قال: "وذهب بعضهم إلى أن أحد الملائكة كان يلازم الرسول -صلى الله عليه وسلم- ليسدده ويرشده ويعلمه، فلما انتقل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى، ظل الملك بعده ولم يصعد، ليؤدي نفس وظيفته مع الأئمة بعد الرسول صلى الله عليه وسلم" إذاً فالملك لا يصعد إلى السماء، قال: "فإذا قبض النبي انتقل روح القدس فصار إلى الإمام" ثم قال: "والإمام يرى به" أي: يرى بروح القدس، "وفي الحاشية فسر الرؤية بقوله: يعني ما غاب عنه في أقطار الأرض"، يعني: أن الإمام يرى بروح القدس ما غاب عنه في أقطار الأرض "وما في عنان السماء، وبالجملة ما دون العرش إلى ما تحت الثرى"، وهذا يشبه ما قالته النصارى في عيسى، وهذا هو كفر النصارى حيث يقولون: الأب والابن والروح القدس، ومنهم من يقول: إن الأب يحل في الابن، وهذا قول إحدى فرق النصارى، ومنهم من يقول: إن روح القدس هو الذي يحل... إلى آخر كلامهم المضطرب في الأقانيم، فإذا كان روح القدس هذا، وبنفس الاسم الذي عند النصارى، يحل في هذا الإمام، فيرى به كل شيء، ويعلم الغيب كله، إذاً فهذه شعبة من شعب النصرانية .
يقول: "وانظر بحار الأنوار، باب: الأرواح التي فيهم -يعني: في الأئمة- وأنهم مؤيدون بروح القدس، وقال ابن بابويه القمي في رسالته: اعتقادنا في الأخبار الصحيحة عن الأئمة، أنها موافقة لكتاب الله، متفقة المعاني غير مختلفة؛ لأنها مأخوذة من طريق الوحي عن الله سبحانه" يعني أن أي أثر أو خبر يأتينا عن الأئمة، فاعتقادنا فيه أنه موافق لكتاب الله، وأن هذه الآثار متفقة المعاني غير مختلفة، لا يمكن أن يكون فيها خلل ولا اضطراب، فأقوالهم معصومة؛ لأنها مأخوذة من طريق الوحى عن الله تعالى.
إذاً فهم يعتقدون أن الله يوحي إلى الأئمة، ومعلوم أن من اعتقد أن أحداً يوحى إليه بعد محمد صلى الله عليه وسلم فهو كافر قطعاً، ولا حظ له في دين الإسلام، والقمي هو صاحب كتاب من لا يحضره الفقيه، أحد كتب الحديث الأربعة المعتمدة عند الجعفرية، وهو من أشهر كتبهم بعد الكافي .