلك نجد أن الإنسان العراقي يتحلى بالإيمان؛ لأن المقاومين أكثرهم والحمد لله من أهل السنة وأهل الإيمان، ويحتاجون إلى دعوة لا شك، لكن هم على خير إذا ما قارنتهم بغيرهم في ذلك المجتمع، وهناك قدر غير منكر عالمياً وهو الإيمان بعدالة القضية وبالحق، وهنا تظهر حقيقة أن هذه القوة زائفة.
    المقصود كيف ندعو وكيف نخلخل المجتمع الأمريكي من داخله، الواقع أن المفكرين في أمريكا عموماً ونحن نتكلم عن واقع قرأناه وتتبعناه عملياً: المفكرون وأساتذة الجامعات، الباحثون في المراكز وما إلى ذلك، ثم الكنائس أيضاً ما عدا الكنيسة الضئيلة التي ينتمي إليها بوش ومن معه، الكنائس أيضاً بما فيها الكنائس الكاثوليكية وأكثر الكنائس الأخرى كالكنيسة المشيخية والكنيسة المتحدة وغيرها كلها ترفض ما حدث، وحقيقة أن هناك فرصة لكي نخاطب الشعب الأمريكي الممثل في هيئاته الثقافية والدينية الرافضة للعدوان، لنقول له: إن ديننا هو كذا وكذا.. وإن الحق والعدل هو كذا وكذا.. ولكي ندعوهم إلى الله نكسب بذلك عدة أمور: منها: هدايتهم وهي أعظم مطلب لنا، ومنها كف شرهم وعدوانهم عنا، ومنها أن نثير أهل الحق منهم والعدل على أهل الباطل والظلم في هذه القضايا، فالفرصة مهيأة، وأنا أشكر الأخت التي نبهت إلى ذلك، ونحن ولله الحمد إذا قمنا بالقليل فإن الله تبارك وتعالى سوف يباركه بإذنه عز وجل.
  12. كيفية مقاومة التنصير ومواجهته

     المرفق    
    السؤال: عن التنصير وجهوده، وعن كيفية مقاومته؟
    الجواب: الواقع أن التنصير هو أخطر داء عقدي يواجه الأمة الإسلامية، اليهود يواجهوننا بالمكر والخديعة وبتجييش الجيوش علينا كما جيشوا الأمريكان لاحتلال العراق وغير ذلك، لكن النصارى يواجهوننا ولا سيما في الدول الفقيرة -وأكثر دول العالم الإسلامي فقيرة مع الأسف- بتغيير الدين والعقيدة، فكأن هناك أدواراً موزعة من قبل الشيطان، فلليهود مجال ودور، وللنصارى مجال ودور، والكل يهدف إلى أن يطفئ نور الله بفيه، والله تعالى يأبى ذلك.
    ويجب أن يكون لدينا ثقة ويقين بأنه بقدر ما نقاوم التنصير بقدر ما نستطيع أن نكسب، التنصير خاسر والحمد لله: ((إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ))[الأنفال:36] وهذا متحقق في الدول الإسلامية بفضل الله تبارك وتعالى، لا شك أن التنصير أثَّر ودمَّر وخرَّب، لكن هناك نجاح كبير في المقاومة الإيجابية للتنصير عن طريق الدعوة للإسلام في المناطق النصرانية والحمد لله، فالآن يسلم الكثير في أفريقيا؛ في الحبشة وتشاد وزائير ودول البحيرات وجنوب أفريقيا وموزنبيق وغيرها مما يبلغنا والحمد لله من الثقات وهي إحصائيات دقيقة، أن الذين يسلمون في هذه الأيام لم يكن يتوقعهم أحد، بل إن بعض الدول في خلال عشر سنوات تقريباً ارتفعت نسبة الإسلام فيها من (10%) إلى نسبة (30%) ولله الحمد والشكر، وهذه جهود لا تكاد ترى إذا ما قورنت بكثافة وضخامة الجهود والقوى التنصيرية، ولكن الحق والنور يغلب بإذن الله تبارك وتعالى.
    فالواجب إذاً أن نعمل على بصيرة في الاهتمام بنشر الإسلام، والدعوة إليه بالوسائل التي أشرنا إليها، والتي أتت في الأجوبة السابقة من التقنية الحديثة وغيرها، وبالذهاب المباشر هناك، وباستقدام الإخوة بل حتى الأخوات هنا، ثم الذهاب إلى هناك والقيام بواجب الدعوة إلى الله، وغير ذلك من الوسائل التي نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفق الإخوة جميعاً للقيام بها إنه على كل شيء قدير.
  13. لزوم الدعوة والصبر عليها عند اشتداد الفتن

