ثم قال: "قال السيد المحدث
الجزائري في
الأنوار " وهذا من أخبثهم وأنجسهم، والجزائري نسبة إلى
جزائر في بحر
الخليج "ما معناه: إن الأصحاب قد أطبقوا على صحة الأخبار المستفيضة بل المتواترة، الدالة بصريحها على وقوع التحريف في القرآن: كلاماً ومادة وإعراباً، والتصديق بها" يعني يجب أن نعتقد التحريف، وأن نصدق به.
"ثم قال: (ومن جميع ذلك ظهر فساد ما ذكره المحقق
الكاظمي، من انحصار القائل به في
علي بن إبراهيم و
الكليني، أو مع
المفيد وبعض متأخري المتأخرين).
ثم اتهم الصحابة -خير أمة أخرجت للناس- بالكفر والعناد والجبروت والغباء، ليصل إلى أنهم ليسوا أهلاً لجمعه كما أنزل.
وأكثر من ذكر الروايات كرواية
الكليني عن الإمام
الصادق: "إن القرآن الذي جاء به جبريل عليه السلام إلى محمد صلى الله عليه وسلم، سبعة عشر ألف آية".
وعلق
السالوس على هذا في الحاشية بقوله: "ومعلوم أن القرآن الكريم آيات لا تصل إلى ستة آلاف وثلاثمائة، ومعنى رواية
الكليني : أن أكثر من عشرة آلاف آية قد حذفت".
جاء في
البرهان للزركشي : أن عدد آياته -في قول
علي رضي الله تعالى عنه- (6218) ستة آلاف ومائتان وثماني عشرة.
ثم يعود
السالوس لنقل كلام
الكليني فيقول: "وقال: إن الأخبار الدالة على ذلك -أي: على التحريف- تزيد على ألفي حديث".
فهذا عندهم ليس متواتراً فحسب، وإنما فوق المتواتر، وكأنه لا هم لهم إلا أن يجمعوا الأحاديث التي تكذب القرآن والسنة ويجمعوا تلك الروايات، ولو أن واحداً جمع ألفي حديث يُعد هذا كتاباً ضخماً من كتب السنة، لكن هم جمعوا ألفي حديث فقط للدلالة على أن القرآن محرف!!!
يقول: "وادعى استفاضتها جماعة كـ
المفيد و
المحقق و
الداماد، والعلامة
المجلسي وغيرهم، ثم قال: (واعلم أن تلك الأخبار منقولة من الكتب المعتبرة، التي عليها معول أصحابنا في إثبات الأحكام الشرعية والآثار النبوية، إلا كتاب
القراءات لـ
أحمد بن محمد السياري، فقد ضعفه أئمة الرجال، فالواجب علينا ذكر بعض القرائن الدالة على جواز الاستناد إلى هذا الكتاب)".
يقول
السالوس: " وقال أحد مفسري
الجعفرية : (أما اعتقاد مشايخنا رحمهم الله في ذلك فالظاهر من ثقة الإسلام
محمد بن يعقوب الكليني -طاب ثراه- أنه كان يعتقد التحريف والنقصان في القرآن؛ لأنه روى روايات في هذا المعنى في كتابه
الكافي، ولم يتعرض لقدح فيها، مع أنه ذكر في أول الكتاب أنه كان يثق بما رواه فيه" يعني يرى
الكليني أن كل ما في
الكافي صحيح، هذا ما عليه أئمة
الروافض وعامتهم، فهو مثل
صحيح البخاري عند المسلمين.
يقول: "وكذلك أستاذه
علي بن إبراهيم القمي، فإن
تفسيره مملوء منه، وله غلو فيه، وكذلك الشيخ
أحمد بن أبي طالب الطبرسي .. فإنه أيضاً نسج على منوالهما في كتاب
الاحتجاج ".
قال
السالوس: "وقال أحد كتابهم المعاصرين في مقدمة كتبها لـ
تفسير القمي : ( هذا التفسير كغيره من التفاسير القديمة، تشتمل على روايات مفادها أن المصحف الذي بين أيدينا لم يسلم من التحريف والتغيير، وجوابه أنه لم ينفرد المصنف بذكرها، بل وافقه فيه غيره من المحدثين المتقدمين والمتأخرين، عامة وخاصة)".
مفاد كلامه: لماذا تنكرون على الشيخ حين قال: إن القرآن محرف؟ فإن هذا مذهب جمهور المتقدمين والمتأخرين، وهذه عقيدتهم، وهذا دينهم.
قال
السالوس: "ثم ذكر القائلين بالتحريف فقال بأنهم:
الكليني و
البرقي و
العياشي و
النعماني، و
فرات بن إبراهيم، و
أحمد بن أبي طالب الطبرسي صاحب
الاحتجاج، و
المجلسي، والسيد
الجزائري، و
الحر العاملي، والعلامة
الفتوني، والسيد
البحراني، وقد تمسكوا في إثبات مذهبهم بالآيات والروايات التي لا يمكن الإغماض عنها".
والمعاصرون منهم يستحيون أحياناً أن يقولوا: إنه محرف، ويضطرون أن يدافعوا عن أنفسهم بالإنكار.
ثم يستطرد
السالوس ناقلاً عن صاحب المقدمة قوله: "(والذي يهون الخطب أن التحريف اللازم على قولهم يسير جداً، مخصوص بآيات الولاية، فهو غير مغير للأحكام، ولا للمفهوم الجامع الذي هو روح القرآن، فهو ليس بتحريف في الحقيقة، فلا ينال لغير
الشيعة أن يشنع عليهم من هذه الجهة!)".
