إذاً: فمن كفر بشيء من هذا القرآن؛ فقد كفر بالقرآن كله، ولا مناص من ذلك، ونحسب -والله تعالى أعلم- أنه لم يكفر بالقرآن في زمن من الأزمان كما كفر به في هذا الزمان، فأي كفر وهجر، وأي تعطيل لكتاب الله أكثر منه في هذه الأيام؟! حتى الجرأة الصريحة على كتاب الله تعالى ما وقعت مثلما وقعت في هذا الزمان، ومع ذلك قليل من ينكرها. ومعلوم ما قاله بو رقيبة في القرآن، فقد قال: إن القرآن نصفه منسوخ والنصف الآخر باطل. والعياذ بالله! ولم يرد عليه إلا الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله، فمثل من يقول هذا في كتاب الله، ألا يستحق أن يقطع إرباً إرباً؟
ولكن أمة غفلت ولهت!!
ولما لم يعاقب بشيء أعاد العبارة محمد سياد بري، ولم يرد عليه أحد، فأخذ كل يتكلم في القرآن بما يشاء ويفتي فيه كما يشاء، ويتلاعب به كما يشاء، حتى أمينة السعيد ونوال السعداوي ! إنها جرأة على كتاب الله لم يشهد لها التاريخ مثيلاً!
وذلك في غفلة من يزعمون أنهم حملة القرآن، وما أكثر من يحفظ القرآن في العالم! وما أكثر من يقرؤه في جميع مساجد العالم!
فالمصاحف كثيرة، والقراء كثيرون، ولكن أهذه هي قراءته التي يريدها الله؟!
أهذا هو الإيمان بالقرآن الذي يريده الله عز وجل؟!
لو كنا مؤمنين به حق الإيمان لما تجرأ أحد أن يقول فيه أو يفتري عليه كما يشاء، فلقد هُدم كتاب الله ونحن أحياء.. فأحلوا الربا وغيره من المحرمات، وعطلوا حدود الله، فلم يقوموا بشيء من حدوده، مع أن القرآن موجود، وقد يقبل ويوضع على الرأس، ولكن ليس هذا هو الإيمان الذي يريده الله تعالى.
إن هذا القرآن الذي هو هدى ونور وشفاء، يجب أن يكون لنا نوراً في حياتنا، وشفاء لما في الصدور، وهدى في هذه الظلمات التي تتخبط فيها الإنسانية جمعاء.