     المرفق    
    السؤال: عن الدعوة وما تحتاجه من العلم والإخلاص والهمة، لكن الفتن المتلاطمة عكرت عليها؟
    الجواب: لم يكن يوماً من الأيام دعوة بلا فتن، الله عز وجل يقول: ((وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِنْ الْمُجْرِمِينَ))[الفرقان:31] فالله تعالى جعل لكل دعوة أعداءها، ولم يقل: إن للدعاة من يعاديهم، لكن جعل ذلك قدراً وكوناً، أراد ذلك وقدره ودبره ليكون الابتلاء أكثر، وليكون القيام بالعمل أجدى وأحلى للدعاة إذا حققوا نتيجة أو نجاحاً في ذلك.
    فالفتن مهما تلاطمت لا يجوز أن تشغلنا عن القيام بالواجب، بل نصبر ونثبت، والله تبارك وتعالى هو المستعان عليها جميعاً.
  14. ضرورة شمولية دعوة المرأة جوانب الدين

     المرفق    
    السؤال: هل من واجبات المرأة الداعية قول الحق وبيان التوحيد على أرض الواقع، والتبصير بالعقائد الفاسدة والتيارات الضالة.. إلخ، أم أنه على مسائل الفروع وما يتعلق بالأمور الفقهية التي تخص النساء؟ الجواب: الحقيقة الواجب عليها أن تحيط بكتاب الله تبارك وتعالى فقهاً وعلماً، وبسنة النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا فعلت ذلك فإن فيها كل هذه الأمور، ولا نقلل أبداً مما يخص المرأة في ذاتها أو أحكامها الخاصة، ولكن ذلك لا يعني الاقتصار عليها، بل بالشمول القرآني، وبالعمق الإيماني الذي علمنا إياه القرآن ينبغي أن تكون دعوتنا دائماً بإذن الله تبارك وتعالى.
  15. التربية والتزكية مطلوبة في الدعوة إلى الله

     المرفق    
    السؤال: كيف تتحول الداعية من مجرد داعية إلى مربية تقود الناس إلى الالتزام العملي بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم؟
    الجواب: لا يمكن أن تكون الداعية إلا مربية، وإلا فهي لا تزال في موقع التدرب؛ لأن ما يسمى التربية وبالمصطلح القرآني التزكية: ((وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ))[آل عمران:164] فالتزكية هي عمل الأنبياء، ولا يمكن أن تكون دعوة إلا بهذه التربية وبهذه التزكية، فلا تكون داعية إلا وهي مربية، وإن لم تكن كذلك فقد تكون واعظة أو فقيهة تقول الكلمة وتمشي، ولكن هذا يختلف تماماً عن المطلوب الذي نحن نتحدث عنه، وكل حديثنا هذه الليلة عن الداعية التي تكون قدوة في عملها، وقائدة لغيرها إلى الهدى والصراط المستقيم، وتأتي هذه بقراءة القرآن والتفقه فيه، ومتابعة حياة النبي صلى الله عليه وسلم ونساء بيته، والمؤمنات الفضليات في العصور الأولى، عصور الخير والإيمان والفتوح والنصر والعزة والتمكين.
  16. كيفية تعاون المرأة مع الجمعيات ومكاتب الدعوة

     المرفق    
    السؤال: تعاون الفتاة الملتزمة مع الجمعيات النسائية أو مكاتب الدعوة لتنسيق المحاضرات والكلمات، حيث إنه من باب التجربة رأينا أن الداعيات متحمسات، ولكن أين من ينسق فقط ويرتب الموعد؟ الجواب: جزاكن الله ألف خير، وهذا العتب نحن ننقله بدورنا إلى الإخوة المسئولين عن التنسيق والترتيب في المكاتب التعاونية أو في المساجد أو في مراكز الدعوة.
  17. كيف تكون المرأة مفتاحاً للخير ومغلاقاً للشر؟

