ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
يقول رحمه الله: "وهنا يغلط فريقان من الناس"، هذا هو المقصود، وهو أن نعرف كيف غلطت الفرق في باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ يقول رحمه الله: "فريق يترك ما يجب من الأمر والنهي تأويلاً لهذه الآية".
وهذا غلط الفريق الأول: أنهم لا يأمرون بالمعروف ولا ينهون عن المنكر، ويتعللون بتعللات منها هذه الآية: ((عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ))[المائدة:105] فهذا هو الفريق الأول، وهو من ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على أهميته من الدين.
يقول رحمه الله: كما قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه في خطبته: إنكم تقرءون هذه الآية: ((عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ))[المائدة:105]، وإنكم تضعونها في غير موضعها، وإني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: {إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه، أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه}.
يبين الصديق رضي الله تعالى عنه الفهم الصحيح لهذه الآية، وأنه لا بد من إنكار المنكر، وإلا كانت العقوبة عامة، كما قال تعالى: ((وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً))[الأنفال:25]، وكما قص الله تبارك وتعالى علينا في قصة أصحاب القرية التي كانت حاضرة البحر، إذ يعدون في السبت، إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعاً، ويوم لا يسبتون لا تأتيهم، فإن الله تعالى إنما ذكر نجاة الذين ينهون عن السوء، وذكر تعذيب من سواهم، فالناجي من هذا العذاب هو من يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وكما في قول النبي صلى الله عليه وسلم: {مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم ركبوا سفينة فاستهموا، فكانت طائفة في أعلاها، وكانت طائفة في أدناها} الحديث.
وكم من الآيات والأحاديث تدل على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والأخذ على يد السفيه أو الظالم، وإلا فالعقوبة عامة.