قال: "وقوله: (ولا نقول بخلقه) -أي: القرآن- (ولا نخالف جماعة المسلمين) تنبيه على أن من قال بخلق القرآن فقد خالف جماعة المسلمين"، والجماعة هنا ليست بمعنى الاجتماع على الإمام العادل وعدم الخروج عليه، بل بمعنى الحق والسنة، فمن قال: إن القرآن مخلوق، فقد خالف الحق والسنة، وكأن المصنف رحمه الله قد استدرك على هذا فقال: "فإن سلف الأمة كلهم متفقون على أن القرآن كلام الله بالحقيقة غير مخلوق"، واللالكائي رحمه الله تعالى في كتابه شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة ذكر طبقات تلو طبقات من الصحابة والتابعين ثم أتباعهم ممن يصرحون أن القرآن كلام الله غير مخلوق، وذكر غيره نحو ذلك أو قريباً منه، فهذا اتفاق عند السلف، فمن خالفهم فقد خرج عن أن يكون من جماعة المسلمين، أي من قال: إن القرآن مخلوق فليس من أهل السنة والجماعة ؛ لأنه قد خالفهم في أصل عظيم ومفترق طريق بين الحق والباطل، لكن المصنف رحمه الله عاد فاستدرك على نفسه وقال: "بل قوله: (ولا نخالف جماعة المسلمين) مُجرى على إطلاقه: أنّا لا نخالف جماعة المسلمين في جميع ما اتفقوا عليه" أي: فليست قضية القرآن وحدها، بل ولا نخالف جماعة المسلمين في أي شيء؛ "فإن خلافهم زيغ وضلال وبدعة"، كما قال تعالى: ((وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا))[النساء:115] وهذه الآية من أصرح وأقوى الأدلة على أن مخالفة الإجماع لا تجوز، وإذا كانت المخالفة في العقيدة؛ فالمخالف ضال زائغ مبتدع، وقد يكون كافراً بحسب ما خالف فيه.
إذاً: لا نخالف جماعة المسلمين، بل نحن متبعون ولسنا مبتدعين في كل باب من أبواب العقيدة وفي كل مسألة من مسائلها.