ما هو ارتباط موضوع القدر بموضوع وحدة الوجود أو الحلول؟
إن القدرية الغلاة قالوا: الإنسان يخلق فعل نفسه، بينما الذين يرون الجبر، أدناهم درجة يقول: إن الإنسان لا يفعل شيئاً في الحقيقة، والفاعل الحقيقي هو الله.
ثم ترقت طائفة منهم في ذلك فقالوا: حركاتنا وسكناتنا وأعمالنا لا تعني شيئاً؛ لأن الفاعل هو الله، ونحن لسنا إلا أدوات، ثم ترقت طائفة منهم في ذلك فادَّعت أنه لا موجود إلا الله؛ فمن: (لا فاعل إلا الله) وصلوا إلى: (لا موجود إلا الله)، فهنا يصل الإنسان بضلاله في القدر إلى هذه المرتبة، وبعد ذلك يجاهر بالكفر البواح كما قال عبد الكريم الجيلي :
وما الكلب والخنزير إلا إلهنا            وما الله إلا راهب في كنيسة
عياذاً بالله من الكفر..!
فيرى أن هذا الأمر هو حقيقة وغاية ما يسعى إليه، ولو كان الأمر كذلك، لكان عباد الأصنام أقرب منهم وأهون شركاً، ولا شك أن اليهود والنصارى -وحتى الذين يعبدون الشمس والقمر- أقل وأخف شركاً من هؤلاء؛ لأنهم يقولون: نعبدها لأنها من خلق الله، أو لها مع الله تصرف وتدبير، أما من يعتقد أن الله عز وجل هو عين هذه المخلوقات، حتى النجسة منها -كما قال هذا الزنديق الملحد- فهذا كفر ليس بعده كفر، وضلال ما بعده ضلال.
فهذا : الخميني يبين الآن العلاقة بين الغلو في إثبات القدر -كما يقولون- وبين ما يريد أن يقوله في شأن الإمامة، وبين ما يقوله الصوفية : أنهم يصلون في النهاية إلى شيء واحد.
يقول الخميني: "هذه الحضرة هي حضرة القضاء الإلهي، والقدر الربوبي، وفيها يختص كل صاحب مقام بمقامه، ويقدر كلٌ استعداد القبول بواسطة الوجهة الخاصة التي للفيض الأقدس" أي: يجعل الأولياء أو الكاملين متفاوتين بحسب قدرهم في هذه المنزلة.