الشرط الثاني: الرفق، فلابد أن يكون الإنسان رفيقاً في أمره ونهيه، وهذا من شروط الدعوة.
يقول رحمه الله: "ومن الصلاح أن يأتي الأمر والنهي بالصراط المستقيم، وهو أقرب الطرق إلى حصول المقصود" هذه قاعدة أن يكون الأمر والنهي على الصراط المستقيم، وهو أقرب الطرق إلى حصول المقصود.
يقول: "ولا بد في ذلك من الرفق كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: {ما كان الرفق في شيء إلا زانه، ولا كان العنف في شيء إلا شانه}.
الرفق هنا ليس المقصود به -كما يرى البعض- الضعف، بل الرفق شيء والضعف شيء آخر، الرفق مطلوب حتى ونحن نحارب الكفار، فنحن أمة الرفق نعامل الناس جميعاً بهذا الخلق، نترفق في الأمر بالأناة والرحمة والحكمة، حتى ونحن في أشد أنواع الإيلام وهو الحرب، فلا نقتل العجزة الكبار ولا الصغار، ولا نشنع ولا نمثل، وإذا أردنا أن نبدأهم بالقتال، نبذنا إليهم عهدهم على سواء إذا كان بيننا وبينهم عهد.
إن الرفق: هو الأناة والحكمة وأخذ الشيء ببصيرة.
أما التقحم في الأمور، فلا يؤدي إلى خير.
يقول: "وقال صلى الله عليه وسلم: {إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله، ويعطي عليه ما لا يعطى على العنف} ."
ولهذا قابل الرفق هنا بالعنف لا بالقوة؛ لأن القوة أحياناً تكون هي الحكمة، وتكون هي الخير، ويكون فيها الرفق؛ لكن العنف مذموم لذاته.
وقد تكون القوة مطلوبة ومأموراً بها في الشرع وخاصة في أخذ الدين وفي الإيمان به؛ قال تعالى: : ((يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا))[مريم:12] هناك فرق بينهما، والضد بالضد يعرف، فيقابل الرفق العنف، أما الحكمة أو البصيرة فقد تكون باللين، وقد تكون بالقوة والشدة.
فقسا ليزدجروا ومن يك حازماً            فليقس أحياناً على من يرحم
أحياناً يكون الحل الصحيح القسوة على من ترحم، فبهذه القسوة تحقق الخير والمصلحة، ليزدجر الذي تحبه عما يضر به من الأمور.