والإيمان به صلى الله عليه وسلم لابد لتحقيقه من اجتماع عدة أمور:
أولها: (تصديقه فيما أخبر)؛ أي: بما أخبرنا به صلى الله عليه وسلم كقوله: {إذا كان الثلث الأخير من الليل فإن الله ينزل إلى السماء الدنيا}.
فإذا قال بعض الناس: كيف ينزل؟! هذا فيه تجسيم وانتقال وتحرك، ويلزم منه كذا وكذا، فهو لم يؤمن برسول الله صلى الله عليه وسلم على الحقيقة.
يقول بعضهم: إذا جاءنا الحديث، وكان خبر آحاد، لم نأخذ به في العقيدة؛ فإن كان متواتراً، عرضناه على العقل وعلى القواطع والأدلة العقلية، فإن وافقها وإلا رُدّ..!
لو أن أعرابياً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: ماذا تقول يا محمد؟ ما دينك؟ إلام تدعو؟ قال: أدعو إلى عبادة الله وصلة الأرحام وترك عبادة الأصنام؛ فلما عرف الدين قال: سوف أرجع إلى قومي وأشاورهم في ذلك؛ فإنه لا يكون مسلماً بمجرد المعرفة بصحة وصدق ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من غير متابعة؛ يط كما فعل بنو تميم حين قالوا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم ورجعوا إلى أكثم بن صيفي فقال لهم: ليتكم سبقتم إليه..!
وهناك ممن يدعي الإسلام ويقول: نعرض ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصفات أو في الإيمان أو في غيرهما على كلام أرسطو وأفلاطون؛ فإن وافق كلامهم قبلناه، وإلا لم نقبله. فهل شهد أحد من هؤلاء بأن محمداً رسول الله؟ أين الشهادة بالنبي وأنتم تعارضونه بعقولكم أو بآرائكم؟!
وهناك من يرد كثيراً من أحاديث الأحكام ويقول: نحن على المذهب الفلاني! فيقال له: هذا كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيقول: أنا حنفي أو أنا شافعي، وأتبع ما قاله أئمة المذهب.. مع أن الأئمة الأربعة قالوا كلهم -على تفاوت في العبارة واختلاف في اللفظ ولكن المعنى واحد- قالوا: ما خالف أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فليضرب به عرض الحائط ولا قيمة له.
وهذا المقلد يقول: لا. هذه تخالف العقل، وهذه تخالف القياس.
ابن أبي ذئب رحمه الله ورضي عنه.. يقول الإمام أحمد فيه: كان أقول وأجرأ في الحق من مالك ؛ فالإمام أحمد يزكي ابن أبي ذئب، بأنه أجرأ وأقوى في الحق من مالك، وهو الذي رفض الوقوف للمهدي فقالوا له: لمَ لمْ تقم وهو في المسجد؟ قال: (إنما يقوم الناس لرب العالمين). قيل له: إن مالكاً ينكر حديث الخيار ولا يرى خيار المجلس، فقال: يستتاب مالك..!
هذا هو حال السلف الصالح .