     المرفق    
    السؤال: كيف تكون الفتاة مفتاحاً لكل خير مغلاقاً لكل شر؟ الجواب: القضية لا تخرج عما قلنا من قبل، فالخير كل الخير في تقوى الله وطاعته والالتزام بهداه، والشر هو في معصية الله والفسق والخروج عن أمر الله عز وجل، وكون الإنسان مفتاحاً للخير ومغلاقاً للشر معناه أن يحفظ نفسه ووقته وجهده وما يستطيع لمنفعة الآخرين من المسلمين أيضاً، يعني: زيادة على أن يستقيم في ذاته ينفع الله تعالى به المسلمين ومن حوله من الناس، بحيث يكون -كما كان أنبياء الله عز وجل- رحمة للعالمين، كما أخبر الله تبارك وتعالى عن النبي صلى الله عليه وسلم، أو رحمة لأقوامهم ومن حولهم كما كان كل الأنبياء.
  18. حكم انشغال الزوج عن زوجته بالدعوة إلى الله

     المرفق    
    السؤال: الأخت تشكو من زوجها الذي يجلس الساعات الطويلة عند الإنترنت ليشارك في نشاط دعوي، وهي بحاجة إلى علمه ودعوته؟ الجواب: لا بد من التوفيق بين هذه المجالات، وإذا كان هذا الأخ يؤدي على الشبكة دوراً أعظم وأهم من مجرد الجلوس أو حلقات العلم فليغتفر ذلك له، وليعف وليصفح عنه في ذلك، أما إذا كان ذلك سوف يشغله بالكلية، أو كان دوره في الحلقات أنفع، فعلى كل حال ينبغي للإنسان أن ينسق بين هذه الأمور، وعموماً لا ينبغي للزوج أن ينشغل عن أداء الحقوق الزوجية التي فرضها الله تبارك وتعالى عليه؛ لا بالدعوة ولا حتى بقراءة القرآن، ولا بالعبادة ولا بأي شيء.
  19. كل ميسر لما خلق له

     المرفق    
    السؤال: من لم يستطع أن يجمع بين العلم الشرعي والعمل الدعوي والخيري، بإشرافها أو بإشرافه على حلقات التحفيظ أو مشاريع دعوية أو مؤسسية؛ فنسي العلم الشرعي، فهل يترك العمل ويتفرغ لطلب العلم؟
    الجواب: الحقيقة أن من وهبه الله تبارك وتعالى نجاحاً وفلاحاً في أمر فلا يتركه وغيره قد يتجشمه أو يصعب عليه، فإذا أمكن التوفيق فحسن، وإن لم يمكن فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن كلاً منا ميسر لما خلق له، وكل منا ركبت فيه مواهب وصفات ليست في غيره، فمن نجح في جانب فليحمد الله، وكلها طرق، وكلها أبواب إلى الجنة، وكلها من سبل الله التي قال عز وجل فيها: ((وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا))[العنكبوت:69] فلا ينبغي لأخت أن يكون همها فقط أن تكون طالبة علم وقد فتح عليها في غير ذلك، فمن استطاع أن يدخل من أكثر أبواب الجنة فليكن كذلك.
    وأقول أيضاً في هذا أيتها الأخوات الكريمات: إن مشكلة اليوم ليست في وجود الفقيه أو الفقيهة أو العالم أو العالمة على أهمية العلم، لكن هل المجتمعات الإسلامية تعمل بما يعلمه كل مسلم بما لا يكاد يخفى على العامي من المسلمين من تعظيم قدر الله، وترك الفواحش والغش والكذب، وحسن المعاملة وأداء الفرائض وغيره..؟
    الحقيقة أن التقصير في هذا واضح، فلو أننا عملنا به لكان فيه الخير الكثير دون إضعاف جانب العلم على الإطلاق.
  20. كيفية نصح المرأة الكبيرة علماً أو سناً

     المرفق    
    السؤال: أخت تتحرج من دعوة من هي أكبر منها؛ لأنها أكثر منها علماً؟ الجواب: الدعوة هي نصيحة، وتكون بأسلوب المحبة واللطف، وبطريقة العرض يمكن للأخ أن يدعو من هو أكبر منه والأخت كذلك.
  21. إصلاح النية لا يعيق الاستمرار في العمل الصالح

     المرفق    
    السؤال: تجديد النية في كل عمل نقوم به؟
    الجواب: هناك فرق بين إصلاح النية وبين محاولة الإخلاص لله تعالى من جهة، وبين الوسوسة التي يكتب عنها ويتحدث عنها الصوفية من جهة أخرى وهي: لا بد أن أفكر وأجلس وأجدد وأصلح النية.. إلخ، فعلينا أن نعمل ونتوكل على الله بلا تردد، ونجتهد في طاعة الله سبحانه وتعالى، ونستغفره من التقصير فيها، فكلنا عرضة للتقصير، والنية في هذا هي نية الإخلاص لله عز وجل، وهي كافية، وتصحيحها مع العمل من غير أن يُتوقف عن أداء العمل، هذا هو المطلوب.
  22. إيضاح الحق والاجتهاد فيه مقترن برد الشبهات عنه

     المرفق    
    السؤال: استخدام أسلوب الدفاع عن الحق والانشغال برد الشبهات دون الاجتهاد في إيضاح الحق وتأصيله ووضع أسسه وقواعده، فما الأولى في ذلك؟ الجواب: الأولى إيضاح الحق والاجتهاد فيه، ويقترن بذلك رد الشبهات، وليس تقديم رد الشبهات والانشغال به عن إيضاح الحق؛ لأنه ليس المقصود فقط أن الناس لا يعصون الله عز وجل، المطلوب أن يطيعوا الله ويعبدوه، ليس المطلوب من الفتاة المسلمة فقط أن تترك الفواحش والتبرج..، بل قبل ذلك ومعه أن تعبد الله وأن تخلص النية لله وتؤدي الفرائض وتقوم بالواجبات، ومع ذلك تترك هذه المنهيات.
  23. خطر تتبع الموضة والانسياق وراء صيحاتها

     المرفق    
    السؤال: ما رأيكم في الانسياق وراء صيحات الموضة؟ الجواب: قد سبق الإشارة إلى ذلك، وهي الفرق ما بين الغافلة والذاكرة، بين من تعمل لله وتعلم أنها ستقف بين يدي الله، وأن العمر ثمين وقصير ولا ينبغي أن يفرط فيه، وأن المال أيضاً لا يجوز تبذيره، فلا ينبغي أن تشتغل بالجري وراء الموضات والصرخات إلى آخره، وبين من غفلت عن ذلك وانساقت وراءها، وأصبحت تكدح وتعمل لتُدخِل في جيوب اليهود والصهاينة ووكلائهم هذه الأموال الباهظة، وتتقيد وتلتزم بأوامرهم التي تكلفها العناء الشديد من غير أجر، بل بالإثم.
  24. قاعدة: سد الذرائع وذم الغلو فيها

     المرفق    
    السؤال: ما رأيكم في إنزال قاعدة: سد الذرائع حول ما يثار في قضية المرأة؟
    الجواب: "سد الذرائع" هي قاعدة حقيقية، ولكن المشكلة المبالغة في ذلك، أذكر مثالاً على ذلك: وهي مشكلة وقعت لبعض الأخوات في إحدى مناطق المملكة المحافظة جداً، وهي: أن فيها شيخاً فاضلاً يعلمهن العلم الشرعي النافع والقرآن، وليس هناك أي ذريعة للاختلاط أصلاً، وليس في كلامه وفقه الله -وأنا لا أعرفه، ولكن كما ذكرن جميعاً- أنه ليس في كلامه أي شيء، ولا عمله، ومع ذلك تقول البعض: مجرد أننا نخرج وإذا بالرجل يتكلم معنا، حتى لو كان على الهاتف، أو كان وراء الباب، فإذا غالينا في قضية (سد الذرائع) فسنجعل المرأة وراء أسوار من التخلف والبعد عن القيام بنصرة الدين.
    لكن نقول: الحرام حرام، والذريعة إليه حرام إذا كانت تؤدي إليه فعلاً، مثلما يؤدي الاختلاط والابتسامة والضحكة وغيره إلى زنا العين وزنا الفرج، نسأل الله أن يحفظنا ويحمي نساء المسلمين أجمعين، فالمقصود أن القاعدة صحيحة وحق في الشرك والمعاصي وفي غيرها، لكن المبالغة فيها لا تجوز.
    وهذا كمثال؛ لأن بعض الأخوات تقول: نريد تنبيه الأخوات الداعيات على التمادي في الحديث مع الرجال عبر الإنترنت وخاصة الملتزمين أو الملتزمات بحجة الدعوة وتبادل المنفعة.
    على كل حال الحديث في الإنترنت أشد منه الكلام بالهاتف، ومع ذلك لا بد من ذلك، فينبغي أن تكون المرأة المسلمة مفيدة، أن تفيد عبر أي وسيلة في الهاتف أو الإنترنت وغيره، ولكن من غير خضوع في القول فيطمع الذي في قلبه مرض، فلا نحرم الاتصال بالهاتف أو بالكتابة، ولكن لا بد أيضاً من التنبيه على أن يكون في حدود العلم وطلبه، وسد ذرائع الشيطان في هذا الباب.
  25. توجيه المرأة الداعية في البدء بالأولويات

