قوة النفس والتأثير
قال: [وقوة النفس؛ ليؤثر بها في هيولى العالم، بقلب صورة إلى صورة].
عنده أيضاً قوة تأثير نفسي بحيث يقلب الهيولى إلى صورة، والهيولى كلمة يونانية تعني مادة الشيء.
فمثلاً: الخشب في ذاته يسمونه هيولى، أي: مادة الخشب، فإذا صنع من الخشب كرسي أو عصا، أو نحو ذلك، سمي هذا الشيء: صورة، فالذي لديه قوة نفس يستطيع أن يقلب الهيولى إلى صورة، أي: أنه يستطيع بالقوة النفسية -على زعمهم- أن يقلب هذا الشيء إلى شيء آخر، وهذا في الحقيقة هو الساحر، وهذه هي صفاته؛ ولهذا اقترن السحر بالفلسفة، وبالتصوف؛ لأن الصوفية في الأصل فلاسفة، فلا فرق عندهم بين معجزات الأنبياء وبين السحر.
فمثلاً يقولون: إن الله تعالى أعطى الأنبياء آيات ومعجزات، ومن ذلك أنه أعطى موسى معجزة قلب العصا إلى حية، فما فعله موسى وأظهره الله على يده لا يختلف عما فعله السحرة، فالكل عندهم مجرد تغيير من هيولى إلى صورة وإلى شكل، ولا فرق، فالكل واحد، ولذلك فإنهم إما أن يعتبروا الأنبياء سحرة والعياذ بالله! وهذا مما يكفرون به، وإما أن يعتبروا السحرة أنبياء، ولا فرق عندهم، فكل من كانت عنده قدرة على أن يقلب الأشياء، فهذا هو الذي يملك صفة النبوة؛ لأن النبوة في نظرهم هي أن يمتلك هذه القوة التأثيرية النفسية لقلب الأشياء والحقائق، فيؤثر في هيولى العالم ويقلبها من صورة إلى صورة.