الأصابع الخفية وراء دعوة تقارب الأديان
يجب أن نحذر من الدعوة التي يدعو إليها بعض الناس بقولهم: إنه يجب على المؤمنين بالله أن يتعاونوا ضد الملحدين؛ كما يقول ذلك كثير من الكتاب، ويزعمون أن هذا فيه توحيد لصف الإيمان ضد صف الإلحاد، ويقولون: لم لا نتعاون مع الكنيسة لوقف المد الشيوعي؛ فإننا -نحن والمسيحيين- نؤمن بالله، وهؤلاء الشيوعيون لا يعترفون بالله؟! وقد أعلن بعض الكتاب -وهذا من الكفر الصريح- أن اليهود والنصارى على دينٍ حقٍ، وأنهم مقبولون عند الله تعالى.. نسأل الله العفو والعافية.
وقد كتب أحدهم معلقاً على مناظرة أحمد ديدات الداعية المعروف -بغض النظر عن رأينا في المناظرة نفسها- قائلاً: ليس هناك داع لهذه المناظرات، وليس هناك داع إلى أن ندخل أحداً في ديننا، أو ندعو أحداً إلى ديننا، ونحن الآن في عصر الحرية، والناس يعبدون ربهم كما يشاءون! وقد كان الدكتور أحمد زكي رئيس تحرير مجلة العربي الهالك ينادي بهذا المذهب، وقد نادى به مرات عديدة في مجلة العربي .
ويوجد لهذا المذهب أيضاً دعاة في مصر وغيرها من البلاد العربية.
والقول بأن هؤلاء من اليهود والنصارى الذين كفرهم الله في كتابه يعدون من المؤمنين بالله، هو من الكفر الصريح الذي لا يحتمل التأويل أبداً، ولا يمكن أن يقبله مسلم، فاليهود والنصارى هم أعداء الله، وأعداء نبيه صلى الله عليه وسلم في جميع الأزمنة، وهم أعداؤنا الذين حذرنا الله منهم، وأخبرنا بعداوتهم، ونهانا عن موالاتهم؛ فإن اليهود خاصة -ومعهم النصارى- هم الذين يديرون على الإسلام والمسلمين الحرب الضروس، فقد أرادوا أن يقتلوا النبي صلى الله عليه وسلم، كما حصل ذلك في واقعة بني النضير، وفي آخر عمره صلى الله عليه وسلم بعد فتح خيبر عندما أهدت له اليهودية شاة مسمومة، فنهش منها نهشة، ولكن الله أنطقها وأخبرته أنها مسمومة، وهم كذلك يكيدون للإسلام وأهله؛ فهم أعداء النبوة، وقتلة الأنبياء؛ كما ذكر الله ذلك في القرآن: ((وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ))[البقرة:61]، ويكفرون بمحمد صلى الله عليه وسلم، فهل يمكن أن يكونوا بعد ذلك مؤمنين، وأن يدخلوا الجنة؟!!
ومن هؤلاء الكتاب من يقول: إن قضيتنا ليست مع اليهود، قضيتنا مع الصهاينة فقط؛ لأنهم احتلوا فلسطين، أما اليهود فهم يؤمنون بالله وهم أصحاب كتاب، ونحن وإياهم في سلم!!! وهذه من القضايا الخطيرة جداً، وإن نادى بها من نادى، وإن زعمها من زعمها من الناس.
وثالثة الأثافي ما قاله المدعو معروف الدواليبي : بأن المسلمين فهموا دين النصارى خطأً، وحسبوا أن النصارى تجعل ثلاثة آلهة، وليس الأمر كذلك؛ فإن النصارى حين قالوا: الأب والابن وروح القدس، إنما يقصدون أنها مجرد صفات لله، كما أن المسلمين يصفون الله بصفات كثيرة، وعلى هذا فلا فرق بيننا وبينهم!
سبحان الله! هل هذا فهم فهمه المسلمون؟!! إن هذا هو ما قاله الله جل وعلا في كتابه: ((لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ))[المائدة:73]، فهل الله هو الذي فهم خطأً؟! تعالى الله وتقدس عما يقوله الظالمون!!
ومن ثم فإن هذا الدكتور كاذب في دعواه أشد الكذب، ألم يقل الله: ((لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ))[المائدة:72]؟! وهم يقولون: إن الله هو المسيح، وإن الله ثالث ثلاثة، وهذا كلام رجال دينهم وكنائسهم، ولكنّ هذه النغمة الجديدة ما ظهرت إلا قريباً، حيث بدءوها في أوروبا، ثم صدروها إلينا؛ ليسخروا منا، ولتبقى الحرب الصليبية المستترة؛ لأنهم رأوا أن الحرب الصليبية المعلنة لا تجدي نفعاً، فحينما جاءوا في المرة الأولى يحملون الصليب، هزمناهم ورددناهم، أما في هذه المرة فقد حذروا أتباعهم من حمل الصليب، مع حملهم له في قلوبهم، أما أمامنا فلا يظهرونه، ولو أظهروه لتأهب لحربهم جميع المسلمين، فصاروا يأتون باسم الإنسانية، وباسم الأسرة الدولية، وباسم التعاون؛ ليحققوا نفس الأهداف التي كانوا يريدونها أيام الاحتلال الصليبي الأول، أو بدايات الاحتلال الصليبي الأخير، حين كانت المواجهة عسكرية.