ثم يقول: "خامساً: ما دامت الإمامة كالنبوة، فهي لا تكون إلا بالنص من الله تعالى على لسان رسوله، أو لسان الإمام المنصوب بالنص". إذاً لا تكون الإمامة إلا بالنص، ولا تكون بالاختيار، فإذا اجتمعت الأمة واختارت إماماً فلا تصح إمامته، وإنما الإمام هو المنصوص عليه من الله تعالى بواسطة النبي أو الإمام الذي قبله، فيقول الإمام: الإمام بعدي فلان.
و
الروافض يجعلون الإمامة فوق النبوة، يقول صاحب كتاب:
سلوني قبل أن تفقدوني : وفي
الوافي (2/17): عن
الصادق عليه السلام قال: "إن الله تعالى اتخذ إبراهيم عبداً قبل أن يتخذه نبياً، وإن الله اتخذه نبياً قبل أن يتخذه رسولاً، وإن الله اتخذه رسولاً قبل أن يتخذه خليلاً، وإن الله اتخذه خليلاً قبل أن يجعله إماماً، فلما جمع له الأشياء قال : ((
إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا))[البقرة:124]"، فمقصود الاستدلال هنا: أن الإمامة أعلى المراتب، فقد اتخذه الله عبداً، ثم نبياً، ثم رسولاً، ثم خليلاً، ثم إماماً وهي أعلى مرتبة، فلما بلغ الرتبة العليا اتخذه إماماً، يقول: فمن عظمها في عين إبراهيم -يعني: الإمامة- ((
قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ))[البقرة:124]، قال: لا يكون السفيه إمام التقي. انتهى، قال: فرتب هذه الخصال بعضها على بعض؛ لاشتمال كل لاحقة منها على سابقه مع زيادة، حتى انتهى إلى الإمامة المشتملة على جميعها، فهي أشرف المقامات وأفضلها"، فأول المراتب العبودية ثم النبوة، فالنبوة عبودية وزيادة، ثم الرسالة، فهي نبوة وزيادة، ثم الخلة وهي رسالة وزيادة، ثم الإمامة فالإمامة خلة وزيادة، فهي خلة ورسالة ونبوة وعبودية وزيادة، وبذلك يكون الإمام أعلى درجة من الخليل، والله عز وجل له خليلان: إبراهيم ومحمد عليهما الصلاة والسلام، فالإمام عندهم كالخليلين وزيادة، وهذا كثير في كلامهم.
وهم يقرءون مثل هذا ويدرسونه، ويلبِّسون به على عوام المسلمين، لعلمهم أن أكثر
أهل السنة يجهلون عقيدتهم، فيقولون: هذا الذي يقوله بعضكم عنا كذب وباطل. وتجدهم يقولون لبعضهم البعض: اكذب عليهم، فإن لم يصدقوك كلهم صدقك بعضهم. وكثير من
أهل السنة جاهلون بعقيدتهم، فكيف يعرفون عقيدة غيرهم؟ مع أنهم في الدول التي فيها
روافض نجد أن العداوة بين
أهل السنة و
الروافض أزلية، فالبعض يعادي
الروافض تقليداً وإرثاً، ولما يرونه فيهم من الدياثة والغدر وترك الدين والمروءة، وأشياء تنفر الناس منهم، لكنهم لا يبنون هذه العداوة على كفرهم وإلحادهم وضلالهم؛ وذلك بسبب جهل هؤلاء الذين يعادونهم بعقيدتهم، بل ومن العلماء من لا يعرف الفرق بين عقيدة
أهل السنة و
الشيعة، ويقصد الاختلاف بين الفريقين على أن
الشيعة يحبون
علي بن أبي طالب أكثر منهم، وقد قال أحد الدعاة الكبار الفرق بيننا وبينهم أنهم يحبون
علياً أكثر منا بشيء يسير.
ولذلك عندما نعرف حقيقة مذهبهم نعرف لماذا نعاديهم، وإلا لكانت عداوتنا لهم على غير هدى، وهذا لا يجوز، والولاء والبراء لا يكون إلا لله، فلا يجوز أن نفعله إلا على بينة وبرهان.