يقال
للمعتزلة : إن الدليل الذي رددتم به على
الخوارج دليل عليكم، وهو تفريق النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في الحدود.
فإن النبي صلى الله عليه وسلم قاتل بعض الناس كفراً؛ لأنهم كفار مشركون، أما من رجم أو جلد أو قطعت يده من أصحاب الكبائر، فهؤلاء لهم حكم الإسلام، هذا التفريق استدللتم به أنتم معشر
المعتزلة على
الخوارج بأن مرتكب الكبيرة لا يكفر، ونحن أيضاً نستدل به عليكم بأنه لا يخلد في النار.
أفي الدنيا تتفاوت الأحكام، ويكون العدل الرباني، والعدل النبوي، وفي الآخرة يظلمون بالتخليد في النار؟! حتى لو قال
المعتزلة: يخلد في نار أخف من نار الكفار الأصليين؛ فمجرد التخليد لا يليق، وإن زعمتم أن هذه أسماء شرعية، وهذه أحكام شرعية، فلنرجع إلى الشرع.
ومما يرد على
المعتزلة وعلى جميع فروع
الشيعة؛
الزيدية وأشباههم ممن يخلطون في هذه المسألة: ثبوت الشفاعة؛ فهي رد جليٌّ صريح على
المعتزلة و
الخوارج ومن اتبع مذهبهم، ولو آمنوا بالشفاعة، لرجعوا عن كثير من ضلالاتهم؛ لكنهم تمادوا في ضلالات مركبة تسلسلت وأفضى بعضها إلى بعض، وانتهى بهم الأمر إلى حالة غريبة جداً، وهي أن
المعتزلة -على هذه الشدة في حكم مرتكب الكبيرة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر- كانوا من أفسق الناس، وكثير من أئمتهم كانوا لا يصحون من شرب الخمر، ولا يتورعون عن سماع الطرب والملاهي، وأكل الحرام، والكذب والبهتان، وقول الزور... إلخ.
فالعقيدة الفاسدة -وإن كانت في صورة متشددة في الدين- لابد أن تورث صاحبها تقصيراً، فما أراد أحد أن يزيد في هذا الدين إلا وينقص منه، وما ابتدع قوم بدعة إلا وتركوا من السنة مثلها، وهذه هي العبرة التي نأخذها حين ندرس هذه الطوائف بضلالاتها وبدعها، نسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يعافينا وإياكم من ذلك.