يقول: "مصباح؛ إن النبوة الحقيقية المطلقة هي إظهار ما في غيب الغيوب في الحضرة الواحدية، حسب استعدادات المظاهر، بحسب التعليم الحقيقي والإنباء الذاتي، فالنبوة مقام ظهور الخلافة والولاية، وهي مقام بطونها" إلى أن يقول في مصباح آخر: "إن الإنباء والتعليم بحسب نشأة الوجود، ومقامات الغيب والشهود، مختلف المراتب، فإن لكل قوم لساناً: ((وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ))[إبراهيم:4]".
واللسان المعني في هذه الآية هو اللغة؛ (بلسان قومه) أي: بلغتهم؛ ليقيم الحجة عليهم، والخميني يؤولها بأن لكل قوم لساناً، أي: مرتبة ودرجة.
ثم يقول: "فمرتبة منها ما وقع لأصحاب سجن الطبيعة"، فيزعم أننا نحن نعيش في سجن الطبيعة، "وأرباب القبور المظلمة في عالم الطبيعة، ومرتبة منها ما وقع لأهل السر من الروحانيين والملائكة المقربين".
ثم يقول: "ومنها ما وقع في الحقيقة الإطلاقية من حضرة الاسم الأعظم، رب الإنسان الكامل، ومرتبة منها ما وقع للأعيان الثابتة في حضرة العين الثابت المحمدي، ومرتبة عالية منها ما وقع لحضرة الأسماء في مقام الواحدية -أي: أسماء الله تعالى في مقام واحديته- والنشأة العلمية الجمعية من حضرة الاسم الأعظم لمقامه الظهوري، وفوق ذلك لا يكون إنباءً وظهوراً بل بطون وكمون" ثم يقول: "هل بلغك إشارات الأولياء عليهم السلام، وكلمات العرفاء رضي الله عنهم، أن الألفاظ وضعت لأرواح المعاني وحقائقها، فهل تدبرت في ذلك؟ ولعمري إن التدبر فيه من مصاديق قوله عليه السلام: "تفكر ساعة خير من عبادة ستين سنة"، فإنه مفاتيح المعرفة وأصل أصول فهم الأسرار القرآنية".
يريد أن يقول: إذا أردتم أن تفقهوا كلام الأئمة أو الأولياء، فتدبروا على طريقتهم وعلى منوالهم، هذا هو المشار إليه في العبارة المنسوبة إلى علي رضي الله عنه، فبهذا التدبر يصل المرء إلى حقيقة معرفة مقام هؤلاء الأولياء.
يقول: "اعلم أن الإنباء في تلك الحضرة، هو إظهار الحقائق المستكنة في الهوية الغيبية على المرائي المصقلة المستعدة لانعكاس الوجه العيني فيها حسب استعداداتها النازلة من حضرة الغيب بهذا الفيض الأقدس، فاسم الله الأعظم أي: مقام ظهور حضرة الفيض الأقدس، والخليفة الكبرى والولي المطلق، هو النبي المطلق المتكلم على الأسماء والصفات، بمقام تكلمه الذاتي في حضرة الواحدية، وإن لم يطلق عليه اسم النبي، ولا يجري على الله تعالى اسم غير الأسماء التي وردت في لسان الشريعة؛ فإن أسماء الله توقيفية"، كيف تكون أسماء الله توقيفية وهو يقول: الله هو النبي؟!!
فالنبي عندهم هو الله -تعالى الله عما يقولون- ومع ذلك يقول: أسماء الله توقيفية، وإلا لأطلقه عليه، فهذه هي النبوة عندهم.
يقول: "قد ظهر شأن النبي صلى الله عليه وسلم وآله في كل نشأة من النشآت، وعالم من العوالم، حفظ الحدود الإلهية، والمنع عن الخروج عن حد الاعتدال، والزجر عن مقتضى الطبيعة، أي: إطلاقها لا على الإطلاق؛ فإن المنع على الإطلاق خروج من قول الحكمة، وقصر في الطبيعة، وخلاف العدل في القضية، وهو خلاف النظام الأتم، والسنة الجارية؛ فالنبي هو الظاهر باسمي: الحكم، العدل؛ لمنع لإطلاق الطبيعة، والدعوة إلى العدل في القضية.. وخليفته مظهره ومظهر صفاته، وهذا أحد معاني قوله عليه السلام في حديث الكافي والتوحيد: "وأولو الأمر بالمعروف والعدل والإحسان" أي اعرفوهم بكذا، إلا أن في الكافي: بالأمر بالمعروف، وليس هنا مقام تحقيق الحديث، وقد أشبعوا الكلام المشايخ العظام فيه".
والخميني - كما قال في كتابه الحكومة الإسلامية : "إن لأوليائنا مقاماً أو مرتبة وخلافة كونية تخضع لها جميع ذرات الوجود" - فهو أيضاً يقول هنا: "إن شأن النبي صلى الله عليه وسلم في كل نشأة من النشآت وعالم من العوالم، هو حفظ الحدود الإلهية على حد الطبيعة التي يريدها الله تعالى"، فهو إذاً الذي يدبر أو يصرف هذا الكون، ومعه الأئمة، فهو الظاهر باسمين من أسماء الله: الحكم والعدل.
يقول: "قال كمال الدين عبد الرزاق الكاشاني في مقدمات شرحه على قصيدة ابن الفارض ".
وابن الفارض هذا وابن عربي شقيقان وتوأمان في الكفر والضلال والإلحاد.
يقول: "قال كمال الدين عبد الرزاق الكاشاني في مقدماته شرحه على قصيدة ابن الفارض: النبوة بمعنى الإنباء، والنبي هو المنبئ عن ذات الله وصفاته وأسمائه وأحكامه ومراداته، والإنباء الحقيقي الذاتي الأولي ليس إلا للروح الأعظم الذي بعثه الله تعالى إلى النفس الكلية أولاً".
والنفس الكلية قال بها الفلاسفة قال: "ثم إلى النفوس الجزئية ثانياً، لينبئهم باللسان العقلي عن الذات الأحدية، والصفات الأزلية، والأسماء الإلهية، والأحكام القديمة، والمرادات الحسية".
إن الخلاف بيننا وبينهم ليس في أنهم يحبون علياً أكثر منا كما يقول البعض، بل هو خلاف بين الشرك والتوحيد، وبين الباطنية والإسلام.
إذاً: قول شارح العقيدة الطحاوية رحمه الله: "والرافضة المتأخرون جعلوا الأصول أربعة..." يبين أن للرافضة أصولاً أربعة، وبالرغم من ذلك فهم يعدون الإمامة هي الركن الركين والأصل الأصيل من بين أصولهم هذه.