قال: [والقرآن عندهم فيض فاض من العقل الفعَّال على قلب بشر زاكي النفس طاهر ..].
فإن أرسطو وأفلاطون وأمثالهم لا يؤمنون بأي دين ولا بأي كتاب، لكنهم يؤمنون بأن العقل الفعال يفيض على بعض النفوس، وإنما قالوا ذلك ولم يقولوا: يخلق ويعطي؛ لأنه ليس له إرادة عندهم ولا اختيار حتى يعطي أحداً، إنما العقل الفعال هو الذي يفيض على بعض النفوس التي عندها إدراك معين، فقال المنتسبون منهم للإسلام: ومن ذلك أن القرآن فيض وليس كلاماً من الله سبحانه وتعالى.
والعقل الفعال هو آخر العقول العشرة التي قال عنها أرسطو : إن العقل الأول نتج عنه الثاني، وعن الثاني نتج الثالث، إلى أن نتج العاشر ففاض، وكان من فيضه هذا الكون وهذا الوجود! والعجيب أنها بلغت عشرة، ولا ندري لِمَ لم تصل إلى مائة؟! ولم لا تكون ألفاً؟! بل لم لم تكن واحداً ويفيض مباشرة؟!
كلام ليس عليه دليل، وإنما هو خبط وخرص وظن لا يغني من الحق شيئاً.. وهذا هو مذهب المعلم الأول الذي لا تكاد توجد كلية آداب أو اقتصاد أو إدارة أو اجتماع أو نفس.. إلا وأرسطو مذكور وممدوح فيها، وتماثيله تملأ الشوارع والميادين، وذكره في كثير من الكتب.. هذا هو العقل العظيم عندهم الذي يقتدون به ويستنيرون بهداه، ويتركون كلام أحكم الحاكمين وهدي الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم.