وهكذا تبدأ البدعة، كما قال بعض
السلف : (واحذر صغار البدع، فإن البدع تبدو صغاراً، ثم تغدو كباراً)، وقال الآخر: (ائتني بزيدي صغير أخرج لك منه رافضياً كبيراً)، فالبدع لا تقف عند حد، فيأتي أحدهم فيقول: أنا لا أفضل
علياً على
أبي بكر و
عمر، ثم بعد ذلك يقول:
أبو بكر و
عمر فيهما كذا وكذا، فيطعن فيهما، ثم يئول به الأمر إلى أن يخرجهما من الدين، وفي شأن
عائشة رضي الله عنها يقول: لقد قاتلت
علياً، وأخطأت، ثم يتجرأ أكثر فيقول: فعلت .. وفعلت .. حتى يصبح -عياذاً بالله- كـ
الرافضة الذين يفترون عليها الإفك الذي برأها الله تبارك وتعالى منه.. وهكذا.
ولذلك ذكر
شيخ الإسلام رحمه الله في مواضع كثيرة من كتبه أن أكثر الناس نفاقاً في هذه الأمة وردة هم
الرافضة؛ لأنهم يبتدعون بدعاً تجعلهم يصلون إلى النفاق بسرعة، وقد ذكر
أبو الربيع الزهراني رحمه الله تعالى أنه لقي رجلاً كان له جار من أهل الزندقة وكان يظهر الرفض، ثم لما تاب سأله، فقال: إنا فكرنا فوجدنا أقرب أهل الأهواء إلينا
الرافضة.
فمن أراد أن يصل إلى الكفر من طريق البدعة فليأتِ من طريق
الرافضة ؛ لأنهم شر أهل البدع، فيبدأ الرافضي بالطعن في الإسلام من خلال عقيدة
الرافضة، فإذا كان في مجلس طعن في
أبي بكر و
عمر، وطعن في بقية الصحابة، وتكلم في القرآن، وأن فيه كذا وكذا، فلو قيل: إن هذا كافر زنديق، لقيل: إن هذا شيعي، وهذه عقيدته، وهذا هو مذهب
الشيعة .
ولذلك فإن
الباطنية و
القرامطة كما ذكر
ابن الجوزي رحمه الله، وغيره ممن كتب عنهم، قالوا: أول ما يدخلون على المريد أو العامي أو الساذج من باب
علي والتشيع له، ويظهرون له بعد ذلك مثالب الصحابة رضي الله تعالى عنهم، فيقولون:
أبو بكر فعل.. و
عمر فعل.. والصحابة فعلوا.. حتى يقتنع بأن هؤلاء الصحابة كلهم مرتدون إلاَّ الاثني عشر أو الأربعة.. وهو إلى هنا لا يزال يسمى رافضياً، ولا يزال يرى نفسه مسلماً، ثم بعد ذلك -كما قال:- إذا تمكن من ذلك أظهروا له مثالب
علي والأربعة الباقين، أو الخمسة أو السبعة أو الاثني عشر، فيظهرون عيوبهم ويقولون له: إن
علياً فعل أشد من
عمر، فلماذا لم ينكر
علي على
عمر عندما غير المصحف؟! وقد زوج
علي عمر ابنته! إذاً:
علي كان موالياً ومداهناً لـ
عمر وللكفار؛ لأنه قد تقرر عنده أنهم كفار، فيكفر هؤلاء البقية، ولم يبق إلا الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم ينتقلون إلى المرحلة الثالثة وهي قولهم: إن الأنبياء ما هم إلا ساسة عباقرة، فيدخلون على أتباعهم بمثل قول الشاعر:
ولا ترى الشرع إلاَّ سياسة مدنية
فيقولون: إن الأنبياء أرادوا أن يصلحوا الناس بالشريعة التي هي سياسة مدنية، فلو جاءوا إلى العامة من باب العقل لما قبل كلامهم إلاَّ الحكماء -والحكماء دائماً قليل- لكن العامة لا ينزجرون إلاَّ بالتخويف، فاختلقوا ما يسمى: الجنة والنار والوعد والوعيد، وقالوا: إن هذا من عند الله، وفي النهاية يكفر بالرسل -نسأل الله العفو والعافية- وهكذا تكون مداخل أهل البدع قديماً وحديثا!!ً