جميع الفرق المخالفة لـأهل السنة والجماعة في مسألة الإيمان يقولون: الإيمان لا يزيد ولا ينقص، وهو شيء واحد لا يتعدد ولا يتجزأ ولا يتركب؛ وكله كلام متقارب، بناءً على أنه شيء واحد، لكن وقع الخوارج في الإفراط والغلو ووقعت المرجئة في التفريط والإرجاء، فالإيمان بناءً على قول الخوارج : لا يزيد ولا ينقص، وقالوا: إذا فعل كبيرة، فلا يمكن أن يقال: هذا كامل الإيمان وهو يزني ويشرب الخمر، إذاً: هذا فاقد الإيمان؛ لأن أصله شيء واحد، فما دام أنه لا يوجد عنده فهو مفقود معدوم، فبناءً على هذا الأصل لديهم كفّروا مرتكب الكبيرة، أما المرجئة -بناءً على تأصيلهم- فيقولون: إن الذي يشرب الخمر أو يزني كامل الإيمان؛ لأنه لا يمكن أن نقول ذهب إيمانه على الإطلاق.
ولا يمكن أن نقول: إنه صار كافراً إذ إن هذا ليس معقولاً، فهو مؤمن وإن شرب الخمر، مؤمن وإن زنى، إذاً: ليس لنا أن نقول في إيمانه إلا أنه كامل؛ لأن الإيمان لا يتجزأ أو يتركب!!
وقد امتنّ الله تعالى على هذه الأمة الإسلامية بأن جعلها أمة وسطاً، وكذلك أهل السنة وسط كما يقول شيخ الإسلام رحمه الله -وهو بحق من أعظم الأصول، ومن أعظم صفات أهل السنة -: "أن أهل السنة وسط بين فرق الأمة كما أن أهل الإسلام وسط بين أهل الملل" وقد جاءت وسطيتهم ناتجة عن اتباع الدليل، ولأن الدين هو نفسه وسط دائماً، فقال أهل السنة : دل الدليل على أن الإيمان يزيد وينقص ويتركب ويتجزأ، وعليه فنقول: إنه قد يجتمع في الإنسان المعصية مع الإيمان، لكن لا يكون إيمانه كاملاً؛ فهو مؤمن بإيمانه، فاسق بكبيرته.