ولكل فرقة من فرق اليهود رأي وتبديل وتحريف، فغيروا وبدلوا في كتاب الله سبحانه وتعالى، فحصل التحريف عندهم من جهة العدد -النقص والزيادة- وأيضاً من جهة التغيير والتبديل، فمثلاً: الأسفار الخمسة التي يقولون: إن الله سبحانه وتعالى أنزلها على موسى؛ من قرأها يعلم أنها لا يمكن أن تكون من كلام الله، ولا أن تكون الكتاب الذي أُنزل على موسى، وقد يكون فيها شيء مما يظهر للقارئ أنه حق؛ وذلك لأن القرآن صدقه، ولكن الكثير والغالب فيها يدل على أن ما فيها باطل أو محرف، فمثلاً: ما يتعلق بصفات الله سبحانه وتعالى، فإن سفر التكوين قد أنه وصف الله عز وجل بالجهل بالعواقب؛ ووصفوه بذلك لأنه -كما يقولون- لما خلق آدم وحواء وحذرهما من الأكل من الشجرة، خرج يتمشى في الجنة ولم يجد آدم وحواء، فسألهما: أين أنتما ؟ فقالا: نحن عريانان، فقال: كيف عرفتما أنكما عريانان ؟ هل أكلتما من شجرة معرفة الخير والشر؟ ومضمون هذا: أنه كان لا يدري بذلك، فهذا كلامهم عن الله. تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً! وهكذا يوجد في مواضع كثيرة من التوراة وصف الله سبحانه وتعالى بالنقائص، ومن ذلك دعواهم أن الله سبحانه وتعالى لما رأى أن الإنسان كثر شره، ندم على خلقه، تعالى الله عما يقولون! ومقصودهم: أن الله لا يعلم أن الشر سيقع، وأنه بعد ذلك عاجز عن إزالة ذلك الشر، وكل ذلك من الباطل الذي يدل على أن هذا لا يمكن أن يكون كلام رب العالمين. ثم ما حصل فيها في حق الأنبياء من تحريف وتهم عظيمة لا يمكن أن تُقر، فمثلاً: يتهمون نوحاً عليه السلام بتهم شنيعة، ومن ذلك: أنه كان فلاحاً، وأنه زرع الكروم وشرب الخمر، وسكر وتعرى، عياذاً بالله مما يقولون! وأنه حينما تعرى رآه أبناؤه فضحكوا وسخروا منه، ورآه ابنه حام، وبعد ذلك جاء ابناه الآخران سام ويافث، فأخذا قماشاً وسترا عورة أبيهما، ولم ينظرا إليها! فلما أفاق نوح وعرف القصة قال: ملعون كنعان !! ويقصدون بكنعان: العرب، ولذلك يقوم اليهود الآن بتعليم الأمريكيين والأوربيين وغيرهم من النصارى من خلال ما في هذا الكتاب الذي يؤمنون به جميعاً: أن العرب ملعونون، وأن الجنس العربي نجس! واليهود هم الذين نسبوا هذه الافتراءات وهذا البهتان إلى نوح عليه السلام، ولم يتورعوا عن ذلك، ويقولون: إن كنعان قد لعنه نوح، وهؤلاء العرب هم ذرية كنعان، فهم إذاً الأمة الملعونة، مع أن كنعان ليس له علاقة بالموضوع أصلاً، فلم ير عورة أبيه، ولا اطلع على قصتهم، لكن التهمة والجريمة والعقوبة كلها انحصرت في كنعان.