يقول الشارح: [وأنه سبحانه وكَّل بالجبال ملائكة]، وقد ذكر الشيخ الأشقر في كتابه الحديث الدال على هذا، وقد رواه البخاري وهو أن عائشة رضي الله عنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: {يا رسول الله! هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد ؟ قال: لقد لقيت من قومك ما لقيت، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة، إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل بن كلال، فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت وأنا مهموم على وجهي، فلم أستفق إلا وأنا بـقرن الثعالب، فرفعت رأسي، فإذا أنا بسحابة قد أظلتني، فنظرت فإذا فيها جبريل، فناداني فقال: إن الله قد سمع قول قومك لك، وما ردوا به عليك، وقد بعث الله إليك ملك الجبال، لتأمره بما شئت فيهم، فناداني ملك الجبال، فسلم عليَّ ثم قال: يا محمد! ذلك فيما شئت، إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله ولا يشرك به شيئاً} رواه البخاري ومسلم، وهذا من كمال شفقته ورأفته بأمته، وكما قال في الحديث الآخر: {لكل نبي دعوة مستجابة، وإني اختبأت دعوتي شفاعةً لأمتي يوم القيامة}، وبسبب هذه الشفاعة يكون لهذه الأمة يوم القيامة فضل عظيم وخير كثير، أما نوح عليه السلام فقد قال كما جاء في حديث الإسراء: {وقد كانت لي دعوة فدعوتها على قومي}، قال تعالى عنه: ((رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا))[نوح:26]، أما النبي صلى الله عليه وسلم فقد احتفظ بدعوته وادخرها شفاعة لأمته يوم القيامة، فهو: ((بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ))[التوبة:128] صلوات الله وسلامه عليه.