يقول الشيخ ناصر : "قلت: وفي قول المؤلف -يعني: الذهبي - صاحب الفقه الأكبر . إشارة قوية إلى أن كتاب الفقه الأكبر ليس للإمام أبي حنيفة رحمه الله تعالى، خلافاً لما هو المشهور عند الحنفية، وقد طبع عدة طبعات منسوباً إليه ومشروحاً من غير واحد من الحنفية، منهم أبو منصور الماتريدي الذي ينتمي إليه أكثر الحنفية في العقيدة، وجمهورهم فيها من المؤولة؛ فترى أبا منصور هذا قد تأول قول أبي حنيفة المذكور في الفقه الأكبر تأويلاً يعود إلى إفساد كلام أبي حنيفة وإخراجه عن جماعة السلف في عدم التأويل، فقال في تأويل قوله رحمه الله: (فقد كفر) قال: (لأنه بهذا القول يوهم أن يكون له مكان فكان مشركاً).
فأهل البدع كما أنهم يؤولون كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم، فكذلك هم مع كلام أئمتهم الذين يعظمونهم في الفقه وفي الرأي، ويعظمون كلامهم في ذلك، وإن كان خلاف النص الصريح، لكنهم حين عرفوا كلامهم في العقيدة لم يأخذوه ولم يعظموه بل أولوه، وقد أول الماتريدي كلام أبي حنيفة ؛ فقد سأل أبو مطيع البلخي أبا حنيفة عمن قال: لا أعرف ربي في السماء أم في الأرض، فقال أبو حنيفة : قد كفر. فقال أبو منصور الماتريدي: لأنه بهذا القول يوهم أن يكون له مكان، ومن اعتقد أن لله مكاناً كان مشركاً! مع أن أبا حنيفة قال: قد كفر؛ لأن الله يقول: ((الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى))[طه:5].
يقول الشيخ الألباني رحمه الله: "ولم يلتفت إلى تتمة كلامه المبطل لتأويله وهو قوله رحمه الله: لأن الله تعالى يقول: ((الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى))[طه:5] قلت: فهذا صريح في أن علة كفره إنما هو إنكاره لما دلت عليه هذه الآية صراحة من استعلائه سبحانه على عرشه، لا أنه يوهم أن له مكاناً، سبحانه وتعالى عن ذلك".