     المرفق    
    السؤال: نرجو توجيه كلمة حول التجرد والبحث عن الأولويات في العمل الدعوي للمرأة؟
    الجواب: توجيه كلمة حول التجرد والبحث عن الأولويات في العمل الدعوي لأكثر من أربعين فتاة كلهن من المجتهدات في العمل الدعوي، نسأل الله تعالى أن يكثرهن ويبارك فيهن وينفع بجهودهن جميعاً، وأساس ذلك ما طلبت الأخت: الإخلاص لله تبارك وتعالى: ((أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ))[الزمر:3] والله تعالى أمر نبيه صلى الله عليه وسلم: ((فَاعْبُدْ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ))[الزمر:2] وقال: ((وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ))[البينة:5] فالإخلاص أساس في هذه الأعمال جميعاً.
    فالبحث في الأولويات -أعيد للأخوات ما قلته في هذا- لا بد فيه من التشاور، ومن ترتيب الأمور ترتيباً عادلاً منهجياً، ولابد من استنصاح من يعلم ظروف وطبيعة الأخوات وإن تشابهت في الظاهر، فلكل إنسان ظروفه وإمكانياته ومؤهلاته، وعلى كلٍ واجباته وأعباؤه، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يعيننا عليها جميعاً.
  26. دور المرأة لقيام الخلافة الراشدة

     المرفق    
    السؤال: ما هو دور المرأة في العمل لإقامة دولة الخلافة الراشدة؟ الجواب: قضيتنا الآن الحقيقية ليس في إقامة الدولة الراشدة، ولكن كل ما نعمله من دعوة إلى الله تعالى فهو يهيئ لها، والله تعالى يقيمها متى يشاء وكيف يشاء، فنحن الآن في مرحلة تأسيس قيام الأمة الراشدة والمجتمع الراشد الذي سيقيم الخلافة الراشدة في الأرض فيما بعد، فنحن الآن مزقنا الاستعمار، ومزقنا قبل ذلك أهواؤنا وفرق الضلال فينا مزعاً وفرقاً، فنحن نريد العودة بأنفسنا وبأسرنا وبمجتمعاتنا الصغرى من حولنا إلى الإيمان الصحيح الذي تتكون منه مجتمعات أكبر، ومن هذه المجتمعات تتكون الأمة المسلمة والدولة المسلمة التي يتكون منها فيما بعد إن شاء الله الخلافة الراشدة على منهاج النبوة. فكل عمل وجهد دعوي من حلقات قرآن، ومن التزام بالحجاب والدعوة إلى الله تبارك وتعالى، ومن إنفاق الخير والمال في وجوهه، ومن الحرص على حفظ المجتمع المسلم من العبث والانحلال والفسق، كل ذلك وما أشبهه يصب في تكوين الأمة المسلمة، التي بحوله تبارك وتعالى وبقوته تقيم الخلافة الراشدة في الأرض، وتقيم الحجة على العالمين. نسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن ينفعنا وإياكم بما نسمع وما نقول، وأن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل، وأن يوفقنا جميعاً للعلم النافع والعمل الصالح، وأن يرزقنا القول السديد الذي ننال به صلاح الأعمال إنه على كل شيء قدير، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. وأخيراً: نتقدم بالشكر الجزيل والامتنان لفضيلة الشيخ لما قام به في هذه المحاضرة القيمة، التي نسأل الله أن ينفع بها عباده وأن يجعلها في ميزان حسنات فضيلة الشيخ، وأن يجزيكم عليها خير الجزاء، ويبلغكم الحسنى وزيادة، إنه ولي ذلك والقادر عليه.