ثم يقول: "سادساً: الأئمة الإثنا عشر الذين نص عليهم الرسول -صلى الله عليه وسلم هم -:
أبو الحسن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ثم
الحسن بن علي، ثم
الحسين بن علي، ثم
علي بن الحسين زين العابدين، ثم
أبو جعفر محمد الباقر، ثم
جعفر بن محمد الصادق، ثم
موسى الكاظم بن جعفر الصادق، ثم
علي الرضا بن موسى الكاظم -و
علي الرضا قيل: إن
المأمون كان يريد أن يتنازل له عن الخلافة- ثم
أبو جعفر محمد الجواد بن علي الرضا، ثم
علي الهادي بن محمد الجواد بن علي الرضا، ثم
أبو محمد الحسن بن علي العسكري، وأخيراً:
أبو القاسم محمد بن الحسن المهدي، وهذا الذي في السرداب، وهو الحجة في هذا العصر الذي يملأ الأرض عدلاً وقسطاً بعدما ملئت ظلماً وجوراً، قيل: ولد سنة 256هـ، وغاب غيبة صغرى سنة 260هـ، وغاب غيبة كبرى سنة 329هـ".
و
الحسن العسكري لم يكن له ولد، ولكن هذا حسب زعمهم؛ لأن بعضهم يعتقد أنه قد خرج، وهم وفق عقيدتهم قالوا: لابد أن يكون الإمام ابن الإمام السابق، فلما لم يولد له شيء، وقعوا في الحرج، ولذلك ادعوا أنه غاب ودخل السرداب، فاختلف بعد ذلك فيمن يكون باباً وحاجباً بين الناس والإمام؛ ولهذا لا يكتبون كتاباً ولا يخطبون خطبة جمعة، إلا ويذكرون فيها الإمام صاحب السرداب أو
الغائب المنتظر القائم، ويقولون: عجَّل الله فرجه، وسهَّل مخرجه، يقولون في
علي : كرم الله وجهه، ويقولون في
جعفر :
جعفر عليه السلام ؛ لأن أكثر دينهم وفقههم منسوب إلى
جعفر الصادق، ولذا يسمون
الجعفرية .
ونحن نخالف
الشيعة في اعتقادهم في هؤلاء الأئمة، واعتقادنا في
علي و
الحسن و
الحسين معلوم، وأما
علي زين العابدين فقد كان رجلاً فاضلاً، من
أهل السنة والجماعة، ثم كان ابنه
زيد بن علي الذي هو إمام
الزيدية من
أهل السنة والجماعة ولم يخالفهم في شيء إلا أنه رأى الخروج على الولاة من بني أمية. و
أهل السنة قالوا: الإمام الجائر يصبر عليه، ولا يخرج عليه إلا إذا تحققت المصلحة، وهذه مسألة فقهية حكمية ليست من الأصول.
ويبدأ الإشكال من
محمد الباقر وابنه
جعفر الصادق، فإنهما عاشا في عهد بني أمية ولم يكن لهما من الذكر والشهرة شيء كبير، بل كانا مغمورين غير مشهورين، وقد كان في عصرهما علماء من أئمة الإسلام ذكروا وذكرت حياتهم، وتكلم عنهم، أما هذان فكانا منزويين عن الحياة العامة ومستورين، وكان لهما تحركات خفية وسرية؛ وذلك بسبب محاربة خلفاء بني العباس لهم، وقبلهم بنو أمية، ولذلك لم يذكر عنهما الشيء الكثير، وقد اختلفت فيهما الآراء فيما بعد، وبعض الآراء يمكن أن نقول عنهما: إنها كانت صدى أو أثراً لما نُقل عنها، والناقلون عنهما في الغالب
رافضة، وهم كذبة.
فلذلك اضطرب الكلام في
جعفر الصادق، ولكن البعض بالغ وقال: إن
جعفر الصادق كان ماسونياً -كما قال ذلك بعض المشايخ المعاصرين- وإنه كان ملحداً باطنياً، وكان يقر شيعته على ما يفعلون، فنقول: هذا غلو ومبالغة لا يقر عليها، والذي يظهر أن الذين نقلوا عنه كانوا من أكذب الناس عند
أهل السنة والجماعة، وأما
الرافضة فجعلوهم قسمين: قسم الكذابين مطلقاً، وقسم الثقات الصادقين، وينقلون عنهم، ولهذا لما جاء صاحب
أصول الكافي نقل الروايات الصحيحة في نظره، وذلك حسب قواعد
أهل الرفض في الجرح والتعديل، وفيما نقله يوجد الكفر البواح، وهو إنما نقله معتقداً أنه الصحيح، كما فعل
البخاري حينما اختار الصحيح من كلام رسول الله وأسنده في
الجامع الصحيح، فاختيار
الكليني هو بحسب اجتهاد علماء
الشيعة في الجرح والتعديل، ولكن كثيراً ممن عدلوهم هم في الحقيقة كذبة فجرة، وأحياناً لا وجود لكثير من الرواة والأشخاص.
وعلى أية حال نقول: بالنسبة لهؤلاء الأئمة: ((
تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ))[البقرة:134]، ولا يهمنا إلا ما اعتقدته
الرافضة فيهم، وأما هم فالغالب عليهم البراءة من غلو
الرافضة، لكن قد لا نسلِّم ببراءة الجميع من الابتداع، كاعتقادهم أنهم أولى الناس بالإمامة، أو أن
علياً أفضل من غيره، فربما كان يوجد ذلك في بعضهم، والعلم عند الله تعالى، ولهم تراجم في كتب أهل العلم فليرجع إليها.