ومعنى كلامه: لا تشنعوا على
الشيعة، فالأمر هين وبسيط، والتحريف محصور في آيات الولاية فقط، أما الأحكام فليس فيها تغيير.
فيقال لهم: أولاً: أنتم تجعلون سورة الولاية أساس الدين.
ثانياً: إذا كان القرآن سبعة عشر ألف آية، وحذف منها عشرة آلاف، فمعنى ذلك أن آيات الولاية عشرة آلاف؟ فإن قالوا: نعم، فهذه مصيبة، أيحذف عشرة آلاف آية وتترك ستة آلاف من الأحكام والأمور التي هي ثانوية أو فرعية بالنسبة للإمامة؟! وإن قالوا: في الإمامة وفي غيرها؛ قلنا: هذا تناقض؛ لأنكم تقولون: المحذوف خاص بالولاية!! فالعشرة آلاف في أي شيء؟! ثم نقول: لو أن أحداً أنكر جملة أو حرفاً من القرآن؛ لكان كافراً حلال الدم، فكيف بسورة الولاية؟!
يقول
السالوس: "هذه حركة من حركات التشكيك والتضليل، قام بها غلاة
الجعفرية، وسنعود للحديث عن بعض هؤلاء الغلاة عند تناولنا لكتبهم، ولكن المهم هنا أن المعتدلين من إخواننا
الجعفرية ".
وهذا كلام المؤلف، ونحن أخذنا كلامه على أنه قول خاص به؛ لأنه يعتبر نفسه معتدلاً، ويعتبر
الجعفرية إخوانه، فيقول: "ولكن المهم هنا أن المعتدلين من إخواننا
الجعفرية قد تصدوا لهذه الحركة قديماً وحديثاً"، ثم ذكر بعض كتبهم... إلى أن قال ناقلاً كلام
الطوسي الذي يعد من كلام المعتدلين عندهم: "وقال الشيخ
الطوسي : أما الكلام في زيادته ونقصانه، فمما لا يليق به أيضاً؛ لأن الزيادة فيه مجمع على بطلانها، والنقصان منه، فالظاهر أيضاً من مذهب المسلمين خلافه، وهو الأليق بالصحيح من مذهبنا، وهو الذي نصره
المرتضى، وهو الظاهر من الروايات، غير أنه رويت روايات كثيرة من جهة الخاصة والعامة بنقصان كثير من آي القرآن، ونقل شيء منه من موضع إلى موضع، طريقها الآحاد التي لا توجب علماً ولا عملاً، والأولى الإعراض عنها، وترك التشاغل بها؛ لأنه يمكن تأويلها".
فهذا المعتدل يقول: الأليق والظاهر، وهو الذي عليه الغالب، أنه ليس فيه زيادة ولا نقصان، ومذهب
أهل السنة أن من شك في وجود الزيادة أو النقص كفر، فهم يقولون رداً على ذلك: لا هذا مذهب راجح، وهو الصحيح، وهو بذلك يعني: أن تحريف القرآن من عدم تحريفه مسألة خلافية مثلها مثل الخلاف في أي مسألة فرعية، كما قال: (غير أنه رويت روايات كثيرة من جهة الخاصة والعامة بنقصان كثير من القرآن، ونقل شيء منه من موضع إلى موضع، طريقها الآحاد... والأولى الإعراض عنها، وترك التشاغل بها؛ لأنه يمكن تأويلها)، فغاية ما عندهم الإعراض عن هذه الروايات.
ويواصل
السالوس نقل كلام
الطوسي الذي يقول: "ولو صحت لما كان ذلك طعناً على ما هو موجود بين الدفتين، فإن ذلك معلوم صحته لا يعترضه أحد من الأئمة ولا يدفعه.
وقال
الصدوق : (اعتقادنا أن القرآن الذي أنزله الله تعالى على نبيه صلى الله عليه وسلم هو ما بين الدفتين، وهو ما في أيدي الناس، وليس أكثر من ذلك... ومن نسب إلينا أنا نقول: إنه أكثر من ذلك فهو كاذب)".
ثم ينتقل إلى المعاصرين ويأتي برأي أحدهم فيقول: "قال
محمد الحسين آل كاشف الغطا : يعتقد
الشيعة الإمامية أن الكتاب الموجود في أيدي المسلمين هو الكتاب الذي أنزله الله إليه -أي إلى محمد صلى الله عليه وسلم- للإعجاز والتحدي، ولتعليم الأحكام، وتمييز الحلال من الحرام، وأنه لا نقص فيه ولا تحريف ولا زيادة، وعلى هذا إجماعهم، ومن ذهب منهم أو من غيرهم من فرق المسلمين إلى وجود نقص فيه أو تحريف، فهو مخطئ بنص الكتاب العظيم: ((
إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ))[الحجر:9]، والأخبار الواردة من طرقنا أو طرقهم الظاهرة في نقصه أو تحريفه ضعيفة شاذة، وأخبار الآحاد لا تفيد علماً ولا عملاً، فإما أن تؤول بنحو من الاعتبار، أو يضرب بها الجدار".
ثم يذكر مذهب
أبي القاسم الخوئي -مرجعهم في
العراق - و
محمد جواد النجفي، و
محمد تقي الحكيم.